المسؤولية الجزائية لمصدر الشيك بدون رصيد في القانون الموريتاني - أم كلثوم محمد الآمين الشيخ سيدي






المسؤولية الجزائية لمصدر الشيك بدون رصيد في القانون الموريتاني

أم كلثوم محمد الآمين الشيخ سيدي

دكتوراه في القانون الخاص، أستاذة متعاونة بكلية العلوم القانونية والسياسية جامعة انواكشوط.

 

Criminal liability of the issuer of a check without a balance in Mauritanian law

Om Kaltoum MOHAMED ELAMINE ALCHAIKH SIDI

 

المقدمة:

منذ العصور القديمة والإنسان يسعى إلى إيجاد وسائل لدفع والوفاء بدأها بأسلوب المقايضة "مبادلة سلعة بسلعة" فباستخدام المعادن ومنها المعادن النفيسة كوسيلة للمبادلات ثم استخدام النقود السلعية ممثلة في الذهب والفضة ليهتدي بذلك إلى المسكوكات والتي هي عبارة عن قطع من المعدن النفيس محددة الوزن ينقش على وجهيها قيمتها والدولة المصدرة لها.

وأمام ما تعرضت له هذه الأخيرة –المسكوكات من قش وعدم ثبات قيمتها نظرا لتأثرها وارتباطها دوما بأسعار الذهب ظهرت الأوراق النقدية لتلعب دورها في الحياة التجارية والتي بدأ معها الإنسان بالبحث عن وسائل جديدة لتأمينها من المخاطر التي قد تتعرض لها كالسرقة والضياع خاصة في حالة استعمالها من مكان إلى آخر ومن يد إلى يد أخرى.

والتي تمثلت في ظهور البنوك وما آل إليه تدخلها في الحياة الاقتصادية وما ابتدعته هذه الأخيرة من وسائل جديدة للوفاء والالتزام متمثلة في الأوراق التجارية "الكمبيالة والسندات والشيك"[1] كأدوات وفاء حديثة والتي اعتبر هذا الأخير من أهمها.

فالتطور الهائل في الانتاج الفكري والعلمي وفي كثير من فروع وحقول المعرفة التي شهدها القرن العشرين أدى إلى إحداث ثورة جديدة عرفت بثورة تكنلوجيا المعلومات[2].

وأنظمة الاتصالات والذي تولد عنهما ما أصبح يعرف اليوم بالشبكة العالمية الانترنت[3].

فالشيك ورقة تجارية تتضمن أمرا من الساحب إلى المسحوب عليه الذي يكون في الغالب مصرفا بأن يدفع مبلغا من المال بمجرد الإطلاع لفائدة شخص معين وهو المستفيد أو لفائدة حامل الشيك[4].

وهو ورقة قابلة للانتقال بالتظهير إلا إذا حملت عبارة –ليس لأمر- وهو من وسائل الدفع وأداة وفاء والوفاء به معلق على شرط تحصيل مبلغه لأن الأصل أن يكون الوفاء بالشيء المستحق أصلا وهو النقود.

لذلك حمي القانون عنصري الثقة والائتمان المرتبطان بهذه الورقة بأحكام تجعل من الشيك يحقق أهدافه كسند تجاري يحل محل النقود وذلك بتقرير المسؤولية المدنية لكل الموقعين عليه باختلاف مراكزهم القانونية في مواجهة المستفيد الأخير منه وكذلك تقرير المسؤولية الجنائية على الساحب خاصة عندما لا يتمكن المستفيد من الشيك تحصيل مبلغ الشيك كليا أو جزئيا أو عندما يتعامل الأطراف بهذه الورقة على نحوي غير شرعي.

وهو ما سنتناول من خلال الجرائم والجزاءات المقررة في الشيك (المبحث الثاني) بعد معرفة الإجراءات المصرفية للشيك (المبحث الأول).

المبحث الأول: الإجراءات المصرفية للشيك

يعد الشيك من الأوراق التجارية الأكثر انتشارا وهو ما يقتضي منا دراسته من خلال مفهومه (الفقرة الأولى) وشروط إنشائه (الفقرة الثانية).

 الفقرة الأولى: مفهوم الشيك

قد تناول المشرع الموريتاني الشيك في الباب الثالث من الكتاب الثالث من مدونة التجارية المواد 892 م ت إلى 972 م ت.

أولا: مقصود الشيك:

نجد أن المشرع الموريتاني لم يتطرق لتعريف الشيك[5] واكتفى بذكر أحكامه وشروطه-على غرار باقي التشريعات- وبالرغم من اختلاف التعريفات الفقهية حول وضع تعريف موحد للشيك باعتباره ورقة تجارية إلا أنها تصب في مجرى واحد وقد عرفه البعض بأنه "صك محرر من قبل شخص هو الساحب يأمر فيه مصرفا وهو المسحوب عليه بأن يدفع مبلغ من النقود عند الاطلاع لمصلحة شخص ثالث هو المستفيد أو لمصحة شخص الذي سوف يعينه المستفيد أو الحامل[6].

ثانيا: أطراف الشيك:

الشيك كورقة تجارية مالية تتشكل من ثلاثة أطراف وهم:

أ-الساحب: هو منشئ الشيك ومصدره[7] لأنه المدين الأصلي فيه بل تنعدم قيمة الشيك بدون توقيع الساحب ويجوز أن يكون التوقيع بالإمضاء أو ببصمة الأصبع وتطلب البنوك عادة من العملاء نماذج توقيعاتهم لاعتمادها وإجراء المضاهات بين التوقيع المودع بالبنك على النموذج المقدم وبين التوقيعات التي تحرر على الشيكات المقدمة من الساحب للتأكد من صحتها ويترتب على إصدار الشيك  من الساحب الالتزام بالوفاء وعليه فيجب أن يكون الساحب أهلا للالتزام وكذلك لو تم تداول الشيك بالتظهير من شخص إلى آخر فيجب أن يتوفر في كل موقع على الشيك الشروط  التي يتطلبها القانون لصحة الالتزام بوجه عام، وكل ملتزم في الشيك مسؤول عن توقيعه سواء كان ساحبا أو مظهرا أو ضامنا أو سواء كان الشيك مدنيا أو تجاريا[8].

ب-المسحوب عليه: ويكون المسحوب عليه دوما مؤسسة مالية البنك الذي يصدر إليه الساحب أمرا بدفع مبلغ معين من النقود للمستفيد بناء على العلاقة التي بينهما يكون فيها المسحوب عليه مدينا للساحب[9].

ج-المستفيد: هو الدائن بمبلغ الشيك ويجب أن يذكر إسمه بوضوح سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا حتى لا يحدث خطأ عند الوفاء[10].

ثانيا: شروط إنشاء الشيك

يعد الشيك عملا قانونيا مجرد يتضمن سببه في ذاته لهذا لا يجب البحث عن سببه في علاقة قانونية سابقة عن إصداره ويترتب على هذا وجوب البحث عن شروط صحته في ذاته وعدم جواز البحث عنها في خارجه، فإذا شاب العلاقة بين أطرافها سببا للبطلان فلا ينعكس ذلك السبب على صحة الشيك وهو يبقى صحيحا على الرغم من ذلك.

وطبيعة عمل الشيك تختلف بحسب اختلاف طبيعة الالتزام الناشئة فإذا استعمل الشيك للوفاء بالتزام ناشئ عن عمل تجاري سواء قام بتحريره تاجر أو غير تاجر فيعتبر عمله تجاري أما إذا كان الالتزام المتعلق بالشيك ناشئ عن عمل مدني أي تم إصداره للوفاء بالتزام مدني أو دين فإنه يعتبر عملا مدنيا.[11]

وقد استثنى المشرع في المادة 7 من مدونة التجارة الشيك من الأعمال التجارية بحسب شكلها فبالنسبة للأوراق التجارية هي فقط الكمبيالة والسند لأمر ولو كانت موقعة من غير تجار.

ويشترط لإنشاء هذا الشيك مجموعة من الشروط الموضوعية والشكلية.

أ-الشروط الموضوعية:

ولما كان الساحب يضمن يتوقيعه على الشيك الوفاء بقيمته للحامل إذا امتنع المسحوب عليه عن الدفع وهو التزام صرفي لأن الشيك دائما هو ورقة تجارية بغض النظر عن طبيعة العمل الذي أنشأ من أجله أو صفة ذوي الشأن فيه .

وبالتالي يستلزم فيمن يوقع على الشيك الأهلية الواجبة لممارسة الأعمال التجارية، فيبطل التزام عديم الأهلية أو ناقصها غير المأذون له بالتجارة ويجوز التمسك بهذا البطلان في مواجهة الحامل حسن النية غير أن هذا البطلان لا يؤثر في التزامات الموقعين الآخرين وإنما تبقى التزاماتهم صحيحة.

أما محل الالتزام الثابت في الشيك فهو مبلغ معين من النقود فهو دائما محل مشروع ولا يعتبر الشيك الصك الذي يكون موضوعه تقديم خدمة.

كذلك يجب أن يكون الالتزام سبب موجود ومشروع فيبطل الالتزام الصرفي إذا كان سببه مخالف للنظام العام والأداب.[12]

ب-الشروط الشكلية:

نصت م 892 م ت على أنه "يتضمن الشيك البيانات التالية:

1-       تسمية شيك مدرجة في نص السند نفسه باللغة التي كتب بها

2-      التوكيل المطلق المجرد بدفع مبلغ معين

3-      اسم المسحوب عليه

4-      تعيين المكان الذي يجب فيه الدفع

5-      تعيين تاريخ إنشاء الشيك ومكانه

6-      اسم وتوقيع الساحب

هذه  من البيانات التي أوجبها المشرع في الشيك وسنتاولها تباعا:

1-تسمية شيك

تضمنت م 892 م ت ذكر لفظ الشيك في متن الشيك ومن ثم لم يعد كافيا كتابته في أعلى الورقة كعنوان لها ولا في نهايتها أسفل توقيع الساحب وإنما ينبغي إثباتها في عبارة الأمر كأن يقال  ادفعوا بموجب هذا الشيك

والسبب في ذلك هو تنبيه الأطراف إلى خطورة التصرف الذي يقدمون عليه، وهو يغني عن ذكر شرط الأمر ويبطل الشيك عند عدم ذكر هذه التسمية.

2-التوكيل المطلق

يتعين أن يتضمن الشيك أيضا أمرا نهائيا صادرا من الساحب إلى البنك المسحوب عليه بدفع مبلغ معين من النقود للمستفيد بمجرد الطلب ويلزم أن توضح عبارة الشيك المبلغ الواجب دفعه على وجه نهائي لا منازعة فيه لذا اقتضى المشرع كتابة الصيغ بالحروف والأرقام معا

فلا يجوز أن يكون مبلغ الشيك مجهولا كأن ي قال "ادفعوا الذي اتفقنا عليه، وإلا يفقد السند صفته كشيك"[13]

3-تعين المكان الذي يجب فيه الدفع:

وهو المكان الذي يوجد فيه فرع البنك الذي يمسك حساب الساحب فإذا تخلف بيان مكان الوفاء صار الشيك مستحق الوفاء في المكان الذي يوجد فيه المركز الرئيسي للبنك المسحوب عليه وقد نصت م 893 م ت على ذلك بقولها "يكون الدفع في المكان الذي يتوجد فيه المؤسسة الرئيسة للمسحوب عليه".

4-اسم المسحوب عليه:

يجب أن يسحب الشيك على بنك فالصك المحرر في صورة شيك غير بنك لا يعتبر شيكا ويحمل الشيك اسم البنك والفرع الذي يسك حساب العميل الساحب. والأصل أن يكون المسحوب عليه شخصا آخر مستقلا عن الساحب إلا أنه قد يقوم البنك بسحب شيك على أحد فروعه.[14]

5-تعيين تاريخ إنشاء الشيك ومكانه:

لا يخفى مدى أهمية تاريخ إصدار الشيك إذ بمقتضاه يمكن التصرف على أهلية الساحب.

ووفقا لتواريخ الإصدار تحل مشكلة التزاحم على مقابل الوفاء عند تعدد الشكات المسحوبة على مقابل وفاء واحد لا يكفي لوفاءها جميعا، كما تحتسب مواعيد تقديم الشيك للوفاء اعتبارا من تاريخ الإصدار ولذلك يجب بيان تاريخ إصدار الشيك بطريقة واضحة ومحددة فيذكر تاريخ اليوم والشهر والسنة.[15]

6-اسم وتوقيع الساحب:

الساحب هو منشأ الشيك ومصدره لأنه المدين الأصلي فيه بل تنعدم قيمة الشيك بدون توقيع الساحب، ويجوز أن يكون التوقيع بالإمضاء أو ببصمة الأصبع وتطلب البنوك عادة من العملاء نماذج توقيعاتهم لاعتمادها.[16]

المبحث الثاني: الجرائم والجزاءات المقررة في الشيك

الفقرة الأولى: جرائم الشيك

لقد عرفت معظم التشريعات العربية الرصيد بأنه مبلغ من النقود لدى البنك موضوع الرهن تصرف الساحب بموجب اتفاق صريح أو ضمني فيما بينهما، ووضع المسحوب عليه هذه النقود رهن تصرف الساحب، وهو ما يخول هذا الأخير حق إصدار أمر للمسحوب عليه لصالح المستفيد ويترتب على تظهيره نقل ملكية الرصيد إلى المظهر إليه.[17]

وتنتدرج ضمن الجرائم المرتبطة بالرصيد ثلاثة أنواع من الجرائم وهي إصدار الشيك دون رصيد، وجريمة قبول أو تسليم الشيك كضمان، وجريمة قبول شيك دون رصيد أو تظهيره.

أولا-جريمة إصدار الشيك بدون رصيد

لقد نصت م 957 م ت أنه "يعاقب بغرامة قدرها 6% من مبلغ الشيك الساحب الذي أغفل أو لم يقم بتوفير المؤونة لأداء الشيك عند تقديمه..."

و يتمثل في عنصرين إصدار الشيك وعدم وجود الرصيد:

أ-إصدار الشيك

وهو تحرير الشيك وكتابته في حين إصداره هو التخلي عن حيازته نهائيا من قبل الساحب ودخوله في حيازة المستفيد.

ب-عدم وجود الرصيد: ويأخذ عدم وجود الرصيد الكافي 3 أشكال:

مع ملاحظة أنه لا وجود لجريمة ولا لعقوبة إذا كان الساحب هو المستفيد من الشيك وانعدم القابل

§        عدم وجود رصيد قائم او قابل للتصرف

§        استرداد الرصيد كله أو بعضه بعد إصدار الشيك

§        أمر المسحوب عليه بعدم صرف الشيك

§        عدم وجود رصيد قائم أو قابل للتصرف

ويشترط أن يكون موجودا حين الإصدار وقابلا للصرف ومساويا لقيمة الشيك على الأقل وذلك من خلال:

-الانعدام الكلي للرصيد وقت إصدار الشيك

أقر المشرع بالزامية وجود مقابل الوفاء سابق عن إصدار الشيك لأن المستفيد قد يقدم مباشرة للبنك بعد حصوله على الشيك للاستيفاء قيمته، فالجريمة قائمة شرعا في حالة عدم كفاية الرصيد وقت إصدار الشيك فيه وإن ملك الرصيد بعد فعل الإصدار.

إلا أنه في حالة المستفيد كان على علم بعدم توفر الرصيد عند استلامه للشيك فإنه يعاقب بغرامة قدها 6% من مبلغ الشيك المادة 957 م ت في فقرتها الأخيرة.

-الانعدام الجزئي للرصيد

شرك الوفاء يستلزم أن يكون الرصيد مساويا على الأقل لقيمة الشيك، وعليه فالرصيد الناقص يعد في حكم المنعدم كليا.

إلا أن الغرامة تختلف فيما لو كان منعدم حيث نصت م 957 فقرتها الأخيرة "إذا كان مثلا المؤونة أقل من قيمة الشيك يوم تقديمه فإن الغرامة لا يمكن أن تشمل إلى الفرق بين المؤونة ورصيد الشيك.

-وجود رصيد غير قابل للدفع

 ويتحدد ذلك في عدم قدرة صاحبه على التصرف فيه بسبب الحجز القلافي متا ويشترط هنا لقيام الجريمة علم الساحب وإلا انتفت المسؤولية.[18]

-استرداد الرصيد كله أو بعضه بعد إصدار الشيك

فالجريمة هنا تقوم على عنصرين:

-فعل إصدار الشيك للمستفيد

-فعل سحب الرصيد أو الاسترداد

وتختلف هذه الجريمة عما سبقها أن الرصيد كان قائم وقت إصدار الشيك ثم سحب الرصيد بعد الإصدار

وعلة العقاب على هذا الفعل هو إضفاء الحماية على الحامل وعلى الشيك وفي يكون محل ثقة، لأن سحب الرصيد بعد إصدار الشيك فيه إصدار الثقة التي يحملها الشيك

وقد نصت م 964 م ت على أنه" يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح من أربيعين ألف 40.000 إلى مائتي ألف (200.000) أوقية.

-ساحب الشيك أو وكيله الذي قام على علم بسحب كل أو جزء من مؤونة الشيك بعد إصداره عن طريق التحويل أو أي وسيلة أخرى قصد الإضرار بالمستفيد أو الغير".

-أمر المسحوب عليه بعدم صرف الشيك:

السلوك المجرم هو إصدار الساحب للبنك أمر بعدم صرف الشيك الذي أصدره دون مبرر قانوني، ويفترض أن يكون للساحب رصيد كاف للوفاء.

والعلة من تجريم هذا السوك هو حماية الشيكات في التداول وقبولها في المعاملات المالية بين الناس باعتبارها نقود.

وهو ما نصت عليه م 964 م ت في فقرتها الأولى على أن "... ساحب الشيك الذي يقوم بمعارضة الدفع بصفة غير صحيحة لدى المسحوب عليه".

ثانيا: إصدار أو قبول شيك كضمان

فإذا كان القانون يعاقب إصدار الشيك دون رصيد بمختلف صوره فهو يعاقب أيضا على تسليم الشيك على ضمان وقبوله أو تظهيره، ومن مثيل الشيك على ضمان هو تسليم شيك موقع على بياض، فهذا الأخير هو الوجه الحقيقي للشيك على سبيل الضمان

وهو ما أكدته المادة 964 فقرتها الرابعة على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات وغرامة أيضا مالية من 40.000 ألى 20.000 ألف كل شخص قام على علم بقبول أو ظهر  شيك أو الاحتفاظ به على سبيل الضمان.

ثالثا: قبول الشيك دون رصيد او تظهيره

كذلك جرم المشرع كل من قبل أو ظهر الشيك بدون رصيد مع علمه بذلك لأن هذه الصورة لا تقل خطورة عن فعل الإصدار.

الفقرة الثانية: الجزاءات التي على الشيك

لكي تطبق الجزاءات يجب أن تتوفر في الشيك كل الشروط الموضوعية والشكلية حتى يمكن القول أنه محمي قانونا ومن هذا يتبين أنه لا عقاب على الشيكات التي لم تستوفي شروطها سواء الشكلية أو الموضوعية لذا وجب على المحاكم التأكد أولا من أن الشيك قد استوفى كامل الشروط القانونية.

فجرائم الشيك تتميز عن غيرها من الجرائم باتباع إجراءات مصرفية بحته حيث يقوم البنك بإجراءات وقائية يتولاه لتسوية النزاعات الناتجة عن الشيكات دون اللجوء إلى القضاء.

وهو ما يتمثل في:

أولا: إجراءات عوارض الدفع

إن إصدار شيك بدون رصيد أو برصيد ناقص من شأنه أن يمس الضمان الذي يعطيه الشيك كورقة تجارية تحل محل النقود وهو جريمة تمس جميع أنواع الشيكات.

وبالرجوع إلى القانون التجاري نجد أن المشرع أقر التزامات في حق المسحوب عليه الذي عادة ما يكون مؤسسة مالية يحمل من خلالها مسؤولية انتشار الشيكات بدون رصيد في حالات محددة هذا من جهة أو من جهة أخرى تؤدي هذه الالتزامات إلى التقليل من وجود هذه الشيكات عن طريق محاصرة ساحبيها ومنعهم من استعمال الشيك كأداة وفاء بطريقة غير شرعية.

وإذا حدث وأن قدم الحامل شيكا وظهر بأنه بدون رصيد، أو برصيد غير كاف وجب على المسحوب عليه أن يبلغ خلال أربعة أيام من تقديم الشيك، وعليه أن يوجه أمرا للساحب لتسوية العارض كما سماء النظام الأمر بالإيعاز وذلك بأن يقوم بتكوين رصيد كاف يوفر لدى المسحوب عليه خلال مدة 10 أيام من توجيهه الأمر

وينذره بأن سيصبح ممنوعا من إصدار الشيكات لمدة 10 سنوات إذا لم يسوي عارض الدفع وأنه مجبر برد صيغ أو دفاتر الشيكات التي يحوزها أو يجوزها مفوضة وإذا لم يقم الساحب بهذه التسوية يمنعه المسحوب عليه من إصدار الشيكات.

ثانيا: آثار عدم تسوية عوارض الدفع

لعل الحكمة من استحداث المشرع لعوارض الدفع هو حماية الشيكات ومكافحة الجرائم التي تعرقل الشيك لوظيفته كأداة وفاء تحل محل النقود وكذلك لزرع الثقة بين المتعاملين بالشيكات خاصة حسن النية منهم.

فقد ألزم المشرع المسحوب عليه (البنك) في حالة عدم تسوية عارض الدفع من قبل مصدر الشيك منعه من اصدار الشيكات خلال 10 سنوات. كما يتم إخطار صاحب الشيك المنوع من إصدار الشيكات بموجب رسالة تتضمن أمرا بالتسوية عقب عارض دفع ثاني

كما يطلب منه رد كل نماذج الشيكات التي بحوزته أو بحوزة مفوضية كما يتم إعلامه بموجب هذه الرسالة أنه لا يمكن استعادة إمكانية إصدار الشيكات مرة أخرى إلى من خلال دفع غرامة

قد نصت م 961 م ت على أنه "يجب على المؤسسة المصرفية المسحوب عليها التي رفضت وفاء شيك لعدم وجود مؤونة كافية أن تأمر صاحب الحساب بإرجاع الصيغ التي في حوزته والتي في حوزة وكلائه إلى جميع المؤسسات المصرفية التي تعتبر من زبناءها وألا يصدر مدة عشرة سنوات شيكات غير تلك التي تمكن من سحب مبالغ مالية من طرف الساحب لدى المسحوب عليه أو التي يتم اعتمادها تخبر المؤسسة المصرفية المسحوب عليها في نفس الوقت وكلاء زبناءها وكذا أصحاب الحساب الآخرين".

كذلك نصت 962 تحدد الغرامة الجبائية التي يجب على صاحب الحساب أن يؤديها لاسترجاع إمكانية إصدار الشبكات كما يلي:

-5% من مبلغ الشيك أو الشيكات في المؤادة موضوع الانذار الأول النصوص علهي في م 956

-10% من مبلغ الشيك موضوع الإنذار الثاني

-2% من مبلغ الشيك موضوع الانذار الثالثة وكذا لإنذارات اللاحقة

فالذي يتحمل المسؤولية الجزائرية ويعاقب جزائيا هو الساحب كما أن صفة الفاعل لا تؤثر قيام الجنحة ولا يعتد بها إذ يتعين على صاحب الشيك مهما كانت صفته ان يتحقق قبل إصدار الشيك من وجود الرصيد الكافي.[19]  

فقد قررت المادة 464 م ت الجرائم المنصوص عليها وهي جريمة إصدار الشبكة بدون رصيد وتزييف الشيك أو تظهر شيك دون رصيد وجريمة إصدار شيك على سبيل الضمان بعقوبة الحبس من سنة 1 إلى خمس 5 سنوات وبغرامة من 40.000 ألف إلى 200.000.

 



[1]  معادي أسعد محمد صوالحة، بطاقات الإئتمان "النظام القانوني وآليات الحماية الجنائية والأمنية" الطبعة الأولى 2008، دار الأفاق المغربية للنشر والتوزيع، مطبعة الأمنية، الرباط، ص11

[2]  أشرقت شمس الألفية الثالثة على ثورة علمية تكنلوجية، ثورة غير مألوفة لا في سيماها ولا في مضمونها بالمقارنة مع نظيراتها "بعد أن كانت الزراعة والمجتمع الزراعي هو القوة المهيمنة والمسيطرة من قرنين من الزمان وبعد الثروة الصناعية التي جاءت بعدها وقلبت كافة المقاييس والاحتمالات وأضحت الصناعة هي القوة الاقتصادية في العالم" إنها ثورة تكنلوجيا المعلومات.

فغالبية الدراسات البحثية والاستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية تذهب إلى إصباغ وصف المعلومات على العصر الذي نعيشه= أحمد عبد الكريم سلامة، القانون الدولي الخاص النوعي الالكتروني والسياحي والتقني، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية القاهرة، مصر ص 15

[3]  الاننترنت اختصار للمصطلح الانكليزي international net wonk  والذي يعني باللغة العربية شبكة المعلومات العالمية والتي هي عبارة عن شبكة اتصال عملاقة تتألف من ملايين الحاسبات الآلية المرتبطة ببعضها البعض، إما عن طريق خطوط الهاتف أو عن طريق الأقمار الصناعية التي تمتد عبر العالم ويكون لها القدرة على تبادل المعلومات بينها من خلال أجهزة كمبيوتر مركزية تسمى أجهزة الخادم server التي تستطيع تخزين المعلومات الأساسية والتحكم في الشبكة بصورة عامة ويرجع الفضل إلى اكتساف أو حاسب آلي: أو جهاز كمبيوتر إلى العالمين الأمريكيين j.c.echert –j.w.manchly  و اللذان أعلنا عنه في عام 1946 بالرغم أن بدأ العمل به يرجع إلى العام 1939 وكان يطلق عليه ENIAC وباللغة الفرنسية Ordinateur  والذي تعددت المصطلحات والتسميات بشأنه باللغة العربية إلا أن الشائع هو مصطلح الكمبيوتر= نوري محمد خاطر"عقود المعلوماتية دراسة في المبادئ العامة في القانون المدني دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن 2001، ص1

[4]  مصطفى كمال طه، أساسيات القانون التجاري والقانون البحري، بيروت، اتجاه جامعة بيروت العربية، شارع عفيف طبي، ص 367

[5]  يرجع أصل كلمة الشيك CHEQUE إلى أصل لاتيني فهي مشتقة من فعل يتحقق أو يراقب باللغة الانكليزية ومعناها " TO CHEK" والعلة من هذا الاشتقاق تكمن في أن الساحب في الشيك يجب أن يتحقق من وجود مقابل له لدى البنك، ويلتزم البنك بدوره قبل الوفاء من وجود هذا المقابل= مصطفى صالح، شرح القانون التجاري، الجزء الأول، الطبعة السابعة، ص 329 هامش

[6]  أيمن حسين العريمين أكرم طراد الفائز، المسؤولية الجزائية عن جرائم الشيك في ضوء الفقه وأحكام القضاء، د،ط، دار الثقافة للنشر و التوزيع الأردن 2008، ص16

[7]  هناك فرق بين إنشاء الشيك وإصداره فإنشاء الشيك عبارة عن عملية مادية عبارة عن تحرير الشيك وما زال في يد الساحب ولذلك لا يترتب على الإنشاء أي آثار قانونية أما الإصدار فهو تسليم الشيك من طرف الساحب إلى المستفيد لصرفه من المسحوب عليه ولذلك يترتب على الإصدار نتائج قانونية هامة بل رتب القانون جزاء جنائي في حالة إصدار الشيك بدون رصيد.

[8]  أحمد محمد محرز، القانون التجاري العقود التجارية، الأوراق التجارية، دار الكتب القانونية، مصر، المجلة الكبرى، الطبعة 2003، ص531-533

[9]  عيسى محمود العواودة، أحكام الشيك –دراسة فقهية تأصيلية مقارنة بالقانون، رسالة ماجستير في الفقه والتشريع وأصوله منشور الطبعة الأولى، دار  النفائس للنشر والتوزيع، جامعة القدس بفلسطين كلية الدراسات العليا، 2013، ص48

[10]  أحمد محمد محرز، مرجع سابق، ص533

[11]  كامل السعيد، شرح قانون العقوبات، الجرائم الواقعة على الأموال، الطبعة الأولى، دار الثقافة والنشر والتوزيع، الأردن 2008، ص265

[12]  خليل فيكتور تادرس، القانون التجاري، المبادئ العامة لأعمال التجارية ، التاجر، المحل التجاري، الأوراق التجارية، الشركات ، القاهرة 2015، ص28

[13]  احمد محمد محرز ، مرجع سابق ص 331

[14]  خليل فيكتور تادرس، مرجع سابق، ص30

[15]  خليل فيكتور تادرس، مرجع سابق، ص31

[16]  احمد محمد محرز، مرجع سابق، ص533

[17]  احمد أبو الروس، الموسوعة الجنائية الحديثة، الكتاب الثاني، جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة وإصدار شيك دون رصيد، المكتب الجامعي الحديث مصر 1996، ص759

[18]  إيمان علام، جرائم الشيك، شهادة ماستر في الحقوق تخصص القانون الجنائي والعلوم الجنائية، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية 2020-2021

[19]  أحسن بوستقيعة، الوجيز في القانون الجنائي الخاص الجزء الأول، ص997




من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله

قانونك


 من أجل تحميل العدد 24  - إضغط هنا أو أسفله

مجلة قانونك - العدد الثالث