مرتبة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في التشريع والقضاء المغربيين - الصديق كبوري

 مرتبة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في التشريع والقضاء المغربيين

The rank of international human rights instruments in Moroccan legislation and the judiciary

الصديق كبوري / حاصل على شهادة الإجازة في الفلسفة العامة من جامعة محمد بن عبد الله بفاس سنة 1988، حاصل على شهادة الإجازة في القانون العام بجامعة محمد الأول بوجدة سنة2012، حاصل على ماستر القانون العام الداخلي وإنتاج القواعد القانونية سنة 2018 وباحث في سلك الدكتوراه بمخبر حقوق الإنسان بجامعة محمد الأول بوجدة ( فوج 2018)./ أستاذ وفاعل جمعوي.

ASSADIQ Kabouri




ملخص

تعتبر الدولة المغربية عضوا بالمنتظم الدولي، وعلى هذا الأساس صادقت على العديد من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتزمت بإعمال مضامينها، كما عملت على ملاءمة المواثيق المصادق عليها مع التشريعات الداخلية، وأمام غموض مكانة المواثيق الدولية تطرح إشكاليات حقيقية سواء على المستوى التشريعي أو القضائي وهو ما أفرز أراء متضاربة.

الكلمات المفتاحية

المواثيق الدولية، المصادقة، السمو، الملاءمة، التراتبية التشريعية

 

Summary in English :

The Moroccan state is considered a member of the international system, and on this basis it has ratified many international human rights covenants and committed themselves to implementing their contents. conflicting opinions.

key words

International conventions, ratification, supremacy, relevance, legislative hierarchy

 

Résumé en français :

L'État marocain est considéré comme un membre du système international et, sur cette base, il a ratifié de nombreux pactes internationaux relatifs aux droits de l'homme et s'est engagé à en mettre en œuvre le contenu. avis contradictoires.

mots clés

Conventions internationales, ratification, suprématie, pertinence, hiérarchie législative

 

 

تقديم:

درج بعض أعلام الفقه الدستوري على الحديث عما يسمى "بالكتلة الدستورية" أو "المجال الدستوري" وهو ما يعني في نظر هؤلاء أن القواعد القانونية ليست واحدة من حيث الدرجة، فبعض القواعد القانونية تتمتع بقوة إلزامية أعلى مما تتمتع به بعض القواعد القانونية الأخرى. ذلك لأن النظام القانوني ليس نسقا منسجما ومتناغما من القواعد القانونية التي توضع في نفس المرتبة، بل هو صرح أو بناء من عدة طوابق الواحد فوق الآخر، إنه هرم أو مدرج من عدة طبقات من القواعد القانونية كما اكد الفيلسوف والفقيه القانوني هانس كالسن(Hans kelsen)[1].

وتجدر الإشارة إلى أن الدولة المغربية وهي العضو الرسمي بالمنتظم الدولي صادقت على العديد من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الملزمة وغير الملزمة، العامة والخاصة، الفردية والجماعية. وتلتزم بتقديم تقارير دورية أمام اللجان التعاهدية والاستعراض الدوري الشامل انسجاما مع هذه الالتزامات الدولية، ومع انخراطها في منظومة حقوق الإنسان.

بيد أن الإشكال الذي أصبح يثار يتعلق بمكانة ومرتبة المواثيـــق الدولية لحقوق الإنسان ضمن الهرم التشريعي المغربي، خاصة أمام لبــــس وغموض مفهوم" السمو" في الوثيقة الدستورية حسب البعض.  فعقب صدور دستور 2011 احتدم النقاش من جديد ـ وهو نقاش صحي وخصب وغني ـ حول مكانة الاتفاقيات الدولية في تراتبيــــة التشريع المغربي. وقد أفرز هذا النقاش الخصب والغني اراء متباينة، خاصة أمام انعدام النص القانوني الصريح الذي يحدد مرتبة الاتفاقيات الدولية في الهرم التشريعي.

فما المقصود بسمو الاتفاقيات الدولية؟ وهل الاتفاقيات الدولية هو سمو بأطلاق أو سمو مقيد ببعض الشروط؟ وماهي مظاهر وحـــــدود التزام التشريع والقضاء المغربـــين بمبدأ سمو الاتفاقيات الدولية؟

تبعا لهذا المستوى من التحليل، بودنا أن نتساءل عن مكانة الاتفاقيات الدولية في الدستور المغربي (فرع أول) وفي القانون الداخلي والعمل القضائي (فرع ثان).

الفرع الأول: مرتبة الاتفاقيات الدولية في الدستور المغربي

تعتبر العلاقة بين الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي من الإشكاليات العويصة التي أثارت نقاشا فقهيا خصبا وعميقا بين أنصار نظرية ثنائية القانون التي مفادها استقلال القانون الداخلي عن القانون الدولي، ونظرية وحدة القانون التي ترتكز على غياب الفواصل والحدود بين القانون الدولي والقانون الوطني باعتبارهما ينتميان لكتلة واحدة[2].

ورغم أن هذا النقاش بين النظريتين أصبح متجاوزا من الناحية العملية[3]، فإنه لا يزال يفرض نفسه وبكل ملحاحية على المستوى الوطني نظرا لراهنيته، خاصة وأن العلاقة بين الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي ولحد الآن لازالت تفتقد إلى الوضوح والدقة المطلوبين، فرغم أن الدستور أقر بشكل واضح لا لبس فيه مسألة سمو المواثيق الدولية عن القوانين الوطنية وفقا لشروط محددة، فلا زال الإشكال مطروحا على مستوى العمل القضائي مما يستلزم التنزيل السليم لمقتضيات الدستور.

 وعليه، ولمقاربة هذا الموضوع، سنتناول وضع الاتفاقيات الدولية في الدساتير المغربية قبل 2011 (فقرة أولى) وفي دستور 2011 (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: مكانة الاتفاقيات الدولية في الدساتير المغربية قبل 2011

من الواضح أن المملكة المغربية ومنذ الاستقلال سنة 1956، اندمجت في الدينامية الدولية، وحرصت على الوفاء بتعهداتها والتزاماتها وصادقت على أهم الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، وهو اختيار لم يكن نتاجا للتحولات الدولية فحسب، بل يدخل ضمن مشروع مواصلة بناء دولة القانون وصيانة كرامة الإنسان كمقومات للدولة الحديثة المتفاعلة مع عصرها والمتجاوبة مع طموحات أبناء الوطن[4]. ومع بداية السبعينيات من القرن الماضي سيشهد المغرب دينامية جديدة بغية استكمال دولة الحق والقانون وترسيخ أسس الديمقراطية الحقة نجم عنها فتح ورش كبير لتحيين الترسانة القانونية الوطنية على اختلاف أنواعها ودرجاتها لتتلاءم مع التطورات التي كان العالم مسرحا لها في ميدان حقوق الإنسان[5].

لقد أعطى المغرب أهمية قصوى للمعاهدات والاتفاقيات الدولية وذلك بالتنصيص عليها والالتزام بما تقتضيه من حقوق وواجبات وإن كان هذا الالتزام ليس بشكل مطلق بل فقط بالاتفاقيات التي التزم بمقتضياتها بالقبول والمصادقة.

لكن، بغوصنا وتمحيصنا في مختلف الدساتير المغربية قبل 2011 وهي دساتير 1962؛1970؛1972؛1992و1996 فإننا لا نجد فصلا صريحا يعطي للمعاهدات المصادق عليها قوة قانونية تعلو على القوانين الداخلية[6]. كما لا نجد مقتضيات صريحة تحدد معالم العلاقة بين المواثيق الدولية والقانون الداخلي[7]، فلقد تماثلت الدساتير المغربية الخمسة إلى غاية 1996 من حيث تنصيصها في الفصل 31 بنفس الصيغة والعبارات والمضامين، وهو فصل سيشمل كل الاختصاصات والصلاحيات في ميدان الشؤون الخارجية للمملكة. وفيما يخص الاتفاقيات الدولية[8] فقد نص الفصل 31 على:

"يعتمد الملك السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، ولديه يعتمد السفراء وممثلو المنظمات الدولية.

 يوقع الملك المعاهدات ويصادق عليها غير أنه لا يصادق عل المعاهدات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة إلا بعد الموافقة عليها بقانون.

تقع المصادقة على المعاهدات التي يمكن أن تكون غير متفقة مع نصوص الدستور بإتباع المسطرة المنصوص عليها فيما يرجع لتعديله".

إن هذا الفصل لا يتضمن ما يفيد وبشكل صريح بأن الاتفاقيات الدولية تعلو على القوانين الداخلية، بل يكتفي بالتركيز على مبدأ توقيع الملك على المعاهدات وربط توقيع المعاهدات التي تترتب عنها تكاليف مالية بموافقة البرلمان وإخضاع المعاهدات غير المتفقة مع نصوص الدستور للمسطرة المتبعة لمراجعته[9].

إن تفسير الفصل 31 من الدساتير المغربية قبل 2011 أدى إلى ميلاد إشكالية مرتبة المعاهدات الدولية في النظام القانوني المغربي وهي الإشكالية التي أفرزت رأيين مختلفين الى درجة التناقض:

الرأي الأول: يتبنى هذا الرأي[10] أولوية المرجعية الدولية لحقوق الإنسان وسموها على التشريع الداخلي، ويدعو إلى ضرورة ملاءمة التشريعات الوطنية مع كل الاتفاقيات والمعاهدات ورفع التحفظات على هذه الاتفاقيات على اعتبار أن التحفظات تفرغ الاتفاقيات من محتواها[11].

ومن الحجج التي يوردها أنصار هذا الرأي:

§       أن الدساتير المغربية الخمسة قبل 2011 وإن لم تنص بشكل صريح على سمو المعاهدات الدولية على القوانين الوطنية، فابتداء من دستور1992 سيخضع الدستور لتعديل على مستوى التصدير حيث سيتم التنصيص على ما يفيد التزام المغرب بالمعاهدات والمواثيق الدولية، باعتبار عضويته في المنظمات الدولية وما تقتضيه العضوية من تشبث بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا[12]؛

§       مصادقة المغرب على ميثاق الأمم المتحدة الذي يلزم الدول الأعضاء باحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي[13]؛

§       مصادقة المغرب على اتفاقية فيينا[14]، حيث تنص المادتان 26 و27 منها على إلزامية المعاهدات للأطراف الموقعة عليها وعدم التذرع بالقانون الداخلي للتنصل من تنفيذ المعاهدات التي تمت المصادقة عليها؛

§       ترجيح المعاهدات الدولية على القانون الداخلي على مستوى العديد من التشريعات والاجتهادات القضائية وهو ما سنتطرق له بالتفصيل في موضع لاحق.

حصيلة القول، إن هذا الرأي وإن تعددت المشارب والتيارات الفكرية التي تتبناه، فإنه يجتمع حول قاسم بنيوي مشترك وهو أولوية وأسبقية المرجعية الكونية على القوانين الوطنية[15].

الرأي الثاني: يذهب أنصار هذا الرأي إلى عدم رجحان المعاهدات الدولية على القوانين الوطنية، وينادون بضرورة الانفتاح على المواثيق الدولية بشكل نسبي يضمن الحفاظ والدفاع عن السيادة الوطنية، والاحتكام إلى المرجعية الإسلامية باعتبار الإسلام هو دين الدولة، وأن هذه الأخيرة تضمن لكل واحد ممارسة حرية الشؤون الدينية، فالاتفاقيات الدولية مقبولة مادامت لا تتعارض مع الثوابت وتراعي الخصوصيات الوطنية والتاريخية والحضارية للمغرب.

فالمرجعية بالنسبة للحق في الفكر الغربي هي مرجعية فلسفية وسياسية واجتماعية، بينما المرجعية بالنسبة للحق في الفكر الإسلامي هي مرجعية عقدية ودينية شاملة[16]. وفي نظر البعض، لا يوجد أدنى تعارض بين المرجعتين، فالشريعة الإسلامية ليست فقط غير متعارضة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإنما تكتنز قوة اقتراحية من شأنها إغناؤه وتزويده بآليات التفعيل والإجراء[17] لكونه رسالة عالمية تختزن قواعد تدبيرية للمشترك الإنساني وتستمد وصف العالمية من نسقية النص القرآني[18].

الفقرة الثانية: مرتبة الاتفاقيات الدولية في دستور 2011

لا أحد أصبح يجادل في كون دستور 2011 أقر بشكل واضح سمو الاتفاقيات ورفع من شأنها وجعلها جزء من القانون الداخلي واجب التطبيق، فالاتفاقيات الدولية أصبحت تسمو على القوانين الوطنية (أولا) إلا أن هذا السمو مقيد بجملة من الشروط(ثانيا).

أولا: سمو الاتفاقيات الدولية في دستور 2011

     نص دستور 2011 في تصديره على تعهد المغرب بالالتزام بما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات وتشبثه بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا وهو الالتزام الذي تضمنته كل الدساتير السابقة لكن بشكل أعمق انطلاقا من دستور 1992.

يضاف إلى هذا المعطى كون الديباجة أكدت على الالتزام بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرهما مع مراعاة الطابع الكوني والشمولي لتلك الحقوق، أي تمتع جميع المغاربة بها بدون تمييز وعدم قابليتها للتجزئة وبذلك تكون الدولة قد عملت على دسترة أهم مبدأين واللذان يعتبران عصب حقوق الإنسان وحجر الزاوية فيها، وهما مبدآ الكونية والشمولية.

بيد أن أهم مقتضى في تصدير الدستور الجديد والتي أصبحت جزء لا يتجزأ من الدستور وحسمت نقاشا عمر لعقود هو "جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة "، ناهيك عن تضمن الفصل 19 والفصل 55 لمقتضيات مماثلة.

فالفصل 19 نص على احترام حقوق المرأة التي تمت المصادقة عليها لكن في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة، أما الفصل 55 فهو يخضع بعض المعاهدات إلى موافقة البرلمان قبل المصادقة عليها من طرف الملك، كما ينص نفس الفصل في الفقرة الرابعة على أنه "إذا صرحت المحكمة الدستورية، إثر إحالة الملك، أو رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو سدس أعضاء المجلس الأول، أو ربع أعضاء المجلس الثاني، الأمر إليها، أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور، فإن المصادقة على هذا الالتزام لا تقع إلا بعد مراجعة الدستور".

إننا نسجل أن هذه المستجدات وإن كانت قد حسمت في شأن تردد الدساتير السابقة بخصوص مرتبة الاتفاقيات الدولية في الهرم التشريعي، فإنها لم تحدد بدقة وضعية الاتفاقيات الدولية.   فالدستور الجديد الذي أقر بسمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية يحتاج إلى التنزيل، فتصدير الدستور يوحي بأن المدى الذي يرسمه لحقوق الإنسان هو المدى المتعارف عليه عالميا والذي لا يقبل التجزيء، لكنه يرسم عمليا مدى أضيق حينما يشترط أن لا تتعارض هذه الحقوق مع الهوية الوطنية الراسخة[19].

ثانيا: الشروط المقيدة لمبدأ سمو الاتفاقيات الدولية

وضع المشرع الدستوري المغربي شروطا صارمة للاعتراف بسمو الاتفاقيات الدولية وإدماجها في القوانين الوطنية عبر الملاءمة والمطابقة والتقريب[20]،  ومن خلال الفقرة الواردة في التصدير والمومأ إليها في الفقرة السابقة يمكن استنباط أربعة شروط وهي:

- شرط التصديق على الاتفاقيات الدولية؛

- شرط نشر الاتفاقيات الدولية؛

- شرط ملاءمة التشريعات مع الاتفاقيات الدولية؛

- شرط احترام الخصوصية المغربية.

1: شرط التصديق على الاتفاقيات الدولية

من الناحية الاصطلاحية فالفعل "صدق" يعني وافق على Approuver[21] والتصديق هو القبول الرسمي والنهائي بأحكام المعاهدات والاتفاقيات قبل دخولها حيز النفاذ، والحكمة من تعليق نفاذ المعاهدة على شرط التصديق هو إعطاء فرصة أخيرة لإعادة النظر في أحكام المعاهدة قبل نفاذها نهائيا.

واستنادا إلى اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات المصادق عليها من طرف الدولة المغربية، فالمشرع وضع مسطرة خاصة بإجراءات التصديق (الفصل 55 من الدستور) وأسند للمحكمة الدستورية مهمة مراقبة دستورية الاتفاقيات الدولية وعدم المصادقة على أي التزام دولي مخالف للدستور[22]. فالمحكمة الدستورية طبقا للمادة 25 من القانون التنظيمي المتعلق بها[23]، تبت في مطابقة الالتزامات الدولية للدستور بعد الإحالة عليها في غضون 30 يوما تحتسب ابتداء من تاريخ الإحالة، أو في غضون 8 أيام في حالة الاستعجال بطلب من الحكومة.

وتجدر الإشارة إلى أن التوقيع على الاتفاقيات والانضمام إليها أو التصديق عليها ليس عملا شكليا أو مدعاة للتفاخر والتباهي في المحافل الدولية، بل هو قناعة بمبادئ الاتفاقية، وقبول عن طواعية بالقوة الإلزامية للاتفاقية التي أزاحت ما كانت تحتمي به الدول من مفهوم ضيق للسيادة [24].

2: شرط النشر

عرف بعض الفقه النشر بأنه إتباع الإدارة للشكليات المقررة ليعلم الجمهور بالقرار وهو يروم تحقيق هدف الولوج إلى القرار أو القانون أو المعلومة بشكل عام.  وفي مجال القانون، فالنشر هو إجراء يروم إيصال القانون للفئة التي يستهدفها القانون نفسه. بيد أن وسائل إشهار القوانين تختلف من قانون لآخر، فبعض القوانين تحدد بدقة الوسائل الملائمة لنشرها، في مقابل ذلك هناك نصوص قانونية تؤكد على ضرورة النشر دون تحديد طرقه ووسائله [25].

لقد أورد المشرع الدستوري شرط النشر انسجاما مع مسطرة التشريع المعتمدة والمتبناة، فكل مقتضى وارد في الاتفاقيات الدولية يجب أن يخضع لمقتضيات الفصل 55 من دستور 2011 على اعتبار أن تلك المعاهدات أو الاتفاقيات يستلزم تطبيقها تدابير تشريعية وأن المصادقة رهينة بالمسطرة والإجراءات المتبعة في إصدار القانون والتي من أهمها عملية النشر في الجريدة الرسمية كما هو مؤكد في الفصل 50 من الدستور[26].



[1] Hans kelsen, Tthéorie pure de droit , traduit par Charles Eisenmann, Paris, Dalloz, 1962, p.299.

[2]- عبد العزيز لعروسي، التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان: ملاءمات قانونية ودستورية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة "مواضيع الساعة" عدد87، الطبعة الأولى، 2014، ص. 43.

[3]  الحسن الوزاني الشاهدي، "الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي المغربي: مجال حقوق الإنسان"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 48-49، يناير- أبريل 2003، ص. 101.

[4]  محمد أوجار، كلمة في افتتاح ندوة الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي من خلال الاجتهادات القضائية، منشورات مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان، وزارة حقوق الإنسان، مطبعة فضالة، المحمدية، الطبعة الأولى، 2002، ص. 8.

[5] حميد اربيعي، "حماية حقوق الإنسان بالمغرب بين النص القانوني والاجتهاد القضائي الإداري"َ، ضمن تطور القضاء الإداري بالمغرب على ضوء إحداث محاكم الاستئناف الإدارية ،المجلة المغرية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة عدد 55، الطبعة الأولى، 2007، ص. 109.

[6]   الحسن الوزاني الشاهدي، "الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي المغربي: مجال حقوق الإنسان"، ضمن ندوة الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي من خلال الاجتهادات القضائية، مرجع سابق، ص. 104.

[7]  السعدية بلمير،" الاتفاقيات الدولية والأحوال الشخصية من خلال الاجتهادات القضائية"، ضمن الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي من خلال الاجتهادات القضائية، نفس المرجع السابق، ص. 175.

[8]  ادريسي مولاي هشام، "المعاهدات الدولية: قراءة في الفصل 31 من الدستور المغربي"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد67،66، ينايرـ أبريل، 2006، ص.67.

[9]  السعدية بلمير، " الاتفاقيات الدولية والأحوال الشخصية من خلال الاجتهادات القضائية "، المرجع السابق، ص. 176.

[10]  يتبنى هذا الرأي المفكر المغربي محمد عابد الجابري ومحمد سبيلا وآخرون كما تتبناه بعض الجمعيات الحقوقية كالجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان.

[11]  عادلة الوردي، "مكانة الاتفاقيات الدولية في الدستور المغربي"، مجلة الحقوق، عدد خاص حول دستور 2011، سلسلة الأعداد الخاصة، العدد 5، مطبعة المعارف، الرباط، 2012، ص. 184.

[12] - ظهير شريف رقم 1.92.135 صادر في 11 من ربيع الآخرة 1413 (9 أكتوبر 1992) بتنفيذ نص مراجعة الدستور، جريدة رسمية، عدد 4172 بتاريخ 14 ربيع الآخرة 1413(14 أكتوبر 1992)، ص. 1247.

[13]  ميثاق الأمم المتحد تم توقيعه في 26 يونيو 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة وأصبح نافذا في 24 أكتوبر 1945 للاطلاع على الميثاق يمكن زيارة الرابط: www.un.org/ar/charter-united-nations/

[14]  ظهير شريف رقم 1.83.188 صادر في 11 من ربيع الأول 1407 (14 نوفمبر 1986) بنشر اتفاقية فيينا لخلافة الدول في المعاهدات الموقعة بفيينا يوم 23 غشت 1978، جريدة رسمية، عدد 3949 بتاريخ 30 شوال 1408 ( 15 يونيو 1988 ). ص.555.

[15]  محمد سبيلا، الأسس الفكرية لثقافة حقوق الإنسان، المركز الثقافي العربي، الطبعة الاولى ،2010، ص108.

[16]  محمد الكتاني: "حقوق الإنسان بين الكونية والخصوصية"، مجلة الإحياء، الرابطة المحمدية للعلماء، العددان 41-42، دجنبر 2014، ص.136.

[17]  أحمد عبادي، "حقوق الإنسان مقصدا من مقاصد الشريعة،" مجلة الإحياء، الرابطة المحمدية للعلماء، العددان41ـ42، دجنبر2014، ص. 132.

[18] - عبد الرحمان العضراوي،"عالمية الاسلام وعالمية حقوق الإنسان"، مجلة الإحياء، الرابطة المحمدية للعلماء، العدد41ـ42، دجنبر2014، ص. 244.

[19] - الشريف تيشيت،" الحقوق والحريات الأساسية في ظل دستور 2011"، مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، عدد 39-40، 2016، ص. 61.

[20] - أحمد أدريوش، "الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الداخلي تأملات حول إشكالية المطابقة الملاءمة التقريب"، ضمن الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي من خلال الاجتهادات القضائية، المرجع السابق، ص. 104.

[21] - عبد الغني أبو العزم، معجم حقوق الإنسان والقانون الدولي، منشورات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الرباط، 2009، ص. 42.

[22]-  كلمة مصطفى الرميد وزير العدل والحريات أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين بمناسبة مناقشة القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، ضمن القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، سلسلة تشريع القوانين، الكتاب الأول، المؤسسة الحديثة للكتاب لبنان، طرابلس،2015، ص. 82.

[23] - ظهير شريف رقم 1.14.139 صادر في 16 شوال1435(13أغسطس 2014) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، جريدة رسمية، عدد8288،8 ذو القعدة 1435(4شتنبر2014)،ص.6661.

[24] - محمد ليديدي، "سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الداخلي" ضمن الاتفاقيات الدولية والقانون الداخلي من خلال الاجتهادات القضائية، المرجع السابق، ص. 225.

[25]- يحي حلوي، الوجيز في القرار الإداري، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2015، ص.82.

[26] - عبد الحكيم الحكماوي، "قراءة في ملامح المحاكمة العادلة في ضوء أحكام الاتفاقيات الدولية والدستور المغربي لسنة2011"، مجلة القضاء والقانون، عدد 161، 2012، ص. 94.



من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك


من أجل تحميل هذا العدد الرابع عشر - إضغط هنا أو أسفاه على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث