القوى الحيوية للدولة و أزمة كوفيد 19 بالمغرب قراءة في سياقات ومآلات الجائحة - طارق الناصري

القوى الحيوية للدولة و أزمة كوفيد 19 بالمغرب

 قراءة في سياقات ومآلات الجائحة

The vital forces of the state and the Covid-19 crisis in Morocco, a reading in the contexts and consequences of the pandemic

طارق الناصري / باحث بسلك الدكتوراه، تخصص القانون العام والعلوم السياسية، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والسياسية سطات.

TARIQ El nassiri




ملخص

من خلال هذه الدراسة سنقوم بقراءة في سياقات ومآلات الجائحة التي عرفها المغرب والعالم، وسيتم التطرق لدور القوى الحية للدولة المغربية في مواجهة الأزمات وتدبيرها خاصة في ظل جائحة كورونا وارتكزت استجابة المغرب على إنشاء صندوق خاص، بمبادرة من جلالة الملك محمد السادس، خصصت له عشرة ملايير درهم، بهدف مواجهة تداعيات كورونا. وقد تم، إلى غاية 9 أبريل المنصرم، جمع ما يقرب من 34 مليار درهم من المساهمات قدمتها مؤسسات عمومية وخاصة، فضلا عن المبادرات الشخصية للمواطنين، وبتاريخ 22 مارس ولمواجهة جائحة كورونا، قرر الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، بتكليف الطب العسكري بمواجهة جائحة كوفيد 19، ويندرج هذا القرار في إطار الدينامية التي ما فتئت المؤسسة العسكرية المغربية في الانخراط فيها منذ تأسيسها، ولا أدل  على ذلك زلزال أڭادير سنة 1961 ، وزلزال الحسيمة 2004، ناهيك عن المستشفيات الميدانية المقامة منذ 2009 في الأقاليم الجبلية لمواجهة آثار البرد، شتاء كل سنة، كل هذه الإجراءات تندرج في إطار منظومة للعلاقات المدنية - العسكرية مبنية على مبدأ اقتسام المسؤولية، وفهم الحاجة إلى التعاون و الحوار بين مختلف الأجهزة و الوكالات المعنية فيما يخص الأمن الصحي ودعم التأهب والتدخل الإستباقي.

  كما أننا بحاجة إلى مقاربة تتجاوز ما هو قطاعي/مرفقي، إلى تبني الأمن الإنساني، لعلها تكون المدخل المناسب للتعاطي مع الفيروسات والأمراض الوبائية باعتبارها تهديدات للأمن الإنساني. هذا المفهوم الذي يعتبر الصحة من أبرز مجالاته، وعلى اعتبار أن الأمن الصحي بإمكانه أن يوفر ولو الحد الأدنى من الحماية من الأمراض الفتاكة، وتقليص مخاطر الظروف غير الصحية التي قد تساعد في تفشي الأوبئة. إن التغلب على الأوبئة والفيروسات الفتاكة يقتضي التركيز على أمن الناس قبل أي شيء آخر، وتحريرهم من الفقر والخوف والجهل، والتي تعد، دون أدنى شك، سببا في تفشي وإنتشار الكثير من الأمراض المعدية.

 

 

 

Summary in English :

Through this study, we will read about the contexts and consequences of the pandemic that Morocco and the world knew, and the role of the living forces of the Moroccan state in facing and managing crises, especially in light of the Corona pandemic, will be addressed. dirhams, with the aim of facing the repercussions of Corona. As of April 9, nearly 34 billion dirhams have been collected from contributions made by public and private institutions, as well as personal initiatives by citizens. On March 22, in order to confront the Corona pandemic, King Mohammed VI, Supreme Commander and Chief of General Staff of the Royal Armed Forces, decided Assigning military medicine to confront the Covid-19 pandemic, and this decision falls within the framework of the dynamic that the Moroccan military has been engaging in since its establishment, and the Agadir earthquake in 1961, and the Al Hoceima earthquake in 2004, not to mention the field hospitals established since 2009 in the mountainous regions to confront The effects of cold, every winter, all of these measures fall within the framework of a civil-military relations system based on the principle of sharing responsibility, understanding the need for cooperation and dialogue between the various agencies and agencies concerned with regard to health security, support for preparedness and proactive intervention.

We also need an approach that goes beyond what is sectoral / facility, to adopting human security, so that it may be the appropriate approach to dealing with viruses and epidemic diseases as threats to human security. This concept, which considers health as one of its most prominent fields, and given that health security can provide even the minimum protection from deadly diseases, and reduce the risks of unhealthy conditions that may help in the spread of epidemics. Overcoming epidemics and deadly viruses requires focusing on the security of people before anything else, and liberating them from poverty, fear and ignorance, which, without any doubt, are the cause of the spread and spread of many infectious diseases.

                                                                                                                                             

Résumé en français :

A travers cette étude, nous lirons sur les contextes et les conséquences de la pandémie que le Maroc et le monde ont connus, et le rôle des forces vives de l'Etat marocain dans l'affrontement et la gestion des crises, notamment à la lumière de la pandémie de Corona, sera abordé . dirhams, dans le but de faire face aux répercussions de Corona. Au 9 avril, près de 34 milliards de dirhams ont été collectés grâce aux contributions des institutions publiques et privées, ainsi qu'aux initiatives personnelles des citoyens.Le 22 mars, afin de faire face à la pandémie du Corona, le Roi Mohammed VI, Commandant Suprême et Chef de L'Etat-Major des Forces Armées Royales, a décidé d'affecter la médecine militaire pour faire face à la pandémie de Covid-19, et cette décision s'inscrit dans le cadre de la dynamique dans laquelle s'est engagée l'armée marocaine depuis sa création, et le tremblement de terre d'Agadir en 1961, et le tremblement de terre d'Al Hoceima en 2004, sans oublier les hôpitaux de campagne implantés depuis 2009 dans les régions montagneuses pour affronter les effets du froid, chaque hiver, toutes ces mesures s'inscrivent dans le cadre d'un système de relations civilo-militaires basé sur le principe de le partage des responsabilités, la compréhension de la nécessité d'une coopération et d'un dialogue entre les différentes agences et agences concernées en matière de sécurité sanitaire, le soutien à la préparation et l'intervention proactive.

Nous avons également besoin d'une approche qui va au-delà de ce qui est sectoriel / établissement, pour adopter la sécurité humaine, afin qu'elle puisse être l'approche appropriée pour traiter les virus et les maladies épidémiques en tant que menaces pour la sécurité humaine. Ce concept, qui considère la santé comme l'un de ses domaines les plus importants, et étant donné que la sécurité sanitaire peut fournir même la protection minimale contre les maladies mortelles et réduire les risques de conditions malsaines qui peuvent contribuer à la propagation des épidémies. Vaincre les épidémies et les virus mortels nécessite de se concentrer avant tout sur la sécurité des personnes et de les libérer de la pauvreté, de la peur et de l'ignorance, qui sont sans aucun doute à l'origine de la propagation et de la propagation de nombreuses maladies infectieuses. 

  مقدمة:

  الأمن هو مجموعة من الوظائف والمهام الرامية إلى حماية الأشخاص والممتلكات والحريات والمجتمع والدولة. كما أن الأمن هو مجموعة من الموارد البشرية والوسائل والأدوات التي يتم تسخيرها من أجل أهداف مسطرة طبقا لقوانين الدولة، ننعتها عادة بالأجهزة. وهي أجهزة الدولة التي يوكل إليها السهر على حماية الأشخاص وممتلكاتهم ومؤسسات الدولة، واستقرار البلاد بصفة عامة، وتدخل في هذا الإطار القوات المسلحة الملكية، والمديرية العامة للدراسات والمستندات، وإدارة الجمارك، والمديرية العامة للأمن الوطني، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، ووزارة الداخلية بمصالحها اللاممركزة.

  كما أن هناك أيضا قطاعات أخرى تعنى بمجال الأمن، ولها اختصاصات أكثر شمولية؛ بحيث تهدف إلى المحافظة على الأمن الصحي، والروحي، والإقتصادي، وهي أجهزة تشمل مجموع القطاعات الوزارية تقريبا، كوزارة الصحة، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزارة الإقتصاد والمالية، وزارة التربية الوطنية، وما شابه ذلك.

  ومع ذلك، يمكن القول بأن مهام السلطات الأمنية الحالية تسير نحو التغيير وتبحث دوما وباستمرار على الوسائل الأنجع لمواجهة التحديات التي يفرضها تغير المجتمع وتحولاته؛ لاسيما مع جائحة كوفيد 19 أن مهام الأجهزة الأمنية لم تعد تنحصر في المهام الأمنية بالمعنى الضيق، بل بدأنا نلاحظ أنها تتحول بالتدريج نحو مهام جديدة لتصبح وسيلة حقيقية لتطبيق سياسات الدولة في ما يخص الأمن العام (تعدد الجرائم، الإضرابات، احتقانات، حماية بالمواقع الإستراتيجية، إلخ...)، وفي ميادين أخرى كالمجال الإنساني، والرعاية الاجتماعية، والعدل، والصحة في ما يتعلق بالأمراض النفسية، والبيئة، والاقتصاد، والكوارث الطبيعية، والبناء العشوائي، والنقل، والسياحة وتكنولوجيا المعلومات، وما شابه ذلك.

في سياقنا الراهن، و في ظل تراجع القدرة التفسيرية للمفهوم التقليدي لقوة الدولة، يبدو مفهوم "القوة الحيوية" أقدر على تحليل معايير القوة، حيث حفظ الحياة هي الغاية، و الدينامية هي المقاربة، والبعد البيولوجي هو الأبرز، بحيث إتخذت الدولة المغربية مجموعة من التدابير و القرارات المسندة بمبادئ التضامن الوطني و الرغبة في الإنعتاق من مخالب جائحة كوفيد 19، لا سيما في أجواء مناخ الثقة بين مختلف مكونات الأمة المغربية وراء القيادة الحكيمة للملك محمد السادس. 

  وعلى الرغم من أن أزمة  كوفيد 19 تمثل تحديا مصيريا للبشرية جمعاء، تلوح في الأفق إمكانية إستثمار الجائحة بطريقة براغماتية على صعيد القطر المغربي بما يسهم في إنبثاق نموذج مغربي قوي و حيوي في الآن نفسه، وفي هذا الصدد، يعتبر مفهوم القوة من المفاهيم المركزية في العلوم السياسية، و مع جائحة كوفيد 19 تبني المغرب مقترب "القوة الحيوية" للحد من آثارها المدمرة على الدولة و المجتمع، لدرجة أصبحت معه المملكة نموذجا يحتذى بها في فن إدارة الأزمات.

  على أن الإشكالية المركزية التي تطرحها سيناريوهات قدرة الدولة المغربية على تدبير أزمة كوفيد 19 بإستنفار جميع قواها الحيوية من أجل تحقيق الأمن الصحي لكل أفراد المجموعة الوطنية الشاملة، كعنوان لأصالة و معاصرة و تفرد الإنسية المغربية، فإلى أي نموذج شامل سيتجه بر الأمان الوطني بعد جائحة كورونا؟ 

و بما أن موضوع القوى الحيوية للدولة في ظرفية متغيرة، يعتمل في ثناياه تعقيدات مركبة، فإن مناهج الدراسة الأكثر ملائمة على فهم التحولات الحالية و كذا سبر أغوار المستقبل هو المنهج التحليلي، مع الإنفتاح على المنهج الإستنباطي، في محاولة لفهم كنه الوضعية الراهنة. كما أن الإمام بهذا الموضوع، يستدعي هيكلة ثنائية مستندة إلى قسمين رئيسيين وفق التصميم التالي :

المحور الأول: تعبئة قوى الدولة الحيوية إبان جائحة كوفيد 19

المحور الثاني: تمفصلات ما بعد جائحة كوفيد 19 نحو اعتماد الأمن الشامل

 

المحور  الأول: تعبئة قوى الدولة الحيوية إبان جائحة كوفيد 19

تعتبر وظيفة الضبط الإداري من أهم وظائف الدولة بغية الحفاظ على النظام العام، فهو يتجلى في مجموع الإجراءات التي تقوم بها الهيئات العامة للحفاظ على النظام العام بمختلف مدلولاته، لذلك يعتبر الضبط الإداري عملا أو نظاما وقائيا من الفوضى التي قد تحدت في مجالات الأمن العام أو السكينة العامة أو الصحة العامة، تتولى فيه الإدارة حماية المجتمع من كل ما من شأنه أن يخل بأمنه وسلامته و صحة أفراده و سكينتهم.

  أولا: على مستوى الملكية 

  تنفيذا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، الداعية إلى توفير شروط تمويل الإجراءات الوقائية لمواجهة  جائحة كوفيد 19، ثم إحداث حساب خصوصي لتدبير و مواجهة الجائحة ، من خلال تأهيل الآليات والوسائل الصحية وكذا دعم الاقتصاد الوطني من خلال التدابير المقترحة من لدن لجنة اليقظة الاقتصادية والمتمحورة أساسا على تخفيف التداعيات الاجتماعية لجائحة كوفيد 19.

  ارتكزت استجابة المغرب على إنشاء صندوق خاص، بمبادرة من جلالة الملك محمد السادس، خصصت له عشرة ملايير درهم، بهدف مواجهة تداعيات كورونا. وقد تم، إلى غاية 9 أبريل المنصرم، جمع ما يقرب من 34 مليار درهم من المساهمات قدمتها مؤسسات عمومية وخاصة، فضلا عن المبادرات الشخصية للمواطنين، وبتاريخ 22 مارس ولمواجهة جائحة كورونا ، قرر الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، بتكليف الطب العسكري بمواجهة جائحة كوفيد 19، ويندرج هذا القرار في إطار الدينامية التي ما فتئت المؤسسة العسكرية المغربية في الانخراط فيها منذ تأسيسها، و لا أدل  على ذلك زلزال أڭادير سنة 1961 ، وزلزال الحسيمة 2004، ناهيك عن المستشفيات الميدانية المقامة منذ 2009 في الأقاليم الجبلية لمواجهة آثار البرد، شتاء كل سنة[1]، كل هذه الإجراءات تندرج في إطار منظومة للعلاقات المدنية - العسكرية مبنية على مبدأ اقتسام المسؤولية ، وفهم الحاجة إلى التعاون و الحوار بين مختلف الأجهزة و الوكالات المعنية فيما يخص الأمن الصحي ودعم التأهب والتدخل الإستباقي.

  كما أن المنشآت الطبية التي يمتلكها الجيش والتي تقدر بسبعة مستشفيات عسكرية،  تعتبر أحد المقومات الأساسية في دعم البنيات الصحية المدنية، بالإضافة إلى الخبرة المدنية التي يتوفر عليها من خلال المستشفيات العسكرية التي إعتاد على القيام بها في عمليات حفظ السلام التي يشارك فيها وفي حالات الكوارث الطبيعية[2]. كما يجسد هذا الدور مبدأ إقتسام المسؤولية بين الأطباء العسكريين و نظرائهم المدنيين من خلال التعاون في مجالات البحث العلمي بيم مركز علم الفيروسات في المستشفى العسكري بالرباط من جهة، ومؤسسات مدنية، وهي معهد باستور، والمختبر الوطني للإنفلونزا و الفيروسات التنفسية بالمعهد الوطني للصحة، من جهة أخرى، وحالة الطوارئ الصحية سبقتها مجموعة من التدابير همت إغلاق المجال الجوي في وجه الطيران الخارجي و الداخلي بوصفه تدبيرا وقائيا وإستعجاليا، حيث تم إستدعاء الجيش الذي نشر وحدات مدرعة بالتنسيق مع قوات الأمن لفرض حالة الطوارئ الصحية تحت طائلة إيقاع العقوبات الجنائية.

في إنتظار الحد من جائحة كوفيد 19، سيكون على الدولة المغربية تعميق أواصرها الحضارية و الإنسانية وتحديات المصير المشترك التي تربطها مع محيطها الإقليمي والقاري وما مبادرة[3]، العاهل المغربي  بشأن إرساء إطار عملياتي لمواكبة مختلف مراحل إنتشار الوباء، يروم تقاسم التجارب و الممارسات الجيدة لمواجهة مختلف تأتيرات جائحة كوفيد 19، إلا برهان على تضامن وإنخراط المغرب مع رهانات القارة.

ثانيا: على مستوى الحكومة 

منطقيا تعتبر الشرطة الإدارية على الصعيد الوطني من اختصاصات رئيس الحكومة بمقتضى الفصل 90 من الدستور[4]، الذي يخول له السلطة التنظيمية و التي يمارسها بواسطة المراسيم لتحقيق إستتباب الأمن في أرجاء التراب الوطني، وهي كذلك من إختصاصات الوزراء، بحيث أن رئيس الحكومة يمكنه أن يفوض بعض سلطه إليهم بموجب نفس الفصل و هكذا يمارس رئيس الحكومة سلطات الشرطة الإدارية على الصعيد الوطني، رغم أن هذا الاختصاص لم يخوله له الدستور بشكل صريح و إنما خول له من طرف السلطة التنظيمية، و بديهي أن من يمارس السلطة التنظيمية هو الذي له صلاحية إتخاذ تدابير الشرطة الإدارية على المستوى الوطني وبناء عليه يمكن القول أن رئيس الحكومة رغم عدم وجود نص صريح يخوله هذه السلطة، فإنه يمارسها تحت إسم السلطة التنظيمية التي خولها له الفصل90  و التي تعطيه حق ممارسة سلطة الشرطة الإدارية العامة عبر إتخاد المراسيم التنظيمية في شتى المجالات التي يشير إليها الفصل 92، لا سيما " القضايا الراهنة المرتبطة بحقوق الإنسان و النظام العام"، تعد العمالات والأقاليم وحدات إدارية لا تختلف من حيث التنظيم والإختصاص، وقد جعل الفصل 135 من الدستور من العمالات والأقاليم "جماعات ترابية" وتم تنظيم هذه الجماعات بمقتضى القانون رقم 79.00 المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2002.

بناءا على أحكام الفصل145 من الدستور : "يمثل ولاة الجهات و عمال الأقاليم و العمالات السلطة المركزية في الجماعات الترابية ".

ويعد العامل[5] المسؤول الأول عن الحفاظ على النظام و الأمن في إقليمه، من الإطلاع على ما يجري في نطاقه الترابي من إخلال بالنظام العام وإتخاد التدابير اللازمة للقضاء على ذلك، بما في ذلك استعمال القوة لإجتناب كل ما من شأنه أن يعرقل الأمن والنظام العام في إقليمه، علما أن العامل يتوفر بإستمرار على القوات الإحتياطية ويجوز له إستدعاء قوات الأمن والدرك الملكي وحتى القوات المسلحة الملكية إن إقتضت الظروف ذلك طبقا للشروط المحددة في القانون، وعلى العموم، يعتبر العامل كسلطة رئاسية عليا بالنسبة لرجال السلطة في إقليمه، وهو الرئيس الإداري الأعلى لسائر الموظفين حتى التابعين للسلطة المركزية وذلك في حدود معينة. وهو عنصر إتصال هام بين سكان الأقاليم من جهة وبين السلطة المركزية بن جهة أخرى . ويبقى " الضبط الإداري" أحد أهم اختصاصات مؤسسات العامل، وهو بذلك يصدر القرارات التنظيمية والقرارات الفردية اللازمة لتحقيق هذه الغاية.

يشرف الباشا[6] على المقاطعات الحضرية، ويمثل السلطة التنفيذية داخلها ويقوم بأعمال سلطات التنظيم إنسجاما مع صفته كرجل سلطة ويقوم بتنفيد  صلاحياته تحت إشراف العامل، وبمقتضى التعديل الذي أدخل على ظهير 15 فبراير 1977 في سنة 1982 أنيطت بالباشا مهام شبيهة بمهام العامل، حيث أنه أصبح المسؤول عن تنفيد الظهائر  و القوانين و اللوائح وكذا تنفيد القرارات الصادرة عن الإدارة، فيما يتولى رئيس الدائرة[7] تحت سلطة العامل، تدبير و إدارة الدائرة حيث يستمد هذه الإختصاصات من مصادر قانونية، منها بشكل خاص الظهير الشريف رقم 1.63.038 بتاريخ فاتح مارس 1963 بشأن النظام الخصوصي للمتصرفين بوزارة الداخلية، فهو يعمل تحت إشراف العامل على تنفيد القوانين و اللوائح وكذا الحفاظ على النظام العام و السكينة العامة.

أما القائد، فيتولى تحت سلطة و مراقبة العامل و رئيس الدائرة، القيام بالعديد من الوظائف حددها ظهير 20 مارس 1956 ، حيت يعتبر ممثلا للسلطة التنفيدية داخل دائرة نفوده وهذه الثمتيلية  تجعل منه مسؤولا عن النظام العام والأمن والمحافظة عليهما. وقد نص الميثاق الجماعي[8] رقم 78.00 لسنة 2002 على إختصاصات القواد والباشوات في مجال المحافظة على النظام والأمن العام، بعد إعمال الحكومة للفصل 81 من الدستور، صادقت على مرسوم[9] بقانون رقم 2.20.292 مؤرخ في 23/03/2020 والذي يؤهلها وحدها لإعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب. كما صادقت على مرسوم[10] رقم 2.20.293 مؤرخ في 24/03/2020 الذي أعلنت بواسطته حالة الطوارئ الصحية في المغرب. تحيينا منها للمرسوم الملكي[11] رقم 65.554 الصادر في 17 من ربيع الأول 1387 (26 يونيو 1967) بمثابة قانون يتعلق بوجوب التصريح ببعض الامراض واتخاذ تدابير وقائية للقضاء عليها،والذين أي مرسوم بقانون و المرسوم, تم نشرهما في الجريدة الرسمية بتاريخ 24/03/2020. 

  وهكذا فمن المعلوم أن الحكومة سواء بصفتها هذه أو عن طريق بعض الوزارات أو عن طريق الإدارة التي هي تحت تصرفها طبقا للفصل 89 من الدستور،

- بلاغ الحكومة الذي أغلقت به المجال الجوي جزئيا المؤرخ في 10/03/2020.

- بلاغ الحكومة الذي أغلقت به المجال الجوي كليا المؤرخ في 15/03/2020.

- البلاغ المشترك لوزير الداخلية ووزير الصحة بخصوص الالتزام بالعزل الصحي المؤرخ في 18/03/2020.

- بلاغ وزارة الداخلية لمنع استعمال وسائل النقل الخاص والعمومية المؤرخ في 21/03/2020.

ويبقى هدف هذه الآليات هو ضمان الأمن الصحي لعموم المواطنين، وبالتالي تكريس الأمن المجتمعي.

  ثالثا: على الصعيد الاقتصادي و المالي

في إطار المجهودات الإستباقية التي قامت بها الحكومة لمواجهة الانعكاسات الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لجائحة كورونا COVID19  على الاقتصاد الوطني، تم إنشاء لجنة لليقظة الإقتصاية[12] على المستوى وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، وتعمل هذه اللجنة وفق مستويين، الأول من خلال آليات مضبوطة للتتبع والتقييم، برصد آني للوضعية الاقتصادية الوطنية، أما المستوى الثاني فيتعلق بمواكبة القطاعات الأكثر عرضة للصدمات الاقتصادية والمالية الناجمة عن أزمة كوفيد 19، وتتشكل تركيبة لجنة اليقظة الاقتصادية هاته علاوة على وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة باعتباره منسقا لأشغالها، كل من وزارة الداخلية، وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية  القروية والمياه والغابات، وزارة الصحة، وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، وزارة الشغل والإدماج المهني، بنك المغرب، المجموعة المهنية لبنوك المغرب، الإتحاد العام لمقاولات المغرب، جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات، جامعة غرف الصناعة التقليدية.

     الصندوق الخاص يروم تعزيز قدرات المنظومة الصحية وتغطية التكاليف الصحية الناجمة عن الوباء، مشيرا إلى أن الصندوق سيدعم كذلك الاقتصاد في مواجهة الركود الاقتصادي المحتمل، علاوة على الحفاظ على الوظائف وتخفيف التداعيات الاجتماعية للأزمة من خلال الدعم المباشر للفئات المتضررة، كما دعت السلطات العمومية جميع الإدارات والمقاولات والمؤسسات العمومية إلى ترشيد النفقات، باستثناء قطاعات الصحة والتعليم والأمن الوطني، إن  تداعيات الوباء أدت إلى الإعلان عن توقف ثلث الأجراء المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن العمل. وأضاف أنه بفقدان الوظائف، تفقد الأسر موارد دخلها الرئيسية، وترشد تبعا لذلك إقبالها على السلع والخدمات، ومن أجل مواجهة هذا الوضع، لجأت السلطات إلى موارد الصندوق الخاص لتدبير جائحة كورونا من أجل تعويض الأسر التي توقف معيلوها عن العمل في القطاع المهيكل.

     ويهدف هذا التدبير، من ناحية إلى دعم أكثر الأسر هشاشة، من خلال الحفاظ على جزء من قدرتها الشرائية، ومن ثم من طلبها، ومن ناحية أخرى، إلى الحفاظ بشكل غير مباشر على إنتاج بعض القطاعات الرئيسية، وبهدف ضمان استمرارية الإنتاج وحماية الوظائف، أرجأ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي لأرباب العمل من شهر مارس إلى غاية شهر يونيو دون فرض جزاءات. وتحت إشراف المجموعة المهنية لبنوك المغرب وبنك المغرب، تم تعليق سداد القروض البنكية إلى غاية 30 يونيو 2020، من دون فرض جزاءات. كما أطلق صندوق الضمان المركزي منتج “ضمان أكسجين” لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، كما تم وضع حوافز ضريبية لصالح الشركات.

وقدمت الدولة مساعدة مالية لدعم مختلف الفئات التي تأثرت قدرتها الشرائية وظروف معيشتها بسبب تدابير حالة الطوارئ الصحية، وذلك اعتمادا على سجل الضمان الاجتماعي وقاعدة بيانات نظام المساعدة الطبية (راميد). أما في ما يتعلق بالعاملين في القطاع غير المهيكل، غير المسجلين في خدمة (راميد)، فقد لجأت الإدارة إلى استقبال طلبات المعنيين قصد الاستجابة السريعة لطلبات هذه الفئة من الأسر، وهكذا تم إحداث منصة مخصصة لفائدة الأسر المتضررة من الأزمة غير المسجلة في خدمة (راميد) ليبعثوا من خلالها بطلباتهم، حيث تمت الاستعانة بنظم معلوماتية لهذا الغرض، كما بذلت الجهود لتبسيطها وجعلها في متناول غير المتمدرسين، تقدم المندوبية السامية للتخطيط[13](HCP)  في مذكرتها الخاصة بالظرفية المنشورة في 08 أبريل 2020 تطور الاقتصاد المغربي برسم الربع الأول وتوقعات الربع الثاني من السنة الجارية، هناك قرائن متواثرة عن تباطؤ محتمل في النمو، خصوصا في القطاع الثانوي، والذي كان سينمو بنسبة 0.5%  مقابل 1.6 % المتوقعة في البداية، كما أن الطلب الخارجي الموجه غلى المغرب سيخفض بنسبة 22.8% في الربع الأول، بينما ستنخفظ الواردات بنسبة 4.8%  .

      فيما يخص الطلب الداخلي، وبالنظر إلى تدابير الاحتواء التي اتخذتها السلطات، تسجل المندوبية السامية للتخطيط على أن معدل استهلاك الأسر سيعرف تباطأ بنسبة 1.2 % على أساس سنوي. من ناحية أخرى كان من المتوقع أن يشهد الاستهلاك العام نموا بنسبة 3.2 % مقارنة بالربع الأول من عام 2020، وهذا ما يعزز جهود السلطات العمومية، وفي ظل غياب آلية فعالة للتأمين ضد البطالة ، كان على الاقتصاد المغربي أن يتأقلم سريعا لمواجهة تداعيات الصدمة الاقتصادية، ذلك أن ثلث المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعين أصبحوا  بين عشية وضحاها عاطلين عن العمل، مما يترتب عن ذلك ضرب القدرة الشرائية للأسر المنضوية في إطار القطاع المهيكل والتأثيرات السوسيو-اقتصادية التي تطال السلع والخدمات، وبالتالي تأثر على النسيج الاقتصادي الوطني.

  اعتمدت الدوائر المختصة على موارد صندوق COVID19  من أجل تعوض الأسر التي تواجه صعوبات آلية الدعم المباشر، و التي لها هدف مزدوج من الزاوية التدبيرية، من جهة، دعم الأسر الأكثر هشاشة من خلال الاحتفاظ بجزء من قدرتها الشرائية وبالتالي المحافظة على الطلب، ومن جهة أخرى، الحفاظ على الإنتاج في بعض القطاعات الرئيسية كما يستهدف الإجراء الثاني، الأسر التي تواجه آجال استحقاق ائتمانية، وبعد التشاور مع التجمع المهني للأبناك المغربية، تم الاتفاق على تأجيل الأداءات الآجلة، كما تحرك البنك المركزي بالتنسيق مع السلطات الجبائية، ومع الفاعلين من القطاع الخاص لتقديم جواب عمومي للصدمة الاقتصادية، وذلك من خلال ضخ السيولة بشكل مكثف، تظهر أحدث الأرقام المعروضة في نهاية مجلسه في 17 مارس 2020 نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.3%  لعام 2020 ، لكن هذه التوقعات  لم تأخذ بعين الاعتبار تطور الوضعية الوبائية بالمغرب[14]، إن الهدف من تخفيض سعر الفائدة الرئيسي هو زيادة مستوى السيولة لدى البنوك ولانعكاس مدى الانخفاض0 في معدلات الإقراض المطبقة على القطاعات غير المالية والأسر.

  فبرسم نهاية مجلس إدارة  بنك المغرب الأخير، أعلن الوالي عن تخفيض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة على أساس 2 %. كما تم التخطيط لإجراءات احترازية تهدف إلى مضاعفة تمويل الأبناك بثلاث مرات، من خلال عمليات السوق المفتوح ومبادلات الصرف الأجنبي، وتوسيع قائمة الضمانات المؤهلة لهذا النوع من العمليات : وتمديد عمليات إعادة التمويل وكذلك تمديد البرامج الموجهة للشركات الصغيرة جدا للحصول على رساميل وأرصدة تحفز على التشغيل.

     رابعا: على الصعيد الدبلوماسي

    مع بداية جائحة كوفيد 19، نهجت المملكة المغربية إستراتيجية تبادل الخبرات مع كل من دول الصين الشعبية، كوريا الجنوبية ثم تركيا، و ذلك راجع بالأساس إلى تعاملها القبلي مع الجائحة،  إضافة إلى قوة صناعتها الطبية والصيدلية، إستراتيجية ساهمت في تأمين تسلم المعدات الأساسية لمحاربة وباء كورونا المستجد،  هذا التمرين من التعاون الدولي بشقيه:التنائي أو المتعدد الأطراف، يندرج في إطار المبادرة المغربية لعقد مؤتمر عالي المستوى، برعاية المنظمة العالمية للصحة، تحث عنوان "الدبلوماسية، الأمن الصحي والإستعداد لحالات الطوارئ" هذه المبادرة المغربية تم تبنيها من طرف كل من دولة رواندا والبنك الدولي.



[1] -Sa Majesté le Roi Mohammed VI, Chef Suprême et Chef d’Etat-Major Général des Forces Armées Royales, adresse un Ordre du jour à la famille des FAR 53ème anniversaire  (14 Mai 2009).

[2] -Brahim Saidi « Relations civilo-militaires au Maroc : le facteur international revisité » Politique étrangère, n03 (Automne 2007), pp.589-603

[3]-  بلاغ الديوان الملكي يوم 13 أبريل 2020 

[4]-  ظهير شريف رقم 1.11.91 الصادر بتنفيذ الدستور، بتاريخ 27  شعبان 1432(29  يوليوز 2011)الذي نشر في الجريدة الرسمية عدد5964  مكرر، بتاريخ 28 شعبان 1432 (30يوليوز 2011)،ص:3600

[5]  - ظهير شريف معتبر بمثابة قانون رقم 1.93.293 صادر في 19 من ربيع الآخر 1414، الصادر بتاريخ 6 أكتوبر   1993  ظهير متعلق بإختصاصات العامل، الجريدة الرسمية عدد 4223، ص:1911

[6]- ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.75.168 بتاريخ 25 صفر 1397(15فبراير 1977) المتعلق بإختصاصات العامل. الجريدة الرسمية عدد 3359،ص:767

[7]  - ظهير شريف رقم 1.63.038 بشأن النظام الأساسي الخصوصي للمتصرفين بوزارة الداخلية، الصادر بتاريخ 15مارس 1963،الجريدة الرسمية عدد 2629،ص:574 

[8]  - الميثاق الجماعي رقم 78.00، ظهير شريف رقم 1.02.297 صادر في 25 رجب 1423 (21 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 78.00 ،الجريدة الرسمية عدد 5058 بتاريخ 21 نونبر 2002، ص3468. 

[9]- مرسوم رقم 2.20.292 صادر في 28 رجب 1441(23 مارس 2020) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، والذي نشر بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر، بتاريخ 29 رجب 1441 (24 مارس 2020)، ص1782.

[10]  - مرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس2020) بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا-كوفيد 19، و الذي نشر بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر ، بتاريخ 29 رجب 1441 (23 مارس 2020) ص:1783

[11]- مرسوم ملكي رقم 65.554 بتاريخ 17 ربيع الأول 1387(26يونيو1967) بمثابة قانون يتعلق بوجوب التصريح ببعض الأمراض المعدية، الجريدة الرسمية عدد 2853، ص1484.

[13]  - الأرقام المنشورة بواسطة المندوبية السامية للتخطيط في 07 أبريل تم تعديلها في 28 أبريل – في الربع الأول من عام 2020. كان من الممكن أن ينمو الاقتصاد المغربي بنسبة 0.7%  مقابل 1.1%  المقدرة في المنشور الأول . ويرجع  هذا التغيير إلى انخفاض القيمة المضافة بنسبة 4.4% وكذلك زيادة معدل القيمة المضافة غير الفلاحية بنسبة 1.4%  . حجم الصادرات إزدادت بنسبة 1% ومن تم ستكون مساهمة الطلب الخارجي في النمو سلبيا بناقص  %0.3 ، وبالتالي سينخفض الاقتصاد بنسبة 8.9 % في الربع الثاني من عام 2020 مقابل 3.8 % المتوقعة في 7 أبريل من طرف المندوبية السامية للتخطيط.

 

[14]- https : www.hcp.ma/provisions -révision de la croissance économique-nationale-pour- le premier-et-le-deuxième-trimestre -2020-a2500.hotmail. 



من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك


من أجل تحميل هذا العدد الرابع عشر - إضغط هنا أو أسفاه على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث