دور المؤسسات والأجهزة الزجرية في محاربة
الجريمة الالكترونية وطنيا
ياسين شرف
خريج ماستر العدالة الجنائية والعلوم الجناية كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية بفاس
The Role of
Institutions and Law Enforcement Agencies in Combating Cybercrime Nationally
Yassin CHARAF
الملخص: يثير هذا البحث العلمي، موضوع في غاية الأهمية، ويتعلق
الأمر بالأدوار التي تقوم بها المؤسسات والأجهزة الزجرية في مكافحة الجريمة
الالكترونية، على المستوى المؤسساتي من جهة، وكذا على مستوى الموارد البشرية
المؤهلة من جهة ثانية، كما تتطرق هذه الورقة العلمية إلى الصعوبات التي تعيق عمل
هذه الهيئات في الوصول إلى تحقيق أهداف السياسة الجنائية ومحاربة الجريمة، أو
التقليل منها على الأقل، نهيك عن تقديم مجموعة من الحلول بغية تجاوز هذه الصعوبات،
إن على المستوى التشريعي، أو اللوجستيكي، أو البشري.
الكلمات المفاتيح: الجريمة الالكترونية، الأجهزة الزجرية، المجرم المعلوماتي.
Summary: This
scientific research addresses a highly significant topic, concerning the roles
played by institutions and law enforcement agencies in combating cybercrime,
both at the institutional level on one hand, and in terms of qualified human
resources on the other. Additionally, this paper discusses the challenges that
hinder these bodies from achieving the goals of criminal policy and fighting
crime, or at least reducing it. Moreover, it offers a set of solutions aimed at
overcoming these obstacles, whether on the legislative, logistical, or human
resource levels.
Keywords; cybercrime, Enforcement Agencies, Cybercrimina
المقدمة:
لا شك أن تنظيم التعايش
الاجتماعي، يقتضي ضمان سلامة الفرد، باعتبار هذا الأخير الخلية الأساسية المكونة
للمجتمع[1].
فالجريمة باعتبارها تشكل
تهديدا لوجود الفرد واستقراره، إنما وجدت منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض،
ولازمت المجتمعات البشرية منذ أقدم العصور، وفي كل عصر تتغير وتتطور وسائل ارتكاب
الجرائم، وبالمقابل تتطور وسائل الكشف عن الجرائم ومنفذيها[2]
ففي الآونة الأخيرة ظهرت
أنماط جديدة من الأشكال الإجرامية لم تكم معروفة من قبل، نهيك عن ظهور جرائم
تقليدية تعتمد وسائل حديثة في ارتكابها، عن طريق استغلال ما تتيحه تكنولوجيا
المعلومات للوصول إلى الهدف الإجرامي[3].
ويعتبر مبدأ الشرعية
الجنائية أحد أسباب القصور التشريعي في مكافحة الجريمة السيبرانية، ذلك أن مبدأ
الشرعية الجنائية يفرض عدم جواز التجريم والعقاب على نشاط (فعل أو امتناع) لم
يجرمه القانون، مما يحتم على المشرع في كل مرة تجريم الأشكال الإجرامية
الالكترونية الجديدة[4]،
نهيك على أن التطورات الحديثة في مجال المعلومات سهلت بشكل كبير في انتقال
المعلومات عبر الشبكات المحلية والدولية وأجهزت الحاسب، بحيث أضحت هذه الأجهزة
أكثر عرضة للاختراق سواء بهدف السرقة، أو تخريب المعلومات والبيانات أو تدمير
أجهزة الحاسب الآلي[5].
إن اتصال الجريمة
الالكترونية بالثورة التكنولوجية الهائلة، جعلت من الصعب وضع تعريف جامع مانع
للجريمة الالكترونية[6]،
ومن بين التعاريف التي سيقت للجريمة السيبرانية كونها تتمثل في عدد محدود من
الأعمال التي تمس بسرية البيانات أو النظم الحاسوبية وسلامتها وتوافرها. أما
الأعمال المنفذة بواسطة الحواسيب والرامية إلى تحقيق مكاسب شخصية أو مالية أو
إحداث أضرار، بما في ذلك أشكال الجريمة المتصلة بالهوية وبمحتوى الحواسيب (والتي
تندرج كلها ضمن نطاق أوسع من معنى مصطلح "الجريمة السيبرانية)"، فلا
يمكن تطويعها بسهولة لتنضوي ضمن تعاريف قانونية لمصطلح جامع.[7]
ومن
بين التعاريف المتعددة للجريمة الالكترونية يمكن القول إن أحسن وأرقى التعارف التي
أعطيت للسياسة الجنائية ترجع للفقيه «J. Pinatel» الذي عرف السياسة الجنائية باعتبارها علم وفن لوضع القواعد
الوضعية في أحسن الأشكال على ضوء معطيات علم الإجرام بهدف ليس محاربة أوجه الإجرام
الغالبة أو المتميزة الخطورة فحسب بل أيضا وضع وضبط عقلاني ومتكامل لرد الفعل
الاجتماعي ضد الجريمة[8]
وهناك
من عرف الجريمة الالكترونية بالابن غير الشرعي الذي جاء نتيجة للتزاوج بين ثورة تكنولوجيا المعلومات
مع العولمة أو هي: المارد الذي خرج من القمقم ولا تستطيع العولمة أن تصرفه بعد أن
احضرته الممارسة السيئة لثورة تكنولوجيا المعلومات[9]
إن أهمية تحليل هذا
الموضوع، نابعة من خطورته في نفس الوقت على أمن الأفراد والجماعات، والدول، وما
يؤكد هذا الطرح سهولة الولوج إلى خدمات الإنترنيت[10]
المتنوعة، نشير في هذا السياق إلى الدراسة التي أنجزت على الجريمة الالكترونية
العالمية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) في عام 2011، حيث أثبتت هذه
الدراسة أنه بإمكان 33 ٪ من سكان العالم أو 2.3 مليار شخص، الوصول إلى
الأنترنيت، وما يثير الاهتمام أن ثلثيهم يعيشون في البلدان النامية ونصفهم تقريبا
لا يتجاوز 25 سنة[11]
وعلى المستوى العربي، يعد
المغرب من بين الدول النامية التي لم تكن بمعزل عن خطر الجريمة الالكترونية، وذلك
راجع بالأساس للنسبة المتزايدة للمشتركين في خدمات الأنترنيت خلال سنة 2009 قدرت
بنسبة 56.7 ٪ أي ما يعادل 1.186.923 مشترك في نهاية سنة 2009 مقابل 757.453 بنهاية
سنة 2008، حيث بلغ معدل الاختراق 3.81 ٪ مع نهاية سنة 2009 مقابل 2.46 بالنسبة
للسنوات السابقة، أما فيما يخص المقاولات العمومية المرتبطة بالأنترنيت فقد شكلت
نسبة 53 ٪ مقابل 87 ٪ من المقاولات الخاصة التي ولجت للأنترنيت[12]
والمقنن
المغربي كغيره من التشريعات المقارنة أحس بخطورة الجريمة الإلكترونية وآثارها
الوخيمة على الأشخاص والدولة، الشيء الذي جعل المشرع المغربي ينخرط ضمن الجهود
الدولية لمكافحة الجريمة الالكترونية، من خلال المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات
الدولية أهمها اتفاقية بودابست الخاصة بمكافحة الجريمة المعلوماتية ضمن اجتماع
المجلس الأوروبي في ستراسبورغ، حيث تم التوقيع على الاتفاقية السابقة بتاريخ 23
نوفمبر 2001 والتي دخلت حيز التنفيذ بسنة 2004[13]من
جهة، و إحداث مجموعة من الفرق الجهوية والفرقة الوطنية ومراكز لتحليل الآثار
الرقمية من جهة أخرى.
فماهي
إذن المؤسسات الزجرية، والعناصر البشرية، المؤهلة وأبرز الإشكالات التي تعيق
تقدمها في محاربة الجريمة الالكترونية؟
وللإجابة عن
هذه الإشكالية تقتضي طبيعة الموضوع وضعه ضمن التصميم التالي:
المبحث الأول: دور المؤسسات الوطنية في مكافحة الجريمة الإلكترونية
المبحث الثاني:
الفرق المتخصصة ودورها في كبح تنامي الجريمة الالكترونية
المبحث الأول: دور المؤسسات الوطنية المتخصصة في محاربة الجريمة
الإلكترونية
إن تزايد خطر الجريمة
الإلكترونية المستمر وتأثيره على العديد من المجالات الحيوية والتي من ضمنها
اقتصاد الدول، والأمن الداخلي والخارجي الذي يتأثر بشكل سلبي نتيجة أشكال متعددة
من الإجرام الإلكتروني كالتجسس والدعاية والتخريب والاستغلال المفرط للبيانات
الشخصية، والثقة والأمن في العالم الرقمي، مما أصبح
الأمر يستدعي استجابة جماعية.[14]
وفق تقرير اللجنة الوطنية
الفرنسية لحماية نظم المعلوميات "ANSSI" برسم سنة 2021 تم رصد زيادة في الهجمات الالكترونية ضد
السلطات المحلية، وقطاع التعليم، وقطاع الصحة، وكذا الشركات التي تقدم الخدمات
الرقمية، كما أنه من بين مختلف أشكال الجريمة الالكترونية الواقعة على المقاولات
والشركات التجارية تم تسجيل ارتفاع الجريمة الإلكترونية المتمثلة فيما يسمى ب
"فيروس الفدية"[15]
فواقع
الأمر أن خطر الجريمة السيبرانية ينمو بشكل عكسي كلما كان هناك ضعف في التعاون
الدولي (التعاون القانوني، التعاون المؤسساتي، تبادل الخبرات بين أجهزة إنفاذ
القانون...)، في هذا السياق يقول " Georges Bernard " الكاتب المسرحي البريطاني
في كتابه فكرة أساسية حول أهمية التعاون الدولي مفادها " إذا كان
لديك تفاحة ولدي تفاحة، وقمنا بتبادلها، كل منا يمشي ومعه تفاحة. أما إذا كانت
لديك فكرة ولدي فكرة، وقمنا بتبادلها، كل منا سيغادر بفكرتين"[16]؛
هذه الفكرة توضح أهمية التعاون الدولي خصوصا في ضل انتشار خطر الجريمة الالكترونية
في جميع دول العالم دون استثناء، سواء تعلق الأمر بالدول المتقدمة أو
النامية.[17]
وخير مثال على خطورة
الجريمة الإلكترونية من حيث الآثار الناتجة عنها، العطل الأخير الذي لحق بشبكات
التواصل الاجتماعية بتاريخ 8 أكتوبر 2021 لخير دليل على حجم الأضرار المحتملة،
بحيث أسفر العطل المؤقت في خوادم عملاق الإنترنيت "META" (فيسبوك سابقا)، عن قطع
التواصل الافتراضي في مجموع دول العالم.
لقد أدى الانتشار العالمي
لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ارتكاب أنشطة إجرامية عابرة للحدود تعتمد على
التقنية من قبيل الجريمة المعلوماتية، التي لا تشكل تهديدات فقط لسرية أو سلامة
أنظمة الكمبيوتر والبيانات الشخصية والبنى التحتية[18]،
بل خطر الجريمة الإلكترونية امتد ليشمل جميع المجالات بما فيها المواقع الأمنية
الحيوية في الدولة، لدرجة أن جزء كبير من الإنترنيت لا يمكن مراقبته ونخص بالذكر
"Darknet" و"Deep web"
و"Darkweb"
و"Web profond"
و"Web dissimulé"
والتي يتم استغلالها كفضاءات لارتكاب
الجريمة الالكترونية بمختلف أنواعها كقرصنة المعلومات والإرهاب الالكتروني
والمتاجرة في المخدرات....،[19]
والمشرع المغربي كغيره من التشريعات الدولية وإن بشكل متأخر عمل على إحداث فرق
الشرطة القضائية مهمتها البحث وضبط الجريمة الالكترونية.
وبذلك سارعت
المملكة المغربية منذ بداية الألفية الثالثة إلى وضع إطار مؤسساتي يشمل مجموعة من
الهيئات والمؤسسات الحكومية التي تتمتع بقدر عال من الاستقلالية الوظيفية، حيث
أصبحت المنظمة المؤسساتية الوطنية لأمن أنظمة المعلومات، والتي أنشأت منذ بداية
شتنبر، يتعلق الأمر ب: بإطار مؤسساتي عام وأخر خاص:
- جهاز
الشرطة العلمية والتقنية: يرجع تاريخ تأسيس الشرطة العلمية التقنية إلى سنة
1945 على يد الطبيب الفرنسي "إدموند لوكاريه" كجهاز رئيسي لكشف
رموز الجريمة المعلوماتية.
أما بالنسبة
للمملكة المغربية فقد اعتمدت مؤسسة الشرطة العلمية والتقنية سنة 1995 حيث تم إنشاء
مختبر وطني للشرطة العلمية تابع للإدارة العامة للأمن الوطني، وبإحداث شعبة لتتبع
الآثار الرقمية بمختبر الشرطة التقنية المتواجد بالرباط، بغرض إنجاز الخبرات
والمعاينات التقنية التي تتطلبها الجرائم الالكترونية، فكانت من بين أبرز مهام هذا
المختبر تتمثل في تحليل الآثار الرقمية والأدلة الالكترونية ومتتبعها ومعالجتها
وإجراء الخبرات التقنية على الوسائل الالكترونية كالحاسوب، والأجهزة الحاملة،
ومفاتيح التحميل...إضافة للهواتف، وآلات رصد الأماكن GPS، نهيك عن الوسائل المستعملة في الأداء الالكترونية، كالآلات
المستعملة في قراءة البطائق البنكية، مع العلم أن هذه المختبرات تعمل وفق معايير
تتناسب مع البروتوكولات الدولية المعتمدة[20]
- الهيئة
التوجيهية " Comité de pilotage
" وتمثلها لجنة أمن أنظمة المعلومات الاستراتيجية، والتي تعتبر الهيئة
المسؤولة عن تحديد التوجهات الاستراتيجية في مجال الأمن السيبراني وحماية
المعطيات الرقمية السيادية، نهيك عن ضمان جاهزية واستمرارية أنظمة المعلومات
الخاصة بالبنيات التحتية الحيوية للمملكة المغربية.
- هيئة عملياتية "Comité
Opérationnel» والممثلة في المديرية
العامة لأمن نظم المعلومات، وبالنظر لأهميتها تعتبر المخاطب الرئيسي المسؤول
عن تنزيل الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، خصوصا فيما تعلق بتطوير
جوانب البحث العلمي والارتقاء بالخبرة الفنية في مجال حماية النظم
المعلوماتية، كما تتطلع بممارسة عمليات اليقظة والكشف والإنذار عن الأخطاء
التي تؤثر على أمن المعلومات على المستوى الوطني.
نهيك عن أدوار أخرى لا تقل أهمية كالتوجيه والمساعدة، بحيث يتم دعم الإدارات
والمؤسسات العمومية والبنى التحتية ذات الأهمية الحيوية من أجل تعزيز أمن نظم
معلوماتها، كما تهم بتنظيم دورات تكوينية وندوات تحسيسية لفائدة الأطراف المعنية
ذات الصلة بمجال أمن المعلومات[21]
- وكالة التنمية الرقمية، أنشأت بموجب القانون رقم 61.16 المؤرخ في 14
سبتمبر 2017، والتي عهد إليها مهمة تطوير منظومة رقمية متكاملة، حيث تعتبر
الجهة المسؤولة عن تعزيز التحول الرقمي لمختلف مؤسسات الدولة العمومية، ليتوج
هذا المسار الإصلاحي بإحداث وزارة منتدبة مكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح
الإدارة.
- اللجنة الوطنية
لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي
على إثر مصادقة المغرب على الاتفاقية الأوربية والمتعلق بحماية المعطيات
الشخصية بموجب قانون رقم 13-46، يوافق بموجبه على الاتفاقية الأوروبية رقم 108
المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع
الشخصي، التي جرى توقيعها بستراسبورغ في 28 يناير 1981، في سياق الوضع المتقدم
الذي منح للمغرب في علاقاته مع دول الاتحاد الأوروبي، اقترح مجلس أوروبا بانضمام
المملكة المغربية بشكل تدريجي لعدد من اتفاقيات هذا المجلس المفتوحة في وجه الدول
غير الأعضاء في الاتحاد، وتعتبر اتفاقية مجلس أوروبا الخاصة بحماية الأشخاص
الذاتيين تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي، إحدى هذه الاتفاقيات،
وتضمن هذه الاتفاقية لجميع الأشخاص الذاتيين المتواجدين على إقليم كل دولة طرف
فيها، بغض النظر عن جنسيتهم أو إقامتهم، احترام حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وخاصة
حقهم في الحياة الخاصة تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي[22]
أحدثت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات
ذات الطابع الشخصي بموجب القانون 08.09 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.09.15
الصادر في 22 من صفر 1430 (18 فبراير 2009) والمتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه
معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والتي عهد إليها بمجموعة من
الصلاحيات، وعلى سبيل المثال تؤهل اللجنة الوطنية للإدلاء برأيها أمام الحكومة أو
البرلمان، وأمام السلطات المحلية، بشأن مشاريع القوانين، أو مقترحات القوانين، أو
النصوص التنظيمية ذات الصلة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
كما تختص كذلك بتلقي التبليغ عن هوية الممثل
المستقر في المغرب الذي يحل محل المسؤول عن المعالجة القاطن بالخارج، وكذا هوية
المسؤول عن معالجة السجلات الممسوكة لغرض فتحها للعموم، نهيك عن تلقي التصاريح
كتلك التي تهم الإذن المسبق بمعالجة المعلومات الحساسة[23].
المبحث الثاني: فرق الشرطة
القضائية المتخصصة في محاربة الجريمة الالكترونية
نظرا لأهمية وجود موارد
بشرية مؤهلة[24]
ومكونة بشكل خاص لمحاربة الجريمة الالكترونية، عملت المملكة المغربية على إحداث
فرقة وطنية، وفرق جهوية أسندت لها مهمة ضبط الجرائم الالكترونية والتحقيق فيها
(المطلب الأول)، فيما تم استغلال الرقمنة نفسها في مكافحة الجريمة الالكترونية، عن
طريق إشراك المواطن المغربي في التبليغ عن المحتوى الرقمي الغير المشروع عبر
الإنترنيت عبر البوابة "منصة إبلاغ" (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الفرق
الوطنية والجهوية المتخصصة
تتوفر المملكة المغربية،
بالإضافة إلى المؤسسات العامة، على بنايات ومكاتب متخصصة وعالية التكوين والتجهيز
في مجال مكافحة الجريمة الالكترونية نوردها كالتالي:
- المصلحة
المركزية لمكافحة الجريمة المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة التابعة لمديرية
الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، والتي من مهامها اليقظة
المعلوماتية على شبكة الإنترنيت لرصد المحتويات العنيفة، وكذلك مهمة وضع
وتنفيذ خطط لزجر الجرائم الالكترونية من قبيل (جرائم الابتزاز الإلكتروني،
المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات....).
وتشرف هذه المصلحة
المركزية على 29 فرقة جهوية لمكافحة الجريمة المعلوماتية، موزعة على مختلف مدن
المملكة، تقوم بمهام البحث والتحري في الجرائم المرتبطة بأنظمة المعلومات
وبالتكنولوجيا الحديثة.
و20 مصلحة جهوية للاستخبار الجنائي على صعيد
المصالح اللاممركزة للشرطة القضائية، التابعة لولايات الأمن، الأمن الجهوي
والإقليمي.[25]
- المكتب
الوطني لمكافحة الجريمة المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة، والذي يعهد له فيما
يخص العمليات التي يقوم بها، بالبحث والتحري في الجرائم السيبرانية ذات
الطابع الوطني أو العابر للحدود الوطنية، التابع للفرقة الوطنية للشرطة
القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، وهي مصلحة متخصصة وذات اختصاص ترابي
وطني، تضم مصالح للرصد واليقظة المعلوماتية، وتتصل بمختبرات لتحليل الآثار
الرقمية والتي تتولى التعامل مع التهديدات السيبرانية المتعلقة باختراق النظم
المعلوماتية وقرصنة المعطيات الشخصية والمالية واستعمالها، نهيك عن زجر التهديدات
المرتبطة بالإرهاب المعلوماتي.
- إحداث 7
مختبرات متخصصة في استغلال وتحليل الآثار لرقمية من طرف المديرية العامة
للأمن الوطني، منها مختبران مركزيان وخمس مختبرات جهوية بكل من الدار البيضاء
ومراكش والعيون وفاس وتطوان، يعهد لها أساسا بتسخير العلم والتقنيات الرقمية
لخدمة العدالة في جميع القضايا المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة (مثل إجراء
التحاليل والخبرات الرقمية).[26]
فعلى
سبيل المثال تم إحداث خلية مكافحة الجريمة المعلوماتية داخل الفرقة الوطنية للشرطة
القضائية بالدار البيضاء، تضم مؤهلات بشرية ولوجيستيكية تضاهي الدول المتقدمة،
والتي تعمل بالإضافة إلى التفاعل مع شكايات الضحايا، فهي تقوم بعمل هام يتمثل في
التتبع اليومي لمستعملي الإنترنيت وكشف الجرائم المعلوماتية التي يرتكبونها
وتقديمهم للعدالة.[27]
- مركز رصد
واكتشاف الهجمات السيبرانية والتصدي لها "ma-Moroccan Computer
Emergency Response Team" والذي أنشئ على إثر تبني المملكة
المغربية سنة 2013 التوجيه الوطني بشأن أمن نظم المعلومات (DNSSI) بهدف توحيد مستويات الحماية ورفع الوعي الأمني لدى جميع مشغلي
ومستخدمي الأنظمة المعلوماتية وهو مستوحى من المعيار المغربي الموحد
2009 :NM ISO/ IEC27002 وتتجلى مهمته الرئيسية في
المراقبة والاستجابة الفورية للتهديدات التي تطرحها مواجهة هذه الهجمات، في
إطار التعاون والتنسيق مع إدارة الدفاع الوطني، ضمن شبكة مؤسساتية مندمجة
تعمل بتنسيق مع كافة الأجهزة المسؤولة على معلومات الدولة.
وتجدر
الإشارة أن ma-cert الذي يعمل اليوم على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع، هو اليوم
عضو نشيط في المنتدى الدولي للفرق الأمنية المؤهلة لضمان الاستجابة الفورية.[28]
المطلب
الثاني: منصة إبلاغ
اعتمدت
المملكة المغربية مقاربة فريدة تهدف إلى إشراك المواطن وجعله عنصر فاعل في مكافحة
الجريمة الالكترونية التي أصبحت تغزو المجال الرقمي، في هذا السياق شرعت المديرية
العامة للأمن الوطني في السادس من يونيو 2024 بإعلان انطلاق العمل بالمنصة الرقمية
"إبلاغ" المخصصة للتبليغ عن المحتوى الغير المشروع على شبكة الإنترنيت،
وهي منصة متاحة للولوج سواء من داخل المغرب أو خارجه.
إن
منصة "إبلاغ" هي عبارة عن منصة تفاعلية، تسمح لرواد شبكة الإنترنيت
بالتبليغ عن المحتويات الرقمية الإجرامية والعنيفة، التي تمس بالمبلغ أو بغيره،
كما أن هذه المنصة تأخذ بعين الاعتبار تأمين حماية صارمة للمعطيات الشخصية
للمبلغين، بحيث للمبلغ الخيار بين الكشف عن هويته أو عدم الكشف عنها. وتعتبر منصة
"إبلاغ" تفعيلا حقيقيا للتفاعل الجدي والمسؤول بين المواطن والمؤسسة
الأمنية، رغبتا في تحقيق الأمن الرقمي وصيانة الإنترنيت كفضاء آمن من التهديدات
والسلوكيات الإجرامية.
ومن
الناحية العملية، سيكون بمقدور أي مواطن أو مواطنة الولوج للمنصة للتبليغ عن
المحتوى الغير المشروع، فيما ستقوم الفرقة التقنية لمصالح الأمن الوطني بإجراء
الخبرات الضرورية والتشخيصات التقنية اللازمة مع إحالتها على الشرطة القضائية
المختصة مكانيا، هذه الأخيرة التي ستتولى إشعار النيابة العامة والتماس تعليماتها
بشأن الأبحاث المنجزة[29].
ومن بين الأشكال الإجرامية التي يتوجب على الشخص التبليغ عنها نذكر ما يلي:
ü
الاستغلال
الجنسي للأطفال؛
ü
النصب
عبر الإنترنيت؛
ü
التحريض
على الكراهية؛
ü
التحريض
على الجريمة؛
ü
التهديد
والابتزاز الجنسي؛
ü
الإرهاب
والإشادة به؛
ü
الاتجار
في الأسلحة؛
ü
الاتجار
في الأعضاء؛
ü
الاتجار
في المخدرات؛
ü
العنف
والتهديد به...إلخ.[30]
وتجدر
الإشارة أن الأفعال الإجرامية السالف ذكرها تبقى جرائم على سبيل المثال فقط لا
الحصر، باعتبارها أكثر الأنشطة الإجرامية شيوعا داخل الفضاء الرقمي.
خاتمة
من
خلال تحليل هذا الموضوع، والمتعلق بأدوار المؤسسات والهيئات الزجرية، ودورها في
محاربة الجريمة الالكترونية، يتضح جليا أن المقنن المغربي على دراية ووعي بخطورة
الجريمة السيبرانية، الشيء الذي جعل المشرع المغربي يخطوا خطوات مهمة نحو تدعيم
الجانب المؤسساتي لمحاربة الجريمة الالكترونية، نذكر في هذا السياق اللجنة الوطنية
لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي المحدثة بموجب القانون 08.09، غير أن أدوار هذه
الأخيرة - اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي- تبقى جد محدودة ولا
تتعدى دورها الإداري المتمثل في إخبار الجهات القضائية المختصة كلما تم الاعتداء
على المعطيات ذات الطابع الشخصي للأشخاص الذاتيين.
لا
شك أن إحداث الفرقة الوطنية، وفرق جهوية، نهيك عن وجود مراكز لتحليل الآثار
الرقمية كل ذلك أدى إلى تسهيل عملية تقصي مجرمي الإنترنيت وإلقاء القبض عليهم، أضف
لذلك الدور الهام التي تقوم به المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التي تصهر على
جعل فضاء الإنترنيت آمن، والتفاعل الفوري مع الانتهاكات والجرائم الالكترونية التي
ترتكب داخل الفضاء الرقمي، غير أن ما يصعب الوصول إلى مكافحة الجريمة الالكترونية
بنجاعة غياب تقعيد قانوني للإجراءات الواجب سوكها في خلال الدعوى، بدءا من البحث
التمهيدي في فضاء رقمي، مرورا بالتحقيق الإعدادي، انتهاء بالمحاكمة وصدور حكم في
الموضوع.
فالطبيعة
الخاصة التي تميز الفضاء الرقمي على غيره من الفضاءات، تقتضي إيجاد تشريع خاص بهذا
النوع من الجرائم، يتناسب مع طبيعة الجريمة الالكترونية، ويواكب تطورها المستمر،
خصوصا وأن القانون الجنائي المغربي محكوم بمبدأ الشرعية الجنائية، كأحد أهم
المبادئ الجنائية التي تمنع على القاضي عند تطبيقه للقانون، اللجوء للقياس؛ عن
طريق العقاب على جرائم لا وجود لنص يجرمها قياسا على جرائم أخرى مشابهة مجرمة، مما
يؤدي إلى إفلات المجرم المأتمت[31]
من العقاب، وبالتالي عدم تحقيق أهداف السياسة الجنائية في محاربة الجريمة
المعلوماتية.
يجب
الإشارة كذلك، إلى أن إحداث فرق مكونة ومؤهلة للبحث والتحري على الجريمة
السيبرانية، غير كاف رغم أهميته، ذلك أن بلوغ أهداف السياسة الجنائية، يقتضي تدخل
مجموعة من الأطراف في مراحل الدعوى، بدءا بالتبليغ عن الجريمة، ووصولها إلى علم
الشرطة القضائية، مرورا بإجراء الأبحاث والتحريات، انتهاء بصدور حكم وتنفيذه،
الشيء الذي يحتم تكوين كل المتدخلين في الخصومة الجنائية، من ضباط شرطة قضائية،
ونيابة عامة، ومحامون، وقضاة الحكم، وأعضاء كتابة الضبط.
[1]أحمد الخمليشي، القانون
الجنائي الخاص، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، مكتبة المعارف، الرباط، 1405-1986،
ص 11.
[2] محمد حسني أبو ملحم
وآخرون، مدخل إلى علم الجريمة، الطبعة العربية الأولى، دار البيروني، الأردن،
عمان، 2015، ص 13.
[3] اديبة
محمد صالح، دراسة تحت عنوان: الجريمة المنظمة "دراسة قانونية مقارنة"،
مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية، 2009، ص3.
[4] عبد العالي الديربي ومحمد
صادق إسماعيل، الجرائم الالكترونية: دراسة قانونية قضائية مقارنة "مع أحدث
التشريعات العربية في مجال مكافحة جرائم المعلوماتية والإنترنيت"، الطبعة
الأولى، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2012، ص148.
[5] عبد
الصبور عبد القوي على مصري ومنال عبد الإله عبد الرحمن، المحكمة الرقمية والجريمة
المعلوماتية "دراسة مقارنة"، الطبعة الأولى، الرياض، 2012، ص 11.
[6] الجريمة
الالكترونية لها أسماء أخرى، كالجريمة المعلوماتية، وجرائم الحاسب الآلي، والجريمة
السيبرانية....
[7] دراسة شاملة عن الجريمة
السيبرانية، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2013، ص 23.
[8] محمد
بوزلافة، محاضرات في مادة السياسة الجنائية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، 2020.
[9] كامل مطر، الجريمة
الالكترونية، ص2.
[10] مصطلح
الأنترنيت له مدلولان، مدلول لغوي وآخر تقني:
المدلول اللغوي لمصطلح
"الإنترنيت": كلمة Internet إنجليزية الأصل مكونة من كلمتين هما (كلمة Interconnection وتعني ربط أكثر من شيء ببعضه البعض) و (كلمة network وتعني الشبكة)، فقد أخد من الأول (inter) ومن الثانية (net) ليصبح المعنى المركب للكلمة (internet) هو الشبكات المترابطة مع بعضها البعض.
المدلول التقني لمصطلح
"الأنترنيت": يعتبر الإنترنيت وفقا للمفهوم
التقني عبارة عن مزيج من عدد كبير من الشبكات الفرعية التي تعمل بنظام مفتوح يسمح
بالاتصال بين مجموعة هائلة من الحواسيب وفق لغة مشتركة واحدة تسمح بخلق نوع من
التفاعل عن طريق تبادل المعلومات بسرعة عالية وبطريقة مرنة ولا مركزية ولقد وجد
الحل لبناء شبكة عالمية من مجموعة شبكات محلية غير متجانسة، وهو ما سمي بتشبيك
الشبكات. انظر ميرة إيمان، مذكرة لنيل شهادة الماستر تحت عنوان: الجريمة
الالكترونية عبر الأنترنيت في أوساط الطلبة الجامعيين "دراسة مسحية لطلبة
ماستر الإعلام والاتصال، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة محمد بوضياف،
المسيلة، 2014/2015، ص 17و18
[11] Emilio
C. viano, Droit pénal. Partie spéciale-société de l’information et Droit pénal,
84, 2013, p313. Article disponible en ligne à l’adresse https://www.cairn.info/revue-internationale-de-droit-penal-2013-3-page-311.htm.
[12] Abdoullah Cisse,
rapport sous-titre « exploration sur la cybercriminalité et la
sécurité en Afrique : Etat des lieux et priorités de recherche, CRDI,
2021, p12.
[13] الحسن
الداودي، بحث لنيل شهادة الماستر تحت عنوان: الأمن القانوني المعلوماتي بالمغرب،
جامعة سيدس محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،
فاس، 2018-2019، ص 6.
[14] Christian. P,
Analyse sous titre: INTELLIGENCE ÉCONOMIQUE ET CYBER CRIMINALITÉ. Impact sur
l’activité économique en Afrique Centrale, janvier 2021, p4. Publié dans le
Bulletin "Honneur
et Fidélité".
[15] Rapport du Haut Comité
Juridique de la place financière sous titre : l’assurabilité des
risques cyber, paris, 28 janvier 2022, p4.
[16] «Si tu as
une pomme et que j’ai une pomme, et que nous les échangeons, nous repartons
chacun avec une pomme. Si tu as une idée et que j’ai une idée, et que nous les échangeons, nous
repartons chacun avec deux idées»
[17] Abdelmadjid. R,
La cybersécurité des pays de l’UE et de l’UA : Actions et objectifs Cyber
Security in EU and AU Countries: Actions and Objectives, Algerian journal of
political Economy, v.03, N1, 2021, p153.
[18]
Stefano. M, Cybercriminality: finding a balance between freedom and security,
selected papers and contribution from the international Conference on
“Cybercrime; Global Phenomen and its Challenges”, Italy, December 2011, p14.
[19]Nadir. Ouchene, these de
doctorat pour obtenir le grade de docteur sous titre : L’applicabilité de
la loi pénale à l’endroit de la cybercriminalité dissimulée, université paris 2
panthéon-Assas, Ecole doctorale de droit privé, 10 décembre 2018, p23.
[20] الحسن داودي، الأمن
القانوني المعلوماتي بالمغرب، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية، فاس، 2018/2019، ص 93 و94.
[21] للمزيد
من المعلومات يرجى زيارة الموقع الرسمي للمديرية العامة لأمن نظم المعلوميات https://www.dgssi.gov.ma/ar/publications#documents
[22] أنس برزجو، التشريعات
الوطنية والدولية المتعلقة بالنظم المعلوماتية، مجلة القانون والأعمال، ص24. تم
الاطلاع بتاريخ 24 يونيو 2024 على الساعة 21.03 am.
[23] المادة 27 من القانون
08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي،
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.09.15 الصادر في 22 من صفر 1430 الموافق ل 18
فبراير 2009 منشور بالجريدة الرسمية عدد 5711 بتاريخ 27 صفر 1430 (23 فبراير 2009).
[24]Fatima. R, Les
mécanismes légaux de lutte contre la cybercriminalité au Maroc, p91
[25] أنفاس
بريس، استراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني في محاربة الجرائم الالكترونية،
2019. انظر الرابط https://anfaspress.com/news/voir/57929-2019-11-10-04-48-49 تم الاطلاع عليه بتاريخ 13 يونيو
2022 على الساعة 3.00pm.
[26] مجلة الشرطة، م س،ص 13 و 14.
[27] طارق
قوبع، الجريمة الالكترونية والشرطة القضائية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية
العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، 2013/2014، ص 84.
[28] مجلة
الشرطة، نفس المرجع، ص 16.
[29] بلاغ
المديرية العامة للأمن الوطني بتاريخ 6 يونيو 2024.
[30] للمزيد
من المعلومات يرجى زيارة الموقع الالكتروني الرسمي لمنصة "إبلاغ" https://www.e-blagh.ma/?lang=ar
[31] المجرم
المعلوماتي
من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله