التأمين التكافلي - عكاشة عبكار

 التأمين التكافلي

Takaful insurance

 عكاشة عبكار / طالب باحث سنة أولى دكتوراه.

OQUACHA Abquare

 


ملخص باللغة العربية:

يأتي هذا المقال في سياق إرساء ترسانة قانونية متكاملة الأركان للمالية التشاركية، بعد إعلان ولادة قوانين جديدة تمهد لها، كالبنوك التشاركية، الصكوك، والتأمين التكافلي، ودراستنا ستنصب على هذا الأخير الذي يعد حجر أساس لاشتغال البنوك التشاركية، وقد تناولنا فيه بعض الملامح المهمة التي تسمح بالتعرف عليه عن كثب، من خلال تسليط الضوء على الإطار المفاهيمي لهذا التأمين، وأطرافه، وكذا المبادئ الأساسية التي يقوم عليها وتمييزه عن التأمينات الأخرى. فهو مدخل مهم للباحثين في المالية الإسلامية ولاسيما، التأمين التكافلي.

 

Summary in English:

This article is part of the context of the establishment of an integrated legal arsenal for crowdfunding, after announcing the birth of new laws that open the way for them, such as crowdfunding, Sukuk and Takaful, and our study will focus on the latter, which is the essential functioning of participatory banks, and we have discussed some important characteristics that allow By getting to know it closely, by highlighting the conceptual framework of this insurance, and its parts, as well as the basic principles on which it is based and distinguishing it from other insurance. It is an important entry for researchers in Islamic finance, especially takaful insurance.


 

مدخل:

مما لا شك فيه أن التأمين التكافلي يختلف في كثير من خصائصه عن التأمين التقليدي، لذلك أحاطه المشرع المغربي بنصوص قانونية خاصة شكلت خصوصية لهذا النوع من التأمين لكي ينسج خيطاً فاصلاً بين التأمينين التقليدي والتعاضدي من جهة، والتأمين التكافلي من جهة أخرى، وهو الأمر الذي تمثل في إصدار قانونين متممين ومعدلين[1] لمدونة التأمينات[2]، اللذان يشكلان المرجع في تطبيقه.

وباعتبار هذا القانون هو قانون مقتبس من نظام الشريعة الإسلامية الغراء، كان لابد للمشرع أن يسيِّجه بمصطلحاتٍ ومفاهيمَ خاصة ٍ تنسجم وخصوصيتَه الإسلامية، سواءٌ من حيث المضمونُ أو الشكل. فمن حيث المضمون يجب أن يكون التأمين التكافلي بعيداً عن أية شبهة تؤدي به إلى الغرر أو المقامرة أو تحصيل فائدة، ومن حيث الشكل يجب أن  تكون مصطلحاته مغايرة للتأمين التقليدي حتى لا يقع تضارب بين التأمينين عند التطبيق.

لذلك، ولمزيد من التفاصيل حول هذه الخصوصية التي يتميز بها التأمين التكافلي، سنتطرق في المطلب الأول إلى (الإطار المفاهيمي للتأمين التكافلي) على أن نخصص المطلب الثاني (لمرتكزات التأمين التكافلي).

المطلب الأول : الإطار المفاهيمي للتأمين التكافلي

تضمن القانون رقم 59.13 المتعلق بالتأمين التكافلي، إطاراً مفاهيمياً خاصاً يشكل خصوصيةً لهذا النوع من التأمين، وقد جاءت المادة الأولى منه، برمتها تعريفات لأنواع التأمينات التي تنظمها مدونة التأمينات، والتي أورد فيها المشرع المصطلحات الخاصة بالتأمين التكافلي.

إن مفهوم التأمين التكافلي منفتح على عدة أوجه تعريفية تنوع بين ما هو فقهي إسلامي، وما هو قانوني تشريعي، ولتوضيح هذا الأمر سنعمل على تحديد مفهوم التأمين التكافلي (الفقرة الأولى) قبل أن نتناول أطراف هذا التأمين (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : مفهوم التأمين التكافلي

يتخذ مفهوم التأمين التكافلي أبعاداً متعددة من حيث مصطلحُه، فتجد بعض الدول تسميه بالتأمين التكافلي (كالمغرب وتونس والامارات وتركيا) وأخرى تتخذ له اسم التأمين التعاوني (كالسعودية والجزائر) إضافة إلى نعته بالتأمين التبادلي[3] في بعض الكتب المشرقية أحياناً، أو بالتأمين الاسلامي أحايين أخرى، وكلها أسماءٌ لمُسمى واحدٍ، تندرج ضمن مقولة "لا مشاحة في الاصطلاح".

إن التأمين التكافلي باعتباره مستمداً من قواعد الشريعة الاسلامية السمحة، شهد تعريفات تنوعت بين ما هو فقهي (أولاً) وما هو قانوني تشريعي (ثانياً).

أولاً : التعريف الفقهي للتأمين التكافلي   

بادئاً، التأمين في اللغة، مشتق من الجذر اللغوي "أمِنَ" ومنها أمْناً وأماناً وأمانةً وأمَناً وإمْناً وأمَنَةً : اطمأن ولم يخفْ، فهو آمنٌ وأمِنٌ وأمينٌ. يقال : لك الأمانُ : أي قد آمنتك. وأمَّنَ : على الشيء دفع مالاً منجّماً لينال هو أو ورثته قدراً من المال متفقاً عليه، أو تعويضاً عما فقَد. يقال أمّن على حياته، أو على داره، أو سيارته. واستأمن إليه : استجاره وطلب حمايته، ويقال : استأمن الحربي : استجار ودخل دار الإسلام مستأمِناً. واستأمن فلاناً : طلب منه الأمان[4].         

بينما التكافل، في اللغة مشتق من الجذر اللغوي "كفل" يقال كفل المال وبالمال: ضمنه. وكفل بالرجل يكفُل وتكفِل كفلا وكفولا وكفالة وكفُل وكفِل وتكفّل به، كله: ضمنه. وأكْفَلهُ إياه وكفّله: ضمّنه، وكفلتُ عنه بالمال لغريمه وتكفّل بدينه تكفّلا. والكافل والكفيل: الضامن[5].

واصطلاحاً عرفه الكثير من الفقهاء المسلمين، بتعاريفَ شِبْه متَّفقٍ عليها، نُجملها فيما يلي:

v   تعريف الفقيه مصطفى الزرقا[6] : "التأمين التبادلي هو الذي يقوم به فئة من النّاس يتعرضون لنوع من المخاطر، فيكتتبون فيما بينهم بمبالغ نقدية يقدم كل منهم حصته منها، وتوضع في صندوق للطوارئ ليؤدى منها تعويض لأي مكتتب (مساهم) منهم عندما يقع عليه الخطر الذي اكتتبوا من أجله، فإن لم تفِ الأقساط المجبية تزاد أو يُكتفى بالموجود منها، وإن زاد منها شيء بعد تعويض الضرر الواقع على صاحبه يعاد إلى المكتتبين، أو يترك رصيداً للمستقبل".

انطلاقاً من هذا التعريف، نجد أن "الفقيه الزرقا" قدم تعريفاً دقيقاً للتأمين التكافلي، واستعمل ألفاظاً قانونية من قبيل (مكتتب، مساهم، أقساط) وكلها ألفاظٌ تدل على مؤسسة التأمين (في شكل شركة مساهمة) التي تقوم بدور المسير لهذه الاشتراكات، لذلك نرى أن هذا التعريف من حيث مُصطلحاتُه قريبٌ، من التعريف القانوني للتّأمين التقليدي، ومن حيثُ مضمونُه فهو مختصٌّ بالتّأمين التكافلي.

v   تعريف الفقيه السنهوري[7] : "التأمين التّعاوني ليس إلا تعاوناً منظّماً تنظيماً دقيقاً بين عدد كبير من النّاس معرضين جميعاً لخطر واحد، حتى إذا تحقق الخطر بالنسبة إلى بعضهم تعاون الجميع على مواجهته، بتضحية قليلة يبذلها كل منهم يتلافون بها أضراراً جسيمة تحيق بمن نزل الخطر به منهم لولا هذا التعاون". يضيف الفقيه السنهوري في نفس السياق "وشركة التأمين ليست في الواقع من الأمر إلا الوسيط الذي ينظم هذا التعاون على أسس فنية صحيحة، وهي أسس معقدة في أشد الحاجة إلى جهود شركات ضخمة". فالتأمين التكافلي إذن حسب الفقيه السنهوري، هو تعاونٌ محمودٌ، تعاونٌ على البر والتقوى، يبر به المتعاونون بعضهم بعضاً، ويتقون به جميعاً شر المخاطر التي تهددهم.

v   وفي الاتجاه نفسه ذهب الأستاذ "حسن علي الشاذلي" وعرّفه بأنه "اتفاق بين مجموعة من الأشخاص على تعويض الأضرار التي قد تلحق بأحدهم إذا حدث له خطر معين، نظير تبرع كل منهم باشتراك (ثابت أو متغير) لسداد هذه التعويضات منه، حيث يتكون من اشتراكاتهم رصيد يمكن به تغطية الأضرار التي قد تحدث أثناء المدة المحددة في العقد لأي واحد منهم، فإذا زادت الأضرار عن الاشتراكات زيد في الاشتراك، وإذا نقصت كان للأعضاء استرداد الزيادة، أو جعلها رصيداً للمستقبل وفقاً للنظام الذي يتفقون عليه"[8].

v   أما العلامة "قرة داغي" فيعرفه على أنه "اتفاقٌ بين شركة التأمين الإسلامي، باعتبارها ممثلة لهيئة المشتركين (حساب التأمين التكافلي، أو صندوق التأمين التكافلي) وبين الراغبين في التأمين (شخص طبيعي/اعتباري) على قبوله عضواً في هيئة المشتركين والتزامه بدفع مبلغ معلوم (الاشتراك) على سبيل التبرع به وبعوائده لصالح حساب التأمين على أن يدفع له عند وقوع الخطر طبقاً لوثيقة التأمين والأسس الفنية والنظام الأساسي للشركة[9]. والتأمين بهذا المعنى، قريب جدا من المفهوم القانوني للتأمين التكافلي  المنصوص عليه من طرف المشرع المغربي، في القانون رقم 59.13. فما هو هذا التعريف القانوني؟ وهل يمكن أن نعتبره تعريفاً قانونياًّ، خصوصاً إذا علمنا أن مهمة التعريف مهمةٌ فقهية لا تشريعية؟ هذا ما سنتحدث عنه خلال الفقرة التالية.

ثانياً : التعريف القانوني للتأمين التكافلي    

بالعودة إلى الفقرة 15 المادة الأولى من القانون  17.99 المغربي كما تم تتميمه وتعديله بمقتضى القانون رقم59.13  نجد أنها عرفت التأمين التكافلي بكونه  "عملية تأمين تتم وفق الآراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي...، بهدف تغطية الأخطار المنصوص عليها في عقد التأمين التكافلي بواسطة حساب التأمين التكافلي أو الاستثمار التكافلي، يُسيَّر، مقابل أجرة التسيير، من طرف مقاولة للتأمين وإعادة التأمين معتمدة لمزاولة عمليات التأمين التكافلي. ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن يترتب قبض أو أداء أي فائدة على عمليات التأمين التكافلي وعلى نشاط تسيير صندوق التأمين التكافلي من لدن مقاولة للتأمين وإعادة التأمين"[10].

نلاحظ من خلال هذا التعريف أنه لم يتحدث عن عقد تأمين وإنما عن عملية تأمين، هذه الأخيرة التي يقصد بها مجموع الخطوات التقنية والمالية التي يكون على المؤمن أن يعتمدها من أجل التعاطي لنشاطه، وتتمثل في  قيام مقاولة التأمين بإدارة عملية التأمين بين مجموعة من المشتركين لمواجهة الأخطار التي تلحق بعضهم أو أحدهم، وفق شروط معينة[11].

 ويبدو ذلك جلياً من خلال ورود مصطلحات من قبيل "مقاولة التأمين" و"أجرة تسيير" "حساب التأمين التكافلي" و"الاستثمار التكافلي" دون حديث عن المشتركين، ولا عن مبدأ التعاون الذي يكون بينهم. الأمر الذي يجعلنا لا نعتبر ما ورد في المادة أعلاه تعريفا لعقد التأمين التكافلي، بل هو تعريف لعملية التأمين التكافلي.

v   أما المشرع البحريني فقد اعتبره "نشاطاً تعاونياً يتفق وأحكام الشريعة الاسلامية، يقوم على مشاركة وتكافل مجموعة من الأشخاص لمواجهة أخطار محددة محتملة، من خلال أداء اشتراكات نقدية للشركة لاستخدامه في تعويض المضرور في حال وقوع الخطر المؤمن ضده، ويشمل ذلك نشاط إعادة التأمين التكافلي"[12]. ولو علقنا على هذا التعريف لوجدناه أقرب إلى مدخل عام يقدم فكرة مقتضبة عن مفهوم التأمين التكافلي، في انتظار تحديده وتعريفه من طرف الفقه.

v   في حين عرفه المشرع الإماراتي في المادة الأولى من القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2010 في شأن هيئة التأمين وتنظيم إعماله "تنظيم تعاقدي جماعي يهدف إلى تحقيق التعاون بين مجموعة من المشتركين في مواجهة أخطار معينة حيث يقوم كل منهم بدفع اشتراك معين يؤدي إلى تكوين حساب يسمى حساب المشتركين يتم من خلاله دفع التعويض المستحق لمن يتحقق الخطر بالنسبة إليه وتقوم شركة التأمين التكافلي بإدارة هذا الحساب واستثمار الأموال المتجمعة فيه مقابل مكافأة معينة".

v   والتعريف الاماراتي قريبٌ من التعريف التونسي، إذ نجد المشرع التونسي، ذهب  في الفصل 201 من القانون رقم 47/2014[13]  إلى إعطاء تعريف دقيقٍ للتأمين التكافلي إذ نصّ : "نظام تعاقدي تلتزم بمقتضاه مجموعة من الأشخاص يدعون"المشتركين" بتحقيق التعاون بينهم في حالة تحقق الخطر أو حلول الأجل المبين بعقد التأمين التكافلي وذلك بدفع مبلغ مالي على سبيل التبرع يدعى "معلوم الاشتراك".

فعلى غرار ما جاء في المادة الأولى من مدونة التأمينات المغربية أعلاه، نجد أن المشرع التونسي، قد تنبّه إلى هذه الحيثية الدقيقة، حيث قدم تعريفاً قانونياً لعقد التأمين التكافلي، ثم أعقبه بعد ذلك بتوضيح مضمون عملية التّأمين" تقوم مؤسسة التأمين التكافلي بإدارة صندوق المشتركين واستثمار الأموال المتجمعة فيه مقابل عمولة معينة وبما يتفق والمعايير الشرعية".

كما نسجل للمشرع التونسي تيقظه لبعض المصطلحات التي تميز هذا النوع من التأمين عن التأمينات التقليدية، وهو النهج الذي سار عليه المشرع المغربي كذلك، نؤجل الحديث عنه في وقته.

الفقرة الثانية: أطراف التأمين التكافلي

إن عمليات التأمين التكافلي، كغيرها من عمليات التأمين يتوجب لإتمامها وجود عناصر وأركان أساسية، تتمثل في المشترك، والمؤمن له، واشتراك المشترك، وحساب التأمين، ومقاولة تسير هذا الحساب (المؤمن) وغيرها، وبعيداً عن المنهجية التقليدية، ارتأينا أن نقسم هذه العناصر إلى شقين، نتناول في الأول (مقاولة التأمين التكافلي) وما يندرج ضمنها من أنشطة، على أن نتناول في الثاني (المشتركون) وما يرتبط بهم من عمليات.

أولاً: مقاولة التأمين التكافلي

تزاول المقاولة المعتمدة لممارسة عمليات التأمين التكافلي وإعادة التأمين التكافلي، في علاقتها مع المشتركين، عدة عمليات من زمرتها:

أ‌-        التسبيق التكافلي : باعتباره مبلغاً يؤدى من طرف مقاولة التأمين وإعادة التأمين التي تمارس عمليات التأمين التكافلي أو إعادة التأمين التكافلي لسد العجز الناجم عن عدم كفاية الأصول الممثلة للاحتياطيات التقنية مقارنة مع هذه الاحتياطات والذي يمكن استرجاعه من الفوائض التقنية والمالية المستقبلية لحساب التأمين أو إعادة التأمين التكافلي. ولا يمكن أن تترتب عن التسبيق التكافلي أي فائدة (البند 23 من المادة الأولى).

ب‌-  حساب إعادة التأمين التكافلي : حساب يتكون من اشتراكات حسابات التأمين التكافلي تدفع من قبل مقاولة التأمين التكافلي وإعادة التأمين التكافلي المحيلة المكلفة بتسيير هذه الحسابات ومن جميع عائدات هذا الحساب، بما في ذلك العائدات الناتجة عن استثمار رصيده، ويتم من خلاله أداء المبالغ والتعويضات المستحقة برسم اتفاقيات إعادة التأمين والمصاريف الخاصة بهذا الحساب وكذا تكوين مختلف الاحتياطيات والمخصصات. (البند 28 من المادة الأولى).

ج‌-    تسيير حساب التأمين التكافلي : يجب على المقاولة المعتمدة لمزاولة عمليات التأمين التكافلي أو إعادة التأمين التكافلي مسك وتدبير حسابات التأمين التكافلي أو إعادة التأمين التكافلي بصفة منفصلة عن حساباتها الخاصة (الفقرة 2 من المادة 2-10) وهذا ما سنعالجه في المطلب الثالث.

ثانياً: المشتركون

نسجل للمشرع المغربي حسنة مهمة في القانون رقم 59.13 الذي ميّز بموجبه كثيراً من مصطلحات التأمين المعهودة في التأمين التقليدي، من قبيل (المكتتب، القسط...) حيث استعاض عنها المشرع في ظل هذا القانون بمصطلحات بديلة، لها علاقة بخصوصية هذا النوع من التأمينات فجعل عوض المكتتب أو المتعاقد، لفظ "المشترك"، وعوض -قسط التأمين في التأمين التقليدي، أو اشتراك التأمين في التأمين التعاضدي- بعبارة "اشتراك المشترك"[14]، فكلما استعمل المشرع "قسط التأمين" كنا أمام تأمين تقليدي، وكلما استعمل "اشتراك التأمين" كنا أمام تأمين تعاضدي، وكلما استعمل "اشتراك المشترك" كنا أمام تأمين تكافلي.

ولأجل التعريف بالمشتركين، و دورهم في تكوين حسابات التأمين التكافلي، نسلط الضوء على ما يلي:

أ‌-        المشترك : عرف المشرع المكتتب أو المتعاقد في البند 49 من المادة الأولى "هو شخص معنوي أو طبيعي يبرم عقد تأمين لحسابه أو لحساب الغير ويلتزم بموجبه تجاه المؤمن بتسديد قسط التأمين. ويراد بالمكتتب أو المتعاقد، فيما يخص عقد التأمين التكافلي، المشترك". والفرق بين المشترك والمؤمن له أو المستأمن، هو أن المشترك أحياناً قد يبرم عقد التأمين التكافلي، ليس لمصلحته، بل لفائدة شخص آخر، هذا الأخير الذي ساوى المشرع بينه وبين مثيله في التأمين التقليدي، بأنْ نعته بـ"المؤمن له" الذي قد يكون شخصاً طبيعياً أو معنوياً يرتكز التأمين عليه أو على مصالحه.

ب‌-   اشتراك المشترك : عرف المشرع "القسط" في البند 42 من المادة نفسها، بأنه "مبلغ مستحق على مكتتب عقد التأمين مقابل ضمانات يمنحها المؤمن. ويراد بالقسط، فيما يخص التأمين التكافلي، اشتراك المشترك" وهذا ما أوضحناه في الفقرة أعلاه. وبالتالي فالاشتراك هو ذلك المبلغ من المال الذي يدفعه المشتركون، على سبيل التبرع لمقاولة التأمين التكافلي، قصد تلافي الخطر الذي قد يتعرض له أحدهم، بشكل تعاوني وتكافلي بينهم، هذه الاشتراكات التي تنتظم في حساب يسمى بـ"حساب التأمين التكافلي".

ج‌-    حساب التأمين التكافلي : حساب يتكون من اشتراكات المشتركين في عملية للتأمين التكافلي ومن جميع عائدات هذا الحساب، بما في ذلك العائدات الناتجة عن استثمار رصيده ويتم من خلاله أداء المبالغ والتعويضات المستحقة برسم عقود التأمين والمصاريف الخاصة بهذا الحساب وكذا تكوين مختلف الاحتياطيات والمخصصات (البند 27 من المادة الأولى).

الفرق بين هذا الحساب وحساب إعادة التأمين التكافلي، هو أن الأول يمول من اشتراكات المشتركين، ومن عائدات استثمار هذه الاشتراكات، بينما الثاني فيمول من اشتراكات حسابات التأمين التكافلي التي تدفعها مقاولة التأمين التكافلي.



[1]  هما: القانون رقم 59.13 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.129 في 21 من ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016)، في 17 ذو الحجة 1437 (19 سبتمبر 2016)، الجريدة الرسمية عدد 6501 ص 6649.

والقانون رقم 87.18 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.110 بتاريخ 07 ذي الحجة 1440 (9 أغسطس 2019 في 20 ذو الحجة 1440 (22 أغسطس 2019 )، الجريدة الرسمية عدد 6806، ص 5787.

[2]  القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، الصادرة بتاريخ 2 رمضان 1423 (7 نوفمبر 2002)، ج  ر عدد 5054، ص 3105.

[3]  هناك من يفرق بين التأمين التبادلي، والتأمين التكافلي، ومع ذلك فإننا لا يمكننا اعتبارهما إلا تأميناً واحداً.

[4]  مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، مصر، الطبعة الرابعة، 2004، ص 28. بينما التكافل فهو التعاون والتآزر والتضامن بين مجموعة من الناس.

[5]  أبول الفضل جمال الدين ابن منظور، لسان العرب، ج 11، دار صادر، بيروت، دون طبعة، ص 590.

[6]  مصطفى أحمد الزرقاء، نظام التأمين، حقيقته والرأي الشرعي فيه، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1984.

[7]  عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الثامن، المجلد الثاني عقد الغرر (عقود المقامرة والرهان والمرتب مدى الحياة، وعقد التأمين)، دار أحياء التراث العربي، بيروت، طبعة 1964، ص 109.

[8]  حسن علي الشاذلي، التأمين التعاوني الإسلامي، حقيقته، أنواعه، مشروعيته، ورقة بحثية قدمت لمؤتمر التأمين التعاوني "أبعاده وآفاقه وموقف الشريعة الاسلامية منه، المنظم بين الجامعة الأردنية، مجمع الفقه الإسلامي، المنظمة الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)، والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بقطر، خلال يومي 11-12 أبريل 2010، ص 13.

[9]  علي محيى الدين القرة داغي، التأمين التعاوني : ماهيته وضوابطه ومعوقاته - دراسة فقهية اققتصادية - الدوحة، طبعة 2009، ص 16.

[10]  كما عرّف في نفس المادة عملية إعادة تأمين بأنها "عملية تتم وفق الآراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى، بهدف تغطية الأخطار المنصوص عليها في اتفاقية إعادة التأمين التكافلي بواسطة حساب إعادة التأمين التكافلي يسير، مقابل أجرة التسيير، من طرف مقاولة للتأمين وإعادة التأمين معتمدة لمزاولة عمليات إعادة التأمين التكافلي".

[11] فؤاد معلال، الوسيط في قانون التأمين (دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمين المغربية الجديدة)، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، سنة 2011، ص 15.

[12]  الفقرة السادسة في المادة الأولى من المرسوم السلطاني، رقم 11/2016  المتعلق بإصدار قانون التأمين التكافلي.

[13]  قانون عدد 47 لسنة 2014 مؤرخ في 24 جويلية 2014 يتعلق بتنقيح وإتمام مجلة التأمين التونسية.

[14]  كما نجد المشرع العماني استعمل لفظ "الاشتراكات"، المادة الأولى من المرسوم السلطاني، رقم 11/2016  المتعلق بإصدار قانون التأمين التكافلي .أما المشرع التونسي فقد سمّأه بــ"معلوم الاشتراك".  الفصل 201 من مجلة التأمين التونسية.


من أجل تحميل هذا المقال كاملا إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك

من أجل تحميل هذا العدد الحادي عشر - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث