مطابقة القانون الجنائي للواقع الاجتماعي - شريف الغيام




مطابقة القانون الجنائي للواقع الاجتماعي

شريف الغيام

باحث بسلك الدكتوراه بالقانون الخاص

 

Conformity of criminal law to social reality

Sherif EL GHAYAM

 

إن مبدأ الشرعية الجنائية مبدأ عالمي أساسه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، حيث ينتج عن حصر مصادر التجريم والعقاب في القانون وحده ما يلي:

·         حصر دور القضاء في تطبيق نصوص القانون المكتوب، ومنعه من التجريم والعقاب بطريقة تحكمية.

·         منع ضباط وأعوان الشرطة القضائية أثناء مزاولتهم لمهامهم، من تجريم أو عقاب الأفراد بطريقة شخصية، خارج نطاق وقواعد القانون.

وهذا المبدأ الدستوري بنص الفصل السادس منه[1]، يستنتج منه أن أعمال الهيئات العامة وقراراتها الملزمة، لا تكون صحيحة ومنتجة لآثارها، ولا تكون ملزمة للأفراد المخاطبين بها إلا بمقدار مطابقتها لقواعد القانون الذي أحكمها، وبناء عليه وجب على القانون الجنائي، أن تفرغ نصوصه المختلفة في قالب من الشرعية الجنائية، التي يتحدد نطاقها في كل من الجريمة والعقوبة والإجراءات الجنائية والتنفيذ العقابي[2]، في تطابق مع الواقع الإجتماعي المطبقة عليه، كأساس قانوني للقانون الجنائي الحديث[3]، الذي يشكل المعطى الأساسي للميثاق القانوني للحقوق والحريات الأساسية[4] في بعدها العالمي، ومحاربة الجريمة في شكلها الدولي، والذي بموجبه تمارس الدولة سلطة القانون، وتحدد بذلك ممارسة الحقوق وتشرف عليها، وبالتالي تكون هي من يعطي للقانون سلطته التنفيذية، ما يفرض أن يخضع الكل للقانون في إطار الشرعية[5]، ومطابقة الواقع الإجتماعي المطبق عليه في بعده الدولي.

وعليه فإن التركيز على الاختيارات الإجرامية في بعدها المحلي بدل تسليط الاهتمام على المتغيرات الحقوقية العالمية، يؤدي إلى توسيع دائرة التجريم وتفشي الجرائم المنظمة والإرهابية، لأن القانون الجنائي والاتفاقيات الدولية، هي المتغيرات التي يجب بالضرورة أن تتفاعل، ولا يمكن فهم أي منها بمعزل عن الآخر، ففي حالة كانت هذه الأفعال التي يصنفها القانون الجنائي الوطني جرائم، فإنها قد تمس الحقوق والحريات المعترف بها عالميا، ما يفرض أن يستجيب القانون الجنائي للاتفاقيات الدولية، ومطابقتها مع الواقع الاجتماعي في أفق ضمان حماية لمختلف المصالح المعتبرة فيه، الوطنية والدولية، ما يدعو للتساؤل عن مدى استجابة قانوننا الجنائي للمتغيرات الدولية؟، ومدى الحماية الداخلية التي يحققها من وراء ذلك؟،

ذلكم ما سيتم الوقوف عليه وفق التقسيم التالي:

المطلب الأول: القانون الجنائي والاتفاقيات الدولية.

المطلب الثاني: المواكبة الجنائية الحمائية لتطور المجتمع.

المطلب الأول: القانون الجنائي والاتفاقيات الدولية.

تعتبر المرجعية الدستورية أصلا مؤطرا للقانون الجنائي، لسمو قواعده في سلم التدرج الهرمي للنظام القانوني في الدولة[6]، على أساس أن الدساتير تتضمن المبادئ والتوجهات المتعلقة بالحريات والحقوق، والمجال الجنائي يعتبر أهم أداة لحمايتها، حيث تستمد القوانين الجنائية إلزاميتها ومشروعيتها من الدستور، ويستمد هذا الأخير مشروعيته من إرادة الأمة أو الشعب، ما يعني أن القانون الجنائي، كآلية المواجهة التشريعية للجريمة يجدر به تمكين الأفراد من ممارسة حرياتهم على الوجه الذي كفله الدستور، الذي تعتبر روحه متلائمة والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني، ومسايرة للأنظمة الجنائية المعاصرة، التي يحكمها هاجس توفير وسائل حمائية فعالة للحد من الجريمة ومكافحتها، في إطار الالتزامات الدستورية والتعهدات الدولية للمملكة المعبر عنها[7]، حيث سيتم التعرض إلى ملاءمة القانون الجنائي لعالمية محاربة الجريمة (الفقرة الأولى)، و ملاءمة القانون الجنائي لعالمية حقوق الإنسان ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: ملاءمة القانون الجنائي لعالمية مكافحة الجريمة.

يبقى القانون الجنائي الأساس لمواجهة الظاهرة الإجرامية في بعدها الدولي، والتي منذ نهاية القرن التاسع عشر انعقدت عدة مؤتمرات دولية لمواجهة تحديات الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي[8]، من خلال توحيد جهود الشرطة والقضاء عبر مختلف الدول[9]، وخلق عدة قواعد قانونية تحارب تشعبها واستفادتها من التكنولوجيا المتطورة، ما فرض لمواكبتها إيجاد أفضل السبل للمواجهة، منها إبرام اتفاقيات دولية ثنائية أو إقليمية[10](1)، وإدماج الجرائم الدولية في التشريعات الوطنية، ونقل بعض اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية للمحاكم الوطنية، من أجل محاكمة الجرائم ضد الإنسانية، على ألا تكون صورية أو غير ذات مصداقية[11]، كشكل من متطلبات التعاون القضائي الدولي(2).

  أولا: الاتفاقيات الدولية لمحاربة الجريمة.

