فعالية الجموع العامة في تسيير الملكية المشتركة وفق مستجدات
القانون رقم 106.12
The actions
of the discerning minor that cycle between benefit and harm between revocation
and permission in light of Mauritanian law
محمد حفو
Mohammed HAFFOU
باحث بسلك الدكتوراه
جامعة
محمد الأول
تقديم:
شهدت الملكية المشتركة للعقارات المبنية انتشارا كبيرا
خلال العقود الأخيرة، فقد اتسع مجالها لتصبح تقنية تستعمل ليس فقط في مجال السكن الجماعي،
بل أيـــضا في المجمعات العقارية والسياحية وفـــي العقارات المعدة للاستعــــمال
المهني والتجاري.
مما جعلها نموذجا سكـــنيا معاصرا يندرج ضمن أنماط السكن
المميز للمدن المغربية، وعنصرا أساسيا للاستقرار الاجتماعي، بإتاحته الفرصة للعديد
من الأسر للحصول على سكن يحفظ لها كرامتها، وكذلك تقنية للبناء تلعب دورا هاما في
تحرير النشاط الاقتصادي ونشاط قطاع القرض العقاري وتوفير العديد من مناصب الشغل
داخل الملكية المشتركة[1].
وقد نظم المغرب السكن الجماعي منذ سنة 1946[2]،
بظهير الملكية المشتركة بتاريخ 16 نونبر [3]1946،
في محاولة تجريبية للتعامل مع أزمة السكن[4]، وهي
الظاهرة التي عرفها المغرب إثر الحرب العالمية الثانية[5].
فقد جاء في مقدمة الظهير: "أن أزمة السكن التي
يعاني منها المغرب تفرض بعض الوسائل من شأنها أن تسهم في حلها، بناء عمارات سكنية
جديدة وتقسيمها طبقات وشقق تستجيب لهذه الضرورة المستعجلة".
وهذا لا يعني أن بناء العمارات ابتداء منذ سنة 1946،
فهذا الاعتقاد غير صحيح، لأن بنايات شاهقة تم بناؤها بمدن مغربية منذ عشرينات
القرن الماضي[6].
غير أن تطبيق هذا الظهير أفرز العديد من الأوجه السلبية
خاصة على مستوى إدارة وتسيير الملكية المشتركة، ذلك أنه ورغم التعديلات التي أدخلت
عليه في 10 يناير 1955 و11 يوليوز 1956، لم يعد يتلاءم تماما مع الوضعية الحالية
للبناء المكثف والتجمعات السكنية التي يعرفها العصر[7].
لذلك ظهرت الحاجة لتغيير مقتضيات ظهير 1946، وإصدار
قانون جديد يأخذ يعين الاعتبار التغيرات والمستجدات في الواقع الاقتصادي
والاجتماعي[8]،
ونيلا في الثغرات والسلبيات التي ظهرت من خلال هذا الظهير.
وهكذا أصدر القانون رقم [9]18.00
المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية والذي عمد في المادة 61 إلى نسخ
مقتضيات ظهير 1946 والذي جاء بعدة مستجدات أهمها:
-اتساع مجال تطبيقه ليشمــــل إلى جانــــب السكـــن
الجماعــي، المجموعات العقارية السياحيـــة والمجموعات السكنية والتعاونيات
والجمعيات السكنية، والعقارات المعدة للاستعمال المهني والتجاري[10].
ومن خلال هذا المنطلق، يظهر جليا أن تدبير العقار
المشترك يستلزم تعيين وكيل الاتحاد سواء من طرف الجمع العام للملاك المشتركين أو
من قبل المحكمة. وقد أثبت الواقع أن مهمة وكيل الاتحاد جسيمة وخطيرة في آن واحد،
بدليل أن أغلب المشاكل والمنازعات المترتبة عن تطبيق القانون المنظم للملكية
المشتركة ناجمة عن العراقيل التي تقف أمام إنجاز هذا الوكيل للمهام المنوطة به[11].
من هنا، نتساءل أين تكمن أهمية الجموع العامة في تسيير
الملكية المشتركة؟
وهو ما سنفصل فيه من خلال التركيز على مقتضيات القانون
رقم 18.00 كما تم تغييره وتعديله بموجب القانون رقم 106.12 والمرسوم عدد 3.17.354
المؤرخ في 23 أكتوبر 2017 المتعلق بتحديد النظام النموذجي للملكية المشتركة.
وذلك بنهج التقسيم الآتي:
المطلب الأول: ضوابط الجموع العامة في مجال الملكية
المشتركة
المطلب الثاني: مآل القرارات الصادرة عن الجموع العامة
المطلب الأول: ضوابط الجموع العامة
في مجال الملكية المشتركة
يعتبر الجمع العام في الملكية المشتركة جهازا أسمى، بحيث
له الحق في اتخاذ القرارات التي يجب احترامها والعمل بها من طرف وكيل اتحاد الملاك
المشتركين، ومع ذلك فإن سلطاته محدودة، بحيث تحضر في الغرض الذي أنشأ من أجل
الاتحاد.
يتولى الجمع العام تسيير العقار المشترك، ويمارس الملاك
حقهم في هــــذا التسيير وذلك من خلال مشاركتهم الشخصية أو التمثيليـــــة في حضور
أشغال الجمع العام والتـــداول بشأنها على القرارات التي يتخذونها (الفقرة
الأولى)، وقد أوكل المشرع للجمع العام مجموعة الاختصاصات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم الجمع العام
وقد نصت المادة 14 من قانون 18.00 في فقرتها الأولى على
أنه :"يكون كل مالك مشترك عضوا في اتحاد الملاك بقوة القانون ويتعين عليه
المشاركة في أعمال الاتحاد ولا سيما بالتصويت على القرارات التي يتخذها الجمع
العام، مع مراعاة الفقرة الثانية من المادة 16 مكرر 4 بعده ...".
يفهم من مقتضيات المادة 14 على أن المشاركة في أعمال
اتحاد الملاك من طرف أعضائه أمر إلزامي غير أن المشرع لم يرتب عن عدم المشاركة أو
الغياب عن أعمال الاتحاد أي جزاء قانوني،[1] وقد
سار المشرع على نفس المنوال في القانون الحديث رقم 106.12 بتغيير وتتميم القانون
رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية حيث اكتفى بدعوة
الأعضاء على حضور الجمع العام والمشاركة في التصويت على قراراته دون فرض أي جزاء
على عدم الحضور، وذلك الأمر يبدو طبيعيا إذ لا يمكن إجبار الملاك على الحضور بدون
رغبتهم.
والملاحظ أن القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية
المشتركة لم يتضمن تنظيما مفصلا للقواعد التي يتعين القيام بها للدعوة لاجتماع
الجمع العام، بل اكتفى بالإشارة إلى بعض الجهات التي يمكنها توجيه الدعوة لانعقاد
ذلك الجمع.
ونظرا للهدف الذي شهدته المادة 16 من قانون 18.00 تدخل
المشرع بمقتضى القانون الجديد رقم 106.12 لينسخها تمام ويعوضها بمادة جديدة، مضيفا
الها المادة 16 مكرر تتضمن عشر بنود، وتكاد تكون أطول مادة في القانون برمته.
وقد جاءت المادة 16[2] في
صيغتها الجديدة تنص على أنه:
"ينعقد أول
جمع عامة بدعوة من أحد الملاك أو أكثر...."، ثم أوضحت مسطرة وإجراءات هذه
الدعوة تلافيا لكل غموض أو تلاعب بأنه يستدعي الملاك بواسطة البريد المضمون أو
المفوض القضائي خمسة عشر يوما قبل التاريخ المقرر لانعقاد الاجتماع، ويجب أن يشار
في الاستدعاء إلى تاريخ وساعة ومكان موضوع الاجتماع، كما أكد المشرع المغربي على
ضرورة إشهار وإعلان هذه الدعوة لجميع الملاك وذلك بواسطة ملصقات تتضمن لائحة
المدعوين يتم تعليقها في أماكن بارزة بالبناء المشترك، وانتخاب الوكيل المسير
للعقار المشترك وكذا المصادقة على الميزانية التقديرية للاتحاد وتحديد حصة كل مالك
مشترك وفقا لما أوضحته المادة 16 مكرر 1 المتممة لقانون الملكية المشتركة.
أما بالنسبة لمضمون الاستدعاء فينبغي أن يتضمن مكان
وتاريخ وساعة الاجتماع وقد كانت بعض الممارسات تجيز التبليغ بجميع الطرق ما نص
عليه القانون وما لم ينص عليه كالرسائل الالكترونية، الأمر الذي كان يثير كثيرا من
المنازعات القضائية، وقد اعتبرت محكمة الاستئناف بوجدة في أحد قراراتها أن هذا
التبليغ لا يوفر الحماية للمبلغ إليه، لأنه لا يثبت توصلهم بالإشعار المذكور، وأنه
لا يعطي لهم ممارسة حقهم في الرد[3].
وهناك حكم عن ابتدائية وجدة جاء
بها ما يلي:
"... لكن
وحيث أنه بالرجوع الى محضر الجمع العام الاستثنائي المنعقد بتاريخ 24/01/2013 تبين
أنه لم يتم تبليغ الاستدعاء، وبأن المالكة لم تتلقـــى أي استدعاء مهن أجــل حضور
الجمع العام الاستثنائي وقد تم ذلك بشكل مخالف صراحة للشروط الآمرة المحددة
بالنظام الأساسي، والقول تبعا لذلك بحل مكتب الجمعية المنبثقة عن هذا الجمع
وبإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه مع ترتب الآثار القانونية على ذلك".
وبخصوص ذلك، ربط المشرع حضور الجمع العام والمشاركة في
النقاش واتخاذ القرارات فيه بضرورة أداء الواجبات المتعلقة بالتكاليف المشترك، إذ
لا يعقل أن يمنح أحد الملاك أو بعضهم هذا الحق مع إخلالهم بواجباتهم في تحمل
التكاليف المشتركة خاصة وأن المشرع قد وسع من صلاحيات الأعضاء، ووضع بيدهم وسائل
جديدة تمكنهم من تتبع الفعال لأشغال الجمع العام.
ولقد حرص المشرع بمقتضى القانون رقم 106.12 المغير والمتمم لقانون الملكية المشتركة 18.00 على تنظيم أشغال الجمع العام متلافيا النواقص التي كانت تعتري هذا القانون في صيغته الأصلية بعد أن أبانت التجربة عن مختلف مظاهر القصور فيه، ولإضفاء الشفافية على هذه الأشغال، وذلك سواء من حيث ضرورة إعداد ورقة للحضور، أو تعيين رئيس وكاتب للجلسة، أو من حيث تنظيم عملية التصويت على القرارات وتحرير محضر الجمع العام.
[1] -مصطفى أشيبان، قرارات في قانون الملكية المشتركة، مداخيل في
الندوة العلمية الوطنية التي نظمها مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية،
مرجع سابق، ص: 249.
[2] -المادة 16 مكرر من القانون 106.12
تنص
[3] -قرار استئناف وجدة عدد 686 ملف
عدد 234-1201-2016 صادر بتاريخ 26/5/2016،
قرار غير منشور .
[1] -محمد
الرحاوي، الملكية المشتركة للعقارات المبنية، دراسة مقارنة بين القانونين المغربي
والفرنسي، دار القلم للطباعة والنشر، سنة 2008، ص: 3-7.
[2] -Amina
Touhami, la copropriété au Maroc, actes de la journée d’étude et de
concertation sur la copropriété au Maroc. Le secrétariat d’Etat à en
Collaboration, direction de la promotion immobilière, Casablanca, le 1 Mars
2000, p : 53.
[3] -الظهير الشريف المؤرخ في 21 ذو الحجة 1335،
الموافق 16 نونبر 1946، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1970 بتاريخ 14 فبراير 1947،
المنظم للملكية المشتركة للعقارات المجزأة إلى شقق.
[4] -في
المغرب عرفت المدن نموا ديموغرافيا كبيرا بسبب الهجرة القروية، مما أدى إلى زيادة
الطلب على السكن، إلا أنه أمام غلاء الملكية العقارية أصبح من الصعب أمام المستوى
المعيشي المتوسط لأغلب المغاربة اقتناء مساكن فردية أو شراء قطع أرضية وبنائها،
وقد انعكس هذا الوضع سلبا على النسيج العمراني، حيث التجأت فئة من السكان للبناء
منها للتخفيف من آثار أزمة الإسكان خاصة بالنسبة للفقراء وتمكينهم من الحصول على
سكن. حيث أعلن في هذا الصدد المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني في خطاب العرش
بتاريخ 3 مارس 1994.
[5] أنظر مصطفى
أشيبان، النظام القانوني لإدارة الملكية المشتركة للعقارات المبنية في التشريع
المغربي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية، عين الشق الدار البيضاء 2005-2006، ص: 5.
[6]- محمد بونبات، نظام الملكية المشتركة للعقارات
المبنية، دراسة في ضوء القانون رقم 18.00، سلسلة آفاق القانون عدد 10، الطبعة
الأولى، مطبعة الوراقة مراكش، ص: 6.
[7] -وجهت
لظهير 1946 العديد من الانتقادات من بينها:
-الطابع المكمل لمقتضيات الظهير
-اقتصار تطبيقه على العقارات المحفظة أو في طور التحفيظ
-سريان مقتضيات الظهير فقط على الملكية المشتركة العمودية
دون الأفقية وعلى الطبقات والشقق، دون المحلات التجارية والمهنية.
-عدم توسيع اختصاصات اتحاد الملاك وكذلك صلاحيات وكيل
الاتحاد
-عدم التنصيص على طرق تحصيل مساهمات الملاك المشتركين وإعطاء
وكيل الاتحاد وسائل قانونية لتفعيل عملية التحصيل. محمد الوكاري، مرجع سابق، ص:
17-18.
[8] -فالعلاقة
بين السكن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، علاقة متبادلة ومتداخلة، فالتغلب على
مشاكل السكن يعتبر في حد ذاته من بين المعايير الأساسية التي تدخل في تقييم درجة
نمو دولة ما، كما أن النمو الاقتصادي والاجتماعي لا يمكن أن يعتبر كذلك، إلا إذا
استطاع احتواء مشاكل السكن، وإيجاد الحلول الملائمة لها، أنظر مصطفى أشيبان، مرجع
سابق، ص: 6.
[9] -قانون
متعلق بالملكية للعقارات المبنية، صادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 02-298 الصادر في 25
رجب 1423 (3 أكتوبر 2002)، الجريدة الرسمية عدد 5054 بتاريخ 2 رمضان 1423 (7 نونبر
2002).
[10] -الرجوع
إلى المادة الأولى من القانون رقم 18.00.
[11] -بلغ عدد القضايا المرتبطة بالملكية المشتركة المعروضة على القضاء سنة 2015، 120,000 قضية، بزيادة نسبة 25% عن سنة 2014، la vie du 10/6/2016, p : 20.