تحديات تمويل ورش الحماية الاجتماعية
أويس الغزاوي
طالب باحث، حاصل على شهادة الماستر في القانون العام
Challenges of
financing social protection workshops
Ouwais EL GHAZAOUI
المقدمة:
إن
نجاح أي مشروع رهين بأمرين أساسيين وهما: توفير الإمكانيات المالية المرصودة وحسن
تدبيرها، وذلك للوصول إلى أحسن النتائج بأقل التكاليف، ما يتطلب حكامة جيدة.
ويتسم
مشروع الحماية الاجتماعية باعتماده على تكلفة مالية مهمة، حيث تكلف الدولة مبالغ
لا يستهان بها في سبيل تنزيله وتنفيذه. فقد حددت وزارة المالية مبلغ 51 مليار درهم كتكلفة أولية لتعميم
الحماية الاجتماعية في أفق 2025،
هذا الغلاف المالي سيتم توزيعه على الأهداف الأربعة لهذا المشروع المتمثلة في:
- تعميم التغطية
بالتامين الإجباري عن المرض ..............14 مليار درهم.
- تعميم
التعويضات العائلية.....................................20 مليار درهم.
- توسيع قاعدة
المنخرطين في النظام التقاعد.................16 مليار درهم.
- التعويض عن فقدان
الشغل....................................01 مليار درهم.
وهناك
عدد من العوامل التي قد تؤثّر على تمويل ورش الحماية الاجتماعية، والمتمثلة
بالأساس في الوضعية الاقتصادية الوطنية والدولية، وهذه الأخيرة التي تعرف تحولات
وتغيرات متسارعة ومفاجئة وأزمات كبيرة أدت إلى حدوث ركود كبير بالاقتصاد العالمي،
وارتفاع في الأسعار وتضخم كبير في اقتصاد العالم كله، والتى أثرت بشكل مباشر على
الوضعية الاقتصادية الوطنية، مما سينعكس بالتأكيد على موارد تمويل هذا الورش.
إضافة
إلى ذلك، هناك عوامل أخرى تتجسد في محدودية الآليات المرصودة لتمويل هذا الورش،
حيث تطرح المزاوجة بين نظامي الاشتراك والتضامن إشكالات عديدة عند التطبيق، في ظل
غياب أرضية معيارية صلبة لتحديد مؤشرات الفقر.
ناهيك
عن التحدي المتمثل في توجه الدولة استكمال الموارد المالية المخصصة لهذا الورش عن
طريق الاستدانة الخارجية، ما يهدد ديمومة هذا التمويل واستمراريته، وإضافة إلى
هجرة عدد كبير من أصحاب نظام "المقاول الذاتي" نحو اقتصاد غير مهيكل،
مما يحتم على الدولة نفقات جديدة.
لهذا،
سنتطرق من خلال هذا المبحث إلى الوضعية الاقتصادية الدولية والوطنية (المطلب
الأول)، وإلى التحديات المرتبط بتمويل ورش الحماية الاجتماعية (المطلب الثاني).
المطلب الاول: الوضعية
الاقتصادية.
إن
تحقيق السلم الاجتماعي يعد عاملا ضروريا لتوفير الأمن والاستقرار في المجتمع،
ورافعة أساسية للتنمية والازدهار، كما أن الحفاظ على التوازنات الاقتصادية وتحفيز
الإقلاع الاقتصادي من الأمور الضرورية أيضا، ومع ذلك، لا يجب أن يتم هذا على حساب
المقومات الأساسية للسلم الاجتماعي، المتمثلة في حماية القدرة الشرائية للمواطنين
وتقليص التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وهنا تتأكد علاقة واضحة بين الحماية
الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي بالبلاد لذلك، سنتطرق عبر هذا المطلب إلى
الوضعية الاقتصادية على المستوى الدولي (الفرع الأول)، وعلى المستوى الوطني (الفرع
الثاني).
الفرع الأول: الوضعية
الاقتصادية الدولية:
تعرض
الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة للعديد من الصدمات الكبرى، التي كانت لها
انعكاسات سلبية شديدة على معظم اقتصادات البلدان المتقدمة والنامية، ويتعلق الأمر
على وجه الخصوص بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، سيما على أسعار المواد الأولية
الطاقية والغذائية، وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقد
الثمانينيات من القرن الماضي، فضلا عن تشديد الشروط النقدية والمالية نتيجة
السياسات النقدية والمالية التقييدية التي اعتمدتها الاقتصادات العالمية الرئيسية[1].
إذ
يعيش الاقتصاد العالمي على وقع أزمات متعددة ومتوالية، ضربت مختلف دول العالم، وأدت
إلى اختلالات عميقة في البنية الاقتصادية الدولية، وحدت من النمو الاقتصادي
العالمي ودفعته إلى التراجع من %6.1 سنة 2021 الى %3.2 سنة 2022، مع ارتفاع نسب
التضخم إلى مستويات قياسية وصلت الى %8.8 سنة 2022 . دفعت هذه الاختلالات مختلف
دول العالم إلى تبني سياسات مالية تقشفية من أجل مواجهة التضخم، ومن المتوقع أن
يكون لها تأثير مؤلم يتجلى في تراجع نمو الاقتصاد العالمي إلى 2.9%[2].
وقد
عانى الاقتصاد العالمي من تبعات جائحة كورونا ومن آثارها المدمرة لعدد من القطاعات
الاقتصادية الاستراتيجية، كما عاش الاقتصاد العالمي على وقع الضغوطات الكبيرة التي
أفرزتها محولات إعادة النشاط الاقتصادي الدولي إلى الوضع الذي كان عليه قبل جائحة
كورنا، مما أثّر بشكل ملحوظ على سلاسل التوريد والإنتاج العالمي.
بالإضافة إلى هذا فإن الحرب الروسية-الأوكرانية
وآثارها القوية على مختلف الأسواق والاقتصادات العالمية، خاصة فيما يتعلق بأسعار
المواد الغذائية والمواد الطاقية التي سجلت ارتفاعا غير مسبوق على الساحة الدولية،
حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسية %14.3 سنة 2022 بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة.
كما تجاوزت أسعار النفط سقف 120 دولار للبرميل في فترات متعددة من سنة 2022 لتعاود
الانخفاض بشكل مضطرد وغير ثابت لتصل إلى عتبة 80 دولار للبرميل، لكن في ظل حالة عدم
الإستقرار وفي ظل مجموعة من المخاطر المرتبطة بقرارات منظمة "أوبك"
بتخفيض الإنتاج وقرارات الإتحاد الإوروبي بشأن منع استيراد المنتجات الطاقية
الروسية، ما سينعكس بلا شك على أسعار النفط مجددا[3].
هذه
الأمور سيكون لها تداعيات مباشرة وسلبية على الاقتصاد الوطني، إذ أنه مرتبط بالسوق
العالمية، على رأسها ارتفاع نسبة التضخم، والارتفاع المتزايد للأسعار في المواد
الأولية عموما، منها المواد الطاقية والحبوب، خصوصا وأن المغرب يستورد 90 بالمئة
من حاجياته الطاقية، ونصف حاجياته من الحبوب. وفي النهاية كل هذا سينعكس على
القدرة الشرائية للمواطنين بصفة عامة، وسيزيد معانات الفئات الهشة والفقيرة.
الفرع الثاني: الوضعية
الاقتصادية الوطنية :
سجل
الاقتصاد الوطني خلال سنة َ 2022 معدل نمو ضعيف بلغت نسبته 1.3 في المائة، وهو ما يشكل
تراجعاً ملحوظاً مقارنة بنسبة 8 في المائة التي سجلت في سنة .2021 ويؤكد هذا التراجع
الانتعاش الظرفي الذي شهده الاقتصاد المغربي سنة .2021 ويُعزى تباطؤ وتيرة النمو
خلال سنة 2022 إلى تراكم وتزامن تداعيات عدة صدمات منها ما هو خارجي:
كتباطئ اقتصادات شركائنا الخارجيين الرئيسيين، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية،
التي فاقمت ارتفاع أسعار المواد الأساسية في سياق مطبوع بارتفاع معدلات التضخم.
ومنها
ما هو داخلي: سيما آثار الجفاف والآثار
المتبقية من أزمة كوفيد- 19 على النسيج المقاولاتي وعلى الطلب الداخلي بصفة عامة.
وعرفت القيمة المضافة للقطاع الفلاحي انخفاضاً حاداً بنسبة 12.9 في المائة بعد ارتفاع
بنسبة 19.5 في المائة في السنة المنصرمة، وذلك جراء الظروف
المناخية غير المواتية. وقد ساهم تواتر سنوات انخفاض التساقطات المطرية وازدياد
حدتها في السنوات الأخيرة في تفاقم هذا المنحى التنازلي[4].
من
المؤكد أن الاقتصاد المغربي تأثر بشكل مباشر من هذه الأزمات، التي كانت لها
انعكاسات قاسية على أدائه وعلى ارتفاع نسبة التضخم والأسعار، وذلك راجع للاعتماد
الكبير للمغرب على الاستيراد من أجل تلبية حاجياته من المواد الغذائية الأساسية
والطاقية، حيث ارتفعت فاتورة مشتريات المغرب من الغذاء من الخارج بنسبة %44.9 سنة
2022 لتصل إلى 86.72 مليار درهم، مقابل 59.86 في المئة سنة 2021، كما ارتفعت
واردات القمح والحبوب بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار على المستوى الدولي، أيضا شهدت
الفاتورة الطاقية ارتفاعا كبيرا لتصل إلى 153.5 مليار درهم بزيادة قدرها %102 بالمقارنة
مع سنة 2022 . ومما أثر على وضعية الاقتصاد المغربي توالي سنوات الجفاف
وانعكاساتها على إنتاج المحاصيل، إذ لم يتجاوز الإنتاج الوطني من الحبوب في سنة
2022، كمية 34 مليون طن، بانخفاض قدره %67، وأثر ذلك على نمو الناتج الداخلي الخام
من جهة، ومن جهة أخرى كان له انعكاسات اقتصادية واجتماعية قوية، هذا بالإضافة إلى
التأثيرات المباشرة للركود الاقتصادي لمنطقة اليورو، التي تعتبر دولها الشريك الاقتصادي
الأول للمملكة، وهو ما أثر بشكل مباشر على نمو الطلب الخارجي للمغرب واستفحال عجز
الميزان التجاري الذي ارتفع بنسبة %56 سنة 2022، بالإضافة إلى معدل النمو الذي لم
يتجاوز سنة 2022 نسبة %1.5[5].
أيضا،
يواجه كل من الاقتصاد الوطني والمالية العمومية تحديا كبيرا، نتيجة زلزال الحوز
الذي ضرب مجموعة من المناطق التابعة لهذا الإقليم، والذي خلف احتياجات مستعجلة
وأخرى على المديين المتوسط والبعيد تزيد من أعباء المالية العمومية، وخصوصا منها
ضرورة تعبئة 120 مليار درهم، لإعادة بناء المناطق المتضررة وتأهيلها اجتماعيا
واقتصاديا في إطار مخطط على مدى خمس سنوات.
على
مستوى آخر، أدت الحاجة إلى تقليص العجز الحاصل في الميزانية العمومية إلى مواصلة الاعتماد بشكل متزايد على الاقتراض
بمستوييه الداخلي والخارجي. ونتيجة لذلك تمت تعبئة موارد الاقتراض بشكل أدى إلى
ارتفاع حجم دين الخزينة إلى ما يناهز 951 مليار درهم سنة 2022، بزيادة فاقت 66 مليار درهم مقارنة بسنة
2021، مما أدى إلى ارتفاع مؤشر الدَّين الذي سجل نسبة %71,6 من الناتج الداخلي الخام،
سنة 2022، مقارنة بنسبة % 69,5سنة.2021 ويؤشّر هذا الارتفاع على انطلاق مرحلة جديدة ستتسم بتفاقم المديونية.[6]
وهذا من شأنه أن يزيد تأزم الوضعية
الاجتماعية للمغاربة، ومن معاناة الفئات الهشة
والفقيرة، المستهدف من برامج الحماية الاجتماعية، أي أن هذا الوضع يفرض على الدولة
مزيدا من الدعم والحماية لهذه الفئات، والعمل على وضع سياسات استباقية ووقائية،
إضافة إلى ضرورة تعزيز مراقبة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة، مع تطبيق
عقوبات رادعة بما يكفي من أجل مكافحة المضاربة المفرطة وذلك من أجل الحفاظ على القدرة
الشرائية للمواطنات والمواطنين.
وأيضا
العمل على البحث عن آليات جلب موارد المالية جديدة كافية تضمن التنزيل الجيد
للورش، واستدامة الدعم الاجتماعي، في ظل هذا الوضع الاقتصادي غير المستقر وخصوصا
في ظل ما يعرفه من تغيرات سريعة ومفاجئة.
ولا
بد الإشارة إلى أن الاقتصاد المغربي مبني على الريع وانتفاء المنافسة في السوق الوطنية
ووجود الاحتكار، ناهيك عن افتقار المنظومة الاقتصادية إلى آليات واضحة تضمن
التنافسية، وتجعل استغلال الموارد وتشغيلها مبنياً على الجهد الذي يبذله الفرد. وانعكس ذلك على المجال
الاقتصادي والاجتماعي، عبر ضياع ملايير الدراهم وتكريس اختلال مستدام لمعادلة
التوزيع العادل للثروات، لأنه يستنزف ميزانية مهمة من الاقتصاد الوطني وبالتالي
يحرم العديد من المواطنات والمواطنين خصوصا المحتاجين والمعوزين من الاستفادة من
خيرات هذه البلاد.
ويقوم
اقتصاد الريع على أساس منح الامتيازات والخدمات وفرص العمل لصالح فئة معينة دون
مراعاة أي اعتبارات ترتبط بالمنافسة والكفاءة الاقتصادية، وتكمن خطورة الريع في انتشار الفساد وسوء استخدام المال العام ما
ينعكس سلبا على مداخيل الدولة المستحقّة، كما يعتبر مقوما ومرتكزا أساسيا للفساد
الاقتصادي والسياسي والإثراء غير المشروع، ويساهم أيضا في خلق فئات اجتماعية هشة
تعاني من الفقر والحرمان، ومحرومة من الولوج إلى السوق بشكل عادل ونزيه، وانتشاره يقوض
على نحو خطير تماسك النسيج الاجتماعي، وبالتالي فإن الدولة مطالبة بدعم الفئات
الهشة من أجل ضمان العيش الكريم.
المطلب الثاني:
تحديات تمويل ورش الحماية الاجتماعية.
إن
أي مشروع حكومي كيفما كان نوعه لا بد له من موارد مالية كافية تستجيب لكافة
الحاجيات التي يتطلّبها نجاحه، إلا أن هناك بعد التحديات التي تواجه تمويل ورش الحماية
الاجتماعية، وتتجلى في محدودية الموارد المالية المخصصة لتمويل ورش الحماية
الاجتماعية (الفرع الأول)، وتحدي استدامة التمويل لهذا الورش (الفرع الثاني).
الفرع الأول: محدودية
الموارد المالية المخصصة لتمويل ورش الحماية الاجتماعية.
وطبقا
لتوقعات الحكومة في سنة 2021، يتطلب تمويل برامج الحماية الاجتماعية والذي يرتكز
على آليتين (آلية قائمة على الاشتراك وآلية قائمة على التضامن)، تخصيص مبلغ سنوي
إجمالي يفوق 51 مليار درهم. ومن المنتظر أن يعرف هذا المبلغ ارتفاعا بالموازاة مع
الرفع من الحد الأدنى للأجور الذي استعمل كقياس لتقدير مبلغ تمويل إصلاح الحماية
الاجتماعية. وتطرح المزاوجة بين نظامي الاشتراك والتضامن
إشكالات عديدة عند التطبيق، في ظل غياب أرضية معيارية صلبة لتحديد مؤشرات الفقر.
من
خلال ذلك، سنسلط الضوء عبر هذا الفرع إلى وضعية آلية التضامن (الفقرة الأولى)، و
إلى وضعية آلية الإشتراك (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:
وضعية آلية التضامن:
ويتجسد
هذا التضامن من خلال مساهمة كل عضو أو فرد من أفراد المجتمع من أجل تغطية المخاطر
التي قد تصيب الفرد أو الجماعة داخل المجتمع دون ربط استفادتهم بمقدار مساهمتهم في
التمويل بل تربط بالمقدار اللازم الذي تطلبه الحاجة الناشئة عن تحقق الخطر، وهو ما
يعني التغييب الكلي لآلية التمييز بين الخطر والإمكانات المالية، وهو ما أشار له القانون
65.00 المتعلق بمدونة التغطية الصحية، في مادته الأولى "يقوم تمويل الخدمات
المتعلقة بالعلاجات الصحية على مبدأ التضامن".
وهو ما كرسه الفصل 31 من دستور2011 حيث أكد على
حق الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة
لكل المواطنات والمواطنين والدولة تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة للاستفادة من
هذا الحق.
وقد
أوضح رئيس الحكومة بأن تنزيل ورشي التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر في
إطار الآلية القائمة على التضامن يتطلب تمويلا سنويا يناهز 35 مليار درهم في العام
2024، ليبلغ 40 مليار درهم بحلول سنة 2026[7]،
وأكد أن الحكومة اتخذت جملة من التدابير لتأمين مصادر تمويل هذا المبلغ، عن طريق:
-
الموارد الذاتية للدولة، والعائدات الجبائية
(المساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالمقاولات، والرسوم
الضريبية المستخلصة من تفعيل المساهمة الإبرائية برسم الممتلكات والموجودات
المنشأة بالخارج).
-
إعادة
توجيه الاعتمادات المالية المرصودة لمجموعة من برامج الدعم السابقة وتعبئة احتياطي
صندوق التماسك الاجتماعي لسنة 2024، والإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة 2026[8].
-
إقرار
المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول، مما سمح بتعبئة 5 مليارات درهم سنة 2021 وحوالي 6 مليارات درهم سنة 2022
المتمثلة في:
ü
فرض
ضريبة داخلية على الاستهلاك مطبقة على الإطارات المطاطية ولو كانت مركبة على
الأطواق؛
ü
فرض
ضريبة داخلية على الاستهلاك مطبقة على المنتجات والآلات والأجهزة المستهلكة
للكهرباء؛
ü
فرض
ضريبة داخلية على الاستهلاك مطبقة على الآلات الإلكترونية والبطاريات المخصصة
للمركبات؛
لا
شك أن التمويل الضريبي يعد مدخلا أساسيا لإعادة توزيع الثروة ولتحقيق التنمية
الاجتماعية، لكن المشكلة تكمن في أن توسيع نطاقه بمبرر المساهمات التضامنية في
السياسات الاجتماعية، قد يهدد بتحويله من رافعة لتحقيق التماسك الاجتماعي إلى أداة
لتفقير الفئات الدنيا من الأسر المتوسطة، إذا ما أخذنا في الحسبان التقلبات
المستمرة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية..[9].
إضافة إلى ذلك فإن التمويل الجبائي للسياسات
الاجتماعية سيفقد مغزاه وقد يؤدي إلى عكس مبتغاه، ونشير على سبيل المثال إلى فرض
الحكومة بموجب قانون المالية لسنة 2021، مساهمة اجتماعية على الأرباح والدخل على
كل موظف أو أجير يساوي أو يفوق أجره الشهري 20 ألف درهم شهرياً في حدود 1,5% من
الأجر الصافي، وقد كان مشروع القانون يذهب في اتجاه فرض هذه المساهمة على كل من
يفوق أجره 10 ألف درهم قبل تعديله بعد موجة من الانتقادات داخل وخارج البرلمان[10]، مما يوحي بغياب تصور مندمج لمبررات ومآلات التمويل التضامني
للحماية الاجتماعية.
وهذا
ما يوضح أن الاختيارات الضريبية التي اتبعتها الحكومة في تمويل ورش الحماية
الاجتماعية، تحرمها من جلب الموارد الجبائية الكافية، في الوقت الذي تُفرض عليها
الزيادة في النفقات، ما يجعل المداخيل الجبائية لا تغطي سوى 60 في المئة من
النفقات، وهو ما دفع بالدولة إلى البحث عن موارد أخرى من بينها التوجه إلى القروض
الخارجية.
ومن
المهم أيضا أن يكون تمويل تدابير الحماية الاجتماعية مدمجا ضمن منظور متكامل
للعدالة الاجتماعية، بدل أن يظل حبيس نظرة تجزيئية قد تسهم في حماية فئات مقابل
إفقار أخرى، عبر مدخل إصلاح صندوق المقاصة من دون إجراءات مصاحبة، ما قد
يكون له نتائج عكسية على غرار الآثار الناجمة عن تحرير أسعار المحروقات منذ 2015،
حيث اتضح أن الاستهداف شمل كبار الفاعلين في سوق المحروقات بدلا من المواطن[11].
حيث تعتزم الحكومة توجيه تكاليف صندوق المقاصة
نحو آليات مندمجة للحماية الاجتماعية والسجل الاجتماعي الموحد وبشكل خاص لتمويل
تكاليف الصحة، مما يعني الإنهاء التدريجي لصندوق المقاصة،
وسيمكن هذا الإجراء وفق المعطيات التي قدمها الوزير المكلف بالميزانية أمام
البرلمان، من تعبئة هوامش مالية مهمة ستصل قيمتها إلى ما يناهز 3 مليارات درهم سنة
2024، و8 مليارات درهم سنة 2025 لترتفع إلى 12 مليار درهم ابتداء من سنة 2026.
[4] - تقرير
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لسنة 2022، مرجع سابق، ص:
31.
[5] - تقرير لمرصد العمل الحكومي حول
التضخم وارتفاع الاسعار، مرجع سابق، ص: 5.
[7] - الجلسة العمومية المشتركة داخل
البرلمان حول الدعم الاجتماعي المباشر
بتاريخ 23 أكتوبر2023.
[8] - تقرير
المجلس الاعلى للحسابات لسنة 2022، ص: 67-68.
[9] - عبد الرفيع زعنون،
تسقيف الدولة الاجتماعية،
المعهد المغربي لتحليل السياسات، تاريخ الزيارة، 21/05/2024، الساعة: 15:24، https://mipa.institute/10709.
[10] - عبد الرفيع زعنون، برنامج الحماية الاجتماعية وممكنات تمفصلها مع
سياسات الدعم الاجتماعي، العدد مزدوج رقم 18-19، السنة الرابع 2021، ص: 215.
من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله