الحماية الاجتماعية في إطار القانون رقم 09.21 - ازويني جميلة

الحماية الاجتماعية في إطار القانون رقم 09.21

Social protection under Law No. 09.21

ازويني جميلة

Azwini Jamila

حاصلة على ماستر قانون الأعمال بتطوان


 

تقديم:

لطالما كانت الحماية الاجتماعية حكرا على البلدان المتقدمة باعتبار أنها أداة لتعويض عن الفقدان المؤقت للدخل الناجم عن الأزمات ذات الطبيعة المرحلية، وكان ينظر إليها على أنها غير مناسبة للبلدان النامية التي تعاني من الفقر و الهشاشة.

إلا انه مع مرور الوقت و الأزمنة ظهر على الصعيد الدول والمجتمعات آثار سلبية للفقر، مما اقتضت الضرورة للانخراط في مسلسل أهداف الألفية الإنمائية و مسلسل التنمية المستدامة اللتان تم اعتمادهما من قبل المنتظم الدولي برعاية الأمم المتحدة سنتي 2000 و 2015، باعتبارهما آلية لمكافحة الفقر  والهشاشة.

وانطلاقا من سنة 2000، عملت العديد من الدول، منها بلدان بجنوب إفريقيا(بوتسوانا وليسوتو وسوازيلاند) ودول أمريكا اللاتينية (بوليفيا مثلا) ودول جنوب آسيا (الهند وبنغلاديش ونيبال)، على اعتماد أنظمة لمعاشات الشيخوخة، غير قائمة على الاشتراكات، مستوحاة من النموذج الذي سنته دولة جنوب أفريقيا، بينما عملت الدول التي تتوفر على مثل هذه الأنظمة (الأرجنتين والبرازيل والشيلي وجنوب إفريقيا) على تقويتها[1].

أما بخصوص الدولة المغربية، فقد عملت عبر مراحل لإرساء ترسانة من البرامج وشبكات الأمان الاجتماعي من أجل مواكبة نموذجها التنموي. وقد مكنت الجهود المبذولة من إرساء نظام متنوع للحماية الاجتماعية بشكل تدريجي، سواء من حيث طبيعة البرامج أو من حيث الشرائح الاجتماعية المشمولة بهذه الحماية.

ويتشكل هذا النظام من مكونين رئيسيين: المكون الأول يضم أنظمة التأمين الاجتماعي القائمة على الاشتراك، ممثلة في الصندوق المغربي للتقاعد (CMR)،والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR)، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS)؛ أما المكون الثاني فيشمل مختلف برامج ومبادرات الدعم الاجتماعي غير القائمة على الاشتراك،كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH)، وبرنامج المساعدة الطبية "راميد"، وبرنامج تيسير، والمطاعم المدرسية والداخليات والمنح الدراسية، وبرامج الإدماج المهني ومؤسسات الرعاية الاجتماعية وغيرها.

كما تندرج أيضا ضمن منظومة الحماية الاجتماعية آليات أخرى تم اعتمادها في مجال الدعم الموجه للشرائح الاجتماعية الهشة والأسر ذات الدخل المحدود من قبيل برامج محو الأمية والتعاون الوطني ونظام المقاصة الذي يتولى دعم أسعار بعض المواد الأساسية (الدقيق الوطني والسكر وغاز البوتان) لفائدة كل المواطنين بدون استثناء.

حيث عملت المملكة المغربية على انخرطت في توصية الـمكتب الدولي للشغل بشأن الحد الأدنى للحماية الاجتماعية، وفي أجندة الأمم المتحدة لمكافحة الفقر والهشاشة وفي مسلسل أهداف التنمية المستدامة، فهي اليوم توجد في مفترق الطرق، على اعتبار أنها مطالبة بتوفير نظام مندمج ومتناسق للحماية الاجتماعية يروم تحقيق الحماية للشرائح الاجتماعية الهشة وفق مبادئ العدل والفعالية والإنصاف والشفافية، حتى تتمكن من تحقيق التنمية العادلة والشاملة.

ولبلوغ هذه الغايــــة، من الضــــروري مراجعة المنظومة الحالية للحـــــماية الاجتماعية وتقييم مدى نجاعتها وفعاليـــــتها وقدرتها على إحداث الأثر المتوخى على الشرائـــــح الاجتماعية التــــي تعاني الفقر والهشاشة، وذلك بهدف تثمين المكتسبات وإصلاح مكوناتـــــــها التي لم تعد ناجعة لتحقيــــق الأهداف المرسومة لها، إضافة إلى توسيع نطاق التغطيــــة والرفع من جودة حكامة  المنظومــــة ككل.

ويأتي هذا الورش الإصلاحي المهيكل في الوقت المناسب تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية التي ضمنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه أمام ممثلي الأمة بتاريخ 13 أكتوبر 2017، والذي حث فيه الحكومة والبرلمان وجميع القوى الوطنية من أجل فتح حوار وطني وتعبئة الروح الجماعية لإعادة النظر في النموذج التنموي وإعداد تصور لنموذج تنموي جديد يكون مناسبا لمغرب الحاضر والمستقبل وقادرا على إقرار العدالة الاقتصادية والاجتماعية والمجالية، وكذلك تفعيلا على الخصوص لتوجيهاته السامية الواردة في خطاب العرش يوم 29 يوليو 2018، والتي دعا جلالته من خلالها :

" الحكومة وجميع الفاعلين المعنيين، للقيام بإعادة هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية في مجال الدعم والحماية الاجتماعية".

وتكلل هذا المجهود بصدور مشروع قانون-إطار رقم[2]09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية  في 5 أبريل 2021 الذي يحتوي على19 مادة مقسمة إلى أربعة أبواب بالإضافة إلىالديباجة.

و يعتبر هذا الورش امتدادا للإصلاحات الشاملة والمجتمعية التي انخرط فيها المغرب انطلاقا من سنة 2000 تحت قيادة جلالة الملك، وخاصة بعد اعتماد الوثيقة الدستورية لسنة 2011،التي تعد مرجعية لهذا الإصلاح من خلال الفصل31 الذي ينص على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل لضمان استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من بينها "الحق في العلاج والرعاية الصحية والحق في الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة والحق في الحصول على سكن لائق والحق في الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل".

فهذا الموضوع يطرح مجموعة من الإشكالات الواقعية الملموسة أهمها:

هل فعلا استطاع المشرع مجابهة الرهانات والتحديات وإنشاء نظام الحماية الاجتماعية  ناجع وفعال ومتكامل ومسؤول  كفيل  بتحقيق  النجاعة  والفعالية  في الأداء؟

و تتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الإشكالات الفرعية وهي:

§       ما هو واقع الحماية الاجتماعية بالمملكة المغربية؟

§       ما هي التحديات التي يتعين مجابهتها لإنشاء نظام ناجع  للاستهداف، كفيل بتحقيق النجاعة والفعالية في الأداء في مجال الحماية الاجتماعية؟

§       ما نوع المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي ينبغي الوقاية منها؟

§       ما هي الأهداف والمرتكزات التي يقوم عليها قانون الحماية الاجتماعية للاستجابة لمتطلبات مختلف الشرائح الاجتماعية الفقيرة والهشة؟

§       ما هي التوجهات المستقبلية بشأن تمويل مشروع الحماية الاجتماعية الذي يعتبر أساس في إنجاحه؟

§       كيف يمكن تدبير منظومة الحماية الاجتماعية بطريقة متكاملة ومتناسقة وفعالة و مسؤولة؟

للإجابة عن هذه التساؤلات سوف أتناولها في النقط التالية:



من أجل تحميل هذا المقال كاملا إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك

من أجل تحميل هذا العدد السابع - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث

[1]  - المناظرة الوطنية الأولى للحماية الاجتماعية ، تحت شعار ''جميعا من أجل منظومة مندمجة و مستدامة للحماية الاجتماعية''، المجرات بقصر المؤتمر الدولي محمد السادس بالصخيرات يومي 12 و 13 نونبر 2018.

[2] - ظهير شريف رقم 1.21.30 صادر في 9 شعبان 1442( 23 مارس 2021) بتنفيذ القانون- الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية.