استثمار الأموال العقارية الوقفية العامة بالمغرب ـ الكراء الوقفي نموذجا
Investing public endowment real estate funds in Morocco - endowment rent as a model
سلمي هاجر / باحثة في القانون الخاص، خريجة ماستر قانون المنازعات بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية.
Salmi hajar
لقد شُرعت مدونة الأوقاف لمعالجة
مجموعة من الثغرات القانونية، والفراغات التشريعية، ومن ثم فقد اغترفت من مَعِين
الفقه الإسلامي الرصين، وحاولت توظيف آرائه الاجتهادية، كما استفادت من الآليات
القانونية المعاصرة من أجل صياغة نظرية متكاملة لإصلاح أوضاع الوقف، وتحويله إلى
مورد أساسي لتحقيق التنمية، من خلال تطويره وأجرأة وسائل حمايته، وحسن استثماره
ليفعل بشكل إيجابي مسهم في معالجة الكثير من المشاكل العويصة التي يعاني منها
المجتمع كالفقر والبطالة وغيرها، كما أنه وسيلة مهمة لتلبية مطالب الأفراد
وحاجاتهم الاجتماعية كالسكن والعمل وغير ذلك[1].
وعليه، نجد على أن المشرع المغربي
في المدونة تبنى آراء فقهية داخل المذهب المالكي[2]،
وحتى خارج هذا المذهب، تتميز بالمرونة واليسر ومراعاة المصلحة في مواضيع مختلفة،
نذكر من ضمنها[3]
التصرفات الجارية على الوقف. وبالنظر
إلى موضوع هذا المقال، فإننا سنمثل لذلك بما تضمنته المادة [4]60
بخصوص التصرفات الجارية على الوقف العام[5]،
والتي توسعت فيها ولم تقيدها إلا بضوابط أربعة[6]؛ هي:
ــ أن تهدف إلى الحفاظ على أصل
الوقف؛
ــ وتنمية ريعه؛
ــ وأن تنسجم مع طبيعته؛
ــ وتحقق مصلحة ظاهرة له.
ولهذه الغاية، تكلف
إدارة الأوقاف بتدبير هذه الأموال واستثمارها وفق القواعد المنصوص عليها في هذه
المدونة والنصوص المتخذة لتطبيقها؛ ونجد من بين تلك القواعد: الكراء.
ويعد هذا الأخير، أنجع وسيلة تضمن استثمار الوقف مع
المحافظة على الرقبة وصيانتها، حتى أن الكراء كاد يكون هو الأغلب في الاستثمار،
مادام يقوم بدور كبير في حماية هذه الأموال من الإهمال والاندثار، مع ما يترتب عن
ذلك من المساهمة في الاستمرار بالانتفاع بها لمدة أطول، وبالتالي تحقيق الازدهار
الاقتصادي والاجتماعي من جهة أولى، عن طريق تمكين المكتري من استغلال هذه الأموال
في مختلف الأنشطة التجارية والصناعية والحرفية، بل وحتى في المجال السكني أو
المهني، وتمكين إدارة الأوقاف[7]
أيضا من موارد مالية لصيانة الأصول الوقفية وإصلاحها، ولإقامة مختلف المشاريع
التنموية من جهة ثانية.
وبناء عليه، فإن الإشكالية الرئيسة التي يمكن أن تطرح في هذا الصدد هي
كالتالي: إلى أي حد توفق المشرع المغربي في استثمار الأموال العقارية الوقفية
العامة وإدماجها في عجلة الاقتصاد من خلال تنظيم كراءها؟
وللإجابة عن هذه
الإشكالية، وقصد الإحاطة بجميع جوانب الموضوع، سيتم اعتماد التقسيم الثنائي
التالي:
المبحث الأول: تكوين عقد كراء الأموال العقارية الوقفية العامة
المبحث الثاني: آثار عقد كراء الأموال العقارية الوقفية
العامة وانقضاؤه
المبحث الأول:
تكوين
عقد كراء الأموال العقارية الوقفية العامة
باستقراء الفصل 627 من قانون
الالتزامات والعقود الذي عرف من خلاله المشرع المغربي عقد الكراء[8]،
يتضح أن هذا العقد بشكل عام، من العقود الرضائية حسب ما تقضي به قواعد القانون
الآنف الذكر، لأنه يحتاج في انعقاده لتراضي طرفيه (المكري والمكتري)، كما يعتبر
عقدا من العقود التي يتوجب لقيامها ونشأتها توافر مجموعة من العناصر التكوينية كما
هي محددة في ظهير الالتزامات والعقود[9]،
وتلك العناصر التكوينية هي ما اصطُلِح على تسميتها بأركان العقد[10]،
إضافة إلى كونه ينصب على منفعة الشيء سواء كان عقارا أو منقولا[11].
وعقد الكراء الوقفي[12]
تبعا لذلك، يستلزم لقيامه توافر أركان أساسية، وهي الرضى[13]
والمحل[14]
والسبب[15]. ورغبة من المشرع في الحفاظ على
الأموال الوقفية، وتنمية مداخيلها بما يلائم طبيعتها، وتحقيق المصلحة الظاهرة
للوقف، فقد قام بالتنصيص على مجموعة من الضوابط التي يمكن أن تضمن ذلك؛ والتي يمكن
وصفها بركن الشكلية في عقد الكراء (المطلب الأول)، كما اهتمت بمدة الكراء
المعتبرة ركنا موضوعيا في الكراء (المطلب الثاني).
المطلب
الأول: الإجراءات الرامية إلى تحقيق الحماية للمال الموقوف كركن شكلي في عقد
الكراء الوقفي
لما كانت مصلحة الوقف تقتضي حسن
استعماله واستغلاله، لضمان تنمية جيدة للوقف، وباعتبار أموال الوقف لا سيما العامة
ذات طبيعة خاصة، ومراعاة للأهداف الاجتماعية منها والدينية التي وجدت من أجلها هذه
الأموال، فقد تدخل المشرع المغربي من خلال مدونة الأوقاف وجعل من الشكلية بجميع
إجراءاتها ركنا في بناء العقد[16].
وتتبلور
هذه الإجراءات باتباع مساطر إبرام عقد الكراء المتمثلة في مسطرة السمسرة أو طلب
العروض (الفقرة الأولى)، أو الاتفاق المباشر (الفقرة الثانية)، والتي
نُظمت بتفصيل في قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية[17]
كانت قد أحالت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 61 من مدونة الأوقاف؛ حيث جاء فيها:
"تحدد بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف إجراءات السمسرة وطلب العروض
ومسطرة الاتفاق المباشر وكيفيات تنظيمهما وكذا صوائر السمسرة ومبلغ ضمان الوفاء
بالالتزام بنتيجتها".
الفقرة الأولى: مسطرة السمسرة أو
طلب العروض
يتميز الكراء الوقفي عن غيره من
أنواع الكراء الأخرى، على مستوى انعقاد العقد، باشتراط إجراء السمسرة العمومية أو
طلب العروض، كشرط لازم لصحة عقد الكراء مع مراعاة الاستثناءات[18]،
وشريطة التقيد بمبادئ المنافسة والمساواة بين المتنافسين والالتزام بقواعد
الشفافية[19].
وسيتم التفصيل في هاتين المسطرتين
من خلال تخصيص (أولا) لمسطرة السمسرة العمومية، وكذا تخصيص (ثانيا)
لمسطرة طلب العروض.
أولا: مسطرة السمسرة العمومية
إذا كان عقد الكراء، طبقا للقواعد
العامة في قانون الالتزامات والعقود، ينعقد بتراضي طرفيه على العناصر الأساسية
للعقد، وذلك بأن يكون الرضا صادرا من ذوي الأهلية وأن يكون سليما من أي عيب يمكن
أن يعيبه، فإن مدونة الأوقاف قررت أن تتم عملية التعاقد في إطار السمسرة العمومية[20].
تنطلق إجراءات السمسرة العمومية
بدءًا من صدور إذن من إدارة الأوقاف بكراء الوقف العام، وعلى إثره يقوم الناظر
كمرحلة أولى بتكوين ملف السمسرة، الذي حرص المشرع أن يتم تزويده بكل المعلومات
والبيانات؛ بشكل يمكن كل من اطلع عليه من معرفة العقار المراد اكتراؤه[21].
ويتضمن
ملف السمسرة وجوبا[22]؛
البيانات المحددة للمال محل الكراء ومشروع عقد الكراء وإعلان إجراء السمسرة[23].
يشهر
الإعلان عن إجراء السمسرة[24]
بجميع وسائل الإشهار المناسبة ولا سيما عن طريق تعليقه بمقر النظارة المعنية[25]؛
ذلك أن لعملية الإشهار هذه أهمية قصوى، فهي تساهم في ضمان حضور أكبر عدد ممكن من
الأشخاص الراغبين في كراء المحل الوقفي، بما يستتبعه من منافسة إيجابية، تنتج عنها
سومة كرائية مهمة، تؤدي إلى الرفع من مردودية الاستثمارات الوقفية[26].
وتجرى
السمسرة بعد 15 يوما على الأقل[27]
من تاريخ الإعلان عنها[28]،
من طرف لجنة يطلق عليها "لجنة السمسرة"[29]،
التي تقوم ممثلة في شخص رئيسها، وبحضور المتزايدين بافتتاح السمسرة، من خلال
التذكير بمحلها وموضوعها وبأن الأمر يتعلق بكراء مال موقوف وقفا عاما، والإشارة
إلى عنوانه، وتذكير الحضور بالثمن الافتتاحي وشروط المشاركة في عملية السمسرة[30].
وبعد
انتهاء الرئيس من التذكير بهذه العناصر، يبدأ الحضور بتقديم عروضهم، ويزيد كل منهم
على الثمن الذي تقدم به المتزايد الذي سبقه، وهكذا تستمر المزايدة إلى أن تستقر
على المتزايد الذي تقدم بأعلى عرض ويحجم الحاضرون عن تقديم عروض أخرى، فيعلن
الرئيس عن رسو المزاد، ثم تقوم اللجنة بتحرير محضر السمسرة؛ الذي يتضمن المعلومات
المتعلقة بالمال الوقفي العام، والشخص الذي استقر عليه المزاد، والظروف التي جرت
فيها عملية السمسرة، مع توقيع هذا المحضر من طرف كل من رئيسِ وأعضاءِ لجنة
السمسرة، والشخص الذي رست عليه المزايدة[31].
ويتعين
على هذا الأخير، أن يؤدي مبلغ ضمان الوفاء بالالتزام بنتيجة السمسرة وصوائرها وكذا
الوجيبة الكرائية[32]؛
وقد حددت المادة 41 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13 صوائر
السمسرة في نسبة خمسة في المائة (5%)
من السومة الكرائية، ومبلغ ضمان الوفاء بالالتزام بنتيجة السمسرة في مبلغ مساوي
للمبلغ الذي رست عليه. هذا ويمكن للمزايد الذي رسا عليه المزاد، حسب المادة 42 من
القرار الآنف الذكر، أن يؤدي مبلغ الضمان والصوائر إما نقدا أو بواسطة شيك معتمد
لقاء وصل. وينعقد الكراء بمصادقة إدارة
الأوقاف على نتيجة السمسرة؛ ذلك أن محضر إرساء السمسرة لا يترتب عنه مباشرة نشوء
العقد، بل إن هذا المحضر لا يعدوا أن يكون مجرد تمهيد لإبرام العقد، مادام أن
إدارة الأوقاف تبقى صاحبة القرار النهائي بخصوص المصادقة على نتيجة السمسرة من
عدمه[33].
وعند
حصول المصادقة، تصبح محاضر السمسرة وثائق رسمية في دلالتها على انعقاد العقد وعلى
حقيقة مضمونه، ولذلك لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور[34].
ثانيا: مسطرة طلب العروض
تجري هذه المسطرة[35]،
تحت إشراف لجنة تسمى "لجنة طلب العروض"، التي يرأسها ناظر الأوقاف[36]،
وأحد موظفي النظارة، ورئيس مصلحة تسيير الأملاك الوقفية، وممثل عن الإدارة
المركزية للوزارة الوصية[37].
وتمر
هذه المسطرة تقريبا بنفس مسطرة السمسرة العمومية، فبداية يجب تكوين ملف طلب
العروض؛ الذي يتضمن وجوبا بطاقة محددة للمال الوقفي العام موضوع الكراء، ومشروع
عقد الكراء ودفتر التحملات، وإعلان إجراء السمسرة[38].
وبعد ذلك، وفي مرحلة موالية، يتم
نشر إعلان عن طلب العروض في الجرائد، وبالموقع الرسمي للوزارة، وتعليقه في مقر
الوزارة الوصية، وبمقر النظارة، ويجب أن يتم نشر هذا الإعلان 15 يوما على الأقل
قبل موعد حلول يوم الجلسة العمومية التي ستفتح فيها العروض المقدمة[39].
وعليه، يجوز للعموم خلال الفترة
بين تاريخ الإعلان وانعقاد الجلسة، الاطلاع على ملف طلب العروض أو سحب نسخة منه،
وتقيد أسماؤهم وتواريخ وأوقات الاطلاع أو السحب في سجل يفتح لهذه الغاية[40].
وعلى كل من أراد المشاركة في مسطرة
طلب العروض، تقديم طلب يعرب فيه عن رغبته في ذلك، محددا الثمن الذي يعرضه على ألا
يقل عن القيمة التقديرية الكرائية للمال الموقوف وقفا عاما محل طلب العروض[41].
ويقدم الطلب في ظرف مختوم، يحمل
اسم وعنوان ومقر إقامة أو المركز الاجتماعي لصاحب العرض، وموضوع طلب العروض،
وعبارة "لا يفتح إلا من طرف رئيس لجنة طلب العروض"، التي توخى من خلالها
ـ أي العبارةـ المشرع النزاهة؛ وذلك بألا تمتد أياد أجنبية على الظرف بشكل يؤثر
على محتواه، إضافة إلى توخيه الجدية؛ من خلال اشتراطه في البند الأخير من المادة
23 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13، أن يتضمن الملف شيكا
معتمدا لقاء صائر طلب العروض وضمان الوفاء بالأداء. وبحلول الساعة واليوم المبين في
إعلان طلب العروض، تقوم اللجنة في جلسة عمومية، بتلاوة أسماء المتنافسين المكتوبة
على الأظرفة، وتتفحص محتواها لإقصاء كل عرض مفتقد لأحد الوثائق المطلوبة، ثم تختار
اللجنة العرض الأعلى قيمة من العروض المقدمة على وجه صحيح[42].
وتختتم اللجنة أعمالها بتحرير محضر
في نظيرين، يتضمن المال محل الكراء والقيمة التقديرية الكرائية، وأسماء المتنافسين
الذين أقصيت عروضهم، والذين لم تقصى عروضهم، ثم اسم المتنافس الذي قدم أعلى عرض
وقيمته المالية، كما يشير هذا المحضر إلى ملخص الوقائع والظروف التي انعقدت فيها
الجلسة العمومية لطلب العروض، ويوقع هذا المحضر خلال الجلسة من قبل الرئيس وأعضاء
اللجنة[43]. ويعتبر المحضر وثيقة رسمية لا يطعن
فيها إلا بالزور[44].
الفقرة الثانية: مسطرة الاتفاق
المباشر
إن القاعدة العامة المعمول بها لكراء المال العقاري الموقوف وقفا عاما، هو
خضوعه لمسطرة السمسرة العمومية أو لطلب العروض، لكن إذا لم تسفر هذه السمسرة
العمومية أو طلب العروض عن أي نتيجة، وذلك في حالة غياب المتنافسين، أو عدم
إقبالهم لكراء المال الوقفي العام المعروض للسمسرة، تقوم إدارة الأوقاف بإجراء
السمسرة أو طلب العروض للمرة الثانية، فإذا كانت النتيجة مماثلة للأولى؛ فإن إدارة
الأوقاف تلجأ استثناءً إلى إبرام عقد كراء المال الموقوف وقفا عاما عن طريق
الاتفاق المباشر[45]،
وذلك بناء على قرار معلل تتخذه استنادا إلى الفقرة الثانية من المادة 61 من مدونة
الأوقاف التي تنص على ما يلي: "وفي حالة تعذر إجراء السمسرة أو طلب العروض،
أو أجري أحدهما لمرتين متتاليتين دون أن يسفر عن أي نتيجة، جاز للسلطة الحكومية
المكلفة بالأوقاف بموجب مقرر معلل إجراء المعاوضات والأكرية المذكورة عن طريق
الاتفاق المباشر".
غير
أن الفقرة الثالثة من نفس المادة، نصت على حالة أخرى يمكن من خلالها إبرام عقد
الكراء الوقفي عن طريق الاتفاق المباشر، وهي حالة الأكرية المتعلقة بالعقارات
الوقفية المخصصة لاحتضان منشآت أو تجهيزات عمومية؛ إذ أن تحقيق المصلحة العامة
يقتضي التسريع بوضع العقار تحت يد الشخص المعنوي العام مما يقتضي المرور عبر مسطرة
أكثر سرعة، وأقل تعقيدا، وهو ما يتحقق في مسطرة الاتفاق المباشر[46]. وتمر مسطرة الاتفاق المباشر
بمجموعة من المراحل، يمكن تقسيمها إلى مرحلتين أساسيتين:
أولا: المرحلة السابقة للمصادقة
وفيها تفتتح مسطرة الاتفاق المباشر
بموجب طلب كتابي[47] ممن يهمه الأمر، يقدم إلى نظارة الأوقاف المعنية،
التي تتولى رفعه إلى المصلحة المختصة التابعة للإدارة المركزية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. ويشترط في الطلب الآنف الذكر، أن
يتضمن مجموعة من البيانات نصت عليها المادة [48]34
من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13، من بينها معلومات مقدم الطلب
الشخصية، والثمن الذي يقترحه كسومة كرائية مقابل الانتفاع بالمال الموقوف وقفا
عاما موضوع الطلب، وغيرها من البيانات.
يحال
الطلب داخل أجل 10 أيام من تاريخ التوصل به، على المصلحة المختصة التابعة للإدارة المركزية لوزارة الأوقاف والشؤون
الإسلامية قصد عرضه على "لجنة الأكرية والبيوعات الخاصة بالأوقاف
العامة" التي تتحقق من احترام الأحكام القانونية، ولاسيما تلك المتعلقة بكراء
الأموال الموقوفة وقفا عاما، وتلك المحددة لحالة جواز كرائها عن طريق الاتفاق
المباشر[49]، ثم اقتراح الموافقة على إجراء الاتفاق المباشر أو رفضه،
غير أنه يتعين عليها تعليل اقتراحها في حالة الموافقة[50]؛
ثانيا: مرحلة المصادقة
فعلى إثر تقديم اقتراحات "لجنة الأكرية والبيوعات الخاصة بالأوقاف العامة"، يحال الطلب على وزير الأوقاف قصد
المصادقة عليه بناء على مقترحات اللجنة، ولا يخرج قراره عن أحد الأمرين؛ فإما أن
يرفض المصادقة أو يمنح المصادقة، ليتم إبلاغ صاحب الطلب بالمقرر، وإشهاره لمدة 15
يوما بمقر النظارة[51]، ليتم إبرام العقد النهائي.
انطلاقا مما سبق،
يتضح على أنه نظرا للأهمية القصوى التي يحتلها الكراء الوقفي في التشريع المغربي،
باعتباره أهم أوجه استثمار المال العقاري الوقفي العام فيه، ومن أجل ضمان حماية
له؛ فقد تقرر وجوب إخضاعه لمساطر خاصة لاختيار المكتري؛ فبالإضافة إلى مسطرة
السمسرة العمومية[52] التي تعرف إقبالا كبيرا عليها من طرف إدارة الأوقاف في
كراء أموالها، نجد أن المشرع أوجد مساطر أخرى لا تقل عنها أهمية، والتي تتعزز فيها
بشكل كبير مبادئ التنافس الحر والنزيه في عملية كراء أموال الأوقاف، وتتمثل هذه
المساطر في كل من طلب العروض والاتفاق المباشر.
المطلب الثاني: مدة الكراء كركن
موضوعي في عقد الكراء الوقفي
إن طبيعة عقد الكراء، تجعل من مدته
ركنا في هذا العقد. وهذه المدة حسب الأحكام العامة في قانون الالتزامات والعقود
المغربي إما محددة أو غير محددة.
وإذا كانت مدونة الأوقاف، قد حَمَت
المال الموقوف وقفا عاما عند كرائه بتكريس ركن شكلية الانعقاد فيه، فإنها قد ارتأت
الزيادة في الحماية بتنمية مداخيله، ليس فقط باشتراط كراء المثل[53]؛
كأقل ما يمكن أن تكترى به العين الموقوفة وقفا عاما، وإنما أيضا بجعل مدة الكراء
مدة محددة[54].
وتختلف مدة الكراء المحددة،
باختلاف الغرض الذي ترصد له العين المكتراة:
ü
فإذا كانت هذه العين من العقارات
غير الفلاحية[55]، فإنها تكرى لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات[56]،
على خلاف
ما كان عليه الأمر قبل دخول مدونة
الأوقاف حيز التنفيذ؛ حيث كانت مدة الكراء سنتين فقط[57]،
استنادا للباب الأول من ظهير تحسين حالة الأحباس العمومية[58]،
الذي كان ينص على أنه: "تكـرى العقارات المبنية كالحوانيت والفنادق والأهرية
والحمامات والديـار لمدة عامين بالمناداة العمومية...".
غير
أنه وبالرجوع للفقرة الثانية من المادة 94 من مدونة الأوقاف، نجد على أنه يمكن
تجديد هذه المدة بطلب من المكتري قبل انتهائها بثلاثة أشهر، شريطة موافقة إدارة
الأوقاف والزيادة في السومة الكرائية بنسبة لا تقل عن عشرة في المائة من هذه
السومة عند كل تجديد.
والملاحظ
في هذا الإطار، أن المشرع المغربي لم يحدد عدد المرات التي يمكن أن يجدد فيها
العقد، ومنح بذلك المجال لأطرافه في كل مرة لتجديد العقد وفق الشروط المحددة، وهذا
يشكل محاولة للمشرع لإدخال الملك الوقفي في دائرة التنمية والاستثمار[59]؛
ü
أما إذا كانت العين المعروضة
للكراء من العقارات الفلاحية[60]؛ فإن مدة الكراء تتحدد فيما لا
يزيد على عشر سنوات، بعد أن كانت
ست سنوات قبل التعديل الذي أدخل على المادة 98 من مدونة الأوقاف بموجب ظهير فاتح
مارس 2019[61]. ويمكن تجديد هذه المدة لمرتين بطلب من المكتري، وذلك قبل
انتهائها بستة أشهر على الأقل، متى توفرت الشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية
من المادة 98 من المدونة الآنفة الذكر، ويتعلق الأمر بموافقة إدارة الأوقاف،
والزيادة في السومة الكرائية بنسبة لا تقل عن عشرين في المائة من هذه السومة عند
كل تجديد.
وإذا ما قمنا
بمقارنة بسيطة حول ما تم ذكره بخصوص النوعين من الكراء، فإننا سنلاحظ أن مدة
الكراء تختلف بحسب نوعه، فهي ثلاث سنوات في الكراء غير الفلاحي وعشر سنوات في
الكراء الفلاحي. ويعود سبب هذا الاختلاف إلى أن أغلب المشاريع الاستثمارية
التي يقيمها مُكْتَرُو الأموال الوقفية تتعلق بالأراضي الفلاحية، وبالتالي فهذه
المشاريع تحتاج إلى وقت كاف لِتُؤْتِيَ النتائج المرجوة منها وتدر الربح المأمول
فيها، لذلك يكون من الطبيعي أن تصل مدة الكراء الفلاحي إلى عشر سنوات، متجاوزة مدة
الكراء غير الفلاحي المحدد في ثلاث سنوات[62].
وجدير بالذكر، أن
تقييد التجديد بمرتين فقط في حالة كراء العقار الفلاحي الموقوف وقفا عاما، لا يعني
إقصاء المكتري الذي انتهت مدة كرائه من العودة إلى الأصل في إبرام عقد الكراء؛ وهو
اللجوء إلى مسطرة السمسرة أو طلب العروض التي يمكن أن يتنافس فيها ذلك المكتري
السابق أيضا[63]، أما بخصوص تجديد الكراء في حالة العقار غير الفلاحي، فهو
غير مقيد إلا بشرطيه السالفي الذكر[64].
نافلة القول، أن
غاية المشرع من تحديد مدة معينة لكراء العقارات الموقوفة وقفا عاما؛ هو الزيادة في
قيمتها المالية، وتنمية مداخيل الأحباس لمواجهة النفقات المتزايدة، وهو أمر لا
يمكن إلا الإشادة بأهميته، من خلال الانتباه إلى التغييرات التي تطرأ على العقارات
عموما من حيث الزيادة فيها، ورعاية للمصالح العامة التي تتأتى من حسن تدبير العقار
الموقوف بتنميته عن طريق الزيادة في السومة الكرائية عند كل تجديد؛ خاصة أن رغبة
التجديد ترتبط بالمكتري، الذي تظهر له مصلحة في هذا التجديد[65]،
وتتحقق له منافع بهذا الكراء[66]،
وبالتالي فتقديمه لطلب التجديد في الكراء؛ يعني أنه يحقق نفعا من استغلاله للمال
الموقوف وقفا عاما.[67]
[1]ـ لمياء فاتي، قراءة في النظام الوقفي المغربي: الواقع والآفاق، مقال منشور
بالمجلة الوطنية للعلوم القانونية والقضائية، ع مزدوج 3ـ4، شتنبر 2020،
ص. 119.
[2]ـ المذهب الرسمي المعتمد في المغرب.
[3]ـ بحيث هناك مواضيع أخرى تبنى فيها المشرع المغربي في مدونة الأوقاف، آراء
فقهية داخل المذهب المالكي أو غيره من المذاهب، كشروط إنشاء الوقف والآثار
المترتبة عليه وإثباته.
[4]ـ والتي نصت على أنه: "تجري على الأموال الموقوفة وقفا عاما جميع
التصرفات القانونية الهادفة إلى الحفاظ عليها، وتنمية مداخيلها بما يلائم طبيعتها
ويحقق مصلحة ظاهرة للوقف".
[5]ـ والذي عرفته المادة 50 من مدونة الأوقاف بقولها: "الوقف
العام هو كل وقف خصصت
منفعته ابتداء أو مالا لوجوه البر والإحسان وتحقيق منفعة عامة. تعتبر وقفا عاما بقوة القانون على
عامة المسلمين جميع المساجد والزوايا والأضرحة والمقابر الإسلامية، ومضافاتها والأملاك الموقوفة عليها...".
[6]ـ عبد الرزاق اصبيحي، الخطة المنهجية لتطوير قوانين الأوقاف ـ مدونة
الأوقاف المغربية نموذجا ـ، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد 1، 2012، ص.
43.
[7]ـ يطلق مصطلح إدارة الأوقاف على الجهة المكلفة بتدبير ممتلكات الأوقاف،
والمتمثلة في مديرية الأوقاف على المستوى المركزي، ونظارات الأوقاف على المستوى
الخارجي.
[8]ـ بأنه: "...عقد، بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر
منفعة منقول أو عقار، خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة، يلتزم الطرف الآخر
بدفعها له".
[9]ـ نص الفصل الثاني من قانون الالتزامات والعقود على
أنه: "الأركان اللازمة لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن الإرادة هي:
1 - الأهلية للالتزام؛
2 - تعبير صحيح عن الإرادة يقع على
العناصر الأساسية للالتزام؛
3 - شيء محقق يصلح لأن يكون محلا
للالتزام؛
4 - سبب مشروع للالتزام".
ونود التطرق لملاحظتين مهمتين حول
هذا الفصل، ذلك أنه يتبين من خلاله أن المشرع المغربي سلك مسلك القانون المدني
الفرنسي عندما اعتبر الأهلية ركنا مستقلا، في الوقت الذي يرى الاتجاه الغالب في
الفقه على أن الأهلية إنما هي شرط من شروط صحة التراضي.
أما الملاحظة الثانية، فهي أن
الفصل الثاني إنما أشار إلى القاعدة العامة، وإلا فإن هناك العديد من الحالات التي
يتوقف فيها قيام العقد على شكلية معينة، بل إن عنصر الرضائية عرف تراجعا مهما في
ظل توسع عنصر الشكلية الذي كان مقتصرا على بعض أنواع العقود.
وفي جميع الأحوال، فإن القاعدة
العامة تقضي بأنه لصحة أي عقد، لابد من توفر ركنين آخرين هما المحل والسبب.
ــ عبد الرحمان الشرقاوي، القانون
المدني ـ دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة
للقانون الاقتصادي ـ، الكتاب الأول، مصادر الالتزام، الجزء الأول، التصرف
القانوني، الطبعة الأولى، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2012، ص. 101 وما
بعدها.
[10]ـ يقصد بركن الشيء عماده وركيزته، وأركان العقد هي
المقومات الأساسية لنشوئه، ورجوعا إلى الشريعة الإسلامية (القرآن الكريم)، نجد
أنها قد حددت هذه الأركان وحسب ما ذهب إليه الفقهاء في:
-
الكتابة
للعقد؛
-
كتابة
العقد من قبل العدل؛
-
تحديد
أجل له؛
-
التراضي
بالدين وشروطه والاعتراف به.
في حين حددت
أركان العقد وفق مقتضيات ظهير الالتزامات والعقود في كل من: الأهلية والرضا والمحل
والسبب والشكلية في العقود الشكلية والعينية في العقود العينية.
ــ محمد محروك،
الوجيز في نظرية العقد تكوينه وآثاره، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار
البيضاء، 2017، ص. 21.
[11]ـ رضوان الطريبق، استثمار العقارات الوقفية العامة
بالمغرب: الكراء الوقفي نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة
عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة
الجامعية 2013ـ2014، ص. 67.
[12]ـ يمكن تعريف الكراء الوقفي على أنه: "عقد بمقتضاه
تمنح إدارة الأوقاف منفعة عقار إلى آخر مزايد خلال مدة معينة مقابل وجيبة كرائية
يؤديها مسبقا".
ــ زكرياء سويدي، الكراء الحبسي في التشريع المغربي بين
امتيازات الأوقاف وحقوق المكتري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في
القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
بوجدة، السنة الجامعية 2006ـ2007، ص. 2.
وهو نفس
التعريف الذي أورده:
ــ ادريس الفاخوري،
الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08، (دون ذكر الطبعة)، مطبعة المعارف الجديدة،
الرباط، 2013، ص. 175.
[13]ـ يعتبر التراضي أحد أركان العقود، إن لم نقل بأنه الركن الأساسي فيها، فانعدام
التراضي يؤدي إلى انعدام العقد؛ والمقصود بالتراضي في هذا الإطار اتجاه إرادتين أو
أكثر إلى إبرام عقد من العقود.
ــ سليمان
المقداد، مركز الإرادة في العقود، أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2016ـ2017، ص. 54.
[14]ـ محل العقد هو موضوعه والالتزامات الناشئة عنه. وإذا كان محل الكراء يعد
عملية قانونية مفادها تمكين المكتري من الانتفاع بالعين المكتراة لقاء أجرة
معلومة، فمعنى ذلك أن محل العقد هنا مزدوج؛ فهو بالنسبة للمكري (إدارة الأوقاف)
يتمثل في منفعة الشيء المكترى، وهذه المنفعة تقاس بالمدة. وبالنسبة للمكتري يتمثل
في الأجرة، وهي الأخرى تقاس بالمدة.
ــ محمد
العروصي، المختصر في بعض العقود المسماة ـ عقد البيع والمقايضة والكراء ـ، الطبعة
السادسة، مطبعة أناسي، مكناس، 2017ـ2018، ص. 268.
[15]ـ تعرض المشرع للسبب في الفصل 62 إلى 65 من قانون الالتزامات والعقود،
ويعرف بأنه الغرض أو الهدف المباشر من الالتزام التعاقدي، والذي يجب أن يكون
موجودا ومشروعا وحقيقيا وإلا كان باطلا.
ــ محمد
العروصي، مرجع سابق، ص. 280.
[16]ـ يسيرة الشنواني، تدبير أموال الأوقاف العامة بالمغرب،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية 2017ـ2018، ص. 343 وما
بعدها.
[17]ـ قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 13.365 صادر في 27 من جمادى
الأولى 1434 (8 أبريل 2013) بتطبيق المادة 61 من الظهير الشريف رقم 1.09.236
الصادر في ربيع الأول 1431 (23 فبراير 2010) المتعلق بمدونة الأوقاف، الجريدة
الرسمية عدد 6161، الصادرة بتاريخ 8 شعبان 1434 (َ17 يونيو 2013)، ص. 4642.
[18]ـ وهي التي نصت عليها الفقرتين 2 و3 من المادة 61 من مدونة الأوقاف؛ وتتمثل
في حالة تعذر إجراء السمسرة أو طلب العروض، أو حالة العقارات الوقفية المخصصة
لاحتضان منشآت أو تجهيزات عمومية، ففيها يتم تطبيق مسطرة الاتفاق المباشر.
وسيتم التفصيل
في هذه الاستثناءات أثناء الحديث عن مسطرة الاتفاق المباشر كمسطرة من مساطر إبرام
عقد الكراء الوقفي.
[19]ـ سارة البوعناني، القواعد الإجرائية لحماية الأوقاف
العامة بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، السنة الجامعية
2015ـ2016، ص. 24.
[20]ـ فاطمة بنشلال، الأملاك الحبسية بين صلابة القانون
وحركية الاقتصاد، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الأول،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2008ـ2009،
ص. 92.
[21]ـ محمد العسري، الكراء الوقفي للمحلات المعدة للتجارة،
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، السنة الجامعية 2019ـ2020، ص.
14.
[22]ـ طبقا للمادة 4 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13 بتطبيق
المادة 61 من مدونة الأوقاف.
[23]ـ ويتعين أن يتضمن
الإعلان عن إجراء السمسرة، استنادًا للمادة
5 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ما يلي:
1ـ
المال محل السمسرة وموضوعها؛
2ـ
معلومات عن المال محل السمسرة؛
3ـ ثمن افتتاح
السمسرة؛
4ـ
قيمة الصوائر؛
5ـ
مبلغ ضمان الوفاء بالالتزام بنتيجة السمسرة؛
6ـ
مكان وتاريخ إجراء السمسرة وساعة انطلاقها؛
7ـ
دعوة العموم للمشاركة فيها".
[24]ـ والهدف من ذلك الإشهار؛ هو تبليغ نية إدارة الأوقاف بخصوص كراء العقار
الموقوف وقفا عاما إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص.
[25]ـ وعلى المستوى العملي، فبالإضافة إلى الإشهار في الجرائد وتعليق الإعلان
بمقر النظارة، ينشر هذا الإعلان كذلك بالموقع الإلكتروني للوزارة وتعليق هذا
الإعلان بالأماكن العامة.
[26]ـ رضوان الطريبق، مرجع سابق، ص. 72.
[27]ـ وبالضبط في التاريخ والساعة وكذا المكان المحددين في إعلان إجراء
السمسرة.
[28]ـ يحتسب هذا الأجل في حالة النشر بالجرائد من اليوم الموالي لصدور آخر
جريدة نشر فيها الإعلان، وذلك طبقا للمادة 7 من قرار وزير الأوقاف والشؤون
الإسلامية رقم 365.13.
[29]ـ تتكون هذه
اللجنة، بالإضافة إلى ناظر الأوقاف الذي يوجد بدائرة نفوذه المال محل السمسرة أو
من ينوب عنه رئيسا، من الأعضاء التالين:
-
رئيس مصلحة تسيير الأملاك الوقفية بالنظارة أو من ينوب عنه؛
-
موظف واحد، على الأقل، بالنظارة يعينه الناظر؛
- ممثل
عن الإدارة المركزية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، عند الاقتضاء.
[30]ـ المادة 9 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13.
[31]ـ المادة 11 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13.
[32]ـ استنادا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 81 من مدونة الأوقاف؛ إذ جاء
فيها على أنه: "يؤدي
المكتري فور رسو المزاد عليه مبلغ ضمان وصوائر السمسرة والوجيبة الكرائية".
[33]ـ محمد العسري، مرجع سابق، ص. 15.
[34]ـ وفقا للمادة 62 من مدونة الأوقاف التي جاء فيها ما يلي: "تعتبر محاضر
السمسرة...المتعلقة بالتصرفات الجارية على الأوقاف العامة حجة قاطعة على الوقائع
المضمنة بها لا يطعن فيها إلا بالزور".
[35]ـ جدير بالذكر، أن المشرع تحفظ عن ذكر الأسباب الداعية إلى سلوك مسطرة طلب
العروض، عوض مسطرة السمسرة العمومية، والأرجح أن الأمر يرجع إلى السلطة التقديرية
لإدارة الأوقاف؛ التي قد ترى أن قيمة المال الموقوف وقفا عاما لو كان معدا للتجارة
مهمة جدا؛ كما لو تعلق الأمر بكراء عمارة تصلح لأن تكون مقرا لشركة، أو مركب تجاري
وجدت الإدارة من الأحسن أن يتم كراؤه دفعة واحدة لشخص واحد عوض إكرائه بالتقسيط،
الأمر الذي يدعو إلى سلوك مسطرة أكثر شفافية وأكثر جذبا للمتنافسين.
ــ محمد العسري،
مرجع سابق، ص. 17.
[36]ـ يعرف ناظر الوقف بأنه: "من يقبل القيام بمصلحة النظر أو الإشراف على
حبس أو أحباس، المتصرف فيها بمقتضى الشرع والاجتهاد، وبموافقة الصواب والسداد، ووفقا
لشروط المحبس".
ــ عبد الرزاق
اصبيحي، إدارة واستثمار موارد الأوقاف الإشكالات والتحديات، مقال منشور
بمجلة الحقوق، العدد 18، 2015، ص. 45.
[37]ـ المادة 15 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13.
[38]ـ تنص المادة 17 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13 على
أنه: "يتكون ملف طلب العروض من الوثائق المنصوص عليها في المادة
4...".
[39]ـ فقد جاء في المادة 20 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13
ما يلي: "يشهر الإعلان عن طلب العروض وفق نفس كيفيات
إشهار الإعلان عن إجراء السمسرة ولنفس مدته".
[40]ـ وهذا ما نصت عليه المادة 21 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم
365.13: "تقيد، في سجل يفتح لهذه الغاية، وبالترتيب،
أسماء الأشخاص الذين اطلعوا على ملف طلب العروض أو سحبوا نسخة منه، وتواريخ وأوقات
الاطلاع أو السحب".
[41]ـ البند 1 من المادة 23 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم
365.13.
[42]ـ إلا أنه يتعين على هذه اللجنة، في حالة تساوي أعلى العروض المالية،
مطالبة المتنافسين المعنيين بتقديم عروض جديدة داخل أجل 15 يوما من تاريخ توصلهم
بإشعار يوجه إليهم في الموضوع.
[43]ـ المادة 29 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13.
[44]ـ وذلك طبقا للمادة 62 من مدونة الأوقاف، التي جاء فيها: "تعتبر
محاضر...فتح العروض المتعلقة بالتصرفات الجارية على الأوقاف العامة حجة قاطعة على
الوقائع المضمنة بها لا يطعن فيها إلا بالزور".
[45]ـ زهيرة فونتير، منظومة الأوقاف العامة بالمغرب بين
التأطير القانوني والفقهي والحماية القضائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش،
السنة الجامعية 2014ـ2015، ص. 316 وما بعدها.
[46]ـ محمد العسري، مرجع سابق، ص. 20.
[47]ـ الأمر الذي يستشف معه، أن الفرق بين هذه المسطرة وباقي المساطر المشار
إليها سلفا، يتمثل في أن هذه المسطرة يكون العموم فيها هم أصحاب المبادرة عبر
التقدم بطلب كتابي من أجل أن تُكري لهم إدارة الأوقاف المال العقاري الموقوف وقفا
عاما، على خلاف مسطرتي السمسرة العمومية وطلب العروض التي تكون فيهما إدارة
الأوقاف هي صاحبة المبادرة لدعوة العموم للتقدم بالعروض والمزايدات بغاية الحصول
على كراء هذه الأموال.
[48]ـ إذ جاء فيها ما يلي: "يشترط في الطلب المنصوص عليه في المادة 33 أعلاه ما يلي:
-
أن يكون مؤرخا وموقعا ومصادقا فيه على هذا التوقيع؛
-
أن يتضمن الاسم العائلي والشخصي لصاحب الطلب وعنوانه أو محل إقامته، أو مركزه
الاجتماعي إذا كان شخصا اعتباريا؛
- أن
يشار فيه إلى المال موضوع الطلب والبيانات المحددة له؛
- أن
يتعلق بمال موقوف توفرت فيه حالة جواز إجراء الاتفاق المباشر المنصوص عليها في
المادة 61 من الظهير الشريف رقم 1.09.236 الصادر في 8 ربيع الأول 1431 (23 فبراير 2010) المتعلق بمدونة
الأوقاف؛
-
أن يقدم داخل أجل سنة من تاريخ إجراء آخر سمسرة أو طلب عروض؛
-
أن يتضمن المبلغ المقترح من قبل المعني بالأمر؛
-
أن يكون مرفقا بنسخة، مشهود بمطابقتها للأصل، من بطاقة التعريف الوطنية لصاحب
الطلب أو لممثله القانوني إذا كان شخصا اعتباريا".
[49]ـ المادة 35 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13.
[50]ـ استنادا للمادة 36 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13.
[51]ـ المادة 37 من قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 365.13.
[52]ـ إن السمسرة العمومية هي الوسيلة الكفيلة بمراجعة السومة الكرائية للمحلات
الوقفية، وتحقيق أعلى مستوى ممكن لها، وهي التي تحول دون غبن الأوقاف.
ــ عبد الرزاق اصبيحي، التجربة
المغربية في الأوقاف صرفا وتقنينا واستثمارا، (دون ذكر ط)، م المعارف الجديدة،
الرباط، 2017، ص. 173.
[53]ـ والملاحظ أن
مدونة الأوقاف لم تضع تعريفا لمفهوم كراء المثل، وبتطبيق مقتضيات المادة 169 منها،
نجد على أنه وبالرغم من إجماع الفقه على عدم جواز تأجير الوقف بأقل من كراء المثل،
إلا أنه بدوره لم يضع له تعريفا، أو أيَّ عناصرَ يُسترشد بها في تحديد ما إذا كانت
الوجيبة الكرائية المكرى بها الوقف مطابقة لكراء المثل، أم لا.
ويرى بعض الفقه القانوني في هذا
الصدد، أن عدم وجود هذا التحديد لا يطرح أي إشكال بخصوص تحديد هذه العناصر، ما دام
أنها لن تخرج عن تلك التي كان يعتمدها القضاء المغربي قبل دخول مقتضيات القانون
07.03 المتعلق بمراجعة أثمان المحلات المعدة للسكنى أو الاستعمال المهني أو
التجاري أو الصناعي أو الحرفي، حيز التنفيذ، والتي تتمثل في الأخذ بعين الاعتبار
موقع العين المكتراة، ومساحتها، ومواصفاتها ومشتملاتها، وملحقاتها، ومبلغ رأس
المال الموظف فيها، إلى غير ذلك من العناصر التي تسهم في تحديد القيمة الإيجارية
للعقار.
ــ زكرياء
العماري، مراجعة السومة الكرائية للمحلات الحبسية بين واقع النصوص وإكراهات
التطبيق، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد 5، شتاء/ربيع 2012، ص. 68.
[54]ـ محمد شيلح، التصرفات الجارية في الأموال الموقوفة
وقفا عاما في ضوء مدونة الأوقاف: قراءة أولية في عقد الكراء كنموذج، مقال منشور
بمجلة القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية، العدد 4، 2013، ص. 46 وما
بعدها.
[55]ـ كالأرض غير الصالحة للزراعة والمستخدمة في المدن كموقف السيارات، أو
كالبناء المعد للاستعمال السكني أو المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي أو
لاحتضان منشآت أو تجهيزات عمومية.
[56]ـ الفقرة الأولى من المادة 94 من مدونة الأوقاف.
[57]ـ آيت لمهاوض احماد، تأثير بعض المستجدات التشريعية
الوقفية على المراكز القانونية للأوقاف في القانون المغربي، مداخلة في إطار أشغال
الندوة العلمية: القانون المغربي في مطلع القرن الحادي والعشرين ـ دراسات مهداة
تكريما للأستاذ محمد الشافعي، المجلد 1، 2017، ص. 524.
[58]ـ ظهير شريف مؤرخ في 16 شعبان 1331 (21 يوليو 1913)، المتعلق بنظام تحسين
الأحباس العمومية.
[59]ـ فاضمة ند علي، الأملاك الحبسية في ظل أحكام القانون المغربي وقواعد الفقه
المالكي، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة ابن زهر، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، السنة الجامعية 2014ـ2015، ص. 89.
[60]ـ أي العقارات الصالحة للزراعة والتي أفرد المشرع لكرائها أحكاما خاصة في
المواد من 98 إلى 102 منها.
[61]ـ ظهير شريف رقم 1.19.46 الصادر في 23 من جمادى الآخرة
1440 (فاتح مارس 2019) بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.09.236 الصادر في 8 ربيع
الأول 1431 (23 فبراير 2010) المتعلق بمدونة الأوقاف، المنشور بالجريدة الرسمية
عدد 6759 بتاريخ 4 رجب 1440 (11 مارس 2019)، ص. 1377.
[62]ـ إبراهيم قادم، النظام القانوني لكراء الأملاك الحبسية في ضوء مستجدات
مدونة الأوقاف، مقال منشور بمجلة القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية،
العدد 4، يناير 2013، ص. 224 وما بعدها.
[63]ـ محمد شيلح، مرجع سابق، ص. 47.
[64]ـ وعلة ذلك، أن المشرع حرص على ضمان نوع من الاستقرار
لمكتري المحلات الوقفية غير الفلاحية؛ من شقق ومحلات تجارية وصناعية وحرفية، دون
التفريط بحقوق إدارة الأوقاف في استيفاء سومة كرائية معقولة، لا يجوز بأي حال من
الأحوال أن تقل عن كراء المثل وفقا لما تقتضيه المادة 80 من مدونة الأوقاف. ــ يسيرة الشنواني، الاستثمار في الأموال العقارية الوقفية العامة
"الكراء نموذجا"، مقال منشور بمجلة البوغاز للدراسات القانونية
والقضائية، العدد 5، ماي 2020، ص. 132.
[65]ـ وتجدر الإشارة إلى أن تجديد عقد كراء الأملاك الوقفية يحقق للأوقاف،
فلاحية كانت أو غير فلاحية، الغاية المتوخاة من إجراء السمسرة أو طلب العروض؛ وهي
مراجعة السومة الكرائية في اتجاه الزيادة فيها.
كما يوفر على
الأوقاف الكثير من الجهد والوقت والمصاريف، إلى جانب تحقيقه للمكتري الاستقرار،
ويوفر عليه عناء البحث عن محل بديل يرضي حاجاته. ــ
عبد الرزاق اصبيحي، التجربة المغربية في الأوقاف صرفا وتقنينا واستثمارا،
مرجع سابق، ص. 178.
[66]ـ الأمر الذي يفهم معه، أن العبرة في تجديد الكراء الوقفي ـ لو كان معدا
للتجارة مثلا ـ هي بمرور المدة وتقديم المكتري طلبا بذلك، وأن انتفاع هذا الأخير
من اكترائِه للمال العقاري الموقوف وقفا عاما، يفهم ضمنيا من تقديمه لذلك الطلب؛
ذلك أنه لو لم ينتفع به لما قدم طلبا بالتجديد.
وهذا على خلاف
ما هو عليه الأمر في كراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو
الصناعي أو الحرفي الخاضعة للقانون 49.16، فالعبرة في تجديدها، ليست بمرور مدة
سنتين على إبرام عقد الكراء فقط، بل العبرة بالانتفاع بالمحل لمدة سنتين، وهذا ما
قضت به محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، في قرارها رقم 2562 في الملف عدد
2019/8206/755 الصادر بتاريخ 29/05/2019 بأن: "أن العلاقة الكرائية تجاوزت
السنتين، وأنه طبقا للمادة 4 من قانون 49.16، فإن المكتري يستفيد من تجديد العقد
متى أثبت انتفاعه بالمحل بصفة مستمرة لمدة سنتين على الأقل...". ــ
مصطفى بونجة، مساطر الإفراغ والتعويض الخاصة بالمحلات التجارية وفقا للقانون
49.16، الطبعة الأولى، مطبعة الأمنية، الرباط، 2020، ص. 54.
[67]ـ عبد الكريم بناني، مدونة الأوقاف المغربية ورعاية المصلحة العامة
والخاصة، مقال منشور بمجلة القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية، العدد 4،
يناير 2013، ص. 78.