أثر الموجهات غير التشريعية في صياغة
النصوص القانونية المكرسة للمساواة
ماستر إدارة الشؤون القانونية للمقاولة، كلية الحقوق سلا جامعة محمد الخامس
الرباط.
The impact of
non-legislative orientations on the drafting of legal texts devoted to equality
Zineb AGZIO
لا شك أن المساواة بين الجنسين
تعد أحد الركائز الأساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، فهي مبدأ
أساسي لحقوق الإنسان، ويرمي الى تحقيق تكافؤ في الحقوق والفرص بين النساء والرجال
في كافة المجالات، وفي الوقت الذي تسعى فيه الدول -ومن بينها المغرب- إلى تضمين
مبادئ المساواة في قوانينها، يبرز دور الموجهات غير التشريعية كأدوات توجيهية تؤثر
بعمق على هذه العملية، سواء من خلال السياسات العامة أو التوصيات الدولية والمبادئ
الأخلاقية.
تعتبر الموجهات غير التشريعية
أدوات توجيهية تؤثر على صياغة القوانين والسياسات العامة دون أن تكون ملزمة
قانونيا، وتعمل هذه الموجهات على تعزيز مبادئ المساواة، فهي أدوات أو إرشادات
تستخدم لتوجيه السياسات العامة والتدابير القانونية، مثال هذه الموجهات؛ السياسات
العامة للدول والتوصيات الدولية التي تدعو إلى إدماج مقاربة النوع في التشريعات
الوطنية، المبادئ الأخلاقية كمبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان؛ والمبادئ
الفلسفية؛ العرف؛ دور المجتمع المدني؛ بالإضافة الى الأبحاث العلمية والدراسات.
ويقتضي منا هذا الموضوع رصد
مختلف التفاعلات التي شكلت فكرة المساواة، سواء بالصورة الحاضرة في النصوص
التشريعية السارية النفاذ الآن أو التي في طور التشكل، ويتطلب منا ذلك أن نقف
عندها في ذاتها ثم أن نقف عند كيفية تأثيرها على تشكل فكرة المساواة أولا ثم تشكيل
النص التشريعي ثانيا.
على المستوى المفاهيمي، يمكن
تعريف الموجهات غير التشريعية بتلك الادوات التوجيهية غير الملزمة والتي تؤثر على
صياغة وتشكيل النصوص التشريعية والسياسات الدولية والوطنية، أما المساواة فمفادها التكافؤ
في الحقوق والواجبات بين الأفراد ضمن النصوص التشريعية بصرف النظر عن الجنس،
وبخصوص النصوص التشريعية فهي مجموعة القواعد العامة والمجردة والملزمة التي تصدرها
السلطة المختصة قصد تنظيم وضبط سلوك الأفراد والجماعات داخل مجتمع معين.
يكتسي هذا الموضوع أهمية على
مستويين، تتجلى أهميته على المستوى النظري في كون الموجهات غير التشريعية ترجمة
وانعكاس لاهتمام البشرية وتشبعها حاليا بقيم المساواة بين الجنسين، وتنبلج أهميته
على المستوى العملي في كون الموجهات غير التشريعية أدوات مؤثرة في التفاعلات التي
شكلت فكرة المساواة بالشكل الحاضر في النصوص التشريعية الحالية وتلك التي في طور
الصياغة والتشكل.
سننطلق في مداخلتنا من إشكالية
محورية تحيط قدر الإمكان بالموضوع مفادها كيف أثرت الموجهات غير التشريعية على
صياغة وتشكيل النصوص التشريعية المكرسة للمساواة بين الجنسين؟
سنحاول معالجة هذه الإشكالية
عبر الاستهلال ببحث المحددات العامة للموجهات غير التشريعية (المبحث الأول)،
ثم سنعرج على بيان مظاهر تأثير الموجهات غير التشريعية في تشكيل النصوص التشريعية
الوطنية (المبحث الثاني).
المبحث الأول:
المحددات العامة للموجهات غير التشريعية
تعد الموجهات غير التشريعية
مدار هذا البحث وقيمته المضافة، ونسبر أغوار هذه الموجهات عبر التطرق تباعا
للموجهات الرسمية أو المؤسساتية (المطلب الأول)، ثم الموجهات المجتمعية
والثقافية (المطلب الثاني)، وبعدها الموجهات الاقتصادية (المطلب الثالث)،
ثم الموجهات السياسية والأيديولوجية (المطلب الرابع).
المطلب الأول:
الموجهات الرسمية أو المؤسساتية
تتمثل الموجهات الرسمية
والمؤسساتية في الأدوات التوجيهية التي يتقيد بها المشرع إبان وضعه للقاعدة
القانونية، تختص هذه الموجهات بكونها مؤثرة في توجه وقناعة المشرع، وتمثل هذه
الموجهات كإطار يحدد كيفية فهم وتطبيق المبادئ المتعلقة بالمساواة، مما يسهم في
تشكيل البيئة القانونية والاجتماعية، وسنتطرق لهذه الموجهات عبر الوقوف عند
الإعلانات والمبادئ الدولية، ثم التوصيات والآراء الصادرة عن المنظمات الدولية، ثم
الاستراتيجيات والسياسات الوطنية.
الفقرة الأولى:
الإعلانات والمبادئ الدولية
تتعدد الإعلانات والمبادئ
الدولية التي اهتمت بالمساواة، فنجد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 ينص
في مادته السادسة عشر على "تساوي الحقوق لدى المرأة والرجل عند التزوج
وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله"، وتم تكريس ذلك بمقتضى المادة 23 من
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 "يكون للرجل
والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج، حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة"،
أما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقد نص في
المادة 7 على مبدأ تساوي الأجر بين الرجل والمرأة عند تساوي قيمة العمل[1]؛
وحصول المرأة على شروط عمل لا تنقص عن الشروط التي تمتع بها الرجل[2].
بالإضافة الى ما سبق، اعتمدت
سنة 1979 من طرف الأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
(سيداو)، أقرت هذه الاتفاقية في مجملها عدة مبادئ كالمساواة بين الجنسين في التمتع
بالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية؛ أقصى مشاركة ممكنة للمرأة في
كل الميادين؛ تقاسم المسؤولية بين الرجل والمرأة في إدارة شؤون الأسرة، كما نصت
هذه الاتفاقية على تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف
القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد
بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.
تؤثر
هذه الموجهات على المشرع وتُلزمه بمضامينها حينما تصادق الدولة على الاتفاقية أو
المعاهدة الدولية أو الاتفاقيات الثنائية، مثال ذلك المغرب الذي صادق على جملة من
الاتفاقيات ثم لاءم التشريع الوطني بعد ذلك مع مقتضياتها.
الفقرة الثانية:
التوصيات والآراء الصادرة عن المنظمات الدولية
في سنة 2000 تم اعتماد الأهداف
الإنمائية للألفية "MDGs" من طرف الأمم المتحدة التي
كان من بين أهدافها إزالة التفاوت بين الجنسين في التعليم؛ في العمل؛ في المشاركة
في صنع القرار، وبعدها تم تكريس هذه الأهداف سنة 2015 باعتماد أهداف التنمية
المستدامة "SDGs" والذي أضافت أيضا هدف
محاربة العنف ضد المرأة؛ وتمثيل المرأة في الساحة السياسة.
وقد
أصدرت منظمة العمل الدولية عدة توصيات تتعلق بالمساواة وحماية المرأة، كتوصية
حماية الأمومة (الزراعة) وعمل النساء ليلا (الزراعة) 1921؛ توصية المساواة في
الأجور بين الجنسين عند تساوي العمل 1951؛ وتوصية حماية الأمومة 1952 كما تمت
مراجعتها سنة 2000؛
وفي
سنة 2021 صدرت عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)
خطة العمل لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في المؤسسات الوطنية في
المنطقة العربية التي وضعت عدة توصيات كإدماج النوع الاجتماعي في جميع السياسات
والبرامج الحكومية؛ التعاون مع المجتمع المدني؛ تطوير برامج التوعية والتثقيف
لتغيير الصورة النمطية عن دور المرأة في المجتمع.
كما
أطلقت الأمم المتحدة استراتيجية المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة 2018-2021
وتضمنت عدة توصيات أهمها تعميم مراعاة منظور النوع الاجتماعي؛ مكافحة العنف القائم
على النوع الاجتماعي؛ توفير الدعم للنساء في المناصب القيادية؛ تحقيق المساواة في
سوق العمل، وهي نفس التوصيات التي كرستها استراتيجية الاتحاد الأوروبي للمساواة
بين الجنسين 2020-2025.
وفيما
يتعلق بمجموعة البنك الدولي فقد طرحت إستراتيجية بشأن المساواة بين الجنسين
2024-2030 تتضمن ثلاث أهداف استراتيجية القضاء على العنف ضد المرأة والارتقاء برأس
المال البشري؛ وتوسيع نطاق الفرص الاقتصادية وإتاحتها؛ إشراك النساء في القيادة.
تلعب
التوصيات والآراء الصادرة عن المنظمات الدولية دور مهم في صياغة النصوص القانونية
بالدول الأعضاء، وهكذا تكون كل دولة تنتمي الى منظمة معينة ملزمة بالتقيد
بالتوصيات والآراء الصادرة عنها، فالمغرب على سبيل المثال ينتمي الى الأمم المتحدة
ويتقيد بتوصياتها وآرائها.
الفقرة الثالثة:
الاستراتيجيات والسياسات الوطنية
يعد المغرب من البلدان التي
تسعى في سياستها الى الالتحاق بركب الدول المتقدمة والانفتاح على العالم، وهذا
يفسر تأثر المغرب بالتوجهات والتوصيات الدولية بخصوص المساواة بين الجنسين، ونتج
عن ذلك عدة استراتيجيات وسياسات على المستوى الوطني. وقد تضمن النموذج التنموي
لسنة 2021 عدة توصيات وأهداف من قبيل التشــبث بالتنــوع وبالمســاواة بيــن
الرجــل والمــرأة وبتكريــس مكانــة ودور المــرأة فــي الاقتصاد وداخــل
المجتمــع؛ دعم استقلال المرأة وضمان المساواة والمشاركة بين الجنسين؛ النهـوض
بقيـم المسـاواة والمناصفـة وتنميتهـا وعـدم التسـامح كليـا مـع كافـة أشـكال
العنـف والتمييــز إزاء المــرأة.
في نفس الصدد وتفعيلا لمختلف
التوجيهات الملكية السامية بشأن النهوض بوضعية المرأة في المغرب وتكريسا لمضامين
النموذج التنموي الجديد بخصوص المساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة وتطبيقا
لمقتضيات الفصل 19 من الدستور المغربي[3]؛
وبعد عدة خطتي "إكرام 1" و"إكرام 2" اللتان كان لهما أثر كبير
على التشريع المغربي[4]
تم إطلاق الخطة الحكومية الثالثة للمساواة 2023-2026، وقد تضمنت هذه الخطة ثلاثة
محاور (التمكين الاقتصادي وريادة النساء؛ وقاية وحماية المرأة؛ النهوض بالحقوق
ومناهضة التمييز والصور النمطية).
ولا يخفى أثر هذه السياسات
والاستراتيجيات على صياغة القانون على اعتبار أنها -على الأرجح- تتضمن في أهدافها
جملة من القوانين الواجب إصدارها أو تعديلها، ويعرف القانون دينامية وحركية تبعا
لسياسة كل حكومة وكل فترة زمنية على حدة.
المطلب الثاني:
الموجهات المجتمعية والثقافية
تتداخل المقاربة القانونية
للنوع الاجتماعي مع المؤثرات الثقافية والاجتماعية التي تؤثر على صياغة وتشكيل
وتنفيذ القوانين، ويمكن تعريف الموجهات المجتمعية والثقافية بمجموعة القيم
والأعراف والأفكار التي يتبناها مجتمع معين وتشكل هويته، وتتسم هذه الموجهات
بالنعومة والليونة، بحيث لا تؤثر في صياغة القوانين بشكل ملزم ومباشر، وإنما
يستحضرها المشرع بداهة لوضع قوانين تتناسب وطبيعة المجتمع، وسنتناول تباعا النظام
الأخلاقي والقيمي للمجتمع، ثم الأفكار الفلسفية، وبعدها التدين.
الفقرة الأولى:
النظام الاخلاقي والقيمي للمجتمع
تؤدي الأخلاق دورا حيويا في
تشكيل التفكير الجمعي للمجتمعات، حيث تعمل كالبوصلة التي توجه القيم والسلوكيات
العامة وتؤطر التصورات المشتركة حول العدالة والمساواة، من خلال هذا الدور، تصبح
الأخلاق أساسية لفهم فكرة المساواة، حيث تصوغ المواقف الجماعية تجاه التمييز وتحدد
الأولويات لتحقيق الإنصاف، هذا التأثير يمتد من المستوى الفردي إلى تشكيل ضمير
جماعي يُترجم إلى تشريعات تلبي التطلعات نحو العدالة الاجتماعية.
ويمكن تعريف المعايير المجتمعية
بأنها " مجموعة من المعتقدات المشتركة أو القواعد غير المكتوبة حول ما هو
صحيح وخاطئ، وما هو مقبول أو "عادي" داخل مجموعة اجتماعية. تختلف هذه
المعايير عبر المجتمعات والبلدان لأنها متجذرة في الثقافة والدين والتقاليد.
وبينما تُفرض المعايير الاجتماعية إلى حد ما على الأفراد، إلا أنها يمكن أن تمنحهم
أيضًا إحساسًا بالانتماء والهوية الاجتماعية[5]".
ولتحقيق فعالية دور هذا الموجه،
يجب أن تظل الأخلاق والقيم حيادية وغير متأثرة بمصالح سياسية أو اقتصادية أو
أيديولوجيات متنازعة، مما يجعلها أساسا موضوعيا لتحديد قيم العدالة والمساواة بمنأى
عن التحيزات، في هذا الإطار، تعتبر الأخلاق جوهرية في تشكيل فكرة المساواة
وتعزيزها في التشريعات، مستندة إلى مبدأ أن جميع البشر متساوون في الكرامة بغض
النظر عن الجنس أو الدين أو العرق. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر الأخلاق أداة نقد
فعالة للقوانين الظالمة، حيث دعمت حركات حقوقية عديدة في التاريخ مثل إنهاء
العبودية وتحقيق إصلاحات قانونية لضمان المساواة بين الجنسين، كما تمدد الأخلاق
مفهوم المساواة ليشمل المساواة الفعلية، مما يضمن ممارسات واقعية للحقوق والفرص.
من زاوية أخرى، يشكل النظام
الأخلاقي والقيمي للمجتمع موجه مهم للتشريع على اعتبار أن القاعدة القانونية تنظم
سلوك المجتمع وتتطور بتطوره وتتغير حسب طبيعته، بيد أن المجتمع الذي تسوده قيم
وأخلاق تتنافى ومبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها لا يمكن على أي وجه أن يُرضخ
المشرع، بل على هذا الأخير السعي الى تقويم ذلك المجتمع وإصلاح سلوكياته غير
السوية. وعلى سبيل المثال لا الحصر للعادات والقيم السيئة نجد حرمان الأنثى من
التعليم والعمل بحجة دورها التقليدي المتمثل في اضطلاعها بالأعمال المنزلية سواء
قبل أو بعد زواجها، بالإضافة الى العادات القبلية التي كان تحرم المرأة من
الميراث.
تظل الأخلاق قوة دافعة تُترجم
القيم الإنسانية إلى نصوص قانونية، بحيث تضمن المساواة وتحقق العدالة للجميع،
شريطة أن تبقى محايدة وغير متأثرة بموجهات خارجية.
الفقرة الثانية:
الأفكار الفلسفية
تأثرت جل الميادين بالفلسفة باعتبارها أم
العلوم، ولا مراء بأن المساواة تجد أصلا في الافكار الفلسفية، ومن الضروري تسليط
الضوء على أهمية الأفكار الفلسفية كعوامل مؤثرة رئيسية في تشكيل الفكر القانوني
السائد اليوم، فقد أسس الفلاسفة الكبار مفاهيم أصبحت روح القوانين والتشريعات
المعمول بها في المجتمعات، مما ساهم في تفسير وتطبيق هذه القوانين. هذا والذي
يدفعنا للتطرق لأهم الفلاسفة وأبرز الأنساق الفلسفية التي أثرت في تشكيل فكرة
المساواة وساهمت في تبنيها على المستوى التشريعية:
في الفلسفة اليونانية القديمة،
قدم فلاسفة مثل أفلاطون وأرسطو رؤى مختلفة حول المساواة. فقد نظر أفلاطون إلى
المساواة من منظور طبقي، مع السعي إلى تنظيم المجتمع وفق تقسيمات تضمن عدالة
النظام، بينما كان أرسطو يؤمن بمفهوم "المساواة التوزيعية" التي تعتمد
على توزيع الحقوق والواجبات وفقًا للفروق الفردية.
بالرجوع الى فلسفة أفلاطون نجده
ورغم عيشه في المجتمع اليوناني التقليدي متشبعا بفكر المساواة بشكل شبه تام، وبلغ
بفكره الى التنظير في مدينته الفاضلة بأن لا تمييز بين الرجل والمرأة في تقلد
مناصب الحكم، والمشاركة في المجتمع السياسة[6].
ويتحدث أفلاطون في كتابه عن المساواة شبه التامة بين الجنسين في (الحقوق الواجبات؛
الأنشطة؛ رعاية الأطفال ...إلخ). وقد في ورد في كتاب الجمهورية لأفلاطون حوار
الفيلسوف سقراط مع غلوكون وأدمينتوس[7]،
حيث أعطى سقراط أمثلة عن فكرة المساواة بين الجنسين بالحيوانات التي لا تقسم
الأدوار بينها بناء على الجنس، ويكمن الفرق الوحيد في أن الأنثى تلد والذكر لا يلد
وهما معا يصطادان ويبحثان عن الطعام ويشتركان في كل الأنشطة، ويبقى الاختلاف
الوحيد هو تفوق الرجل على المرأة في القوة الجسمانية[8].
ومن ثم نستشف تجذر أفكار المساواة في الفلسفة اليونانية، وقد تُرجمت العديد من هذه
الأفكار المثالية -في منظور ذلك العصر التقليدي- على أرض الواقع في عالمنا الحالي.
ثم تأتي الفلسفة الحديثة التي
تطورت خلال عصر الأنوار، حيث أسهم فلاسفة مثل جون لوك في تعزيز فكرة المساواة من
خلال طرح مفهوم الحقوق الطبيعية والمساواة الأساسية بين الأفراد، مؤكدين أن جميع
الأفراد يولدون متساويين في الحقوق، وهو ما أثر بشكل كبير على تشريعات حقوق
الإنسان. وقد دعا فلاسفة مثل توماس هوبز وجيريمي بنثام إلى حقوق متساوية للنساء،
كما هاجم هوبز نظرية تفوق الذكور الطبيعي على النساء، مشيرا إلى أنه لا يوجد مبرر
عقلاني لذلك، وتحدث بنثام عن المساواة الكاملة بين الجنسين، بما في ذلك الحق في
التصويت والمشاركة في الحكومة، وعارض المعايير الأخلاقية الجنسية المختلفة بشدة
بين النساء والرجال[9].
ثم نجد الفلاسفة السياسيين مثل
كارل ماركس، الذين طوروا مفهوم المساواة في السياقات الاجتماعية والسياسية، فقد
تناول روسو المساواة في إطار العقد الاجتماعي، مؤكدا أن الجميع يجب أن يتمتعوا
بالحقوق نفسها بغض النظر عن الوضع الاجتماعي، بينما نظر ماركس إلى المساواة من
خلال عدسة الطبقات الاجتماعية ودعا إلى القضاء على الفروق الطبقية من خلال العدالة
الاقتصادية. يعتقد كارل ماركس أن السلطة في المجتمعات الرأسمالية تنشأ من تقسيم
العمل، مما يؤدي إلى انقسام بين البرجوازية (مالكي وسائل الإنتاج) والبروليتاريا
(غير المالكين)، ويربط قهر النساء بعلاقات الإنتاج حيث يستغل الرجال عمل النساء[10].
أحدث هذه الأفكار الفلسفية
ومقاربتها للمساواة تأثيرًا كبيرا ومباشرا في صياغة التشريعات، لاسيما في مجال
حقوق الإنسان والمساواة أمام القانون، على سبيل المثال، اعتمد الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان، الذي صدر عن الأمم المتحدة عام 1948، بشكل كبير على المفاهيم
الفلسفية حول الحرية والمساواة، وقد تأثر بالفلسفات الغربية التي أسست لفكرة
المساواة كما تم تبنيها في هذا الإعلان، مما أثر بدوره على التشريعات الوطنية
للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك المغرب.
استمر تأثير هذه الأفكار على
مختلف الدساتير الحديثة، حيث كانت المبادئ الفلسفية لها تأثير واضح في روحها
وتشكيل مقتضياتها المتعلقة بالمساواة. سنعرض أمثلة على ذلك في الشق الثاني من هذه
الدراسة. كما امتد هذا التأثير إلى التشريعات الداخلية للدول، التي انطبعت بالتبني
الدستوري للمساواة المستمد أساسًا من المواثيق الدولية التي أنشئت بناءً على
التأثيرات الفلسفية الحديثة. يمكن القول إن الفلسفة ساهمت في تشكيل فهمنا للمساواة
كحق أساسي يتعين احترامه في النصوص القانونية، مع تطور هذا الفهم ليتضمن مختلف
جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
يمثل التدين عنصرا محوريا في
تشكيل الفكر القانوني حول المساواة، حيث يؤثر على القيم والسلوكيات العامة في
المجتمعات، عندما يستند القانون إلى مبادئ دينية، يصبح إطارا يحدد التصورات
المشتركة للعدالة والمساواة، مما يضيف بعدا أخلاقيا وروحيا للمفهوم، يسهم التدين
في تشكيل الوعي الجمعي حول قضايا المساواة، ويساعد في صياغة المواقف الجماعية تجاه
التمييز ويعزز العدالة، ويكون التأثير الإيجابي للتدين فعالا عندما تظل قيمه
حيادية وغير متأثرة بمصالح خارجية، مما يجعله أساسا لتحديد قيم العدالة بعيدا عن
التحيزات.
يُعتبر التدين جوهريًا في تشكيل
النصوص القانونية المتعلقة بالمساواة، ويؤكد على أن جميع البشر متساوون في
الكرامة، مما يعزز من التشريعات التي تضمن توزيعا عادلا للفرص. ويرى أغلب علماء
الشريعة المحدثون أن للإسلام فضل السبق في إعلان مبدا المساواة بين بني الإنسان
على اختلاف أصولهم وأجناسهم وألوانهم وقبائلهم وشعوبهم، فهم جميعا في الحقوق
والواجبات أمام الشرع سواء[11].
وتجد المساواة مرجعا في آيات القران الكريم، فيقول ربنا عز من قائل " ﴿إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ
وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ
وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ
وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ
اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾[12]،
ويقول أيضا ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾[13]،
وإن الخطاب القرآني يخاطب في مجمله كافة العباد ذكورهم وإناثهم وإن كان يستعمل
التذكير، فما ذلك إلا لكون هذا الأخير أخف على اللسان. لذلك يقول سيبويه "
واعلم أن المذكر أخف عليهم من المؤنث؛ لأن المذكر أول، وهو أشد تمكنا، وإنما يخرج
التأنيث من التذكير. ألا ترى أن "الشيء" يقع على كل ما أخبر عنه من قبل
أن يعلم أذكر هو أو أنثى، والشيء ذكر[14]".
كما تجد المساواة أصلا في السنة النبوية الشريفة حيث يقول المصطفى ﷺ في الحديث "إنما
النساء شقائق الرجال".
، كما يمثل قوة دافعة تعزز
القيم الإنسانية وتحقق المساواة وتضمن العدالة، شريطة أن يبقى بعيدا عن أي تدخلات
خارجية -كالتفسير المتشدد- تؤثر على نقاوته الروحية.
المطلب الثالث: الموجهات الاقتصادية
يمكن تعريف الموجهات الاقتصادية
بتلك السياسة والظروف الاحتياجات الاقتصادية التي
تستوجب إعمال المساواة، تتميز هذه الموجهات بكونها تضغط
على التشريع لدفع مقتضياته للتلاؤم مع الواقع الاقتصادي، ويُعتبر الموجه
الاقتصادي عنصر حيوي في تشكيل النصوص القانونية المتعلقة بالمساواة، حيث يلعب دورا
فعالا في توجيه السياسات العامة والسلوكيات الاجتماعية، فالأبعاد الاقتصادية تؤثر
بشكل مباشر على كيفية فهم المجتمع لمفاهيم مثل العدالة والمساواة، وتعمل على صياغة
الأولويات في التشريعات التي تهدف إلى تحقيق الإنصاف. علاوة على ذلك، يضطلع الموجه
الاقتصادي بدور نقدي تجاه القوانين التي تكرس التمييز أو تعزز الفجوات الاقتصادية،
فقد دفعت الأبعاد الاقتصادية العديد من الحركات الاجتماعية إلى المطالبة بإصلاحات
قانونية تضمن المساواة بين الجنسين وحقوق الفئات المستضعفة، كما أن الاعتبارات
الاقتصادية توسع مفهوم المساواة ليشمل ليس فقط المساواة الشكلية أمام القانون، بل
أيضًا المساواة الفعلية التي تضمن التمتع بالحقوق والفرص على المستوى الواقعي.
ووصلت دراسة لصندوق النقد
الدولي (IMF) إلى أن سد
الفجوة بين الجنسين في سوق العمل يمكن أن يزيد النمو الاقتصادي، وحاليا على
المستوى العالمي نسبة 47% من النساء فقط يعملن مقارنة بـ72% من الرجال، ويمكن لزيادة
مشاركة النساء بنسبة 5.9% أن تعزز نمو اقتصادات الأسواق الناشئة بنحو 8%[15].
أضف الى ذلك أن تمكين المرأة من الولوج الى سوق
الشغل سيعمل بلا ريب على الرفع من القدرة الشرائية للمواطنات وسينعكس بشكل إيجابي
على الاقتصاد الوطني، وغني عن البيان أن المرأة تستهلك وتنفق أكثر من الرجل، وهذا
سيساهم في منع الركود الاقتصادي ونمو الاقتصاد. كما
تشير بعض الحسابات الى أن عدم سد الفجوة بين الجنسين في المشاركة في سوق الشغل
والمناصب الإدارية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “OECD” يؤدي الى
خسائر في النشاط الاقتصادي العالمي تقدر بـ7% أي ما
يعادل 7 تريليونات دولار[16].
وقالت شيلا بنروز رئيسة مجلس
إدارة جونز لانز لاسالي مقولة حكيمة حول أهمية دور المرأة كفاعلة اقتصادية "إن
الشركات التي تغفل نصف سكان العالم، تغفل نصف مواهب العالم. وللتنافس بفعالية
علينا أن نعكس تنوع العالم الذي نعيش ونعمل فيه نحن وعملاؤنا[17]".
ويتضح أن الموجه الاقتصادي له تأثير عميق على صياغة النصوص القانونية المتعلقة
بالمساواة، ولكن متى ما ظل محايدا وغير متأثر بأي موجه آخر قد يطبع القيم
الاقتصادية بطابعه الخاص، وذلك كتأثير كبرى الشركات
ولاسيما الجماعات الضاغطة (اللوبيات) عبر الإشهار والدعايات والترويج على صياغة النصوص
القانونية من خلال التأثير على الرأي العام والمجتمع؛ الترويج لثقافة استهلاكية؛
التأثير على المنظمات غير الحكومية وتمويلها بغرض توجيهها الى الدفع بتغييرات
قانونية تتلاءم ومصالح هذه الشركات واللوبيات.
يشير
كل ما ذكرناه سلفا الى القوة الاقتصادية للمساواة بين الجنسين، ولتحقيق كل المنافع
التي ذكرناها آنفا وتجنب الخسائر لا محيد عن ضبط القواعد القانونية بشكل يعزز
المساواة بن الجنسين في فرص العمل وفرص إنشاء المقاولات وإدارتها وغير ذلك مما
يمكن المرأة اقتصاديا.
المطلب الرابع:
الموجهات الأيديولوجية والسياسية
تُعد الموجهات السياسية
والأيديولوجية من العناصر الأساسية التي تؤثر في صياغة النصوص القانونية المتعلقة
بالمساواة، حيث تلعب دور جوهري في تشكيل الرؤى والتوجهات العامة للمجتمعات، فهي
تمثل الإطار الفكري الذي يحدد كيفية فهم القيم والمبادئ المتعلقة بالعدالة
والمساواة، مما يسهم في تشكيل السياسات العامة والتشريعات، وذلك عبر التأثير على
القيام والسلوكيات؛ تشكيل الوعي الاجتماعي؛ نقد القوانين السارية النفاذ.
بالإضافة الى ما سبق يمكن تعريف
الموجهات السياسية أيضا بالتوجه السياسي والبرنامج الذي تعتمد حكومة في دولة
معينة، مثال ذلك المغرب الذي اعتمد العديد من برامج واستراتيجيات وسياسات تهدف الى
تحقيق المساواة بين الجنسين[18].
وتتحكم في هذه السياسات أيديولوجيات سياسية، ويمكن تعريف الأيديولوجية بأنها "نظام
من الأفكار والمعتقدات السائدة التي تؤثر على جميع مجالات التفاعل الاجتماعي
البشري والتنظيم، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو علمية أو تعليمية أو ثقافية[19]"،
وتبعا لذلك فالأيديولوجيا السياسية الأفكار
والمعتقدات ذات الطابع السياسي، تختص هذه الموجهات بكونها ملزمة بشكل غير مباشر،
فالأيديولوجيا السائدة لدى السلطة الحاكمة أو لدى الجماعات الضاغطة ستؤثر بشكل
ضروري على صياغة النصوص القانونية، كما تختص بكونها أهم موجه غير تشريعي للنصوص
القانونية، وعليه سنسلط الضوء على صنفين كبريين من الأيديولوجيات السياسية؛
الأيديولوجيا الليبرالية، والأيديولوجيا الاشتراكية.
تمثل الأيدولوجية الليبرالية
شبحا يطارد الفكر والممارسة السياسية الغربية، بالنسبة للبعض تمثل الليبرالية موقعا
للحداثة، وموضوعا للرغبة، وربما الغاية النهائية للتاريخ، أما بالنسبة لآخرين فهي
كابوس متجسد، إما كدلالة على المنطق الوحشي للرأسمالية أو كتدهور بائس نحو النسبية
الأخلاقية[20].
فالليبرالية هي نزعة فردية
تجعل الفرد محور المجتمع يتمتع بكافة الحقوق والحريات وتقف الدولة موقف محايد ولا
تتكفل سوى بحمايته وحماية تمتع بتلك الحقوق والحريات. وقد ظهر تيار النسوية
الليبرالية الذي يعتقد أن المجتمع يحمل معتقد خاطئ يتمثل في كون النساء أقل قدرة
اجتماعيا وعاطفيا من الذكور، وتستخدم النسوية الليبرالية الأدوات الاجتماعية
والاقتصادية والقانونية لتحقيق المساواة بين الجنسين، وتساعد في دمج النساء في
المجتمع وجعل هذا الأخير يتقبل قضايا النساء، وما تختص به النسوية الليبرالية هو
عدم مهاجمتها للفلسفة أو النظام الذي يدعم قمع المرأة[21].
وقد ساهمت النسوية الليبرالية
بالدول الغربية في تحقيق عدة مكاسب، وذلك من خلال ثلاث موجات؛ امتدت النسوية في
الموجة الأولى بالدول الغربية -ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة
المتحدة- خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وركزت بشكل رئيسي على تحقيق
المساواة القانونية الأساسية للنساء، واستطاعت الظفر لأول مرة بحق المرأة في
التصويت[22]،
أما الموجة الثانية كانت في الستينيات والسبعينيات واستهدفت قضايا المساواة في
الحقوق الاجتماعية والقانونية (العمل والتعليم ...إلخ) وأسفرت عن نتائج مهمة[23]،
أما الموجة الثالثة فبدأت في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات وركزت على عدة
قضايا كمنع التمييز العنصري وحماية التوجهات الجنسية المتعددة[24].
بخصوص الأيديولوجية الاشتراكية
فهي عقيدة سياسية واقتصادية تقوم على بعدين؛ بعد يتعلق بالمثل والقيم (الرؤية
الاشتراكية) كالحرية والمساواة وإزالة الطبقية في المجتمع، وبعد يتعلق بالسمات
العملية الواقعية للمؤسسات السياسية والاجتماعية التي يُفترض فيها أن تجسد البعد
الأول على أرض الواقع[25].
وقد ساهمت المنظمات النسوية
الاشتراكية في تحقيق عدة مكاسب في مختلف الدولة. مثال ذلك ألمانيا التي حققت فيها
المنظمات النسوية عدة مكاسب انطلاقا من أواخر القرن 19، فنتيجة لبرنامج إرفورت
لعام 1891 الذي طالب بمنح مواطنة كاملة للمرأة، وإلغاء كل القوانين التي تضع
النساء في وضع غير متساوي مع الرجال في القانون العام والمدني، قدم الحزب
الاشتراكي الديمقراطي أول قرار برلماني لحق المرأة في الاقتراع 1895، وعدم الحزب
المساواة بين النساء في القانون المدني، وطالب بالحقوق المدنية للمرأة التي تم
إقرارها سنة 1908[26].
وتوجه
الاشتراكية أصابع الاتهام الى الرأسمالية بكونها تضطهد المرأة. ويشرح ذلك الكاتب
أوغست بيبل في كتابه "النساء في الاشتراكية 1878" ويقول بأن المرأة
مضطهدة عبر تبيعتها المزدوجة للرجل (تبعية اقتصادية واجتماعية)[27].
تتداخل
الأيديولوجيات السياسية مع السياسات الحكومية، حيث تُعتبر الأيديولوجيا الدافع
وراء اتخاذ القرارات السياسية، فعندما تكون الأيديولوجيا قائمة على قيم العدالة
والمساواة، فإن ذلك يؤدي إلى تطوير سياسات تشريعية تعزز هذه القيم، على العكس، إذا
كانت الأيديولوجيا تركز على المصالح الاقتصادية أو السياسية الضيقة، فقد تؤدي إلى
إغفال قضايا المساواة وتهميشها. كما تلعب الموجهات السياسية والأيديولوجية دورا
حيويا كموجه غير تشريعي للنصوص القانونية المتعلقة بالمساواة. من خلال تشكيل القيم
والسلوكيات العامة، وتعزيز الوعي الجماعي، وتقديم النقد البناء للقوانين القائمة،
يمكن لهذه الموجهات أن تسهم في بناء مجتمع أكثر عدلاً وشمولية، لذلك، فإن فهم هذه
الديناميكيات يُعتبر أمرًا ضروريًا لتحقيق تقدم حقيقي نحو تحقيق المساواة والعدالة
الاجتماعية.
المبحث الثاني: مظاهر
تأثير الموجهات غير التشريعية في تشكيل النصوص التشريعية
استطاع المغـرب خلال العقديـن الأخيرين
تعزيز ترسـانته التشريعية الهادفة إلى ترسـيخ المسـاواة بـن الرجـال والنسـاء
سـواء على الصعيـد الشـخيص والأسري، أو علـى المسـتويات الاقتصادية والاجتماعية
والسياســية، وتعتبر الإصلاحات التشريعية والسياســية والاجتماعية الــتي عرفهــا
المغـرب دليلا علـى وجـود إرادة حقيقيـة مـن أجـل النهـوض بالمسـاواة بـن النسـاء
والرجـال[28].
كما أفرزت النصوص القانونية المغربية
تجليات واضحة للموجهات غير التشريعية، ويبرز الدستور كأحد النماذج الرئيسية لهذه
التجليات حيث قعد صراحة -لأول مرة وبعد عن كان مقتصرا على المساواة بين الجنسين في
الحقوق السياسية- للمساواة الكاملة في الحقوق في الفصل 19 من الدستور المغربي "يتمتع
الرجل والمرأة على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته
الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في
ناطق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. تسعى الدولة الى تحقيق مبدأ
المناصفة بين الرجال والنساء"،
كما نص نفس الفصل على إحداث هيئة المناصفة
ومكافحة كل أشكال التمييز التي تم إحداثها بالفعل بمقتضى القانون 79.14[29]،
ويأتي ذلك تكريسا للاتفاقيات والمواثيق الدولية ولاسيما المادة 2 من اتفاقية سيداو
"تتعهد الدول الأطراف بما يلي: أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة
في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى...إلخ".
بناء على ما سلف، سنسبر أغوار
تجليات تأثير الموجهات غير التشريعية في تشكيل النصوص التشريعية المغربية المكرسة
للمساواة من خلال ربط كل مقتضى من الموجهات الآنف ذكرها في المبحث الأول بما سنه
المشرع المغربي، وذلك عبر تسليط الضوء على هذه التجليات في قوانين الأعمال (المطلب
الأول)، ثم قانون الجنسية (المطلب الثاني)، المقتضيات القانونية
الحمائية (المطلب الثالث)، وسنختم بالقوانين ذات الصلة بالمشاركة السياسية
وصناعة القرار (المطلب الرابع).
يحقق إدماج النساء في عالم الأعمال فوائد لا يمكن إنكارها سواء على الصعيد
التجاري أو الاقتصادي أو الاجتماعي، ولقد تغيرت السردية حول المرأة والعمل
على مدى العقود الأخيرة، وفي يومنا هذا هناك قبول عالمي بأن الإدماج الكامل للنساء
في الحياة الاقتصادية عبر جميع القطاعات وفي جميع مستويات النشاط الاقتصادي أمر
ضروري من أجل؛ تعزيز تنافسية وابتكار وربحية المؤسسات، بناء اقتصاديات قوية، إقامة
مجتمعات أكثر استقرارًا وعدلاً، تحقيق الأهداف المتفق عليها دوليا للتنمية
المستدامة وحقوق الإنسان، تحسين جودة الحياة للنساء والرجال والأسر والمجتمعات[30].
لكل هذه الأسباب لم
تكن قوانين الأعمال المغربية بمعزل عن تأثير الموجهات غير التشريعية، حيث انعكست
مقتضيات الاتفاقيات والمواثيق الدولية على التشريع المغربي،
لاسيما المادة 13 من اتفاقية سيداو "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير
المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في المجالات الأخرى للحياة الاقتصادية
والاجتماعية لكي تكفل لها"، زد على ذلك ما فرضته الموجهات الاقتصادية من
ضرورة تمكين المرأة اقتصاديا لتفادي الخسائر المترتبة عن إقصاء المرأة[31].
بالإضافة الى تأثير الأيديولوجيات السياسية -لاسيما الليبرالية- في العالم، وامتد
ذلك التأثير الى المغرب باعتباره دولة ليبرالية اقتصاديا فكان لا بد أن يتأثر
بالأيديولوجيا السياسية الليبرالية، حيث نادت النسوية الليبرالية بالمساواة بين
الجنسين في كل الميدان وتمكين المرأة اقتصاديا.
انطلاقا من كل ما سبق، أدخل
المشرع المغربي عدة تعديلات على الترسانة القانونية للأعمال لجعلها تتلاءم ومبادئ
المساواة بين الجنسين، وسنتعرض لمدونة التجارة (الفقرة الأولى)، ثم قانون
الشركات (الفقرة الثانية)، ثم سنختم بقانون الشغل (الفقرة الأولى).
عرف
القانون التجاري تطور مهم فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، فقد أقرت مدونة
التجارة[32]
في مادتها 17 على أنه للمرأة المتزوجة الحق في ممارسة التجارة دون أن يتوقف ذلك
على إذن زوجها، بل وإن كل اتفاق مخالف لذلك يعتبر لاغيا. زد على ذلك فإن صدور القانــون
رقــم 114.13 المتعلــق بنظــام المقــاول الذاتي[33]، عزز
من دعــم المبــادرة المقاولاتية مــن خلال نظــام جبائي خــاص ونظــام التغطيــة الاجتماعية
والصحيــة للرجال والنساء على حد سواء. وأفادت إحصائيات لوكالة الوطنية للنهوض
بالمقاولة الصغرى والمتوسطة التابعة لوزارة الصناعة والتجارة أن حصيلة الأنشطة سجلت
إلى حدود نهاية شهر مارس 2019 أكثر من 99،250 مقاول ذاتي، 31% منهم هن نساء[34].
ويستند
هذا المقتضى -فضلا عن الاتفاقيات والمواثيق الدولية- الى شريعتنا الإسلامية التي
تسمح للمرأة بممارسة للتجارة. فالأصل إباحة الاكتساب والاتجار للرجال والنساء معا
في السفر والحضر، ولما هو ثابت أن النساء في صدر الإسلام كن يبعن ويشترين باحتشام
وتحفظ من إبداء زينتهن[35].
ولنا في أمنا خديجة رضي الله عنها اسوة حسنة، فعن ابن إسحاق، قال: كَانَتْ
خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ
امْرَأَةً تَاجِرَةً، ذَاتَ شَرَفٍ وَمَالٍ، تَسْتَتْجِرُ الرِّجَالَ فِي
مَالِهَا، وَتُضَارِبُهُمْ إِيَّاهُ بِشَيْءٍ تَجْعَلُهُ لَهُمْ مِنْهُ، وَكَانَتْ
قُرَيْشٌ قَوْمًا تُجَّارًا[36]".
في
دراسة لمنظمة العمل الدولية سنة 2019 بتعاون منظمات الأعمال الأوروبيات أجريت في
استطلاع رأي 13.000 شركة حول العالم أظهرت أن النساء يشغلن أقل من 30% من المناصب الإدارية بالشركات[37].
كما أظهر تحليل لأكبر 3,000 شركة أمريكية على مدار 17 سنة أن الشركات التي تشغل
فيها النساء منصب رئيس تنفيذي للشؤون المالية (CFO) أكثر
ربحية، ففي العامين التاليين لتعيينهن شهدت الشركة زيادة في الربحية بنسبة 6%
وعوائد أسهم أكبر بنسبة 8%[38].
بالإضافة الى ذلك أظهر تحليل أجرته مؤسسة التمويل
الدولية (IFC) شمل 46.000 شركة بـ33 دولة أن وجود النساء
في مجالس الإدارة وفي المناصب الإدارية العليا يحسن المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة
(ESG) في الشركات[39].
وانطلاقا من كل هذه الدراسات نستشف أهمية وجود النساء في مراكز صنع القرار
بالشركات وما لذلك من انعكاسات إيجابية على الشركة، لذلك نصت معظم التشريعات -بما
فيها المغربي- على ضمان تمثيلية النساء بمجالس الإدارة بالشركات لتستفيد من هذه
الإيجابيات.
إلحاقا بما سبق، وفي إطار
التمكين الاقتصادي للمرأة سن المشرع المغربي القانون 19.20[40]
بتغيــر وتتميــم القانــون رقــم 17.95 المتعلــق بــركات المســاهمة[41]
والقانــون رقم 5.96 المتعلــق بشركة التضامــن وشركة التوصيــة البســيطة وشركة
التوصيــة بالأسهم والشركة ذات المســؤولية المحــدودة وشركة المحاصـة[42]
الذي يتضمن مقتضيات تنص على ضرورة ضمان توازن فيما يخص تمثيلية النساء ضمن مجلس
الإدارة ومجلس الرقابة بشركة المساهمة (المادتين 39 و83 من القانون رقم 17.95).
بيد أن الملاحظ حول هذه المواد
هو طبيعتها الفضفاضة، لأنها لم تنص على جزاء يترتب عن مخالفة أحكامها وبالتالي لن
تجد شركات المساهمة نفسها مقيدة باحترام هذه المقتضيات، ولأن هيبة القاعدة
القانونية وطابعا الملزم يستند الى جزاء معين فإن انتفاء هذا الأخير يجعلها قاعدة
توجيهية فحسب. وما نستغربه هو أن المشرع الفرنسي (Article L225-18 du code de
commerce) والمشرع النرويجي (§6-11a of Norwegian Public Limited Liability Companies Act) والمشرع الألماني ((§36 of Limited Liability Companies Act نصوا على ضمان تمثيلية النساء في المجالس الإدارية للشركات ولم
يتطرقوا للجزاء، وحري بالمشرع المغربي أن ينص على جزاء يترتب عن مخالفة أحكام
المادتين 39 و83 من قانون شركة المساهمة.
تزداد قوة قضية المساواة بين
الجنسين في مجال الأعمال عاما بعد عام مع تراكم الأدلة، وتعتبر المساواة بين
الجنسين والتنوع استراتيجية تجارية ذكية، فهي تؤدي إلى؛ زيادة الأرباح والإنتاجية،
تحسين القدرة على جذب والاحتفاظ بالمواهب، تعزيز الإبداع والابتكار والانفتاح،
تعزيز السمعة، تحسين القدرة على تقدير اهتمام وطلب المستهلكين[43].
بل وإن تمكين المرأة في سوق الشغل له أثر إيجابي على الناتج المحلي الإجمالي. وحسب
تقدير للمنتدى الاقتصادي العالمي إذا تم إغلاق الفجوة العالمية بين الجنسين في
المشاركة في سوق العمل بنسبة 25 في المئة بحلول عام 2025، فسيتم إضافة 5.3 تريليون
دولار أمريكي إضافية إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي[44].
وزيادة على هذه الموجهات
الاقتصادية، نصت المادة 11 من اتفاقية سيداو على أنه "تتخذ الدول الأطراف
جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي تكفل
لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، نفس الحقوق: أ) الحق في العمل بوصفه
حقا ثابتا لجميع البشر ...إلخ"، وبناء على كل ما سلف أقر الدستور المغربي
بمقتضى الفصل 31 للمواطنات والمواطنين الحق في الشغل، وقد نص المشرع المغربي في
مدونة الشغل[45]
في المادة 9 من مدونة الشغل على منع كل تمييز بين الأجراء من حيث الجنس؛ كما أردف
بالتنصيص صراحة على حق المرأة في إبرام عقد الشغل.
تكريسا للبند (ب) الذي ينص على
حق المرأة في التمتع بنفس فرص العمالة بما في ذلك تطبيق معايير اختيار واحدة في
شؤون الاستخدام، والبند (ج) الذي ينص على حق المرأة في حرية اختيار المهنة ونوع
العمل، نص المشرع في المادة 478 من المدونة على أنه يمنع على وكالات التشغيل
الخصوصية كل تمييز يقوم على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس...إلخ.
وتطبيقا للبند (د) من المادة 11
من اتفاقية سيداو "الحق في المساواة في الأجر، بما في ذلك الاستحقاقات،
والحق في المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالعمل ذي القيمة المساوية، وكذلك
المساواة في المعاملة في تقييم نوعية العمل"؛ نص المشرع المغربي في
المادة 346 من مدونة الشغل على منع كل تمييز في الأجر بين الجنسين إذا تساوت قيمة
الشغل الذي يؤديانه. كما ساوى بينها وبين الأجير الذكر في كل الحقوق المخولة
للأجراء.
إضافة الى ما سبق، ينص البند (و)
على حماية وظيفة الإنجاب؛ كما ينص التدبير (ب) من البند 2 على إدخال نظام إجازة
الأمومة المدفوعة الأجر أو المشفوعة بمزايا اجتماعية مماثلة دون فقدان للعمل
السابق أو للأقدمية أو للعلاوات الاجتماعية، وقد أفرد المشرع باب في المدونة
بعنوان "حماية الأمومة" نص فيه في المادة 152 على تمتع الأجيرة بإجازة
ولادة مدتها 14 أسبوع وفي المادة 154 حق للمرأة الأجيرة، أن توقف سريان عقد الشغل
فترة تبتدئ قبل تاريخ توقع الوضع بسبعة أسابيع، وتنتهي بعد تاريخ الوضع بسبعة
أسابيع، وإذا ثبت بشهادة طبية نشوء حالة مرضية، عن الحمل أو النفاس، تجعل من
الضروري إطالة فترة توقف العقد، زيدت في فترة إجازة الوالدة مدة استمرار تلك
الحالة المرضية، على ألا تتعدى فترة التوقيف ثمانية أسابيع قبل تاريخ توقع الوضع،
وأربعة عشر أسبوعا بعد تاريخ الوضع، وإذا وضعت الأجيرة حملها قبل تاريخه المتوقع،
أمكن لها تمديد فترة توقيف عقد الشغل إلى أن تستكمل الأربعة عشر أسبوعا التي
تستغرقها مدة التوقيف المستحقة لها.
وينص التدبير (د) من البند 2
على توفير حماية خاصة للمرأة أثناء فترة الحمل في الأعمال التي يثبت أنها مؤذية
لها ويقابل ذلك في التشريع المغربي المادة الفقرة الثانية من المادة 153 من مدونة
الشغل التي تنص على سهر المشغل على تخفيف الأشغال التي تكلف بها المرأة الأجيرة
أثناء الفترة الأخيرة للحمل وفي الفترة الأولى عقب الولادة.
كما تنص المادة 11 من اتفاقية
سيداو على "منع التمييز ضد المرأة بسبب الزواج أو الأمومة، ضمانا لحقها
الفعلي في العمل"، ونص البند (أ) على حظر الفصل من الخدمة بسبب الحمل أو
إجازة الأمومة والتمييز في الفصل من العمل على أساس الحالة الزوجية مع فرض جزاءات
على المخالفين، وقد نص المشرع في المادة 165 من المدونة على معاقبة المشغل بغرامة
من 10.000 الى 20.000 درهم عند إنهائه لعقد شغل أجيرة حامل أثبتت حملها بشهادة
طبية أو نفساء.
وينص البند (و) من المادة 13
على حق المرأة في الوقاية الصحية وسلامة ظروف العمل، لذلك منع المشرع المغربي
بمقتضى المادة 172 من المدونة تشغيل النساء ليلا في بعض النشاطات وحدد بمقتضى
المرسوم رقم 2.04.568 شروط لتسهيل تشغيل النساء ليلا؛ كما منع بمقتضى المادة 179
تشغيل النساء بالمقالع والأشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم؛ كما منع بمقتضى
المادة 181 تشغيل النساء في الأشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهم أو تفوق طاقتهم
أو قد يترتب عنها ما يخل بالآداب العامة، وكل ذلك تحت طائلة الجزاء الجنائي الوارد
في المادة 183 من المدونة.
إن إدخال المشرع المغربي لهذه
المقتضيات في مدونة الشغل ليس انعكاسا عن اتفاقية سيداو فحسب وإنما تنفيذا
لاتفاقيات أخرى كتلك الصادرة عن منظمة العمل الدولية؛ كاتفاقية عمل المرأة ليلا
1919 كما تحت مراجعتها 1934، اتفاقية العمل تحت سطح الأرض (المرأة) 1935، اتفاقية
1956 بشأن حماية الأمومة كما تمت مراجعتها سنة 2000.
تجدر الإشارة الى أن القانون
رقم 19.12 المتعلق بالعاملات والعمال المنزليين[46]
يعتبر إضافة للترسانة القانونية المتعلقة بحماية المرأة، على اعتبار أن أغلب
العمال بالمنازل هن نساء. وتشير إحصائيات لمنظمة العمل الدولية على أن النساء
يمثلن 80% من عمال المنازل على المستوى
العالم[47].
وحري بنا أن نشير الى أن القانون 19.12 كان بمثابة إجراء من إجراءات تحقيق هدف وضع
نصوص تشريعية وتنظيمية لحماية النساء ومحاربة التمييز في إطار الخطة الحكومية
للمساواة "إكرام" 2012/2016.
يحدد قانون الجنسية الهوية
القانونية للأفراد وعلاقتهم بالدولة، وتؤثر الأحكام المتعلقة بالجنسية بشكل مباشر
على حقوق الأفراد وقدرتهم على المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، كما تعكس
قوانين الجنسية المساواة بين الجنسين عندما تمنح الرجال والنساء حقوقا متساوية
فيما يتعلق بالجنسية، ولكنها قد تعكس أيضا التمييز واللامساواة عندما تكون الحقوق
غير متوازنة.
ومنذ ستين سنة، كانت
قوانين الجنسية في معظم الدول لا توفر حقوقا متساوية للنساء في مسائل الجنسية، لكن
هذا تغير جذريا للأفضل منذ اعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد
النساء (CEDAW) في عام 1979،
تكشف دراسة مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) حول التشريعات الوطنية أن
المساواة بين الرجال والنساء فيما يتعلق بمنح الجنسية للأطفال لم تتحقق بعد في 24
دولة، تقع هذه الدول في جميع أنحاء العالم تقريبا، توجد العديد من هذه الدول في
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (اثني عشر دولة)[48].
إلحاقا بما سبق، تنص المادة 9
من اتفاقية "سيداو" على أنه "تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقا
مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. وتضمن بوجه خاص
ألا يترتب على الزواج من أجنبي، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن
تتغير تلقائيا جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية، أو أن تفرض عليها جنسية الزوج.
2. تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما"،
ونتيجة لذلك عدل المشرع قانون الجنسية[49]
بمقتضى القانون 62.06[50]
لسنة 2007، فأصبحت الأم المغربية طبقا للفصل 6 تُسند الجنسية الى مولودها مساواة
بالأب المغربي، بيد أن الإشكال يُطرح على مستوى الفصل 10 الذي يعطي للأجنبية
المتزوجة من مغربي حق اكتسب الجنسية عن طريق الزواج، ولا يعطي للأجنبي المتزوج من
مغربي نفس الحق؛ مما يجعله -الأجنبي- يحصل عليها عن طريق التجنيس، ويتضح من خلال
ذلك عدم المساواة الجلية بين المغربي والمغربية.
لذلك حري بالمشرع أن يمنح الحق
في الحصول على الجنسية لزوج المغربية على غرار زوجة المغربي؛ ونشير الى ان الخطة
الحكومية للمساواة "إكرام" 2012/2016 جعل من تعديل المادة العاشرة من
قانون الجنسية إجراء من إجراءات تحقيق هدف مواصلة ومواكبة تطبيق النصوص التشريعية
والبرامج ذات الصلة، وذلك بمقتضى مشروع القانون رقم 019.13 الذي لم يكتب له الخروج
الى حيز التنفيذ.
المطلب الثالث:
المقتضيات القانونية الحمائية
عرفت
الأمم المتحدة العنف ضد النساء في المادة 1 من الإعلان المتعلق بالقضاء على العنف
ضد المرأة بأنه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح
أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو
النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من
الحرية، سوء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة[51]".
وحسب الإحصائيات توجد علاقة عكسية بين المساواة بين الجنسين والعنف، ويتضح هذا في
كلا من الأشكال الجسدية والجنسيّة من الإساءة، حيث تميل البلدان التي تتمتع بمزيد
من المساواة بين النساء والرجال إلى أن تكون لديها مستويات منخفضة من العنف ضد
النساء، استنادا إلى المؤشرات العالمية الرائدة للمساواة بين الجنسين[52].
في هذا
الصدد، وبناء على المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "لكلِّ فرد
الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه"؛ والمادة 9 من العهد الدولي
الخاص بالحقوق المدنية والسياسية " لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان
على شخصه"؛ وإعلان القضاء على العنف ضد المرأة؛ والفصل 21 من الدستور
"لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه"؛ وتنفيذا للإجراء 1.1.4 من هدف
تفعيل القوانين المتعلقة بمحاربة التمييز ضد النساء في الخطة الحكومية للمساواة
"إكرام 2" 2017-2021، أصدر المشرع المغربي القانون 103.13 المتعلق
بمحاربة العنف ضد النساء[53]،
وقد عرف هذا القانون العنف ضد المرأة بأنه "كل فعل مادي أو معنوي أو
امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي
للمرأة".
تضمن
القانون 103.13 مقتضيات زجرية وجرائم واقعة على المرأة، بالإضافة الى أحكام مسطرية
وآليات للتكفل بالنساء ضحايا العنف كالخلايا المحدثة بالمحاكم الابتدائية ومحاكم
الاستئناف والمصالح المركزية واللاممركزة لعدة قطاعات وزارية، تتولى هذه الخلايا
الاستقبال والاستماع والدعم والتوجيه لفائدة النساء ضحايا العنف. أضف الى ذلك أن
المشرع نص في المادة 50 من القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي[54]
على أن المساعدون الاجتماعيون المنتمون لكتابة الضبط يختصون بعدة مهام من بينها
تتبع النساء ضحايا العنف.
وفضلا عن الجزاءات الزجرية يمكن
القضاء على العنف ضد النساء بطرق أخرى. في نفس الصدد توصي منظمة الصحة العالمية
بتعزيز المساواة بين الجنسين كجزء حيوي من جهود الوقاية من العنف ضد النساء، كما تشير
الأدلة إلى أن عدم المساواة بين الجنسين يزيد من خطر العنف الذي يمارسه الرجال ضد
النساء ويعيق قدرة المتضررين على طلب الحماية، وتعتبر المبادرات المدرسية وسيلة
فعالة للتصدي للعنف من خلال معالجة المعايير والمواقف المكرسة للامساواة قبل
ترسيخها في نفوس الأطفال والشباب، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم التدخلات
الإعلامية في تغيير المواقف تجاه الأعراف وتعزيز حقوق النساء من خلال الحملات
التحسيسية العامة ووسائل الإعلام والصحف وغيرها[55].
المطلب الرابع:
القوانين ذات الصلة بالمشاركة السياسية وصناعة القرار
تعد المساواة بين الجنسين في
المشاركة السياسية وصناعة القرار من القضايا الأساسية التي تلامس جوهر الديمقراطية
وحقوق الإنسان. فتمكين النساء من الاضطلاع بأدوار فعالة في الساحة السياسية لا
يساهم فقط في تعزيز الديمقراطية، بل يعكس أيضًا قيم العدالة والمساواة التي تتطلع
إليها المجتمعات الحديثة. إن حصول النساء على الفرص المتساوية للمشاركة في صنع
القرار يُعزز من تنوع وجهات النظر ويدعم تطوير سياسات أكثر شمولية تلبي احتياجات
جميع أفراد المجتمع.
تعتبر المشاركة المتساوية
للنساء والرجال في السياسة شرطا مهما للديمقراطية الفعالة والحكامة الجيدة، فبالإضافة
إلى تعزيز النظام الديمقراطي تأثر مشاركة المزيد من النساء في اتخاذ القرارات
السياسية بشكل إيجابي على المجتمع[56].
ولكي توجد ديمقراطية حقيقية يجب تمتيع كل المواطنين إناثهم وذكورهم بإمكانية
الوصول المتساوي الى الانتخابات سواء كناخبين أو منتخبين.
لذلك، نصت المادة 25 من العهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية " يكون لكل مواطن، دون أي وجه من
وجوه التمييز المذكور في المادة 2، الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة
التمتع بها دون قيود غير معقولة: (أ) أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة
وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية، (ب) أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى
دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن
التعبير الحر عن إرادة الناخبين، (ج) أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه،
فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده"،
وزيادة على ذلك، تعزز اتفاقية "سيداو"
بشكل صريح مشاركة النساء السياسية، حيث نصت المادة 7 منها على أنه " تتخذ
الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة
السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق
في: (أ) التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع
الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام، (ب) المشاركة في صياغة سياسة الحكومة
وفى تنفيذ هذه السياسة، وفى شغل الوظائف العامة، وتأدية جميع المهام العامة على
جميع المستويات الحكومية، (ج) المشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم
بالحياة العامة والسياسية للبلد".
ونتيجة لذلك، أقر الدستور
المغربي في الفصل 19 منه بالمساواة بين الجنسين في كل الحقوق بما فيها السياسية،
وكرس ذلك في الفصل 30 الذي نص على أنه " لكل مواطنة ومواطن، الحق في
التصويت، وفي الترشح للانتخابات، شرط ...إلخ"، وبذلك فُتح للنساء باب
المشاركة السياسية سواء كمنتخبين أو ناخبين. وحسب مؤدى المادة 26 من القانون
التنظيمي 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية[57] على
أنه "يعمل كل حزب سياسي على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في
التنمية السياسية للبلاد، ولهذه الغاية يسعى كل حزب سياسي لبلوغ نسبة الثلث لفائدة
النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا وجهويا، في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة
بين النساء والرجال".
كما قد انعكست نصوص الاتفاقيات
والمواثيق الدولية؛ والنصوص الدستورية على عدة قوانين أخرى ذات صلة بالمشاركة
السياسية وصناعة القرار، حيث نص المشرع في المادة 29 من القانون التنظيمي 111.14
المتعلق بالجهات[58]؛
والمادة 27 من القانون التنظيمي 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم[59]؛
والمادة 26 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات[60]
على مراعاة مبدأ المناصفة في الترشح لرئاسة اللجان الدائمة، زد على ذلك نص المشرع
في القانون التنظيمي 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية[61]
كما عدل وتمم بالقانون التنظيمي رقم 34.15[62] على
أن عدة مقتضيات ذات بصلة بالمساواة بين الجنسين أبرزها تخصيص ثلث المقاعد للنساء
على الأقل في كل دائرة انتخابية (المادة 76)؛ تخصيص مقاعد للنساء في تأليف المجلس
الجماعي للجماعات غير المقسمة الى مقاطعات (المادة 127).
زد على ذلك، أدخل المشرع بمقتضى
القانون 10.21[63]
تعديلا على القانون 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء
واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية[64]،
وأضاف باب عنوانه دعم قدرات النساء التمثيلية ووضع فيه مادة فريدة مضمونها "يقدم،
وفق شروط وكيفيات تحدد بنص تنظيمي، دعم يخصص لتقوية قدرات النساء التمثيلية
بمناسبة الانتخابات العامة لمجالس الجماعات الترابية والانتخابات العامة التشريعية
وانتخابات أعضاء الغرف المهنية يطلق عليه اسم صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء".
من زاوية أخرى، ورغم هذه الجهود
التشريعية الحثيثة، تشير دراسة ميدانية أجرتها المنظمة المغربية لإنصاف الأسرة الى
أن 86.32 في المائة من العينة المشاركة لم يسبق لهن أن ترشحن أبدا للاستحقاقات
الانتخابية؛ وأفادت 36.32 في المائة من المشاركات بأنه ليس لديهن أي انتماء كيفما
كان نوعه؛ ولم تتعد نسبة اللواتي ينتمين إلى أحزاب سياسية 8.49 في المئة، و4.29 في
المائة إلى نقابات، و3.51 في المائة إلى غرف مهنية، بينما بلغت نسبة المنتميات إلى
جمعيات 41.79 في المائة[65].
من خلال هذه الدراسة تتضح أهمية
الموجهات غير التشريعية في تشكيل النصوص القانونية المكرسة للمساواة، حيث تلعب هذه
الموجهات دورا محوريا في توجيه السياسات التشريعية، كما يتضح أننا أمام إطار
تنظيمي يساهم في خلق بيئة قانونية ملائمة تدعم المساواة، ومع تطور النصوص التشريعية،
تبرز ضرورة تكامل هذه الموجهات لضمان إعداد قوانين تتماشى مع مبادئ العدالة
والمساواة.
بالإضافة الى ذلك وعلاوة على
الموجهات الملزمة -كالاتفاقيات والمواثيق الدولية ...إلخ- فإن الموجهات المجتمعية،
بما في ذلك النظام الأخلاقي والثقافي والأفكار الفلسفية، تسهم أيضا في تشكيل الوعي
الجماعي حول قضايا المساواة وتساعد في تعزيز القيم المرتبطة بها، علاوة على ذلك، ترسم
الموجهات الاقتصادية والأيديولوجية والسياسية خطوطا عريضة لتوجهات العمل التشريعي،
مما يعكس الاحتياجات والتطلعات الاقتصادية والمجتمعية
لا يمكن لتعزيز المساواة من
خلال النصوص التشريعية أن يتحقق دون مراعاة الموجهات غير التشريعية وتفاعلها مع
السياقات الاجتماعية والأيديولوجية والثقافية والسياسية، ويتطلب الأمر قدرا كبيرا
من التعاون بين جميع الأطراف المعنية لضمان صياغة تشريعية فعالة تلبي احتياجات
المجتمع وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
النتائج:
بناء على هذه الدراسة خلصنا الى
مجموعة من النتائج:
§
أهمية الموجهات غير التشريعية، حيث
تلعب دورا حاسما في تشكيل النصوص القانونية التي تعزز المساواة بين الجنسين، تعتبر
هذه الموجهات أدوات توجيهية تساعد المشرع على إدماج قضايا النوع الاجتماعي في القانون.
§
تأثير السياق الثقافي
والاجتماعي؛ تلعب القيم والأعراف الاجتماعية بمرجعيتها الدينية والفلسفية دورا
كبيرا في صياغة القوانين المتعلقة بالمساواة، بالمقابل، فإن عدم التوافق بين القيم
المجتمعية ومبادئ حقوق الإنسان يعوق تقدم تشريعات المساواة.
§
أهمية التمكين الاقتصادي
للمرأة، حيث يتضح من خلال الدراسة أن تحقيق المساواة بين الجنسين في سوق العمل له
تأثيرات إيجابية على النمو الاقتصادي، كما تعزز زيادة مشاركة النساء في القوى
العاملة من التنمية الاقتصادية.
§
تأثر الأيديولوجيات السياسية بشتى
أطيافها على تعزيز أو إعاقة المساواة بين الجنسين، وتحدد الأيديولوجيات السياسية
السياقات التي يتم فيها صياغة النصوص التشريعية، مما يؤثر بشكل مباشر على حقوق
المرأة ومشاركتها في المجتمع.
توصيات:
ü
على المشرع المغربي تعزيز
وتطبيق الموجهات غير التشريعية من خلال توفير إطار عمل يشجع على تطوير سياسات
تستند إلى مبادئ المساواة بين الجنسين.
ü
زيادة الوعي المجتمعي بقيام
المساواة عبر إجراء حملات توعية تهدف إلى تغيير الصور النمطية والعقبات الثقافية
التي تعيق تقدم النساء في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والاقتصاد.
ü
تطوير الأطر القانونية من خلال
تحديث القوانين الوطنية بصورة توافق بشكل جل مقتضيات المواثيق والاتفاقيات الدولية
المتعلقة بالمساواة بين الجنسين مع بشكل يتلاءم مع طبيعة المغرب ومجتمع، بما في
ذلك التعديلات اللازمة لضمان حقوق النساء في العمل، السياسية، والحقوق المدنية،
ونحوها من المجالات.
ü
تعزيز المشاركة الاقتصادية؛
ينبغي وضع سياسات تهدف إلى تحسين فرص النساء في سوق العمل وزيادة مشاركتهن في
المناصب القيادية، مما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
ü
تشجيع ودعم الأبحاث والدراسات التي
تساهم في توضيح قضايا النوع الاجتماعي وتقديم توصيات ملموسة تتعلق بتعزيز المساواة
بين الجنسين.
ü
وضع جزء لمخالفة ضمان تمثيلية
النساء في المجالس ... وتجنب وضع نصوص فضفاضة.
[1] وقد صدرت بعد ذلك
الاتفاقية رقم 101 الخاصة بمساواة العمال والعاملات في الأجر لدى تساوي قيمة
العمل، واتفاقية التمييز (في مجال الاستخدام والمهنة) الاتفاقية (رقم 111) الخاصة
بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة.
[2] تعترف الدول الأطراف في
هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص:
(أ) مكافأة توفر لجميع العمال، كحد أدنى: "1" أجر منصفا، ومكافأة
متساوية لدى تساوى قيمة العمل دون أي تمييز، على أن يضمن للمرأة خصوصا تمتعها
بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجل، وتقاضيها أجرا يساوى أجر
الرجل لدى تساوى العمل،
[3] دستور 2011: الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 (29 يوليو 2011). الجريدة
الرسمية: عدد 5964 مكرر، 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011).
[4] سنتعرض
له في المبحث الثاني.
[5]
Cookson, T.P, et al: SOCIAL NORMS, GENDER AND DEVELOPMENT: A Review of Research
and Practice, UNWOMEN, no 42, 2023, p12. https://www.unwomen.org/sites/default/files/2023-10/discussion-paper-social-norms-gender-and-development-a-review-of-research-and-practice-en.pdf
Accessed 04/01/2025.
[6]
Arlene W.Saxonhouse: The Philosopher And The Female In The Political Thought Of
Plato, Political Theory, vol. 4 no.2. May 1976, pp197,198. https://www.jstor.org/stable/190629
[7] نص ما قاله
سقراط في حواره مع غلوكون و أدمينتوس:
"
إذن، توافق على أن الرجال
والنساء يجب أن يتشاركوا أسلوب حياة مشترك كما وصفنا -تعليم مشترك، أطفال مشتركين؛
وأن يتولوا مسؤولية مراقبة المواطنين معا سواء أثناء الإقامة في المدينة أو الخروج
إلى الحرب؛ وعليهم أن يراقبوا معا ويصطادوا معا مثل الكلاب؛ وفي كل وقت وكل شيء،
بقدر استطاعتهم، يجب أن تشارك النساء الرجال؟ وبقيامهن بذلك، سوف يقدمن أفضل ما
لديهن، ولن ينتكهن العلاقة الطبيعية بين الجنسين بل سيحافظهن عليها".
[8]
Plato’s Republic Book V, pp143,144, https://philosophy.as.uky.edu
[9]
Barbara Cattunar: Gender Oppression in the Enlightenment era, HSNSW, 2014, p2.
http://www.hsnsw.asn.au/articles/WomenOfTheEnlightenment.pdf
Accessed 05/01/2025.
[10]
Kathryn Robinson: Gender, Marxist Theories of, The International Encyclopedia
of Anthropology, edited by Hilary Callan, Ltd, 2018, p1. http://dx.doi.org/10.1002/9781118924396.wbiea2307
[11] فؤاد عبد المنعم أحمد:
مبدأ المساواة في الإسلام، الطبعة الثانية، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية مصر،
2002، ص70.
[12] سورة الأحزاب الآية 35.
[13] سورة النساء الآية 124.
[14] الكتاب لسيبويه (1/22).
[15]Antoinette
M. Sayeh, Alejandro Badel, Rishi Goyal: "Countries That Close Gender Gaps
See Substantial Growth Returns", IMG BLOG, https://www.imf.org/en/Blogs/Articles/2023/09/27/countries-that-close-gender-gaps-see-substantial-growth-returns,
Accessed 27 December 2024 at 14:34.
[16]Dawn
Holland: Close the Gender Gap to Unlock Productivity Gains, Moody's Analytics,
2023, p6. https://www.moodys.com
[17] منظمة
العمل الدولية: المرأة في المجالس الإدارية. منشور على https://www.ilo.org تم الاطلاع عليه بتاريخ
27/12/2024 على الساعة 16:10.
[18] أنظر
الصفحة 5.
[19]
Joseph Zajda: "Ideology”, Encyclopedia of Educational Theory and
Philosophy, edited by D. C. Phillips, vol 2, Sage Publications, June 2014, p2. https://doi.org/10.4135/9781483346229
[20]
Duncan Bell: What is Liberalism? Political Theory, vol. 42, no. 6, p82.
Bushra
shakeel: Attitudes of Women Towards Liberal Feminism and Women's Rights
Movements, department of gender and development studies, lahore college for
women university, Lahore, Pakistan, 2021, p5. [21]
[22] تم إقرار حق المرأة في التصويت
في التعديل التاسع عشر للدستور الأمريكي عام 1920.
[23] أبرزها قانون الحقوق المدنية
عام 1964 الذي منع التمييز بين الأمريكيين على أساس الجنس أو الأصل القومي أو
اللون أو الدين ... إلخ.
[24] Bushra Shakeel: op. cit, pp3-5.
[25]
MS. DEEPIKA GAHATRAJ:
"Socialism", iilsindia, https://www.iilsindia.com/study-material/708504_1603029720.pdf,
Accessed 28 December 2024 at 18:13.
[26]
GEOFF ELEY: An embarrassment to the family, to the public, and to the state:
Liberalism and the Rights of Women, 1860-1914, Wilhelmine Germany and Edwardian
Britain : Essays on Cultural Affinity, edited by Geppert et al, Oxford
University Press, 2008, p163.
[27] Ibid.
[28] الخطة الحكومية الثانية
للمساواة 2023-2026، ص11. منشور على: https://social.gov.ma تم
الاطلاع عليه بتاريخ 26/12/2024 على الساعة 10:36.
[29] القانون رقم 79.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل
أشكال التمييز: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.17.47 بتاريخ 30 ذي الحجة 1438
(21 سبتمبر 2017). الجريدة الرسمية: عدد 6612، 21 محرم 1439 (12 أكتوبر 2017)،
ص5823.
[30]
International Labour Organization: Women in business: How employer and business
membership organizations drive gender equality, ILO, 2024, p5,
https://www.ilo.org/sites/default/files/wcmsp5/groups/public/@ed_dialogue/@act_emp/documents/publication/wcms_915748.pdf
Accessed 02/01/2025.
[31] سبق
وفصلنا في ذلك عند معرض الحديث عن الموجهات الاقتصادية، أنظر الصفحة 10.
[32] القانون رقم 15.95
المتعلق بمدونة التجارة: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.96.83 بتاريخ 15 ربيع
الأول 1417 (فاتح أغسطس 1996). الجريدة الرسمية: عدد 4418، 19 جمادى الأولى 1417
(3 أكتوبر 1996)، ص2187.
[33] القانون 114.13 المتعلق
بنظام المقاول الذاتي: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.06 بتاريخ 29 ربيع
الآخر 1436 (19 فبراير 2015). الجريدة الرسمية: عدد 6342، 21 جمادى الأولى 1436
(12 مارس 2015)، ص1593.
[34] وزارة الصناعة والتجارة:
مغرب المقاولات: تقديم حصيلة الأنشطة 2014 – 2018 وآفاق سنة 2025،
mcinet. https://www.mcinet.gov.ma/ar تم الاطلاع عليه بتاريخ 03/01/2025.
[35] اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية والإفتاء: فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى، المجلد 13، رئاسة إدارة
البحوث العلمية والإفتاء - الإدارة العامة للطبع، السعودية الرياض، 2008، ص16.
[36] تاريخ الطبري (2/280).
[37]
International Labour Office: The business case for change, ILO, 2019, xii.
https://www.ilo.org/sites/default/files/wcmsp5/groups/public/@dgreports/@dcomm/@publ/documents/publication/wcms_700953.pdf,
Accessed 03/01/2025.
[38]
International Labour Organization: Women in business: How employer and business
membership organizations drive gender equality, op. cit, p11.
[39]
Alexandre Di Miceli and Angela Donaggio: Women in Business Leadership Boost ESG
Performance: Existing Body of Evidence Makes Compelling Case, International
Finance Corporation, 2018, p3.
https://www.ifc.org/content/dam/ifc/doc/mgrt/ifc-pso-women-business-leadership-web.pdf
Accessed 03/01/2025.
[40] القانون رقم 19.20: الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.21.75 صادر في 3 ذي الحجة 1442 (14 يوليو 2021)،
الجريدة الرسمية عدد 7006 بتاريخ 11 ذو الحجة 1442 (22 يوليو 2021)، ص5671.
[41] قانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة: الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.124 بتاريخ 14 من ربيع الآخر 1 1417 (30 أغسطس
1996). الجريدة الرسمية: عدد 4422 بتاريخ 4 جمادى الآخرة 1417(17 أكتوبر 1996)،
ص2320.
[42] القانون رقم 5.96 المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية
البسيطة وشركة التوصية بالأسهم وشركة الأسهم المبسطة والشركة ذات المسؤولية
المحدودة وشركة المحاصة: الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.97.49 صادر في 5 شوال
1417 (13 فبراير 1997). الجريدة الرسمية: الجريدة الرسمية عدد 4478 بتاريخ 23 ذي
الحجة 1417 (فاتح ماي 1997)، ص1058.
[43]
International Labour Organization: Women in business: How employer and business
membership organizations drive gender equality, op. cit, p11.
[44]
World economic forum: The Global Gender Gap Report 2017, Weforum, 2017, viii.
https://www3.weforum.org/docs/WEF_GGGR_2017.pdf
Accessed 03/01/2025.
[45] القانون 65.99 المتعلق بمدونة
الشغل: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.03.194 بتاريخ 14 رجب 1424 (11 سبتمبر
2003). الجريدة الرسمية: عدد 5167 بتاريخ 13 شوال 1424 (8 ديسمبر 2003)، ص3969.
[46] القانون رقم 19.12 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة
بالعاملات والعمال المنزليين: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.16.121 بتاريخ 6 من
ذي القعدة 1437 (10 أغسطس 2016). الجريدة الرسمية: عدد 6493، 18 ذو القعدة 1437
(22 أغسطس 2016)، ص6175.
[47]
International Labour Organization: Decent work for domestic workers is a step
in ensuring gender equity, ILO, 2023. https://www.ilo.org/resource/statement/decent-work-domestic-workers-step-ensuring-gender-equity
Accessed 03/01/2025.
[48]
UNHCR: Gender Equality, Nationality Laws and Statelessness, refworld, 2024, p2.
https://www.refworld.org/reference/themreport/unhcr/2024/en/147696
Accessed 05/01/2025.
[49] ظهير شريف 1.58.250 بسن
قانون الجنسية المغربية: الجريدة الرسمية: عدد 3595، 4 ربيع الأول 1378 (19 شتنبر
1958)، ص2190.
[50] القانون رقم 62.06:
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.80 بتاريخ 13 بتاريخ 3 ربيع الأول 1428 (23
مارس 2007). الجريدة الرسمية: عدد 5513، 13 ربيع الأول 1428 (2 أبريل 2007)،
ص1116.
[51] الامم المتحدة: إعلان
بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، 1993،
https://documents.un.org/doc/resolution/gen/nr0/707/22/img/nr070722.pdf تم الاطلاع عليه بتاريخ 03/01/2025.
[52]
United Nations Development Fund for Women: Investing in Gender Equality: Ending
Violence against Women and Girls,
endvawnow,
p3.
https://www.endvawnow.org/uploads/browser/files/genderequality_vaw_leaflet_en_web.pdf
Accessed 03/01/2025.
[53] القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء:
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.18.19 بتاريخ 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير
2018). الجريدة الرسمية: عدد 6655، 23 جمادى الآخرة 1439 12 مارس 2018)، ص1449.
[54] القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي: الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف 1.22.38 بتاريخ 30 ذي القعدة 1443 (30 يونيو 2022). الجريدة
الرسمية: عدد 7108، 14 ذو الحجة 1443 (14 يوليو 2022)، ص4568.
[55]
World Health Organization: Promoting gender equality to prevent violence
against women, Violence prevention: the evidence, WHO, 2010, Switzerland, p80. https://iris.who.int/bitstream/handle/10665/77936/9789241500845_eng.pdf
Accessed 04/01/2025.
[56]
European Institute for Gender Equality: Gender equality in political
decision‑making, eige, p1.
https://eige.europa.eu/sites/default/files/documents/2016.1523_mh0116064enn_pdfweb_20170511095720.pdf
Accessed 04/01/2025.
[57] القانون التنظيمي رقم
29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.166
بتاريخ 24 ذي القعدة 1432 (22 أكتوبر 2011). الجريدة الرسمية: عدد 5989 بتاريخ 26
ذي القعدة 1432 (24 أكتوبر 2011)، ص5172.
[58] القانون التنظيمي رقم
111.14 المتعلق بالجهات: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.15.83 بتاريخ 20 رمضان
1436 (7 يوليو 2015). الجريدة الرسمية: عدد 6380، بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو
2015)، ص6585.
[59] القانون التنظيمي رقم
112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.84
بتاريخ 20 رمضان 1436 (7 يوليو 2015). الجريدة الرسمية: عدد 6380، 6 شوال 1436 (23
يوليو 2015)، ص6625.
[60] القانون التنظيمي 113.14
المتعلق بالجماعات: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.15.85 بتاريخ 20 رمضان 1436 (7
يوليو 2015). الجريدة الرسمية: عدد 6380، 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015)، ص6660.
[61] القانون التنظيمي رقم
59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية: الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.11.173 بتاريخ 24 ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر 2011). الجريدة الرسمية:
عدد 5997 مكرر بتاريخ 25 ذو الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011)، ص5537.
[62] القانون التنظيمي رقم
34.15: الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.90 بتاريخ 29 رمضان 1436 (16 يوليو
2015)؛ الجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015) ص6713.
[64] القانون رقم 57.11
المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال
السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية: الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.11.171 صادر في 30 ذي القعدة 1432 (28 أكتوبر 2011). الجريدة
الرسمية: عدد 5991، بتاريخ 3 ذو الحجة 1432 (31 أكتوبر 2011)، ص5226.
[65] محمد الراجي: دراسة تكشف "معطيات صادمة" عن مساهمة المرأة المغربية في السياسة، هسبريس، 2023. https://www.hespress.com/ تم الاطلاع عليه بتاريخ 04/01/2025.
من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله