مؤسسة : مؤسسة قاضي التنفيذ في المغرب و موريتانيا - محمد شكار

 

مؤسسة : مؤسسة قاضي التنفيذ  في المغرب و موريتانيا

Institution: Institution of Execution Judge in Morocco and Mauritania

 محمد شكار / باحث في القانون الخاص

Mohammed Chakare

 


المقدمة

عرض مختلف عناصر المقدمة مثل: بيان أهمية موضوع البحث – إشكالية البحث وأسئلته – أهداف البحث- منهج المعالجة – الدراسات السابقة- الخطة. (من صفحتين إلى أربعة). مما لا شك فيه أن التنفيذ يتوقف على فعالية الاجهزة المشرفة على سيره و مراقبته، لذلك أجمعت التشريعات  على إسناد مهمة الإشراف والرقابة على سير عملية التنفيذ للقضاء .         

و تماشيا مع الدور الذي بات يلعبه القضاء في استتباب الأمن والسلم الاجتماعيين و النهوض بالنمو الاقتصادي، تم إحداث محاكم تجارية بالمغرب، لأول مرة، حيث  نص القانون المنظم لإحداث هذه المحاكم، على إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ قصد السهر ومتابعة إجراءاتها التنفيذية.

ونص الفصل الثاني من قانون إحداث المحاكم التجارية على إحداث هذه المؤسسة ، و يعتبر هو  الفصل الوحيد الوارد في هذا المجال، و يحيل هذا  القانون _ 95-53 _ من خلال مادته 23  على مقتضيات قانون المسطرة المدنية،  ما لم يوجد نص مخالف،  مما يفسر أن اختصاصات قاضي متابعة إجراءات التنفيذ غير واضحة المعالم وغير مؤسسة على قواعد قانونية جديرة بالاهتمام مما يجعلها مؤسسة غير ذات مضمون حقيقي . لأن قانون المحدث للمحاكم التجارية تطرق بصفة مقتضبة عن القاضي المكلف بمتابعة اجراءات التنفيذ دون التطرق للإختصاصات الموكلة إليه ، و ارجع ذلك إلى قانون المسطرة المدنية، مما جعل الغموض يكتنف بعض الاختصاصات المسند للقاضي المكلف بمتابعة اجراءات التنفيذ . و لم تنص القوانين الموريتانية على مؤسسة قاضي التنفيذ كمؤسسة قائمة بذاتها ،وإنما اكتفى بإسناد هذه المهمة إلى رأساء  المحاكم و العدول المنفذين و إشراف النيابة العامة .

وتكمن أهمية الموضوع في المكان التي يحتلها التنفيذ في نفوس المتقاضين حيث يعتبر هو الغاية من اللجوء للقضاء لطلب الحصول على احكام قابلة للتنفيذ .

ونظرا لأهمية التنفيذ و خطورته في نفس الوقت احاطته التشريعات بضمانات كبيرة ،بحيث أوكلت مهمته إلى قضاة لليواكبوا هذه المرحلة ،ويسمى هذا القضاء قضاء التنفيذ ،و مؤسسة مستقلة وحدها عند بعض التشريعات ،إلا أن المشرع المغربي و الموريتاني لم ينشأ هي المؤسسة  إلى حد الان ،تاركا مهمة التنفيذ لقاضي يسمى "القاضي المكلف بالتنفيذ " و يعاونه في هذه المهمة العدول المنفذون ولذلك لم يتم حتى الآن احداث مؤسسة قاضي التنفيذ في المغرب وموريتانيا لتكون مستقلة، توكل إليها مهمة التنفيذ و مشالكه ، رغم الحاجة الماسة إليها .

فإلى أي حد استطاع المشرعان المغربي و الموريتاني من خلال قانون المسطرة المدنية الاستجابة لمختلف الإشكالات التي تطرحها عملية تنفيذ الأحكام المدنية ؟ و ما هو الدور الذي تلعبه الأجهزة المكلفة بمتابعة إجراءات التنفيذ ؟ وهل هي كافية وحدها للقيام بهذه المهمة ؟ و ما هي أهمية استحداث مؤسسة قاضي التنفيذ في المغرب و موريتانيا ؟

أسئلة ستكون الإجابة عنها على شكل المنهجية التالية ،و التي اعتمدت فيها على المنهج الاستقرائي و المنهج المقارن .

وذلك في التصميم التالي :

المطلب الاولى: قاضي التنفيذ في التشريع المغربي

المطلب الثاني : مؤسسة قاضي التنفيذ في الموريتانيا

المطلب الاولى: قاضي التنفيذ في التشريع المغربي

بالرغم من مناداة البعض بالتشبث بالنظام الحالي و الاكتفاء بحسن تطبيقه ، نرى أن اعتماد مؤسسة قاضي التنفيذ في المغرب يفرض نفسه وذلك مواكبة للتغيير ات التي حصلت على المجتمع ومواكبة كذلك للتطور الذي حصل على مستوى التشريعات المقارنة التي أهم ما نستقيه منها تفادي تعدد جهات الاختصاص بالنسبة لمنازعات التنفيذ و تشتت المصادر .

 

الفقرة الاولى : المناداة بإنشاء مؤسسة قاضي التنفيذ بالمغرب

إن مؤسسة قاضي التنفيذ على مستوى المحاكم العادية،  تم التكريس لها من خلال مجموعة من الرسائل الدورية الصادرة عن وزارة العدل التي تهدف إلى تعبئة،  المحاكم سنويا  لتدبير والقضاء على مخلف ملفات التنفيذ،  بلغ عددها ست رسائل كان أخرها الرسالة عدد 8912 بتاريخ 15/04/2008[1] ويتم التنصيص في كل رسالة دورية على تعيين قاضيا للتنفيذ،  توكل إليه مهمة تتبع إجراءات التنفيذ دون تحديد اختصاصاه بشكل واضح مما أدى إلى خلق تذبذب واضح انعكس سلبا على وظيفة هذا الجهاز وبالتالي عدم التوصل إلى إشراف فعال له على إجراءات التنفيذ.

ولعل السبب في عدم نجاح هذه التجربة كون المشرع لم يفرد فصولا خاصة لمؤسسة قاضي التنفيذ تحدد اختصاصاتها بشكل واضح وجلي على غرار قاضي تطبيق العقوبات وقاضي التوثيق سيما وأنه يتم تعيينهما بمرسوم من وزير العدل لمدة ثلاث سنوات وتم التنصيص على اختصاصاتهما بنصوص قانونية صريحة.

ينضاف إلى ذلك الدور المكرس لرئيس المحكمة الابتدائية باعتباره قاضيا للتنفيذ في دائرة نفوذ محكمته لمنحه البت في الصعوبات الوقتية للتنفيذ طبقا لفصلين 149 و 436 من ق.م.م. إضافة إلى إشرافه على عمليات التنفيذ وإصداره مختلف الأوامر والقرارات الولائية المتعلقة بها"[2].

إضافة إلى الأدوار المنوطة برئيس مصلحة كتابة الضبط الذي يعتبر المشرف الفعلي على التنفيذ من الناجية العملية،  كل ذلك،  وفي غياب تحديد واضح الاختصاصات مؤسسة قاضي التنفيذ،  جعل من هذه الاخيرة  تجربة تفتقد إلى الرؤية والتصور الواضحين،  وبالتالي عدم نجاحها في مهمتها ولعل الواقع العملي خير دليل على ذلك،  بل إن عدد من المحاكم تعين قضاة لتتبع إجراءات التنفيذ في جمعياتها العمومية.

ويشار إلى ذلك بمحضر الجمعية في حين يظل رئيس المحكمة هو المحدد والمشرط بل الممارس على مستوى تتبع الإجراءات التنفيذية،  فضلا عن اختصاصه في كل القضايا والنزاعات التي تهم التنفيذ دون غيره. و إن الاقتضاب الذي تعامل به المشرع مع هذه المؤسسة من خلال إغفاله تحديد اختصاصات القاضي المكلف بتتبع إجراءات التنفيذ من جهة،  وعدم التأصيل لها وشرعنتها من خلال نصوص قانونية واضحة المعالم،  لا من خلال دوريات سنوية تتم فيها إشارات عابرة لهذه المؤسسة،  كل ذلك أدى إلى إحداث نوع من  التقاطع في اختصاصات رئيس المحكمة،  وكذا تداخل اختصاصاته مع رئيس مصلحة كتابة الضبط باعتباره جهاز إداري"[3].

وفي غياب أي نص ينظم اختصاصات هذه المؤسسة باستثناء النص اليتيم المشار إليه بخصوص إحداث المحاكم التجارية[4]،  وبعد توالي الرسائل الدورية لوزارة العدل منذ تاريخ 07 دجنبر 1998 حولها،  جعل بعض الفقهاء والمتتبعين يرون أن تلك بدايات وإرهاصات أولى لمؤسسة  قاضي التنفيذ كما هو الشأن لعدد من التشريعات المقارنة،  إلا أن هذه المؤسسة لا زالت في حاجة إلى رؤية وواضحة وفاحصة،  حتى تتبوأ مكانتها المرجوة وتساهم لا محالة في تدليل العديد من إجراءات التنفيذ،  وبذلك يتم تخفيف العبء على رؤساء المحاكم وتحقيق التخصص الذي أصبح حتمية لابد من منها.

إن إنشاء مؤسسة قاضي التنفيذ تتبوأ مكانة مركزية في عدد من الأنظمة القضائية المقارن كما سبق أن تقدم معنا،  لأن نجاعة السلطة القضائية تكمن أولا في تهيئة السند التنفيذي أولا،  ثم تمكين  الدائن من اقتضاء حقه عن طريق التنفيذ،  وهاتين الوظيفتين تتكامل فيما بينهما،  مما يستدعي توفير إشراف متواصل على  إجراءات التنفيذ وعلى الأجهزة المشرفة عليه،  وذلك لا يتأتى إلا بخلق جهاز قضائي نوعي ومستقل.

وإذا كانت وزارة العدل قد وعت هذه الأهمية وتنبهت إلى خلق هذا النوع من القضاء بموجبه الرسالة الدورة عدد 16 بتاريخ 07 دجنبر 1998،  وجهت إلى السادة رؤساء المحاكم الابتدائية بإحداث قاضي مكلف بتتبع إجراءات التنفيذ على غرار ما ودر بالقانون المحدث للمحاكم التجارية كماس بق أن تقدم فإنها بقيت مبادرة غير جريئة لعدم تنصيصها وتحديدها لاختصاصاته وحدود ممارسته،  سيما وأن الممارسة العملية تفرض بحدة وجود هذا النوع من القضاة.[5]

وبغض النظر عما أثارته الولادة القيصرية لهذه المؤسسة من إشكالات ثم بسط بعضها بالفقرة  السابقة،  وفي إطار طرح بدائل عملية وعلمية استنادا على تجارب أكدت ورسخت تقاليد لمؤسسة قاضي التنفيذ وجعلت منه جهة أساسية في نظامها القضائي،  نورد الملاحظات التالية بخصوص التأسيس لهذه المؤسسة للخروج بها من حيز الوجود إلى حيز الفعل والممارسة وذلك بإسناد اختصاصات ومهام لها تمارسها باستقلالية تامة كما هو الشأن بالنسبة لباقي التخصصات القضائية الأخرى.

فبالنظر للمشاكل التي ما فتئت تتزايد بخصوص عمليات التنفيذ سواء كانت ناتجة عن النزاعات والصعوبات الجدية المثارة أثناء التنفيذ أو التي تهدف إلى المماطلة والتسويق قصد تأخير وإبطاء عملية التنفيذ مع ما يترتب عن ذلك ن أثار قانونية،  فلابد أن يمنح المشرع لقاضي التنفيذ سلطات وواسعة بخصوص مراقبته وإشرافه على إجراءات التنفيذ،  مع توضيح الحدود القانونية في تعامله مع باقي مأموري التنفيذ والمفوضين القضائيين،  وهذا يستدعي تحديد هذه السلطات ورسم ملامحها.[6]

وبخصوص الإشراف على عمليات التنفيذ فإنه يتعين التفريق بين السلطات الإدارية المخولة لرئيس مصلحة كتابة الضبط والسطات القضائية الممنوحة لقاضي التنفيذ في حدود إشرافه على سلامة وصحة قانون الإجراءات التنفيذية وتوجيه القائمين عليها ويأمر بما يراه لازما لتدبيرها والحرص على وصول الحقوق لذويها وذلك لا يتأتى إلا بوجود قضاء متخصص ونوعي يتابع هذا النوع من الإجراءات بشكل مستمر في كل خطوة من خطوات التنفيذ وممارسة رقابته على ما ينجز من محاضر وتقارير من طرف مأموري إجراءات التنفيذ،  مما يستدعي تفرغه لهذه المهمة،  وإذا عهد إليه بمهام قضائية أخرى حسب خصاص المحاكم وطبيعة تركيبتها فيجب أن تكون على حساب مهمته الجوهرية.[7]

وعلاقة بما سلف ولأهمية تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية التي يجب أن تتسم بالفعالية والسرعة فيجب أن يجعل من قاضي التنفيذ محكمة قائمة بذاتها لها اختصاصها النوعي المتمثل في الفصل في منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية وإصدار الأوامر والقرارات الولائية المتعلقة بها"[8] وهذا يعني التأسيس لجهة مستقلة ذات اختصاصات واضحة.

وحتى يتأتى تكريس هذا الوضع،  فيجب منح حق النظر والحسم في جميع المنازعات التي تثار أثناء التنفيذ لقاضي التنفيذ وتوضحي النطاق الممارساتي له أي اختصاصاته الوظيفي والعناصر التي تساهم وتحدد هذا الاختصاص فيما إذا كان نوعيا أو محليا.

ولعل كل ذلك سيساهم لا محالة في توحيد الاختصاص في مسائل التنفيذ تفاديا لعدد من الإشكاليات التي تثار أثناء هذه المرحلة من الخصوصية القضائية،  وذلك لا يتأتى إلا بخلق جهة واضحة المعالم تنظر في منازعات التنفيذ.

الفقرة الثانية : مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية المغربي الجديد بشأن التنفيذ

تضمنت مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية[9]،  والتي عرض مضامينها وزير العدل  مستجدات من أهمها إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ وإفرادها بمقتضيات خاصة تم من خلالها توسيع اختصاصاته القضائية،  وضمان تيسير إجراءات التنفيذ وسرعتها وعدالتها،  وتنظيم وضبط مسطرة الحجوز التنفيذية والتدخل فيها،  وإقرار صيغة جديدة وسهلة لبيع المحجوز،  ووضع مقتضيات خاصة بتنفيذ الأحكام والقرارات النهائية الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام بالتنصيص على الغرامة التهديدية وإقرار مسؤولية المسؤول على التنفيذ.

وقد دفع بواضعي «مشروع» قانون المسطرة المدنية إلى أحدات مؤسسة قاضي التنفيذ،  والذي أسندت له عدة اختصاصات يمكن إجمالها في׃

§       إصدار أوامر متعلقة بالتنفيذ.

§       -الإشراف على إجراءات التنفيذ.         

§       لبت في صعوبات التنفيذ الوقتية.

§       -منح المهل الاسترحامية.        

§       -بيع القيم المنقولة بالمزاد العلني بما في ذلك تحديد موعد لإجراء البيع.

§       تحديد الثمن الافتتاحي لبيع الأصل التجاري بعد إجراء الخبرة وكذا الشروط الأساسية للبيع.

§       -تحديد يوم وساعة إجراء البيع بالمزاد العلني للعقار.

§       -إعداد مشروع توزيع حصيلة التنفيذ إذ كانت هذه الحصيلة غير كافية.[10]

ويتضح من خلال هاته المقتضيات وما ورد في المواد529 و530 و552 و555،  أن واضعي «المشروع» منحوا قاضي التنفيذ سلطة التدخل في إجراءات التنفيذ،  ولم يقتصر الأمر على مجرد الإشراف والبت في الطلبات التي قد تعرض عليه بصفته القضائية والولائية فحسب،  بل من المآخذ التي سجلت أيضا في هذا السياق،  أن القرارات والأوامر والأحكام المذيلة بالصيغة التنفيذية تستلزمها موافقة قاضي التنفيذ بأمر قضائي وفق شكليات محددة في القانون،  وفي هذا الاتجاه مخالفة للمنطق القانوني السليم الذي يفترض فيه اليسر والسلاسة،  لا تعقيد المساطر بإجراءات إضافية.

وبناء عليه يمكن القول بأن مؤسسة قاضي التنفيذ المستحدثة مأخوذة والى حد كبير عن قانون الإجراءات العثماني،  والذي يعتبر أن ولاية القاضي يندرج ضمنها التنفيذ،  وهذا ما نهجته بعض الدول العربية كما هو الشأن بالنسبة إلى سوريا والعراق ولبنان وكذلك مصر في ظل أحكام قانون المرافعات رقم 88 لسنة 1949 الذي أخذ بنظام قاضي التنفيذ الذي يشتغل تحت إشرافه مأمورو التنفيذ» المحضرون  وفي إطار مشروع قانون المرافعات رقم13 لسنة 1968 تم تبني الرقابة اللاحقة على إجراءات التنفيذ،  فالطلب يقدم إلى» المحضر» باعتباره مساعدا للقضاء حيث يتخذ ما يلزم من الإجراءات بدل الحصول على الإذن المسبق لقاضي التنفيذ،  إلا أن القانون أوجب على» المحضر» عرض الملف عليه عقب كل إجراء ليتخذ ما يراه مناسبا.

عكس ما جاء في المادتين 552 و555 من مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية[11] الذي ينص على ضرورة الحصول على أمر قضائي قبل مباشرة إجراءات التنفيذ،  ما يعني تكريس وتعميق تبعية  المفوض القضائي لمؤسسة قاضي التنفيذ بدون مراعاة أنتولوجية وخصائص المهنة التي تميزها عن باقي مكونات الجسم القضائي.  

أما بالنسبة إلى القانون الفرنسي،  فقد تم تنظيم هذه المؤسسة أي مؤسسة قاضي التنفيذ بمقتضى قانون رقم 650-91 صادر بتاريخ 9 يوليوز 1991 والمرسوم التطبيقي الصادر بتاريخ 31 يوليوز1992 والمعدل للتنظيم القضائي،  حيث نص على وجود قاض للتنفيذ لكل محكمة ابتدائية كبرى بصفته قاضيا منفردا،  ويمكن إحالة النزاع أيضا على الهيأة الجماعية بالصفة نفسها وينظر قاضي التنفيذ من خلال القانون الفرنسي في المنازعات المتعلقة بالتنفيذ وفي صعوبات التنفيذ كما يدخل ضمن اختصاصه إصدار أوامر ولائية كالإجراءات التحفظية والنظر في الطلبات المتعلقة بإيقاف التنفيذ.[12]

وهذه الأوامر لا تقبل الطعن بالتعرض،  ولكن يمكن الطعن فيها بالاستئناف،  ومن هنا يتضح أن دور مؤسسة قاضي التنفيذ هي الإشراف على إجراءات التنفيذ والنظر في الطلبات التي تقدم من الأطراف،  أو ترفع من قبل المفوض القضائي لمناسبة قيامه بعمله،  حيث يبقى هذا الأخير وحده هو المسؤول دون من القاضي،   وإن كان بعض الفقه في المغرب في إطار المقارنة بين مؤسسة  قاضي التنفيذ وقاضي متابعة إجراءات التنفيذ،  يحاول إيجاد تبرير لتدخل قاضي التنفيذ بشكل قطعي في هاته الإجراءات،  في حين ينبغي أن ينحصر دور هاته المؤسسة القضائية في الإشراف كما هو واضح في النموذج الفرنسي،  وهو الاختصاص الذي يخول لقاضي التنفيذ سلطة البت في المنازعات المرتبطة بالتنفيذ ذات الطبيعة القضائية أو ذات الطبيعة الولائية التي لا تحسم في الجوهر.

ولقد ذهب بعض الفقه في تصورهم لهاته المؤسسة «مؤسسة قاضــــي التنفيذ» وقبل دخول قانـــون 81/03 المنظم لمهنة المفوض القضائــــي إلى اعتبار الأعوان القضائييــــن في علاقتهـــم بقاضي التنفيذ مجرد مأموري التنفيذ والهدف مـــن ذلك هو إخضاعهم لإشرافــــه ومراقبته وفي هـــذا تدخل كامل وتام  في إجراءات التنفـــيذ مما يعني أن «مشروع» قانـــون المسطــرة المدنية في هذا الشق لم يأت من فراغ بل بني على اعتبارات وتصورات سابقة تهدف إلى تمكين قاضـــي التنفيــــذ من آليات قانونية وتشريعية تساعده  وتمنحه سلطــــة نافذة ومؤثــــرة في إطار الرقابة على هــــذه الإجراءات كما هو الشأن بالنسبة إلى قانون العثماني والمصري الذي سار على النهج نفســـه،  وكذا القانون اللبناني حيــــث جاء في المادة 278 من قانون الإجراءات المصري [13] حيث يجري التنفيــــذ تحت إشراف قاضــــي التنفيذ ويعاونه عدد كاف من المحضرين وإن كان طلب التنفيذ يقــــدم إلى المحضر بصفـــته معاونا فانـــه ملزم بعرض الأمر على قاضي التنفيذ عقب كل إجراء يتم من قبل مأمــــور الإجراء، وهـــو الاتجاه نفسه الذي أخذت به مسودة مشروع  قانون المسطرة المدنيـــة المغربي من خلال ما هو مكرس في المادة 529 الذي نص على أنه ينوب عن قاضي التنفيذ في مهامه عند الاقتـــضاء قاض أو أكثر يعيـــن بالطريقة نفسها ويساعده عدد كاف من الموظفين والمكلفين بالتنفيذ وحسب المادة 530 يختص قاضي التنفيذ دون غيره بإصدار الأوامر المتعلقة بالتنفيذ كما يتولى الإشراف ومراقبة سائر إجراءات التنفيذ.



[1]   على غرار المحاكم التجارية ومن أجل ترسيخ نظام قاضي التنفيذ على مستوى المحاكم الابتدائية فقد تم التدشين لذلك بمقتضى الرسالة الدورية عدد 16 بتاريخ دجنبر 1998 اليت حثت هذه المحاكم من خلال جمعياتها العمومية السنوية إلى خلق مؤسسة قاضي مكلف بتتبع إجراءات التنفيذ.

[2]  الفصل 440-448-450-478 من قانون المسطرة المدنية

[3]  غالبا ما يعجز القاضي المكلف بمتابعة إجراءات التنفيذ وهو يباشر مهامه إلى إصدار بعض الأوامر القضائية والتي تبقى من صميم اختصاص رئيس المحكمة كالحجز التحفظي أثناء عملية التنفيذ ( ف 440 ق م م) وتحديد الغرامة التهديدية (ف 448 ق م م) بل إنه غير قادر على اتخاذ بعض التدابير المصاحبة للتنفيذ، تعيين تاريخ السمسرة والبيع بالمزاد العلني وفتح الأبواب والعرف، ولعل ذلك عدم وجود نصوص قانونية تضع حدا للتقاطع في الاختصاصات بين رئيس المحكمة والقاضي المكلف بتتبع إجراءات التنفيذ.

للمزيد من الإيضاح يمكن الاطلاع على ذ/ محمد الكشبور، الكراء المدني والكراء التجاري" م، س، ص: 202، وما يليها

 القانون [4]95 _53 المحدث للمحاكم التجارية بالمغرب  

[5] عبد الكريم كردود /خصوصية تنفيذ الأحكام في المادة المدنية  مرجع سابق ص 37

[6] كماه هو معمول به في اغلب البلدان التي تاخذ بنظام قاضي التنفيذ /انظر اسكندر سعد زغلول /قاضي التنفيذ علما وعملا /دار الفكر العربي /1974 ص 6

[7] محمد قرقاشي /تنفيذ الأحكام المدنية الصادرة عن القضاء المغربي :/ مرجع سابق ص 108

[8]  يميز الفقه عادة بين القرارات الولائية والقضائية بالنزر لطبيعة القرار الذي يصدره القاضي ونوع الإجراءات المتبعة في إصداره، فالأولى تصدر في يغاب الخصوم دون استدعائهم وسماع أقوالهم بخلاف القرارات القضائية التي تستوجب استدعاء الخصوم وسماع دفوعاتهم فالقرارات الولائية لا تفصل في المنازعات على عكس نظيرتها القضائية بل تهدف إعطاء فعالية قانونية لإرادة الأطراف في الأحوال التي لا يعترف فيها المشرع بهذه الفعالية الذاتية كما هو الشأن بالنسبة لإجراء حجز تحفظي أو تعيين خبير لتحديد قيمة المحجوز.

للمزيد من الإطلاع انظر رشيد مشاقة قاضي التنفيذ، ص: 286-287

[9] مسودة قانون المسطرة المدنية الجديد  2015

[10] ابرز ملامح مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية المغربي 2015

[11] مسودة قانون المسطرة المدنية الجديد  2015 الذي لم يدخل حيز العمل  بعد

[12]  قانون رقم 650-91 صادر بتاريخ 9 يوليوز 1991 والمرسوم التطبيقي له الفرنسي

[13]   احمد ابو الوفاء التنفيذ الجبري مرجع سابق ص 213


من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

قانونك


من أجل تحميل هذا العدد التاسع -إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث