قاعدة الإحالة في المادة الأسرية - دراسة مقارنة - ابراهيم الدنفي




قاعدة الإحالة في المادة الأسرية - دراسة مقارنة

ابراهيم الدنفي

طالب باحث بسلك الماستر المتخصص قانون الأسرة وقواعد الفقه المالكي

 

The referral rule in family matter – A comarative stydy

Brahim Danf

 

مقدمة:

تعتبر قاعدة الإحالة من أهم القواعد القانونية داخل القوانين ،إذ نجد أن مفهوم الإحالة هذا المصطلح اشتهر خاصة على مستوى القانون الدولي الخاص ،الذي يتجلى  مدلوله في الإحالة على القانون الواجب التطبيق على واقعة معينة ذات تنازع قانوني أو قضائي.

أما الإحالة على مستوى القانون الداخلي فلها معنى إجرائي مسطري تقوم به المحكمة، ثم المعنى الثاني الموضوعي  وهي وجود قاعدة قانونية تحيل إلى مصدر تشريعي  آخر لتنظيم وقائع معينة، وهذه الإحالة نجدها في قوانين عديدة وبالخصوص القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية  خاصة بالدول العربية التي نجد أن معظم أحكامها مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية كأساس تحيل عليه بعدها يأتي العرف وغيرها من المصادر الأخرى يحال عليها بمقتضى النصوص القانونية.

كما أن هذه الإحالة سواء في القوانين الوطنية أو المقارنة كانت موضوع نقاش داخل معظم الدول التي اعتمدتها ،وخاصة في المغرب كل ما تجدد موضوع   تعديل وإصلاح مدونة الأسرة، وفي هذا السياق نستحضر تجارب المقارنة حول قاعدة الإحالة لنخلص إلى أو جه التشابه والاختلاف في هذه الأنظمة القانونية، وبتخصيص تعامل هذه التشريعات مع الإحالة على فقه الشريعة الإسلامية.

أولا : أهمية الموضوع:

يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة لأنه يستحضر تجارب بعض الدول المقارنة حول اعتماد الإحالة في قوانينها، وخاصه قوانين الأحوال الشخصية مما قد ينتج عن ذلك من معرفة مدى نجاعة هذه القواعد في تكميل النصوص القانونية والرقي بها.

ثانيا: إشكالية البحث

إن هذا الموضوع المتعلق بقاعدة الإحالة في القانون المقارن ومن خلال الأهمية التي يرتقي لها فهو يطرح إشكالا جوهريا :

كيف نظمت التشريعات المقارنة قاعدة الإحالة خاصة على مستوى قوانين الأحوال الشخصية لهذه الدول؟.

وهذه الإشكالية تفرعت عنها مجموعة من الأسئلة الفرعية المهمة:

·         ماهية قاعدة الإحالة على مستوى التشريعات العربية؟

·         ماهي تجليات الإحالة على مستوى التشريعات العربية؟

·         ماهي ضوابط و نماذج الإحالة على مستوى التشريعات العربية ؟.

ثالثا: منهج البحث:

من خلال تناولنا لهذا الموضوع اعتمدنا منهجين أساسيين :

المنهج الوصفي: من خلال وصف تجليات و شكل الإحالة على مستوى التشريعات المقارنة، ووصف التنظيم والشكل القانوني الذي تناولت به التشريعات المقارنة مسألة الإحالة.

المنهج التحليلي: وتجلى بتحليل والوقوف على شكل وتنظيم الإحالة وضوابطها على مستوى التشريعات المقارنة.

المنهج المقارن: وهو جوهر الموضوع لأنه يرتكز فيه على المقارنة بين مختلف التشريعات حول تنظيم  قاعدة الإحالة بهذه الأنظمة القانونية.

رابعا: خطة البحث

للإجابة عن إشكالية الموضوع وتناول مختلف الأسئلة الفرعية المرتبطة بها قمنا بتقسيم هذا الموضوع إلى مطلبين إثنين:

المطلب الأول: قاعدة الإحالة في التشريعات المقارنة

المطلب الثاني:ضوابط وأنواع الإحالة في التشريعات المقارن

 

المطلب الأول: قاعدة الإحالة في التشريعات المقارنة

لطالما كانت القوانين هي مصدر التنظيم  للأحوال الأشخاص ،إلا أن هذه القوانين في بعض الحالات قد لا تستوعب مختلف النصوص المؤطرة لوقائع والنوازل التي قد تكون مستجدة أو نوازل "شاذة" بمعنى أنها نادرة الوقوع وهذا يجعل النص القانوني عاجز في هذه الحالات.

ارتأت مختلف التشريعات وبالخصوص تشريعات العربية إلى التنصيص على قاعدة الإحالة في نصوصها القانونية، وبالخصوص التي ذات الطابع المدني ومنها الأحوال الشخصية، على اعتبار أنها مسائل متغيرة ومهمة لما ترتبط به من أحوال الأشخاص، وهذا فتح الباب من أجل الإحالة على مصادر أخرى لتنظيم هذه الأحوال وعلى رأسها الإحالة على الفقه الإسلامي (الفقرة الأولى ) ،وهذه الإحالة لها نماذج وتطبيقات من خلال قوانين المفارنة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مبدأ الإحالة على فقه الشريعة الإسلامية

إن من القواسم المشتركة بين أغلب التشريعات العربية هي إعطاء أولوية الإحالة على فقه الشريعة الإسلامية كمصدر تكميلي للقواعد القانونية خاصة في مجال الأسرة، ومرد ذلك ك إلى أن أغلب النصوص المنظمة للأحوال الشخصية فهي مستمدة من فقه الشريعة الإسلامية بمختلف مصادره (الكتاب والسنة والاجماع والقياس.....).

ويجد الارتباط الوثيق بين فقه الشريعة الإسلامية والأحوال الشخصية بكون أن  الشريعة الإسلامية كانت هي المنظم للأحوال الشخصية، قبل صدور القوانين الوضعية بالدول الإسلامية ،حيث على سبيل المثال كانت تطبق احكام الشريعة الإسلامية قبل صدور مدونة الأحوال الشخصية الجزائرية قبل صدور القانون رقم 11.84 المؤرخ 5 رمضان عام 1404 الموافق ل 9 يونيو سنة 1984 [1]، هذا الأمر نفسه بالنسبة للمغرب قبل صدور   مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957 ،فكان يستند التنظيم هذا النوع من القضايا للشريعة الإسلامية، وبالتالي مراعاة لهذه المرجعية الدينية تأسس مبدأ في هذه التشريعات المتعلقة بالأسرة وهو مبدأ الإحالة على الفقه الاسلامي  .

ومعنى هذه الإحالة على الفقه الإسلامي وجود نص قانوني ضمن القوانين المنظمة للأحوال الشخصية يحيل على فقه الشريعة الإسلامية من أجل تنظيم و تأطير مسائل معينة لم يجب عليها النص القانوني ، وهنا قد يطرح السؤال لماذا تتم الإحالة على أحكام  الفقه الاسلامي كأولوية دون غيره من المصادر الأخرى في معظم الدول الإسلامية في مقابل مثلا الاتفاقيات الدولية أو العرف؟، وهذا السؤال اجبنا على شق مهم منه في بداية فقرتنا ويضاف إليه إلى أن من أسباب الإحالة على فقه الشريعة الإسلامية دون غيره من المصادر الأخرى هو شمولية الإسلام ،لأن الإسلام ليس كما يعتقد الكثيرون صيام وصلاة ،إذ ليس موطن تطبيق الإسلام المسجد فقط ولكن الاسلام دين يحكم دقائق الحياة كما  يتبين من اسمه[2]، وقال تعالى(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (89))[3].

وبالتالي الإحالة ما دون الشريعةالإسلامية قد  تحدث اختلالات خاصة في مجال الأسرة نظرا لعدة اعتبارات، ففي حالة مثلا اذا تمت الإحالة على العرف في كل أحكام الأسرة فالعرف قد يختلف بين مختلف مناطق في نفس الدولة وهذا يبرر الاعتماد عليه في مسائل محددة في مدونة الأسرة المغربية وجعله في معظم التشريعات مصدرا ثانويا يتقدمه فقه الشريعة الإسلامية، أما الاتفاقيات الدولية فهي تكون ذات طابع دولي وتختلف مرجعية هذه الدول مما قد تكون أحكامها لا تنسجم والطبيعة الثقافية والدينية  لدولنا العربية الإسلامية.

الفقرة الثانية: نماذج الإحالة في التشريعات المقارنة

للوقوف على هذه النماذج سنقوم  باستقراء القوانين العربية وبالخصوص القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية وكيف عملت على ترجمة قواعد الإحالة في قوانينها؟.

ومن تطبيقات هذه القاعدة نجد على مستوى قانون الأحوال الشخصية العراقي حيث نصت المادة الأولى "تسري النصوص التشريعية في هذا القانون على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها او في فحواها .

اذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون"[4] ،  وهو نفس توجه المشرع الجزائري من خلال المادة 222 من قانون الأسرة الجزائري الذي نص "كل ما لم يرد به نص في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية"[5].

والملاحظ على مستوى التشريع العراقي والجزائري على انه أحال على مبادئ الشريعة الإسلامية بشكل مفتوح ولم يقيد بمذهب معين ولم يقيد القاضي في اعتماد مذهب محدد كدرجة أولى، كما فعل المشرع المغربي عندما أحال أولا على المذهب المالكي، وهذا قد يكون مقاربا للتوجه الذي نهجه المشرع الإماراتي من خلال المادة الثامنة حيث نص" اذا لم يوجد نص في هذا القانون يحكم بمقتضى المشهور من مذهب مالك ثم مذهب أحمد ثم مذهب الشافعي ثم مذهب أبي حنيفة".[6]

ويضاف إلى هذا ايضا موقف المشرع البحريني من خلال المادة الثالثة "فيما لم يرد  به نص في هذا القانون يحكم القاضي بالنسبة لمن يطبق عليه الفقه السني المشهور في المذهب المالكي فإن لم يوجد أخذ بغيره من المذاهب الأربعة في الفقه السني أو بحكم المشهور في الفقه الجعفري واذا تعذر ذلك حكم القاضي بالنصوص والقواعد الفقهية العامة في الشريعة الإسلامية الأسباب بينها حكمه"[7].

أما على مستوى العمل القضائي نجد أحكام استندت في حيثياتها على أحكام الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي حيث ورد في حيثيات قرار المحكمة العليا الموريتانية"حيـــث تبـــين مـــن دراســـة القـــرار المعقـــب ومـــن طعـــون وردود الأطـــراف ومـــا أدلـــوا بـــه مـــن الوثـــائق في الملـــف أن

النـــزاع يـــدور علـــى أضـــرار زوجيـــة يـــدعيها كـــل مـــن الـــزوجين علـــى الآخـــر وأنـــه عنـــدما يطـــول الشـــقاق ويتعـــذر الوفـــاق يتعـــين الفـــراق مـــن بـــاب وجـــوب ارتكـــاب الأخـــف مـــن الضـــررين وســـواء في هـــذا تمحضـــت الإســـاءة مـــن أحـــد الـــزوجين أو كانـــت منهمـــا معـــا إلا أنـــه في حالـــة تمحـــض الإســـاءة منهـــا فإنـــه يجـــوز للـــزوج أخـــذ مـــا أعطاها من المهر خلعا طبقا لما تدل عليه نصوص الكتاب والسنة الآتية وكلام علماء المذهب فيها."[8]

هذه النماذج التي اوردناها فهي على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر لأن الإحالة فهي سمة تطبع التشريعات عامة والتشريعات العربية خاصة  ، و هي قاعدة مهمة وقد جسدناها من خلال مجموعة من القوانين  المرتبطة بمجال الأحوال الشخصية.

أما بخصوص كيفية التعامل معها و توضيح المنهج الذي تعاملت به هذه التشريعات  في صياغة الإحالة وفق ضوابط معينة  تتناوله في مطلبنا الموالي.

المطلب الثاني: ضوابط وأنواع الإحالة في التشريعات المقارنة

عند استعراضنا لنماذج الإحالة على مستوى التشريعات المقارنة ،بالخصوص العربية وجدنا أن الإحالة على مبادئ الشريعة الإسلامية أو الفقه الاسلامي من خلال هذه التشريعات الأسرية المقارنة هناك قواسم مشتركة من خلال التعمق في بنيات هذه الإحالة على مستوى كل نظام قانوني على حدى يتبين أن هناك بعض الضوابط التي يتم مراعاتها من أجل الإحالة على مستوى قوانين الأحوال الشخصية في القوانين المقارنة (الفقرة الأولى)، كما أن هذه الإحالةعلى مستوى هذه التشريعات فهي تتخذ نوعين أساسيين (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: ضوابط الإحالة في التشريعات المقارنة

إن الإحالة على فقه الشريعة الإسلامية لا يكون اعتباطيا أو اختياريا لكن يكون وفق ضوابط وشروط ،من أجل أولا الحفاظ على قيمة النص القانوني المنظم لهذه المسائل وسد أي ثغره لتجاوزه لأنه يبقى النص القانوني الخاص المنظم المباشر لهذه النازلة ،وبالتالي ثم وضع شروط مشتركة فيها أغلب التشريعات العربية من أجل إعمال الإحالة في الأحوال الشخصية وهذه الضوابط كالآتي:

أولا : عدم وجود أو غموض النص القانوني المؤطر للمسألة

من أجل العمل بمبدأ الإحالة لابد من عدم وجود نص صريح ينظم المسألة المتنازع عليها، بمعنى أن أساس الإحالة هو عدم وجود حكم المسألة في النص القانوني الخاص، وهذا يعيدنا إلى أصل ثابت في الشريعة الإسلامية وهو الاجتهاد لأن مصادر الأحكام من حيث الترتيب نجد القرآن الكريم ثم السنة النبوية ثم الإجماع....  ،وهو ترتيب للإستنباط الحكم فإذا لم يوجد في كتاب الله ففي سنة رسول الله إلى غير ذلك ، أي أن هناك منهج من أجل إيجاد حل المسألة وهذا المنهج هو الذي اعتمده المشرع في الإحالة عندما وضع ترتيبا لمصادر التشريع في حالة التنصيص عليها بالتدرج ما فعل المشرع المغربي في المادة 400.

و من وجهة نظرنا على أن الإحالة هي نوع من أنواع الاجتهاد وهي تفتح للقاضي المجال للبحث في أحكام الفقهية بشكل خاص،أو في أي مصدر تحيل عليه قاعدة الإحالة في حالة عدم وجود نص أو غموضه وأعطى له مجموعة من الباحثين عبارة أكثر دقة وهي عبارة "القصور التشريعي".

وهذا القصور التشريعي حسب الفقه فيتخذ ثلاث صور[9]:

 صور نقص النص: معناه القاعدة القانونية التي عينها النص لا تكون لها علاقه مباشرةأو  غير مباشرة بالحالة الواقعية المتنازع عليها.

صورة فقدان النص: هو حالة عدم وجود نص قانوني ينظم المسألة .

صورة القصور المزيف: وفي هذه الصورة يلاحظ وجود نص تشريعي ولكن القاضي لا يطبق النص، وهدفه من ذلك خلق قاعدة قانونية جديدة بسبب تغيير الظروف أو بسبب تغيير فلسفة الحكم مما يجعله يطبق قاعدةأكثر عدالة من النص التشريعي.

ثانيا: وجود نص قانوني ينص على الإحالة

إن وجود نص قانوني ينص على الإحالة هو من الضوابط التي يتقيد بها القاضي خاصة في الأحوال الشخصية، اولا هذا النص يجب أن يتكون من عنصرين:

أ-التنصيص على جواز الإحالة:

وبعد قراءةبعض النصوص التشريعية المقارنة خاصة العربية نجد على أن التنصيص على قاعدة الإحالة سواء في القانون المدني أو في قانون الأحوال الشخصية هو شرعنة لهذه القاعدة وهذا ما جسده المشرع المغربي من خلال المادة 400 من مدونة الأسرة، وهنا يطرح السؤال كيف يمكن معرفة النص الذي ينص على الإحالة؟.

       ومن خلال اطلاعنا على بعض النصوص القانونية المقارنة يمكن أن نستشف على أن تحديد كون النص القانوني نص على الإحالة يكون من خلال عبارات النص والإحالة قد تكون منصوص عليها في مسائل معينة بمعنى خاصة ببعض الحالات أو أنها تكون عامة على جميع فصول أو مواد القانون .

ب- يحدد المصدر الذي يحيل عليه:

وتكريسا لما سبق فإن الإحالة على مستوى الأحوال الشخصية تكون على الفقه الاسلامي  أولا  في معظم التشريعات العربية ثم يليها بعض المصادر الأخرى على رأسها العرف ،والإحالة على الفقه الإسلامي نجد  في حد ذاته قد تكون  مخصصة مثلا لمذهب معين  على  سبيل المثال كالمذهب المالكي بالنسبة للمشرع المغربي أو للمذهب الحنفي بالنسبة للمشرع الأردني.[10]

الفقرة الثانية: أنواع الإحالة في التشريعات المقارنة

عندما قمنا بعرض نماذج الإحالة على مستوى التشريعات المقارنة   كانت هناك نماذج حاولت تقييد الإحالة ونماذج أخرى لم تقيدها فكيف ذلك؟

 أولا: الإحالة المقيدة:

المقصود بها هي تحديد مذهب معين دون غيره من اجل استخراج الحكم وهذا التوجه الذي ذهب له كل من المشرع الاردني والسوري[11] كما سبق ذكره، و الذي أخذ به أيضا المشرع الموريتاني الذي نص على العمل بالمشهور من مذهب مالك في المادة 311 من المدونة الموريتانية " يرجع في تفسير مدلولات هذه المدونة عند الاشكال إلى مشهور مذهب مالك كلما ما لم ينص عليه في هذه المدونة"[12]، وهو أيضا توجه المشرع المغربي في المادة 400 من مدونة الأسرة ،ويمكن تفسير هذا الامر إلى الاختيار المذهبي لبعض الدول التي أعطت أفضلية للمذاهب الفقهية التي تتخذها كمرجعية فقهية في استنباط الأحكام وهو أمر مقبول .

وهناك من يرى أن هذا يشجع على التعصب للمذهب وان الشريعة الإسلامية عامة وليس هناك اختلاف في الدين وهذا ايضا كلام وجيه ،لكن هناك اختلافات فقهية في بعض المسائل التي لم ترد بها نصوص قطعية، وهي عديدة في مسائل الأحوال الشخصية وعلى سبيل المثال مسألة عدد الرضاعات لتحريم حيث جاء في المسألة على ثلاثة اقوال [13]:

قال الأحناف: نصف رضعة أو رضعة واحدة أما الظاهرية يقال يحرم من ثلاثة رضعات، وأخيرا قول الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة لابد من خمس رضعات مشبعات وهذا نموذج يعكس الاختلاف في النازلة الواحدة بين مختلف المذاهب ومن هذه المسائل عديدة، و الاختلافات قد تكون داخل المذهب الواحد.



[1]حليمة أيت حمودي، مكانة الشريعة الإسلامية من مصادر القانون الوضعي الجزائري، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية ،المجلد 38، العدد3،بتاريخ 15/09/2001، ص 124.

[2]راغب حنفي و راغب السرجاني، السيرة النبوية ، الجزء 46، كتاب رقمي منشور على موقع www islamweb.com أطلع عليه بتاريخ 1/10/2023، الساعة 10:45، ص 9.

[3]سور النمل الآية 89.

[4]المادة الأولى من القانون رقم 188 لسنة 1957، المتعلق بالأحوال الشخصية العراقي.

[5] المادة 222 من القانون رقم 09.05، المؤرخ في 25 ربيع الأول ، عام 1426ه الموافق 4 ماي 2005، المؤرخ في 22يونيو 2005، المتعلق بقانون الأسرة الجزائري.

[6]المادة الثانية منالقانون رقم 82 لسنة 2005 من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي.

[7]المادة الثالثة من القانون رقم 19 لسنة 2017 من قانون الأسرة البحريني

[8] قرار صادر عن المحكمة العليا الموريتانية ، رقم 08/2013،بتاريخ 18/02/2013، منشور على موقع المحكمة العليا الموريتانية.

[9]عواطف عبد المجيد، القصور في التشريع ، المجلة الأكاديمية العراقية، المجلد الثاني ، العدد الأول، سنة 2019 ،ص20.

[10]حيدر حسن الشمري و صفاء متعب فجة و وحيد طارق عزيز، مبدأ الإحالة على الفقه الاسلامي دراسة مقارنة في تشريعات الأسرة العربية، مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية ، المجلد 11، العدد الثاني بتاريخ 31 شتنبر 2020، ص14.

[11] حيدر حسن الشمري و صفاء متعب فجة و وحيد طارق عزيز، مرجع سابق، ص16.

[12] عبد المجيد باتنا، قاعدة الإحالة على الفقه المالكي في مدونة الأسرة ، الطبعة الأولى ، سنة 2022، ص74-75.

[13] محمد حسن عبد الغفار ، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء، الجزء 10، منشور على موقع الشبكة الإسلامية،بتاريخ 23/10/2023، الساعة 13:20. 


من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

قانونك



من أجل تحميل هذا العدد التاسع عشر - إضغط هنا أو أسفاه على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث