مفهوم الجمعية : سياقات تعريفه، أساسه القانوني وتمييزه عن الأنظمة المشابهة، الشركة نموذجا دراسة على ضوء التشريع المغربي - محمد البكوري

مجلة قانونك
مفهوم الجمعية : سياقات تعريفه، أساسه القانوني وتمييزه عن الأنظمة المشابهة، الشركة  نموذجا دراسة على ضوء التشريع المغربي



مفهوم الجمعية : سياقات تعريفه، أساسه القانوني
وتمييزه عن الأنظمة المشابهة، الشركة  نموذجا
دراسة على ضوء التشريع المغربي

من إعداد: محمد البكوري
دكتور في الحقوق. باحث  في القانون العام.  جامعة محمد الخامس الرباط


 
مقدمة
للجمعية دلالات  اجتماعية، نفسية  وقانونية.  فالمنظور السوسيولوجي، يعتبر الجمعية مجموعة من الأفراد، المنظمين إراديا، بحيث يسعون إلى القيام بعمل جماعي ومستمر. ورغم  أن الطابع العمومي لهذا التعريف يشمل أيضا النقابة، الحزب، الشركة[1]، فإن التعاون في إطار نموذج من التطوع، هو الذي يحدد مصير العمل الجمعوي المنظم ويميزه عن باقي هذه التنظيمات.
أما من الناحية  السيكولوجية، فإن الحاجة هي كل ما يتوق إليه الإنسان، وبإلحاح،  لسد ما هو ضروري ولتلبية رغباته ومتطلباته أو لتوفير ما هو مفيد لتطوره ونموه، الشيء الذي يدفعه إلى البحث عن أنماط وصيغ لإرضاء حاجياته وتصريف طاقاته. من هنا، يتبلور خلق الجمعية وفق منظور سيكولوجي، غالبا، بناء على رغبة وحافز نفسي لدى الأعضـاء المكونين لها، بل ولدى منتسبيها ومنخرطيها. هذه الرغبة الاجتماعية/ النفسية تعتبر خاصية مميزة للإنسان، محددة لحجم طموحاته ومبرزة لقوة إمكانياته، كما يحدد ذلك Jean Ormesson  ، بقوله  :" أنه  يوجد في قلب البشر شيء أكثر قوة من حب الحياة، إنه الفضول La curiosité.
وفي قلب الفضول، هناك شيء بمثابة روح العالم ومحركه، إنها الرغبة، وإذا لم يتم إيجاد الرغبة، فإنه ليس هناك أي تاريخ وليس هناك أي بشر، بل سيوجد فقـط الحيوانات، النباتات والآلات".[2] إن  إلحاحية هذه الرغبة، هي  الباعث "النفسي"  الذي  يشجع على  التفكير "الواعي" في موضوع ما أو نشاط معين، من خلال جماعة منظمة ومأسسة،  أوهي الدافع "الداعم" لإرضاء حاجة التجمع أو التشكل في إطار تنظيم معين، وبالتالي يعد الحافز هو القوة أو المحرك الذي يدفع الأفراد للتصرف [3]، وفق هذا المنظور النفسي الذي يجعل من التصرفات الإنسانية عموما، نتاج رغبات ومعتقدات معيارية [4]،كثيرا  ما تتماهى  في طياتها، مع أبعاد وتجليات  اجتماعية متشعبة. الشيء الذي يفرض،  وللمزيد  من "النجاعة الجمعوية "، التوسل وباستمرار، بكل أشكال  المأسسة  القانونية  للتنظيم  الجمعوي، مع الوقوف الملي على  مختلف السياقات التي يعتمل في دواخلها.
وفق ما سلف  ذكره، سنعمل على دراسة  مفهوم الجمعية، من خلال زوايا ثلاث :
 أولا، سياقات تعريفه.
 ثانيا، أساسه القانوني.
 وثالثا وأخيرا، تمييزه عن بعض الأنظمة القانونية  المشابهة، عبر التركيز على مؤسسة الشركة.


الفرع الأول: مفهوم الجمعية وسياقات تعريفه:
 إن الإشكالية الإتيمولوجية لمصطلح " جمعية" تجعل من الصعب إعطاء مفهوم دقيق ومحدد للسياق النوعي للجمعية، وبالتالي تعريفها دون اللجوء إلى قراءة متعددة، تتأرجح بين اللفظ اللغوي والمفهوم العلمي. قراءة تجعله مفهوما "حربائيا"، يتلون حسب الثقافات والمرجعيات، ويأخذ دلالاته حسب المنظور الذي يتناول عبره. ومن هذا المنطلق المتذبذب، يمكن إبراز بعض السياقات التي يعالج في إطارها مفهوم الجمعية:
*سياق التفاوض: تبرز قوة الجمعية من خلال التفاوض، وعبره تتمكن من "بيع" مشروعها أو جزءا من هذا المشروع الذي يختلف في سياقاته ويتميز عن مختلف "السلع والخدمات"، خاصة في علاقاته المتفق عليها مع السلطات العمومية، والتي تفرض على الجمعية التفكير في الدخــول ضمن منطق التوافق-بالمعنى السوسيولوجي- أكثر من اللجوء إلى منطق الاتفاق-بالمعنى القانوني- وبالتالي إبراز رهان التفاوض بيــن الشريكين: الجمعية والسلطة العمومية.[5] وهو مافتئ يتضح من خلال تبني مبادئ المشاركة والتشارك والشراكة، والتي تدخل كلها في إطار "تعاقد اجتماعي مدني جديد" يرفع من مساهمة الجميع في بناء وطن يسع للجميع. هذا البناء، الذي تتوطد دعائمه، من خلال حرص الجمعيات ككيانات مؤسساتية حرة، مستقلة وتطوعية على الرفع  المستمر والمتواصل للقدرات التمكينية التي تتوفر لدى الطاقات الحية داخل المجتمع، من أجل تحقيق المبتغى المنشود والمطمح المأمول في تكريس تنمية شاملة، مندمجة ومستدامة.
*سياق التراكم: هنا تبرز الجمعية، كفضاء للتجريب الشخصي والجماعي، كمنطلق للتكوين والتراكم المعرفي، وبالتالي تصبح مدرسة للحياة والعلاقات الإنسانية المتشعبة، وعبرها تتجسد كلحظة قوية يكتشف من خلالها الشباب محليا عالم المؤسسات واللعبة السياسية برمتها[6]، بعد أن يخوضوا غمار تجربة الكشف عن ما يختلج الحياة المدنية من تدافع ومرافعة ونقاش وتواصل... إن الجمعية بذلك، تتجلى كتنظيم متراص يبحث عن تعزيز بنيان التجارب التراكمية. ومن ثم، بلورة العناصر المحفزة على تكوين الشخصية الإنسانية لدى منتسبيها وإيجاد "التفريغات النفسية" الضرورية لتقوية الذات وجعلها تتعامل مع مشاكل الحياة، بكل سلاسة وقوة . إنها، فرصة لتماهي الذوات الفردية المختلفة وانصهارها في الذات "الجمعية "وانغماسها في الكل الجمعي. وبالتالي، تبادل التراكم في حد ذاته كمعطى لتغذية الأبعاد الإيجابية التي يمكن أن يتصف بها منخرطي الجمعية.
*سياق التاريخ: هنا الجمعيات وبحكم تعدديتها تلف في طياتها أفرادا اختاروا،  وبكل طواعية، التدبير الجمعي، وفق رؤية جامعة لكل الشعوب ولكل الفضاءات الاجتماعية، كما أنه ضمن سياقات التاريـخ عموما تعتبر الجمعية شكلا مميزا للنشاط الجماعي، ومن المنطلـق المؤسساتي تعد فضاءا للحرية.
وعلى ضوء ذلك، وأمام " الانفجار" الجمعوي الذي اتسمت به العقود الأخيرة، اقتنعت السلطات العمومية بالدور الريادي للجمعيات في مجتمع أحيانا ينظر إليه على أنه غير مهيكل، كما اعترفت أيضا بكون الجمعيات في الوقت الحالي ترسم معالم لحظة مميزة للالتزام الحضري.[7] فاللحظة "تاريخية" بامتياز لفرض الوجود من طرف التنظيمات الجمعوية. وهو الوجود الذي عليه أن ينتقل من القوة إلى الفعل ومن الارتكان إلى مرحلة التأسيس إلى الاقتناع بجدوائية مرحلة ما بعد التأسيس. فالعديد من الجمعيات "أسست / تؤسس من أجل التأسيس لا غير". وهو الأمر الذي يفسر كثرة الجمعيات التي تولد "ميتة" أو على أبعد تقدير تبلغ "ربيعها الأول"، لتنقرض تمام الانقراض وتذهب طموحات وجهود أعضائها المؤسسين على ضوء ذلك سدى. إن "عقدة التأسيس" تظل بلا شك، إشكالية تاريخية عميقة، ما فتئت تجهض آمال ورهانات الحياة الجمعوية خصوصا وحياة الفعل المدني عموما. فعوض، أن تشكل لحظة التأسيس "بداية تاريخ "للجمعية أضحت ولأسباب متعددة "نهاية تاريخ" لها.
*سياق المصلحة العامة: يرتبط بسياق التفاوض، حيث تبرز الجمعيات من خلال السياقين معا كشريك طبيعي، إن لم يكن مميز للجماعات المحلية[8].  وانطلاقا من ذلك، تبرز الشخصية العموميــة كتجسيد لنشاط المصلحة العامة، وحيث تأخذ الجمعيات المبادرة لتشكل نمط من الجمعيات الشفافة Associations transparentes،[9] أي الجمعيات التي تتناول قضايا ومجالات اشتغالها، بنوع من الحنكة الريادية/ التدبيرية. وذلك، عبر تجسيد الأهداف المرسومة في قوانينها الأساسية، وفق مبادئ الكفاية والفعالية والنجاعة والمردودية. ومن ثم، بروزها كجمعيات "محوكمة"، ترسم خارطة طريقها، بكل استشرافية واستراتيجية. وهو ما يجعلها في نهاية المطاف، تذوب في أعماق المجتمع الذي تعمل في إطاره. وهو ما يتجلى في حرصها الأكيد، على الاستجابة الآنية والفورية لمطالب وانشغالات شرائح عريضة من الفئات المستهدفة.
*سياق اللاربحية: حيث حمولة مصطلح " الجمعية "تفترض وجود تجمع إرادي، تطوعي يصبو إلى تحقيق هدف مشترك[10].  وهنا، تتمثل الجمعيات كمنظمات تطوعية وتتأطر ضمن الفئة القانونية للجمعيات غير الربحية.[11] وبالتالي، تبرز الخاصية المميزة للجمعيات في واقع الأمر من خلال هدف التجمع، والمحدد حسب القانون الفرنسي ل 01 يوليوز 1901 (كما هو الشأن للقانون المغربي، من خلال ظهير 15 نونبر 1958) في الهدف غير الربحـي Le but non lucratif. فالهدف الأسمى للجمعية ليس هو اقتسام الأرباح ، وهذا هو مفتاح تعريف الجمعيات [12]. حيث تشير طبيعة مفهوم "الجمعية" إلى الجوهر الفلسفي العميق للعمل التطوعي بصفة عامة، وهو فكرة المبادرة الذاتية للفرد، من منطلق قناعته وإيمانه بقدرته على الفعل والتأثير في محيطه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي وتغيير الأنماط السائدة وبلورة توجهاتها المتعددة. ومن ثم، فإن غالبية العلاقات في جمعيات المجتمع المدني، تتم في إطار مجموعة من المؤسسات ذات الطابع التطوعي، أي تلك التي ينضم إليها الأفراد بكل استقلالية وحرية وبملء إرادتهم وبتعبير صادق عن قناعاتهم، إيمانا منهـم في نهاية المطاف، بقدراتهم وقدرات هذه المؤسسات على حماية مصالحهم والتعبير عنها وفق رؤى تتسم بالنجاعة والكفاية . بحيث يكون التطوع هنا، هـو المجهود الذي يقوم به الفرد بصفة اختيارية وطوعية، عن طريق شكل من الأشكال المختلفة للمساهمة، قد تكون عمل أو علم أو رأي أو تمويل أو غير ذلك مما يتوخى خدمة المجتمع.
 ويبرز أنجح شكل يكون عليه التطوع في الجمعيات أو المشاريع المنجزة بمبادرة أفراد متطوعين ينتظمون ضمن هيئة مهيكلة، منظمة ومأسسة، رغبة منهم في مساعدة المجتمع والرقي به عن طريق استخدام إمكانياتهم الخاصة، بشرية كانت أو مادية.
*سياق التعدد: فالجمعية، عموما شكل لتجمع مركب بين الأشخاص، وبالتالي فهي انعكـاس جلي  للشراكة الداخلية بين أعضائها-من خلال نشاطها الغائي- وبين الأشخاص الآخرين. الجمعية هنا " نظام" للعناصر النشيطة[13]  وإبراز للخليط المجتمعي وفضاء للتعدد أو مصدر للشرعية التعددية / الجمعية La Légétimité pluriel .[14]
إن الفلسفة التي يبنى عليها المكون الجمعوي، لم تكن يوما ما تصورا أيديولوجيا صرفا، بل هي فلسفة واقع تدبير التوافق وخلق ائتلاف للاختلاف وجعل التعدد مبدأ إنسانيا رفيعا قادرا على إتاحة الفرص أمام الجميع بشكل متساو ومتكافئ، وجعله أيضا الملاذ الآمن للعيش المشترك والتربة الخصبة للتعايش "السلمي"، ووضع الإطار الملائم لبناء مستقبل الأجيال المتعاقبة، بشكل مستدام وتشاركي.
إن سياق التعدد، هو الذي يضفي على مفهوم "الجمعية" نعت "المشترك الإيجابي" . وذلك من منطلق الإيمان بضرورة تكثيف جوهر هذا التنظيم، باعتباره "مجمع" لتعددية مختلفة : في الآراء، في المواقف، في التركيبة، في التصورات، في الرؤى، في الأنشطة، في البرامج... في كل شيء، يمكنه أن يساهم في بناء الفعل المؤسساتي لهذا النموذج الدينامي والفعال، والذي يعد أرقى شكل من أشكال التنظيمات التي عرفتها البشرية جمعاء، عبر حقبها المختلفة.
عموما، إن كل السياقات السابقة تشتغل وفق آلية الديمقراطية[15]،  مما يضمن لها النجاعة والفعالية، ومع ذلك تظل المحاذير الا بستيمية بخصوص تعريف الجمعية، قائمـة الذات. الشيء الذي يحتم الاعتماد، على القراءة المتعددة المستويات، بما فيها  المستوى  القانوني.

 الفرع الثاني : المفهوم القانوني  للجمعية  :
إن  التزايد الذي عرفه عدد الجمعيات في المغرب،[16] ينم عن حاجة  اجتماعية /نفسية  ملحة، لم تستطع مؤسسات أخرى من المجتمع تلبيتها، وأصبحت اليوم من المؤسسات التي يعتمد عليها في تحقيق بعـض الآمال والتطلعات، في سبيل  تبلور أسس "التنمية  المنشودة". ومن ثم، فقد ترسخت حرية الجمعيات مباشرة بعد الاستقلال، من خلال ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بالحريات العامة، حتى يتمكن الأشخاص الراغبين في ذلك من تأسيس الجمعية وتمكين السلطة الإدارية من ضبط نمطها وأنشطتها والأعضاء المشكلين لمجلس إدارتها أو مكتبها المسير.
 على هذا الأساس، يتجسد البعد القانوني للجمعية من خلال الضبط المسطري للتأسيس وإبراز الشـروط الضرورية لخلق التنظيم الجمعوي وإخراجه إلى حيز الوجود وضمان الاعتراف القانوني به.وقد عرف الفصل الأول من ظهير 15 نونبر 1958، حسب ما وقع تغييره وإتمامه، الجمعية بكونها:  " اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص، لاستخدام معلوماتهم أو نشاطاتهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم" .
ومن المعلوم أن هذا التعريف، قد استلهم دون تغيير يذكر من القانون الفرنسي لواحد يوليوز 1901 كميثاق أساسي للجمعيات في هذا البلد، ويختلف عنه فيما يتعلق باستبعاد التجمعات المتشكلة بقصد إغناء الميراث المشترك. وهي التجمعات، التي يشير إليها القانون الفرنسي بكلمات " مجتمعات "، فحرية التجمع، قد أعلن عنها، من طرف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 وأيضا مـن طرف الإعلان الأوروبي لسنة 1950، واللذان أكدا، أن لكل إنسان الحق في التجمع داخل جماعات، بهدف نزيه هو في الواقع نتاج لمجتمع محكوم، حسب نظام سياسي ليبرالي وتصور بعيد عــن التوزيع المتساوي[17].
وعلى ضوء حرية التجمع هذه، تنبثق أسس الوضعية القانونية المنظمة للجمعيات والدور الذي تلعبه على كافة الأصعدة وفي سائر  المجالات، ومن ثم تكمن المكانة الخاصة التي أضحت تتبوأها هذه التنظيمات، كمكون رئيسي من مكونات المجتمع المدني. وهي المكانة، التي تتجسد من خلال ما تتسم به الجمعية من خصائص ومميزات، يمكن استخراجها، انطلاقا من تعريف الفصل الأول من ظهير 15 نونبر 1958 ،وهي أساسا: الجمعية اتفاق، التعاون المستمر لاستخدام المعلومات أو الأنشطة، تحــديد هدف مشترك، الاستمرارية في عمل الجمعية أو الاتسام بالصبغة  الدائمة، عدم توزيع الأرباح، تدبير ديمقراطي تشاركي...
أولا: الجمعية هي اتفاق: Une convention ، أي بمثابة عقد Un contrat ، وبالتالي يسري عليها القانون المنظم للعقود " قانون الالتزامات والعقود "، ويتطلب ذلك حدوث التقاء إرادتين على الأقل وتوافقهما، أي اتفاق يعقد بين اثنين على الأقل من الأشخاص. وتجدر الإشارة إلى أن القانون المغربي، لم يشر صراحة إلى نوعية الشخصين أو مجموعة الأشخاص المكونين للجمعية في الفصل الأول السالف الذكر، هل هم طبيعيون Les personnes physiques  أو معنويون Les personnes morales  ؟ ولكنه نص في الفصل 14 من ظهير 15 نونبر 1958، أنه بإمكان الجمعيات المصرح بها، أن تؤسس اتحادات وجامعات فيما بينها، وهذا يعني أن الأشخاص الذين يكونون الجمعية، إما أشخاص ذاتيين أو اعتباريين، وتنصيص القانون على أن الجمعية هي اتفاق بين مكونيها، إنما يدل على أن ذلك الاتفاق يمكن أن ينضم إليه أشخاص آخرون من غير المؤسسين له.[18] وفي الأخير، إن ما يميز عقد الجمعية هو أن ترسيخه لا يتم عبر المكتوب، وإنما الأنظمة – الأساسية  والداخلية- والإجراءات القانونية المرتبطة بالتأسيس، هي التي تكرس  مفهوم الجمعية كاتفاق.
ثانيا: التعاون  المستمر لاستخدام المعلومات أو الأنشطة: إنه الدافع إلى تكوين الجمعية كاتفاق، وذلك بغية تلبية حاجيات اجتماعية، نفسية، ثقافية، رياضية، علمية أو تربوية... بتعاون الأعضاء فيما بينهم لتحقيقها في انسجام ووئام، بوسائل وبرامج وأنشطة، وقد يساهمون في خلق تجمعات تجلب أفراد آخرين ليسوا بأعضاء في الجمعية، وبذلك يمتد عمل الجمعية إلى المحيط وإلى أفراد المجتمع، وعن طريق الانخراط ينضم هؤلاء إلى هذه المؤسسة، ومعناه قبولهم للشروط والأهـداف والمبادئ التي تعمل من أجلها الجمعية، وبالتالي يصبحون منضويين إلى هذه الشخصية المعنوية ويشملهم الاتفاق ليصبحوا طرفا فيه.[19]           
ثالثا: تحديد هدف مشترك: حيث أن غاية الجمعية تظل مفتوحة على كل المستويات. وهنا تختلف طبيعة العمل الجمعوي باختلاف الأهداف المسطرة لدى الجمعية في قوانينها...




[1] Jean Claude Gillet: Les associations , des espaces entre utopies et pragmatismes  (Sous la direction) Collection : Le territoire et ses acteurs (Presses Universitaires de Bordeaux ,Pessac, 2001) ,  P: 15.

[2] Jean Ormesson :  La Douan de mer  (NRF  Gallimard, Paris, 1993) ,  P: 215.
[3] Eric Cobut ; Géraldine Bomal :  Motiver,être motiver et réussir ensemble  ,Collection Ressources Humains. (CCISA ,2009) ,  P: 20.
[4] Steven Sverdlik: Motive and Rightness  (OXFORD University Press ,New York ,First published 2011) , P: 23.
[5] Georges Gont Charoff: Guide du partenariat des associations et des pouvoirs locaux , Série : Actualité sociale et politique (L’Harmattan, 1988) , P: 20.
[6] Dan Ferrand – Bechmann  :  Les bénévoles et leurs associations. Autres réalités ; autre sociologie  (L’Harmattan ,décembre 2004) ,  P:  28.  
[7] Jean  Defrasne : Histoire des associations Françaises ,  Série : Acteurs de la Science Histoire (L’Harmattan ,2004) , P: 7 .
[8]Jean  David Dreyfus ; Hervé Groud ; Serge Pugeault:  Associations et collectivités territoriales ; les liaisons dangereuses , Série : Administration et Aménagement du territoire (L’Harmattan, Juin 2009) , P: 15.
[9]  Ibid ,P: 21.
[10]Ms. sian Lewis – Anthony:   Freedom of association and political Democracy ; case law of Article 11 of European convention on Human Rights  (Klwer Academic Publishers , Council of Europe Press, 1994)P: 34
[11]Anne Marie Dieu:    Valeurs et Associations entre changement et continuité  ( Logiques Sociales, 1999) ,  P:  9 .
[12]  Karine Rodrigue : Le droit des associations  (L’harmattan ,2004) , P:  9.
[13]Michel Adam : Associations ; Image de la société ; carnets de voyage d’un militant invétéré  (L’Harmattan ,2005) , P:  31- 32.
[14]Ibid,  P: 45.
[15]  Tariq  Ragi : Acteurs de l’intégration, les associations et les pratiques éducatives  (L’Harmattan , 1997),  P: 7.
[16]حسب  معطيات  الوزارة  المكلفة  بالعلاقات  مع البرلمان والمجتمع المدني،  يبلغ عدد الجمعيات  بالمغرب  في الوقت الحالي،  ما يفوق  130 ألف جمعية.
[17] محمد شرايمي، سوسيولوجيا المنظمات غير الحكومية بالمغربحالتا تنظيمين جمعويين،   الرباط: طوب بريس ، الطبعة الأولى2007،  ص: 108.
[18] محمد الغياط ، حق تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية في القانون المغربي والمقارن ، الرباط :مطبعة اليستروكراف، الطبعة الأولى 2004 ، ص: 8 .
[19] المرجع نفسه، ص: 8.
[20] Ahmed Ghazali : Guide juridique  et  pratique  des associations  marocains (Publication  de  la  Friedrich Ebert  Stiftun, Rabat ,1996) , P: 3.
[21] محمد الغياط، مرجع سابق، ص: 8.
[22]  وهو  الذي لايمكن  أن يتم،  إلا  بحكم قضائي ،كما هو وارد في منطوق  الفقرة  الثانية  من  الفصل الثاني عشر  من دستور2011،  والتي تنص على مايلي :"لايمكن  حل  هذه  الجمعيات –جمعيات  المجتمع المدني- والمنظمات- المنظمات  غير  الحكومية- أو توقيفها  من لدن  السلطات العمومية ، إلا بمقتضى  مقرر قضائي".

من أجل تحميل هذا المقال كاملا -  إضغط هناك - أو أسفله

قانونك

من أجل تحميل هذا العدد الثالث - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث