التشطيب على التقييد الاحتياطي نتيجة تقييد محضر إرساء المزاد العلني


التشطيب على التقييد الاحتياطي نتيجة تقييد محضر إرساء المزاد العلني
9anonak
التشطيب على التقييد الاحتياطي نتيجة تقييد محضر إرساء المزاد العلني


التشطيب على التقييد الاحتياطي
 نتيجة تقييد محضر إرساء المزاد العلني

كمال قوبع
باحث في قانون العقار والتعمير

يعتبر التقييد الاحتياطي إجراء تحفظي مؤقت يضمن الحفاظ على حق تعذر تقييده إما لعدم توفر شروط ذلك أو لوجود نزاع حوله معروض على القضاء للبت فيه؛ وهذا يعني أن التقييد الاحتياطي ليس غاية في حد ذاته وإنما هو وسيلة لحماية حق عيني بصفة مؤقتة ريثما يتم تقييده بصفة نهائية، فهو لا ينشئ الحق ولا يقرره ولا يغيره ولا يسقطه ولا ينطوي على أية قرينة[1]
وقد يتم إجراء التقييد الاحتياطي على عقار محفظ موضوع نزاع آخر، يتمثل في الحجز العقاري الذي انتهى به المطاف إلى عرض العقار المعني للبيع بالمزاد العلني، وهنا تطرح إشكالية التطهير التي تطال التحملات العقارية المثقل بها العقار موضوع البيع بالمزاد العلني. وبالتالي نتساءل: هل بمجرد تقييد محضر إرساء المزايدة العلنية يتم التشطيب على التقييد الاحتياطي بقوة القانون؟ إذا كان الجواب هو أنه لا يشطب على التقييد الاحتياطي بقوة القانون إثر تقييد محضر إرساء المزاد العلني، فمن له الحق في تقديم طلب التشطيب إلى رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات؟ للإجابة على الأسئلة المطروحة، يستوجب  بيان موقف المشرع المغربي من الإشكال المطروح) الفقرة الأولى( على أن أخصص المرحلة الثانية، لموقف القضاء) الفقرة الثانية(
الفقرة الأولى: موقف المشرع المغربي من التشطيب على التقييد الاحتياطي نتيجة تقييد محضر إرساء المزاد العلني
إن محضر إرساء المزاد لا يعد حكما بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، بل هو قرار يصدر من طرف قاضٍ بما له من سلطة ولائية، فالقاضي في هذه الحالة لا يفصل في الخصومة، وإنما يتولى إيقاع البيع وفقا لإجراءات محددة وتنفيذا لحكم صادر في الموضوع[2]، ويعد محضر إرساء المزاد بمثابة سند للملكية لصالح الراسي عليه المزاد، كما جاء في الفصل 480 من ق.م.م[3]، وعند إرساء المزاد وأداء المبلغ، يبادر الراسي أو المشتري إلى تقييد محضر إرساء المزاد بالرسم العقاري، بالرغم من أن العقار المبيع مثقلا بتقييد احتياطي، ونجد المادة 220 من مدونة الحقوق العينية تنص على أنه[4] بمجرد تقييد محضر إرساء المزايدة في الرسم العقاري، يتم التشطيب على جميع الرهون والامتيازات  بقوة القانون
والمشرع المغربي لم يرد في المادة المذكورة أعلاه عبارة التقييد الاحتياطي، بل ذكر الامتيازات والرهون فقط، حيث يتم التشطيب عليهما بمجرد تقييد محضر إرساء المزاد العلني، وأعتقد بأن سبب عدم ذكر التقييد الاحتياطي في المادة 220 يكمن في احترام المشرع المغربي لمؤسسة التقييد الاحتياطي والآثار المترتبة عنه حماية للملكية العقارية.
ويتفق أغلب الأساتذة والباحثين[5] على أنه، لو قصد المشرع المغربي بأن تقييد محضر المزايدة العلنية يترتب عنه، التشطيب على التقييد الاحتياطي، لأشار إلى ذلك  بنص صريح، وبالتالي فتقييد محضر إرساء المزاد العلني لا يترتب عنه تطهير العقار من التقييد الاحتياطي، وخاصة المقيد بناء على مقال الدعوى، مما يتعين انتظار مآل الدعوى، لأن التقييد الاحتياطي يبقى لصيقا بالملكية التي اكتسبها الراسي عليه المزاد العلني إلى حين صدور حكم حائز على قوة الشيء المقضي به يحسم في النزاع موضوع التقييد الاحتياطي مبدئيا.[6]
كما أن المشاركين في المزايدة قبل تسجيل مشاركتهم يطلعون على الوضعية القانونية للعقار المبيع وذلك عن طريق دفتر التحملات المنجز من طرف مأمور إجراء التنفيذ، حيث يبين فيه الحقوق العينية  والتقييدات الاحتياطية التي تثقل العقار المبيع، حتى يعرف المشتري التحملات العقارية الموجودة بالرسم العقاري وبوضعية قانونية، وبالتالي فشراء العقار سيكون بإرادة كاملة مع تحمل النتائج والآثار التي قد تنجم على ذلك.
والمشتري الذي يبادر إلى تقديم طلب تقييد محضر إرساء المزاد العلني إلى المحافظة العقارية، يكون قد اشترى العقار مثقلا بتقييد احتياطي، وخلافا للفصل480  ق.م.م الذي يعتبر محضر المزايدة العلنية سندا للملكية لصالح الراسي عليه المزاد، فإن هذه الملكية لا تعتبر نهائية إذ يتوقف وجودها من عدمها على مصير التقييد الاحتياطي الذي تم تقييده مسبقا بالرسم العقاري، ورغم القول بأن المشتري قد بادر إلى تقييد محضر المزاد، فإنه لا يعتبر المالك الوحيد للعقار، لأن بعد تقييد محضر المزاد، يسلم المحافظ على الملاك العقارية شهادة عقارية يشير فيها إلى وجود  تقييد احتياطي مقيد بناء على مقال الدعوى قبل تقييد محضر إرساء المزايدة[7]،
 وهذا يفيد أنه إذا صدر حكم في موضوع الدعوى التي قيد مقالها احتياطيا، وأصبح حائزا على قوة الشيء المقضي به لصاح صاحب التقييد الاحتياطي، فإن الملكية تتحول إلى صاحب التقييد الاحتياطي، وبالتالي يضيع حق الراسي عليه المزاد بالرغم من أنه قيد حقه بالرسم العقاري، وهذا ليس سوى تكريسا للدور الحمائي  لمؤسسة التقييد الاحتياطي، لأن هدفها هو حماية الحقوق التي لا يمكن تقييدها بشكل نهائي إلا بعد الخضوع لإجراءات معينة أو بعد إنهاء النزاع أمام قضاء الموضوع.
بهذا فلا مجال لإقحام التقيد الاحتياطي في المادة 220 من مدونة الحقوق العينية، لأن هذه الأخيرة نصت بأن التطهير الناتج عن تقييد البيع لا يتعلق سوى بالامتيازات والرهون، ولا يتعدى إلى التقييد الاحتياطي، ولو أن المشرع المغربي أراد ذلك لنص صراحة كما فعل في قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة[8]، وبالتالي رغم وضع اليد على العقار بسبب حجزه وبيعه بالمزاد العلني، فإن تقييد هذا البيع يظل مشمولا بمفعول التقييد الاحتياطي السابق له في الرتبة[9]، كما أن المادة220  من المدونة المذكورة لا تقبل قراءات متعددة لأن عباراتها واضحة ومتخصصة.
ويجب التمييز بين حالات التقييد الاحتياطي المقيدة قبل تقييد محضر إرساء المزاد العلني، فإذا تعلق الأمر بتقييد احتياطي مقيد بناء على سند فإنه بمرور أجله،  يتم التشطيب عليه تلقائيا دون الحاجة إلى أن يقدم الراسي عليه المزاد طلب التشطيب عليه، وإذا تم بناء على أمر قضائي، فإنه يتم التشطيب عليه إذا لم يتم تمديد مفعوله بمرور أجل 3 أشهر تلقائيا، أما التقييد الاحتياطي المقيد بناء على مقال الدعوى فإنه يتعين من أجل التشطيب عليه الإدلاء بما يفيد نهائية الدعوى التي كانت رائجة في الموضوع مبدئيا
الفقرة الثانية: موقف القضاء من التشطيب على التقييد الاحتياطي اثر تقييد محضر إرساء المزايدة العلنية
قبل دخول القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري كان موقف القضاء من إمكانية التشطيب على التقييد الاحتياطي السابق لعملية تقييد محضر إرساء المزايدة العلنية من طرف المشتري هو رفض الطلب، ولا يمكن التشطيب عليه إلا بعد معرفة مآل الحكم الصادر في الموضوع ، فقد جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء[10]:" حيث إن الفصل 211 من ظهير 02 يونيو 1915 - وهو ظهير ملغى- جعل التطهير ينصب على الامتيازات والرهون  أي الحقوق الشخصية ولا يطال التقييدات الاحتياطية المسجلة بناء على الدعاوى المتعلقة بالعقار المبيع والتي قد تنتج حقوقا لأصحاب التقييد الاحتياطي على هذا العقار ذلك أن التقييد الاحتياطي هو ضمان لحق عيني عقاري بناء على دعوى عقارية ولا يتأتى رفعه إلا بعد معرفة مآل هذه الدعوى؛
وحيث إنه ما دام السيد...قد اطلع على دفتر التحملات الذي يضمن التقييد الاحتياطي المذكور فإنه يكون قد قبل العقار على حاله ويتعين لذلك اعتبار طلبه الرامي إلى التشطيب على التقييد الاحتياطي في غير محله وينبغي  رفضه."
وهو نفس التوجه الذي سلكته محكمة النقض سنة 2009 في قرار صادر عنها جاء فيه[11]:"...إن العقار المعروض للبيع بالمزاد العلني عليه تحمل التقييد الاحتياطي بناء على دعوى عقارية، ومن ثم لا يتأتى رفعه إلا بعد معرفة مآل هذه الدعوى، وأنه مادام المشتري  قد اطلع على دفتر التحملات الذي يتضمن التقييد الاحتياطي المذكور فإنه يكون قد قبل العقار على حالته، ويتعين تبعا لذلك اعتبار طلبه الرامي إلى التشطيب على التقييد الاحتياطي في غير محله، ذلك أنه لئن كان محضر إرساء المزاد العلني يعد سندا للملكية لصالح الراسي عليه المزاد، فإن هذا السند لا ينقل إلا حقوق الملكية التي كانت للمحجوز عليه، وأن تطهير الملك بمقتضى المحضر المذكور ينصب أثره على الامتيازات والرهون لا على التقييد الاحتياطي."
بهذا فكلا القرارين المذكورين أعلاه لا يتناقضان مع ما ذكر سابقا، وخاصة أن الفصل 211 من ظهير 2 يونيو 1915 الذي تقابله المادة 220 من مدونة الحقوق العينية  خصصت الحديث فقط عن الامتيازات والرهون، ووجود التقييد الاحتياطي سابق لتقييد محضر المزاد العلني، ولا يمكن التشطيب عليه من طرف الراسي، لأنه اطلع على دفتر التحملات مسبقا، وكان له العلم بوجود التقييد الاحتياطي بالرغم من ذلك قبل المشاركة في المزايدة العلنية، وبالتالي حسب هذين القرارين المذكورين أعلاه يتوقف تقديم طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي على صدور حكم نهائي في مقال الدعوى المقيد احتياطيا.
ولكن القول بضرورة انتظار صدور حكم نهائي في الموضوع حتى يتم التشطيب على التقييد الاحتياطي، كان ذلك قبل تكريس المشرع المغربي للفقرة الأخيرة من الفصل 86 من القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، وبالتالي إذا ظهر بأن التقييد الاحتياطي قيد بشكل تعسفي أو اتضح بأنه غير جدي أو غير صحيح، فإني أعتقد بأنه يمكن التشطيب عليه من الرسم العقاري بناء على أمر استعجالي ولو قبل صدور حكم نهائي في الموضوع، ولكن السؤال المطروح هو من له الصفة في تقديم طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي نتيجة تقييد محضر إرساء المزاد؟
جوابا على التساؤل المطروح أعلاه، جاء في أمر استعجالي صادر عن المحكمة الابتدائية بمكناس[12] :" حيث التمس المدعي أمر المحافظ بالتشطيب على التقييد الاحتياطي المدون على الرسم العقاري المذكور ترتيبا للأثر التطهيري للبيع بالمزاد العلني؛
وحيث أنه من جهة وتطبيقا لقاعدة الأثر الإنشائي للتقييد بالرسم العقاري المنصوص عليها في الفصلين 66 و 67 من ظهير التحفيظ العقاري، فإن المدعي بصفته الراسي عليه المزاد العلني لا تقوم له الصفة في دعوى التشطيب على التقييد الاحتياطي المدون على الرسم العقاري للملك موضوع البيع الجبري، طالما أنه لم يقيد محضر البيع بالمزاد العلني على الرسم العقاري إذ أن وجود التقييد الاحتياطي لا يمنع قانونا من تقييد هذا المحضر."
ويفهم من الأمر الاستعجالي المذكور أعلاه أن الراسي عليه المزاد لا يتوفر على الصفة في تقديم طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي إلا بعد أن يقيد محضر إرساء المزاد العلني بالرسم العقاري ويحصل من خلاله على شهادة عقارية، كما يتضح من الأمر الاستعجالي المذكور أنه لو توفر الراسي على الصفة وأثبت ذلك بشهادة عقارية[13] وطلب التشطيب على التقييد الاحتياطي، وأثبت عدم جدية أو عدم صحة التقييد الاحتياطي، لأصدر رئيس المحكمة الابتدائية ـ بصفته قاضيا للمستعجلات ـ أمرا استعجاليا يقضي بالتشطيب طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 86 من قانون التحفيظ العقاري، أما إذا وجد رئيس المحكمة الابتدائية أثناء فحصه للوثائق والمستندات بأن التقييد الاحتياطي بني على أسباب جدية وصحيحة، فإنه يقضي بعدم قبول الطلب أو رفض الطلب مما يتعين انتظار صدور حكم نهائي في الموضوع
لكن الغريب في الأمر أني صادفت أمرا استعجاليا صادرا عن المحكمة الابتدائية بالرباط قضى بالتشطيب على التقييد الاحتياطي نتيجة تقييد محضر إرساء المزاد بسبب طول مدته الذي استمر لعقود، استنادا إلى المادة220  من مدونة الحقوق العينية وليس إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 86 من قانون التحفيظ العقاري، حيث جاء في الأمر الاستعجالي الصادر عن المحكمة المذكورة[14]:" حيث أن الطلب يرمي إلى استصدار أمر برفع الحجز التحفظي المضروب على الملك المسمى... ذي الرسم العقاري عدد...المسجل بمقتضى مقال بتاريخ: 1982/01/01 سجل.. عدد ... لفائدة المدعى عليها؛
وحيث أنه بالاطلاع على ظاهر الوثائق ولاسيما محضر رسو المزاد العلني المؤرخ بتاريخ13/07/01 نجد أن العقار موضوع التقييد الاحتياطي المراد التشطيب عليه قد آلت ملكيته إلى المدعين وتمت تسجيل شرائهم لدى المحافظة العقارية كما تفيده شهادة الملكية
وحيث إنه استنادا إلى منطوق المادة 220 من مدونة الحقوق العينية فإن تقييد محضر إرساء المزايدة بالرسم العقاري يطهر العقار من جميع الامتيازات والرهون؛
وحيث أن الطلب قدم بعد تأسيسه وبيان الأسباب الواقعية والقانونية التي تجعل منه طلبا وجيها وجديا يبرر الاستجابة."
وأول ملاحظة تثير انتباهي في الأمر المذكور أعلاه، أنه قام بخلط الحجز التحفظي مع التقييد الاحتياطي، في حين أن هذا الأخير يختلف عن مؤسسة الحجز التحفظي التي يكون موضوعها حق شخصي كالدين، ومؤسسة التقييد الاحتياطي يكون موضوعها حق عيني عقاري ولكل مؤسسة  لها خصوصيتها وموضوعها وآثارها التي تنتجها.
والملاحظة الثانية أن الأمر المذكور أعلاه استند في تعليله على المادة 220 من مدونة الحقوق العينية التي تتحدث عن إمكانية تطهير العقار من الامتيازات والرهون بعد تقييد محضر إرساء المزاد، في حين أن التقييد الاحتياطي لا تطوله المادة 220 ولا يدخل في زمرتها.
والملاحظة الثالثة أنه كان على رئيس المحكمة الابتدائية أن يستند في التشطيب على التقييد الاحتياطي على الفقرة الأخيرة من الفصل 86 من القانون رقم14.07  المتعلق بالتحفيظ العقاري لعدم جدية الأسباب المستند عليها في إجرائه أو أنه يشكل تعسفا في بقائه بالرسم العقاري أو أن التقييد الاحتياطي تم التراخي في مواصلة إجراءاته مما يتعين التشطيب عليه...لأنه ليس هناك أي رابط قانوني في التشطيب على التقييد الاحتياطي بمقتضى المادة 220 وإنما يعود الأمر إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 86 من القانون المذكور.
والملاحظة الرابعة والأخيرة أن الأمر الاستعجالي المذكور أعلاه لم يتحدث في حيثياته نهائيا على ما يفيد مآل الدعوى الرائجة في الموضوع المقيد مقالها احتياطيا بالرسم العقاري، حتى نتمكن من معرفة مدى جدية التقييد الاحتياطي ومدى صحته.
ويطرح تساؤل حول مدى إمكانية تقديم طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي المضمن بالرسم العقاري بعد تقييد محضر إرساء المزايدة من طرف الراسي عليه المزاد؟
جواب على هذا التساؤل وطبقا للفصل480  من ق.م.م الذي ينص على أنه يعتبر محضر إرساء المزايدة العلنية سند ملكية لصالح الراسي عليه المزاد، وبالتالي فالمالك هو من رسا عليه المزاد، بعد إثباته بأنه قام بتقييد المحضر المزاد وحصل بعد ذلك على شهادة عقارية تثبت ذلك كما تثبت صفته، وبالتالي يحق له تقديم طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي المقيد بالرسم العقاري، وذلك بالاستناد إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 86 من القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، وكلما كان التقييد الاحتياطي غير جدي أو غير صحيح، فذلك يبرر تدخل رئيس المحكمة الابتدائية ـ بصفته قاضيا للمستعجلات ـ بالتشطيب عليه، وهذا ما أكدته المحكمة الابتدائية بالرباط[15]، حيث جاء فيه:" وحيث إن البت في الطلب متوقف على مدى صحة وجدية الأسباب المستند إليها التقييد الاحتياطي المطلوب التشطيب عليه سندا لمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 86 من القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، الأمر الذي يجعل الدفع المقدم من طرف وكيلة المدعى عليها بكون استجابة للطلب من عدمه متوقف على ضرورة صدور حكم  نهائي في الدعوى ببطلان إجراءات بيع العقار المتنازع بشأنه عن طريق المزاد العلني مردود، مع الإشارة إلى كون الاجتهاد القضائي الذي استندت إليه صادر قبل التعديل الذي طال قانون التحفيظ العقاري بمقتضى القانون رقم 14.07 والذي أعطى الصلاحية لقاضي الأمور المستعجلة لمناقشة جوهر النزاع للتأكد من جدية التقييد الاحتياطي المسجل من عدمها سندا للفصل المذكور؛
وحيث إنه بالاطلاع على موضوع الطلب والوثائق المعززة له اتضح أن المدعية اشترت العقار موضوع الرسم العقاري عدد... عن طريق المزاد العلني في إطار مسطرة تحقيق الرهن تنفيذا للأمر الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط...،وأن المدعية بعد تسديدها  ثمن البيع وواجبات  التسجيل بادرت إلى تقييد شرائها  بالمحافظة العقارية، إلا أن المدعي عليهما سجلا تقييدا احتياطيا ضدها بناء على مقال رام إلى التدخل الإرادي في الدعوى مقدم أمام المحكمة التجارية بالرباط يرمي إلى بطلان إجراءات البيع عن طريق المزاد العلني بدعوى أنه لم يتم استدعاؤهما لجلسة البيع بالمزاد العلني، ولاسيما أنهما مالكين على الشياع، وتم تمديده بناء على أمر قضائي صادر عن السيد رئيس المحكمة الابتدائية؛
وحيث بعد الاطلاع على محضر بيع العقار موضوع النزاع عن طريق المزاد العلني المحرر بتاريخ...اتضح بأنه تم استدعاؤهم للسمسرة النهائية وتوصلا بالاستدعاء بتاريخ...، الأمر الذي أكدته المحكمة التجارية بالرباط المعروضة أمامها دعوى بطلان إجراءات البيع المقدم من طرف شركة...ودعوى التدخل الإرادي المقدم من طرف المدعى عليهما الرامية أيضا إلى بطلان إجراءات البيع إذ جاء في حيثيات الحكم الصادر بتاريخ...بخصوص طلب التدخل الإرادي بعد الاطلاع على ملف التنفيذ ، اتضح أن عون التنفيذ قام باستدعاء المتدخلين في الدعوى لحضور إجراءات البيع بتاريخ...فرفض السيد...، وأعيد استدعاؤه فرفضت السيدة...قريبته التوصل بنفس العنوان بتاريخ...
وحيث إنه استنادا للأسباب التي تم بسطها من توصل المدعى عليهما بصفة قانونية ونظامية لجلسة البيع النهائي عن طريق المزاد العلني  ومن كون المدعية مشترية حسنة وانتفاء عنصر التدليس أو التواطؤ في الإجراءات التي واكبت بيع العقار موضوع الرسم العقاري عدد.. عن طريق الزاد العلني، فإن الطلب بكون قد قدم بعد تأسيسه وإثبات عدم جدية الأسباب التي بني عليها التقييد الاحتياطي، الأمر الذي يبرر التشطيب عليه."
بهذا فرغم عدم تطرق المشرع المغربي لإشكالية التشطيب على التقييد الاحتياطي إثر بيع العقار بالمزاد العلني في القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، ومادام اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية بالتشطيب على التقييد الاحتياطي منعقدا  بناء على الفقرة الأخيرة من الفصل 86 من القانون المذكور، وخاصة أن هذه الفقرة جاءت بعبارات ومصطلحات عامة غير متخصصة، فإنه يمكن التشطيب على التقييد الاحتياطي من طرف الراسي عليه المزاد ـ بعد تقييده لمحضر إرساء المزايدة العلنية وحصوله على شهادة عقارية تتضمن اسمه ـ كلما كانت الأسباب المستند عليها في إجراء التقييد الاحتياطي غير مبررة بوثائق أو مستندات جدية ( أي عدم جدية الأسباب)، أو ظهر بأن التقييد الاحتياطي استند على أسباب مخالفة للواقع بدليل قطعي ( عدم صحة الأسباب)، كما يمكن أن يتم التشطيب على التقييد الاحتياطي من طرف الراسي عليه المزاد كلما تم إجراءه بشكل تعسفي حتى ولو لم يصدر حكم نهائي في الموضوع ( التقييد الاحتياطي المقيد بناء على مقال الدعوى)، لأن الفقرة الأخيرة من الفصل 86 تحمل فلسفة تشريعية جديدة، حيث تتجاوز القواعد الكلاسيكية المعتمدة في القضاء الاستعجالي العادي، وأظهر المشرع المغربي المؤسسة الاستعجالية بأوصاف حديثة وبقواعد خاصة تكرسا لنظرية القضاء الاستعجالي الموضوعي، حيث أن شروط القضاء الاستعجالي تم الحسم فيها تشريعيا كما يظهر في الفقرة الأخيرة من الفصل 86 من القانون المذكور، حيث انعقد الاختصاص لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات  بنص خاص  بغض النظر عن توفر شرط عدم المساس بأصل الحق من عدمه لأنه تم الحسم فيه تشريعيا وتم إيراد الاختصاص الجديد بنص خاص له مهمة خاصة.
ومن أهم ما يمكن اقتراحه بعد هذا التحليل:
- يجب على المشرع المغربي أن يتدخل من أجل وضع حد للنقاش المستمر رغم التعديل المنشود  حول التشطيب على التقييد الاحتياطي إثر بيع العقار بالمزاد العلني، من خلال تعديل المادة 220 من مدونة الحقوق العينية، والتنصيص صراحة على أن التقييد الاحتياطي يعد استثناء من هذه المادة، ولا يدخل ضمن نطاقها، وفي حالة ورود تقييد احتياطي على العقار المبيع بالمزاد العلني فإنه يتم الرجوع إلى مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 86 المتعلق بالتحفيظ العقاري.



[1]  محمد ابن الحاج السلمي: التقييد الاحتياطي في التشريع العقاري، مطبعة دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، سنة 2002. ص: ..
[2]  محمد خيري: العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2014،( دون ذكر الطبعة). ص: 464 وما يليها.
[3]  ينص الفصل 480  من ق.م.م على أنه:" يعتبر محضر المزايدة:
1-       ...
2-       سند ملكية لصالح الراسي عليه المزاد.
[4]  تنص المادة 220 من مدونة الحقوق العينية على أنه:" لا تسلم كتابة ضبط المحكمة محضر إرساء المزايدة إلا بعد أداء الثمن المستحق أو إيداعه بصندوق المحكمة إيداعا صحيحا لفائدة من له الحق فيه.
يترتب على تقييد محضر إرساء المزايدة بالرسم العقاري انتقال الملك إلى من رسا عليه المزاد وتطهيره من جميع الامتيازات والرهون ولا يبقى للدائنين حق إلا على الثمن."
[5]   ومن بينهم نجد الأستاذ "إدريس الفاخوري" حيث يرى بأن تقييد البيع بالمزاد العلني لا يترتب عنه التشطيب على التقييد الاحتياطي، لأنه لو كان المشرع المغربي يقصد ذلك لنص عليه صراحة – إدريس الفاخوري ودنيا مباركة: نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم14.07، مطبعة الجسور، وجدة، 2013، الطبعة الثانية، ص: 133.
وهو نفس التوجه الذي أكد عليه الباحث "عبد العالي دقوقي" حيث يرى بأنه في الحقيقة لو كان المشرع المغربي يجعل هذا المنع ساريا على التقييد احتياطي لنص على ذلك صراحة، فلو قصد المشرع المغربي التقييد الاحتياطي لأشار إلى ذلك صراحة شأنه في ذلك شأن الفصول الأخرى كالفصل 91 مثلا. – عبد العالي دقوقي: الإلغاء والتشطيب في التشريع المغربي، أطروحة في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس بالرباط  أكدال، السنة الجامعية: . 2002-2001ص: 244.
[6]  هشام أوخيا،" الأثر التطهيري لمحضر إرساء المزاد في إطار بيع العقار المحفظ على يد القضاء"، مجلة الأملاك، العدد المزدوج 11-12، سنة 2012، ص: 271. 
[7]  حسن فتوخ ،" آثار بيع العقار بالمزاد العلني على التقييد الاحتياطي والحجوز والإنذارات العقارية"، مقال منشور في الموقع الالكتروني:
 www.bibliotdroit.com، تاريخ الولوج:  2017/02/10.
[8]  ينص الفصل 37 من الظهير المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة في الفقرة الثانية على أنه :" في ما يخص العقارات المحفظة، يترتب عليه بحكم القانون نقل الملكية إلى اسم السلطة النازعة للملكية العقارية ويشطب تلقائيا على جميع التقييدات الموضوعة لفائدة الغير، كيفما كان نوعها وتحول حقوق المستفيدين إلى حقوق في التعويضات." – ظهير شريف رقم 1.81.2554 الصادر بتاريخ 11 من رجب 1402 الموافق ل ( 6 ماي 1982 ) بتنفيذ القانون رقم 7.81 المتعلق بنوع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، منشور بالجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 3 رمضان 1403 الموافق ل( 15 يونيو 1983)، ص: 980
[9] محمد ابن الحاج السلمي : التقييد الاحتياطي في التشريع المغربي (وفق آخر مستجدات القانون رقم 14.07) ، مطبعة دار القلم، الرباط، 2014، الطبعة الثانية. ص: ..

[10]  قرار استئنافي المؤرخ في 2005/3/10، في ملف عدد 2/11/810، مجلة الحقوق المغربية، العدد 2، الجزء الثاني، سنة 2010، ص: 232.
[11]  قرار عدد699، المؤرخ في2009/02/05، في ملف مدني عدد 2006/1/1/1126 (غير منشور).
[12]  أمر استعجالي، المؤرخ في 2015/05/06، في ملف رقم 14/1101/1171(غير منشور).
[13] لأنه لا يمكن  تقديم طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي بمجرد تقييد محضر البيع بالمزاد العلني، بل حتى يتم الحصول على شهادة عقارية، ذلك أنه لا يمكن تنزيل التقييد الاحتياطي المقيد بناء على مقال الدعوى منزلة الامتيازات والرهون التي يتطهر منها الرسم العقاري بمجرد تقييد محضر إرساء المزاد.
[14]  أمر استعجالي رقم 2015/368، الصادر بتاريخ 14/03/31، ملف رقم 14/1101/427(غير منشور).
[15]  أمر استعجالي عدد 2016/1129، الصادر بتاريخ 2016/08/24، في ملف رقم /2016/1101 727 (غير منشور).


من أجل تحميل هذا المقال -  إضغط هناك - أو أسفله

قانونك