العدالة البيئية ورهان إرساء البعد المستدام في السياسات العمومية - رضوان الخلوقي

 



العدالة البيئية ورهان إرساء البعد المستدام في السياسات العمومية

Environmental justice and the challenge of establishing a sustainable dimension in public policies


رضوان الخلوقي/
دكتور في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول بوجدة.

Redouan ALKHALOUQI

 

ملخص البحث:

   تعاني الإنسانية حاليا من أزمة بيئية خطيرة لم يشهد التاريخ البشري مثيلا لها على امتداد العصور، فوتيرة التدهور البيئي تتسارع بشكل مخيف، وتنذر بزوال الحضارة الإنسانية، ووعيا من المجتمع الدولي بالعواقب الوخيمة للأزمة البيئية على مستقبل الجنس البشري، انصبت جهود مختلف الحكومات بما فيها المغرب على الدفاع عن القضايا البيئية، والسعي إلى تحقيق التنمية المستدامة، حيث أضحى المغرب يتوفر حاليا على ترسانة قانونية تدعم وتكرس إدماج البعد البيئي في السياسات العمومية.

والأكيد، أن استحضار البعد البيئي خلال عملية إعداد السياسات العمومية وتنفيذها، يقتضي ضرورة النجاح في التوفيق بين تحقيق التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، وهنا يبرز دور العدالة البيئية باعتبارها من المبادئ الأساسية التي تحقق مقاصد التنمية المستدامة، عبر تمكين الجمهور من الوصول إلى سبل انتصاف فعال أمام القضاء، متى انتهكت حقوقهم البيئية، وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه هو: " ما هي طبيعة الآليات التي تساهم من خلالها العدالة البيئية في تيسير عملية دمج البعد البيئي المستدام في السياسات العمومية؟"

إن محاولة الإجابة عن هذا التساؤل، تقتضي منا التمييز بين مستويين:

المستوى الأول: يرتبط بتحليل تلك العلاقة التلازمية بين كل من العدالة البيئية والتنمية المستدامة.

المستوى الثاني: ينطلق من معطى كون أن إعمال الحق في الحصول على العدالة البيئية يعتبر مدخلا لتحقيق دمج البعد البيئي في السياسات العمومية، وإضفاء طابع الاستدامة عليها.

الكلمات المفاتيح: العدالة البيئية - السياسات العمومية - التنمية المستدامة.

 

                                                  

Abstract:

Humanity is currently suffering from a serious environmental crisis that human history has not been witnessed in through the ages, the pace of environmental degradation is accelerating at an alarmingly rate and portends the demise of human civilization, and international community awareness of the dire consequences of the environmental crisis on the future of the human race, the efforts of various governments, including Morocco, have focused on defending on environmental issues, and the pursuit of sustainable development. Morocco now has a legal Arsenal that supports and perpetuates the integration on of the environmental dimension into public policies.

Certainly, the evocation of environmental dimension during the process of preparing and implementing public policies requires success in reconciling the achievement of economic development, and environmental protection, here, the role of environmental justice emerges as one of the basic principles that achieve the goals of sustainable development, by enabling the public to access effective remedies before the court. Whenever their environmental rights are violated, so the question that arises is: what is the nature of the mechanisms through which environmental justice contributes to facilitating the process of integrating the sustainable environmental dimension into public policies?  An attempt to answer this question requires us to distinguish between two levels:

Level one: Associated with the analysis of the interdependent relationship between environmental justice and sustainable development.

Level two: it stems from the fact that the realization of the right to obtain environmental justice is considered an entry point to achieve the integration of the environmental dimension into public policies and endow it with a stamp of sustainability..

 

 

تقديــــــم

تعاني الإنسانية حاليا من أزمة بيئية خطيرة لم يشهد التاريخ البشري مثيلا لها على امتداد العصور، فوتيرة التدهور البيئي تتسارع بشكل مخيف، وتنذر بزوال الحضارة الإنسانية، وضع وصفته الكاتبة الأمريكية إليزابيث كولبيرت "Elizabeth Kolbert" بكونه يشكل مقدمة مباشرة لانقراض سادس[1]، وذلك نتيجة الاستنزاف الكبير للموارد الطبيعية وتدمير النظم البيئية، بسبب ارتفاع مستويات التلوث بجميع أنواعها، والزيادة المستمرة في النشاط الصناعي والاقتصادي، باعتبار أن %75 من اليابسة متدهورة بشدة من النشاط الإنساني[2].

ووعيا من المجتمع الدولي بالعواقب الوخيمة للأزمة البيئية على مستقبل الجنس البشري، انصبت جهود مختلف الحكومات بما فيها المغرب على الدفاع عن القضايا البيئية، والسعي إلى تحقيق التنمية المستدامة، تنمية يتوقف عليها بقاء الجيل الحاضر وأجيال المستقبل، ويتجلى هذا الاهتمام المغربي، بالأساس من خلال مصادقته على أزيد من 80 اتفاقية متعددة الأطراف متعلقــــة بالبيئة، وكذا العمل على ملاءمة قوانينه الداخلية مع التشريعات الدولية المتعلقــــــة بالبيئة، حيث أضحـــى المغرب يتوفر حاليا على ترسانة قانونية تدعم وتكرس إدماج البعد البيئي في السياسات العمومية، فالمادة 13 من القانون رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، تلزم الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة بالسهر على إدماج التدابير المستمدة من التنمية المستدامة في السياسات العمومية[3].

والأكيد؛ إن استحضار البعد البيئي خلال عملية إعداد السياسات العمومية وتنفيذها، يقتضي ضرورة النجاح في التوفيق بين تحقيق التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، فقد يبدو في الوهلة الأولى أن البيئة والتنمية الاقتصادية مفهومان متنافران ومتصارعان، إلا أن تحقيق المصالحة والانسجام بينهما يبقى ممكنا تحت مظلة مفهوم التنمية المستدامة، تنمية تسعى إلى التوفيق بين الأبعاد الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وهنا يبرز دور العدالة البيئية باعتبارها من المبادئ الأساسية التي تحقق مقاصد التنمية المستدامة في سعيها إلى حماية البيئة من المخاطر التي تهددها، عبر تمكين الجمهور من الوصول إلى سبل انتصاف فعال أمام القضاء، متى انتهكت حقوقهم البيئية. وقد جاء مفهوم العدالة البيئية كاستجابة لحاجة المجتمعات الإنسانية لإعادة توزيع عادل للموارد الطبيعية، مع العمل على تمتيع كل فرد في المجتمع بالحقوق والحريات الأساسية، والتي يأتي في مقدمتها الحق في المعرفة، والمشاركة والوصول إلى المعلومة البيئية والعدالة، ضمن منظور عام يهدف إلى تمكين كل مواطن وبدون تمييز من الحق في العيش في بيئة سليمة[4].

وعلاوة على هذا؛ يعد مفهوم العدالة البيئية عاملا أساسيا لتحقيق ذلك التمكين القانوني للمواطنين، ومساعدتهم في صنع القرارات المتخـــــــــــذة، مع تعزيز الدور الرقابي لهم لحـــــــماية البيئة، سواء من خلال تأكيده على المساواة بين الجميع في التمتع بالحقوق البيئــــية، أو عبر استحضاره لتلك العلاقة المترابطة بين الإنسان والبيئة، وجعلها نقطة انطلاق لتحقيق التنمـــــــــية المستدامة، بمشاركة جميع أفراد المجتمع، خصوصا الفئات الهشة، ذلك أن حقوق الإنسان تســـــــــتند على احترام صفات ونعوت إنسانية جوهرية مثل الكرامة والمساواة والحرية، فتحقيق هذه الصــــــــفات والنعوت يعتمد على وجود بيئة سليمة، وأن الحماية الفعلية للبيئة تعتــــــــــمد في شقها الأكبر على ممارسة كاملة لحقوق الإنسان، واعتبارها عنصرا حيويا فيما يتعلق برسم سياسات عموميـــــــــة مستنيرة وشفافة ومستدامة[5].

وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي طبيعة الآليات التي تساهم من خلالها العدالة البيئية في تيسير عملية دمج البعد البيئي المستدام في السياسات العمومية؟

إن محاولة الإجابة عن هذا التساؤل، تقتضي منا التمييز بين مستويين:

المستوى الأول: يرتبط بتحليل تلك العلاقة التلازمية بين كل من العدالة البيئية والتنمية المستدامة، بحكم أن هناك ارتباطا وثيقا بين المفهومين في سعيهما إلى التخفيف من حدة المشاكل البيئية، وصيانة الطبيعة لفائدة الأجيال الحالية والمستقبلية، بغية تمتيع كل الأفراد بحق العيش في بيئة سليمة.

المستوى الثاني: إن إعمال الحق في الحصول على العدالة البيئية يعتبر مدخلا لتحقيق دمج البعد البيئي في السياسات العمومية، وإضفاء طابع الاستدامة عليها، من خلال توفيره لضمانات قضائية، الهدف منها فرض نوع من الرقابة على مشروعية تصرفات الإدارة في مجال حماية البيئة، عبر إتاحته لسبل انتصاف فعال أمام القضاء، لأصحاب المصلحة متى انتهكت حقوقهم البيئية.

المحور الأول: حتمية التلازم بين العدالة البيئية والتنمية المستدامة

يعد مفهوم العدالة البيئية مفهوما حديثا نسبيا، إذ ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال ثمانينيات القرن الماضي، كشعار لحملة أطلقها ذوي البشرة السوداء، وبعض الأمريكيين اللاتينيين، للتعبير عن رفضهم لتمركز النشاطات البيئية في مناطق سكناهم، والذي اعتبر تمييزا ضد هذه الفئة من السكان[6]. فمبدأ العدالة البيئية يقوم على حق الإنسان العيش في بيئة سليمة وصحية، بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو دينه. ويقصد بهذا المبدأ المساواة بين أصحاب المصلحة في المشاركة في صناعة القرار البيئي، واستحقاق موارد العيش والاستفادة من الخدمات البيئية، بحكم أن هناك ارتباطا وثيقا بين صحة الوسط الطبيعي والمساواة الاجتماعية في الحقوق، كما يدعم انخراط الفئات الهشة أو المهمشة في هذا الأمر[7]، لكون هذه الفئة تتحمل العبء الأكبر من تبعات آثار التدهور البيئي. كما ينظر للعدالة البيئية كآلية قانونية تحول دون نشوء بؤر للتوتر البيئي، وتعمل على وقف التدهور البيئي، وضمان توزيع عادل للموارد الطبيعية.[8]  

في هذا الصدد، يذهب البعض إلى اعتبار العدالة البيئية كآلية فعالة تساهم في التأسيس لأرضية اشتغال كل المعنيين بالشأن البيئي، قصد العمل على التخفيف من حدة المشاكل البيئية، من خلال إعادة صياغة العلاقة بين أفراد المجتمع والطبيعة، حتى لا تكون مبنية على الاستهلاك والاستغلال، بل على الاستدامة[9]. ومن بين المواثيق الدولية التي تناولت مبدأ العدالة البيئية بشكل صريح نجد ميثاق الأرض، الذي يعتبر إعلانا دوليا للقيم والمبادئ الأساسية لبناء مجتمع عالمي عادل ومستدام وسلمي في القرن الحادي والعشرين، وقد تمت صياغة هذا النص خلال عملية تشاورية استمرت ست سنوات (2000-1994)، وتم تبنيها بباريس سنة ألفين بمقر اليونسكو، تحت إشراف لجنة ميثاق الأرض، والتي أكدت في مبادئها التكميلية على ضرورة توفير الشفافية والمساءلة في علاقة الإدارة بالمرتفقين، من خلال التأكيد على ضرورة ضمان الحق في الحصول على المعلومة البيئية للعموم بشكل صريح، ودعم مشاركة الأفراد والجماعات في صنع القرار البيئي، وتمكين أصحاب المصلحة من الوصول إلى العدالة، في أفق بناء مجتمعات ديمقراطية عادلة وتشاركية ومستدامة[10].

يتضح إذن أن مفهوم العدالة البيئية يشكل آلية محورية تعمل على دمج البعد البيئي في السياسات العمومية، عن طريق جعل الحق في الحصول على العدالة البيئية مدخلا لتحقيق هذه المعادلة، بهدف التأسيس لتنمية مستدامة تجعل من رفاهية وصحة الإنسان محورا لها، في أفق تحقيق فكرة العدل بين الأجيال في الاستفادة من الموارد والثروات الطبيعية، وتحقيق توزيع عادل لها بين الجميع، ومن بين الأنظمة الإدارية التي تعتمد مفهوم العدالة البيئية، وحققت نجاحات مهمة في مجال دمقرطة القرار البيئي، والرفع من إقبال المواطنين على المشاركة فيه، نجد دولة فلندا، عبر إعمالها لمبدأين أساسين يتمثلان في كون الإدارة المستدامة هي "حق كل فرد" وكذا مبدأ "الاستدامة الاجتماعية".

فبالنسبة "لحق كل فرد" (droits de tout un chacun)، هو مبدأ فلندي، يسمح لأي شخص التجول بحرية في الغابات والمناطق الطبيعية الأخرى والتمتع بمواردها، بغض النظر عمن يمتلك تلك الأرض، حتى لو كانت تخضع للملكية الخاصة دون أن يتسبب بحرج لأي كان. ويدخل هذا الحق في إطار القوانين العرفية، المعترف بها في فلندا، وهي تنتمي إلى مصاف القوانين المرنة، لكنها تحظى بقبول والتزام مجتمعي ولا تثير ممارستها أية مشاكل، وبالإضافة إلى كونه حق متوارث عبر مختلف  الأجيال، يستمد هذا الحق مشروعيته من الدستور الفنلندي، الذي يضمن حق الملكية والحق في المساواة وحرية التنقل على التراب الفنلندي، دون أن نغفل الحقوق البيئية الأخرى، كالحق في المعلومة البيئية والمشاركة والحق في الانتصاف أمام القضاء[11]، ويسمح هذا الحق بالتنقل الحر للأفراد في 90% من الأراضي والمسطحات المائية، مما يسهم في بناء تلك الصورة لفنلندا كبلد الحقوق والحريات، وكأسعد مكان على وجه الأرض (حسب تقرير السعادة العالمي لسنة 2018 والذي تشرف على إنجازه هيئة الأمم المتحدة)[12].

أما فيما يتعلق بالمبدأ الثاني الذي يتمثل في "الاستدامة الاجتماعية" (Durabilité sociale) كمبدأ مساعد في تدبير أفضل للإدارة البيئية، ويقصد به استجلاب قواعد الإدارة التشاركية، كقاعدة المشاركة النظامية والملموسة التي تشجع العموم على المساهمة في تدبير الموارد الطبيعية، بطريقة عادلة وتشاركية ومستدامة ودون تمييز[13]، ضمن منظور شامل متشبع بثقافة التنمية المستدامة، بهدف الارتقاء بنوعية حياة كافة فئات المجتمع في الحاضر والمستقبل، بغية تحقيق مستويات معيشة أفضل للجميع.

في هذا السياق، تناول مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية لسنة 1992 في ريو دي جانيرو، بشكل عميق هذا المبدأ "الاستدامة الاجتماعية" معتبرا أن التنمية يجب أن تكون "مستدامة"، وتحقيق هذا الشرط رهين بحماية البيئة، لما فيه مصلحة لأجيال الحاضر وأجيال المستقبل، حيث أكد في المبدأ الرابع منه على أنه "يجب أن تكون حماية البيئة، من أجل تحقيق تنمية مستدامة، جزءًا لا يتجزأ من عملية التنمية ولا يمكن النظر فيها بمعزل عنها"[14]، وخص مجال الغابات بعناية خاصة، عبر وضع بيان مبادئ الغابات، وقد شكلت هذه المبادئ خارطة طريق لفنلندا نحو إحداث نقلة نوعية في طريقة إعدادها وتنزيلها للسياسات العمومية في مجال البيئة بشكل عام.

هكذا. يبدو أن هناك علاقة مباشرة بين سلامة الوسط الطبيعي من جهة وصحة الأفراد من جهة أخرى، باعتبار حق العيش في بيئة سليمة حق من حقوق الإنسان الأساسية، الذي يمكن كل فرد على وجه الأرض من العيش في بيئة خالية من التلوث، ومن آثار الأنشطة المتسببة في تدهور البيئة وتهديد التوازن الطبيعي وما يصاحب ذلك من آثار ضارة بصحة الإنسان[15]. ولا شك أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عرفها العالم في العقود الأخيرة، والمتمثلة أساسا في ارتفاع وتيرة النمو الاقتصادي، والنمو الديمغرافي، وما يصاحبها من استنزاف للموارد الطبيعية وتلويث للبيئة، أضحت تهدد التمتع الفعلي بالعديد من الحقوق الأساسية، والتي يأتي في مقدمتها حق الإنسان العيش في بيئة سليمة، لكون هذا الأخير يشكل القاعدة الأساسية للتمتع بالحقوق الأخرى، كالحق في الحياة والحق في الغذاء والحق في الصحة[16].

 وقد اتخذ برنامج الأمم المتحدة للبيئة عدة مبادرات للتوعية على المستوى الدولي بالعلاقة الوثيقة بين حقوق الإنسان وحماية البيئة، نذكر منها تنظيم مشاورات إقليمية واجتماعات وزيارات قطرية لتجميع الممارسات الجيدة وتوضيح الالتزامات والتحديات القانونية في مجال تنفيذ التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالبيئة، مع نشر تقارير عن حقوق الإنسان والبيئة، شملت تقريرا مشتركا مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والذي قُدم إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو +20) في عام 2012، وتجميعا للموارد المتعلقة بحقوق الإنسان والبيئة في عام 2014 [17].

وقد بلغ الاهتمام بتلك العلاقة بين البيئة السليمة وحقوق الإنسان أوجهه بمناسبة انعقاد الدورة 21 لمؤتمر الأطراف الذي عقد في باريس سنة 2015، حيث تم التأكيد على أن تغير المناخ الناتج عن الأنشطة الإنسانية يشكل تهديدا غير مقبول للتمتع الكامل بحقوق الإنسان، وبأن إجراءات التصدي لتغير المناخ تقتضي الامتثال لالتزامات حقوق الإنسان[18]. وخلاصة القول، أنه كلما ازداد ضغط الإنسان على الموارد البيئية إلا وانعكس سلبا على النظم الطبيعية، من خلال رفع الإجهاد البيئي، وجعل البيئة غير قادرة على التجديد، مما يخل بالتوازن البيئي، وبالتالي يصبح العيش في مستوى متناسب مع المعايير الدنيا للكرامة الإنسانية غير متاح [19].

أمام هذا الوضع كان لزاما تبني ثقافة جديدة مبنية على المسؤولية المشتركة للبشرية اتجاه البيئة، مشبعة بثقافة حقوقية، تسهم في التخفيف من الاختلالات البيئية الخطيرة، وتجعل من حق العيش في بيئة سليمة، حقا من الحقوق الإنسانية الأساسية، لارتباطه بحقوق الإنسان الأخرى، باعتبار أن حقوق الإنسان هي حقوق مترابطة يتمتع بها كل الأشخاص.

وارتباطا بما سبق، يمكن القول بأن حق العيش في بيئة سليمة، هو حق جماعي، باعتبار موضوع البيئة هو شأن عالمي، وهو حق لجميع الشعوب، يندرج في نطاق فئة الحقوق الحديثة، المصنفة كونها تنتمي إلى الجيل الثالث من حقوق الإنسان، أو ما يصطلح عليها بحقوق التضامن، وتم تعريفه بأنه يمثل " حق كل شخص في بيئة مُرضية وصحية، وينطوي على عدم التعرض للملوثات الضارة"[20]، وهو يعني أيضا الحق في الوقاية من الأخطار البيئية، وصيانة الطبيعة لفائدة الأجيال الحالية والمستقبلية، بهدف تحقيق فكرة العدل بين الأجيال[21]، إضافة إلى هذا فهو يشكل دعوة للبشرية للتعايش مع وسطها البيئي وحمايته، لما فيه مصلحة لجميع الأجيال.

يتضح إذن مما تقدم مدى أهمية حق العيش في بيئة سليمة في المساهمة في تمكين الإنسان من التمتع بحقوقه الأخرى، وحماية التوازن البيئي، إضافة الى هذا فهو يُعنى بالبعد الزمني، لارتباطه بمفهوم التنمية المستدامة، واعتباره ركنا رئيسا في تحقيقها، بأخذه بعين الاعتبار مصالح الأجيال المستقبلية، تحقيقا لمبدأ العدالة بين الأجيال.

أما فيما يتعلق بالقواعد القانونية التي نصت على هذا الحق، يعد إعلان ستوكهولم للبيئة البشرية لسنة 1972 بالسويد، أول ميثاق دولي قام بالتنصيص على الحق في بيئة سليمة، وذلك في المادة الأولى منه، حيث اعتبر أن "من حق كل إنسان العيش في بيئة سليمة"[22]، وتم تجسيد هذا الحق في هذا الإعلان، حيث تم ربط حقوق الإنسان بالحق في البيئة، وتم اعتبار هذا الأخير مسؤولية مشتركة بين الجميع، مع الإشارة لمبدأ الاستدامة[23]. ويعتبر هذا الإعلان بمثابة الخطوة الأولى نحو الاعتراف بالحق في بيئة سليمة من قبل المجتمع الدولي، ومنذ ذاك بدأت تتحدد معالم هذا الحق شيئا فشيئا، سواء عبر تقرير برانتلاند والمعروف بمستقبلنا المشترك، والذي صدر سنة 1987 عن اللجنة العالمية للبيئة والتنمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، حيث دعا إلى تحقيق التنمية المستدامة، عبر التوفيق بين الأبعاد الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية[24].

ثم أيضا إعلان ريو جانيرو لسنة 1992، الذي جعل توجيه الدول في مجال التنمية المستدامة هدفا من بين أهدافه، واعتبر في المبدأ الأول منه أن "الإنسان يأتي في مركز اهتمام التنمية المستدامة"[25]، بمعنى أن له الحق في حياة صحية ومنتجة مع الطبيعة، وهو يمثل حجر الأساس لرؤية جديدة ومتقدمة لمعالجة القضايا البيئية، انطلاقا من كون أن حماية البيئة جزء لا يتجزأ من عملية التنمية، كما عملت هذه القمة أيضا على تحقيق الترابط بين حقوق الإنسان من جهة والبيئة من جهة أخرى.

أما على المستوى الإقليمي، فالمادة 24 من الميثاق الإفريقي نصت صراحة على هذا الحق، معتبرة بأن "لجميع الشعوب الحق في بيئة مرضية وشاملة وملائمة لتنميتها"[26]. نفس التوجه نجده حاضرا في المادة 11 من البروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاقية الأمريكية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1988، التي أكدت بدورها على أن "لكل شخص الحق في العيش في بيئة صحية والحصول على الخدمات الأساسية"[27].

وقد شهدت العقود الأخيرة اهتماما كبيرا بموضوعي البيئة وحقوق الإنسان من جانب المجتمع الدولي، الذي نجح في نقل هذا النقاش إلى البعد الوطني، حيث تزايد الاعتراف بالصلة الوثيقة بين حقوق الإنسان والبيئة، وتم إغناء الجانب التشريعي في هذا المجال، حيث أن اتفاقية آرهوس نصت في مادتها الأولى أن "من حق كل شخص ينتمي إلى الأجيال الحاضرة والمستقبلية، أن يعيش في بيئة تكفل تمتعه بالصحة والعافية"[28]، والمعلوم أن هذه الاتفاقية عملت على تكريس الحقوق البيئية الاجرائية[29].

وإيمانا منها بأهمية هذا الحق، عملت العديد من البلدان على ملاءمة قوانينها الداخلية مع المواثيق الدولية، سعيا منها إلى ترسيم حق العيش في بيئة سليمة، وإغناء الجانب التشريعي في هذا المجال، ومن بين هذه البلدان نجد المغرب الذي عمل على ملاءمة قوانينه الوطنية مع الاتفاقيات والمعايير الدولية ذات الصلة بحماية هذا الحق، وبذلك يكون قد استجاب للمطالب الوطنية التي نادت بدسترة هذا الحق، حيث ارتقى به إلى مصاف الحقوق الأساسية الأخرى، كالحق في الحياة والمساواة والحرية، وتم التنصيص عليه بشكل صريح في الفصل 31 من دستور 2011، حيث اعتبر أن مسؤولية تحقيق هذا الحق مسؤولية مشتركة ملقاة على عاتق الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بمختلف أنواعها، والتي وجب عليها تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة من الحق في العيش في بيئة سليمة..."[30]. والملاحظ أن الفصل 31 السالف الذكر، قد ربط بين حق الاستفادة من هذا الحق والمواطنة، عكس المواثيق الدولية التي تستعمل مصطلح العموم والجمهور، لتوسيع دائرة الفاعلين، باعتبار الشأن البيئي شأنا عالميا، كما نجد أن نفس الصيغة "المواطنين" تضمنها القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة في المادة الثالثة منه[31].

والأكيد أنه بدسترة هذا الحق والاعتراف به، قد أصبح من الحقوق الملزمة التي يمكن للأفراد سواء كانوا مواطنين مغاربة أو أجانب التمسك بها أمام المحاكم مباشرة، والمطالبة بإنفاذها، وعليه يُمنح للجمهور الحق في التظلم القضائي متى قام طرف بانتهاك حق العيش في بيئة سليمة، أو لم يلتزم به، كما يُوجب على الدولة إدماج التدابير المستمدة من التنمية المستدامة في السياسات العمومية.

هكذا، يشكل الحق في الحصول على العدالة البيئية دعامة أساسية في تمكين العموم من ممارسة حق العيش في بيئة سليمة والدفاع عنه، وبالتالي تكريس مفهوم العدالة البيئية والانتقال به إلى ممارسة عملية، تمكن من حماية البيئة وتفعيل سليم للحقوق البيئية الإجرائية الأخرى، من الحق في الحصول على المعلومة البيئية إلى الحق في المشاركة وحق الاحتكام إلى القضاء، وبذلك تعد العدالة البيئية عنصرا حاسما لمنع انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن التعرض للملوثات من المواد والنفايات الخطرة...[32]، وذلك راجع بالأساس إلى دورها الكبير في التخفيف من المخاطر البيئية، وضمان الشفافية والمشاركة والتوافق في صنع القرارات والسياسات العمومية وكفالة المساءلة.

وبذلك فإن إعمال حق الجمهور في الحصول على العدالة البيئية، يدخل في إطار الممارسات الجيدة في مجال تنفيذ التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالبيئة، ويتيح لأصحاب المصلحة من العموم الوصول إلى سبل الانتصاف أمام القضاء، متى انتهكت حقوقهم البيئية، وهنا يبرز دور السلطة القضائية في سعيها إلى تحقيق العدالة البيئية، باعتبارها الحارس الأمين على حماية حقوق الإنسان والحريات العامة من أي تجاوز للسلطة العامة. الإنسان يبقى غير ذي جدوى إن لم يقترن بالحديث عنفي بيئة

المحور الثاني: دور القضاء في تكريس الحق في الحصول على العدالة البيئية

إن تحقيق مقاصد العدالة البيئية في جعل المحافظة على البيئة رافعة من أجل التنمية المستدامة وإدماج الانشغالات البيئية خلال عملية وضع السياسات العمومية، يقترن بضمان حق الجمهور في الحصول على العدالة البيئية، التي تتيح وصول أصحاب المصلحة من العموم إلى سبل الانتصاف أمام القضاء، ويقصد بالحق في الحصول على العدالة البيئية، "ذلك الحق الذي يمكن كل شخص من اللجوء إلى المؤسسة القضائية للانتصاف لحقوقه المشروعة، على قدم المساواة مع الآخرين"[33]، وبذلك فهو يعني حق أصحاب المصلحة في الترافع أمام القضاء للوصول إلى سبل الانتصاف، والمطالبة بتعويض يتناسب وحجم الأضرار التي لحقت بهم، متى انتهكت حقوقهم البيئية، أو تعرضوا لضرر من شأنه التأثير سلبا على حقهم في العيش في بيئة سليمة، كما أن هذا الحق يشمل كل المنازعات ذات الصلة بالشؤون البيئية، سواء كانت تقع ضمن القضايا المدنية أو الجنائية أو الإدارية... وهو غير مقصور على محاكم مختصة، بل يثار أمام مختلف المحاكم وفقا للتكييف القانوني للقضايا المعروضة أمامها.

ويعتبر الحق في الحصول على العدالة البيئية حقا من حقوق الإنسان، التي تساهم إلى جانب الحقوق الأساسية الأخرى، في حماية البيئة من تأثير الأنشطة الإنسانية، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، وبدونه لا يمكن تحقيق الأمن البيئي، ورد الاعتداءات والمخاطر التي تقع على النظم الإيكولوجية والبيئية[34]. ويتميز هذا الحق بخصائص عديدة تميزه عن غيره من الحقوق الأخرى، فهو حق بيئي، مستقل بذاته، علاوة على ذلك فهو عالمي وغير قابل للتجزئة، أي أن ممارسته لا تقتضي شرط الجنسية أو شرط التسجيل باللوائح الانتخابية، بل هي تخضع لمفهوم المواطنة البيئية، مواطنة لا ترتبط بمفهوم السيادة، بل فقط بالمصلحة المشتركة، ويعد الجهاز القضائي الحيادي والمستقل شرطا لازما وأساسيا لحماية حقوق الإنسان وتكريس سيادة القانون، وتعزيز ودعم ثقة الناس في مؤسسات الدولة، مما يسمح بتحقيق العدالة بين الأفراد والمؤسسات، وتمتيع الأفراد والجماعات بحقوقهم المشروعة والأساسية[35]، والتي يبقى أهمها حق العيش في بيئة سليمة. ويساهم الحق في الحصول على العدالة البيئية أيضا في فحص مشروعية القرارات البيئية، التي تتخذها الإدارة، وبالتالي الحد من انتهاكات النظام البيئي، وجبر الأضرار الناتجة عنها[36].

ولا شك أن إعمال حق العيش في بيئة سليمة بالإضافة إلى اعتماده على الضمانات الإدارية، فهو يقوم على وجود سلطة قضائية مستقلة وقادرة على وقف الانتهاكات لحقوق الإنسان البيئية، من خلال أحكامها واجتهاداتها القضائية[37]. وبناء على ذلك، فإن احترام مبدأ المشروعية، بما تعنيه من احترام حقوق الإنسان بصفة عامة، وحماية البيئة بصفة خاصة، وضمان حق الجمهور في معرفة ما يدور في مؤسسات الدولة، خصوصا ما يتعلق منها بالشأن البيئي، مقاصد لا يمكن تحقيقها إلا بوجود رقابة قضائية على مدى احترام الإدارة لالتزاماتها[38].

ونحن في دراستنا للحق في الحصول على العدالة البيئية ودوره في حماية حق العيش في بيئة سليمة وتحقيق تنمية مستدامة، نرى أن إعماله يعتمد بشكل كبير على وجود رقابة قضائية على أعمال وتصرفات الإدارة في هذا الشأن، تقوم بالتحكيم في الطعون المقدمة إليها في شأن القرارات الإدارية المشوبة بعيب من عيوب المشروعية.

وقد أسست العديد من المواثيق الدولية في مواد وفصول صريحة لمبدأ الانتصاف الفعال من انتهاكات الحقوق البيئية الإجرائية، على رأسها تأتي المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي أكدت أن "لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصَّة لإنصافه الفعلي من أيَّة أعمال تَنتهك حقوقه الأساسية" [39]، كما أن المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نصت على مبدأ "المساواة أمام القضاء"[40]، في حين نجد المادة 23 من الميثاق العالمي للطبيعة لسنة 1982، نصت هي الأخرى بشكل صريح على ضرورة إتاحة وسائل وسبل الانتصاف أمام جميع الأشخاص في حالة تعرضهم لضرر بيئي[41]. كذلك ينص المبدأ العاشر من إعلان قمة الأرض بريو لسنة 1992 على ضرورة تهيئ السلطات العامة لفرص الوصول بفعالية إلى الإجراءات القضائية بما في ذلك التعويض وسُبل الانتصاف...[42].

وتبقى اتفاقية آرهوس من بين أهم النصوص القانونية الدولية التي أكدت على هذا الحق في العديد من موادها، كما قامت بتنظيم ممارسته، وأولته عناية خاصة، معتبرة في المادة 9 منها أن "من حق كل الفرد الاحتكام إلى القضاء في الشؤون البيئية للطعن في رفض طلب معلومات بيئية أو في تلقي رد غير مناسب على هذا الطلب..."[43]،

وقد أقرت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان هذا الحق معتبرة أن بإمكان الأفراد الطعن أمام المحاكم، ضد أي قرار أو عمل أو امتناع عن فعل متى اعتبروا أن مصالحهم مهددة[44]، كما أن الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، وكذا اتفاق أميركا اللاتينية الإقليمي بشأن الوصول إلى المعلومات والمشاركة العامة والعدالة في المسائل البيئية، المعروف باسم اتفاقية إسكازو، أكدوا على ضرورة إتاحة الدول إمكانية لجوء الأفراد إلى القضاء لرفع قضاياهم بشأن انتهاك حقوقهم البيئية[45].

أما بالنسبة للمغرب، فقد تمت دسترة حق التقاضي في الفصل 118 من الدستور المغربي لسنة 2011، حيث جاء فيه أن حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون[46]، وأضافت الفقرة الثانية من نفس الفصل أن " كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة "، فوجود رقابة قضائية على مشروعية تصرفات الإدارة يمثل ضمانة أساسية من ضمانات حقوق الأفراد وحرياتهم، لما في ذلك من تكريس لمبدأ المشروعية، ويمثل القضاء الإداري إحدى أهم الضمانات الأساسية لحماية الحقوق والحريات، وعليه إن الدول مطالبة بتمكين الجمهور من أصحاب المصلحة من ممارسة هذا الحق، أمام الهيئات القضائية المستقلة للطعن في أي قرار أو عمل إداري من شأنه المساس بحقوقهم البيئية.

وقد اعترفت العديد من المواثيق الدولية وكذا الأنظمة الإقليمية لكل من القارتين الأمريكية والأوروبية، بالأهمية البالغة لحق الحصول على العدالة البيـــئية باعتباره حقا إنـــسانيا، وخصصت له مكانة خاصة في مواثيقها وأدبياتها، وقد استندت المحكمـة الأوروبية لحقوق الإنسان مرارا إلى مقتضيات المادة 13 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، في بناء اجتهاداتها القضائـــــية مع بداية سنوات التسعينيات من القرن الماضي، بمعالجتها للعديد من القضايا المتعلقـــة بالحق في الانتصاف أمام القضاء، والملاحظ أن عدد القضايا المرفوعة ذات الصلة بمطالبــــة الدول بفرض تدابير حمائية بوضع حــــــد لنشاط أو منتوج يسبب أو يعتقد أنه قد يسبب أضرارا للبيئة أو الصحة العامة قد عرف ارتفاعا، وذلك راجع بالأساس إلى تنامي الوعي نسبيا لدى أفــراد المجتمع بأهمية هذا الحق، والسبل الكفيلة بإعماله، وبالتالي تشكل الحماية القضائية ضمانة حقيقيـة وملاذا أخــيرا وآمنا يلجأ إليه صاحب المصلحة متى انتهكت حقوقه البيئية. ورغم هـذه الزيادة في عدد القضايا المعروضة أمام الأجهزة القضائية، إلا أن النسبة التي تمثلها القضايا البيـــئية في النسبة العامة لمجموع القضايا تبقـى ضعيفة، وهذا ما أكده تقرير المفتشية العامة للقضاء لسنة 2019، فنسبة القضايا البيئية لا تتعدى مثلا 2% من مجمل القضايا التي عالجها النظام القضائي الفرنسي، أما في أمريكا فتنخفض هذه النسبة إلى 1% [47].



[1]- Elizabeth Kolbert, La 6e Extinction, Comment l'homme détruit la vie, Traduit par Marcel Blanc, Éditeur La Librairie Vuibert, 2015, p12.

[2]- Commission européenne, Atlas de la désertification, année 2019.     Disponible sur : https://wad.jrc.ec.europa.eu     consulté le 01/07/2023.

[3] - ظهير شريف رقم 1.14.09 صادر في 4 جمادى الأولى 1435 (6 مارس 2014) بتنفيذ القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، ج ر عدد 6240، الصادرة بتاريخ 18 جمادى الأولى 1435 (20 مارس 2014)، ص 3195.

[4] Jean-Claude (Fritz), « Participation et justice environnementale », in M. Boutelet Et J. Olivier, La démocratie environnementale : participation du public aux décisions et politiques environnementales, Éditions universitaires de Dijon, 2009, p 204-205.

[5]  مجلس حقوق الإنسان، الدورة الثانية والعشرون، البند 3 من جدول الأعمال، " تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية"، تقرير الخبير المستقل المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، جون ه. نوكس، 24 دجنبر 2012. متوفر على الموقع التالي:

https://undocs.org/A/HRC/22/43    

[6] David (Blanchon), Sophie (Moreau), Yvette (Veyret), « Comprendre et construire la justice environnementale », Annales de géographie, 2009/1-2 (n° 665-666), pp 35-37.    Disponible sur : www.cairn.info/revue-annales-de-geographie-2009-1-page-35.htm consulté le 03/08/2022.

[7] Jean-Claude (Fritz), « Participation et justice environnementale », op.cit, p 203.

[8] Ibid.

[9]  عبد الله بن جمعان الغامدي، التنمية المستدامة بين الحق في استغلال الموارد الطبيعية وحماية الحق في البيئة، مجلة الاقتصاد والإدارة، المجلد 23، العدد الأول، 2009، ص 26.

[10]-  La Charte de la Terre.   Disponible sur le lien suivant https://earthcharter.org/    

[11] ­ Julien (Vieira), Éco-Citoyenneté et démocratie environnementale, thèse en vue de l'obtention du doctorat, spécialité : droit public, l’université de Bordeaux, 2017, p 774.

[12]- John F. (Helliwell), Richard (Layard) and Jeffrey D. (Sachs), World happiness report, Year 2018

Disponible sur : https://s3.amazonaws.com/happiness-report/2018/WHR_web.pdf  consulté le 08/07/2023.

[13]- Julien (Vieira), Éco-Citoyenneté et démocratie environnementale, op.cit, p 775.

[14] - المبدأ 4 من إعلان ريو دي جانيرو لسنة 1992، نيويورك، 1993، ص 3. A/CONF.151/26/REV.1 (vol.I)        

متوفر على الموقع الإلكتروني:

https://undocs.org/fr/A/CONF.151/26/Rev.1(vol.I)

[15] - مجلس حقوق الإنسان، الدورة الثانية والعشرون، البند 3 من جدول الأعمال، "تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، مرجع سابق، ص 6.

[16]-  Assemblée générale des nations unies, résolutions adoptées sur les rapports de la 3ème commission, 68 séance plénière, 14 Décembre 1990. disponible sur : https://undocs.org/fr/A/RES/45/94  

[17]  تقرير الخبير المستقل المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، جون ه. نوكس، مرجع سابق، ص 10.

[18]  المرجع نفسه، ص 8.

[19]  حمزاوي جويدة، "البيئة وحقوق الإنسان: نحو ضرورة تدخل مقتربات أخرى لضمان حماية البيئة وتكريس حقوق الإنسان"، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، العدد 13، يوليوز 2018، ص 500.

[20]  سدى عمر، "حق الإنسان في العيش في بيئة سليمة وصحية"، المجلة الإفريقية للدراسات القانونية والسياسية، المجلد 4، العدد 1، يونيو، 2020، ص 12.

[21]  فاتن صبري سيد الليثي، الحماية الدولية لحق الإنسان في بيئة نظيفة، أطروحة دكتوراه في القانون، جامعة الحاج لخضر، باتنة، سنة 2012-2013، ص 316.

[22]  تنص المادة الأولى من إعلان ستوكهولم للبيئة البشرية لسنة 1972 على أن "من حق الإنسان الحرية والمساواة في ظروف عيش مناسبة، وفي بيئة تسمح نوعيتها بالحياة في ظل الكرامة وتحقيق الرفاه".

[23] Nations-Unies, Rapport de la conférence des nations unies sur l'environnement, Stockholm 5 - 16 Juin 1972, p 4.

[24] Le rapport Brundtland, est issu des travaux de la commission des Nations unies pour l’environnement et le développement. Paru en 1987 en anglais et 1988 en traduction française, il donne la première définition officielle du développement durable.    Disponible sur :

http://www.ceres.ens.fr/IMG/pdf/rapport_brundtland.pdf          consulté le 10/07/2023.

[25]  تقرير الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، المجلد الأول، ريو دي جانيرو 3-14 يونيو 1992، مرجع سابق.

[26]-  منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليا) ، الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، 27 يونيو 1981. متوفر على الموقع الآتي:

https://www.un.org/fr/africa/osaa/pdf/au/afr_charter_human_people_rights_1981f.pdf  consulté le 11/07/2023.

[27] - منظمة الدول الأمريكية، البروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بروتوكول "سان سلفادور"، سلسلة المعاهدات رقم 69، سنة 1988. متوفر على الموقع التالي:

https://www.cidh.oas.org/Basicos/French/e.sansalvador.htm        consulté le 12/07/2023.

[28]- United Nations, Convention Aarhus, vol 2161, Aarhus, Denmark, 25 June 1998, p 4.

[29]-  تشمل الحقوق البيئية الإجرائية كل من الحق في الحصول على المعلومات، والحق في المشاركة، والحق في الوصول إلى العدالة.

[30] - ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432، (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور، جريدة رسمية، عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011) ، ص 3600.

[31] - الفقرة الأولى من المادة الثالثة للقانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة.

لكل مواطن أو مواطنة الحق في:

"العيش والنمو في بيئة سليمة وذات جودة، تمكن من المحافظة على الصحة والتفتح الثقافي والاستعمال المستدام للتراث والموارد التي يوفرها"

[32] - الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة 30 لمجلس حقوق الإنسان، تقرير المقرر الخاص المعني بالآثار المترتبة في مجال حقوق الإنسان على إدارة المواد والنفايات الخطرة والتخلص منها بطريقة سليمة بيئيا، السيد باسكوت تونكاك، 8 يوليوز 2015، ص 3. A/HRC/30/40.

[33]  أحمد عبد الوهاب أبو وردة، حق الإنسان في التقاضي بين مقتضيات الاحترام ومواطن الإخلال، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص 11.

[34] ­ Jonas (Ebbesson), L’accès à la justice en matière d’environnement en droit international : pourquoi et comment ? In : le droit d’accès à la justice en matière d’environnement [en ligne]. Toulouse : Presses de l’Université Toulouse 1 Capitole, 2016 (généré le 02 mai 2021).      Disponible sur: https://doi.org/10.4000/books.putc.1012.   Consulté le 13/07/2023.

[35] Alzais, S. (2013). Regards croisés sur la justice environnementale en droit états-unien et en droit européen, revue générale de droit, 43, pp 380–383 .  Disponible sur : https://doi.org/10.7202/1021218ar  consulté le 13/07/2023.

[36]- Marguerite (Boutelet) & Juliette (Olivier), « La démocratie environnementale …. », op. cit, pp 65-66.

[37]- Nations Unies, Programme des Nations Unies pour l’environnement, Commission économique des Nations Unies pour l’Europe, Votre droit à un environnement sain, guide simplifié de la Convention d’Aarhus sur l’accès à l’information, la participation du public au processus décisionnel et l’accès à la justice en matière d’environnement, New York et Genève, 2006, p 14.

-[38]  سمير صمري، حماية حق المعلومة وفق القانونين الدولي والمغربي : دراسة مقارنة، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، جامعة محمد الخامس، الرباط، السنة الجامعية 2017-2018، ص 256.

-[39]  أنظر المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : " لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون". متوفر على موقع الأمم المتحدة: https://www.un.org/ar/universal-declaration-human-rights/  

-[40]  أنظر الفقرة 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية : "الناس جميعا سواء أمام القضاء...".

[41]- La charte mondiale de la nature, 48e séance plénière des Nations unies, 28 octobre 1982.        

[42]-  تقرير الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، "المجلد الأول : القرارات التي اتخذها المؤتمر، ريو دي جانيرو 3-14 يونيو 1992"، مرجع سابق.

[43]- United Nations, Convention on Access to Information, Public Participation in Decision-Making and Access to Justice in Environmental Matters, Aarhus, op.cit.

[44]-  أنظر المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان : " لكل شخص عند الفصل في حقوقه المدنية والتزاماته، أو في اتهام جنائي موجه إليه، الحق في مرافعة علنية عادلة خلال مدة معقولة أمام محكمة مستقلة غير منحازة مشكلة طبقاً للقانون…"، متوفرة على الموقع الالكتروني للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان :

 https://www.echr.coe.int/Documents/Convention_ARA.pdf   تاريخ الزيارة 15/07/2023.

[45]- United Nations, Regional agreement on access to information, public participation and justice in environmental matters in Latin America and The Caribbean, April 2018, pp 1-27.  Consulté le 15/07/2023. Disponible sur :  

https://treaties.un.org/doc/Treaties/2018/03/20180312%2003-04%20PM/CTC-XXVII-18.pdf

[46]  ينص الفصل 118 من الدستور المغربي لسنة 2011 على ما يلي:

-                     حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون.

-                     كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة.

[47] ­ Bruno (Cinotti), Delphine (Agoguet), Jean-François (Landel), Daniel (Atzenhoffer), Vincent (Delbos), rapport final : une justice pour l’environnement ; mission d’évaluation des relations entre justice et environnement, république Française, octobre 2019, p 20.  Disponible sur le lien suivant : https://www.vie-publique.fr/rapport/273078-une-justice-pour-l-environnement    consulté le 16/07/2023.



من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك



من أجل تحميل هذا العدد الثامن عشر - إضغط هنا أو أسفاه على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث