مبدأ اختصاص الجمعية العامة الاستثائية بتغيير النظام الأساسي للشركة في التشريع التونسي والموريتاني - الشيخ سيداتي أحمدو أحمد مولود

 



مبدأ اختصاص الجمعية العامة الاستثائية بتغيير النظام الأساسي للشركة في التشريع التونسي والموريتاني

The principle of the extraordinary general assembly is to change the company's bylaws in Tunisian and Mauritanian legislation

الشيخ سيداتي أحمدو أحمد مولود/ مدير مركز البحوث والدراسات بكلية الشريعة جامعة العلوم الإسلامية بلعيون - موريتانيا.

Chaikh SIDATY AHMADOU AHMED MOULOUD

 

تقوم شركة المساهمة أو خفية الاسم  حسب التسمية المستخدمة  على بناء هرمي تلعب فيه الجمعية العامة دور صاحب السلطة الذي تنبثق منها القرارات التي تحدد سياسة الشركة وأهدافه[1] وتعقد هذه الجمعية اجتماعات عادية وأخرى استثنائية[2]، لكن بعض القرارات لا يمكن اتخاذها إلا في ظل الجمعيات العامة الاستثنائية، حيث نص المشرع الموريتاني في المادة 485 من م ت على أنه: "لا يمكن تغير النظام الأساسي تغييرا يمس أي مقتضا من مقتضياته إلا من طرف الجمعية العامة الاستثنائية، ويعتبر كل شرط مخالف كألم يكن" وهو نفس التوجه الذي كرسه نظيره التونسي صلب الفصل 291 م.ش.ت  حيث نص على أنه " تختص الجلسة العامة الخارقة للعادة دون سواها بتنقيح العقد التأسيسي في جميع أحكامه ، و يعتبر لا غيا كل شرط مخالف لذلك ".

 ففي صورة تنقيح العقد التأسيسي لا يجوز لأي هيكل أن يختص بذلك سوى الجلسة العامة الخارقة للعادة حسب منطوق هذا الفصل ، ولمعرفة العناصر المكونة للنظام الأساسي أو للعقد التأسيسي كما يسميه  نلاحظ اختلافا بين الشركات حول هذه العناصر ضرورة أن العقد التأسيسي  أو النظام الأساسي حسب التسمية يتم إبرامه من قبل المؤسسين و يخضع بذلك للحرية التعاقدية في نطاق احترام القواعد القانونية الآمرة و منها ما احتوته المادة 206 من م ت[3]  والفصل 9 م.ش.ت الذي ينص على أنه " يجب أن تتضمن العقود التأسيسية للشركات شكل الشركة و تسميتها الاجتماعية و مقرها و موضوعها و مقدار رأس مالها و مدتها... " .

إذ أن هذه العناصر لا يمكن تعديلها أو تغييرها إلا بتنقيح العقد التأسيسي و لا يتم ذلك إلا عن طريق الجلسة العامة الخارقة للعادة، أو الجمعية العامة الاستثنائية حسب تعبير المشرع الموريتاني،  وانطلاقا من ذلك  أجمع الفقهاء[4]  على مبدا مفاده  أن الجلسة العامة الخارقة للعادة وحدها تختص بتغير النظام الأساسي دون غيرها الأمر الذي يقتضي التعرض لمميزات هذا المبدأ( المبحث الأول) التعرض لمقتضياته (المبحث الثاني) 

 المبحث الأول: مميزات المبدأ:

عندما نص الفصل 291 م.ش.ت والمادة 485 من م ت على أنه " لا يمكن تغير النظام الأساسي تغييرا يمس أي مقتضا من مقتضياته إلا من طرف الجمعية العامة الاستثنائية" بين الطابع الاقصائي الذي يكتسيه اختصاص هذه الجمعية في هذا المجال وأكدته الصبغة الآمرة لأحكام هذه المادة التي  نصت على أنه: "ويعتبر كل شرط مخالف كألم يكن" نظرا لمساسه بالنظام العام و هو نفس الموقف الذي اتخذه المشرع الفرنسي بالفصل 153 من قانون 24 جويلية 1966 في فقرته الأولى. 

و بهذا أسس المشرع الموريتاني والتونسي تأسيا بنظيرهما الفرنسي لسيادة الجمعية العامة الاستثنائية  ( المطلب الأول) ولعدم المساس بمبدأ سلطانها المطلق (المطلب الثاني).

المطلب الأول: سيادة الجمعية العامة الاستثنائية 

استنادا إلى مقتضيات الفصل 291 م.ش.ت. والمادة 485 من م ت الذين منحا اختصاص تنقيح النظام الأساسي للجمعية العامة الاستثنائية  يمكن القول أن لهذه الجمعية اختصاصا إقصائيا و لكن هذا القول لا يجب أن يخفي الطابع الاستثنائي لهذه الجمعية أو الجلسة حسب تعبير المشرع التونسي.

-1 اختصاص إقصائي :

قصر الفصل 291 م.ش.ت  والمادة 485 من ت م اختصاص تغير النظام الأساسي على الجمعية العامة الاستثنائية  دون سواها و هو ما يفهم من الصبغة الآمرة لهذا المادة  وذلك الفصل رغم وجود استثناء واحد على الأقل في القانون التونسي  لهذا الاختصاص الإقصائي الممنوح لهذه الجلسة العامة يهم تغيير المقر الاجتماعي للشركة باعتباره عنصرا وجوبيا  ضمن العقد التأسيسي كما نص على ذلك الفصل 9 م.ش.ت إذ أسند الفصل 230 م.ش.ت صلاحية تغيير المقر الاجتماعي للشركة لمجلس المراقبة و مصادقة الجلسة العامة العادية . فهل يعني ذلك أن مجلس المراقبة يقرر تغيير المقر الاجتماعي للشركة بمصادقة الجلسة العامة العادية ثم تقرر أول جلسة عامة خارقة للعادة تنقيح العقد التأسيسي و جعله متماشيا مع هذا التغيير ؟

طرح هذا الإشكال على وزير العدل الفرنسي[5] فيما يخص تغيير المقر الاجتماعي للشركة خفية الاسم إلى مقر آخر بنفس المحافظة أو بمحافظة مجاورة إذ أنه في هذه الحالة يسند الاختصاص لمجلس الإدارة طبقا للفصل 99 من قانون 1966 أو لمجلس المراقبة طبقا للفصل 125 من نفس القانون مع مصادقة الجلسة العامة العادية فأجاب السيد الوزير بأن الجلسة العامة الخارقة للعادة هي وحدها المختصة بتنقيح العقد التأسيسي و على هذا الأساس فإن إشهار تغيير المقر الاجتماعي للشركة لا يتم بإنعقاد هذه الجلسة.

لكن هذه الإجابة لقيت نقدا واسعا لدى الفقه الفرنسي [6] اعتبارا و أن الفصلين 99 و 125 من قانون 1966 تم سنهم لغاية تيسير اتخاذ قرار تغيير المقر الاجتماعي للشركة بما يعنيه من تتقيح للعقد التأسيسي و باعتماد هذا التأويل يصبح هذان الفصلان مفرغين من أي جدوى عملية. فلبلوغ الغاية التي ابتغاها المشرع من سن هذين الفصلين يكون من المنطقي أن يكون لمجلس الإدارة أو مجلس المراقبة صلاحية تنقيح العقد التأسيسي بصورة مادية وهي النتيجة الحتمية لاتخاذه قرار تغيير المقر الاجتماعي للشركة تطبيقا لما أسنده له المشرع من صلاحيات استثنائية في هذا الموضوع.

فقياسا لما أجمع عليه الفقهاء الفرنسيون يمكن القول أن لمجلس المراقبة صلاحية تنقيح العقد التأسيسي  في صورة  تغيير  المقر الاجتماعي  للشركة  تطبيقا  لمقتضيات  الفصل 230  م ش ت مع ضرورة مصادقة الجلسة العامة العادية على هذا التغيير . و يبقى للجلسة العامة الخارقة للعادة - في غير الصور التي يسند فيها القانون لغيرها صلاحية تنقيح العقد التأسيسي - إختصاصا إقصائيا فيما يخص تنقيح العقد التأسيسي .

2- اختصاص استثنائي :

رغم تعدد الاختصاصات الممنوحة للجمعية العامة الاستثنائية فإنها تبقى اختصاصات استثنائية حيث نصت المادة486 من م ت  على أنه " تتخذ الجمعية العامة العادية جميع القرارات إلا تلك التي تم تحديدها في المادة 485" كما نص الفصل 278 م ش ت في فقرته الأولى على أنه : " تتخذ الجلسة العامة العادية جميع القرارات عدا تلك المتعلقة بالمواضيع الواردة بالفصول من 291 إلى 295 و الفصلين 298 و 300 و الفصول من 307 إلى 310 من هذه المجلة ". فالجلسة العامة العادية لها اختصاص مبدئي باستثناء الفصول المذكورة  بالفصل 278 م.ش.ت و المتعلقة باختصاصات الجلسة العامة الخارقة للعادة.

و هذا الاختصاص الاستثنائي المسند للجلسة العامة الخارقة للعادة يعني أن هذه الجلسة لا يمكنها اتخاذ صلاحيات أخرى غير التي أسندها لها القانون سواء بمقتضى العقد التأسيسي أو حتى بإسناد الجلسة العامة العادية بعضا من صلاحياتها لها[7] .

فالجلسة العامة الخارقة للعادة لا يمكنها مبدئيا اتخاذ القرارات التي هي من اختصاص الجلسة العامة العادية عدا تلك المتعلقة بعزل مسيري الشركة إذ يرى عدد كبير من الفقهاء[8] أن الجلسة العامة الخارقة للعادة يمكنها المداولة حول عزل واحد أو أكثر من مسيري الشركة إذا اتضح أثناء انعقاد الجلسة أمور تستوجب ذلك.

المطلب الثاني: عدم المساس بالمبدأ :

لم تقتصر الفقرة الأولى من الفصل 291 م.ش.ت والمادة 485 من م ت على تركيز مبدا السلطان المطلق للجلسة العامة الخارقة للعادة بل أكدا على عدم المساس بهذا المبدأ من قبل مؤسسي الشركة خفية الاسم بتحجير إدراج كل شرط مخالف لذلك بالعقد التأسيسي. و ينتج عن عدم المساس بمبدأ السلطان المطلق للجمعيات العامة الاستثنائية  أن العقد التأسيسي أو النظام الأساسي حسب التسمية  لا يمكن أن يتضمن بنودا تقضي بحصر السلطات الممنوحة لهذه الجلسات و بالتالي لا يمكن مثلا إسناد اختصاص تنقيح النظام الأساسي  لهياكل التسيير أو للجلسة العامة العادية[9]

و لكن يمكن أن تقرر مثلا تنقيح العقد التأسيسي و توكل مهمة تنفيذها لأحد هياكل التسيير مثلا فالفصل 215 من قانون 1966 يعطي صلاحية إقرار التخفيض في رأس المال للجلسة العامة الخارقة للعادة و إمكانية تفويض هذه الأخيرة لسلطاتها لمجلس الإدارة أو لهيئة الإدارة الجماعية لغاية تنفيذ هذا القرار في القانون الفرنسي . أما فيما يخص التشريع التونسي فيمكن ذكر الفصل 294 م.ش.ت الذي يقضي أنه ":

 يمكن للجلسة العامة الخارقة للعادة أن تفوض لمجلس الإدارة أو هيئة الإدارة الجماعية السلطات اللازمة لغرض تحقيق الزيادة في رأس المال مرة أو عدة مرات مع تحديد طرق إجراء تلك الزيادة ومعاينة تحقيقها و تنقيح العقد التأسيسي بما يلائم ذلك "وهو نفس التوجه الذي كرسه المشرع الموريتاني في المادة 534 من م ت حيث نص على أنه "يخول للجمعية العامة غير العادية دون سواها اتخاذ قرار الزيادة في رأس المال بناء على تقرير مجلس الإدارة أو المديرين حسب الحالة ومفوضي الحسابات. ويبين هذا التقرير أسباب وطرق الزيادة المقترحة في رأس لمال.

غير أنه يمكن للجمعية العامة أن تفوض لمجلس الإدارة أو المديرين حسب الحالة الصلاحيات اللازمة من أجل إنجاز الزيادة في رأس المال دفعة واحدة أو عدة دفعات ..."

لذا فإن الجمعية العامة الاستثنائية هي وحدها التي تقرر تغيير النظام الأساسي و يمكن أن تفوض السلطات اللازمة لغاية تنفيذ هذا القرار لأحد هياكل التسيير بالشركة خفية الاسم و قد اعتبر فقه القضاء الفرنسي باطلا تنقيح العقد التأسيسي المحقق بدون إقراره من طرف الجلسة العامة الخارقة للعادة و لو تمت المصادقة على هذا التنقيح من لدن جميع المساهمين بصفة منفردة[10]. و بعد استعراض المميزات الخاصة بمبدأ السلطان المطلق للجمعية العامة الاستثنائية يتجه إبراز تطبيقات هذا المبدأ.

المبحث الثاني: تطبيقات المبدأ :

أسند المشرع الموريتاني بالمادة 485 من م ت والتونسي  بالفصل 291 م ش ت اختصاص تنقيح العقد التأسيسي للجلسة العامة الخارقة للعادة بدون التعرض لكل الحالات التي يمكن أن يمارس فيها هذا التنقيح و ذلك لترك مساحة من الحرية للمؤسسين حتى يدرجوا عناصر مختلفة في هذا العقد التأسيسي و لكن مع وجوبية أن تتضمن كل العقود التأسيسية شكل الشركة و تسميتها الاجتماعية و مقرها و موضوعها و مقدار رأس مالها و مدتها طبقا لما اقتضاه الفصل 9 م ش ت .



[1] محمد محبوبي، أساسيات في قانون الشركات التجارية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الأولى، السنة 2005، ص 207.

[2]  المادة  483 من م . ت. م (تكون الجمعيات العامة إما عادية أو استثنائية وتمثل مجموع المساهمين).

[3]  المادة 206  يجب تحت طائلة البطلان أن يؤرخ النظام الأساسي وأن يتضمن :

1-        اسم كل واحد من الشركاء الشخصي واسمه العائلي ومقره وإذا تعلق الأمر بشخص اعتباري تسميته وشكله وموطن؛

2-         شكل الشركة؛

3-        محلها؛

4-        تسميتها؛

5-        مقر الشركة؛

6-        مبلغ رأس مالها؛

7-        مشاركة كل واحد من الشركاء والتقييم الممنوح لها إن كانت مشاركة عينية؛

8-        عدد وقيمة الحصص والأسهم الممنوحة لكل شريك؛

9-        مدة استمرار الشركة؛

10-     الأسماء الشخصية والعائلة للشركاء أو للغير الذين يحق لهم التعهد باسم الشركة عند الاقتضاء؛

11-     توقيع جميع الشركاء أو وكلائهم؛

12-     كتابة الضبط المودع لديها النظام الأساسي.

[4] ) -  Philippe Nocquet «  Assemblées génèrales extraordinaires : pouvoirs ; principe d’omnipotence » juris-classeur   Sociétés, Fascicule 141 ; 1982.- Philippe  Merle « Droit commercial : sociétés commerciales » 5ème édition, précis Dalloz p487

[5]- Réponse ministérielle à M.Liot : Journal.officiel.Débats.sénat 12 octobre 1973 p1377.

[6] - Hemard,Terré et Mabilat « sociétés commerciales »  tome II ed 1974 n° 333.-Houin : Revue trimestrielle de Droit Commercial .1973 p827.

 

[7] -Philippe nocquet «  assemblées d’actionnairs » juris-classeur sociétés fascicule 141-1982-p5.

[8] -Mercadal et Janin «  Mémento pratique des sociétés commerciales » 12 ème édition ;fr.lefebvre n°1350

[9] -cass.civ.4 juin 1946 : 1947 ; I ;153 note Barbry ; J.C.P 47 ,II , 3518 obs Bastion.

[10] -Amiens 7 Mai 1963 Gazette du Palais 1963 , 2,246 ;DS 1974 .Som 46.






من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك


من أجل تحميل هذا العدد السابع عشر - إضغط هنا أو أسفاه على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث