إثبات النسب بالبصمة الوراثية - إلياس الزكراوي


إثبات النسب بالبصمة الوراثية

Proof of parentage by genetic fingerprint

إلياس الزكراوي / باحث في سلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة.

ILYASSE Elzakraoui




إن أهم التمظهرات الحضارية للأمم ترجع ميدانيا وتقاس بمدى اهتمام تلك الأمم بالجانب الطفولي في التركيبة البشرية لمنظومتها الاجتماعية، ونظرا لما تكتسيه وضعية الطفل من أهمية، فإن المشرع حاول صياغة نصوص مدونة الأسرة، إلى أبعد ما يسمح به الوضع لملاءمة نصوصها مع المواثيق الدولية العامة، التي تنظم حقوق الإنسان ككل أو الخاصة التي تهدف إلى النهوض بأوضاع الطفل. وفي هذا الإطار تنص المادة الثامنة من اتفاقية حقوق الطفل على أنه "تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته واسمه وصلاته العائلية على النحو الذي يقرره القانون". والحفاظ على صلات الطفل العائلية تقتضي اتخاذ التدابير لإقرار حق الطفل في نسبه إلى أبويه[1].

ولا يختلف اثنان حول تكريم الله عز وجل للإنسان، كرمه حين خلقه وكرمه حين متعه بنعمة الأولاد حين جعل الرجل أبا وجعل المرأة أما، إذ يقول تعالى: "وهو الذي خلق من الماء بشرا وصهرا وكان ربك قديرا"[2].

ونظرا لأهمية الأولاد في العلاقة بين الرجل والمرأة فقد نص سبحانه وتعالى على وجوب نسبة الأولاد إلى آبائهم، واهتم بالأمر بأن وضع مجموعة من الأحكام، الغاية منها حماية الأنساب من الضياع، وصيانتها من الاختلاط حتى لا ينسب الولد لغير أبيه استنادا لقوله تعالى :"ادعوهم لابائهم هو أقسط عند الله"[3].

وعلى اعتبار أن الانسان اجتماعي أو كما يقول ابن خلدون مدني بطبعه، فإنه مما لا شك فيه أن هذه المدنية تتحقق أولا وقبل كل شيئ بمعرفة نسبه الذي ينتمي إليه، فلكي يستطيع الفرد البقاء والتفاعل داخل المجتمع، فإنه يحتاج إلى عدة قنوات اجتماعية تقوم بربطه في بناء المجتمع، ومن إحدى هذه القنوات النسب، فحتى يعيش ضمن مجتمع طاهر من حيث حالته المدنية، وحتى يشعر بأنه إنسان متكامل الجوانب لا يحس بنقص، لابد أن ينسب إلى أصله الحقيقي[4].

وقد أشارت مدونة الأسرة من خلال مقتضيات المادة 150 على أن النسب هو "لحمة شرعية بين الأب وولده تنتقل من السلف إلى الخلف"، وحتى تتحقق هذه الغاية وينسب الأولاد لآبائهم، يجب أن يكون ذلك عن طريق الاتصال المشروع بين الرجل والمرأة في إطار علاقة زوجية، خاصة وأن حقوق الأطفال ترتبط بوجود علاقة شرعية، وبنوة شرعية وفق ما أشارت إليه المادة 145[5] من مدونة الأسرة، فمتى كانت البنوة الشرعية اتبع الولد أباه في نسبه ودينه وثبت له الحق في التوارث ونتجت موانع الزواج، إضافة إلى ما يستتبع ذلك من حقوق وواجبات الأبوة والبنوة، من حضانة ونفقة وإسكان وتوجيه تربوي ورعاية مادية ومعنوية في الوقت الذي لا يترتب فيه عن البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية[6].

وقد أثار اعتماد التحليل البيولوجي للجينات البشرية[7]، كوسيلة من وسائل إثبات النسب أو نفيه، نقاشا مستفيضا، في أوساط الفقه القانوني المغربي الحديث في السنين الأخيرة، كما استقر القضاء المغربي قبل صدور مدونة الأسرة الجديدة، على عدم اعتبار الخبرة الطبية بكل أوجهها، من بين وسائل الإثبات الممكن اعتمادها في إثبات النسب، واستند هذا التوجه القضائي على عدم وجود نص قانوني صريح يقر ذلك[8].

وقد جاء في المادة 158 من مدونة الأسرة  أن النسب "يثبت بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين، أو ببينة السماع، وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية".

فبعد تضييق وسائل إثبات النسب وحصرها في أربع وسائل هي: الفراش والإقرار وشهادة العدلين وبينة السماع، حسب ما ورد في الفصل 89 من مدونة الأحوال الشخصية السالف الذكر، فإن المشرع  المغربي لم يحدد وسائل إثبات النسب حصرا في المادة 158 من مدونة الأسرة، حيث ذكر الوسائل الأربع السالفة وأضاف عبارة "وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية"، والمقصود هنا بالخبرة القضائية الخبرة الطبية مثل تحليل الحامض النووي الذي يعبر عنه بالبصمات الوراثية[9].

ويبدو أن المشرع المغربي تفادى استعمال لفظ الخبرة الطبية في المادة 158 السالفة الذكر، واستعمل لفظ الخبرة القضائية، والهدف من ذلك في نظري هو تقييد الخبرة الطبية بضرورة صدور أمر قضائي بها، حيث لا يلتفت للخبرة الطبية المنجزة بدون أمر قضائي.

من هنا يمكننا طرح الإشكالية التالية:

إلى أي حد يلجأ القضاء إلى اعتماد البصمة الوراثية لإثبات النسب باعتبارها دليل علمي في الإثبات ؟

إشكالية تتفرع عنها مجموعة من الأسئلة نذكر من بينها ما يلي:

§             ما مفهوم البصمة الوراثية وما حكم استخدامها في إثبات النسب؟

§            وما هي حجيتها في إثبات النسب؟

§            وما مدى إلزامية القاضي بالأخذ بنتائج الخبرة الطبية؟

§            وما الحل إذا ما تنازعت البصمة الوراثية مع الوسائل الشرعية لإثبات النسب؟

للإجابة عن هذه الإشكالية والتساؤلات ارتأيت تقسيم الموضوع إلى ما يلي:

المبحث الأول: ماهية البصمة الوراثية وحكم استخدامها في إثبات النسب

المبحث الثاني: دور البصمة الوراثية في إثبات النسب

 

المبحث الأول: ماهية البصمة الوراثية وحكم استخدامها في إثبات النسب

لعل موضوع البصمة الوراثية من أهم وأدق المواضيع المتصلة بالنسب، ذلك أن النسب وفقا للقواعد الشرعية والقانونية العامة له طرق إثباته، غير أن ما توصل إليه التقدم العلمي في تطبيقات الهندسة الوراثية، باتت قضية إثبات النسب بالبصمة الوراثية وحكم استخدامها من القضايا التي دعت إلى اجتهادات فقهية وتشريعية وقضائية واسعة.

إن اكتشاف البصمة الوراثية أصبح حجة علمية قاطعة في مجال إثبات النسب، فهي تمثل وسيلة علمية معاصرة عوضا عن القيافة المعتبرة شرعا طريقا في هذا المجال، لاعتماد الكثير من الفقهاء القدامى للقيافة كإحدى أوجه الخبرة، وقد كثرت المنازعات في اعتماد البصمة الوراثية كدليل أو كقرينة قاطعة لإثبات النسب في البحوث الفقهية، وفي القوانين الوضعية واجتهادات القضاء.

ولدراسة هذا الموضوع ارتأيت تناوله وفق مطلبين أتطرق من خلال المطلب إلى ما يتعلق بماهية البصمة الوراثية في إثبات النسب، ثم أدرس من خلال المطلب الثاني ما يتعلق بحكم استخدام البصمة الوراثية في إثبات النسب.

المطلب الأولى: ماهية البصمة الوراثية في إثبات النسب

تقليصا للهوة الناجمة عن جمود النصوص القانونية والتطورات المتسارعة التي فرضت نفسها في الميدان البيولوجي، عزز المشرع المغربي وسائل إثبات النسب القديمة بوسيلة علمية حديثة تتمثل في البصمة الوراثية، مستفيدا بذلك مما حققه التطور العلمي الباهر في مجال العلوم البيولوجية، وخطى بذلك خطوة جريئة مسايرا روح العصر ومتطلباته، ومستجيبا لتطلعات  بعض الفقه المعاصر، الذي كان يلح على إعمال الخبرة الطبية في مجال النسب حفاظا على الأنساب من الضياع وحماية لحقوق الأبناء والأمهات والآباء.

فما المقصود بالبصمة الوراثية لغة واصطلاحا؟ وما هي خصائصها الأساسية؟

 

الفقرة الأولى: مفهوم البصمة الوراثية لغة واصطلاحا

أولا: المفهوم اللغوي للبصمة الوراثية

تعد البصمة الوراثية من بين أهم مستجدات مدونة الأسرة، فبالرجوع إلى مقتضيات المدونة نجد أن المشرع المغربي ومسايرة منه للاكتشافات العلمية التي عرفها مجال العلوم البيولوجية، تم تفعيل مقتضيات الخبرة بشكل لافت للنظر على خلاف مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، التي لم تورد الخبرة إلا في فصلين هما الفصل 7 والفصل 76، ومن المجالات التي تم توظيف الخبرة فيها حسب مدونة الأسرة نذكر. مسألة ثبوت الزوجية[10]، ومسألة إثبات النسب.

و البصمة الوراثية مركب وصفي من كلمتين :" البصمة "و" الوراثية "[11]. فالبصمة لغة مشتقة من بصم بصما أي ختم بطرف أصبعه، والبصمة أثر الختم بالأصبع[12]. ومصطلح الوراثية مشتق من فعل ورث، وورث الشيء بمعنى صار إليه بعد الموت، والوراثة: هي انتقال الممتلكات والحقوق من شخص لآخر بعد الهلاك، سواء كانت مادية أم معنوية.

ثانيا: المفهوم الاصطلاحي للبصمة الوراثية

 يرى رأي فقهي أن البصمة الوراثية هي البنية الجينية التي تدل على هوية كل إنسان بعينه، ويمكن أخذها من أية خلية بشرية كالدم أو اللعاب أو المني أو البول....[13]. بينما يرى رأي آخر على أن البصمة الوراثية هي اختلاف في التركيب الوراثي لمنطقة الإنترون، وينفرد بها كل شخص تماما وتورث، فالطفل يحصل على مزج اختلافين نصف من الأم ونصف من الأب، ليكونا مزيجا جديدا يجمع بين خصائص الأب والأم[14].

فيما يرى رأي آخر أن البصمة الوراثية هي تلك المادة المورثة، الموجودة في خلايا جميع الكائنات الحية، مثل الدم و الشعر والأنسجة إلى غير ذلك. وهي تبين مدى التشابه والتماثل بين الشيئين أو الاختلاف بينهما. فهي بالاعتماد على مكونات الجينيوم البشري الشفرة التي تحدد مدى الصلة بين المتماثلات وتجزم بوجود الفرق والتغاير بين المختلفات عن طريق معرفة التركيب الوراثي للإنسان[15].

ويمكن أيضا تعريف البصمة الوراثية على أنها بصمة الحمض النووي، أي الخصائص الوراثية ويرمز لها بالحروف اللاتينية  ADNوهو اختصار لعبارة Désoxyribose Acide Nucléique، إذ يحتوي الحمض النووي على الصفات الوراثية للإنسان التي اكتسبها من أسلافه والتي سيورثها لأولاده وأحفاده من بعده.

الفقرة الثانية: خصائص البصمة الوراثية في إثبات النسب

تعتبر البصمة الوراثية من أجود وسائل إثبات النسب الحديثة، فهي تعد من الناحية العلمية دليلا قاطعا للفصل في القضايا المدنية وكذا الجنائية. وتتميز البصمة الوراثية بمجموعة من الخصائص منها خاصيتين أساسيتين:

الأولى: تميز البصمة الوراثية لكل شخص عن بصمات الأشخاص الآخرين، حيث إنه من المستحيل من الناحية العلمية أن تتطابق البصمة الوراثية عند شخصين، اللهم في حالة التوائم المتطابقة[16].

الثانية: يمتاز الحمض النووي "ADN" بقوة ثبات كبيرة جدا في أقصى الظروف البيئية المختلفة، حيث إنه يقاوم عوامل التحليل لفترات طويلة تصل إلى عدة شهور[17]، بمعنى أن البصمة الوراثية تحتفظ بخصائصها لفترات طويلة من الزمن، فهي تقاوم عوامل الحرارة والرطوبة[18].

المطلب الثاني: حكم استخدام البصمة الوراثية في إثبات النسب

نظرا لتشوف الشارع إلى ثبوت النسب وإلحاقه بأدنى سبب، فإن الأخذ بالبصمة الوراثية في مجال إثبات النسب بناء على القيافة[19] لاستنادها على علامات ظاهرة أو خفية مبنية على الفراسة والمعرفة والخبرة في إدراك الشبه بين الآباء والأبناء، فإن الأخذ بالبصمة الوراثية أولى منها في عصرنا الحالي لاعتمادها على أدلة خفية محسوسة من خلال الفحوصات المخبرية، التي تثبت علميا صحة نتائجها الدالة على وجود الشبه بين الأصل والفرع، وهذا ما أكده المجمع الفقهي الإسلامي من كون البصمة الوراثية من الناحية العلمية، هي وسيلة تكاد لا تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية، والتحقق من الشخصية وهي أقوى بكثير من القيافة العادية، ولكن رغم ذلك يجب التقيد بالضوابط الشرعية فيما يخص النسب، لأن تقنية البصمة الوراثية تساعد في التأكد من وجود أو عدم وجود العلاقة البيولوجية بين الأب والإبن، أما طبيعة هذه العلاقة كونها شرعية أو غير شرعية فذلك منوط بمهمة القضاء.

وقد حدد المجمع الفقهي الإسلامي في دورته 16 المنعقد بمكة المكرمة، مجالات الاستفادة من البصمة الوراثية، حيث أكد على منع استخدامها بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة، لأن النسب إذا ثبت بإحدى الطرق الشرعية فإنه لا يجوز نفيه البتة لاتفاق الشرائع السماوية على حفظ الضروريات الخمس وأهمها النسب والعرض، وأن من شأن منح إمكانية التأكد من الأنساب الثابتة فيه مفاسد كثيرة وقدح في أعراض الناس وأنسابهم وزرع للعداوة بين الأقارب والأرحام، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد في الأرض، لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال إبطال النسب الثابت إلا عن طريق اللعان[20].

المبحث الثاني: دور البصمة الوراثية في إثبات النسب

من المعلوم أن البصمة الوراثية تلعب دورا أساسيا في إثبات النسب، الأمر الذي دفع جل التشريعات إلى تبني هذه الآلية، ومع شيوع استعمالها في إثبات النسب، ظهر الحاجة إلى معرفة مدى حجيتها، رغم أن هذه الآلية قائمة على أساس علمي محسوس فيه دقة متناهية ونسبة الخطأ فيها مستبعدة، وبهذا يكون المشرع المغربي قد فسح المجال أمام كل التطورات العلمية والبيولوجية التي قد تفيد في إثبات النسب.

ومسايرة لمقتضيات مدونة الأسرة، أصبح القضاء المغربي لا يتردد في الاعتماد على نتائج تحاليل البصمة الوراثية،  للحكم بإثبات النسب طبقا لمقتضيات المواد 16 و155 و156 و158من مدونة الأسرة. فأين تتجلى حجية البصمة الوراثية في إثبات النسب؟ وما مدى إلزامية القاضي بالأخذ بنتائج الخبرة الطبية؟

وما الحل في حالة ما إذا تنازعت البصمة الوراثية مع الوسائل الشرعية الأخرى لإثبات النسب؟



[1] - يعد مجال حقوق الطفل من أهم المجالات الخصبة التي تبرز بشكل واضح حجم التنازع بين المرجعية الإسلامية و المرجعية الأممية، و الذي أساسه –أي التنازع- في ضابط الإسناد الجديد الذي جاءت به اتفاقية حقق الطفل و هو الضابط للمصلحة الفضلى للطفل، الذي يظهر في العديد من المجالات أهمها مجال النسب.

أنظر: - المختار العيادي: "الإثبات بالبنوة بين التسجيل بالحالة المدنية وثبوت النسب"، مقال منشور بمجلة العرائض، العدد 4، يناير-يونيو 2015، ص. 83.

-بدر منشيف: "تدبير حق النسب في التشريع المغربي"، مقال منشور بمجلة المنبر القانوني، العدد 9، أكتوبر 2015، ص. 151.

[2] - سورة الفرقان الآية 4 و 5.

[3] - سورة الأحزاب الآية 54.

[4] - أثبتت الدراسات الاجتماعية أن الإنسان الذي يعيش جاهلا أباه يعيش حاضرا ومصيرا مجهولا، يعيش في مجتمع لا تربطه به صلة، ولا شك أنه يشعر بعزلة وقلق وحيرة وحقد على المجتمع، وكلما ازداد إحساس الإنسان بالنقص ازداد شعوره بالألم، ولابد للألم من أن يولد الانفعال الملائم له. من هنا يبدو أن حرمان الفرد من النسب يعني حرمانه من أهم الحقوق على الإطلاق، ومس بهويته، كل ذلك يؤدي إلى الضياع بوجه أو بآخر، رغم أن المبدأ والواقع أنه مولود من شخصين أب وأم.

أنظر:كمال العابد: "إشكالات النسب على ضوء العمل القضائي"، مقال منشور بمجلة المحامي، العدد 72، يناير 2019، ص.335 و336.

[5]- نصت المادة 145 من مدونة الأسرة على ما يلي: " متى ثبتت بنوة ولد مجهول النسب باالستلحاق أو بحكم القاضي، أصبح الولد شرعيا، يتبع أباه في نسبه ودينه، ويتوارثان وينتج عنه موانع الزواج، ويترتب عليه حقوق وواجبات األبوة والبنوة".

[6] - تنص المادة 148 من مدونة الأسرة على ما يلي: " لا يترتب على البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية".

[7] - ويعتبر اللجوء إلى البصمات الجينية كتقنية متطورة للتعرف على الأشخاص من أهم الفروع التطبيقية للبيولوجيا الحديثة، سواء تعلق الأمر بالإجراءات الأمنية أو بتحليلات مخبرية من قبل الطب الشرعي، أو بخبرات قضائية كتلك التي تتعلق بإثبات الأبوة، وإذا كان استعمال البصمات الجينية يتطلب كفاءات علمية ومعدات مختبرية دقيقة، فإنه يتطلب كذلك شروط أدنى للاستجابة للمعايير والإرشادات، التي تم حولها إجماع من طرف المجموعة العليا الدولية المختصة في هذا المجال.

أنظر: سلامة النظيفي: "إشكالية البصمة الوراثية معطيات علمية وأنتروبولوجية"، مقال منشور بمجلة المنتدى، العدد 5، يونيو 2015، ص. 211.

[8]- وقد أقر المشرع بإمكانية الاعتماد بالخبرة أمام القضاء المغربي، في الكثير من المجالات، منذ مدة طويلة، ومنها الاعتداد بالخبرة الطبية في مجال قانون الأسرة منذ صدوره، وفي عدة قواعد غير قواعد إثبات ونفي النسب، التي أورد سند اللجوء إليها فقط ابتداء منذ إصدار مدونة الأسرة في 2004. وإذا كانت هذه الأخيرة قد أشارت إلى الخبرة القضائية كوسيلة يمكن اللجوء إليها للفصل في النزاعات المتعلقة بالنسب، فإن هذه العبارات لها دلالات كبيرة، حيث إن المشرع لم يشر بوضوح وبشكل صريح إلى الخبرة الطبية وخصوصا في جانبيها المعتمد على علم الجينات. وهذا يجعلنا نتساءل عن العوامل التي جعلت المشرع المغربي، يمتنع عن النص الصريح على ذلك في مدونة الأسرة الجديدة.

أنظر: خالد برجاوي: "تطور إثبات ونفي النسب في القانون المغربي"، مقال منشور بسلسلة ندوات محكمة الاستئناف بالرباط، العدد 2، السنة 2011، ص. 150.

[9] - الدليل العملي لمدونة الأسرة – طبعة 2004– مطبعة فضالة –المحمدية-  ص. 99.

[10] - محمد أزدو: "الإثبات بالخبرة الطبية في مدونة الأسرة –التطبيقات والشكاليات-"، مقال منشور بمجلة العلوم القانونية، عدد خاص مدونة الأسرة بين القانون والممارسة على ضوء أهم الاجتهادات القضائية الجزء الثاتي عدد مزدوج 4 و 5، ص. 15.

[11]  نصر فريد واصل – البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها – مجلة المجمع الفقه الإسلامي – العدد 17 – السنة الخامسة عشرة – 2004 م – ص 59  .

[12]  مجمع اللغة العربية – المعجم الوسيط –  قام بإخراجه : إبراهيم مصفى وأحمد حسن الزيات وحامد عبد  القادر ومحمد علي النجار – أشرف على طبعه عبد السلام هارون – الجزء الأول – المكتبة العلمية – طهران – ص 59 . 

[13]-زياد أحمد عباس الصميدعي: البصمة الوراثية ودورها في إثبات النسب مجلة الجامعة الإسلامية ع ( 2/26) ص 244.

[14]- محمد المدني بوساق: موقف الشريعة الإسلامية و القوانين الوضعية من استخدام البصمة الوراثية في الإثبات الجنائي جامعة نايف العربية للبحوث الأمنية عمان 2008/04/25 .

[15] - الزحيلي وهبة: البصمة الوراثية ودورها في الإثبات،  انظر بحوث مؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة و القانون المجلة 2 ص 511.

[16]-  سه راكول مصطفى أحمد: "البصمة الوراثية وحجيتها في إثبات النسب دراسة تحليلية مقارنة"، دار الكتاب القانونية، مصر، الطبعة ، 2010، ص 23.

[17]-  منصور عمر معايطة، أدلة الجنائية والتحقيق الجنائي، المركز الوطني للطب الشرعي، عمان، ط 2000 ص 80.

[18]-  أعلن الخبير الأمريكي "نيك بيلانتوني" مؤخرا أن الحمض النووي "ADN" التي أجراها على ما يعتقد أنه قطع من رفات الزعيم الألماني أودلف هتلر" والتي تحتفظ في موسكو أظهرت أنها ليست رفات هتلر أنظر جريدة النهار اليومية (24/10/2009) عدد 610، ص25.

[19]- القيافة لغة من قاف يقوف قيافة فهو قائف، والمقصود بها تتبع الآثار والشبه بين المستلحق( كسر الحاء) والمستلحق. ويقصد بها أيضا الإستدلال بشبه الإنسان لغيره على النسب. أما شرعا فيقصد تتبع الآثار وهي ملكة فنية توجد عند شخص من الأشخاص تتيح له القدرة على التعرف على الملامح الظاهرية التي يمكن أن تكون متفقة في شخصين وتنبئ عن اتحاد الأصول. والدليل على مشروعيتها ما روي في الصحيحين عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت أن الرسول صلى الله عليه و سلم دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال "ألم تر أن مجززا نظر أنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض".

أنظر: بديعة علي أحمد: "البصمة الوراثية و أثرها في إثبات النسب أو نفيه (دراسة فقهية مقارنة)"، دار الفكر الجامعي الاسكندرية، الطبعة 1، 2011، ص. 18.

[20] - عبد الحميد المليحي: "إشكالية ثبوت النسب بالخبرة الجينية على ضوء الفقه والاجتهاد القضائي المغربي"، مقال منشور بمجلة القانون المدني، العدد 5 و 6، السنة 2019، مطبعة الأمنية، الرباط ، ص. 176 و 177. 



من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك


من أجل تحميل هذا العدد الرابع عشر - إضغط هنا أو أسفاه على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث