النموذج التنموي الجديد و رهانات المستقبلية - علوي مراد


النموذج التنموي الجديد و رهانات المستقبلية

The new development model and future bets

علوي مراد / طالب باحث بماستر القانون العام و العلوم السياسية برحاب كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية - أكدال بجامعة محمد الخامس بالرباط ، و متمرن بوزارة العدل ، و فاعل جمعوي و حقوقي .

Alaoui Mourad




مقدمة :

في ظل التغيرات الاجتماعية الاقتصادية و السياسية التي يعرفها النسق المجتمعي المغربي، تم اعتماد الجهوية المتقدمة كإطار عام من أجل تحقيق العدالة المجالية من   خلال إيجاد آليات خلق الثروة و تحقيق التنمية المستدامة، و بالتالي توزيع عادل لثمار التنمية بين جهات المملكة  .

وجاء في الرسالة الملكية إلى المشاركين في الدورة الرابعة لمنتدى "كرانس مونتانا" ، التي احتضنتها الداخلة في مارس 2018 ، " إن الجهوية المتقدمة ليست مجرد تدبير ترابي      أو إداري، بل هي تجسيد فعلي لإدارة قوية على تجديد بنيات الدولة و تحديثها، بما يضمن توطيد دعائم التنمية المندمجة لمجالاتنا الترابية، و من تجميع طاقات كافة الفاعلين حول مشروع ينخرط فيه الجميع " و من ثم فقد جرى اختيار الجهوية المتقدمة لتكون محور النموذج التنموي الإقتصادي المغربي .

لقد قامت بلادنا بتشخيص شمولي لوضعيتها التنموية ورصد مؤهلاتها و التحديات التي تواجهها و كذا الوعود التي بالإمكان تقديمها ، و ذلك قبل حدوث الأزمة الصحية العالمية  و التي ألقت بظلالها على الدول المتقدمة و النامية على حد سواء . لقد أبان المغرب عن فهم عميق لللأزمة الحالية ، باعتبارها ليست مجرد أزمة عابرة ، بل لكونها تؤشر على تحولات هيكلية عميقة لها انعكاسات على كافة المستويات الترابية و مجالات السيادة  الوطنية على المستوى الإقتصادي ، الغذائي ، الطاقي أو الرقمي . لقد حان الوقت ،

كما جرت العادة في تاريخ المملكة العريق و المتواصل ، لتجديد الميثاق الوطني ، ميثاق يضمن في نفس الان الإنصاف و الحرية ، الحماية و التمكين ، الابتكار و التجذر ، التعددية و الوحدة ، وذلك خدمة لطموح تنموي جديد . هذا الميثاق ، الذي يشكل التزاما معنويا و سياسيا ورمزيا قويا أمام جلالة الملك و أمام الأمة برمتها ، بإمكانه أن يشكل محطة تاريخية جديدة لبلادنا .

عند تحليلينا للواقع و معرفة مدى بلوغ الأهداف المتوخاة من تقسيم المغرب إلى جهات ، يتضح جليا أن الجزء الأكبر من التنمية المستدامة ، كما كان يرادلها أن تحقق ، لم تتجسد في العدالة الإجتماعية ، بل زادت الفوارق و شهد النسق الإجتماعي مجموعة من الأزمات   و الاحتقانات ، مما تطلب ضرورة إعادة النظر في ركائز خلق التنمية و بلورة رؤية شمولية تتمكن من إعطاء نفس جديد للتنمية من أجل تجاوز مكامن الأخطاء و الضعف في تلبية الحاجيات ذات البعد المجالي ، الذي يرتكز بالأساس على العدالة المجالية .

انطلاقا مما تم ذكره ، نثير التساؤلات التالية :

 لماذا عجز النموذج التنموي الحالي في تحقيق التنمية المجالية المستدامة ؟ و أي بديل عن النموذج التنموي الحالي يمكن اعتماده من أجل تجاوز الأزمات و الاحتقانات ؟ و كيف يمكن لهذا الأخير أن يرسي المبادئ الدستورية    من خلال إقرار ربط المسؤولية بالمحاسبة لإعادة الثقة بين المؤسسات و مختلف مكونات المجتمع المغربي ؟

 

تصميم منهجي

مقدمة

المبحث الأول : النموذج التنموي الجديد بالمغرب .

المطلب الأول : النموذج التنموي بالمغرب  .

 الفقرة الأولى  : محاولة تقريب مفهوم النموذج التنموي .

الفقرة الثانية: النموذج التنموي الحالي و مؤشرات المحدودية .

المطلب الثاني : المتدخلين في النموذج التنموي الجديد  .

 الفقرة الأولى  : بلورة النموذج التنموي جديد برعاية ملكية  .

 الفقرة الثانية  : دور الأحزاب السياسية و المساهمة في النموذج التنموي الجديد   .

المبحث الثاني : النموذج التنموي الجديد : مغرب الغذ  .

المطلب الأول : طموحنا من أجل المغرب في افق سنة  2035 .

 الفقرة الأولى  : مغرب الغذ  .

 الفقرة الثانية  :  أهداف التنمية  .

المطلب الثاني  : المحاور الإستراتجية للتحول .

 الفقرة الأولى  : اقتصاد منتج قادر على قيمة مضافة و مناصب شغل مهمة .

 الفقرة الثانية  : رأسمال معززا و أكثر استعددا للمستقبل  .

 الفقرة الثالثة : فرص الإدماج الجميع و توطيد الرابط الإجتماعي  .

 الفقرة الرابعة  : مجالات ترابية قادرة على التكيف : فضاءات لترسيخ أسس التنمية .

   خاتمة .

 

المبحث الأول : النموذج التنموي الجديد بالمغرب  :

في هذا المبحث سنتطرق إلى المفاهيم المتعددة  للنموذج التنموي الجديد  بحيث سنعالج فيه        مطلبين يتضمنان العناصر التالية  :

ü    النموذج التنموي الجديد .

ü    المتدخلين في النموذج التنموي الجديد .

المطلب الأول : النموذج التنموي بالمغرب   :

سنتناول في هذا المطلب التعريفات و محاولة تقريب مفهوم النموذج التنموي الجديد بالمغرب ،  بحيث سنعرفه من منظور الإقتصادي أيضا  .

الفقرة الأولى : محاولة تقريب مفهوم النموذج التنموي :

ومن أجل تقريب المفهوم أكثر ، لابد من الجزم بداية بأن ما يعرفه المغرب حاليا ، ليس نموذجا تنمويا بالمعنى الذي يصبو إليه المغرب ، و أن التدبير في الحالة المغربية لا يعدو أن نسميه ( نموذجا لتدبير عمومي للشأن العام ) ، و هذا النموذج من التدبير غير ثابت ،   إذا يعتمده المغرب بحسب المعطيات الإقتصادية و الإجتماعية التي تحدث كل سنة ، و تتحكم فيه المتغيرات المناخية بشكل كبير بحيث يظهر أثر سنويا على النمو الاقتصادي ، بالتالي يمكن أن نقول أن المغرب كان يتدبر أحواله الاقتصادية و التنموية ، بعيدا عن المفهوم الحقيقي للنموذج التنموي الذي ينتظره المغاربة بشغف كبير.

أما فيما يخص مجال الدراسات الإقتصادية ، ليس هناك مفهوم محدد أو تعريف دقيق و متفق حوله للنموذج التنموي . و جميع النماذج التنموية المعمول بها دوليا أو جلها يتم بناؤها وفق وضعية كل دولة و ما تتوفر عليه من الموارد البشرية و الاقتصادية و ما راكمته من المكتسبات الاجتماعية و ماهية القواعد و الثوابت التي تبني عليها  سياستها العمومية .

الفقرة الثانية : النموذج التنموي الحالي و مؤشرات المحدودية :

قام البنك الدولي بإنجاز تقرير عنوانه : " المغرب في أفق 2040 " حيث قدم تصور فيه بعض سمات فشل و عدم نجاعة النموذج التنموي الحالي و أوصى بالدعوة إلى اعتماد نموذج تنموي أكثر فعالية ، حيث ان معدل النمو حسب تقرير البنك الدولي لا يتعدى نسبة 4.5 بالمائة بالمغرب و هو غير كاف لتقليص معدل البطالة ، إضافة إلى أن معدل وفيات الرضع سنة 2015 بلغ حوالي 25 وفاة من كل 1000 حالة ولادة ، و هو رقم سجل في أوروبا سنة 1960 ، و أن النموذج التنموي الحالي قائم على أساسا على الاستهلاك الداخلي و الذي مهما ارتفع لن يبلغ سوى 40 بالمائة في أفق 2040 .

ناهيك عن وضع اقتصادي مطبوع بالفتور ، والإنكماش طيلة السنوات العشر الأخيرة ، مما انعكس سلبا على التشغيل و الإدماج الاقتصادي للسكان ، مما دفع الساكنة للخروج و الاحتجاج في مناطق مختلفة من المغرب .

و في نفس المنحى جاء أيضا تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي الصادر بتاريخ شتنبر 2018 ، و الذي نبه إلى ضعف مستوى الاستثمار حيث جدد المجلس الدعوة إلى ضرورة النهوض بهذا المجال لما له من أهمية في غياب سياسة ناجعة في مجال التصنيع الذي تعتبر مساهمته في الناتج الداخلي الخام جد ضئيلة . نفس المجلس دعا لخلق و تعزيز ما سماه بالحكامة المؤسساتية و محاربة اقتصاد الريع ، مشيرا إلى زيادة الارتفاع في معدل البطالة من 9.9 بالمائة من سنة 2016 إلى 10.2 بالمائة في نهاية سنة 2017 .  هذه التقارير و غيرها جاء ذكرها في الخطاب الملكي مع الإطراء على بعضها : " بادرت مشطورة بعض المؤسسات و الهيئات المعنية و عدد من الفعاليات و الكفاءات الوطنية بإعداد بعض المساهمات و الدراسات " .

المطلب الثاني : المتدخلين في النموذج التنموي الجديد  :

الفقرة الأولى : بلورة نموذج تنموي جديد برعاية ملكية :

لطالما كان إعداد نموذج تنموي مغربي ناجح غاية الملك الأولى ، حيث أن محاولات خلق نموذج تنموي مغربي تمتد لسنة 2002 ، حينما حاول المغرب تبني بعض الاختيارات الاقتصادية و الخطط و الرؤى التنموية بمثابة نموذج تنموي ، و كان اعتمادها تلك الاونة يعتبر واحدا من أهم التغيرات التي عرفها المغرب و التي اعتبرت مكسبا ميز الحالة المغربية عن مجموعة من الدول إقليميا و كانت أملا و استراتجية للوصول لبعض أشكال التنمية ، قبل أن تطفؤ نتائجها المحدودة و الغير مجدية ، معلنة عن استمرار سؤال البحث عن الوصفة التنموية الصالحة للحالة المغربية .

و لعل الوثيقة الدستورية التي عدلت خلال 27 يوليوز 2011 ، لا تذهب بعيدا عن هذا الهدف ، و لذلك لقيت استحسانا  و تأييدا كبيرين من قبل الفاعلين و المواطنين ، التي   علقت الأمال الكبرى لتحسين الظروف السياسية و الاقتصادية و الإجتماعية .

ثم بعد ذلك سنة 2016 عندما تم تنظيم الملتقى الدولي الذي منح الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حول موضوع : " النموذج التنموي المغربي للدخول النهائي ضمن الدول الصاعدة".

بعده ببضعة أشهر اكد جلالته الملك صراحة سنة 2017 على ضرورة إنجاز نموذج   تنموي وفقل لمعايير محددة و ذلك بمناسبة خطابه في افتتاح الدورة التشريعية بتاريخ      13 أكتوبر 2017 . مرت اليوم خمس سنوات على هذا الخطاب و لا زالت المشاريع هي المشاريع  و الانتظارات هي الانتظارات ، بينما المؤشرات تتوالى للغنذار باقتراب الحالة      المغربية من الوضع المقلق .

ولأن الطبيعة لا تحتمل الفراغ ، و من لا يتحرك تتجاوزه الأحداث لا محالة ، فقد أقدام الملك على خطوة هي أقرب إلى سحب الثقة من الحكومة و الفعاليات الحزبية ، على الأقل في موضوع اقتراح النموذج التنموي الذي يصلح لمغرب الحاضر و المستقبل ، و يبادر بإنشاء لجنة من الكفاءات يكلفها بصياغة مضامين نموذج تنموي جديد في الايام المقبلة ،

ما جعل المغرب اليوم في حالة الانتظار و الترقب لمعرفة ما الذي سيجود به هذا النموذج المرتقب من تغييرات ، أملا غذ أفضل .

الفقرة الثانية : الاحزاب السياسية و المساهمة في النموذج التنموي الجديد :

كما وجه الملك الدعوة لرئيس الحكومة المغربية ، كانت دعوة جلالته أيضا لللأحزاب السياسية صريحة قصد المساهمة في اقتراح الصيغ التنموية المأمولة ، و المساهمة في صياغة النموذج التنموي لائق بالحالة في المغرب .

و في ذات السياق يجب على مختلف الفاعلين و أخص بالذكر الأحزاب السياسية و النقابات و المجتمع المدني للبلاد إلى تكثيف الجهود أكثر فأكثر قصد بلورة لقاءات وطنية و دولية أخرى ترسم فيه معالم النموذج التنموي الجديد .

استجابة لهذه الدعوة ، اكتفت بعض الأحزاب السياسية بتمجيد الوزارات و القطاعات التي دبرتها في مرحلة من المراحل ، مع إلقاء للائمة على القطاعات و الوزارات التي دبرتها أحزاب أخرى ، بينما قامت أخرى بإنتاج ما يشبه المذكرات المطلبية فيها لائحة المعيقات   و مكامن الأزمة مطالبة بالإسراع بإصلاحها دون أن تذكرالخطوات الإجرائية التي يمكن اعتمادها لتجاوز هذا الوضع ، مع استفحال النزعة الضيقة الهادفة إلى تحقيق المكاسب السياسية عوض التفكير الجماعي في وضع تصور تنموي قابل للتطبيق ، دون الاستهانة بمحاولات بعض الأحزاب التي حاولت ملامسة الموضوع  و تعاملت معه بالجدية المطلوبة على الأقل ، على الأقل من منظورها الخاص و المتواضع .

حيث قدم حزب الاتحاد الاشتراكي : دعيا إلى ضرورة إرساء نموذج تنموي مندمج      ناجع يقوم على العدالة الاجتماعية و المجالية و الانصاف و التضامن بين مختلف الفئات المجتمعية ، وفي إحدى ابرامج المتلفزة تكلم أحد أعضاء المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن كون المغرب يحتاج لنموذج تنموي يحمل في طياته     جاذبية استثمارية ، وعدالة اجتماعية بهدف خلق تنمية مستدامة ، و عدد ركائز هذا   النموذج في خمس أعمدة أساسية حصرها في :

المؤسسات الاقتصادية ، و المسألة الاجتماعية ، و التعبئة الاجتماعية ، و المسألة الثقافية ، ثم الرفع من نوعية الأداء و خلق تدبير عمومي ناجع و فعال . في حين حزب التقدم و الإشتراكية أيضا من الأحزاب التي اعتمدت العدد خمسة كركائز  في تصوره للتنمية ، حيث صرح أمينه العام في ندوة نظمت من طرف وزارة الاقتصاد و المالية بقصر المؤتمرات بصخيرات بما يلي :

" نحن اليوم بصدد صياغة نموذج تنموي مرحلي يرفع من قدرات هذا الوطن و يؤهله من أجل مواجهة تحديات الحاضر و المستقبل . " حيث حصر تصورات حزبه في خمس ركائز أساسية من بينها :

 أولا : الإنسان في قلب التنمية اعتبارا في نظر حزبه لكون الدول القائمة على العدالة الاجتماعية هي التي تحقق أعلى نسبة نمو .

ثانيا : الكرامة و العمل على محاربة الفوارق ، عن طريق ضمان العيش الكريم للمواطنين و النهوض بالمناطق الجبلية و القروية .

ثالثا : التكامل بين الدولة و القطاع الخاص ، نظرا لأن الإقتصاد وحده الكفيل بتحقيق    النمو بشكل أسرع .

رابعا : بناء دولة الحق و القانون و ذلك عبر تكريس لمبدأي الشفافية و التنافس الشريف .

خامسا : الحداثة ، عن طريق الانفتاح على الثقافة الكونية و اعتماد النقد و التحليل .

أما بخصوص حزب الحركة الشعبية اعتبر من خلال بيان أصدره في الموضوع ، أن النموذج التنموي الحالي حقق نجاحات مع تسجيله لبعض النواقص و أكد على كون النموذج الحالي ليس فشلا كليا ، مبرزا نشوء المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، و أشاد بما قدمته للمغرب خلال مدة عشر سنوات الأخيرة ، غير أنه لم يؤكد نجاحها تماما بل دعى للتوسيع في مجالها الجغرافي للتدخل في العالم القروي و اعتبر ان الخصاص فيه لازال قائما رغم الجهود المبذولة .

أما على مستوى حزب العدالة و التنمية الذي كان يراس الحكومة سابقة ، بسط رؤيته   خلال أشغال الملتقى الذي نظمته جمعية أعضاء المفتشية العامة للمالية بتعاون مع وزارة الغقتصاد و المالية ، حيث اعتبر النموذج التنموي ضرورة ملحة ، قبل أن يعمد هو الاخر إلى حصر التنمية وفق النموذج المقترح من منظوره الحزبي في ثلاث محددات كالتالي :

أولها الدستور باعتباره جاء نتيجة و لعصارة لحراك ، شعبي ، شبابي . و ثانيها وجوب الاشتغال على أساس ديمقراطي تطبعه الارادة الشعبية و المنافسة الشريفة في الممارسات الإقتصادية و التجارية و توسيع أبواب انخراط الشباب في سوق الشغل كهدف من الأهداف التي ينبغي العمل عليها للوصول للتنمية الحقيقية ...

أما المحدد أو المستوى الثالث حسب السيد الأزمي فهو حقوق الإنسان و توسيع الحريات المواطنين، باعتبارهما ركيزة الاساسية لخلق توازن مجتمعي . و منه سننتقل إلى المبحث الثاني الذي خصصنه إلى : النموذج التنموي الجديد ـ مغر ب الغذ

المبحث الثاني : النموذج التنموي الجديد ـ مغرب الغذ   :

المطلب الأول : طموحنا من أجل المغرب في أفق سنة 2035   :

إن اتساع مجال الاختصاص الإدارة خلال الحقب الأخيرة لاعتبارها تمثل السلطة العامة   أدى إلى وضع تنظيمات أكثر صرامة و مضاعفة عدد الأليات الإدارية و تراكم التعقيدات    و المسالك بهدف دعم مراقبة الدولة و تنظيم نشاط الاقتصادي و حماية المواطن و ضمان استمرار أداء و نضر لكون المساطر الإدارية تعتبر أدوات لتنفيذ القوانين و التنظيمات التي يجب أن تكون خالية من كل تعقيد .

الفقرة الأولى : مغرب الغذ  :

الطموح المأمول هو عبارة عن اقتراح ذي قيمة شاملة يبين و يحدد معنى و مستوى التنمية المنشودة في أفق 2035 ، و يجسد هذا الطموح دور البوصلة التي تمكن من توجيه جميع القوى الحية للأمة و تشكل الإطار العام الذي تجتمع حوله ، و حتى يتسم بالمصداقية ، يجب أن يكون طموح التنمية قويا و معقولا و قابلا للإنجازعلى أرض الواقع ، هدفه الأساسي التعبئة و منح كل المغربيات و المغاربة أملا في المستقبل .

ينسجم هذا الطموح مع الإختيارات الأساسية للأمة و ثوابتها ، فضلا عن القيم المكونة للهوية الوطنية ، كما يعكس التطلعات الرئيسية للمغاربة ، سواء فيما يتعلق بازدهارهم ورفاهم كأشخاص أو فيما يخص ارتباطهم بالأمة و التزامهم حيالها بالإضافة إلى عزمهم على المساهمة في تنمية البلاد بكل روح مواطنة ، و يرتكز هذا الطموح أيضا على اختيار المملكة رمز للانفتاح من خلال وضع مشروعنا الجماعي أمام أعين المنتظم الدولي ، و يمكن تحديد طموحنا من أجل المغرب كالتالي :

يضم هذا الطموح إختيارات توجه المغلرب نحو المستقبل ، و هي متمثلة في :

     ·          التشبت بالاختيار الديمقراطي و دولة الحق و القانون .

     ·          تثمين الرأسمال البشري و قدرات المواطنات و المواطنين كرافعة أولى لضمان تكافؤ الفرص و الادماج الإيجابي و تفعيل الرفاه .

     ·          التعلق بكل ما يشكل خصوصية المملكة ، عمقها التاريخي ، هويتها الوطنية الغنية بروافدها و قيمتها الثقافية و الدينية .

     ·          التشبت بالتنوع و بالمساواة بين الرجل و المرأة و بتكريس مكانة دور المرأة في الإقتصاد و داخل المجتمع .

     ·          نمط إدماجي في خلق القيمة يثمن كافة الطاقات و يضمن التوزيع المنصف للثروة    و ينتقل ببلادنا إلى مصاف القوى الصاعدة بشكل كامل .

     ·          نمط لخلق القيمة ، هاجسه المحافظة على البيئة و الموارد الطبيعية .

     ·          و أخيرا ، التشبت بمغرب منفتح على العالم و يساهم بشكل فعلي في رفاه مواطنيه   و في التقدم العالمي .

و في إطار هذا الطموح يحظى العنصر البشري بمكانة مركزية مع تعبئة كافة الطاقات بغية إرساء مشروع جماعي في خدمة تنمية البلاد ، و يمكن تلخيص ذلك بصيغة موجزة ززاضحة و معبئة .  "  المغرب قوة رائدة بفضل قدرات مواطنيه و في خدمة رفاههم  " .

الفقرة الثانية : الأهداف التنموية للنموذج  :

من أجل بلوغ هذا الطموح، يتعين على المغرب رفع العديد من التحديات والقيام بتدارك الوضع الحالي عبر إحراز تقدم نوعي في مجالات يطبعها عجز هام، يمكن أن تشكل    عائقا أمام التنمية إذا لم يتم الارتقاء بها بشكل ملموس، كما هو الشأن بالنسبة لجودة التعليم ومشاركة النساء والمحافظة على الماء، على سبيل المثال. كما يتعين أيضا استغلال جميع الفرص السانحة للمغرب بكل جرأة لتسريع وتيرة التنمية، والرهان على المستقبل وعلى أهداف تكرس تميز المغرب في مجالات استراتيجية وحاملة للتغيير .           

يتطلب تحقيق هذا الطموح بلوغ خمسة أهداف تنموية متداخلة ومتكاملة، بشكل موازٍ،  تتجلى في تحقيق الرخاء والتمكين والإدماج والاستدامة والريادة الجهوية في ميادين    محددة من خلال رهانات مستقبلية جريئة. ونورد فيما يلي، موجزا للأهداف الخمسة  :


من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك


من أجل تحميل هذا العدد الثالث عشر - إضغط هنا أو أسفاه على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث