القواعد الخاصة بالبحث التمهيدي في قضايا
الأحداث: الإشكالات والحلول
The
administrative judge between the requirements of protecting public money and
dedicating judicial security
يوسف تملكوتان / دكتور في القانون الخاص: تخصص العلوم الجنائية.
Youssef
TAMALKOUTAN
ملخص البحث: لقد أبانت التجربة العملية في عدالة الأحداث
عدة إشكالات تتعلق بتطبيق المقتضيات القانونية الخاصة بحماية الأحداث أثناء
مرحلة البحث التمهيدي، هذه الصعوبات أفرزها في بعض الأحيان النقص الحاصل في النصوص
التشريعية، من قبيل عدم تدقيق المشرع في شروط الإحتفاظ بالحدث وطول مدته
وتمديدها، مع غياب بعض الآليات القانونية التي يمكن أن تعزز الحماية لفائدة
الأحداث كإجراء الفحص الطبي لما له من أهمية في الوقوف على مدى إمكانية قدرة
الحدث على تحمل إجراء البحث وتحديد سنه في حالة عدم التمكن من معرفته في اللحظة
الأولى من القبض عليه من طرف ضباط الشرطة القضائية، وبطبيعة الحال ومن أجل بلوغ
هذه الغايات وبهدف السهر على تفعيل كل الضمانات الممنوحة للحدث يتطلب الأمر
تعزيز صلاحيات ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث بما يضمن لهم الفعالية
والنجاعة في عملية البحث والحيلولة دون بطلان إجراءاته.
|
|
Abstract: The
practical experience in juvenile justice has revealed several problems
related to the application of the legal requirements associated to the
protection of juveniles during the preliminary research phase. These
difficulties were sometimes caused by the lack of legislative texts, such as
the legislator’s lack of scrutiny of the conditions for keeping the juvenile
and its length and extension, with the absence of some legal mechanisms that
can enhance protection for the benefit of juveniles, like conducting a
medical examination because of its importance in determining the extent of
the juvenile’s ability to withstand conducting the research and determining his
age in case that it is not possible at the first moment of his arrest by the
judicial police officers, in order to achieve these goals and to ensure that
all the guarantees granted to juveniles are implemented, it is necessary to
strengthen the powers of the judicial police officers in charge of juveniles
in a way that guarantees them effectiveness and efficiency in the search
process and prevents the invalidity of its. |
مقدمة :
تهدف إجراءات البحث التمهيدي إلى
تكريس مبادئ الحفاظ على السلامة الجسدية والنفسية التي توخاها المشرع من خلال سنه
للإجراءات القانونية التي يتم اتخاذها في حق الحدث، لذلك تحرص معظم التشريعات
الجنائية على التطبيق السليم لإجراءات البحث تحقيقا للبعد التربوي الذي جاءت به
الفلسفة الحمائية في مجال عدالة الأحداث.
إن التطبيق السليم للضمانات
القانونية الممنوحة للحدث يعتبر عاملا أساسيا في حسم عملية إعادة الإدماج داخل
المجتمع، وبالرغم من بذل المشرع لمجهودات
في سعيه نحو تعزيز الآليات القانونية الممنوحة لحماية الحدث[1]،
إلا أن العديد من هذه المقتضيات المنصوص عليها في ق.م.ج بحاجة إلى المراجعة [2]
تجاوزا لبعض الصعوبات العملية في هذا المجال.
وتجد هذه المراجعة أهميتها فيما
يشهده المغرب في الآونة الأخيرة من مستجدات حقوقية هامة تمثلت بالأساس في الدستور
الجديد للمملكة سنة 2011، الذي أفرد حيزا مهما لمجموعة من الحقوق والحريات، ووضع
آليات لحمايتها وضمان ممارستها كما أقرته المواثيق الدولية والاتفاقيات التي
التزمت بها المملكة[3].
إن موضوع تعزيز الضمانات القانونية
الممنوحة للحدث خلال مرحلة البحث التمهيدي يكتسي أهمية ترجع أساسا إلى كون أن
عدالة الأحداث مطالبة دوما بالميل نحو تحقيق حماية كافية للحدث وتغليب المقاربة
التربوية على المقاربة الزجرية، وذلك بطبيعة الحال دون إغفال المصلحة الإجتماعية
للوقاية من الجريمة والحد منها، كما أن الموضوع يستهدف فئة خاصة في أمس الحاجة إلى
الحماية والتتبع قصد مساعدتهم في الخروج من شبح الجريمة، خصوصا وأن جرائم هذه
الفئة في تزايد مخيف في الآونة الأخيرة[4].
ولهذا ومن جانبنا نأمل من خلال هذا
المقال المساهمة علميا ولو بقدر بسيط في اقتراح بعض الحلول تهدف إلى تطوير أداء
العدالة الجنائية فيما يخص الضمانات القانونية الممنوحة للحدث في مرحلة البحث
التمهيدي وتطوير مهام الأجهزة الساهرة على ذلك.
ومن هذا المنطلق فإن موضوع
الضمانات القانونية الممنوحة للحدث ما زال يطرح مجموعة من الإشكالات المتعلقة
بحماية الحدث، خاصة أن عدالة الأحداث ما زالت تطالب بالبحث في مكامن الخلل الذي قد
تعاني منه نتيجة النقص المفترض في النصوص التشريعية وفي بعض الأحيان في التطبيق
العملي لهذه النصوص.
إذن كيف يمكن تعزيز الضمانات
القانونية الممنوحة للحدث أثناء مرحلة البحث التمهيدي؟
إن الجواب عن الإشكالية المطروحة
يتوجب تقسيم الموضوع وفق ما يلي :
المبحث الأول : تجاوز الإشكالات
المرتبطة بإجراءات الاحتفاظ بالحدث أثناء مرحلة البحث التمهيدي.
المبحث الثاني : تجاوز الإشكالات
المرتبطة بمهام ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث.
المبحث الأول:
تجاوز الإشكالات المرتبطة بإجراءات الاحتفاظ بالحدث أثناء مرحلة البحث التمهيدي
إن من بين التحديات المطروحة في
عدالة الأحداث هي إبعاد الحدث ما أمكن عن ظروف الاحتجاز والاعتقال، وتحقيقا لذلك
عمد المشرع المغربي إلى إقرار شروط اللجوء إلى الاحتفاظ بالحدث بمخافر الشرطة وذلك
عندما نص على ضرورة احترام الضابطة القضائية لمقتضيات المادة 460 من ق.م.ج.
وبما أن المصلحة الفضلى للحدث دائما ما تقتضي
تعزيز الضمانات المخولة له، فإنه يتعين على المشرع السعي نحو التقليص من نطاق الاحتفاظ
بالحدث (المطلب الأول)، بالإضافة إلى تمكين الحدث من إجراء فحص طبي (المطلب
الثاني) في حالة ما تم الاحتفاظ به في مرحلة البحث التمهيدي لما لهذا الإجراء من
أهمية في الحفاظ على السلامة البدنية للحدث وتجنيبه مساوئ الاحتجاز.
المطلب الأول
: التقليص من نطاق الاحتفاظ بالحدث
لعل من أهم الآليات التي يمكنها من
تقليص إجراء الاحتفاظ بالحدث هو التدقيق في شروطه (الفقرة الأولى)، والتقليص من
مدة الاحتفاظ وعدم تمديدها (الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى
: التدقيق في شروط الاحتفاظ بالحدث
من خلال المادة 460 من ق.م.ج يتضح
بأن المشرع المغربي أعطى لضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث إمكانية
الاحتفاظ بالحدث المنسوب إليه الجرم، وذلك بعد حصوله على إذن من النيابة العامة،
وذلك في حالة إذا تعذر تسليمه لمن يتولى رعايته أو كانت ضرورة البحث أو سلامة
الحدث تقضي ذلك.
إن المشرع المغربي أقر ضمانة
حمائية للحدث عندما عمد إلى تقليص سلطة الشرطة القضائية المكلفة بالأحداث عند
اتخاذها لإجراء الاحتفاظ عن طريق الحصول على إذن النيابة العامة، إلا أنه
وبالمقابل لم يشترط للاحتفاظ وجود دلائل أو قرائن تدل عن ارتكاب الحدث أو محاولة
ارتكابه للجريمة، كما هو الشأن بالنسبة للمشرع الفرنسي.
إن تحديد الشروط التي تستوجب
الاحتفاظ بالحدث من قبل الضابطة القضائية يعزز الضمانات الممنوحة للحدث في مرحلة
البحث التمهيدي، وتجنيبه ما أمكن ظروف الاعتقال ومخاطره، ومن ثم يجب على المشرع
المغربي أن يعيد النظر في الإجراءات المتعلقة بالاحتفاظ ومراجعة الشروط الخاصة به
بما في ذلك حماية في المصالح الفردية للحدث وضمان حريته الشخصية.
بعد أن منح المشرع المغربي لضباط
الشطة القضائية المكلفين بالأحداث سلطة اتخاذها لإجراء الاحتفاظ بالحدث وفق
الضوابط القانونية المشار إليها أعلاه، يكون قد صرف النظر عن خطورة الأفعال التي
تنسب إلى الحدث، سواء كانت مجرد مخالفات، أو جنح أو جنايات، والواقع يجب أن
يكون المشرع قد حدد الجرائم التي يمكن الاحتفاظ بموجبها بالحدث.
بالرجوع إلى المقتضيات العامة
للحراسة النظرية نجد أن مقتضيات المادة 66 من ق.م.ج تنص على أنه "إذا تعلق
الأمر بجناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس... فله أن يضعه تحت الحراسة
النظرية..."، ومنه فإن تطبيق هذه المقتضيات على الرشداء والأحداث على حد سواء
يكون فيه مس بخصوصيات الأحداث، وعدم مراعاة التناسب بين خطورة الجريمة والعواقب
القانونية المنتظرة في حالة ثبوتها والحكم من أجلها، وبالتالي كان حري بالمشرع
المغربي تقليص الجرائم التي بموجبها الاحتفاظ بالحدث.
وذهب بعض الفقه[5]
إلى أن الاحتفاظ يجب أن يكون محصورا في الجنايات وحدها دون الجنح.
وفي هذا الإطار، نأمل أن يقلص
المشرع المغربي من الجرائم التي بموجبها يتم الاحتفاظ بالحدث، وذلك بتحديدها في
الجنايات مع مراعاة مراحل المسؤولية الجنائية بحسب تدرجها القانوني.
الفقرة الثانية: التقليص من مدة الاحتفاظ
بالحدث وعدم تمديدها
تجمع أغلب الكتابات الفقهية أن مدة
الاحتفاظ لا يمكن تمديدها[6]،
وإنما قصد المشرع الإحالة على المدة الأصلية للحراسة النظرية دون أن تشتمل
التمديد، حيث لا يحتمل تأويل مقتضيات المادة 460 من ق.م.ج ولا يجوز التوسع في
تفسيرها لارتباطها بشكل وثيق بحقوق وحريات الأفراد، كما أن لزوم المشرع الصمت حيال
شكليات التمديد أو مدته لا يمكن الركون فيها إلى مجرد الترجيح إذا كان هذا التدبير
هو إجراء استثنائي، والقاعدة أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فيه، إضافة إلى
أن استثنائية التدبير لا تسمح باللجوء إليه إلا إذا تعذر تسليم الحدث لمن يتولى
رعايته، أو كانت ضرورة البحث أو سلامة الحدث تقتضي ذلك[7]،
ومواجهة جنوح الأحداث كسلوك انحرافي عرضي وقابل للإصلاح بتدبير استثنائي يقيد حرية
الحدث ويعيق الحماية المكفول له.
لهذا فالحسم
في الجدل المثار حول مدة الاحتفاظ وتمديدها، يستوجب تدخل المشرع الجنائي بنص صريح[8]
لا يدع مجالا للتعويض أو الإحالة على مقتضيات أخرى[9]،
للتقليص من هذه المدة بما يناسب هذا الاستثناء والاقتصار على مدة أصلية للاحتفاظ
لا تتعدى 24 ساعة غير قابلة للتمديد سوى بالنسبة للجنايات، وفي حدود ضيقة تتناسب
الوقت اللازم لتقديم الحدث أمام الجهة القضائية المختصة، وبحسب المراحل العمرية
التي تتدرج معها المسؤولية الجنائية للحدث[10].
لما كانت
ضرورة الوقاية من الآثار النفسية التي قد تضر بالحدث إذا بقي بمخافر الشرطة تبنى
المشرع المغربي إجراء الحراسة المؤقتة الذي بموجبه يمكن للنيابة العامة استبدال
تدبير بإجراء الاحتفاظ إذا كانت ضرورة البحث تقضي ذلك لمدة لا تتجاوز 15 يوما. لعل تدبير الحراسة المؤقتة يعد ضمانة للحدث بحيث تجنبه
الآثار الوخيمة على نفسيته، خصوصا عندما يحتفظ به في أماكن تفتقر إلى أدنى شروط
الصحة والسلامة، إلا أن هذه المدة (15 يوما) المقررة لهذا التدبير تعد مدة طويلة
وتشكل تداخلا مع نظام الاعتقال الاحتياطي[11].
ومن ثم يجب على المشرع أن يعيد
النظر في هذه المدة وتقليصها، حفاظا على المصلحة الفضلى للحدث.
المطلب الثاني:
التنصيص على ضرورة إجراء فحص طبي للحدث قبل إجراء الاحتفاظ
إن من بين أهم
الأهداف التي يمكن تحقيقها من الضمانات المخولة للحدث أثناء البحث التمهيدي هو
الحفاظ أولا على سلامته البدنية، لذلك فإن إجراء الفحص الطبي يعتبر ذو أهمية كبيرة
في معرفة مدى تحمل القدرة البدنية للحدث لإجراءات البحث (الفقرة الأولى)، وتزداد
هذه الأهمية عندما يصبح الفحص الطبي آلية لتحديد سن الحدث الحقيقي في حالة انعدام
الوسائل المعتمدة لإثباته (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:
أهمية الفحص الطبي في معرفة القدرة البدنية للحدث في تحمل إجراءات البحث
إن تمكين
الحدث المحتفظ به من إجراء فحص طبي عليه قد يشكل أحد أهم الضمانات التي يمكن أن
يستفيد منها خلال مرحلة البحث، فلا يخفى على أحد ما يمكن أن يتعرض له الشخص
المعتقل سواء كان راشد أو حدثا في مخافر الشرطة من تعذيب وسوء معاملة وهو أمر مخل
لما أقرته المواثيق الدولية :[12]
وبالتالي فهذا
الإجراء من شأنه أن يحد من هذه الممارسات ويعطي مصداقية أكثر للمحاضر المنجزة بصدد
هذا الإجراء، بالإضافة إلى معرفة الحالة الصحية للحدث وقدرته البدنية على تحمل
إجراءات البحث.
ورغم ما لهذا
الإجراء من أهمية، فالمشرع المغربي لم ينص على إمكانية استفادة الحدث المحتفظ به
تحت الحراسة النظرية من فحص طبي، بل خول له هذا الحق عندما يمثل أمام النيابة
العامة. ولذلك أوجب المشرع المغربي على الوكيل العام للملك قبل الاستنطاق إحالة
الحدث على فحص يجريه طبيب، وذلك في حالة ما إذا قدم له حدث في إطار حالة تلبس
بجناية[13]،
أو في حالة ما إذا قدم له حدث في إطار التلبس بجنحة[14]،
وكان يحمل آثار ظاهرة للعنف، أو إذا اشتكى هو نفسه أو محامي من وقوع عنف عليه.
إن منح الحدث حق إجراء فحص طبي قبل
الاحتفاظ به وإخضاعه للحراسة النظرية تعد ضمانة قانونية وتشكل حماية له، لذلك ذهب
المشرع الفرنسي[15]
إلى اعتبار هذا الفحص إجباريا بالنسبة للحدث الذي يوضع تحت الحراسة النظرية، ويمنح
الطبيب بموجبه شهادة طبية تثبت قدرة الحدث البدنية على تحمل إجراء الاحتفاظ.
وعليه، فتخويل الحدث المحتفظ به
إمكانية عرضه لفحص طبي له هدفان أساسيان، فهو تدبير وقائي في بداية الأمر للوقوف
على الحالة الصحية للمشتبه فيه الحدث، وعلى مدى تحمله لإجراء الاحتفاظ والاستنطاق
المرافق له، وهو ذا هدف رقابي للوقوف على إمكانية وجود آثار ضرب أو جرح أو اعتداء
على جسد الحدث المحتفظ به الذي قد يكون تعرض له في مخافر الشرطة.
وعلى أية حال يبقى الحدث المحتفظ
به في مرحلة البحث التمهيدي مستفيدا من فحص طبي أمرا ضروريا، لذلك ندعو المشرع
المغربي إلى:
§ تمكين
الحدث المحتفظ به من طلب عرضه على فحص طبي وذلك منذ لحظة القبض عليه، وفي الساعات
الأولى من الاحتفاظ، وتجديده كلما اقتضت ذلك الحالة الصحية للمعني بالأمر أو ظروف
تنفيذ هذا الإجراء، وذلك تماشيا مع التشريعات المقارنة، ومع المبدأين 24 و25 من
مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال
الاحتجاز أو السجن[16]،
والهدف من هذا الفحص الطبي هو التأكد من الحالة الصحية للحدث المشتبه فيه عند وضعه
تحت إجراء الحراسة النظرية لمعرفة ما إذا كان المعني بالأمر له القدرة البدنية على
تحمل إجراء الاحتفاظ ومدته.
§ وجوب
إعلام ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالحدث المشتبه فيه بحقه في طلب إجراء الفحص
الطبي أو من طرف محاميه.
§
ضرورة إعداد تقرير طبي عند نهاية
الفحص.
وإذا كان الاحتفاظ هو الإجراء
البارز في مرحلة البحث التمهيدي الذي تمس فيه الحرية الشخصية للحدث، فإن التشريعات
المقارنة عززت ضمانات هاته المرحلة بتفادي كل مشكل من أشكال الإيذاء بالاستعانة
بوسائل تقنية تعمل على التسجيل السمعي البصري[17]
لمراحل استجواب الحدث من طرف ضباط الشرطة القضائية[18]،
وإرفاق القرص المدمج بالملف المحال على النيابة العامة لضمان مشاهدة محتوياته قبل
جلسة الحكم، وذلك في حالة المنازعة والطعن في محتوى محاضر الاستماع للحدث.
وبالمقابل فإن المشرع المغربي أسس
لعملية التسجيل السمعي البصري من طرف ضباط الشرطة القضائية لاستجوابات الأشخاص
المودعين تحت الحراسة النظرية المشتبه ارتكابهم جنايات أو جنح، إذ من المنتظر أن
يحمل التعديل المقترح ل ق.م.ج[19]،
إضافة مادة جديدة تلزم إرفاق المحضر بنسخة من التسجيل، بوضعه في غلاف مختوم لتضم
إلى وثائق الملف.
علاوة على ما سبق، يمكن إجراء هذا
الفحص من تجاوز الإشكالية المتعلقة بتحديد السن والتي على ضباط الشرطة القضائية
معرفة السن الحقيقي للحدث وتقديره قبل إحالته للمحاكمة، ومن ثم يمكن إجراء الفحص
الطبي حل مشكل إثبات السن والتي يتحمل فيها ضباط الشرطة القضائية المسؤولية
الأولية في تحديد سن الأحداث عندما لا يكونون متأكدين من السن لحظة إلقاء القبض
عليه.
الفقرة الثانية:
الفحص الطبي كآلية لتحديد سن الحدث الحقيقي في حالة انعدام الوسائل المعتمدة
لإثباته
إن من بين الإشكاليات المطروحة في
قضايا الأحداث إشكالية تحديد سن الرشد الجنائي في حالة انعدام الوسائل المعتمدة
لإثباته أو في حالة وجود هذه الوسائل لكن يقع خلاف أو شكوك حولها، مما يطرح أمام
القاضي عند تحديد سن الحدث إشكالية تحديد الوقت الذي بموجبه يمكن تحديد
سنه، ويزداد الأمر تعقيدا عند وقوع القاضي في حالة الخطأ عند تقدير سن الحدث
أو في حالة شكه.
لقد ظهرت هذه الإشكالية كعامل
رئيسي في التأخيرات التي تحدث عند البت في قضايا الأحداث إذ تؤدي لوقوع تجاوزات في
هذه الإجراءات المتبعة، ويتحمل ضباط الشرطة القضائية المسؤولية الأولية عند تحديد
سن الأحداث عندما لا يكونوا متأكدين من سن الحدث لحظة إلقاء القبض عليه، باعتبارهم
الجهاز الأول الذي يلتقي بالحدث في أولى مراحل مباشرة إجراءات العدالة الجنائية.
[1]- رغم
المجهودات المبذولة من مختلف الفاعلين في مجال حماية الطفولة، فقد لوحظ أن العديد
من الأطفال لا يلجون بسهولة لمرافق وخدمات الحماية، حيث تظل استفادتهم في هذا
المجال ضعيفة، ويمكن ربط هذا بوجود عدة إكراهات نجمل أهمها في ضعف التطبيق الفعلي
للقوانين لأسباب مرتبطة بقدرات وكفاءات الموارد البشرية وحجم الموارد المالية
واللجوستيك من جهة، بالإضافة إلى محدودية اطلاع مجموعة من الفاعلين والأسر على
المساطر والإجراءات القانونية ذات الصلة بحماية الطفولة. السياسة
العمومية المندمجة لحماية الطفولة بالمغرب، وزارة التضامن والتنمية الإجتماعية
والمساواة والأسرة، ص: 14، منشور بالموقع الإلكتروني الرسمي للوزارة على الرابط
المباشر التالي:
http://www.social.gov.ma/sites/default/files/PPIEM_Ar%20280316.pdf، أطلع عليه بتاريخ 3-11-2021.
[2]- محمد
الإدريسي العلمي المشيشي، دراسة حول ملاءمة قانون المسطرة الجنائية مع مبادئ حقوق
الإنسان، منشورات المجلس الوطني لحقوق الإنسان سلسلة الدراسات، ص: 312.
[3]- مذكرة تقديم مسودة مشروع قانون يقضي بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية،
وزارة العدل والحريات، المملكة المغربية، ص:2.
[4]- وهذا ما تم تأكيده من خلال إحصائيات واردة في تقرير رئيس النيابة العامة
حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة برسم سنة 2017، ص: 113، منشور
بالموقع الإلكتروني الرسمي لرئاسة النيابة العامة على الرابط المباشر التالي:
- /إصداراتwww.pmp.ma/أطلع
عليه بتاريخ 08-12-2021.
[5]- محمد الإدريسي العلمي المشيشي، مرجع سابق، ص: 328.
[6]- شرح قانون المسطرة الجنائية، وزارة العدل، ج الأول، مطبعة النجاح الجديدة،
منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية، سلسلة المعلومة للجميع، الرباط،
الطبعة الثانية، العدد 7، 2005، ص:228.
[7]- بالرغم من القيود القانونية الخاصة بتدبير الاحتفاظ فإنه يلاحظ اللجوء إليه
باستمرار في قضايا الأحداث، حيث يدفعنا للتساؤل ما إذا كانت الضمانات دائما غير
كافية لحضور الحدث في باقي الإجراءات المسطرية اللاحقة مما يدفع النيابة العامة
إلى اختيار هذا التدبير السهل بدل البحث عن بدائل قد لا تكون يسيرة من الناحية
العلمية.
[8]- أقرت مسودة مشروع ق. م.جفي المادة 460 في فقرتها الثانية بإمكانية تهديد
الاحتفاظ استثناء لفترة لا تتجاوز مدة التمديد المقررة للحراسة النظرية بعد إذن
النيابة العامة، والاستماع إلى الحدث مباشرة عند التقديم أو باستعمال تقنية
الاتصال عن بعد.
[9]- يميز المشروع الفرنسي بين ثلاث مراحل عمرية فيما يخص مدة الاحتفاظ أو الوضع
تحت الحراسة النظرية بالنسبة للأحداث و نقسم على الشكل التالي :
-
الحدث بين 10 و 13 سنة يحتفظ به لمدة 10 ساعات، وتمدد لنفس المدة مرة واحدة
بقرار معلل من قبل القاضي المختص.
-
الحدث من 13 إلى 16 سنة، يوضع تحت الحراسة النظرية لمدة 24 ساعة قابلة
للتمديد لمدة 24 ساعة كحد أقصى ولمدة واحدة فقط إذا كانت الجريمة المعاقب عليها
بخمس سنوات، أما إن كانت أقل من ذلك فلا يجوز تمديد مدة الاحتفاظ الأصلية.
-
الحدث من 16 إلى 18 سنة، يوضع لتدبير الحراسة النظرية لمدة 24 ساعة وتمدد
لاثني عشر ساعة مرة واحدة، أما إذا كان مساهمين ومشاركين بالغين سن الرشد، فإن مدة
الحراسة النظرية تكون 48 ساعة تمدد مرة واحدة لنفس الفترة، (المادة 706-88 من
ق.م.ج الفرنسي و التي تحيل عليها المادة الرابعة من أوامر 2 / 2 /1945).
[10] - JOSEPH Bondeau, Vers un
triple régime de la grande à une des mineurs, du pal. du 25- 30/08/1994,
doctrine. p: 2.
[11]- محمد الإدريسي العلمي المشيشي، مرجع سابق، ص: 328.
[12]- أقرت الفقرة الثالثة من المادة 10 من قواعد بكين على أنه: " تجري
الاتصالات بين الجهات المنوط بها نفاذ القوانين والمجرم الحدث على نحو يكفل احترام
المركز القانوني للحدث وييسر رفاهه ويتفادى إيذاءه على إيلاء الاعتبار الواجب
لملابسات القضية".
[13]- المادة 73 منق.م.ج.
[14]- المادة 74 منق.م.ج.
[15]- الفقرة 3 من المادة 4 من أوامر 02/02/1945 الفرنسي.
[16]- ينص المبدأ 24 على أنه " تتاح لكل شخص محتجز أو مسجون فرصة إجراء فحص
طبي مناسب في أقصر مدة ممكنة عقب إدخاله مكان الاحتجاز أو السحب وتوفر له بعد ذلك
الرعاية الطبية والعلاج كلما دعت الحاجة، وتوفر هذه الرعاية وهذا العلاج
بالمجان".
وينص
المبدأ 25 على أنه " يكون الشخص المحتجز أو المسجون أو لمحاميه الحق في أن
يطلب أو يلتمس هذا من سلطة قضائية أو سلطة أخرى وأن يوقع الفحص الطبي عليه مرة
ثانية أو يحصل على رأي طبي ثان ولا يخضع ذلك إلا لشروط معقولة تتعلق بكفالة الأمن
وحسن النظام في مكان الاحتجاز أو السجن".
[17]- لا يمكن الاحتجاج لعدم قبول التسجيل من طرف الحدث أو ممثليه القانونيين
باسم الحق في الصورة، كما يعتد بالقصور الجنائي الموجب للتسجيل السمعي البصري يوم
الاستماع للحدث من طرف ضباط الشرطة القضائية وليس بتاريخ وقوع الأفعال المتابع من
أجلها. أنظر:
- SOPHIE Courault,
Délinquance des mineurs : de la prévention à la sanction,Ed Sociales
Françaises - E.S.F, collection Les guides de l'intervention sociale,
novembre 2007, p :27.
[18] -loi
n° 2000–516, du 15/06/2006 renforçant la protection de la précomptions
d’innocence et les droits des victimes.
[19]- المادة 67-1 من مسودة مشروع تغيير وتتميم
ق.م.ج.