الإطار القانوني لتدبير الموارد البشرية بالقطاع الصحي - عصام أزمي

 الإطار القانوني لتدبير الموارد البشرية بالقطاع الصحي

The legal framework for managing human resources in the health sector

عصام أزمي / باحث في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- جامعة سيدي محمد بن عبد الله- فاس.

ISSAM Azmy




ملخص

تعتبر الموارد البشرية رافعة أساسية لإنجاح الأوراش الإصلاحية بقطاع الصحة لأنها تشكل العمود الفقري للمنظومة الصحية، حيث يتطلب تعميم الحماية الاجتماعية تأهيلاً حقيقياً للمستشفيات العمومية والمؤسسات الصحية، من أجل الاستجابة لانتظارات المواطنين، كما يقتضي بلوغ التغطية الصحية الشاملة زيادة في الطلب على عرض العلاجات.

 إلا أنه رغم التوصيات الملكية بإيلاء مسألة الموارد البشرية بهذا القطاع الحيوي ما تستحقه من عناية على أساس ضمان جودة تكوينها، بهدف تأهيلها وملاءمتها مع التطور العلمي والتكنولوجي، في مجال العلاج والوقاية والتدبير والحكامة الصحية وِفق المعايير الدولية، إضافة ًإلى توفير العدد الكافي منها في جميع التخصصات والمِهن الصحية، لا تتعدى نسبة الأطباء في القطاع العام %37,10 من العدد الإجمالي والمقدر ب 25207، يغطي %88,17 منهم المجال الحضري و%11,83 المجال القروي، بينما تبلغ نسبة الممرضين في القطاع العام 76,73% من العدد الإجمالي والمقدر ب 32040 ممرض، يغطي %80,18 مِنهم المجال الحضري مُقابل %19,82 بالمجال القروي، كما تستحوذ ثلاث جهات بالمغرب على %42,26 من العدد الإجمالي للأطباء والممرضين، مما يدل على وجود تفاوت في التوزيع الترابي والمجالي ونقص حاد يقدر ب 11222 طبيب و49876 ممرض حسب مؤشر منظمة الصحة العالمية .

الكلمات المفتاحية: الموارد البشرية، المنظومة الصحية، التغطية الصحية، الأطباء، الممرضين.

 

 

 

 

 

Summary in English :

Human resources are considered an essential lever for the success of correctional workshops in the health sector, because they constitute the backbone of the health system, where the generalization of social protection requires real rehabilitation for public hospitals and health institutions, in order to respond to the expectations of citizens, and achieving universal health coverage requires an increase in the demand for the offer of treatments. However, despite the royal recommendations to give the issue of human resources in this vital sector the attention it deserves on the basis of ensuring the quality of its formation, with the aim of rehabilitating it and adapting it with scientific and technological development, in the field of treatment, prevention, management and health governance in accordance with international standards, in addition to providing a sufficient number of them in all specialties and health professions, the percentage of doctors in the public sector does not exceed 37.10% of the total number estimated at 25,207, 88.17% of them cover the urban area and 11.83% the rural area, while the percentage of nurses in the public sector is 76.73% of the number The total number estimated at 32,040 nurses, 80,18% of whom cover the urban area, compared to 19.82% in the rural area. Three regions in Morocco account for 42.26% of the total number of doctors and nurses, which indicates a discrepancy in the territorial and spatial distribution and a severe shortage estimated With 11,222 doctors and 49,876 nurses, according to the World Health Organization index.

Keywords: human resources, health system, health coverage, doctors, nurses.

 

Résumé en français :

L'aspiration à un État social au Maroc face aux exigences croissantes en matière de droits de l'Homme

Les ressources humaines sont considérées comme un levier essentiel pour la réussite des ateliers correctionnels dans le secteur de la santé, car elles constituent l'épine dorsale du système de santé, où la généralisation de la protection sociale nécessite une réelle réhabilitation des hôpitaux et établissements de santé publics, afin de répondre aux attentes des citoyens, et l'atteinte de la couverture sanitaire universelle nécessite une augmentation de la demande d'offre de soins. Cependant, malgré les recommandations royales d'accorder à la question des ressources humaines dans ce secteur vital l'attention qu'elle mérite sur la base d'assurer la qualité de sa formation, dans le but de la réhabiliter et de l'adapter au développement scientifique et technologique, dans le domaine de soins, de prévention, de prise en charge et de gouvernance sanitaire conformément aux standards internationaux, en plus d'en assurer un nombre suffisant dans toutes les spécialités et professions de santé, le pourcentage de médecins du secteur public ne dépasse pas 37,10% du nombre total estimé à 25 207, 88,17% d'entre eux couvrent le milieu urbain et 11,83% le milieu rural, alors que le pourcentage d'infirmiers dans le secteur public est de 76,73% de l'effectif Le nombre total estimé à 32 040 infirmiers dont 80,18% couvrent le milieu urbain , contre 19,82% en milieu rural. Trois régions du Maroc concentrent 42,26% du nombre total de médecins et d'infirmiers, ce qui indique un décalage dans la répartition territoriale et spatiale et une grave pénurie estimée avec 11 222 médecins et 49 876 infirmiers, selon l'indice de l'Organisation mondiale de la santé.

Mots clés : ressources humaines, système de santé, couverture sanitaire, médecins, infirmiers.. 

 

مقدمة:

تشكل الموارد البشرية العمود الفقري للمنظومة الصحية، لأن تعميم الحماية الاجتماعية يقتضي تأهيلاً حقيقياً للقطاع الصحي، من أجل الاستجابة لانتظارات المواطنين ويتطلب بلوغ التغطية الصحية الشاملة زيادة في الطلب على عرض العلاجات. وتعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في العلاج والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية[1]. وتلتزم المملكة المغربية بتنفيذ عدة اتفاقيات دولية مثل: دستور المنظمة العالمية للصحة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتتكون المنظومة الصحية من مجموع الموارد البشرية والمالية والمادية الأساسية لتحقيق الأهداف الصحية[2].

تتميز المنظومة الصحية بالمغرب بالنقص في الموارد البشرية، والذي يُشكل أحد أهم تحديات تأهيل القطاع الصحي، حيث سجل المغرب سنة 2016 معدل 0,6 طبيب و0,9 ممرض لكل 1000 شخص بينما حققت ألمانيا أفضل معدل عالمي بنسبة 4,2 طبيب و13,8 ممرض لكل 1000 شخص، وتوصي منظمة الصحة العالمية الدول بضرورة التوفر على نسبة 1,1 طبيب و1,6 ممرض لكل 1000 شخص من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. تُعتبر ملائمة أعداد الموارد البشرية للصحة مع حاجيات الساكنة أحد إشكاليات القطاع الصحي، نظراً لأن توزيع العاملين بقطاع الصحة يتم حسب مصالح الموظفين بَدل حاجيات المواطنين وإن توفرت الموارد البشرية، ويشتغل %40 من أطباء القطاع الخاص في الوسط الحضري. كما أن أغلب أطباء القطاع العام يشتغلون بشكل مزدوج بالقطاعين الخاص والعام في تعارض مع القانون[3].

تبلغ نسبة الأطباء في القطاع العام بالمغرب %37,10 من العدد الإجمالي والمقدر ب 25207، ويغطي %88,17 منهم المجال الحضري و%11,83 يُغَطون المجال القروي، بينما تبلغ نسبة الممرضين في القطاع العام بالمغرب %76,73 من العدد الإجمالي والمقدر ب 32040 ممرض، ويُغَطي %80,18 مِنهم المجال الحضري مُقابل %19,82 يُغَطون المجال القروي، وتستحوذ جهة الدار البيضاء-سطات وجهة فاس-مكناس وجِهة الرباط-سلا-القنيطرة على %42,26 من العدد الإجمالي للأطباء والممرضين، مما يدل على وجود تفاوت في التوزيع الترابي والمجالي إضافة إلى النقص الحاد والمقدر ب 11222 طبيب و49876 ممرض حسب مؤشر منظمة الصحة العالمية[4].

وفي هذا السياق، شدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في رسالته الملكية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية حول الصحة، على الدور المركزي للموارد البشرية في إنجاح الأوراش الإصلاحية بقطاع الصحة، كما دعى إلى إيلاء مسألة الموارد البشرية بهذا القطاع الحيوي ما تستحقه من عناية على أساس ضمان جودة تكوينها، بهدف تأهيلها وملاءمتها مع التطور العلمي والتكنولوجي، في مجال العلاج والوقاية والتدبير والحكامة الصحية وِفق المعايير الدولية، إضافة ًإلى توفير العدد الكافي منها في جميع التخصصات والمِهن الصحية، استجابةً للطلب المتزايد على الخدمات الصحية[5].

إن مشكل الموارد البشرية في القطاع الصحي بالمغرب هو كمي بالأساس، لذلك يجب الرفع من عدد الأطباء والممرضين، لأن عددهم غير كافٍ، كما أن المشكل نوعي كذلك ويرتبط بتكوين مهنيي الصحة، لأن برامج التكوين الحالية لا تُساعد في تهيئ المهنيين لأعمال صحية ترتكز على طب القرب، لهذا أصبح من الضروري مراجعة برامج ومقررات التكوين، وينبغي على وزارة الصحة إيجاد حلول لمجموعة من التساؤلات أهمها: إعادة انتشار مهنيي الصحة وكيفية التأثير على هجرة الأطر الصحية من المغرب إلى الخارج ومن الوسط القروي إلى الوسط الحضري ومن المدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة، إضافة إلى ضرورة عمل الوزارة الوصية على تقييم المحفزات الحالية ومراجعة الأنظمة الأساسية للمهنيين الصحيين[6].

للإجابة على هذه التساؤلات سيتم تقسيم البحث إلى مبحثين، حيث سنتناول في المبحث الأول دور الحكومة في تدبير الموارد البشرية بالقطاع الصحي، بينما سنتطرق في المبحث الثاني إلى الإطار القانوني لمزاولة مهنة الطب ومهن التمريض.

المبحث الأول: دور الحكومة في تدبير الموارد البشرية بالقطاع الصحي

يتطلب تحليل دور الحكومة في تدبير الموارد البشرية بالقطاع الصحي تقسيم  هذا المبحث إلى مطلبين، حيث سنتناول في المطلب الأول تدبير الأطر الصحية على ضوء البرنامج الحكومي 2021-2026، بينما سنتطرق في المطلب الثاني إلى إختصاصات وزارة الصحة في تدبير الموارد البشرية.

المطلب الأول: تدبير الأطر الصحية على ضوء البرنامج الحكومي 2021-2026

يهدف البرنامج الحكومي بالمغرب للفترة 2021-2026 إلى تنزيل القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، مما يتطلب تعزيز ميزانية المنظومة الصحية، حيث خصصت الحكومة 17,3 مليار درهم و5500 منصب مالي لقطاع الصحة في قانون المالية لسنة 2022 من بين 26860 من المناصب المالية المخصصة لمختلف القطاعات الحكومية بمُعدل %20,47، إضافةً إلى 4,2 مليار درهم من أجل تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة الفئات الهشة والفقيرة التي تستفيد حالياً من نظام المساعدة الطبية[7]. مقارنة بقانون المالية لسنة 2021 المعدل بموجب القانون رقم 20-35، والذي خصص 22,2 مليار درهم و5500 منصب مالي لقطاع الصحة من أجل مواجهة تداعيات وباء فيروس كورونا[8].

عملت الحكومة خلال السنة الأولى من ولايتها في إطار الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية بمراجعة وضعية الموارد البشرية الصحية، من خلال رفع أجرتهم وضمان حمايتهم الاجتماعية وتحسين شروط تعويضهم عن الحراسة والمداومة. كما التزمت الحكومة برفع عدد أطر القطاع الصحي بتعزيز قدرة التكوين في كليات الطب وإحداث مراكز استشفائية جامعية جديدة في كل من طنجة وأكادير والرباط، وستضع الحكومة حدا للتعيينات طويلة الأمد للأخصائيين المتعاقدين والتي تنتهي أحياناً بترك الوظيفة العمومية والهجرة إلى الخارج واعتماد تناوب يحث الأطر الطبية في المستشفيات الجهوية على الخدمة في المناطق النائية ويوكل الأمر إلى المديريات الجهوية لوزرة الصحة لتوفير الوسائل والتجهيزات الضرورية من أجل مواكبة نظام التناوب[9].

وفي هذا الإطار، ستعمل الحكومة بشراكة مع الجماعات الترابية على تعزيز طب الأسرة، وتخصيص مِنح للأطر الطبية العاملة في المناطق النائية، وتحدد قيمة المنحة بناء على المسافة الفاصلة بين مقر التعيين وأقرب مدينة، وعلى أدائهم من حيث عدد ونوعية التدخلات والعمليات المنجزة فعلياً في تلك المناطق، لأن زمن حضورهم وحده ليس معياراً كافياً ومُرضياً. ولمواجهة فعلية لظاهرة سوء التوزيع المجالي لمهنيي الصحة، تعمل الحكومة على وضع حد لنظام التعيينات وتبني نظام تمييز إيجابي يخول الولوج إلى كليات الطب للمستحقين من حملة الباكالوريا من الأقاليم التي لا تتوفر فيها كليات طب ولا مراكز استشفائية جامعية شريطة التزامهم بالخدمة لمدة محددة في مناطقهم الأصلية بعد التخرج[10].

هدف البرنامج الحكومي في مجال الصحة للفترة 2017-2021، إلى استكمال أوراش الاصلاح والبرامج التي انخرطت فيها الحكومة السابقة، عبر رصد 14,79 مليار درهم لقطاع الصحة برسم قانون مالية 2018، أي بزيادة بنسبة %3,47، من أجل إعداد مخطط الصحة في أفق 2025 وتعزيز الموارد البشرية عبر تخصيص 4000 منصب مالي لوزارة الصحة وتسوية الوضعية الإدارية والمالية لحوالي 12000 ممرض وممرضة، وإعداد برنامج وطني للتكوين والتأهيل يُراعِي احتياجات كل جهة ترابية، وتشجيع التعاقد مع مهنيي الصحة بالقطاع الخاص أو العام للاشتغال على الأقل مرة في الأسبوع بالمراكز الصحية القروية المقفلة، وفتح نقاش من أجل إرساء نظام الخدمة الصحية الإجبارية الوطنية[11].

تشتمل خطة وزارة الصحة لسنة 2025 على ثلاث دعامات مُقسمة إلى 25 محور و125 إجراء، وتهدف هذه الدعامات إلى تنظيم وتطوير العرض الصحي، من أجل تحسين إمكانية الولوج إلى الخدمات الصحية، وتعزيز البرامج الوطنية الصحية ومكافحة الأمراض، وتحسين الحكامة وتحقيق النجاعة في استخدام الموارد[12]. ترتكز خطة الصحة لسنة 2025 على التوجيهات الملكية السامية، والتي تؤكد على أن إصلاح المنظومة الصحية هي أولوية وطنية رئيسية، حيث دعا الخطاب الملكي لافتتاح البرلمان 8 أكتوبر 2021 إلى القيام بتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية طبقا لأفضل المعايير وفي تكامل بين القطاعين العام والخاص، ونص الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش 30 يوليوز 2015 إلى التنسيق بين القطاعات الحكومية والحد من الفوارق الاجتماعية وتخفيض العجز في الصحة وتعميم التغطية الصحية وتسهيل الولوج إلى الخدمات الصحية.

المطلب الثاني: إختصاصات وزارة الصحة في تدبير الموارد البشرية

تتولى وزارة الصحة إعداد وتنفیذ السیاسة الحكومية المتعلقة بصحة المواطنین، وتسهر الوزارة على التوفیق بین التوجهات، وعلى تنسیق الأهداف والاجراءات والتدابير التي تساعد على رفع المستوى الصحي في البلاد، وتتدخل بُغیة ضمان توزیع أفضل للموارد على المستوى الوطني ویُعهَد إليها بإعداد وتنفیذ السیاسة الوطنیة للصحة العمومية[13].

تقوم مدیریة الموارد البشریة بوزارة الصحة بالسهر على التأهيل المهني للموظفین واستكمال تأهيلهم والقیام بتعیین أماكن عمل الموظفین وتوظیفهم وتسیيرهم وتدبیر شؤونهم والنهوض بأعمال المشاریع الاجتماعیة وإعداد وتتبع مخططات تأهيل الأطر في میادین الإدارة والطب والصیدلة وطب الأسنان والتمریض والتقییم المستمر لملائمة تأهيل المستخدمین لمتطلبات المهن، وإمساك مجذة معلوماتیة للموظفین وكُتیب لبیان المناصب لأغراض التقییم والتخطیط وتحدید الحاجيات على أساس الأهداف المرسومة في المخططات ودراسة الملفات المعروضة على مجلس الصحة المتعلقة بإجازات المرض والتصدیق ومراقبة الأهلية لشغل المنصب والسهر على تطبیق النصوص المتعلقة بمراقبة صحة الموظفین والحرص على حفظ الملفات والمستندات المتعلقة بالموظفين وتضم هذه المديرية: قسم إدارة شؤون الموظفین وقسم التأهيل وقسم مراقبة صحة الموظفین[14].

تتألف المصالح اللاممركزة لوزارة الصحة من مديريات جهوية للصحة ومنذوبيات وزارة الصحة بالعمالات والأقاليم، وتتولى مصلحة الموارد البشرية والمنازعات بالمديريات الجهوية للصحة القيام بالمهام التالية: تدبير الموارد البشرية في حدود القرارات المُفوضة لها ومسك قاعدة بيانات معلوماتية خاصة بالموارد البشرية العاملة بالجهة وتحديد حاجيات الجهة من الموارد البشرية، واقتراح مخطط أعداد الموظفين والسهر على تطبيق الدليل المرجعي للوظائف والكفاءات والإشراف على تنظيم وتنفيذ برامج التكوين المستمر لمهنيي الصحة، كما تعمل هذه المصلحة على النهوض بأنشطة الصحة والسلامة في العمل لفائدة مِهنيي الصحة بالجهة وتعزيز وتتبع الحوار الاجتماعي مع ممثلي النقابات والفرقاء الاجتماعيين ودراسة وتتبع ملفات المنازعات[15].

فوضت وزارة الصحة إلى المديرين الجهويين للصحة ونوابهم الإمضاء أو التأشير على الوثائق الإدارية التالية: قرار فتح مباريات التوظيف وقرار عرض الموظفين الجُدد بالمديرية الجهوية على اللجنة الطبية، والرخص الإدارية داخل المغرب لفائدة مندوبي وزارة الصحة ومديري المراكز الاستشفائية والموظفين العاملين بالمصالح التابعة للمديرية الجهوية والترخيص بمغادرة التراب الوطني للموظفين العاملين داخل النفوذ الترابي للمديرية الجهوية بمن فيهم المندوبين بالعمالات والأقاليم، والترخيص للموظفين العاملين داخل المديرية الجهوية للمشاركة في دورات التكوين المستمر وفي المباريات والامتحانات وبمتابعة الدراسات العليا والقيام بتداريب، أو المشاركة في منافسات رياضية وطنية أو دولية داخل المغرب، والترخيص لتقديم دروس في مؤسسات التكوين[16].

يُؤشر المدير الجهوي للصحة على الرخص لأسباب صحية قصيرة الأمد أقل من 90 يوماً ورخص الولادة للموظفات التابعات للمديرية الجهوية، وكذا المندوبات ومديرات المراكز الاستشفائية الجهوية ورخص الحج إلى بيت الله الحرام لفائدة الموظفين العاملين داخل النفوذ الترابي للمديرية الجهوية للصحة والرخصة الاستثنائية بالتغيب لفائدة موظفي المديرية الجهوية للصحة لمبررات عائلية، ولأسباب خطيرة واستثنائية لا تتعدى مدتها عشرة أيام في السنة، والرخص الاستثنائية بالتغيب لفائدة الموظفين الأعضاء في المجالس الجماعية والإقليمية والجهوية والأعضاء في الجمعيات ذات المنفعة العامة والنقابات المهنية والتعاضديات لحضور مؤتمرات واجتماعات الهيئات التي يمثلونها وشهادة مشاركة الموظفين في دورات التكوين المستمر وشهادة التدريب بالنسبة لغير الموظفين، وقرار إعادة انتشار الموظفين داخل النفوذ الترابي وقرارات الانتقالات داخل الجهة، وأوامر القيام بمأموريات داخل المملكة[17].

يختص المدير الجهوي للصحة ونائبه بالإمضاء أو التأشير على البطاقة السنوية لتنقيط وتقييم موظفي المديرية الجهوية للصحة، وكذا شهادة الأجرة وشهادة العمل واستدعاء أعضاء اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء واستدعاء الموظفين للمثول أمام المجلس التأديبي والأمر بإجراء الفحص الطبي المضاد وإنذار الموظفين الذين يوجدون في وضعية ترك الوظيفة لأجل استئناف عملهم واستفسار الموظفين المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة والمُخِلِين بالتزاماتهم المهنية وقرار توقيف الأجرة وقرار الاقتطاع من الأجرة وقرار تعيين لجنة البحث التمهيدي والإخبار بالإحالة على التقاعد بسبب بلوغ حد السن القانوني[18].

المبحث الثاني: الإطار القانوني لمزاولة مهنة الطب ومهن التمريض

يتطلب تحليل الإطار القانوني لمزاولة مهنة الطب ومهن التمريض تقسيم  هذا المبحث إلى مطلبين، حيث سنتناول في المطلب الأول مزاولة مهنة الطب على ضوء القانون 13-131، وسنتطرق في المطلب الثاني إلى مزاولة مهنة التمريض ومهنة القبالة على ضوء القانون 43-13 والقانون 44-13.

المطلب الأول: مزاولة مهنة الطب على ضوء القانون 131-13

يعتبر الطب مهنة لا يجوز بأي حال من الأحوال وبأي صفة من الصفات أن تمارس باعتبارها نشاطاً تجارياً، يزاولها الطبيب مجرداً من كل تأثير، وازعه فيها علمه ومعرفته وضميره وأخلاقه المهنية. ويجب عليه مزاولتها في جميع الظروف في احترام تام للأخلاق من غير أي تمييز كيفما كانت طبيعته، خاصة ما ارتبط منه بالسن أو الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضبع شخصي مهما كان[19].

يجب على كل طبيب كيفما كان القطاع الذي ينتمي إليه وشكل ممارسته للمهنة، أن يحترم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالمياً، وأن يحترم في ممارسته المهنية المبادئ التالية: حرية المريض في اختيار الطبيب الذي سيعالجه، احترام سلامة وكرامة وخصوصية المرضى الذين يعالجهم، حق المريض أو عند الاقتضاء نائبه الشرعي أو ممثله القانوني، في الحصول على المعلومة المتعلقة بتشخيص مرضه والعلاجات الممكنة وكذا العلاج الموصوف وآثاره المحتملة والمتوقعة والنتائج المترتبة عن رفض العلاج، على أن تدون المعلومات في الملف الطبي للمريض والذي بإمكانه أو لنائبه الشرعي أو لممثله القانوني أو لذوي حقوقه إذا توفي، الحصول عل نسخة منه، كما يجب عل الطبيب أيضا أن يراعي خصوصيات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

تزاول مهنة الطب إما في القطاع الخاص وإما في القطاع العام بالمرافق التابعة للدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية. تخضع كل مؤسسة صحية وكل محل لمزاولة مهنة الطب بالقطاعين العام والخاص لمراقبة الدولة. يجب على كل طبيب أن يساهم في حماية الصحة العمومية والارتقاء بالصحة والتربية الصحية، ويمنع عليه وصف علاجات وتقنيات لم تثبت بعد نجاعتها علمياً أو التي أصبحت متجاوزة أو تم منعها، ويجب على كل طبيب أن يعمل بانتظام على تطوير معارفه، من خلال المشاركة في دورات التكوين المستمر المنظمة من قِبل المجلس الوطني والجمعيات العالمة ومؤسسات التعليم العالي والسلطات الحكومية المعنية[20].

تمارس مهنة الطب بعد التقيد طبقاً لأحكام القانون رقم 08-12 بجدول الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، لفائدة صاحب الطلب المتوفرة فيه الشروط التالية: أن يكون مغربي الجنسية، أن يكون حاصلا عل دبلوم الدكتوراه في الطب مُسَلم من إحدى كليات الطب المغربية أو على شهادة أو دبلوم من مؤسسة أجنبية، أن لا يكون قد صدر في حقه مقرر بالإدانة مكتسب لقوة الشيء المقضي به، أن لا يكون مقيداً في هيئة أطباء أجنبية وإذا كان مقيداً فيها وجب عليه إثبات حذفه منها وأن لا يكون قد صدر في حقه عقوبة تأديبية أدت إلى توقيفه عن مزاولة المهنة أو شطب اسمه من جدول الهيئة الأجنبية التي كان مقيداً فيها، يبين في طلب التقييد الموطن المهني الذي سيزاول الطبيب مهنته فيه، يجب على الأطباء المقبولين لمزاولة المهنة في القطاع العام بمرافق الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية أن يدلوا بالقرار الإداري المتعلق بتوظيفهم أو باستخدامهم، ولا يجوز لهم القيام بأي عمل من أعمال المهنة إلا بعد الإدلاء بما يثبت تقييدهم في جدول الهيئة[21].

تقوم لجنة تتبع مزاولة مهنة الطب من قبل الأجانب بالمغرب بما يلي :تتبع مزاولة مهنة الطب من قبل الأطباء الأجانب وظروف اندماجهم في المنظومة الصحية الوطنية، اقتراح إجراءات لتيسير اندماجهم وإقامتهم في المغرب على السلطات العمومية، إعداد قوائم بأسماء الأطباء الأجانب المقيدين برسم كل سنة، حسب جنسياتهم وتخصصاتهم وأشكال ومقار مزاولتهم للمهنة، القيام بالدراسات والتحريات اللازمة من أجل مواكبة تنزيل إصلاح مزاولة مهنة الطب من قبل أجانب بالمغرب، إبداء الرأي بناء على طلب من وزارة الصحة أو الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، بخصوص الشكايات التي تصلهما من لدن الأطباء الأجانب، واقتراح التدابير ذات الطابع التشريعي أو التنظيمي المتعلقة بمجال اختصاصها على الحكومة.

تتألف اللجنة تحت رئاسة وزير الصحة أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض من ممثل عن: وزارة الداخلية، الأمانة العامة للحكومة، وزارة الصحة، قطاع التعليم العالي، الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء. تجتمع اللجنة بدعوة من رئيسها مرتين على الأقل في السنة بكيفية صحيحة بحضور جميع أعضائها، كما تتخذ اللجنة قراراتها بأغلبية أصوات أعضائها الحاضرين، وفي حالة تعادلها يرجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس، وتعد اللجنة نظامها الداخلي وتصادق عليه. تتولى مديرية التنظيم والمنازعات بوزارة الصحة مهام كتابة اللجنة، ولهذه الغاية تقوم على الخصوص بما يلي :تحضير اجتماعات اللجنة وإعداد مشاريع محاضر في شأنها،  وتتبع تنفيذ قرارات اللجنة وتوصياتها وإعداد مشروع التقرير السنوي عن أشغال اللجنة[22].

المطلب الثاني: مزاولة مهن التمريض ومهنة القبالة:

أولاً: مزاولة مهنة التمريض على ضوء القانون 43-13:

يعتبر ممرضاً كل شخص يقدم حسب الشهادة أو الدبلوم الذي يؤهله علاجات تمريضية وقائية أو شفائية أو ملطفة، يُقدم الممرض أيضاً علاجات تهدف إلى حفظ صحة المريض وراحته، ويشارك في أعمال التخطيط والتأطير والتكوين والتدبير والبحث في مجال العلاجات التمريضية[23].

تمارس مهنة التمريض حسب الدبلوم المحصل عليه، من قبل المهني المعني وفي حدود المؤهلات المكتسبة خلال التكوين الأساسي أو التكوين المستمر بصفة ممرض متعدد الاختصاصات أو ممرض في التخدير والإنعاش أو ممرض في الأمراض العقلية أو ممرض في أمراض الشيخوخة أو ممرض في العلاجات الاستعجالية والعناية المركزة أو ممرض في الأمراض المزمنة أو ممرض في طب الأطفال والمواليد والخدج[24].

يزاول الممرض مهنته بناء على وصفة طبية أو تحت إشراف ومسؤولية طبيب أو في إطار الدور المنوط به فيما يتعلق بالأعمال الخاصة به، وتحدد في مصنف تضعه الإدارة بعد استشاره الجمعية المهنية إن وجدت والمجلس الوطني للهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء الأعمال الخاصة بالممرضين والأعمال التي لا يمكن إنجازها إلا بناء عل وصفة طبية أو بتأطير منه.

يقوم الممرض متعدد الاختصاصات بتقديم العلاجات التمريضية الشاملة للأفراد من مختلف الأعمار مرضى أو أصحاء، أو للأسر أو لأفراد مجموعة من الأشخاص. يقوم الممرض في التخدير والانعاش بأعمال التخدير أو الإنعاش للمرضى تحت مسؤولية طبيب متخصص في التخدير والإنعاش وتحت إشرافه المباشر. يقوم الممرض في الأمراض العقلية بتقديم خدمات وقائية وعلاجية للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو عقلية.



[1] الفصل 31 من الدستور المغربي، الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.11.91 في 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011)، الجريدة الرسمية، عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، ص.3606

[2] المادة الأولى من القانون رقم 09-34، الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.11.83، صادر في 29 من رجب 1432 (2 يوليوز 2011)، المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات، الجريدة الرسمية، عدد 5962، بتاريخ 21 يوليوز 2011، ص.3469

[3] Ministère de la santé, Ressources humaines de la santé en chiffres 2016, Maroc, 2017, p.8-10

[4] وزارة الصحة بالمغرب، الكتاب الأبيض: من أجل حكامة جديدة لقطاع الصحة، المغرب، 2013، ص.9 

[5] المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب، الخدمات الصحية الأساسية: نحو ولوج منصف ومعمم، إحالة رقم 4، مطبعة سيباما، الرباط، 2013، ص.30

[6] وزارة الصحة بالمغرب، الكتاب الأبيض: من أجل حكامة جديدة لقطاع الصحة، مرجع سابق، ص.39

[7] قانون المالية رقم 76-21، الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.21.115، في 5 جمادى الأولى 1443 (10 دجنبر 2021)، بتنفيذ قانون السنة المالية 2022، الجريدة الرسمية، عدد 7049 مكرر، بتاريخ 20 دجنبر 2021، ص.10515-10516

[8] قانون المالية رقم 65-20، الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم1.20.90 ، في 1 جمادى الأولى 1442 (16 دجنبر 2020)، بتنفيذ قانون السنة المالية 2021، الجريدة الرسمية، عدد 6944 مكرر، بتاريخ 18 دجنبر 2020، ص.8348-8453 

[9] رئاسة الحكومة، البرنامج الحكومي 2021-2026، المغرب، 2021، ص.31

[10] رئاسة الحكومة، البرنامج الحكومي 2021-2026، المغرب، 2021، ص.31

[11] رئاسة الحكومة، البرنامج الحكومي 2016-2021، المغرب، 2017، ص.63

[12] Ministère de la santé, Plan santé 2025, Maroc, 2018, p.4

[13] المادة الأولى من المرسوم رقم 2.94.285، صادر في 17 من جمادى الثانية 1415 (21 نونبر 1994)، في شأن اختصاصات وتنظيم وزارة الصحة بالمغرب، الجريدة الرسمية، عدد 4286، بتاريخ 21 دجنبر 1994، ص.2110

[14] المواد 11 و12 من المرسوم رقم 2.94.285، مرجع سابق، ص.2116

[15] المواد 1 و8 و12 من قرار لوزير الصحة رقم 003.16 صادر في 23 من ربيع الأول 1437 (4 يناير 2016)، بشأن إحداث وتحديد اختصاصات وتنظيم المصالح اللاممركزة لوزارة الصحة بالمغرب، الجريدة الرسمية، عدد 6452، بتاريخ 31 مارس 2016، ص.2890

[16] المادة 1 من قرار لوزير الصحة رقم 1276.18 صادر في 5 من جمادى الأولى 1439 (23 يناير 2018) بتفويض الإمضاء، الجريدة الرسمية، عدد 6675، بتاريخ 21 ماي 2018، ص.2868

[17] نفس المرجع، ص.2869

[18] نفس المرجع، ص.2870

[19] المادة 2 من القانون رقم 131-13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.15.26 في 29 من ربيع الثاني 1436، (19 فبراير 2015)، الجريدة الرسمية، عدد 6342، بتاريخ 12 مارس 2015، ص.1608

[20] المادة 3 من القانون رقم 131-13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، مرجع سابق، ص.1608

[21] المادة 4 من القانون رقم 131-13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، مرجع سابق، ص.1609

[22] المواد 1 و3 و8 من المرسوم رقم 2.21.641 صادر في 16 محرم 1443 (25 غشت 2021)، يتعلق بتأليف لجنة تتبع مزاولة مهنة الطب من قبل الأجانب بالمغرب وكيفيات سيرها، الجريدة الرسمية، عدد 7016، بتاريخ 26 غشت 2021، ص.6393  

[23] المادة 3 من المرسوم رقم 2.17.535 صادر في 7 محرم 1439 (28 شتنبر 2017) في شأن النظام الأساسي الخاص بهيئة الممرضين وتقنبي الصحة المشتركة بين الوزارات، الجريدة الرسمية، عدد 6616، بتاريخ 26 أكتوبر 2017، ص.6267

[24] المواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 43-13 المتعلق بمزاولة مهن التمريض، الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.16.82 في 16 من رمضان 1437 (22 يونيو 2016)، الجريدة الرسمية، عدد 6480، بتاريخ 7 يوليوز 2016، ص.5168



من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك


من أجل تحميل هذا العدد الرابع عشر - إضغط هنا أو أسفاه على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث