قواعد التبليغ وإشكالاته وفقا لقانون
المسطرة المدنية
Reporting
rules and issues in accordance with the Civil Control Law
محمد شكار / استاذ متعاون في جامعة نواكشوط.
Mohamed CHEKAR
ملخص البحث: ويقصد بالتبليغ الشكلية التي يتم
بواسطتها إعلام المبلغ إليه بالإجراءات القضائية التي تتخذ ضده. ومبدئيا، يعتبر
التبليغ القضائي عملية قانونية بين المبلغ إليه ومصلحة التبليغ وكذا بين الخصوم.
وتبليغ الاستدعاء هو إعلان قانوني عن بداية الخصومة، وبصفة عامة عن إجراء مسطري
محدد زمنيا ويتشكل فعليا في إيصال واقعة معينة إلى علم المبلغ إليه. أما تبليغ
الحكم أو القرار الذي صدر في الدعوى فهو إعلام المحكوم عليه بصدور الحكم في حقه،
إما لينفذه طوعا أو لينهج فيه سبل الطعن المتاحة قانونا العادية أو غير العادية. وتتجلى أهمية التبليغ فيما يرتب عليه من آجال
حضور الجلسات والطعن والرد على الدفوع المثارة بين الخصوم، فالتبليغ هو المفتاح
الذي لا يمكن بدونه البت في القضايا. |
|
Abstract: Notification
means the formality by which the recipient is informed of the judicial
procedures being taken against him. In principle, judicial notification is
considered a legal process between the person to whom it is communicated and
the reporting interest, as well as between the opponents. Serving the summons
is a legal announcement of the beginning of the dispute, and in general, a
time-bound procedure that actually consists of bringing a specific incident
to the attention of the person to whom it is reported. As for notifying the judgment or decision
issued in the case, it is informing the convicted person that the judgment
has been issued against him, either to implement it voluntarily or to pursue
the ordinary or extraordinary means of appeal available in law. The importance of notification is evident in
the deadlines it entails for attending sessions, appealing, and responding to
defenses raised between opponents. Reporting is the key without which cases
cannot be decided. |
المقدمة
يعتبر التبليغ
تلك الوسيلة التي من خلالها يتم إبلاغ المعني بالأمر بكافة الإجراءات القضائية
التي تتخذ ضده , وهي عملية تنطلق قبل مناقشة النزاعات أمام المؤسسات القضائية
وتستمر في الغالب بعد البت فيها, وبالتالي فهي تعتبر القاطرة الوحيدة لتبليغ
الإجراءات وإعداد الملفات و تبليغ القرارات المتعلقة بها وحفظها نهائيا أو توجيهها
إلى الجهة القضائية المختصة , كما أن التبليغ يعتبر من العناصر الأساسية لتحقيق
مبدأ حق الدفاع الذي لا يمكن وجوده دون إشعار و إعلام المعنيين بالأمر بكل القضايا
المتعلقة بهم و المطروحة أمام العدالة لتقول كلمتها وتحسم فيها بحكم نهائي حائز
لقوة الشيء المقضي به, فمن خلال مبدأ المواجهة الذي يقوم على عدم جواز اتخاذ أي
إجراء ضد شخص دون تمكينه من العلم به و إعطائه الفرصة للدفاع عن نفسه يتجسد تطبيق
من تطبيقات حق الدفاع. , وقد أخذت به التشريعات المقارنة مثل التشريع الفرنسي بناء
على الفصل 116 من قانون المرافعات الفرنسي الذي يلزم القاضي في جميع الأحوال أن
يلاحظ احترام الخصوم لمبدأ المواجهة ويلزم نفسه به , عندما اعتبر القاضي هو الضامن
لاحترام المواجهة و إلا فإن الحكم أو القرار يكون مشوبا بالبطلان , و بذلك فإن تطبيق
مبدأ المواجهة يفترض أن يتم إعلام المعني بالأمر, بالشكل الذي يفرضه القانون, و
العلم بهذا الإعلام يفترض بمجرد وقوع
التبليغ , غير أنه من المؤكد وجود علاقة بين شكل التبليغ و الغاية منه, وكشف هذه
العلاقة من خلال التعمق في فهم روح التشريع -الذي من خلاله يتبين سلامة عملية
التبليغ- تلعب فيه(أي الكشف) فطنة القاضي
ورزانته دورا كبيرا نظرا لتعدد المشاكل المترتبة عن هذا الإجراء بشكل يصعب حصرها
لمعالجتها بقواعد قانونية , وتجمع جميع الفعاليات الحقوقية المرتبطة بشكل مباشر أو
غير مباشر بمؤسسة القضاء على أن إشكالية البطء في تصفية القضايا أمام المحاكم ترجع
لأسباب عدة أساسها إشكالات التبليغ, فعلى الرغم
أن الأنظمة القضائية حاولت إيجاد عدة حلول لحل هذه المعضلة القانونية, ومن
أهمها تلك المتعلقة بإحداث مهنة حرة هي مؤسسة العون القضائي و التي عهد إليها
القيام بمهام التبليغ.
ويقصد بالتبليغ الشكلية التي يتم
بواسطتها إعلام المبلغ إليه بالإجراءات القضائية التي تتخذ ضده، ومبدئيا،
يعتبر التبليغ القضائي عملية قانونية بين المبلغ إليه ومصلحة التبليغ وكذا بين
الخصوم. وتبليغ الاستدعاء هو إعلان قانوني عن بداية الخصومة، وبصفة عامة عن إجراء
مسطري محدد زمنيا ويتشكل فعليا في إيصال واقعة معينة إلى علم المبلغ إليه. أما تبليغ الحكم أو القرار الذي
صدر في الدعوى فهو إعلام المحكوم عليه بصدور الحكم في حقه، إما لينفذه طوعا أو
لينهج فيه سبل الطعن المتاحة قانونا العادية أو غير العادية.
وتتجلى أهمية التبليغ فيما يرتب
عليه من آجال حضور الجلسات والطعن والرد على الدفوع المثارة بين الخصوم، فالتبليغ
هو المفتاح الذي لا يمكن بدونه البت في القضايا.
ويهدف كذلك إلى تحقيق التوازن في
حق الدفاع لكل أطراف الدعوى مدعين أم مدعى عليهم.
فما هو التبليغ وماهي طرقه وما
شروطه وماهي أهم الإشكالات التي يثيرها وما هي الآثار المترتبة عن التبليغ
المعيبة ؟؟
سأحاول أن نجيب على هذه الأسئلة من خلال
المنهجية التالية:
المبحث الأول: الإطار القانوني
للتبليغ
المبحث الثاني: إشكالات التبليغ و آثارها على سلامة الإجراءات
المبحث الأول: الإطار القانوني
للتبليغ
يعتبر التبليغ من أهم مراحل
المسطرة، وتهدف عملية التبليغ إلى تمكين المراد إعلانه أو نائبه من العلم بمحتويات
مقال الدعوى[1]،
كما أنه هو الشكلية التي يتم بواسطتها إعلام المبلغ إليه بالإجراءات القضائية التي
تتخذ ضده ، كما تتجلى أهميته أيضا فيما يترتب عليه من آجال للطعن وحضور للجلسات
والرد على الدفوع المثارة بين الخصوم وغير ذلك من الإجراءات المسطرية.
فالتبليغ هو المفتاح الذي لا يمكن
بدونه البت في القضايا لذلك تبقى الكثير من الملفات على رفوف المحاكم في انتظار
استكمال إجراءات التبليغ، ولاشك أن بطء القضاء في البت يرجع أساسا إلى الا ختلا
لات التي تعرفها مسطرة التبليغ[2].
والمقصود من التبليغ الإعلان عن
إجراء قضائي أو قانوني معين، مرتبط بأجل صادر عن جهة قضائية الهدف منه إبلاغ شخص
ما بما يتخذ ضده من إجراءات قانونية تهدف إلى الحصول على حق أو فقدانه أو حمايته.
ويترتب عن هذا
التبليغ العديد من الآثار القانونية كما تحدد به مراكز الأطراف القانونية أيضا[3].
فما مفهوم التبليغ وماهي أهميته وطرقه؟ أسئلة الإجابة عليها في المطلبين التاليين
:
المطلب الأول:
مفهوم التبليغ وأهميته القانونية
المطلب الثاني: طرق التبليغ
المطلب الأول
: مفهوم التبليغ و أهميته القانونية
أتناول في هذا المطلب تعريف
التبليغ في التشريع و الفقه و كذلك التطرق لأهميته ، وذلك في المطالب التالية :
الفقرة
الأولى: تعريف التبليغ
لم تعرف معظم التشريعات المقصود بالتبليغ،
وإنما اكتفت بذكر الإجراءات الواجب سلوكها
سواء من حيث الجهات المكلفة بالتبليغ أو الأوراق التي ينبغي ملؤها كطيات
التبليغ و شواهد التسليم.[4]
وبما أن مسألة التعريفات غالبا ما
تترك للفقه لتحديد ها، فإنه يعرف التبليغ بأنه: "إيصال أمر أو واقعة ثابتة
إلى شخص معين أو على يد أحد أعوان كتابة الضبــط، أو أحد الأعوان القضائيين [5] أو عن طريق
البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل, أو بالطريقة الإداريــــة. [6]
والهدف من ذلك هو ضمان علم المبلغ إليه بالأمر المراد تبليغه[7]
وذلك ضمانا لعدم
جواز احتجاج المبلغ بجهله لما تم تبليغه به لدرجة أن بعض الفقه [8]
إعتبر حجية التبليغ كحجية نشر التشريع بالجريدة الرسمية إذ لا يجوز الاعتذار بجهل
ما تم التبليغ به قياسا على مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
و التبليغ يعد عملية قانونية بين
المبلغ إليه ومصلحة التبليغ ، فإذا كان من حق الجهة المبلغة أن تتوفر على شهادة
التسليم المتضمنة لبيانات حددها القانون ، فإنه بالمقابل يحق للطرف المبلغ إليه أن
يتوفر على وثيقة تثبت عملية التبليغ المتضمنة بدورها جميع البيانات التي تسمح له
بممارسة حقه في الرد.
و خلال مراجعة قانون المسطرة
المدنية الفرنسي، نجد أن المشرع الفرنسي
تطرق إلى طرق التبليغ العادية التي تحتاج إلى إجراءات وتقنيات بسيطة وهي التي تتم
في الغالب بواسطة البريد، كما تطرق إلى طرق التبليغ الخاصة والتي تتم بين المحامين
أو غيرهم من مساعدي القضاء[9].
والتبليغ أو الإعلان هو إجراء محله
إخبار المعني بالأمر بشيء معين ، ويتولى القيام بهذا الإجراء ف إما موظف تابع
لوزارة العدل ، أو العون القضائي ، أو كاتبه المحلف ، أو السلطة الإدارية ، أو
موظف تابع لمصلحة البريد ، أو الأعوان الدبلوماسيين أو القنصليين أو غيرهم ممن
أسند لهم القانون هذه المهمة.
الفقرة
الثانية : اهمية التبليغ
تكمن أهمية التبليغ في كونه هو
مبعث السرعة أو البطء في إصدار الأحكام ، فلا يمكن الفصل في النزاع من غير تبليغ
طرفيه والاستماع إليهما إلا استثناء.كما أنه المرجع الوحيد في تحديد الوصف
القانوني للأحكام ، والتي قد توصف بالحضورية أو الغيابية أو بمثابة حضورية على ضوء
نتيجة التبليغ .
والتبليغ هو نقطة انطلاق آجال
الطعن، إذ للطعن في الأحكام والقرارات آجال حددها القانون لا يبدأ سريانها إلا من
تاريخ التبليغ.
وله دور أكثر فاعلية في التنفيذ ،
وذلك عندما يستجيب المبلغ إليه للإجراء الذي أشعر به ، حيث يستغنى حينها عن مساطر
التنفيذ الجبري وعنتها .
والتبليغ أيضا وسيلة تعبير عن
الإرادة ، كما في التعاقد بالمراسلة وإبداء الرغبة في إنهاء العقود وممارسة الحقوق
، كما يعتبر وسيلة لنقل الحق كما هو الشأن في الحوالة التي لا تنتج آثارها إلا
بالتبليغ.
وللتبليغ كذلك أهمية يمكن ملاحظتها
بطريقة غير مباشرة ، وتعكسها كثرة النزاعات حوله ، نزاعات تتعلق بإثباته والطعن
فيه وإبطال إجراءاته واستخلاص الحقوق المترتبة عليه ، ومن ثم دفعت هذه الأهمية
أغلب التشريعات الحديثة إلى وضع قواعد دقيقة تكفل وصول الأوراق القضائية وغير
القضائية إلى الأطراف المعنية ، وذلك بإنجاز التبليغ إليهم شخصيا حيث يتحقق العلم
اليقيني ، أو بإنجازه إلى من سمح لهم القانون باستلام التبليغ نيابة عن المعني
بالأمر حيث يتحقق العلم الظني ، أو بإنجازه إلى من يقوم مقام المبلغ إليه حيث
يتحقق العلم الحكمي ، وفي كل هذه الحالات ينتج التبليغ أثره القانوني بنفس القوة
الثبوتية ولم لم يصل الإجراء بصفة أكيدة إلى المعني بالأمر .
المطلب الثاني:
طرق التبليغ
أتناول في هذا المطلب طرق و أنواع
التبليغ مثل التبليغ التلقائي و التبليغ بناء على طلب و معرفة كل منهما :
الفقرة الاولي:
التبليغ التلقائي
هناك من يرى أن التبليغ التلقائي
يجوز على اعتبار أن كتابة الضبط لها صلاحية التبليغ التلقائي فيما يخص احتساب أجل
الطعن ودون أداء للمصاريف بينما عندما يتعلق الأمر بإعذار المحكوم عليه بأن يفي
بما قضى به الحكم أو يعرف بنواياه فينبغي أن يتم بناء على طلب من المستفيد من
الحكم.[10]
إلا أن الرأي الغالب ذهب على اعتبار كلا النوعين
من التبليغ أي سواء فيما يتعلق باحتساب أجل الطعن أو فيما يخص الإعذار فينبغي أن
يتم بناء على طلب من المستفيد من الحكم.
كما أن الطريقة التبليغ بالجلسة لازالت تثير
مجموعة من الإشكالات [11]:
" يبلغ كاتب الضبط عند صدور الحكم حضوريا ومعاينة حضور الأطراف أو وكلائهم
بالجلسة الحكم الذي صدر ويسلم لهم نسخة من منطوق الحكم ويشار في آخره إلى أن
التبليغ والتسليم قد وقعا "
واستقراء هذا الفصل يوضح التبليغ
التلقائي الذي يقوم به كاتب الجلسة. وأن الأمر لا يتوقف على طلب المحكوم له، إنما
يكتفي كاتب الجلسة بتبليغ الخصم بالمنطوق.
وحضور الأطراف للجلسة لا يتوفر دائما كما أن شهادة منطوق الحكم تتطلب أن يكون عدد نسخها بعدد
الأطراف وهو أمر لا يتوفر دائما كذلك. إضافة إلى أن بعض الأحكام لا ينطق فيها بالجلسة.
وحيث أن جل الأحكام ينطق بها غير
محررة، فإن المقال الاستئنافي المعتمد على منطوق الحكم فقط يبقى غير مستكمل للشروط
المطلوبة فيه قانونا [12]في
غياب الوقائع والوسائل المثارة في الحكم الذي لم يحرر رغم النطق به. إضافة إلى أن
النيابة العامة عندما تكون طرفا في الدعوى فلا يعتد بحضورها في الجلسة للقول
بكونها قد بلغت ( إذ اعتبر محكمة النقد حضورها عندما تكون طرفا في الدعوى أمر غير
كاف لاعتبارها قد بلغت ويتعرض للطعن الحكم الذي اعتبر حضوريا ).
لكل ما سبق يتضح أن عملية التبليغ بالجلسة
[13]
يتعذر في غالب الأحيان تطبيقها ويستحسن
تجنبها لما تثيره من إشكاليات لتعذر توفر كل الشروط التي أقرتها .
كما أن الفصل 134 من قانون المسطرة
المدنية المغربي يفيد ابتداء أجل
الاستئناف من تاريخ التبليغ إلى الشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي أو المختار أو التبليغ بالجلسة إذا
كان مقررا بمقتضى القانون دون أن يشير إلى الجهة التي لها حق المبادرة بالمطالبة
بالتبليغ مما تبقى معه إمكانية إنجازه تلقائيا ممكنة.
وباستقراء كل الفصول المنظمة
للتبليغ يتضح أنه لم ترد بها أية إشارة واضحة تشير إلى ضرورة تعليق التبليغ على
طلب في الموضوع من طرف المستفيد من الحكم.
وحيث إن إشكالية التبليغ التلقائي
لم يحسم في شأنها المشرع بوضوح تبعا لذلك تبقى إشكالية المصاريف القضائية في شأنها
بدورها معلقة، إلا أنه من الناحية العملية يبقى التبليغ بناء على طلب في الموضوع
هو المعمول به. ولأهمية بعض النوعيات في القضايا، فقد أبقى المشرع على إمكانية
التبليغ التلقائي في شأنها، كما أعطى لها أحقية الأسبقية بمجرد النطق بها نرد منها
:
§
. الأحكام التي تقضي بالحراسة
القضائية[14]
§
. أهلية الدولة للإرث (الفصل 267
من قانون المسطرة المدنية المغربي )
§
.
القرارات المشمولة بالنفاذ المعجل على الأصل وقبل التسجيل (الفصل 153 من
قانون المسطرة المدنية المغربي)
§
.
الأحكام المتعلقة بنزع الملكية.
§
. أحكام التحفيظ العقاري (مطالب
التعرضات)
الفقرة الثانية: التبليغ بناء على
طلب
مباشرة بعد صدور الحكم وتوقيعه من
طرف الهيئة المصدرة له يتقدم المستفيد من الحكم إلى كتابة الضبط بطلب مؤدى عنه
الرسم القضائي أو مستفيد من المساعدة القضائية حسب طبيعة القضية.
ويطلب نسخا من التبليغ بعدد المحكوم عليهم.
ويسهر مكتب التبليغ على هذا الإجراء ، إذ ينجز طيا يسمى " طي التبليغ "
بمواصفات خاصة (سنتحدث عنها عند الكلام عن البيانات الواجب توفرها في هذا الطي مع شهادة التسليم. (
فور صدور الحكم أو القرار وتوقيعه
من طرف الهيئة المصدرة له يتقدم المستفيد من الحكم إلى كتابة الضبط بطلب يطلب
فيه نسخا بعدد المحكوم عليهم ويسهر مكتب التبليغ على ذلك حيث يفتح ملف تبليغي ثم
يشرع في مسطرة التبليغ حالا لسريان آجال الطعن . ويكون تاريخ تبليغ الحكم هو
المعتبر كتاريخ بداية لاحتساب الآجال حتى بالنسبة لطالب التبليغ.
وقد
أكد محكمة النقد على هذه القاعدة في قراره الصادر بتاريخ 06/06/95 تحت عدد 716 والذي جاء فيه أنه إذا
تم تبليغ القرار من الخصم فإن مواعيد الطعن تبدأ بالنسبة للمبلغ إليه من تاريخ التبليغ على حد سواء وذلك وفقا
لقاعدة نسبية الآثار المترتبة على إجراءات التبليغ.[15]
و عموما تسري آجال الطعون ابتداء من تاريخ التبليغ طبقا
للقانون, لكن نجد بعض الاستثناءات و هي:
1 طلب تقديم المساعدة القضائية
أمام محكمة النقد :فقد نص على ذلك الفصل 358 من ق م م على أن اجل الطعن يوقف ابتداء من إيداع طلب المساعدة القضائية
بمحكمة النقد ويسري هذا الأجل من جديد من يوم تبليغ مقرر مكتب المساعدة القضائية
للوكيل المعين تلقائيا ومن يوم تبليغ قرار الرفض للطرف عند اتخاذه.
2- تغيير أهلية احد الأطراف: حيث
تنص المادة 139 من ق م م على انه إذا وقع أثناء اجل الاستئناف تغيير في أهلية احد الأطراف أوقف الأجل و لا يبتدئ سريانه من جديد إلا بعد 15 يوما من
تاريخ تبليغ الحكم لمن لهم الصفة في تسلم هذا التبليغ.
3_ وفاة احد الأطراف: ينص الفصل 138 من ق م م على أن وفاة احد الأطراف توقف اجل الاستئناف لصالح
ورثته ولا تقع مواصلتها من جديد إلا بعد مرور اجل 15 يوما من تاريخ تبليغ الحكم للورثة
بموطن الشخص المتوفى طبقا للطرق المشار إليها في الفصل54 من ق م م
4_ التبليغ الباطل: إن التبليغ الصحيح يقتضي شكليات معينة يجب بيانها في الحكم وآلا
اعتبر التبليغ باطلا يتوقف معه سريان اجل الطعن وهكذا فان قرار التبليغ الباطل في
أوامر الأمر بالأداء يوقف سريان موعد
الطعن كما أن توصل المحامي بنسخة من الحكم وفق طلبه لا يعتبر تبليغا قانونيا لان
التبليغ القانوني لا يكون إلا لأطراف الدعوى وانه لا محل للمحامي في تبليغ الأحكام
خارج قاعدة المحكمة. كما أن تبليغ الحكم بواسطة محامي الطرف هو تبليغ غير صحيح و
لا تترتب عنه أثار قانونية عملا بمقتضيات المادة 137 من ق م م[16].
المبحث الثاني: إشكالات التبليغ و آثارها على سلامة الإجراءات
لم تكن النصوص المسطرية واضحة بالشكل المطلوب لكي
لا تقف حجر عثرة أمام المتقاضين و تطيل أمد نزاعاتهم باستغلال أحدهم للثغرات التي
تكتنفها, حيث أنها تثير العديد من الإشكالات على الصعيد العملي, نذكر منها من خلال
تناول كل طريقة على حدة(ماعدا التبليغ بواسطة المفوض القضائي, وما الإشكالات التي
يثير ) فما هي إشكالات التبليغ و ما هي الآثار المترتبة على الإخلال بسلامة
الإجراءات ، ؟؟ الإجابة ستكون في المطلبين التاليين :
المطلب الأول
: إشكالات التبليغ
المطلب الثاني: آثار التبليغ على
سلامة الإجراءات و الجهة المختصة في البت فيها
المطلب الأول: إشكالات التبليغ
اتناول في هذا المطلب الإشكالات
التي تثار بواسطة أعوان كتابة الضبط و
كذلك البريد المضمون و التبليغ بالطرق الإدارية و الدبلوماسية ، وذلك في الفقرتين التاليتين :
الفقرة الأولى : التبليغ بواسطة أعوان كتابة الضبط و البريد المضمون مع
الإشعار بالتوصل
أولا : التبليغ بواسطة أعوان كتابة
الضبط : عدم
كفاءة بعض الأعوان المكلفين بالتبليغ, إذ لا يملؤون غالبا شواهد التسليم
بالطريقة القانونية اللازمة, مما يؤدي ببطلان الكثير من التبليغات.
ثانيا : التبليغ بواسطة البريد
المضمون مع الإشعار بالتوصل: صعوبة تكييف عبارة أو ملاحظة "غير مطلوب «التي
يرجع الطي بها, هل يقصد بها رفض التسلم أو مجرد ملاحظة لا تفيد الرفض المذكور و
محكمة النقد حسن فعل عندما سار في قراراته مؤخرا إلى اعتبار
عدم المطالبة بالرسالة المضمونة رفضا, بالإضافة إلى أنه يمكن للعديد من
الأشخاص المعنيين بالتبليغ التملص و التحلل من آثاره بدعوى أن الظرف الذي توصل به
كان فارغا[17].
الفقرة
الثانية : التبليغ بواسطة السلطات الإدارية والدبلوماسية :
أولا :
التبليغ بواسطة السلطات الإدارية :أهم إشكال تثيره هذه الطريقة, هو عدم ملء شهادات التسليم
بالطريقة و الدقة اللتين يطلبهما القانون من طرف أعوان السلطة (الشيخ ,المقدم) إذ
غالبا ما تكون التبليغات التي يقومون بها محل
طعون و شكوك يرجع هذا الإشكال إلى عدة أسباب منها غلبة الأمية عليهم و كثرة المهام المناطة بهم إلى جانب التبليغ
كذلك عدم التنسيق بين السلطات القضائية و السلطات الإدارية, بالإضافة إلى اختلاف
التقطيع الإداري عن التقطيع القضائي.
ثانيا : التبليغ بواسطة السلطات
الدبلوماسية: تضطلع السلطات الدبلوماسية (وزارة الخارجية و السفارات و القنصليات)
بمهمة القيام بهذا النوع من التبليغ رغم أهميته فإنه يعرف بدوره العديد من
السلبيات نذكر منها البطء و طول الإجراءات و تعقيد المساطر(أجال طويلة: الفصل
41والفصل 136من ق.م.م المغربي ؛تعقد
المسطرة: تطلب التبليغ شهورا عديدة خاصة عندما يتعمد المبلغ إليه في كل مرة إلى
تغيير عنوانه أو موطنه تفاديا لكل ما قد يصدر ضده من أحكام أو قد يتخذ ضده من
إجراءات).
الفقرة الثالثة : التبليغ بواسطة
القيم و الموجه المحامي و القاصر
أولا: التبليغ بواسطة القيم: أول صعوبة تطغى هذه الطريقة ,هو
عدم تطبيق هذه المسطرة بالشكل المطلوب ,لأنه عادة ما يكون جواب القيم عندما يتم
الاســــتماع إليه بخصوص ما أقدم عليه من خطوات في البحث عن الطرف المتغيب ,من طرف
الجهة التي عينتـــه التي قد تكون رئيس المحكمة الابتدائية في حالة تبليغ الأحكام
أو القرارات, أو القاضي المقرر بالنسبة للمحاكم الابتدائية و المستشار المقرر
بالنسبة لمحاكم الاستئناف خلال مرحلة الدعوى, متضمنا لعبارة:
«عدم العثور على المعني بالأمر" رغم أنه لم
ينصب عليه إلا فترة قصيرة لا تكفي لإجراء البحث الكافي و التحري اللازم.
بالإضافة إلى ما ذكر فالواقع يكشف
إشكالية أخرى و هو تساهل بعض المحاكم أحيانا في اللجوء إلى هذه المسطرة بسبب ضغط
كثرة الملفات حيث غالبا ما تبلغ الاستدعاءات إلى كتاب الجلسات و أمام كثرة الإشغال المكلفين بها لا يتسنى لهم
إنجاز المطلوب بالقيام بالأبحاث الضرورية من حيث النهوض بمسطرة القيم وفق
الإجراءات التي حددت لها وأكثر من ذلك فمن المحاكم من تكتفي بالتعيين الشكلي للقيم
الذي يسند النظر عن هذه المسطرة بنفس الجلسة و تصدر أحكامها بناء على ذلك مما
يستوجب إعادة النظر فيمن يتم تعيينه كقيم هل هو أهل لهذه المسؤولية. نفس الشيء نلامسه في دور النيابة العامة,
فدورها قاصر لأنها تكتفي بالبيانات الواردة من الضابطة القضائية فقط دون القيام
بالبحث اللازم و الدقيق.
وكذلك يلاحظ عمليا اكتفاء القيم
بمراسلة النيابة العامة و إغفال مراسلة السلطات المحلية أو العكس ,مع أن المشرع
يلزمه بالإجراءين معا من خلال استعماله للواو بدل "أو «التخييرية من أجل
توفير ضمانات أكثر في البحث عن الطرف المتغيب, فالتوصل بجواب في حالة مراسلة
الجهتين من أحدها يطرح بعض الإشكال, فكيف
الحال بمراسلة أحدها[18] .
تسليم الاستدعاء إلى أقارب أو خدم
المبلغ إليه: بالنسبة للأقارب لم تحدد الفقرة الأولى من الفصل 38 من ق.م.م المغربي درجة القرابة بالنسبة للقريب الذي له
الصفة في التسلم مع أنه غالبا ما يعمد المشرع إلى تحديدها في في عدة مسائل(كجريمة
عدم التبليغ عن الجرائم الإرهابية), كما أنه قد يحدث أن تكون هنالك عداوة بين هذا
القريب و المعني بالاستدعاء.
أما ما يتعلق
بالخدم (و إن كان الوضع الحالي الذي يشهد تطور حقوق الإنسان), يستدعي من المشرع
المغربي حذف هذه الكلمة واستبدالها مثلا بكلمة "الأجير" حسب رأينا) فإن
الفقرة أعلاه لم تضع تعريفا له مما يطرح الصعوبة في بعض الأمثلة كالمثال الذي يطاب فيه أحد الأشخاص
بستانيا للعناية بحديقته لبضعة أيام, و صادفت هذه الأيام أن بعث الاستدعاء إلى
صاحب المنزل, فهل للبستاني الصفة في التسلم مادام خادما و الحالة هذه لدى المعني
بالأمر أم لا؟ و ثمة قرارات قضائية عدة صدرت حول هذا المثال المذكور[19].
ثانيا :التبليغ الموجه للمحامي و
للقاصر :عرفت محكمة النقد تضاربا في الآراء بخصوص تبليغ
المحامي, فالرأي الأول ذهب إلى اعتبار تبليغ المحامي إلى مكتبه صحيحا لأنه الموطن
المختار للموكل[20],أما الرأي الثاني فذهب إلى ترجيح
الموطن المختار الخاص بتنفيذ بعض الإجراءات كما هو الشأن بالنسبة لتبليغ الحكم
التمهيدي[21]. ولم يرتب الرأي الثالث أي أثر
على التبليغ الواقع للمحامي و اعتبر التبليغ المذكور غير صحيح[22].
ويتماشى الرأي
الأول مع المنطق و مع مقتضيات الفصل 38 من ق.م.م الذي ينص على أن يتم التبليغ إلى
الشخص نفسه أو في موطنه, وإن لم يبين المشرع طبيعة الموطن الوارد في النص المذكور,
ومادام أنه يمكن لكل شخص يسكن مع المراد تبليغه تسلم التبليغ فبديهي أن يتم التبليغ للمحامي الذي هو وكيل و ممثل
المعني بالأمر للدفاع عن مصالحه أمام القضاء.
وبخصوص القاصر, وأمام عدم اشتراط
المشرع المغربي للأهلية الكاملة في المتسلم للتبليغ, فإن محكمة النقد اعتبر تسلم
بنت الطاعن للتبليغ رغم قصورها تسلما صحيحا و بالتالي يعد التبليغ قانونيا و منتجا
لكافة اثاره[23] ,ويتعين على المشرع حسب بعض
الفقه [24] التنصيص على سن التمييز كشرط
لتسلم التبليغ, في الفصل 38 من ق.م.م لوضع حد للآراء المتضاربة و التأويلات التي
يثيرها تسليم التبليغ للقاصر غير المميز.
[1] - الحسن بويقين، إجراءات التبليغ فقها وقضاء، ص: 2.
[2] - عبد الله العيدوني، مسطرة بطلان إجراءات التبليغ في ضوء العمل
القضائي المغربي، مقال منشور بمجلة كتابة الضبط العدد الرابع والخامس سنة 2000،
مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص: 12.
[3] - أولاد بن عبد الرحمن مريم، إجراءات التبليغ والتنفيذ في المادة المدنية
والتجارية، بحث لنيل شهادة الماستر، جامعة عبد المالك السعدي، السنة 2007-2008، ص:
8.
[4] الفصول 37/38/39 من
قانون المسطرة المدنية المغربي .
[6] - الطيب برادة, إصدار الحكم المدني و صياغته الفنية
في ضوء الفقه و القضاء, منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية, الرباط,
طبعة 1996( ع.ط.غ.م), ص 487.
[7] - إبراهيم أسعد القانون القضائي الخاص/ منشأة المعارف
الإسكندرية , مصر, ج 1 / 1972 , ص 702.
[8] - 1 و 2 مذكوران في مؤلف " الشرح العملي لقانون
المسطرة المدنية" للدكتور عبد الكريم الطالب, ط أبريل 2009, ص 175.
[9] - بوبكر بهلول، م. س، ص: 9.
[10] الفصل 440 من
قانون المسطرة المدنية المغربي
[11] طبقا للفصل
50 من قانون المسطرة المدنية المغربي
[12] طبقا للفصل 142 من قانون المسطرة
المدنية المغربي
[13] طبقا للفصل 50 من قانون المسطرة
المدنية المغربي
[14] (الفصل 818 من قانون الالتزامات والعقود المغربي
).
[15] - تبليغ الأحكام القضائية وفق القانون المغربي –
منتدى القانون العماني بتاريخ 06/02/2011.
[16] - منتديات ستار تايمز : تبليغ الأحكام القضائية وفق
القانون المغربي بتاريخ 26/02/2011.
[17] - عبد الكريم الطالب, مرجع سابق, ص181 وذكر بعض المراجع لمزيد من
الإطلاع:
-عبد
الجبار الشجعي,رفض رسالة مضمونة أو عدم سحبها,أهمية هدا و داك من الناحية
القانونية,مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون,ع4,سنة1995,ص248 و مابعدها. -الحسن
بويقين,إجراءات التبليغ فقها و قضاء,مطبعة النجاح الجديدة,الدار
البيضاء,ط1/2002,ص87 و مابعدها. -حسن البكري,إشكالات قانونية في التبليغ من خلال
العمل القضائي,مطبعة النجاح الجديدة,الدار البيضاء,1/2003,ص250 و ما يليها.
[18] - الرافة وتاب,مرجع سابق,ص92-95.
[19] - قرار بتاريخ 12/06/1986 ملف عدد 141/86 منشور بمجلة المحاكم
المغربية,ع49,ماي-يونيو1987,ص81.
[20] - القرار 1057,بتاريخ 25/05/1983,ملف عدد84585,منشور بمجلة ق.م.ع.
عدد32,ص39 و مايليها.
[21] - القرار عدد 163بتاريخ 06/02/1989, ملف مدني عدد 8279/87, منشور
بمجلة الإشعاع, ع1, سنة 1989, ص61 و ما بعدها.
[22] - القرار رقم 1609بتاريخ10/12/1991,ملف عقاري عدد 8279/87,منشور
بمجلة المرافعة,ع6,يونيو1997.
[23] - القرار عدد254, منشور مجلة ق.م.ع. عدد 30 سنة 07 ص8 وما بعدها
[24] - عبد الكريم الطالب,مرجع سابق,ص188.