يقول مونتيسكيو"القوانين هي التقارير التي تتدفق من طبيعة الأشياء"، وعليه فتطور القانون الجنائي ينبع من تطور المجتمع ومتطلبات احترام حقوق الإنسان، حيث إن الظاهرة الإجرامية لم تعد في صورتها المألوفة حبيسة البلد الواحد، بل أصبحت تكتسي مظاهر جديدة تتميز بالخطورة على النظام العام، ولا تستطيع كل دولة بمعزل عن باقي الدول الأخرى محاربتها بالوسائل القانونية الداخلية، على اعتبار أنها شأن محلي صرف، بل إنها أخذت بعدها الدولي شيئا فشيئا بسبب الانفتاح الذي عرفته العلاقات الدولية، وسهولة التنقل ويسر المواصلات، واستعمال التقنيات الإلكترونية وتقدمها، وتوسع الشركات متعددة الجنسيات[12]، الأمر الذي فرض تبني مقتضيات زجرية جديدة، وإحداث وتكوين مصالح جديدة للشرطة القضائية خاصة في بعدها الدولي، حيث ظهرت معايير دولية لبعض أشكال الإجرام تسمح للمجرمين بالتنقل عبر الحدود بسرعة، مما استوجب إحداث منظمات دولية للشرطة الجنائية والأنتربول، وإبرام اتفاقيات دولية  من طرف الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ومواكبة تطور الجريمة المستمر[13]، خاصة وأن المنحرفين في تحايل مستمر على النظام القانوني، والتكنولوجيا تلد أنظمة جديدة تعب العلماء في تطويرها لصالح الإنسان وتطوير حياته، إلا أن المجرم يجعل منها سلاحا فتاكا، أدى إلى استفحال الجريمة المنظمة[14] عبر الوطنية ذات الأوجه المتعددة[15]: كجرائم الإرهاب، والإتجار غير المشروع في الأسلحة والمخدرات، وتبييض الأموال، وجرائم تهريب المهاجرين، والإتجار غير المشروع في التحف الفنية والأثرية، وجرائم المعلوميات، وتجارة الرقيق الأبيض، وأمام صعوبة مكافحة هذا النوع من الإجرام، سعى المغرب للإنضمام إلى مجموعة من الإتفاقيات الدولية لتوحيد المكافحة، منها:

·         اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة الموقعة بباليرمو في 12/02/2000[16].

·         الإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة بالقاهرة في 22أبريل1998[17].

·         الإتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الموقعة بنيويورك في 10/01/2000[18]، حيث أصدر مجلس الأمن سنة 2001 قرارا تحت رقم 1373، طالب من خلاله كل دولة باتخاذ الإجراءات الكفيلة لمحاربة تمويل الأنشطة الإرهابية، انطلاقا من تجريمها وصولا إلى تجميد الأرصدة المشبوهة، ومنع تحويلاتها، وجاءت هذه الإتفاقية لتعزيز اتفاقية فيينا في مجال مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، معتبرة أن تبييض الأموال أحد أنواع الجريمة المرتبطة بالجرائم المنظمة[19]، إضافة إلى تجارة المخدرات والأسلحة والإتجار في الرقيق.

·         اتفاقية حظر وتقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة، يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر، الموقعة بنيويورك في 10/04/1981، والبروتوكولين الإضافيين رقم 2و4 الموقعين بنيويورك في 13 أكتوبر 1995[20].

وتستفيد الجريمة في بعدها الدولي عموما، من مرض الفساد( الرشوة، الإبتزاز، استغلال المراكز والنفوذ)، وضعف بعض القوانين أو عدم تفعيلها، واستخدام الشركات والمؤسسات القانونية الشكل، كشركات الإستيراد والتصدير، أو شركات قطاع الخدمات، وإشراك عناصر من أجهزة الدولة ذات النفوذ، كالأحزاب السياسية، والقوات العسكرية والأمن والدرك والقضاء ورجال القانون[21].

ولملاءمة تشريعه الوطني مع هذه الإتفاقيات الدولية، أصدر المغرب القانون رقم 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب[22]، والقانون رقم03-07 المتعلق بالإخلال بسير نظم المعالجة الآلية للمعطيات[23]، المتممان لمجموعة القانون الجنائي، كما أن المادة 713 من ق م ج أعطت الأولوية للإتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية، فيما يخص التعاون القضائي مع الدول الأجنبية، ما يدعو للتساؤل عن مظاهره؟، ذلكم ما سيتم الوقوف عليه بعده.

ثانيا: التعاون القضائي الدولي لمحاربة الجريمة.

يعتبر التعاون القضائي الدولي في المادة الجنائية، الآلية الرئيسية لمحاربة الجريمة بأبعادها المختلفة، مثل الإرهاب الدولي، والإتجار غير المشروع في الأسلحة، والمخدرات، والأشخاص، وغسيل الأموال وتزييف العملات، ومن بين مظاهره المصادقة على كثير من العهود والإتفاقيات الدولية منها[24]:

·         الإتفاقية المبرمة مع المملكة البلجيكية المتعلقة بالتعاون القضائي وتنفيذ الأحكام، وتسليم المجريمين، المصادق عليها بتاريخ 27/02/1959.

·         الإتفاقية المبرمة مع المملكة الإسبانية المتعلقة بالتعاون القضائي وتسليم المجرمين، ونقل المعتقلين، التي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 24/02/1991، وكذا اتفاقية مكافحة المخدرات الموقعة بتاريخ 30/05/1997.

·         اتفاقية التعاون القضائي في الميدان الجنائي المبرمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، المصادق عليها بتاريخ 28/05/1993.

كما تلعب الإنابات القضائية دورا فعالا في تفعيل هذه الإتفاقيات والتعاون القضائي، حيث توصل المغرب سنة 2010 ب237 إنابة قضائية أجنبية: منها 80 إنابة قضائية من فرنسا، و64 من بلجيكا و43 من هولاندا، بينما تقدم المغرب ب32 طلب يتعلق بالإنابة القضائية.

وفي مجال تسليم المجرمين شكل الرقم 31 قاسما مشتركا بين الطلبات الموجهة من وإلى المغرب، كما  عرف مجال نقل السجناء لقضاء ما تبقى من العقوبة المحكومين بها في أوطانهم، حركية من خلال تقديم 34 سجين أجنبي هذا الطلب: منهم 15 فرنسيا، و14 إسبانيا وخمسة هولنديين، تمت الإستجابة فقط لتسعة عشر منها، بينما سجل المغرب خمس طلبات لترحيل السجناء المغاربة، منهم أربعة بإسبانيا وواحد ببلجيكا[25].

وقد واكب الإجتهاد القضائي المغربي توجه تطبيق المعاهدة الدولية عوض القانون الوطني، حيث سبق لمحكمة الإستئناف بالرباط بتاريخ 15/05/1969 أن أصدرت قرارا، أعطى الأسبقية لإتفاقية ثنائية مبرمة مع فرنسا، وفي واقعة أخرى أصدر السيد رئيس المحكمة الإبتدائية بالرباط أمرا بتاريخ 12/04/1990، طبق من خلاله المادة 11 من الإتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، التي تمنع تطبيق مسطرة الإكراه البدني في مواجهة المدين المعسر، متى كان الدين ناتجا عن التزام تعاقدي[26].

وفي نفس السياق، يظهر أن ما ورد حديثا بقانون المسطرة الجنائية، بخصوص عملية التسليم المراقب، الذي يهدف إلى كشف وضبط مختلف العناصر الرئيسية القائمة على النشاط الإجرامي، التي تجد سندها في الإتفاقية الأممية لمكافحة الإتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، واتفاقية التعاون القضائي في الميدان الجنائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية[27]، المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون 10-13[28]، كما تم في إطار التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا إلى غاية 17 شتنبر 2017 توقيف 175 إرهابيا.

تأسيسا على ما سلف، إذا كانت مكافحة الجريمة في القانون الجنائي المغربي بهذه الصورة في مجال التعاون الدولي، فكيف هي الأهمية الدولية التي تحظى بها حتمية حقوق الإنسان في القانون الجنائي الوطني؟، وما هي مظاهرها وصورها؟، ذلكم ما سيتم الوقوف عليه بعده.

  الفقرة الثانية: ملاءمة القانون الجنائي لعالمية حقوق الإنسان.

من أهم جوانب النظام العالمي تلك المركزية التي غدت للبعد الحقوقي في هيكلة العلاقات الدولية، حيث أصبح الإهتمام متزايدا بالإنتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان، وأصبحت المعاملات الدولية تنبني على شرط الإحترام الكامل لحقوق الإنسان[29]، كما تعتبر القواعد المتعلقة بالحرية الشخصية للأفراد قواعد دستورية بامتياز[30]، يضمنها القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي أورد الإعلان العالمي أهم الحقوق المدنية والسياسية[31]، حيث يأخذ المغرب في مرجعية تعامله وسلوكه في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان من المواثيق الدولية، التي التزم باحترام وتطبيق مقتضياتها، وهكذا نص الدستور المغربي على ضرورة حماية مجموعة من الحقوق والحريات[32]، والتي يجب على القانون الجنائي عدم مخالفتها، منها التي تهدف حماية: النفس والجسد (1)، والحياة الخاصة(2).

  أولا: صور الحماية الجنائية الجسدية والذهنية[33].

أثناء البحث بين ثنايا نصوص القانون الدولي لحقوق الإنسان، نجدها تجمع جلها على الحق الأول في الحياة، من خلال المادة الثالثة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أن لكل شخص الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه[34]، واعتبرت الحق في الحياة من القيم الأساسية في المجتمعات الديمقراطية، وهي القيمة العليا في سلم حقوق الإنسان على المستوى العالمي[35]، أما العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فقد نصت مادته السادسة[36] على الحق في الحياة، وجرمت حرمان أي شخص منها بشكل تعسفي، مع تقييد أحكام الإعدام في الدول التي لم تقم بإلغاءه بقيود، منها ارتباطه بالجرائم الأكثر خطورة، وانتظار صدور حكم نهائي، ومنع تنفيذه ضد القاصرين الذين يقل سنهم عن ثمانية عشر سنة وعلى الحوامل، بينما تؤطر المادة الخامسة عشر من الإعلان العالمي الحق في السلامة الجسدية والعقلية[37]،  كما جرمته كل من المادتين الخامسة والسابعة من العهد الدولي.

وفي دراسة مقارنة تضمن الدستور المغربي لسنة 2011 قائمة من الحقوق والحريات منها الحق في الأمن أو السلامة، والحق في السلامة يتضمن الحق في الأمن بما في ذلك الحق في الحياة، حيث جاء الفصل 21 يعلن صراحة أنه " لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقرباءه وحماية ممتلكاته"، وجاء الفصل 22 بعده[38] لتوضيح مفهوم الأمن الذي يحيل عليه الحق المصرح به في الفصل السابق، وهو ما تضمنته الشريعة الإسلامية مصداقا لقوله تعالى:"من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"[39]، وهكذا رفع الفصل 22 السالف حماية الأشخاص إلى مصاف الحقوق المطلقة، التي لا تقبل أي استثناء تحت أية ذريعة أو مبرر كان مكرسة الطابع الإجرامي لهذه الممارسات، وبذلك يكون النص الدستوري قد أعطى للحقوق المنصوص عليها قوة دستورية تليق بالحماية الواجبة للكرامة المتأصلة في الشخصية الإنسانية التي يجب على المشرع الجنائي التقيد بها[40]، وكل مساس بها كيفما كانت طبيعته، وأيا كانت الجهة التي يصدر عنها يعد عملا غير مشروع وامتهانا لكرامة الإنسان[41].

وعليه اقتبس المشرع الجنائي المغربي في الفصل 231-1 ق ج نفس تعريف المادة الأولى لإتفاقية مناهضة التعذيب، وتجريم جميع أعماله التي تنص عليها المادة الرابعة[42] من ذات الإتفاقية بما فيها محاولة القيام بذلك أو المساهمة والمشاركة والتواطؤ في ارتكابه[43]، وعليه خصص لجريمة القتل عقوبة الإعدام عوض السجن المؤبد الذي قرره المشرع الفرنسي، أما جريمة الإيذاء المترتب عنه البتر أو العاهة المستديمة مع وجود سبق الإصرار أو الترصد، أو استعمال السلاح فالمشرع الجنائي المغربي احتفظ بنفس عقوبة السجن المؤبد في كلا حالتي حماية صفة الموظف العمومي والزجر عن تجاوز السلطة طبقا للفصلين 231 و403/2 من ق ج .

كما قرر المغرب أيضا المصالحة الوطنية لطي صفحة ملفات التعذيب والإختفاء القسري التي ميزت حقبة السبعينات والثمانينات، واعتنق القانون الجنائي المغربي هذا التوجه من خلال الفصل 399 من ق ج الذي يجرم التعذيب، وجرم الرق بموجب الفصل 467/1 من ق ج، وجرم الأفعال المضمنة بالفصلين 728[44]و878[45] من ق ل ع في ملاءمة مع الإتفاقية الدولية التكميلية لإبطال الرق وتجارته، والأعراف والممارسات الشبيهة به لسنة 1956[46]، وقرار الجمعية العامة رقم 47/133 بتاريخ 18 دجنبر 1992.

وفي مجال الحق في الأمان الذي تضمنته الشريعة الإسلامية مصداقا لقوله تعالى:" هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور[47]" يتطابق الفصل التاسع من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أنه:" لا يجوز القبض على إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا"، مع الفصل 23 من دستور 2011 من خلال الحق في عدم التوقيف بدون محاكمة، أو اعتقال أي إنسان أو تجريده من ملكه تعسفا، وكذا مع المادة 66 من ق م ج التي أوجبت إبلاغ أي شخص تم توقيفه بأسباب ذلك والتهمة الموجهة إليه، على أن  يقدم على وجه السرعة إلى القضاء تكريسا لقرينة البراءة، كما يعاقب القانون الجنائي المغربي على الإحتجاز طبقا للفصل 436 وما يليه، ما يدعو للتساؤل عن وضع حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي الوطني؟ ومدى تضمنه لمقتضيات حماية حقوق الإنسان؟، ذلك ما سيتم التعرف عليه بعده.

  ثانيا: صور الحماية المرتبطة بالحياة الخاصة.

على مستوى حقوق الإنسان تنبع حماية الحياة الخاصة الحميمية والسرية أصلا من الشريعة الإسلامية مصداقا لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون، فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم، وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم، والله بما تعملون عليم"[48].

وجاءت المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة السابعة عشر من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي اعتمدت نفس العبارات تقريبا لتقرير ذات الحماية من خلال ما يلي: "لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي أو غير قانوني في حياته الخاصة، أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، أو أي اعتداء غير مشروع على شرفه وسمعته، لكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذه الإنتهاكات أو الهجمات أو التدخل.."، وهي ذاتها الحماية التي قررتها المادة الثامنة من الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وأكدت على ضرورة حماية القانون لهذه الحقوق والحريات على قدم المساواة دونما تمييز.

وهذه الحماية العالمية تزدوج على المستوى الوطني من خلال دسترة هذه الحقوق وحمايتها طبقا للفصل 24 من الدستور الذي حمى الحياة الخاصة وحرمة المسكن، وحمى أيضا سرية الإتصالات الشخصية وحرية التنقل[49]، وهذه الضمانات تترجم على شكل تجريم جنائي في حالة انتهاك لهذه الحقوق(الفصلين 230 و441 من ق ج) المرتبطين بانتهاك حرمة المسكن، والفصل 442 من ق ج الخاص بالمس بشرف الشخص، والفصلين 232 و448 من ق ج الذين يحميان سرية المراسلات).

وفي مجال حماية الحياة الخاصة انضم المغرب إلى اتفاقية مجلس أوروبا رقم 108 المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي بتاريخ 28 ماي 2019، وطالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتفعيل المبادئ المتضمنة في الإتفاقية[50].

وفي نفس اتجاه حماية الحياة الخاصة خرج إلى الوجود القانون رقم 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء[51]، والذي حمل بين طياته المعاقبة على استعمال الأنظمة المعلوماتية في التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع، أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابها، وكذا توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته بقصد المساس بحياته الخاصة أو التشهير به طبقا للفصلين 447-1 و447-2 من ق ج، وهو ما يبدو معه أن المشرع حاول مواكبة التطورات الإجتماعية بحماية زجرية، كما ستتم مقاربته بعده.

  المطلب الثاني: المواكبة الجنائية لتطور المجتمع.

على مر التاريخ لعب القانون الجنائي دورا هاما في تعريف حماية العلاقات والنظم والمؤسسات، وفي السيطرة على السلوك البشري الفردي والجماعي من خلال استخدام القواعد المعيارية والإجرائية تدعمها درجات متفاوتة من العقوبات لخلق مناخ من النظام الإجتماعي المعتاد والمبرر، الذي يستفيد منه أفراد المجتمع دون أن يكون ذلك مبررا لتجاوز القيم الديمقراطية.

وعليه فلا شك أن سياسة جنائية هادفة ترمي إلى الحد من الظاهرة الإجرامية تتطلب نظاما فعالا للتجريم غايته حماية المصالح العليا للمجتمع وقيمه الراسخة في تناغم مع حماية وضمان حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا، تهدف ربط المقتضيات الجنائية بالواقع الإجتماعي(أولا)، وتواكب تجريم كل الظواهر الإجرامية الجديدة خاصة الرقمية منها(ثانيا).

  الفقرة الأولى: ارتباط القانون الجنائي بالمجتمع .

إن دور القانون الجنائي هو التدخل لتقنين ما يجب تقنينه وتعديل ما يجب تعديله، وتقويم ما يجب تقويمه لتتفاعل القواعد المجردة والعامة مع الآليات المؤسساتية القائمة لتطبيق القانون مع حياة الناس، على أساس أنه ينبثق من عادات نشأت في نفس الدولة بناء على علاقات اجتماعية بين أفرادها تواكب التطورات الإجتماعية كما هو الأمر مع قوانين مكافحة الإرهاب، وحماية نظم المعالجة الآلية للمعطيات، وتعزيز الحماية الجنائية للطفل والمرأة[52]، وحذف المحكمة الخاصة للعدل[53]، ومحاربة العنف ضد النساء[54]، وتنظيم إقامة ومراقبة الأجانب والهجرة غير الشرعية، وإدراج مجموعة من الضمانات الحقوقية بالقانون الإجرائي مستلهما الجانب الحمائي لحقوق الإنسان من المواثيق الدولية التي صادق عليها[55]، ما يدعو للتساؤل عن تجليات الحماية الجنائية لمصالح المجتمع(أولا)، وتلك المرتقبة في مسودة مشروع القانون الجنائي(ثانيا).

  أولا: مظاهر الحماية الجنائية لمصالح المجتمع.

إن معظم النظم القانونية الجنائية على حد سواء تقديرية ومحددة للمجتمع الخاص الذي تعمل فيه، على أساس أنه يصعب تحديد عنصر الضرر الإجتماعي للجريمة لاختلاف نظم ومعايير وقيم المجتمعات، وإجماعها على معيار ثابت ومحدد في التجمعات الحديثة المعقدة[56]، حيث تتعدد المصالح الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية وتتضارب.

  أ: تجليات الحماية الجنائية الإقتصادية.

كان للتدخل الجنائي في مجال الأعمال على ضوء القانون17-95[57] أثر كبير من أجل التصدي لكافة الممارسات المنافية لروح التجارة والأعمال وحماية الأمن القانوني، من أجل تشجيع الإستثمار الداخلي وجلب المستثمرين الأجانب[58]، ولتدوير العجلة الإقتصادية التي ترخي بظلالها على كل ما هو اجتماعي.

وبخصوص حماية الأمن الإقتصادي من جرائم السرقات، الإختلاس والغدر، الغش الضريبي وافتعال العسر، عدم توفير مؤونة للشيك والنصب، غسيل الأموال بموجب القانون 05-43[59] وتجريم العائدات غير المبررة في الحياة العملية والواقعية[60]، والإتجار في البشر و المخدرات، عرفت المقتضيات القانونية الجنائية شددا في التنزيل والمتابعة، كما عرفت القوانين المعنية بالشأن الإقتصادي كقوانين الشركات طفرة جنائية لامست بعض مقتضياتها الزجرية إثارة المسؤولية الجنائية للمسير والشريك، والشخص المعنوي رغم التراجع عن عقوبات السجن في كثير من الحالات، إثر تدخل اللوبي الإقتصادي.

وفي تدارك من المشرع الجنائي لبعض القصور في الحماية الجنائية الإقتصادية عمد في مشروع مسودة القانون الجنائي إلى مراجعة النصوص الحالية وتحيينها، وتشديد العقوبات بشأن بعضها، كما هو الأمر بالنسبة لمكافحة الفساد الإداري من خلال تجريم الوساطة في الرشوة (المادة 254-1 من المسودة)، وإقرار المسؤولية الجنائية للشخص الإعتباري في حال ثبوت ارتكاب ممثليه أو مديره أو وكلائه لصالحه جريمة رشوة أو استغلال النفوذ ( المادة 254-2 من المسودة)، أو جريمة اختلاس أو غدر ( المادة 246-1 من المسودة)، ورتبت المسودة أيضا المسؤولية الجنائية في حق الأجنبي الذي يرتكب جريمة الرشوة.

كما واكب القانون الجنائي تجريم الأفعال التي تنطوي على المساس بمقومات النزاهة، والشفافية وقيم التخليق كالإثراء غير المشروع المادة 256-7، والإخلال بإلزامية التصريح بالممتلكات المادة 262-1، ما يدعو للتساؤل عن تنظيم الحياة السياسية الجنائية؟، كما سيتم التعرف عليه بعده.

  ب:  تجليات الحماية السياسية الجنائية.

يمكن إجمالا تعريف الجريمة السياسية على مستوى ركنها المادي بكونها المساس المباشر بالنظام السياسي ومؤسساته الدستورية، ونميز فيه بين المساس الداخلي بشكل الدولة، أو سير مؤسساتها الدستورية التشريعية المركزية والجهوية والجماعية، وممارسة السلطة من طرف الوزراء أو المس بالحقوق السياسية للمواطنين، بينما المس الخارجي فيتعلق باستقلال الأمة والوحدة الترابية والعلاقات بين الدول، وتتميز بكون مرتكبها يكون أقل عدوانية من مجرم الحق العام[61] على أساس أن الأول يهاجم بالدرجة الأولى النظام القائم وليس النظام الإجتماعي، رغم وجود بعض أشكال الإنحراف الجنائي المعاصر المستمدة من الإرهاب الفوضوي الذي يتميز بمهاجمة النظام الإجتماعي العام بالدرجة الأولى وليس النظام السياسي، وعليه فهي لا تعتبر جرائم سياسية ما يجعل مفهوم هذه الأخيرة مرن تتسع دائرته وتضيق لأسباب متعددة، انعكس على صعوبة وضع تعريف لها، كما هو الأمر بالنسبة للعصيان والتمرد ومقاومة القوة العمومية بالعنف ولو كانت نتيجة مظاهرة سياسية، حيث يسعى القاضي الجنائي لتحديد ما هو السائد في الفعل المجرم، هل الطابع السياسي أم طابع الحق العام حتى عندما تكون عملية تنفيذ الجريمة مرعبة بشكل خاص(مذبحة مجموعة من الأعداء السياسيين العزل، الإرهاب الأعمى ضد الأبرياء) ، كما تم إخراج الإعتداء على حياة رئيس الدولة من دائرة الجرائم السياسية تطبيقا للمادة الثالثة من اتفاقية تسليم المجرمين السياسيين التي جاء فيها:" لأجل تطبيق هذه الإتفاقية فإن الإعتداء على حياة رئيس دولة أو على أحد أفراد أسرته لا يعتبر جريمة سياسية"، لأنه ظهرت جرائم نوعية ومختلطة تهدف من وراء ادعاء الباعث السياسي على الجريمة إخفاء الهدف الحقيقي من وراءها، والذي يبقى هو الحصول على المال لذا اعتبرت من الجرائم العادية وجرائم الحق العام، كما لو تعلق الأمر بمهاجمة مؤسسات الإئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها رغم أن هذا النوع من المجرمين قد يكن العداء للمجتمع ويكفره عامة، وأجهزة الأمن خاصة، كما تربطهم علاقات كراهية وبغض مع عائلاتهم[62].    



[1]  - جاء فيه: "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالإمتثال له"....

[2]  - عبد الكافي ورياشي- ضمانات المشتبه فيه أثناء مرحلة البحث التمهيدي-، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بمكناس، السنة الجامعية 2016-2017،  ص21.

[3] - AMZAZI Mohieddine- Précis de droit criminel- 1er édition,1994, Dar Enachr Al Maaref Rabat, P51.

[4] - BRADEL Jean et VARINARD André-Les Grands arrets du droit pénal général- 6ème édition , DALLOZ Paris 2007, P13.

[5]  - عبد اللطيف وهبي- آراء حول حقوق الإنسان- الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 1996، ص 12.

[6]  - علي محمد الدباس وعلي عليان أبو زيد- حقوق الإنسان وحرياته، ودور شرعية الإجراءات الشرطية في تعزيزها، دراسة تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق الإنسان وحرياته وأمن المجتمع تشريعا وفقها وقضاء-  الطبعة الأولى، الإصدار الثاني، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن، 2009، ص86.

[7] - أحمد قيلش – جرائم القانون الدولي وحقوق الإنسان من خلال مسودة مشروع القانون الجنائي - المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية، العدد الثالث، 2016، ص161.

[8]  - إن الحكم على وضعية المغرب في مجال التجريم وموقعه من الجريمة المنظمة، لا يمكن أن يؤسس على واقعة معزولة، بل إن الدراسات المتعددة والأحداث المتتالية تؤكد كلها بدرجة مختلفة الحدة، أن المغرب كغيره من الدول أخذ نصيبه من الجريمة المنظمة عبر الوطنية، كما وقع من أعمال إرهابية في الدار البيضاء، ومراكش، وكذا سرقات السيارات الفارهة، وأنشطة شبكات المخدرات، واختلاس أموال الدولة وتهريبها إلى الخارج، ومآسي قوارب الموت والإتجار بالبشر، وما التطمينات التي توزعها السلطات العامة يمنة ويسرة من حين لآخر، ما هي إلا خطابات سياسية ومسكنات لطمأنة النفوس، وتضميد الجراح، ما يتطلب الإقرار بواقعنا والتفكير في معالجته، لمزيد من المعلومات لاحظ: عبد الله درميش- دور التشريع الجنائي في توطيد الأمن- م س، ص5.

 ولحسن الحظ أن أجهزتنا الأمنية التي تعمل بتقنياتها الخاصة، وبروح أمنية عالية، تغلب أمن ومصلحة المملكة على كل شيء آخر، تبقى هي السد المنيع الحالي.

[9]- FRANCES Guillen Lasierra- Térrorisme et criminalité globale- in Droit de l’Homme et gouvernance se la sécurité, Edition de l’Harmattan GRET 2007,  P107.

[10]- Dans le cadre d’une réunion régionale des pays arabes, des comités nationaux du droit international humain, pour étudier les solutions opportunes pour  harmoniser les législations internes avec les dispositions du droit international humain, à Rabat le 12 ;13et 14 janvier 2011.

[11]-  Ahmed BENDAHMANE- De la conformité des législations arabes au Droit Humanitaire Internationale- Police Magazine,  N° 72 ; Mai 2011 ; PP26 ;27.

[12]  - عبد الله درميش- دور التشريع الجنائي في توطيد الأمن، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد100، ص3.

[13]  - حيث إن عولمة النظم الإجتماعية والسياسية والإقتصادية، أدى إلى بروز الجريمة المنظمة التي تحاول جماعاتها إخفاء الأدلة، وتتفادى البحث والتحقيق والمتابعة القضائية، خارج حدود الدولة الواحدة، لمزيد من المعلومات يراجع: عبد الغاني رياضي- قضايا جنائية وحلول بديلة- الطبعة الأولى، مطبعة دار السلام الرباط، 2007، ص254.

[14]  - الجريمة المنظمة من الجرائم القديمة، لكنها اليوم في ثوب جديد تأخذ عدة أشكال: كجريمة الإرهاب، والإتجار في المخدرات، وغسيل الأموال، والهجرة غير المشروعة، والإتجار في البشر ..، لمزيد من المعلومات يراجع: عبد الله درميش، م س، ص3.

[15] - حسن فارس – ملائمة القوانين الوطنية مع الإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، في المجال الأمني ومجال حقوق الإنسان والمجال البيئي ومجال الإقتصاد،مع جرد الإتفاقيات التي صادقت عليها المملكة المغربية، وحصر ما ينبغي ملائمته مع القانون الجنائي- السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق، المجلد الأول، الأعمال التحضيرية أيام 9و10و11 دجنبر 2004 بمكناس، العدد3، جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، مطبعة فضالة المحمدية 2004، ص396.

[16] - الظهير الشريف رقم 132-02-1 الصادر في 9 شوال 1424(4 ديسمبر 2003)، بنشر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة الموقعة بباليرمو في 12 ديسمبر 2000، والقاضي بنشر هذه الإتفاقية بالجريدة الرسمية عدد5186 بتاريخ 21 ذو الحجة 1424( 12 فبراير 2004) ص494.

[17] - الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم 240-99-1 صادر في 6 رمضان 1422(22 نونبر 2001)، المنشور ب ج ر عدد 4992 بتاريخ 04/04/2002، ص 790. وعلى الرغم من الإنتقادات التي وجهت إليها، فإنها تعتبر خطوة إيجابية نحو توحيد التشريعات والمرجعيات القانونية العربية، فضلا عن كونها استثنت من أعمال الإرهاب مواجهة الإحتلال، أو الإستبداد الخارجي باعتباره ليس إرهابا، لاحظ عبد الله درميش- دور التشريع الجنائي في توطيد الأمن- م س، ص4.

[18] - الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم131-02-1 صادر في 7 شوال 1423(12 ديسمبر 2002)، ج ر عدد 5104 بتاريخ 01/05/2003، ص490.

[19] - سعيد بوتشكوشت-دور الأبناك في مكافحة تبييض الأموال- رسالة لنيل دبلوم الماستر، بكلية الحقوق بمكناس السنة الجامعية 2010-2011، ص36 و37.

[20] - الصادر بنشرها الظهير الشريف رقم 08-02-1 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423(23 يوليو 2007)، ج ر عدد5076 بتاريخ 20 ذي القعدة 1423(23 يناير 2003)، ص246.

[21]  - عبد الله درميش- دور التشريع الجنائي في توطيد الأمن- م س، ص4.

[22]- ظهير شريف رقم 140-03-1 صادر في 26 من ربيع الأول 1424(28 ماي 2003) بتنفيذ القانون رقم 03-03 بتتميم مجموعة القانون الجنائي في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ج ر عدد5112 بتاريخ27 ربيع الأول 1424(29 ماي2003)، ص1755.

[23] - ظهير شريف رقم 197-03-1 صادر في 16 من رمضان 1424(11 نونبر 2003)، بتنفيذ القانون 03-07 بتتميم مجموعة القانون الجنائي في ما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، ج ر عدد5171 بتاريخ 27 شوال  1424 (22 ديسمبر 2003)، ص4284.

[24]- عبد اللطيف الزويتني ومحمد الضاوي- السياسة الجنائية الأمنية والتعاون الدولي- السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق، المجلد الأول، الأعمال التحضيرية أيام 9و10و11 دجنبر 2004 بمكناس، العدد3، جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، مطبعة فضالة المحمدية 2004، ص161.

[25] - التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي، أرقام وإحصائيات عن سنة 2010، إعداد قسم تنفيذ التدابير القضائية في المادة الجنائية التابع لمديرية الشؤون الجنائية والعفو- مجلة الشؤون الجنائية، العدد الأول، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، مطبعة إليت الرباط، دجنبر 2011، ص 124و125و126.

[26] - عبد اللطيف الزويتني ومحمد الضاوي ،م س، ص162.

[27] - اتفاقية التعاون القضائي في الميدان الجنائي بين حكومة المملكة المغربية وحكومة الجمهورية الفرنسية، تم التوقيع عليها في 18 أبريل 2008 بالرباط، بين عبد الواحد الراضي وزير العدل وبيرنار كوشنير وزير الشؤون الخارجية والأوروبية، وتم نشرها بالجريدة الرسمية عدد6003 بتاريخ 12 ديسمبر 2011 ص5888.

[28] - المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي المصادق عليه بالظهير الشريف رقم 413-59-1 بتاريخ 28 من جمادى الآخرة 1382(26 نوفمبر 1962)، والقانون رقم01-22 المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 225-02-1 بتاريخ 25 من رجب 1423(3 أكتوبر 2002)، والقانون رقم 05-43 المتعلق بمكافحة غسل الأموال الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 79-07-1 بتاريخ 28 من ربيع الأول 1428 (17 أبريل 2007)، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 02-11-1 الصادر في 15 من صفر1432(20 يناير 2011)،الجريدة الرسمية عدد 5911 بتاريخ 19 صفر 1432(24 يناير 2011)، ص196.

[29]  - محمد بنيس- مساهمة في دراسة السياسة الحقوقية بالمغرب، خلال التسعينات- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية أكدال الرباط، السنة الجامعية 2003-2004، ص43.

[30]  - محددة في الباب الثاني من الدستور طبقا للفصل 19 وما يليه، والباب السادس فيما يخص حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، طبقا للفصل 117 وما يليه.

[31]  - نجملها فيما يلي: منع التعذيب والعبودية، تكريس حقوق الدفاع، احترام الحياة الحميمية للأشخاص، ضمان حق التعبير والعقيدة، وحق التنقل، إضافة إلى الحق في الأمن والمساواة وعدم رجعية القوانين الجنائية، على اعتبار أنه وثيقة ذات سمة كونية صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، توصي شعوب العالم باحترامها، ويمكن اعتبارها قاعدة عرفية دولية تحترمها الدول وتعمل بموجبها، وسلطة أدبية للتنديد بالدول التي لا تحترم حقوق الإنسان.

[32]  - في بابه الثاني ويتعلق الأمر بالفصول من 19 إلى 40، كما نص في بابه الثاني عشر على أحكام تتعلق بالحكامة الجيدة، ومؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات، وهيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها طبقا للفصول من 161 إلى 164، كما تضمن تصديره الذي يعتبر جزءا منه سمو الإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب فور نشرها على التشريعات الوطنية، وتعتبر هي أيضا أدنى مرتبة من الدستور.

[33] - خلال سنة 2010 سجل المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان في مجال المساس بالسلامة الجسمانية وسوء المعاملة الأرقام التالية: * الوفاة بالرصاص02 * الإختفاء وادعاء الإختطاف 25 * المساس بالسلامة الجسمانية وسوء المعاملة40 * الشطط في استعمال السلطة 24 * المساس بحرية التنقل02، لمزيد من المعلومات يراجع التقرير السنوي للمجلس الإستشاري لحقوق الإنسان سنة2010، نشره المجلس الوطني لحقوق الإنسن، منشورات لاكروازي دي شومان، الرباط 2012، ص24.

[34] - الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان- المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان- الكتاب الأول،الإتفاقيات التي صادق عليها المغرب في مجال حقوق الإنسان، منشورات الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان، ص13.

[35] -Dominique BREILLAT- Légitime défense et convention Européenne des Droits de l’Homme- Légitimes défenses, collection de la faculté de Droit et des sciences sociales de Poitiers France 2007, P144.

[36] - الإتفاقية الدولية بشان الحقوق المدنية والسياسية الصادرة في 16 من دجنبر سنة 1966- منشورة بمجلة المحاكم المغربية ع 30 أبريل/ماي 1984، ص95.

[37]  - حيث تنص على أنه: " لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة".

[38]  - ينص الفصل 22 من الدستور في فقرته الأولى على أنه:" لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة".

[39]  - سورة المائدة الآية 32.

[40]  - أحمد أيت الطالب- قراءات في الدستور الجديد، حول الشأن الأمني- مجلة الشرطة، العدد 80، شتنبر 2011، ص35.

[41]  - عبد الوحيد الحجيوي- مسطرة التحقيق الإعدادي وضمانات حقوق الإنسان- رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية أكدال الرباط، السنة الجامعية 1999-2000، ص21.

[42] - الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان- المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان- م س،ص69.

[43]  - وهو الأمر الذي تضمنته الشريعة الإسلامية منذ أزيد من أربعة عشر قرنا تصديقا لقوله تعالى في سورة الأحزاب الآية 58:" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا"، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع:.." فإن الله تبارك وتعالى قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها..". لاحظ:

- علي محمد الدباس وعلي عليان أبو زيد، م س، ص42.

[44]  - ينص هذا الفصل على أنه:" يبطل كل اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص بتقديم خدماته طوال حياته، أو لمدة تبلغ من الطول حدا بحيث يظل ملتزما حتى موته".

[45]  - ينص الفصل 878 من ق ل ع على:"من يستغل حاجة شخص آخر أو ضعف إدراكه أو عدم تجربته فيجعله يرتضي من أجل الحصول على قرض أو لتجديد قرض قديم عند حلول أجله فوائد أو منافع أخرى تتجاوز إلى حد كبير السعر العادي للفوائد وقيمة الخدمة المؤداة، وفقا لمقتضيات المكان وظروف التعامل، يمكن أن يكون محلا للمتابعة الجنائية، ويسوغ إبطال الشروط والإتفاقات المعقودة بمخالفة حكم هذا الفصل بناء على طلب الخصم، بل حتى من تلقاء نفس المحكمة، ويجوز إنقاص السعر المشترط، ويحق للمدين استرداد ما دفعه زيادة على السعر الذي تحدده المحكمة على أساس أنه دفع ما ليس مستحقا عليه، وإذا تعدد الدائنون، كانوا مسؤولين على سبيل التضامن".

[46] - عبد العزيز بوزيان – تفعيل المعاهدات والإتفاقيات الدولية في إطار القانون الجنائي المغرب-  السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق، المجلد الأول، الأعمال التحضيرية أيام 9و10و11 دجنبر 2004 بمكناس، العدد3، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، مطبعة فضالة المحمدية 2004، ص366.

[47]  - سورة الملك الآية 15.

[48]  - سورة النور الآيتان 27و28.

[49]  - ينص الفصل 24 من الدستور على أن: "لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة. لاتنتهك حرمة المنزل، ولا يمكن القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون. لاتنتهك سرية الإتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها، ولا يمكن الترخيص بالإطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون. حرية التنقل عبر التراب الوطني والإستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه، مضمونة للجميع وفق القانون.".

[50]  - التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019، فعلية حقوق الإنسان ضمن نموذج ناشئ للحريات، مارس 2020، ص28، نقلا عن موقع المجلس الوطني لحقوق الإنسان:www.CNDH-RAPPORT Annuel.2019تم التصفح بتاريخ 08/11/2020 على الساعة 9و30 د صباحا.

[51]  - الصادر بتنفيذه ظ ش رقم 19-18-1 صادر في 5 جمادى الآخرة 1439 (11 فبراير 2018)، ج ر عدد 6655 بتاريخ 23 جمادى الآخرة 1439 (12 مارس 2018)، ص1449.

[52]  - الإتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل، نشرت بمقتضى ظهير 363-93-1 بتاريخ 21 نونبر 1996، ج ر عدد4440 بتاريخ 29-12-1996. واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، نشرت بمقتضى ظهير شريف رقم361-93-1 بتاريخ 26 دجنبر 2000، ج ر عدد4806 بتاريخ 18 يناير 2001.

[53]  - القانون رقم 03-79 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي وبحذف المحكمة الخاصة للعدل، الصادر بتنفيذه  ظهير شريف رقم129-04-1 صادر في 29 من رجب 1425(15 شتنبر 2004)، ج ر عدد 5248 بتاريخ 16 شتنبر 2004، ص 3372.

[54]  - القانون رقم 13-113 الصادر بتنفيذه ظ ش رقم 19-18-1 صادر في 5 من جمادى الآخرة 1439(11 فبراير 2018)، ج ر عدد 6655 بتاريخ 12 مارس 2018، ص 1449.

[55]  - عبد الله درميش، م س، ص1.

[56]  - رمضان الألفي- نحو سياسة جنائية فاعلة تسهم في تحقيق العدالة الجنائية وحماية حقوق الإنسان وحرياته- ط 1، دار الفكر العربي مصر، 1997، ص50.

[57] - حيث عرف القانون المنظم للشركات التجارية تعديلين: الأول بموجب القانون 20-05 والثاني بموجب القانون 78-12.

[58] - خدوج فلاح- أثر التدخل الجنائي في مجال الأعمال في ضوء القانون17-95-  مداخلة بمناسبة الندوة الوطنية حول موضوع السياسة الجنائية بالمغرب، الواقع والأفاق، يوم الخميس 5 أكتوبر 2017 بالمدرج الرئيسي بكلية الحقوق بسطات، على الساعة الواحدة بعد الزوال.

[59]  - القانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم79-07-1 صادر في 28 من ربيع الأول 1428(17 أبريل2007)، ج ر عدد 5522 بتاريخ 15 ربيع الآخر 1428 (3 ماي 2007) ص1359.

[60] - BOULOC Bernard, MATSOPOULOU Haritini. Droit pénal général et procédure pénale- Op Cit, P9.

[61]  - يتميز أصحاب هذه الجرائم بمستوى ثقافي مهم، ولا يحاولون إنكار جرائمهم بل يدافعون عنها، وعليه يصعب خداعهم والتحايل عليهم من قبل المحققين، لكونهم اعتادوا المثول أمام مصالح الأمن، ويعترفون بما يريدوا ويتلقون دعما ومساندة قانونية من جهات أخرى، ويقف وراءهم العديد من المحامين للدفاع عنهم، كما أن الكل بينهم يبحث عن شرف المشاركة في الجريمة السياسية، عكس جرائم الحق العام كالسرقة والقتل، كما يعمدون إلى التصريح لوسائل الإعلام عقب كل تحقيق أو جلسة بحث، لمزيد من المعلومات يراجع: سراج الدين محمد الروبي- الإستجوابات الجنائية في مفهومها الجديد- الدار المصرية اللبنانية، مصر 1997، ص23 وما يليها.

[62]  - سراج الدين محمد الروبي- الإستجوابات الجنائية في مفهومها الجديد- م س، ص27و28.

من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

قانونك



من أجل تحميل هذا العدد 20 - إضغط هنا أو أسفاه على الصورةمجلة قانونك - العدد الثالث