المحاكم المالية بالمغرب حق وواجب نشر جميع أعمالها انتكاسة بعد تحسن ملموس !!! - سميرة الراجب


المحاكم المالية بالمغرب حق وواجب نشر جميع أعمالها انتكاسة بعد تحسن ملموس !!! [1]

The financial courts in Morocco have a right and a duty to publish all their work, a setback after a tangible improvement!!!

سميرة الراجب/ حاصلة دبلوم ماستر في قانون الأعمال اختصاص الاستشارة القانونية للمقاولات باحثة مهتمة بمجال المالية العمومية محامية متمرنة.

 SAMIRA Alrajeb


مقدمة

نص دستور المملكة في تصديره على أن المملكة تواصل توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة[2]، ويعتبر المجلس الأعلى للحسابات مؤسسات الدولة المعول عليها لتثبيت هذه المرتكزات وتقويتها، حيث نص الفصل 147 من الدستور على هذه المؤسسة هي الهيأة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة وتمارس بناء على ذلك مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية عبر ممارسة مجموعة من الاختصاصات تمت الإشارة إليها في نفس الفصل والفصل بعده[3].

وتطبيقا للمقتضيات الدستورية وعلى غرار سائر المؤسسات الدستورية بالمملكة وإعمالا للممارسات الفضلى على الصعيد الدولي، فإن المجلس الأعلى للحسابات مطالب بإخبار العموم والمؤسسات المعنية بأنشطته وكذا بمخرجات المهام المنوطة به. فقد نص الفصل 148 من الدستور على أن المجلس الأعلى للحسابات مطالب بنشر جميع أعماله، بما فيها التقارير الخاصة والمقررات القضائية. وأضافت نفس المادة على أن المجلس يرفع سنويا للملك تقريرا سنويا، يتضمن بيانا عن جميع أعماله، ويوجهه أيضا إلى رئيس الحكومة، وإلى رئيسي مجلسي البرلمان، وينشر بالجريدة الرسمية للمملكة. نفس المقتضيات تم التنصيص عليها في المادتين 100 و113 من مدونة المحاكم المالية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المعيار المتعلق بمبادئ الشفافية والمساءلة رقم 20 (ISSAI 20) ضمن المعايير الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة[4] الصادرة عن المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة (الإنتوساي) والتي يعتبر المجلس الأعلى للحسابات عضوا فيها، ينص على أنه "... تماشيا مع تفويضاتها وإطارها القانوني، فإن معلومات الأجهزة العليا للرقابة يجب أن تكون متاحة ومفيدة، كما أن المناهج الخاصة بعملها وأنشطتها ومنتجاها يجب أن تكون شفافة، كما يجب على هذه الأجهزة التواصل بانفتاح مع وسائل الإعلام وباقي الأطراف المهتمة، وأن تكون حاضرة في الساحة العمومية"[5].

يجد هذا البحث أهميته في كون إعلام العموم من الواجبات الأساسية الواجب احترامها من طرف المجلس الأعلى للحسابات.في المقابل نجد أن آخر تقرير سنوي حول أنشطة المجلس يتعلق بسنتي 2019 و 2020  حيث تم نشره بتاريخ 14 مارس 2022.

من هنا يمكن التساؤل حول ما مدى احترام المجلس الأعلى للحسابات بالمغرب لالتزاماته المتعلقة بنشر جميع أعماله وإخبار العموم بها والتواصل حولها؟ وهو ما سنحاول الإجابة عليه معتمدين التصميم التالي:

أولا : نظرة حول النصوص المؤطرة لواجب نشر المجلس الأعلى للحسابات لجميع أعماله

ثانيا: طبيعة الأعمال المعنية بعملية النشر

ثالثا: نظرة على وضعية نشر المجلس الأعلى للحسابات لأعماله

رابعا: نشر أعمال الأجهزة العليا للمراقبة من خلال بعض التجارب المقارنة

خلاصة

 

أولا : نظرة حول النصوص المؤطرة لواجب نشر المجلس الأعلى للحسابات لجميع أعماله

1. النص الدستوري

وعيا من المشرع الدستوري بأهمية إطلاع العموم على نتائج أعمال مراقبة استعمال المال العام وتعزيزا لمبادئ الشفافية والمساءلة، فقد تم الحرص في صلب الوثيقة الدستورية على الإشارة إلى ضرورة نشر المجلس الأعلى للحسابات لجميع أعماله مؤكدا ورافعا لكل لبس على أن هذا النشر يجب أن يهم أيضا تقارير المراقبة الخاصة وكذا المقررات القضائية الصادرة  عن أجهزته عند ممارسة الاختصاصات القضائية[6].

تجدر الإشارة في هذا الإطار، أن إلزامية نشر جميع أعمال المجلس الأعلى للحسابات، لم تتم الإشارة إليها لأول مرة إلا في دستور سنة 2011، بحيث أن دستور سنة 1996 الذي نص على دستورية هذه المؤسسة لم يشر إلى إلزامية نشر المجلس الأعلى لأعماله وهو ما يؤكد على أهمية هذا المقتضى الدستوري المستجد الداعم بكل تأكيد لمبادئ الشفافية والمساءلة وأيضا لحق المواطن في الحصول على المعلومة.

2. النصوص القانونية

من خلال الاطلاع على مقتضيات القانون المؤطر لعمل المجلس الأعلى للحسابات بالمغرب وهو القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية[7]، فقد نصت المادة 100 من هذه المدونة[8] على أن المجلس يقدم في تقريره السنوي بيانا عن جميع أنشطته ويحرر ملخصا للملاحظات التي أبداها، ويبدي اقتراحاته المتعلقة بتحسين تسيير المالية العامة وبتدبير المرافق والأجهزة التي شملتها المراقبة، كما يقدم تعاليق السلطات الحكومية ومسؤولي المؤسسات والأجهزة العمومية المعنية ويعطي ملخصا عن تقرير المجلس حول تنفيذ قانون المالية. وأضافت نفس المادة على أن هذا التقرير السنوي يرفع إلى جلالة الملك من طرف الرئيس الأول قبل انتهاء السنة المالية الموالية لسنة التسيير المقصودة. ويوجه هذا التقرير إلى رئيس الحكومة وإلى رئيسي مجلسي البرلمان وينشر بالجريدة الرسمية[9]. فيما يتعلق بنشر التقارير الخاصة والمقررات القضائية فقد أشارت المادة 113 من مدونة المحاكم المالية على أنه طبقا للفقرة الرابعة من الفصل 148 من الدستور، ينشر المجلس الأعلى للحسابات جميع أعماله، بما فيها التقارير الخاصة والمقررات القضائية. لكن ربطت هذه المادة نشر هذه الأعمال بصدور أمر للرئيس الأول يحدد شروط وكيفيات النشر وذلك بعد موافقة هيئة الغرف المجتمعة بالمجلس.

تجدر الإشارة في هذا الإطار، أن كلا من المشرعين الدستوري والبرلماني استعملا مصطلح "تقارير خاصة" وهو مصطلح استعمل في مدونة المحاكم المالية للدلالة على المخرجات النهائية عند ممارسة الاختصاصات غير القضائية خاصة مراقبة التسيير. ويمكن اعتبار هذا التقرير ذلك الذي استنفد مساطر التواجهية وكذا كافة مراحل التداول داخل غرف المجلس بمعنى كونه التقرير النهائي لعملية المراقبة.

3. المعايير الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة

1.3 إعلان ليما للتوجيهات الخاصة بالمبادئ الرقابية:

تمت المصادقة على هذا الإعلان في أكتوبر من سنة 1977 في المؤتمر التاسع للإنكوساي (وهو مؤتمر الإنتوساي) بمدينة ليما في البيرو وقد تضمن قائمة للأهداف والقضايا المتعلقة بالرقابة على استعمال المال العام، لكن الهدف الرئيسي كان هو الدعوة إلى رقابة حكومية مستقلة، ذلك أن الجهاز الأعلى للرقابة الذي لا يمكنه العمل وفق هذا المبدأ لا يمكنه الارتقاء إلى المستوى المطلوب.

تمت الإشارة في ديباجة هذا الإعلان على أن الأهداف المميزة للرقابة هي الاستعمال الملائم والفعال للأموال العمومية، وتطوير التصرف المالي السليم، والتنفيذ الملائم للأنشطة الإدارية، وإيصال المعلومة إلى السلطات العمومية وعامة الناس بواسطة نشر تقارير موضوعية.

وقد افرز هذا الإعلان قسما[10] مستقلا للتقارير المعدة من طرف الأجهزة العليا للرقابة، حيث نص على أنه "يخول للجهاز الأعلى للرقابة ويطالب منه تقديم نتائج عملياته الرقابية سنويا وبصورة مستقلة للبرلمان أو لأي هيئة عمومية مسؤولة، ونشر تلك النتائج، وهو ما يمكن من توزيع واسع النطاق ومن فحص دقيق لمحتوياتها، ويدعم فرص تنفيذ نتائج الجهاز الأعلى للرقابة". كما تمت الإشارة أنه "يحق للجهاز الأعلى للرقابة أيضا أن يقدم خلال السنة تقريرا حول النتائج ذات أهمية قسوى. ويغطي التقرير السنوي عادة كافة أنشطة الجهاز الأعلى للرقابة...".            

يتضح أن إعلان ليما، أكد على أهمية دورية نشر نتائج الأعمال الرقابية التي تقوم بها الأجهزة العليا للرقابة. ولكي تصل المعلومة بالشكل المطلوبة ويسهل بلوغ النتائج المتوخاة، أشار الإعلان في قسم آخر على ضرورة تقديم الوقائع في التقارير وما يتعلق بها من تقييم بصفة موضوعية وواضحة ويقتصر فيها على المهم، كما يجب أن تكون لغة التحرير دقيقة وسهلة الفهم.

2.3 إعلان مكسيكو بشأن الاستقلالية[11]

تمت المصادقة على إعلان المكسيك بشأن استقلالية الأجهزة العليا للرقابة في مكسيكو ما بين 5 و10 نونبر  2007 في المؤتمر (INCOSAI) التاسع عشر للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة. وقد سن هذا الإعلان ثمان مبادئ أساسية كشروط أساسية للرقابة المالية السليمة في القطاع العام وكذا لضمان استقلالية أجهزة الرقابة عن الجهات الخاضعة للرقابة والمحاسبة، حيث تشكل هذه المبادئ كتلة موحدة يجب على كل جهاز العمل على تحقيقها مجتمعة لتحقيق الاستقلال المنشود.

من بين المبادئ الثمانية التي تمت الإشارة إليها في هذا الإعلان، هناك مبدآن تطرقا إلى ضرورة إعداد تقارير ونشرها.  فالمبدأ الخامس المعنون "حق وواجب إعداد تقارير بشأن أعماها" أشار أنه "لا ينبغي تقييد حرية الأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة في إعداد تقارير بشأن نتائج أعمالها الرقابية، فينبغي بموجب القانون أن ترفع تقريرا بشأن نتائج رقابتها المالية على الأقل مرة في كل سنة "، وهو ما يعني أن إعداد تقارير دورية سنويا هو الحد الأدنى الواجب احترامه من طرف جهاز الرقابة.

أما المبدأ السادس، فتطرق إلى ضرورة توفر "حرية تقرير محتوى التقارير الرقابية المالية وتوقيتها وتشرها وتوزيعها"، حيث تم التأكيد في هذا الصدد على أنه " تتمتع الأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة بحرية تحديد الوقت المناسب لتقاريرها ما لم يفرض القانون شروطا معينة خاصة بإعداد تقارير الرقابة المالية....تتمتع (هذه الأجهزة) بحرية نشر تقاريرها وتوزيعها بعد تقديمها وطرحها بصفة رسمية على السلطات المختصة كما ينص على ذلك القانون".

في الحالة المغربية، فإذا كان الدستور قد حدد دورية سنوية لنشر التقرير السنوي حول أنشطة المجلس الأعلى للحسابات، فإن باقي الأعمال لم يحدد لها أي سقف زمني للنشر[12] وبالتالي يبقى للمجلس الحق في تقدير الوقت المناسب لإعلام العموم الذي يجب أن يكون، حسب الممارسات الفضلى المعمول بها على الصعيد الدولي، أقرب وقت بعد استنفاذ المساطر القانونية والتواجهية مع كل الأطراف المعنية بالعملية الرقابية.

3.3 المعيار الدولي للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة رقم 20 (ISSAI 20) المتعلق بالشفافية والمساءلة

تمت الإشارة في مقدمة هذا المعيار، أن الأجهزة العليا للرقابة مسؤولة عن تخطيط وتنفيذ مجال عملها واستعمال منهجيات ومعايير مناسبة من أجل التحقق من أنها تعزز المساءلة والشفافية في الأنشطة العامة وتحقق تفويضاتها القانونية وتقوم بمسؤولياتها بشكل كامل وموضوعي. وعليه، فإن من أهم التحديات التي تواجه الأجهزة العليا للرقابة هو كيفية تعزيز فهم أفضل لأدوارها ومهامها في المجتمع ضمن العموم والحكومة. وتماشيا مع تفويضاتها وإطارها القانوني، فإن معلومات الأجهزة العليا للرقابة يجب أن تكون متاحة ومفيدة، كما أن المناهج الخاصة بعملها وأنشطتها ومخرجاتها يجب أن تكون شفافة، كما يجب على هذه الأجهزة التواصل بانفتاح مع وسائل الإعلام وباقي الأطراف المهتمة وأن تكون حاضرة في الساحة العمومية.

في موضع آخر من مقدمة هذا المعيار، تم التأكيد على أنه لا يمكن الفصل بين المساءلة والشفافية بسهولة إذ تشمل كلاهما نفي الإجراءات في معظم الحالات كإعلام الجمهور بالتقارير على سبيل المثال.

فإذا كان مفهوم المساءلة يرتبط بالإطار القانوني والهيكل التنظيمي والاستراتيجية والإجراءات التي من شأنها أن تضمن أن الأجهزة العليا للرقابة :

- تفي بواجباتها القانونية المتعلقة بتوزيع مواردها وتقييم أداءها؛

- تفصح عن قانونية وكفاءة استخدام المال العام بالإضافة إلى خطواتها وإجراءاتها وتصرفاتها واستخدامها لمواردها؛

- رئيس الجهاز والمسؤولون وموظفوا الجهاز مسؤولون عن أعمالهم.

فإن مفهوم الشفافية بتعلق بقيام الأجهزة العليا للرقابة بالإفصاح العام بطريقة آنية وموثوقة وواضحة ومفيدة عن أوضاعها وتفويضاتها القانونية وأنشطتها وإدارتها المالية وعملياتها واستراتيجيتها وأدائها. كما يلزم مفهوم الشفافية ضرورة الإفصاح العام عن نتائج عمليات المراقبة واستنتاجاتها بالإضافة إلى تمكين العموم من الحصول على المعلومة.

وقد تمت الإشارة إلى تسعة مبادئ ضرورية لتحقيق المسائلة والشفافية من طرف الأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة كلها مهمة، لكن مبدآن يهماننا في إطار هذا البحث وهو المبدأ السابع والثامن.

فالمبدأ السابع أشار إلى ضرورة قيام الأجهزة العليا للرقابة بإعداد تقارير لفائدة العموم حول نتائج رقابتها وحول استنتاجاتها المتعلقة  بالأنشطة الحكومية بصورة عامة. لهذا الغرض فإن الأجهزة الرقابية:

- تقيس تأثيرها على الكفاءة والفعالية الناتجة عن توصيات مهماتها الرقابية على القطاع العام والقيمة المحصلة من العمل الرقابي وتقوم بإعداد تقارير بذلك؛

- تعد (إذا كانت تمارس اختصاصات قضائية) تقارير حول العقوبات والغرامات المطبقة على المحاسبين أو المدراء؛

- تنشر استنتاجاتها وتوصياتها الناتجة عن عمليات الرقابة؛

- تنشر للعموم تقاريرها المتضمنة مواضيع مثل تنفيذ الميزانية العامة للحكومة والوضع المالي والعمليات المالية، وإذا سمح إطارها القانوني، رقابتها الداخلية وإمكانياتها المهنية؛

- تحافظ على علاقة قوية مع اللجان البرلمانية المختصة من أجل مساعدتها على فهم أفضل لتقارير الرقابة واستنتاجاتها ومن أجل مساعدتها على اتخاذ الإجراءات اللازمة.

أما المبدأ الثامن فتطرق إلى ضرورة تواصل الأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة بصفة منتظمة وشاملة حول أنشطتها وحول نتائج عمليات الرقابة التي تقوم بها وذلك عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية وعبر وسائل أخرى. ولهذا الغرض فإن الأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة مطالبة بأن:

- تتواصل بانفتاح مع وسائل الإعلام أو أي أطراف معنية أخرى حول عملياتها ونتائج رقابتها وتظل حاضرة في الساحة العمومية؛

- تشجع الاهتمام العام والأكاديمي بأهم استنتاجاتها؛

- توفر ملخصات عن تقارير الرقابة والأحكام القضائية بإحدى اللغات الرسمية للإنتوساي إضافة إلى لغاتها الرسمية؛

- تبادر إلى تنفيذ وإنجاز مهامها الرقابة وتقوم ينشر التقارير المعنية في أوقات مناسبة. كما من شأن الشفافية والمسائلة أن تتعزز أكثر إذا كانت أعمال الرقابة والمعلومات المعنية المدلى بها غير قديمة ؛

- توفير التقارير بصيغة مفهومة ومتاحة للعموم عبر وسائل مختلفة (كالملخصات والرسوم والبيانات والعروض المصورة والبيانات الصحفية).

ثانيا: طبيعة الأعمال المعنية بعملية النشر

بتفحص النص الدستوري والنص القانوني المنظم للمحاكم المالية بالمغرب يمكن القول أن أعمال المجلس الأعلى للحسابات المنبثقة عن أجهزته والتي يجب إطلاع العموم والأجهزة العمومية عليها تختلف وتتعدد حسب طبيعة الاختصاص الممارس (اختصاص قضائي أو اختصاص غير قضائي) وكذا حسب نوع التقرير المعني بالنشر. فبالإضافة إلى التقرير العام حول كافة أنشطة المجلس الأعلى للحسابات وكذا التقرير المتعلق بتنفيذ قانون المالية والتصريح العام بالمطابقة، فإن المجلس ينجز تقارير يمناسبة ممارسة اختصاصاته المحددة في المادة 3 من مدونة المحاكم المالية التي نصت على أن المجلس يمارس المجلس الاختصاصات التالية:

التدقيق والبت في حسابات الأجهزة العمومية التي يقدمها المحاسبون العموميون مع مراعاة الاختصاصات المخولة بمقتضى هذا القانون للمجالس الجهوية؛

التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية؛

البت في طلبات الاستئناف المرفوعة ضد القرارات والأحكام الصادرة عن غرف المجلس وعن المجالس الجهوية للحسابات؛

مراقبة تسيير الأجهزة العمومية وتقييم البرامج والمشاريع العمومية؛

مراقبة استعمال الأموال العمومية؛

تتبع تنفيذ التوصيات التي تسفر عنها المهمات الرقابية؛

تدقيق حسابات الأحزاب السياسية؛

فحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية؛

مراقبة وتتبع التصاريح الإجبارية بالممتلكات طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل مع مراعاة الاختصاصات المخولة بمقتضى هذا القانون للمجالس الجهوية. بما أن الاختصاصات الثلاث الأولى تعد اختصاصات قضائية فمخرجاتهما تكون عبارة عن مقررات قضائية، أما ممارسة الاختصاصات الأخرى فينتج عنها إعداد تقارير.

1. التقرير السنوي حول أنشطة المجلس

يعد هذا التقرير أهم مخرجات المجلس الأعلى للحسابات، كونه يتعلق بكافة أنشطة المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات[13] وأهمُّها ملخص لنتائج المهام الرقابية التي أنجزتها لجان المراقبة التابعة للمحاكم المالية.

تم التنصيص على واجب نشر هذا التقرير سنويا في دستور المملكة (الفصل 148) وفي مدونة المحاكم المالية (المادة 100) وأيضا في المعايير الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة (إعلان ليما وإعلان ميكسيكو وISSAI 20). فإذا كان دستور المملكة نص في فصله 100 على ضرورة رفع المجلس الأعلى للحسابات تقريرا سنويا، يتضمن بيانا عن جميع أعماله، وأضاف نفس الفصل على توجيه هذا التقرير أيضا إلى رئيس الحكومة، وإلى رئيسي مجلسي البرلمان، مع نشره بالجريدة الرسمية، فإن المادة 100 من مدونة المحاكم المالية كانت أكثر دقة من حيث تحديد زمن تقديم ونشر هذا التقرير حيث أشارت إلى ضرورة رفع التقرير السنوي قبل انتهاء السنة المالية الموالية لسنة التسيير المقصودة (مثلا التقرير الذي يتعلق بسنة 2019 يجب أن يرفع وينشر قبل انتهاء سنة 2020 وذلك الذي يهم سنة 2020 قبل متم سنة 2021 وهكذا دواليك) مع تدقيق محتوياته حيث أكدت على ضرورة تضمين التقرير بيانا عن جميع أنشطة المجلس مع تحرير ملخص للملاحظات التي سجلت وإبداء اقتراحاته الرامية إلى تحسين تسيير المالية العامة وتدبير المرافق والأجهزة التي شملتها المراقبة، كما تم إبراز تعاليق السلطات الحكومية ومسؤولي المؤسسات والأجهزة العمومية المعنية. وأضافت نفس المادة ضرورة تقديم ملخص عن تقرير المجلس حول تنفيذ قانون المالية. أما بالنسبة للمعايير الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة فتعتبر الدورية السنوية حدا أدنى لتقديم ونشر التقارير المتعلقة بأنشطة جهاز المراقبة.

2. التقرير المتعلق بتنفيذ قانون المالية والتصريح العام بالمطابقة

تنص المادة 92 من مدونة المحاكم المالية على أن المجلس الأعلى للحسابات يحيل على البرلمان التقرير المتعلق بتنفيذ قانون المالية والتصريح العام للمطابقة بين الحسابات الفردية للمحاسبين والحساب العام للمملكة، مع توجيه نسخة منها إلى رئيس الحكومة طبقا لأحكام المادة 66 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية. ووفقا لمقتضيات المادة 66 سالفة الذكر فمشروع قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية يرفق بعدة وثائق من بينها تقرير معد من طرف المجلس الأعلى للحسابات حول تنفيذ قانون المالية والتصريح العام للمطابقة بين الحسابات الفردية للمحاسبين والحساب العام للمملكة.

استنادا إلى أحكام المادة 65 من القانون التنظيمي رقم 130.13 فإن مشروع قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية يودع سنويا بالأسبقية بمكتب مجلس النواب في أجل أقصاه نهاية الربع الأول من السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ قانون المالية المعني. وبما أن التقرير حول تنفيذ قانون المالية والتصريح العام للمطابقة بين الحسابات الفردية للمحاسبين والحساب العام للمملكة يرفقان بهذا المشروع فإن نفس أجل تقديمه يطبق عليهما إن لم نقل أقل أخذا بعين الاعتبار الأجل الذي تفرضه المساطر.

3. القرارات الصادرة في إطار ممارسة اختصاص التدقيق والبت في حسابات الأجهزة العمومية

استنادا إلى المادة 25 من مدونة المحاكم المالية، يدقق المجلس حسابات مرافق الدولة وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاولات التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، إذا كانت هذه الأجـهزة تتوفر على محاسب عمومي. ويلزم المحاسبون العموميون لمرافق الدولة بتقديم حسابات هذه المصالح سنويا إلى المجلس حسب الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل. كما يلزم المحاسبون العموميون للأجهزة العمومية الأخرى بأن يقدموا سنويا إلى المجلس بيانا محـاسبيا عن عمليات المداخيل والنفقات وكذا عمليات الصندوق التي يتولون تنفيذها وذلك وفق الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل. ويجب تقديم الحساب أو البيان المحاسبي إلى المجلس من طرف المحاسب العمومي المزاول عمله بتاريخ هذا التقديم وذلك وفقا لمقتضيات المادة 28 من مدونة المحاكم المالية.

عند استنفاذ مساطر التدقيق والبت في حسابات الأجهزة العمومية فإن المجلس يقوم بإصدار مقررات قضائية نهائية مختلفة، حيث تثبت هذا المقررات بالنسبة للمحاسب العمومي ثلاثة حالات:

1.     إما إبراء ذمته ؛

2.     وإما وجود فائض في الحساب المقدم ؛

3.     وإما إثبات عجز في حساب المحاسب العمومي.

تجدر الإشارة، أن المجلس يصدر أيضا مقررات قضائية في إطار ممارسة اختصاص التدقيق والبت في الحسابات إذا اعتبر شخصا ما محاسبا بحكم الواقع[14].

تعتبر القرارات القضائية المشار إليها أعلاه قرارات صادرة عن المجلس ابتدائيا واحتراما لمبدأ التقاضي على درجتين المعمول به بالمملكة، يمكن استئناف هذه القرارات أمام هيئة الغرف المشتركة[15] بالمجلس الأعلى للحسابات والتي تصدر قرارات استئنافية بهذا الخصوص.

ويبت المجلس الأعلى للحسابات أيضا بقرارات قضائية استئنافية، وفقا لمقتضيات المادة 48 من مدونة المحاكم المالية، عند طلب استئناف الأحكام الصادرة بصفة نهائية عن المجالس الجهوية للحسابات في إطار التدقيق والبت في حسابات الجماعات الترابية ومجموعاتها وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاولات التي تملك رأسمالها كليا الجماعات الترابية ومجموعاتها ومؤسسات عمومية تخضع لوصاية الجماعات الترابية ومجموعاتها، والتي تتوفر على محاسب عمومي.

يمكن أيضا طلب الطعن بنقض المقررات القضائية الصادرة عن المجلس الأعلى استئنافيا وذلك أمام محكمة النقض وذلك داخل أجل ستين (60) يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار النهائي الصادر استئنافيا عن المجلس[16]. كما يمكن أيضا في حالة اكتشاف عنصر جديد، طلب مراجعة القرارات النهائية الصادرة عن المجلس ابتدائيا أو استئنافيا[17].

4. القرارات الصادرة في إطار ممارسة اختصاص التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية

تنص المادة 51 من مدونة المحاكم المالية أن المجلس الأعلى للحسابات يمارس مهمة قضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة لكل مسؤول أو موظف أو عون بأحد الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس، كل في حدود الاختصاصات المخولة له، والذي يرتكب إحدى المخالفات المنصوص عليها في المواد 54 و55 و56 من المدونة. ويخضع لرقابة المجلس في هذا الميدان الأجهزة التالية:

-         مرافق الدولة؛

-         المؤسسات العمومية؛

-         الشركات أو المقاولات التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر، أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار؛

-         الشركات أو المقاولات التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة مع الجماعات المحلية أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار.

بعد استنفاد كل المساطر المتعلقة بالمتابعة والتحقيق والتداول وكذا التواجهية، يصدر المجلس قرارا قضائيا[18] يمكن أن ينص على غرامة يحدد مبلغها حسب خطورة وتكرار المخالفة على ألا يقل هذا المبلغ عن ألف (1.000) درهم عن كل مخالفة ومن غير أن يتجاوز مجموع مبلغ الغرامة عن كل مخالفة أجرت المتابع السنوية الصافية التي كان يتقاضاها المعني بالأمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة. غير أن مجموع مبالغ الغرامات المذكورة لا يمكن أن يتجاوز أربع (4) مرات مبلغ الأجرة السنوية السالفة الذكر.

علاوة على الغرامة، يمكن للقرار الصادر أن يأمر بإرجاع مبالغ مالية وذلك إذا تبث للمجلس أن المخالفات المرتكبة تسببت في خسارة لأحد الأجهزة الخاضعة لرقابته.

على غرار القرار الصادرة في إطار التدقيق والبت في الحسابات، يمكن أن تستأنف قرارات المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أمام هيئة الغرف المشتركة. كما يمكن أيضا طلب الطعن بالنقض أمام محكمة النقض ضد القرارات النهائية الصادرة استئنافيا عن المجلس[19]. وفي حالة اكتشاف عنصر جديد، يمكن بعد انصرام الأجل المحدد لطلب النقض، أن يٌطْلَب من المجلس مراجعة القرار الصادر عن المجلس في التأديب المالي.

5. التقارير الخاصة المتعلقة بمراقبة التسيير ومراقبة استخدام الأموال العمومية وكذا مراقبة استخدام الأموال العمومية التي يتم جمعها عن طريق التماس الإحسان العمومي

1.5 التقارير الخاصة المتعلقة بمراقبة التسيير

تنص المادة 75 من مدونة المحاكم المالية على أن المجلس الأعلى للحسابات يراقب تسيير الأجهزة العمومية لأجل تقديره من حيث الكيف، والإدلاء، عند الاقتضاء، باقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته. وتشمل مراقبة المجلس جميع أوجه التسيير، ويقيم المجلس لهذا الغرض مدى تحقيق الأهداف المحددة والنتائج المحققة وكذلك تكاليف وشروط اقتناء واستخدام الوسائل المستعملة. كما تشمل مراقبة المجلس كذلك مشروعية وصدق العمليات المنجزة وكذا حقيقة الخدمات المقدمة والتوريدات المسلمة والأشغال المنجزة.



[1] - سوف سيتم استعمال عبارة "المجلس" للدلالة على المجلس الأعلى للحسابات.

[2] - الفقرة الأولى من تصدير دستور سنة 2011 الصادر بتنفيده الظهير الشريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)، ص 3600.

[3] - ينص الفصل 147 من الدستور على أن المجلس الأعلى للحسابات يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية. ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ، عند الاقتضاء، عقوبات عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة. وأضافت نفس المادة أنه تُناط بالمجلس الأعلى للحسابات مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات، وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية، وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية.

كما ينص الفصل 148 من الدستور على أن المجلس الأعلى للحسابات يقدم مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة؛ ويجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية العامة. كما مساعدته أيضا للهيئات القضائية وللحكومة، في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون.

[4] - هي معايير تصدر عن المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة (الإنتوساي  INTOSAI) لمزيد من المعلومات يمكن زيارة الموقع المخصص لنشر هذه التقارير (www.issai.org)

[5] - الفقرة الثانية من مقدمة المعيار الدولي للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة رقم 20 (ISSAI 20).

[6] - أنظر الفصل 148 من دستور سنة 2011.

[7] - القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.124 الصادر في فاتح ربيع الآخر 1423 الموافق 13 يونيو 2002.ج.ر عدد 5030 بتاريخ 6 جمادى الآخر 1423 الموافق 15 غشت 2002 ص 2294، كما تم تعديله وتتميمه بموجب : - القانون رقم 55.16 الصادر بتنفيذه الظهير 1.16.153 الصادر في 21 من ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016)؛ الجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 17 ذو الحجة 1437 (19 سبتمبر 2016) ص 6703؛

- القانون رقم 52.06 الصادر بتنفيذه الظهير 1.07.199 الصادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)؛ الجريدة الرسمية عدد 5679 بتاريخ 4 ذي القعدة 1429 (3 نونبر 2008) ص 4010؛

- بالمادة 13 من قانون المالية رقم 38.07 للسنة المالية 2008 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.211 بتاريخ 16 من ذي الحجة 1428 (27 ديسمبر 2007)؛ الجريدة الرسمية عدد 5591 بتاريخ 20 ذو الحجة 1428 (31 ديسمبر 2007) ص 4605.

[8] - يقصد بالمحاكم المالية المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات وعددها إثنا عشر (12) بحيث يتواجد مجلس جهوي للحسابات على صعيد كل جهة من جهات المملكة.

[9] - تجدر الإشارة، أن هذه المقتضيات كانت قد شكلت إبان صدورها سنة 2002 قفزة نوعين مقارنة مع المقتضيات القانونية المتعلقة بنشر أعمال المجلس التي كانت واردة في القانون السابق المنظم للمجلس الأعلى للحسابات رقم 12.79 الصادر بتاريخ 14 شتنبر 1979، حيث لم يكن الفصل رقم 83 ينص إلا على ضرورة رفع رئيس المجلس الأعلى للحسابات تقريرا سنويا عاما عن نشاط المجلس إلى الملك دون الإشارة إلى ضرورة نشره في الجريدة الرسمية أو توجيهه إلى رئيس الحكومة و/أو رئيسي مجلسي البرلمان.

[10] - الفصل 6 من إعلان ليما للتوجيهات الخاصة بالمبادئ الرقابية، صفحة 15، يمكن الاطلاع على الإعلان على الرابط التالي :

https://www.intosai.org/fileadmin/downloads/documents/open_access/INT_P_1_u_P_10/issai_1_ar.pdf

[11] - يمكن الاطلاع على هذا الإعلان على الرابط التالي :

https://www.intosai.org/fileadmin/downloads/documents/open_access/INT_P_1_u_P_10/issai_10_ar.pdf

 

[12] - تم التنصيص في الفصل 148 من الدستور على ما يلي " ينشر المجلس الأعلى للحسابات جميع أعماله، بما فيها التقارير الخاصة والمقررات القضائية". أما مدونة المحاكم المالية فلم تشر إلى عملية النشر هاته، مما لم يسعف التدقيق في كيفية القيام بعملية نشر أعمال المجلس من حيث التوقيت وطبيعة هاته الأعمال المتعددة نظرا لتعدد المهام والاختصاصات المنوطة بالمجلس الأعلى للحسابات، بالإضافة إلى الغموض الملحوظ  في كون عملية النشر تهم التقارير الخاصة والمقررات القضائية كاملة دون نقصان أم يتعلق الأمر فقط بملخصات لهذه الأعمال. كما أن هناك غموضا يتعلق بنشر أعمال المجالس الجهوية للحسابات كون إلزامية نشر كافة الأعمال تمت الإشارة لها فقط في الفصل 148 من الدستور الذي هم المجلس الأعلى للحسابات في حين أن الفصل الموالي (149) الذي خصص للمجالس الجهوية للحسابات لم يأتي على ذلك هذه العملية وأسند للقانون هذه المهمة. لكن، كما تمت الإشارة إلى ذلك، لم يتم العمل على تضمينه أي مقتضيات تعلق بنشر أعمال المجلس باستثناء التقرير السنوي.

[13] - نصت المادة 157 من مدونة المحاكم المالية على توجيه نسخ من جميع التقارير المتعلقة بمراقبة التسيير ومراقبة استخدام الأموال العمومية المعدة من طرف المجالس الجهوية إلى المجلس الأعلى للحسابات، بحيث تكون هذه التقارير مشفوعة بملاحظات وآراء المسؤولين والسلطات المعنية، ويمكن للمجلس أن يدرج في تقريره السنوي ملاحظات المجالس الجهوية.

الملاحظ، أن هذه المادة اقتصرت على ذكر توجيه تقارير متعلقة بممارسة المجالس الجهوية للحسابات لاختصاصين فقط ضمن التي تمارسها هذه المجالس، وفي هذا تحديد غير مبرر للتقارير المعدة من هذه المجالس والتي يجب نشرها وإبلاغ العموم بها علما أن المادة 118 من مدونة المحاكم المالية نصت على مجموعة من الاختصاصات القضائية وغير القضائية  التي تمارسها المجالس الجهوية للحسابات وهي :

1.    البت في حسابات الجماعات الترابية ومجموعاتها والمؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية هذه الجماعات والهيئات ومراقبة تسييرها؛

2.    مراقبة تسيير المقاولات المخولة الامتياز في مرفق عام محلي أو المعهود إليها بتسييره والشركات والمقاولات التي تملك فيها جماعات ترابية أو مجموعات أو هيئات أو مؤسسات عمومية خاضعة لوصاية هذه الجماعات الترابية ومجموعاتها على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار ؛

3.    مراقبة استخدام الأموال العمومية التي تتلقاها المقاولات غير تلك المذكورة أعلاه، أو جمعيات أو أجهزة أخرى تستفيد من مساهمة في رأس المال أو مساعدة كيفما كان شكلها تقدمها جماعة ترابية أو مجموعة أو هيئة أو أي جهاز آخر يخضع لمراقبة المجلس الجهوي ؛

4.    ممارسة مهمة قضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة لكل مسؤول أو موظف أو مستخدم يعمل في :

-       الجماعات الترابية ومجموعاتها؛

-       المؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية هذه الجماعات والمجموعات؛

-       كل الشركات أو المقاولات التي تملك فيها الجماعات الترابية أو المجموعات أو الهيئات على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار؛

5.    المساهمة في مراقبة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية ومجموعاتها.

بالإضافة إلى هذه الاختصاصات هناك أيضا مراقبة وتتبع التصريحات الإجبارية للممتلكات ضمن صلاحيات المجلس الجهوي للحسابات الترابية حيث تم التنصيص على هذا الاختصاص في المادة 156 مكررة لكن تم إغفال الإشارة إليه ضمن الاختصاصات العامة للمجالس الجهوية للحسابات والتي حددتها المادى 118 سالفة الذكر.

[14] - تنص المادة 41 من مدونة المحاكم المالية على أنه يعتبر المجلس محاسبا بحكم الواقع كل شخص يباشر من غير أن يؤهل لذلك من لدن السلطة المختصة عمليات قبض الموارد ودفع النفقات وحيازة واستعمال أموال أو قيم في ملك أحد الأجهزة العمومية الخاضعة لرقابة المجلس، أو يقوم دون أن تكون له صفة محاسب عمومي بعمليات تتعلق بأموال أو قيم ليست في ملك الأجـهزة المذكورة، ولكن المحاسبين العموميين يكلفون وحدهم بإنجازها وفقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل. وأضافت نفس المادة أنه يمكن بوجه خاص أن يعتبر مشاركا مسؤولا عن التسيير بحكم الواقع، كل موظف أو عون وكذا كل من هو حـاصل على طلبات عمومية، والذي يكون بموافقته أو تشجيعه إما على المبالغة في بيانات الأثمان أو الفاتورات أو على تحريف البيانات الواردة بهذه الوثائق، قد عمد عن علم إلى تحرير أوامر بالأداء أو حوالات أو تبريرات أو أصول صورية.

[15] - تنص المادة 17 من مدونة المحاكم المالية على أن المجلس الأعلى للحسابات يتألف من عدة هيآت وهي الجلسة الرسمية وهيئة الغرف والمجتمعة وهيئة الغرف المشتركة وغرفة المشورة والغرف وفروع الغرف ولجنة البرامج والتقارير.

بخصوص هيئة الغرف المشتركة أوضحت المادة 21 من مدونة المحاكم المالية أنها تبت في طلبات الإستئناف المرفوعة ضد القرارات النهائية الصادرة ابتدائيا عن غرف أو فروع غرف المجلس في القضايا المتعلقة بالبت فـي الحسابات وبالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.

 

[16] - المادة 49 من مدونة الماكم المالية.

[17] - المادة 50 من مدونة الماكم المالية.

[18] - المادة 66 من مدونة المحاكم المالية.

[19] - المادة 73 من مدونة المحاكم المالية.


من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك

من أجل تحميل هذا العدد الثاني عشر - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث