الرقابة الإدارية على الجماعات وإشكالية الاستقلالية - دراسة تحليلية في تحولات المفهوم وتدخل القضاء الاداري - بوشعيب الهلالي

 




الرقابة الإدارية على الجماعات وإشكالية الاستقلالية

 دراسة تحليلية في تحولات المفهوم وتدخل القضاء الاداري

Management control of groups and independence

Analytical study of concept transformations and administrative justice intervention

بوشعيب الهلالي / باحث في سلك الدكتوراه مختبر الدراسات القانونية والسياسية جامعة الحسن الأول  كلية العلوم القانونية والسياسية  سطات.

Bouchaib ALHILALI

 

ملخص البحث:

تقارب المقالة إشكالية تأثير الرقابة وتقوية المجالس الجماعية، وقد عرف مفهوم الرقابة تطورا من مفهوم الوصاية إلى الرقابة الإدارية، كما عرفت امتداد في الممارسة، كما تم إبراز تطبيقات الرقابة الإدارية على أعمال الجماعات، في المستوى الثاني من المقالة عملنا على استحضار دور القضاء الإداري في ضبط التدخل الرقابي وتعزيز استقلالية الجماعات، حيث يمارس رقابة على هياكل وأعضاء الجماعات، ويعمل على مراقبة مشروعية قرارات ومقررات المجالس الجماعية.

الكلمات المفاتيح: الرقابة الإدارية/ الجماعات/ الاستقلالية.

 

                                                  

Abstract:

The article approaches the problem of the influence of oversight and the strengthening of collective councils. It has witnessed a development from the concept of guardianship to administrative control, and has also seen an extension in practice. The applications of administrative control over the work of groups have also been highlighted. In the second level of the article, we worked to bring up the role of the administrative judiciary in controlling supervisory intervention. And enhancing the independence of groups, as it exercises oversight over the structures and members of the groups, and works to monitor the legitimacy of the decisions and decisions of the collective councils.

key words: Administrative control/ Territorial groups/ Independence.

 

 


 

المقدمة

تمارس على المجالس الجماعية أنواع متعددة من الرقابة تختلف باختلاف الأجهزة الرقابية التي تباشرها، حيث تنقسم إلى أجهزة مراقبة إدارية ومالية، وأخرى قضائية، كما تختلف الآليات الرقابية المعتمدة من قبل الأجهزة الرقابية حسب صنفها وآلياتها الرقابية وزمن تدخلها الرقابي، وبينما تساهم أجهزة رقابية في دعم مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتقوية الاستقلالية التدبيرية لدى الجماعات، تشكل أخرى عائقا أمام هذه الاستقلالية وتعطيلا لمبدأ التدبير الحر الجماعي.

وعبارة "لا استقلال إداري بدون استقلال مالي" التي تبدو فضفاضة متحاملة لكنه واقع عاكس لدرجة استقلال الجماعات في تدبير مهامها الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وانسجاما مع متطلبات اللحظة المفصلية في مسار اللامركزية بالمغرب، التي أسس لها دستور 2011 وبعده القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، وتدعيما للامركزية الفعلية التي يتطلع إليها المغرب، فقد حدد المشرع المغربي مبادئ تدبيرية أساسية أصبح يتأسس عليها الفعل الترابي، ويتعلق الأمر بمبدأ التدبير الحر ومبدأ التفريع بالإضافة إلى الشراكة والتعاون.

إلا أن هذه المبادئ سرعان ما تتقلص آمالها أمام مواكبته بتدابير وإجراءات رقابية -كي لا نقول وصائية - تحد من فعاليته، بل وتعطل التدبير المحلي والتنموي.

فالجماعات وإن كانت كما حددها الدستور والقوانين التنظيمية المنظمة لها بأنها وحدات مستقلة استقلالا إداريا وماليا، إلا أن الاستقلال ليس مطلقا وأقل ما يمكن أن يقال بشأنه بأنه استقلال، "أعرج"، بل وتحده أجهزة ومساطر رقابية قبلية، بعدية ولاحقة لا تتيح له سلطة التدبير الحر، سيما إذا كانت أهم القرارات المؤثرة لا يمكن أن تجد سبيلها نحو التطبيق إلا بعد التصديق القبلي المفروض من قبل سلطات المراقبة الإدارية- التي تم تعويضها في القوانين التنظيمية الجديدة بالوصاية - وتبقي أهم هذه القرارات: القرار المالي وخاصة الميزانية .

ما يجعلنا نطرح سؤالا عريضا لماذا تم الإبقاء على التأشيرة المسبقة للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية على أهم قرارات المجالس الجماعية؟ وهل يشكل الانتقال من مفهوم الوصاية إلى مفهوم المراقبة الإدارية في القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات 113.14 تحول في الرؤية الرقابية الممارسة على الجماعات من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تحول مفاهيمي لا يرقى إلى مستوى الممارسة؟

وهل انتقلت الرقابة على المجالس الجماعية من الرقابة الوصائية إلى الرقابة الإدارية؟  أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تحول في المفهوم وامتداد في الممارسة؟ خاصة في ظل تركيز الرقابة الإدارية على مالية المجالس الجماعية.

المطلب الأول: الرقابة على المجالس الجماعية من الرقابة الوصائية إلى الرقابة الإدارية

تشكل السلطة المالية حجر الزاوية في الاستقلال الإداري والمالي للجماعات، فامتلاك الجماعات لسلطة القرار المالي هو الذي يعطيها السلطة الفعلية للقيام بأدوارها، إذ أنه بدون أموال وسلطة مالية لن تستطيع السلطات المنتخبة تقديم خدماتها[1].

لعل من أهم المبادئ التي كرس لها دستور 2011 والقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية بعده في التدبير الترابي هو مبدأ التدبير الحر، بمعنى أن تمارس الجماعات اختصاصاتها الموكلة لها بحرية مسؤولة وفق ما هو محدد في النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة لها.

فالتدبير الحر يختزل في فلسفته أن تقوم الجماعات الترابية بممارسة اختصاصاتها باستقلالية تامة عن المركز مع حفظ الدولة حق المراقبة والتتبع من أجل التأكد من أن الجماعات في إطار تدبيرها للمشاريع التنموية الشمولية المشرفة عليها قد حققت النتائج المتوخاة منها، وتحقق آثارها على الساكنة.

إذ أن رهانات المرحلة باتت تفرض على الجماعات أن تكون جماعات مقاولة استثمارية مبادرة في خلق الثروة وإشراك الساكنة في جني ثمارها وذلك عن طريق التوزيع العادل لها، وليس فقط مجرد وحدات إدارية وهو الشيء الذي يتطلب التخفيف المعقلن للمراقبة الوصائية لصالح تمتع الجماعات بنوع من المرونة في تدبير شؤونها، مع تعزيز آليات رقابية حديثة تعتمد أسلوب التدقيق المبني على التقييم والتشخيص الدقيق للأداء الجماعي للكشف عن علاته وانحرافاته من أجل تقويمها وتصويبها، بدل الأسلوب الرقابي المتشدد، الذي يقيد حرية التدبير الترابي، ويحد من الإبداع التنموي للجماعات، فمبدأ التدبير الحر الذي كرسه دستور 2011 كأساس للتدبير الترابي يقتضي التقليص من الوصاية الممارسة على الجماعات خاصة على المستوي المالي، إلى أن القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات شكلا تراجعا على هذا المقتضى الدستوري وأن بدا للوهلة الأولى العكس وذلك بالانتقال من مفهوم الوصاية في القانون إلى المراقبة الإدارية، إلا أن واقع المراقبة الإدارية الممارسة على الجماعات وخاصة تلك الممارسة على القرار المالى، تبين بالملموس ثقل الوصاية وحجم تشددها وخاصة على القرارات المالية التي لا يمكن تطبيقها أو تنفيذها إلا بعد المصادقة والتأشيرة القبلية عليها من قبل سلطة الوصاية بداية بالميزانية التي لا يمكن تنفيذها إلا بعد أن تتم المصادقة عليها، ونفس الشيء بالنسبة للقرار الجبائي الذي يخضع بدوره للمصادقة القبلية قبل تنفيذه، فضلا عن قرارات فتح اعتمادات جديدة أو الرفع من مبالغها أو التحويل من باب إلى باب[2]، فكلها قرارات مالية لا تصبح قابلة للتنفيذ إلا بعد المصادقة عليها بالقبول من قبل سلطة الوصاية، الشيء الذي يزكي فرضية أن الرقابة الإدارية لا تعدو أن تكون إلا تحول في المفهوم دون أن تمتد إلى الممارسة وخاصة في ظل التشدد الرقابي على مالية المجالس الجماعية.

الفقرة الأولى: الرقابة الوصائية: تحول في المفهوم وامتداد في الممارسة

إن الموقع المتميز الذي أصبحت تحظي به الجماعات الترابية وخاصة في ظل تبني ورش الجهوية المتقدمة، ليس كشعار لكن كممارسة وفعل ملموس يلمس من خلاله المواطن التقدم الفعلي واللامركزية الحقيقية التي تستجيب لتطلعاته وتراعي خصوصية مجاله جغرافيا واقتصاديا واجتماعيا.

ولعل هذا الموقع المتفرد الذي أصبحت تمثله الجماعات في المجال الترابي خصوصا وأن انخراط المغرب في اعتماد الجهوية المتقدمة لابد وأن يوازيه منح الوحدات الترابية الاستقلالية اللازمة لإدارة شؤونها بكيفية مستقلة، وذلك بجعل مبدأ التدبير الحر منهجا ومرتكزا يحكم مقاربة تدبير الشأن الترابي بعيدا عن الهيمنة التي شابت المرحلة الماضية[3] مما يقتضي التخفيف من الوصاية الضبطية إلى مقاربة حديثة في مجال الرقابة من خلال تبني نظام رقابي يساير هذه المتغيرات التدبيرية.

 فالجهوية المتقدمة تعني الانتقال من اللامركزية المقيدة نحو اللامركزية المنفتحة، ومن الدونية والتبعية شبه المطلقة للسلطة المركزية نحو الشراكة والتعاقد مع الدولة، والانتقال من تصريف الاعمال الإدارية الروتينية إلى قيادة التنمية الترابية وخلق وتشجيع المبادرات، بشراكات وعلاقات أفقية مع باقي الفاعلين والمتدخلين، ولكي تكون الجماعات في الموعد، وقادرة على مسايرة هذا التوجه التنموي الحديث، فإنه يجب توافر مجموعة من المقومات الأساسية، والتي من أهمها وجود معايير رقابية واضحة ومقبولة قبولا عاما ومتطورة لتتواكب مع التغيرات الحديثة، حيث تمكن تلك الرقابة من الحرية ومن إيجاد الأرضية الملائمة لممارسة الاختصاصات والوظائف التنموية للجماعات الترابية، علي أن يكون ذلك الإطار الرقابي مرنا، وفي نفس الوقت ناجعا وفعالا  بما يفرض على المسؤولين والمنتخبين المحليين الامتثال لمبادئ المشروعية وقواعد الحكامة الترابية الجيدة[4] وأسس التدبير المعقلن والحديث.

وهي رهانات تسوقنا إلى تساؤل ملح يطرح نفسه بقوة في هذا الإطار، يتعلق بالأساس حول التحول في منظومة الرقابة على الجماعات الترابية، وخاصة مع دستور 2011 والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية: هل يعتبر تحولا يمس أفقيا أساليب وإجراءات وأجهزة الرقابة الوصائية التي كانت معتمدة من قبل، أم أن الأمر مجرد تحول مفاهيمي من الوصاية إلى المراقبة الإدارية، بنفس الممارسات والتشدد الضبطي في الرقابة؟

ولتبديد هذا اللبس حول التطور الرقابي للجماعات في ظل القوانين التنظيمية للجماعات لابد من الوقوف على تجليات وحدود التدخل الرقابي للسلطة الوصية.

فبعد إقرار دستور 2011 لمبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية، تم التأسيس الفعلي لانتقال هذه الوحدات الترابية من الوصاية الإدارية إلى المراقبة الإدارية.

بالرجوع إلى نص الميثاق الجماعي الصادر في أكتوبر 2002، تبين أن مفهوم الوصاية الإدارية على أعمال وأشخاص المجالس الجماعية محدد بالمادة 68 منه، والتي تنص على ما يلي: إن صلاحية الوصاية المخولة للسلطة الإدارية بمقتضي هذا القانون تهدف إلى السهر على تطبيق المجلس الجماعي وجهازه التنفيذي للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل ، وكذا ضمان حماية الصالح العام وتأمين دعم ومساعدة الإدارة وبذلك فإن الوصاية كانت تتجسد في مراقبة مدى ملاءمة أعمال الجماعات الترابية للمصلحة العامة، والمؤهلات الاقتصادية والمالية والاجتماعية لكل جماعة على حدة، وبعد صدور القانون التنظيمي للجماعات 113.14 بدأت الرؤية تتضح شيئا فشيئا عن طبيعة هذه المراقبة الإدارية للأعمال الواردة مقتضياتها على وجه الخصوص ضمن المواد الممتدة من 115 إلى 118 بالنسبة للقانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، وقد جاءت صياغة المادة على النحو التالي تطبيقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 145 من الدستور، يمارس عامل العمالة أو الإقليم المراقبة الإدارية على شرعية قرارات رئيس المجلس ومقررات مجلس .....كل نزاع في هذا الشأن تبت فيه المحكمة الإدارية".

غير أن التنصيص على المراقبة الادارية تنص على  أن "شرعية قرارات رئيس المجلس ومقررات مجلس..." قد اعتبرها البعض حينئذ تراجعا عما أقرته المادة 145 من الدستور، لاعتقاده أن مراقبة الشرعية تنطوي أيضا على مراقبة الملاءمة، وهذا راجع إلى الاختلاف في تعريف هذا المصطلح بين الفقهاء والمختصين القانونيين بين مفهوم الشرعية والمشروعية.

الفقرة الثانية: تطبيقات الرقابة الإدارية على أعمال الجماعات

بالعودة إلى القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات نجد أنه لخص المراقبة الإدارية في أربعة مواد تنصب على مجال مطابقة القانون بالنسبة لقرارات رئيس المجلس ومقررات المجلس في إطار الصلاحيات المخولة للجماعات الترابية، ويترتب على هذا المعطى ما يلي:

§       المراقبة الإدارية المنصبة على الأعمال تتجسد في إطار بعض القرارات التي يصدرها رئيس المجلس وجميع المقررات التي يصدرها المجلس.

§       لا تنصب المراقبة على الملاءمةopportunité  أي جدوى القرارات والمقررات ومدى ملاءمتها للموارد المالية مثلا ، أو غير ذلك من المبررات[5].

§       عدم اعتماد الدوريات والمناشير الوزارية أو المحلية من طرف سلطة المراقبة الإدارية (سلطة الوصاية سابقا) كسند في عدم التأشير أو التعرض على القرارات والمقررات الصادرة عن الجماعات.

§       عدم جواز توسع سلطات المراقبة الإدارية في تفسير النصوص القانونية المنظمة للمراقبة الإدارية.

§       عدم جواز تدخل سلطات المراقبة الإدارية في شؤون الجماعات، لاسيما في المعاملات التي ينطبق عليها القانون الخاص.

§       عدم جواز حلول سلطات المراقبة الإدارية محل السلطات اللامركزية إلا في الحالات التي ينص القانون على ذلك فقط (اللجنة الخاصة مثلا في حالة حل المجلس الجماعي) .

§       لا يجوز لسلطات المراقبة الإدارية أن تعدل بالزيادة أو بالنقصان في القرارات أو التصرفات القانونية الصادرة عن السلطات الإدارية اللامركزية وقت التأشير عليها.

§       لا يجوز لها وفق تنفيذ المقررات أو إلغائها نهائيا إلا بموجب حكم قضائي عادي أو استعجالي حسب كل حالة على حدة.

وتنشطر المراقبة الإدارية على الجماعات الترابية إلى نوعين: مراقبة قبلية تمارس قبل تنفيذ القرارات والمقررات، ومراقبة بعدية تباشر بعد تنفيذ هذه الأخيرة[6].

أولا: المراقبة القبلية

تتجلى هذه المراقبة القبلية على الأعمال في اعتماد ثلاثة طرق ووسائل تتشكل كما يلي:

§       البطلان:  تعتبر القرارات المتخذة من طرف رئيس المجلس الجماعي والمقررات المتخذة من طرف المجلس باطلة، إذا كانت لا تدخل في اختصاصات رئيس مجلس الجماعي وصلاحيات المجلس، حيث تنص المادة 115 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات على أنه تعتبر باطلة بحكم القانون المقررات والقرارات التي لا تدخل في صلاحيات مجلس الجماعة أو رئيسه أو المتخذة خرقا لأحكام هذا القانون التنظيمي والنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وتبت المحكمة الإدارية في طلب البطلان، بعد إحالة الأمر إليها في كل وقت وحين من قبل عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه[7] لذلك فقد ألزم المشرع الجماعات الترابية بإرسال نسخ جميع محاضر الدورات والمقررات التي يتخذها المجلس، وكذا قرارات الرئيس في ميدان السلطة التنظيمية داخل أجالها المرعية من أجل تفعيل المراقبة القبلية.

§       القابلية للبطلان: تعتبر النقط المدرجة بجداول أعمال الدورات العادية والاستثنائية التي تعقدها المجالس الجماعية قابلة للتعرض من طرف العامل حيت يتعرض عامل العمالة أو الإقليم على كل نقطة مدرجة في جدول الأعمال لا تدخل في اختصاصات أو صلاحيات المجلس، ويبلغ تعرضه معللا إلى رئيس مجلس الجماعة داخل الأجل المشار إليه في المادة 40 أعلاه، وعند الاقتضاء يحيل عامل العمالة أو الاقليم تعرضه إلى القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية للبت فيه داخل أجال 48 ساعة ابتداء من تاريخ التوصل به.

§       النقط بجدول الأعمال إذا لم يأخذ المجلس بتعرض العامل على نقطة أو نقط بجدول الأعمال تسقط هذه الأخيرة في دائرة البطلان: "لا يتداول مجلس الجماعة تحت طائلة البطلان في النقط التي كانت موضوع تعرض تم تبليغه إلى رئيس المجلس من قبل عامل العمالة أو الإقليم وتمت إحالته إلى القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية ولم يتم بعد البت فيها".

نفس الشيء ينطبق على النظام الداخلي للمجلس، والمقررات المتخذة من طرفه، والتي تتعرض عليها سلطة الوصاية في حالة صدورها بشكل مخالف للقانون، أو خارج صلاحيات المجلس، بحيث يترتب عن التعرض داخل أجل ثلاثة أيام إجراء المجلس لمداولة جديدة. كما تترتب نفس الآثار القانونية المشار إليها أعلاه بالنسبة لجدول أعمال الدورات، في حالة تمسك المجلس بمقرراته التي كانت موضوع تعرض.

ولا تصبح مقررات المجلس غير الخاضعة للتأشيرة قابلة للتنفيذ الإ بعد انصرام أجل التعرض.

§       التأشيرة: إن التأشير على القرارات والمقررات تعد المرحلة الأساسية لكي تصبح هذه القرارات والمقررات قابلة للتنفيذ، فالتأشيرة هي بمثابة الضوء الأخضر الذي لا يمكن بدونه للقرارات والمقررات أن تحوز قوتها التنفيذية، وبذلك فالتأشيرة تعتبر المرحلة الحاسمة في المراقبة الإدارية، إذ تشكل المعيار الأساسي لقياس درجة الحرية في المبادرة والتدبير بالنسبة للجماعات.

هكذا، فإن قرارات الرئيس الصادرة بتنفيذ المقررات الخاضعة للتأشيرة، وكذا قرارات التعيين في المناصب العليا لا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها.

لذلك نجد أن المقررات الخاضعة للتأشيرة وردت على سبيل الحصر في المادة 118 في القانون التنظيمي للجماعات[8] ولعل أول ما يمكن استخلاصه من خلال هذه المادة التي حددت المقررات التي أصبحت خاضعة لتأشير سلطة المراقبة الإدارية هو أن المشرع يرمي إلى التقليص من سلطة الوصاية على الجماعات، سواء تعلق الأمر بالوصاية على الأشخاص أو الأعمال.

إلا أن واقع الأمر وواقع المراقبة الممارسة على الجماعات يثير التساؤل عما إذا كانت رغبة المشرع الحقيقية هي التقليص من الوصاية الممارسة على الجماعات حقيقة أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تغيير شكلي من خلال التخلي عن استخدام مصطلح "سلطة الوصاية" وتعويضه بـ"سلطة المراقبة الإدارية "، والتخلي عن استخدام مصطلح "المصادقة" وتعويضه بـ"التأشيرة" أما من ناحية الجوهر، فلم يعد نهائيا إقالة عضو جماعي أو عزل الرئيس ونوابه أو توقيفهم مؤقتا أو حل مجلس جماعي من اختصاصها.

أما التقليص من سلطة الوصاية على الأعمال فتتجلى في التقليص من عدد مقررات المجلس وقرارات الرئيس الخاضعة للتأشيــــرة، وعدم خضوع القرارات التي يتخذها الرئيس كسلطــــة تنظيمية[9] للتأشيرة، وكذا القرارات المتعلقة بالتعيين في المناصب العليا، وحـــدد المشرع في المادة 118 من القانون التنظيمي 113.14 القرارات التي تخضع للتأشيرة القبلية لسلطة المراقبة الإدارية على سبيل الحصر.

حيث تنص المادة السالفة الذكر على أنه لا تكون مقررات المجلس التالية قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من قبل عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه داخل أجل عشرين 20 يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس:

§       المقرر المتعلق ببرنامج عمل الجماعة؛

§       المقرر المتعلق بالميزانية؛

§       المقرر القاضي بتنظيم إدارة الجماعة وتحديد اختصاصاتها؛

§       المقررات ذات الوقع المالي على النفقات أو المداخيل، ولا سيما الاقتراضات والضمانات وتحديد سعر الرسوم والأتاوى ومختلف الحقوق وتفويت أملاك الجماعة وتخصيصها.

§       المقرر المتعلق بتسمية الساحات والطرق العمومية عندما تكون هذه التسمية تشريفا عموما أو تذكيرا بحدث تاريخي؛

§       المقرر المتعلق باتفاقيات التعاون اللامركزي والتوأمة التي تبرمها الجماعة مع الجماعات المحلية الأجنبية؛

§       المقررات المتعلقـــة بإحداث المرافق العموميـــة الجماعية وطرق تدبيرها، غـــير أن المقررات المتعلقة بالتدبير المفوض للمرافـق والمنشآت العمومية الجماعية، وبإحــداث شركات التنمية المحلية، يؤشر عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل نفس الأجل المشار إليه آنفا.

ويعتبر عدم اتخاذ أي قرار في شأن مقرر من المقررات المذكورة أعلاه بعد انصرام الأجل المنصوص عليه أعلاه بمثابة تأشيرة.

لعل من خلال هذه المادة يستشف أن البند الأكثر إثارة للبس والغموض هو البند الرابع الذي صيغ كالآتي "المقرارات ذات الوقع المالي على النفقات أو المداخيل ولاسيما الاقتراضات والضمانات وتحديد سعر الرسوم والأتاوى ومختلف الحقوق وتفويت أملاك الجماعة أو تخصيصها".

فهذا البند صيغ في إطار جملة استهلت بتعميم وانتهت بتخصيص، باستعمال كلمة لاسيما التي اختلف اللغويون في تحديد معناها بدقة، وهكذا يبقي الغموض سيد الموقف سواء تم تعريف "ولاسيما" بمعنى العطف أو بمعنى الترجيح، أي ترجيح المقررات المتعلقة بالاقتراضات والضمانات وتحديد سعر الرسوم والأتاوى ومختلف الحقوق وتفويت الأملاك الجماعية وتخصيصها.

فاستهلال المشرع المادة بجميع المقررات التي لها وقع مالي يعفيه من التأكيد على مقررات بعينها، مادام أنه قد أجمع على جميع المقررات ذات الوقع المالي منذ بداية الفقرة، ويزيد من حدة هذا الغموض صيغة الجمع التي التصقت بالوقع المالي الذي لم يحدد المشرع درجته أو اختلافها، لاسيما وأن هناك اختلافات جوهرية بين الجماعات من حيث ماليتها.

ثانيا: المراقبة البعدية

فضلا عن المراقبة القبلية التي تمارسها سلطة المراقبة الإدارية على الجماعات، فإن هناك المراقبة البعدية التي تمارسها وزارة الداخلية، وممثلوها على صعيد الإدارة الترابية، من خلال أجهزة تفتيش تابعة للوزارة وكذا من طرف خلايا التفتيش التابعة للولايات والعمالات بموجب تفويض.

يتعلق الأمر على المستوى المركزي بالمفتشية العامة للإدارة الترابية، والتي تتحدد مهمتها في مراقبة وفحص التسيير الإداري والتقني والمحاسبي للمصالح التابعة لوزارة الداخلية والجماعات الترابية وهيأتها.

وما يؤجج الانتقاد حول هذه المؤسسة / الهيئة الرقابية ذات البعد التفتيشي هو اعتبار أن إخضاع المجالس المحلية المنتخبة لمراقبة المفتشية العامة لوزارة الداخلية يعتبر خرقا دستوريا وإداريا واضحا.

لكون مستشاري/ أعضاء المجالس الجماعية ليسوا موظفين تابعين لوزارة الداخلية حتى يتم تطبيق نظام التفتيش في حقهم، بل يتعلق الأمر بمنتخبين من طرف الأمة يخضعون لمراقبتها ولمساءلتها، والمحاكم الإدارية والمجالس الجهوية للحسابات، هي وحدها المخولة قانونيا ودستوريا للقيام بالمراقبة والتحري الميداني في أعمال الجماعات الترابية.

انطلاق من استحضار للقرارات والمقررات التي تتدخل فيها سلطات المراقبة الإدارية، إما من خلال مراقبة المشروعية أو التأشير على القرارات لكي تصبح نافدة، يتضح أن التحول من مفهوم الوصاية إلى مفهوم المراقبة الإدارية، وإن كان تحولا في المفهوم إلا أن فلسفة المراقبة القبلية لسلطة الوصاية وتدخل العامل ممثل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية لازال يعرف حضورا أقل ما يقال عنه أنه حضور لا يخدم مبدأ التدبير الحر وفلسفة مبدأ التفريع.

المطلب الثاني: دور القضاء الإداري في ضبط التدخل الوصائي وتعزيز استقلالية الجماعات

إن القانون التنظيمي للجماعات حمل العديد من المستجدات، ومن أهمها تعزيز الرقابة القضائية (أي رقابة المحاكم الإدارية) على الجماعات، في محاولة منه لضبط التدخل الوصائي على هذه الجماعات، إذ أن رقابة القضاء الإداري تعد أهم ضمانة لاحترام المشروعية من جهة وضمان استقلالية الجماعات الترابية من جهة أخرى، كما تضمن التوازن في العلاقة بين السلطة المركزية والجماعات الترابية.

وهو الشيء الذي يعكس رغبة المشرع في تقوية دور القضاء وضمان المشروعية من خلال تحقيق التوازن بين ممثلي السلطة المركزية والمجالس المنتخبة من جهة، ومساءلة الإدارة الترابية عن أعمالها وأنشطتها سواء في محيطها الداخلي أو في علاقتها بالمرتفقين من جهة ثانية.

لقد كانت رقابة القضاء الإداري قبل صدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية تقتصر فقط على الجهات، دون باقي الجماعات الترابية، كما أنها كانت محصورة في الرقابة على قرارات سلطات الوصاية والإعلان عن البطلان.

لعل القانون التنظيمي 113.14 للجماعات شكلا تحولا نوعيا في مجال التدخل الرقابي للقضاء الإداري، حيث أسند له الاختصاص في البت في النزاعات التي تنشأ بين السلطة المركزية من خلال ممثليها في الجماعات والمجالس المنتخبة، في إطار الرقابة على الجماعات الترابية وذلك طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 63 من القانون التنظيمي للجماعات، التي تنص على أنه: " يختص القضاء وحده بعزل أعضاء المجلس، وكذلك التصريح ببطلان مداولات مجلس الجماعة، وكذا إيقاف تنفيذ المقررات والقرارات التي قد تشوبها عيوب قانونية، ويختص القضاء وحده بحل مجلس الجماعة".

وتشكل هذه المقتضيات نقلة نوعية في رقابة القضاء الإداري على الجماعات. إذ أصبح يختص بإنزال العقوبات التأديبية على أعضاء المجالس المنتخبة، وهي اختصاصات جديدة تسند للمحاكم الإدارية بالإضافة إلى رقابة المشروعية.

 لعل هذا التموقع الذي أصبح يحتله القضاء الإداري بين الإدارة المركزية والجماعات الترابية من شأنه خلق التوازن في العلاقة القائمة بين ممثلي وزارة الداخلية كسلطة وصية والمجالس المنتخبة، فلا تطغي إدارة على إدارة أخرى، لأن الحكم بينهم سلطة مستقلة محايدة، ألا وهي السلطة القضائية، إذ أن القضاء هو مفتاح الالتزام بسيادة القانون، فضلا عن كونه ضمانة لحقوق الأفراد وحرياتهم[10].

الفقرة الأولى: رقابة القضاء الإداري على هياكل وأعضاء الجماعات

حلت المحاكم الإدارية محل سلطات الوصاية في توقيع الجزاءات التأديبية على أعضاء مجالس الجماعات الترابية، في حالة إخلالهم بمهامهم سواء الرئيس أو نوابه أو باقي الأعضاء، حيث أصبح العزل والتوقيف يتم بمقتضي حكم قضائي بدل قرار إداري كما كان سابقا.

§       العزل: جاء القانون التنظيمي 113.14 بمقتضيات جديدة فيما يخص العزل إذ لم يعد يمكن عزل أعضاء المجلس الجماعي إلا بمقتضي حكم قضائي، وذلك طبقا للمادة 63 من القانون السالف الذكر.

لعل هذا التحول في النظام الرقابي على الجماعات في المغرب يعد تطورا مهما، حيث لم يعد العزل يتم بقرار إداري صادر عن سلطات الوصاية، بل أصبح يتم بمقتضي حكم قضائي، وهو يعتبر اختصاص جديد يسند إلى المحاكم الإدارية، حيث لا يوجد أي مقتضى في قانون إحداث المحاكم الإدارية يسند اختصاص إنزال العقوبات التأديبية إلى المحاكم الإدارية.

وقد حدد القانون التنظيمي 113.14 المخالفات التي يمكن أن تؤدي إلى عزل أعضاء المجلس الجماعي. والمساطر التي يجب اتباعها، فبالنسبة للمخالفات يمكن إجمالها في ما يلي:

§       ارتكاب أفعال مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل تضر بأخلاقيات المرفق أو مصالح الجماعة إذا تعلق الأمر بعضو في مجلس الجماعة[11].

§        ربط مصالح خاصة مع الجماعات أو مجموعات الجماعات[12].

§       أن يمارس عضو في مجلس الجماعة خارج دوره التداولي المهام الإدارية أو أن يوقع على الوثائق الإدارية، أو يدير أو يتدخل في تدبير مصالح الجماعة[13].

بذلك فإن القانون التنظيمي ينص على عدم جواز تداول المجلس إلا في النقط التي تدخل في صلاحياته، والمدرجة في جدول أعماله. فكل عضو خالف بشكل متعمد هذه المادة يمكن إنزال عقوبة العزل في حقه. ولا يتم اللجوء إلى المحكمة الإدارية إلا بعد إعطاء المعني بالأمر حق الدفاع من خلال مراسلته لتقديم توضيحات كتابية حول المنسوب إليه. ونفس الأمر بالنسبة لعزل رؤساء مجالس الجماعات في حالة ارتكاب أفعال مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، حيث يجب أن تتم مراسلة المعني بالأمر لتقديم إيضاحات كتابية حول المنسوب إليه، قبل إحالة طلب عزله إلى المحكمة الإدارية[14].

أما بالنسبة لنواب الرئيس الذين يمتنعون عن القيام بمهامهم، فيمكن تقديم طلب عزلهم إلى المحكمة الإدارية عن طريق مقرر صادر عن المجلس الذي ينتمي إليه المعني بالأمر[15].

وتبث المحكمة الإدارية في طلب العزل في أجل شهر من تاريخ تقديم الطلب، وفي حالة الاستعجال يمكن إحالة الأمر إلى القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية، والذي يبت فيه في أجل 48 ساعة من تاريخ التوصل بالطلب، ويترتب على الإحالة على المحكمة الإدارية توقيف المعني بالأمر عم ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل، طبقا للمادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات.

إلا أن الملاحظ من خلال هذه المقتضيات القانونية أنها تحمل نوعا من الإبهام، حيث نصت على أنه في حالة الاستعجال يمكن الإحالة إلى القضاء الاستعجالي للبت في الأمر، في حين أن من خصائص القضاء الاستعجالي أنه لا يبت في الجوهر، ويصدر عنه حكم مؤقت إلى حين بت المحكمة في الموضوع، كما أنه لا داعي إلى اللجوء إلى القضاء الاستعجالي ما دام أن الإحالة على المحكمة ينتج عنها تلقائيا توقيف المعني بالأمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل.

§       التجريد من العضوية: تفاديا للترحال السياسي غير المعقلن تضمن القانون التنظيمي للجماعات مقتضى ينص على عدم جواز أعضاء مكاتب الجماعات التخلي عن الانتماء السياسي أثناء فترة الانتداب، تحت طائلة التجريد من العضوية في المجلس، ويتم التجريد من العضوية بمقتضي حكم قضائي يصدر عن المحكمة الإدارية طبقا للمادة 51 من القانون التنظيمي للجماعات.

ويقدم طلب التجريد من العضوية من طرف رئيس المجلس أو الحزب السياسي الذي ترشح العضو باسمه، ويجب أن تبت المحكمة الإدارية في الطلب في أجل شهر ابتداء من تاريخ تقديم الطلب.

§       الحلول: إن حلول ممثلي السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية محل رؤساء المجالس التداولية للجماعات الترابية، تعد من أهم أوجه تدخل سلطة الوصاية في القرار الجماعي والحد من استقلاليته.

وتهم حالة الحلول رئيس المجلس الجماعي في حالة امتناعه عن القيام بالأعمال الواجبة عليه بمقتضى القانون، حيث يجوز للعامل الحلول محل رئيس المجلس الجماعي للقيام بهذه الأعمال.

إلا أن إثبات حالة الامتناع أصبح يتم بمقتضي حكم قضائي عكس ما كان عليه الأمر في السابق، إذ كان الحلول يتم بصفة تلقائية دون اللجوء إلى المحكمة لا ثبات وجود حالة الامتناع.

بالرجوع إلى القانون التنظيمي 113.14 يتضح أنه يشترط توفر شرطين لاعتبار الرئيس في حالة امتناع وهي:

§       رفض القيام بالأعمال المفروضة عليه بمقتضي القوانين التنظيمية

§       أن يترتب عن ذلك إخلال بالسير العادي لمصالح الجماعة.

يجب على ممثلي السلطة المركزية قبل اللجوء إلى القضاء توجيه إنذار للمعني بالأمر. لمطالبته بالقيام بالأعمال المنوطة به، وفي حالة عدم استجابته داخل أجل 15 يوما يتم إحالة الأمر إلى القضاء الاستعجالي في المحكمة الإدارية للبت في وجود حالة الامتناع.

يتم البت في الموضوع بحكم نهائي، وفي حالة إقرار وجود حالة الامتناع يمكن لممثل السلطة المركزية الحلول محل الرئيس في القيام بهذه الأعمال[16].

§       حل مجلس الجماعة: لقد بات حل مجلس الجماعة أو توقيفه من الاختصاصات الحصرية للقضاء الإداري، إذ لم يعد بإمكان أي جهة التقرير في حل أو توقيف المجلس الجماعي إلى أن يتم صدور حكم قضائي يقضي بذلك. عكس ما كان عليه الأمر في السابق، ولعل هذا المستجد يشكل ضمانة لاستقلالية المجالس الجماعية واستمرارها، إذ أنها لم تعد تحت وطأة سلطات الوصاية، وقد حدد القانون التنظيمي للجماعات الحالات التي تجيز اللجوء إلى المحكمة الإدارية لطلب حل المجلس على سبيل الحصر:

§       إذا كانت مصالح الجماعات مهددة لأسباب تمس بحسن سير المجلس[17].

§       إذا رفض المجلس القيام بالأعمال المنوطة به بمقتضى القانون، أو رفض التداول واتخاذ المقرر المتعلق بالميزانية أو بتدبير المرفق العمومي للجماعة.

§       إذا وقع إخلال في سير المجلس من شأنه تهديد السير الطبيعي للجماعة[18]

إلا أن الملاحظة التي يمكن تسجيلها بكثير من المهام هو أن الحالة الأولى جاءت فضفاضة وغير دقيقة، إذ يمكن أن يدرج ضمنها أي إخلال في سير المجلس.

 مما يجعلنا نتساءل إذا كانت الحالات الأخرى مجرد تفصيل للحالة الأولى. مع أن الحالة الأخيرة مجرد إعادة لمضمون الحالة الأولي.

ولسوف يؤدي استعمال عبارات فضفاضة وعامة إلى فتح باب أمام التأويل، ويشكل تذرعا دائما لتدخل ممثلي السلطة المركزية في شؤون مجلس الجماعة.

وتجدر الإشارة في نفس الإطار أنه يمكن حل المكتب كذلك في حالة صدور حكم قضائي من القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية، يقضي بوجود حالة امتناع أو انقطاع الرئيس عن مزاولة مهامه وذلك عند انقطاع الرئيس أو امتناعه عن مزاولة مهامه لمدة شهرين، ولكن قبل إحالة الأمر إلى القضاء الاستعجالي يجب إعذار الرئيس لاستئناف أعماله. وفي حالة عدم استجابته في أجل 7 أيام يمكن اللجوء إلى القضاء[19].



[1] : عبد العلي الفيلالي: "الجماعات الترابية بالمغرب بين الحكامة المالية وتجويد أليات الرقابة"، أطروحة لنيل الدكتورة في الحقوق . جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ظهر المهرار. فاس السنة الجامعية 2014 / 2015 ص 52.

[2] : نفس المرجع السابق ص 53

[3]: بجيجة العربي : "ممثل السلطة المركزية بالجماعات الترابية أي دور للولاة / العمال من خلال الدستور ؟ "مجلة مسالك العدد 29/30 السنة 2015 ص 152.

[4] : عماد أبركان : "نظام الرقابة على الجماعات الترابية ومتطلبات الملاءمة" منشورات مجلة العلوم القانونية الطبعة الأولى 2015 ص 345

[5] :سعيد باجو: موقع القانونية    www.alkanonia.com

[6]   سعيد باجو: موقع القانونية    www.alkanonia.com

[7] : المادة 115 من القانون التنظيمي للجماعات 113.14

[8] : تجدر الإشارة أن المقررات الخاضعة للتأشيرة هي نفسها في الجماعات الترابية في مستوياتها المختلفة.

[9] : المجال التنظيمي للرئيس: القرارات التي يصدرها الرئيس في المجال التنظيمي.

[10] : عماد أبركان: "رقابة القضاء الإداري على الجماعات الترابية مظاهر وتجليات" مجلة مسالك العدد 37/38 ص 145- 2016

[11]  المادة 64 من القانون 113.14 المتعلق بالجماعات

[12]  المادة 65 من القانون 113.14 المتعلق بالجماعات

[13]  المادة 66 من القانون 113.14 المتعلق بالجماعات

[14]  المادة 64 من القانون 113.14 المتعلق بالجماعات

[15]  المادة 68 من القانون 113.14 المتعلق بالجماعات

[16]  : المادة 76 من القانون 113.14 المتعلق بالجماعات.

[17]  المادة 72 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات

[18]  المادة 73 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات

[19]  المادة 21 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات



من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك



من أجل تحميل هذا العدد الثامن عشر - إضغط هنا أو أسفاه على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث