تشخيص الوضعية الحديثة للإدارة العمومية بالمغرب - سفيان مشرف - المؤطر المصطفى قاسيمي


تشخيص الوضعية الحديثة للإدارة العمومية بالمغرب

Diagnosing the modern situation of public administration in Morocco

 سفيان مشرف/ باحث بسلك الدكتوراه جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والسياسية سطات المملكة المغربية.

المؤطر المصطفى قاسيمي/ جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والسياسية سطات المملكة المغربية - مختبر الانتقال الديموقراطي.

SOUFIANE Mouchrif

El Mustapha Kassimi


الملخص:

نظرا للأهمية التي تحتلها الإدارة داخل أجهزة الدولة، اعتبرها البعض "دولة داخل دولة"، في حين ذهب باحثون آخرون إلى أن الإدارة هي "مجموعة من المؤسسات الإدارية الموضوعة رهن تصرف الحكومة والمنفصلة عنها مع التراشح بينهما، تساهم في الوظيفة التشريعية والحكومية، تمارس نشاطا فعالا لا موجها لتحقيق التنمية والإصلاح والتحديث والفعاليات المختلفة ضمن سياق سياسي معين .

بتأملنا في هذا التعريف يمكن القول أن الإدارة، هي دلك الجهاز أو الهيكل، حيث تم تنفيذ القرارات الصادرة عن الحكومة علما أنه منفصلا عنها، كما يستشف من نفس التعريف أن الإدارة تساهم في الوظيفة التشريعية والتنفيذية، هادفة لتحقيق التنمية والإصــلاح ويــرى عبد الله شنفار أن الإدارة تكليف ومسؤولية تدبير أهداف معينة خدمة للصالح العام.

الكلمات المفاتيح: الوظيفة العمومية؛ الإدارة العمومية؛ الموارد البشرية؛ تشخيص الوضعية.

 

 

Abstract :

Given the importance that the administration occupies within the state apparatus, some considered it a “state within a state”, while other researchers argued that the administration is “a group of administrative institutions placed at the disposal of the government and separated from it, with the interplay between them, that contribute to the legislative and governmental function, and exercise an effective activity.” It is not directed towards achieving development, reform, modernization and various activities within a specific political context.

Reflecting on this definition, we can say that the administration is the body or structure, where the decisions issued by the government have been implemented, knowing that it is separate from it. It is also evident from the same definition that the administration contributes to the legislative and executive function, aiming to achieve development and reform. Abdullah Shanfar believes that the administration Assignment and responsibility for managing specific objectives in the public interest.

keywords :

public employment; public administration; Human resources; situational diagnosis.


 

مقدمة

إذا الدول المتقدمة قد قطعت أشواطا كبيرة في البناء الديمقراطي وإشراك المواطنين في عملية التنمية الشاملة، فإن الدول النامية لازالت بعيدة عن تحقيق نظام متطور للإدارة العمومية، ويرجع دلك على أن هذه الدول قد اتجهت في بداية حصولها على الاستقلال إلى نهج أسلوب المركزية المشددة. وتعاني البلدان النامية من مشاكل متعددة ومتنوعة على رأسها تخلف الجهاز الإداري الذي يشكل عائق فعليا يحد من وتيرة النمو الاقتصادي لهده البلدان، ولهذا فإن جلها يسعى اليوم إلى التخلص من أزمة التخلف التي تعيشها على مستوى الإدارة أو العمل على إدخال إصلاحات جذرية للرفع من مستواها ومردوديتها ودلك ببدل مجهودات جبارة قصد تمكين قطاع الوظيفة العمومية من الاستجابة لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي هي في حاجة ماسة لتحقيقها.

إن كل تطور يحصل في هذا المجال فهو تطور ممكن وضروري في نفس الوقت فهو ضروري لعدة اعتبارات، أهمها التغيير الذي سيطرأ على الإدارة في السنوات المقبلة بفعل إدخال التكنولوجية الحديثة للإعلام والتواصل، وما سيترتب عنها من انعكاس على تنظيم العمل والتكوين المستمر وسر المرفق العمومي وكذا بفعل المطالب المتزايدة للمواطنين والمترتفقين اللذين يتطلعون إلى الخدمات ذات جودة عالية ولإدارة تستجيب لمتطلباتهم المتنوعة بالفعالية المرجوة[1].

إلا أن أهم إشكالية تطرح في مجال تدبير الموارد البشرية تتمثل بشكل أساسي في غياب إستراتيجية واضحة، تحدد الإطار المرجعي للكفاءات ونوعية التركيبة الهرمية للموارد البشرية، كما أن التجربة أبانت على أن هدا التدبير يقتصر على الجانب القانوني والتسيير اليومي للقضايا على حساب تدبير مبني على منطق التدبير التوقعي والاستراتيجي للموارد البشرية[2].

المبحث الأول: إستراتيجية تدبير الموارد البشرية للإدارة العمومية:

تضم الإدارة المغربية بين أحضانها ما يقارب 635000 موظف من بين مجموع مليون عون تغطي مجموع القطاع العام[3]. 73,5% منهم متموضعون في مستوى مصالح الخارجية، بينما يضم محور البيضاء-القنيطرة بمفرده 33,7% وإذا كانت الإدارة مليئة بالأخطاء التي لا تتحمل ولا يمكن وضعها فدلك لا يمنعنا بان نأخذ بعين الاعتبار ما تنجح فيه الإدارة ولا نعرفه، وما تقوم به من أعمال دون أن تستطيع رؤيتها[4].

إن أهم إشكالية تطرح بخصوص الموارد البشرية على مستوى الإدارة العمومية، تتمثل بشكل أساسي في غياب إستراتجية عقلانية واضحة تحدد الإطار المرجعي للكفاءات ونوعية التركيبة الهرمية للموارد البشرية.

إن أي محاولة لمقاربة واقع تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية، تقضي بالضرورة الوقوف على الهيئات المتدخلة في تدبير الموارد البشرية. (المطلب الأول) وعلى صعوبات تصميم سياسة عامة للموارد البشرية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الهيئات المتدخلة في تدبير الموارد البشرية

  تتدخل عدة أجهزة في تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية، فهناك وزارات تتولى تدبير أمورها وتتمتع بسلطة تقريرية في دلك إلى جانب هده الوزارات هناك هيئات إدارية لها صبغة استشارية تساهم بدورها في إغناء ودمقرطة الوظيفة العمومية[5]

الفرع الأول: الهيئات الإدارية التقريرية

تحتل هده الهيئات مكانة هامة في صنع قرارات الوظيفة العمومية، بحيث تتمتع بسلطة القرار في تدبير شؤون الموظفين، وهده الهيئات هي:

الملك: ينص الفصل 30 من دستور 13 شنبر 1996، على أن الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية وله حق التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية كما له أن يفوض لغيره ممارسة هدا الحق[6]. يتضح من خلال هدا الفصل، الدور الذي يلعبه رئيس الدولة في مجال الوظيفة العمومية، بحيث له الصلاحية الكاملة بمراقبة عملها وتوجيه واتخاذ التدابير اللازمة في شأنه.

الوزير الأول: ينص الفصل 89 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية على أنه :"يمكن أن يحدد مرسوم التدابير التي يجب اتخاذها لتطبيق ظهيرنا الشريف هدا"[7]، إدا فالوزير الأول يتخذ التدابير اللازمة لتطبيق مقتضيات القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، كما يتمتع بسلطة تنظيمية عامة تمكنه من النظر في الإدارة والتوقيع شخصيا أو بالعطف على جميع القواعد التنظيمية التي تهم الموظفين.

وأخيرا فإنه يحكم الفصل 30 من الدستور الحالي يمكنه أن يمارس وبطريقة تفويضية حق التعيين للموظفين المدنيين والعسكريين، علما أنه في استطاعته أن يفوض بدوره هدا الاختصاص للوزراء، كما أنه له حق في اتخاذ التدابير الخاصة قي شأن وضعية الأطر المشتركة العاملة في الإدارة العمومية كالمهندسين مثلا"[8]

§       وزير الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري:

خول المشرع لوزير الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري عدة اختصاصات في مجال تدبير شؤون الموظفين نذكر منها:

§       تحديد سياسة التوظيف ومراقبة تنفيذها.

§       إمداد النصوص المتعلقة بوضعية موظفي الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية

§       السعي باتفاق مع مختلف الإدارات إلى تحسين تأدية العمل من طرف موظفيهم والنهوض بمردوديته وجودته.

§       السهر على تطبيق المبادئ المتعلقة بتنظيم أسلاك الوظيفة العمومية بالمرتبات والتعويضات...[9]

وبهذا تكون له الصلاحية الكاملة بمراقبة تدبير وضعية الموظفين من طرف جميع المصالح الوزارية وإعطاء كلمته للفصل في كل قرار يهم توظيفهم وترقيتهم وتأديبهم لضمان مشروعيته.

وترتيبا عليه فإن وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري لها صلاحيات عامة في مجال الوظيفة العمومية ثم بالخصوص إعداد سياسة التكوين ومراقبة تنفيذها.

*وزير المالية: يحتل وزير المالية في جميع الدول مكانة هامة على صعيد التشكيلة الحكومية تمكنه بالخصوص من ضبط شؤون الموظفين ومراقبة أعمالهم في ما يتعلق بالجانب المالي والمغرب لا يخرج عن هذه القاعد[10]

ومن خلال النصوص القانونية نجد وزارات المالية تتدخل في أعمال إدارة الوظيفة العمومية عن طريق التوقيع ولا ينصب توقيعه على الأعمال من زاوية الميزانية فحسب وإنما تدخلها في جوهر وأساس المسائل التي تهم الموظفين، بحيث تتولى بالاشتراك مع وزارة الوظيفة العمومية دراسة المشروعات المتعلقة بالأجور والتعويضات ونظام التقاعد وغيرها. من المشاريع التي تتعلق بالحياة الإدارية للموظف. وهدا ما يدل على أن وزير المالية يتمتع بسلطة واسعة تمكنه من فرض هيمنته على مسار الوظيفة العمومية.

الفرع الثاني: الهيئات الاستشارية:

رغبة من المشرع في إشراك الموظفين في دراسة تنظيم سير العمل وفي دراسة كل القضايا التي لها علاقة بحقوق وواجباته، أصبح له الحق في أن يقول كلمته في تنظيمات إستشارية، تتمثل في:

§   المجلس الأعلى للوظيفة العمومية.

إذ ينص الفصل 10 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية على أنه "يؤسس مجلس أعلى للوظيفة العمومية، يختص بالنظر في جميع مشاريع القوانين الرامية إلى تغيير أو تتميم النظام الأساسي للوظيفة العمومية[11].

  حيث يعتبر المجلس الأعلى للوظيفة العمومية جهازا مركزيا يجتمع فيه كبار موظفي الإدارة والممثلين للموظفين، تستشيره الحكومة في وضع السياسة العمومية على الصعيد الوطني، يتكون هدا المجلس من عدد متساو من الأعضاء ، نصفهم يمثل الإدارة والنصف الآخر يمثل الموظفين، الدين يتم اختيارهم عن طريق الانتخاب من بين ممثلي الموظفين في اللحن الإدارية المتساوية الأعضاء[12].

  إذ يستشار المجلس حول المسائل المتعلقة بتحسين أساليب عمل المستخدمين، ويمكنه القيام بدراسة سير عمل الإدارات العمومية واقتراح الإجراءات التي من شأنها تحسين وضعية الموظفين ويصدر المجلس في شأن هده الاستشارات أراء وتوصيات غير ملزمة للحكومة، ومعلوم أن المشرع قصد بهذا التمثيل المزدوج المتساوي الأعضاء أن يكون هناك تكافؤ بين الوجهة الإدارية والوجهة المهنية مما يساعد على مناقشة التوجيهات الكبرى في مجال الوظيفة العمومية[13]

§       اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء:

يقوم كل من الوزير في الإدارات التي تحت نفوذه بتأسيس لجن متساوية الأعضاء يكون لها حق النظر فمن الحدود المقررة في القانون الأساسي للوظيفة العمومية، وفي المراسيم الصادرة لتطبيقه، في عدد كبير من القضايا التي تعيني الحياة الإدارية للموظفين[14].

  وحسب مرسوم 1959 المطبق للفصل 11 المشار إليه سلفا، فإن هده اللحن تضم ممثلي الموظفين في نطاق تمثيل متساوي الأعضاء، بحيث تعني الفئة الأولى بموجب قرار يصدره الوزير المعني بالأمر، أما الفئة الثانية فيتم انتخاب أعضائها من طرف موظفي الإطار المعني بشؤونهم على أساس عضوين رسمين نائبين من كل درجة يشتمل عليها الإطار[15].

ويمكن أن ينخفض هدا العدد إلى وأكد إدا عدد موظفي الإطار يقل عن عشرين عضوا.

  أما بالنسبة لاختصاصاتها، فإنها تعلب دورا استـــشاريا في المسائل ذات الصبغة الفردية، وتختص أيضا بالنظر في الإجراءات التأديبيــــة والإحالة على الاستيداع والاستقالة والفصل لعـــدم الكفاءة.

  ومن المؤكد أن إنشاء مدة اللحن من شأنه أن يدعم مشاركة الموظفين في صنع القرارات المتعلقة بمسار حياتهم الوظيفة ويضمن لهم حماية ضد كل التعسفات الإدارية، وأخيرا يجعل علاقة الإدارة بموظفيها في موضع الشقة والتعاون[16] .

·       اللحن التقنية المتساوية الأعضاء:

تسمح هده اللحن التي لها طابع تقني لأطر الإدارة بالمساهمة في إعداد القواعد التي تتعلق بتنظيم وتسيير المصالح الوزارية خاصة تلك التي تهم أسليب عصرنة الإدارة وتقنيات العمل.

  ويقوم تشكيل هده اللحن على أساس مبدأ المساواة، بحيث أن التمثيل الإداري متساو في أعضائه مع التمثيل المهني كما هو الشأن بالنسبة للجان الإدارية التي تطرقنا إليها سابقا.

المطلب الثاني : صعوبات تصميم سياسة عامة للموارد البشرية

  لعل الإشكال المطروح في الإدارة العمومية لا يكمن فقط في تضخم عدد الموظفين، بل كذلك في سوء توزيعهم إداريا وجغرافيا[17].

وأول ما يقف عنده الدارس في تشخيصه لواقع تدبير الموارد البشرية، إن هناك وعيا حقيقيا بالدور الإستراتيجي الذي ينبغي من الآن فصاعدا أن تلعبه الإدارات في تتمين مجهودات موظفيها والارتقاء بمستواهم.

  ففي أغلب الوزارات تم الارتقاء ببعض المصالح إلى مستوى مديريات مركزية، مما يدل على السعي المهم للسلطات العمومية إلى تحديت تدبير الموارد البشرية، لكن المنظومة الحالية لتسيير شؤون الموظفين لا تتماشى والمفاهيم الجديدة لتدبير الموارد البشرية، رغم اتخاذ عدة مبادرات وإجراءات على نطاق واسع من طرف بعض الوزارات[18].

  حيث يضل تدبير الموارد البشرية عبارة عن شعار لوجود مجموعة من المشاكل البنيوية والتنظيمية المثقلة بمجموعة من المخلفات، والتي تشكل عائقا أمام نجاح أي سياسة عامة لتدبير العنصر البشري، لقد راكمت الإدارة مند الاستقلال مجموعة من الاختلالات، فرغم مجموعة من المحاولات الإصلاحية، فإنها ظلت تتميز بطابع مخزني، تقليدي وتعتمد نمطا عتيقا في التدبير،

 فما هي هده المشاكل التنظيمية التي تعرفها الإدارة العمومية المغربية (الفرع الأول) وما هي أهم المحاولات الإصلاحية؟ وهل حققت الأهداف المنشودة منها؟ (الفرع الثاني(.

الفرع الأول: المعيقات التنظيمية.

  لقد كان لضعف الإصلاح السياسي تأثير عميق على مسلسل التغيير الإداري، ودلك من خلال تقوية السلطة المركزية على حساب باقي السلطات، ثم تغليب عنصر الولاء على عنصر الكفاءة، بالإضافة إلى إبعاد المواطن من المشاركة في عملية الإصلاح الإداري[19]

  وتعتبر الإدارة الوسيلة التي بها تتحقق التوجيهات السياسية، فهي ليست هدف أو غاية في حد ذاتها، والنظام الإداري المغربي مبني على مفهوم أحادي محتكر للسلطة هو خاصية النظام البيروقراطي، متجليا في انغلاق الإدارة، وفي إدارة مجردة غير عادلة ومتحكمة وبطيئة تم متداخلة ... وهكذا نجد أن التنظيم بالإدارة العمومية يعرف عدة صعوبات تنعكس سلبيا على تدبير الموارد البشرية، ومن أبرز هده الصعوبات نذكر

·       تقوية السلطة المركزية على حساب باقي السلطات

  إن عدم التركيز على التنمية السياسية إلى جانب تقوية الجهاز التنفيذي، أدى إلى الاهتمام بالجهاز الإداري، وتقوية العلاقات بين السلطة والإدارة، دلك أن الإدارة هي الأداة الفنية لتحقيق رغبات وأهداف السلطة الحاكمة. لقد تميزت الإدارة العمومية المغربية، وعلى غرار أغلب الإدارات في الدول النامية بقوة ارتباطها بالقيادة الحاكمة، وخصوصا بالسلطة التنفيذية، بحيث تعمل على خدمة النخبة الحاكمة، حتى أنها أصبحت في كثير من الأحيان اليد الإدارية للحاكم إد تنحصر حاليا وظيفة إدارة الموارد البشرية بجعل المصالح الخارجية في القيام بدور صناديق بريدية للإدارة المركزية على الصعيد المحلي، حيث تقوم من جهة بمهام الإخبار والتبليغ وموفاة الوزارة بالمعلومات لتمكينها من اتخاذ القرارات التي تتخذ على الصعيد المركزي[20].

  ويتجلى كلك مدلك هدا التركيز في سوء التوزيع الجغرافي، حيث تتمركز الوظائف في مدن دون أخرى محور الدار البيضاء الرباط وهو أكبر العوائق التي تعترض الإدارة المغربية[21]. وفي هدا السياق نستحضر تقرير البنك الدولي بتاريخ 15 أكتوبر 1995 حول الإدارة المغربية، حيث أكد على أنها تعرف مركزية مفرطة[22]. يصعب معها تصور تدبير حقيقي للموارد البشرية.

* تغليب عنصر الولاء على عنصر الكفاءة.

  إن الأوضاع التي عاشها المغرب يمكن اعتبارها، وإلى حد الآن أوضاعا انتقالية كان لها الأثر البالغ على طبيعة الوظيفة العمومية، خاصة على مستوى القيادة الإدارية، حيث يلاحظ تغليب عنصر الولاء في كثير من الحالات على عنصر الكفاءة والفعالية. ففي المجتمعات التي تعيش أوضاعا انتقالية، يكون للولاء معايير أو حكمته أسس يمكن الاسترشاد بها.

·       عدم ملائمة الهياكل التنظيمية.

تشكل الهياكل التنظيمية الإطار العام المحدد لتوزيع الأدوار والمسؤوليات والسلطات بين أفراد التنظيم، ويوضح نسق العلاقات بينهم، كما يبين كيفية إنجاز هده المهام. ودون إعداد المتطلبات التكميلية الأخرى حتى يكون الهيكل التنظيمي فعالا، كتحديد الاختصاصات وتوصيف الوظائف، وتوزيعها على مختلف التقسيمات وتحديد السلطات والمستويات، وبيان خطوات إنجاز المهام المختلفة[23]. مما يؤدي إلى سوء توزيع المهام ما بين الموظفين والأعيان داخل المصالح الإدارية، إن وجود هده الظاهرة يترتب عليه في كثير من الحالات تركيز الأعمال في أي مجموعة من مساعدي رؤساء المصالح وإنفرادهم في أداء المهام الإدارية دون الموظفين والأعوان الآخرين. وتجد هده الوضعية تبريرا لها في عدد من العوامل منها[24]

§       غياب نظام فعال لتوصيف الوظائف

§       وجود فائض من الموظفين والأعوان لدى بعض المصالح الإدارية

§       ضعف كفاءة الموظفين والأعوان

§       عدم سلامة طرق وأساليب  اختيار الموظفين والأعوان

§       عدم إستعداد بعض رؤساء المصالح لاحتضان وتدريب الموظف الجديد.

غياب نظام معلوماتي:

إن أول ما يلاحظ عند دراسة الإدارة، هو بدون شك هو عدم قدرتها على الحصول بشكل منظم على معطيات مدروسة وتامة وأمينة حول مواردها البشرية، حيث نجد أن جانبا كبيرا من نشاط الإدارة يتكون من أعمال متكررة الوقوع.

إن تحسين جودة تدبير الموارد البشرية يرتبط على حد بعيد بإدخال المعلوميات ليس فقط للقيام بمهام إدارية تقليدية، بل باستعمالها أيضا في تهيئ واتخاذ القرار. فمازالت وضعية المعلومات في الإدارة جد غامضة لحد الآن. ولا يشارك الحاسوب باتخاذ القرارات إلا بشكل ضعيف، وعندما يتدخل في هدا الميدان فإن دلك لا ينم إلا جزئيا وفي قرارات روتينية تتعلق بالتنفيذ وذات التأثير على المدى القريب، إذ لا يشارك حاليا في قرارات التسيير إلا نادرا، وفي حالات جد استثنائية يتدخل في التخطيط والتوقع[25].

إذن في ضل غياب نظام معلوماتي يعطي المكونات الأساسية لتدبير الإدارة عامة وشؤون الموظفين خاصة، لا يستطيع ذوو القرار التوفر على المعطيات الملائمة التي من شأنها أن تسمح لهم بتقييم التدبير وبوضع مخطط إصلاحي يأخذ يعين الاعتبار الحقائق الواقعية ومتطلبات الأطراف المعنية.

  فبعد سردنا لمجموعة من المشاكل والمعيقات التنظيمية التي تعاني منها الإدارة العمومية المغربية، سنتطرق إلى أهم المحاولات الإصلاحية التي تبنتها الحكومات المغربية المتعاقبة، وإلى أي حد تمكنت هده الإصلاحات من تحقيق الأهداف المنشودة منها.

الفرع الثاني: المحاولات الإصلاحية.

  يعتبر الإصلاح الإداري وسيلة تهدف إلى تجنب أو القضاء على عوائق تدبير الشأن العام، لدلك أعارته حكومات جل الدول اهتماما بالغا بحيث لم تتردد في إدماجه ضمن مخططاتها التنموية، ودلك قصد تحسين أداء موظفيها وتحديث هياكل الإدارة وتعيين قوانينها.

  إن التحولات التي تشهدها الدول النامية ما هي إلا نتيجة لتفاعلات اجتماعية واقتصادية وسياسية سادت هده البلدان في العقود الأخيرة، فلقد عرفت هده البلدان مند الاستقلال نقلة حضارية أبعدتها عن كل ما ألفته في عصورها الماضية من بساطة في التكوينات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية.

  ويرتكز مستوى نجاح أو فشل الجهاز الإداري لدولة ما في تحقيق البرامج التنموية والاستجابة لحاجيات المجتمع، على قدرة وكفاءة العنصر البشري المكونة له فموظف الإدارة العمومية هو الطرف الحاسم والمتحكم في فعالية وإنتاجية الجهاز الحكومي للدولة. وعليه لقد انكب المغرب مند حصوله على الاستقلال في إعداد وتبني إصلاحات هامة للنهوض بقطاع الإدارة العمومية، تهم بالخصوص سد الفراغات التي تركتها الحماية في مجال التوظيف، وعرفت إصدار ترسانة كبير من الظهائر والقوانين التنظيمية التي ساهمت بحق في وضع اللبنات الأساسية لتنظيم العمل الإداري والنهوض به.

  ففي فترة وجيزة لا تتعدى أربع سنوات عرفت إحدى مؤسسات وآليات إدارية وقضائية وتكوينية أساسية كالمجلس الأعلى (24 شتنبر1957) والمدرسة الوطنية للإدارة العمومية (1956 بدلا من المدرسة المغربية للإدارة) وإصدار النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية (24 فبراير1958) والظهائر المتعلقة بالتسوية العامة للحسابات وإحداث اللجنة الوطنية للحسابات، إضافة إلى الجهاز الإداري المكلف بالوظيفة العمومية (14 يناير1959)[26]، غير أن المثير للانتباه والمخيب للآمال هو أنه إدا ما اطلعنا على تعليمات جلالة الملك محمد الخامس المتعلقة بالإصلاح الإداري في تلك الفترة، فسنجد أن الهموم الإصلاحية التي نرددها اليوم هي نفسها التي تم التأكيد عليها في دلك الوقت، وأن الإجراءات التي تم تطبيقها تعتبر قليلة جدا إدا ما قورنت بالآمال والطموحات التي تم التعبير عنها أنداك، ويمكن تلخيص هده التوجيهات في المحاولات التالية[27]

§       تقريب الإدارة ومغربتها.

§       تبسيط المساطر الإدارية

§       التكوين الجيد في المجال الإداري

§       الجانب السلوكي للموظف

§       تقريب الإدارة من المواطنين

§       عصرنة الإدارة وتجهيزها بشبكات اتصال هامة.

  فمن ينظر إلى هده المحاور لن يصدق بأنها مستقاة من خطابات الملك محمد الخامس، ومن تعليماته الموجهة إلى وزير الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري أنداك السيد محمد بوستة، ما دامت هده المحاور الإصلاحية هي نفسها التي تناوبت، حسب تاريخ صدور نذكر:

·   إصلاح 1963 ودلك بحكم ثلاث مراسيم

أولهما: يقضي بوضع تسلسل وظيفي في الرتب التابعة للسلك الإداري، حيث أن هدا الأخير أصبح يحتوي على أحد عشر سلما، كل سلم مقسم إلى عشر درجات، إضافة إلى وضع جدول خاص بالترقية.

ثانيهما: يتعلق بالقانون الأساسي الخصوصي لأطر الإدارة المركزية وبالأطر المشاركة للإدارة العمومية.

ثالثهما: ينظم المناصب العليا للإدارة[28].

  غير أن هدا الإصلاح وإن كان قد حقق بعض المكاسب في مجال التحديث، فإنه أولا لم يطبق إلا في سنة 1967 مما يدعم فكرة البطء التي تعاني منها الإدارة وثانيا أنه أقتبس من تراث فكري وعملي فرنسي، علاوة على أن هدا الإصلاح سعى إلى إقرار تسلسل وظيفي غير عادل دلك أن صغار الموظفين لم يتم الاهتمام بوضعيتهم المادية لا من حيث الرواتب فحسب، بل كذلك من حيث التعويضات، الشيء الذي دفع الحكومة إلى إدخال تعديلات عليه سنة 1973 [29]

§       إصلاح 1973: اهتم بنظام الرواتب في الوظيفة العمومية، والدي عرف بدوره تعديلات هامة ودلك لمواكبة الواقع المعاش ابتداء من سنة 1979 حتى سنة 1985.

§       ومن بين الإصلاحات كذلك نذكر مخطط التنمية (88-92) الذي حدد أهداف الإصلاح في ما يلي:

§       تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية

§       تطوير المعلوميات

§       استخدام التقنيات الحديثة

§       استعمال نظام التوقيت المستمر

§       تعميم الخدمات

§       إنشاء خليا للاستقبال وللإعلام

§       ملائمة التكوين لسوق العمل وضروريات التنمية[30].

  إن المتأمل في هده الأهداف سيستشعر لا محال خيبة أمل كبيرة، خاصة إدا تمت مقارنتها بواقع الإدارة المغربية اليوم، لأن النتيجة هي ما أعلن عنه جلالة الملك الحسن الثاني يوم 13 أكتوبر 1995 حينما تحدث عن "الفصاحة الموجعة" للأرقام الوارد في تقرير البنك الدولي أو التي قال عنها أنها تجعل كل دي ضمير لا ينام[31].

فالإدارة المغربية وفق هدا التقرير:

§       تتمفصل حول بنيات متجاوزة (فائض في العمال، أجور تنقصها الشفافية...)

§       إدارة تعتمد نمطا عتيقا في تدبير الشأن العمومي.

§       إدارة ترزح تحت وطأة البيروقراطية

§       إدارة تعتمد مساطر مالية جامدة وقليلة الشفافية[32].

تم جاءت حكومة التناوب وأقرت إصلاحا جديد تمثل في ميثاق حسن التدبير 1998 الرامي إلى تخليق المرافق العامة وتحديثها وترسيخ مواطنة حديثة تطمح إلى بعث الحيوية في هياكلها وتجديد دواليب اشتغالها.

ويتمحور ميثاق حسن التدبير حول المنطلقات التالية:

أولا: الالتزام بالعمل على تخليق الحياة الإدارية

ثانيا: الالتزام بترشيد وعقلنة التدبير العمومي.

ثالثا: الالتزام بدعم التواصل والتشاور وانفتاح الإدارة على محيطها[33].

 

 

المبحث الثاني : آليات ومناهج التدبير: الإطار القانوني للوظيفة العمومية

يحتل النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية مركز الصدارة من حيث أنه يعتبر القانون الأساسي الذي يخضع له الموظف[34].

  علما أنه كلما ابتعدنا عن دائرة الموظف وشرعنا في تحليل الوضعية القانونية للأعوان العموميين الآخرين كالأعوان والتعاقدين والأشخاص اللذين يشغلون مناصب في المرافق العامة الصناعية والتجارية فإننا ولا شك سنتعرف على تشريعات أخرى تؤطر هده الوضعيات وهدا ما يجعل الإطار القانوني للعاملين في قطاع الوظيفة العمومية يتسم بالتضارب والتعقيد، ولقد انكب المغرب مند حصوله على الاستقلال في إعداد وتبني اصطلاحات هامة قصد النهوض بقطاع الوظيفة العمومية تهم بالخصوص سد الفراغ الذي تركته الحماية في مجال التوظيف بحيث عمل على انقاد هدا القطاع من المساوئ التي كانت تطبعه سواء من حيث التنظيم أو التسيير غير أن المحاولات التي بدلها للخروج من الأزمات الاقتصادية لم تمكنه من الانفلات من هدا الوضع المتردي الذي أثر كثيرا على النمو الاقتصادي للبلاد[35]. فإلى أي حد يمكن القول بأن أحكام القانون يجب أن تتطور في مجال الوظيفة العمومية، ومتى يمكن القول بأن أحكام الوظيفة العمومية غير مواكبة للتطور مما يستدعي إعادة النظر فيها وتحديثا؟ وهدا ما سنتطرق إليه أثناء استعراض الوضعية الراهنة لتدبير الموارد البشرية من خلال الإطار القانوني للوظيفة العمومية ودلك على مستوى السياسات المتبعة، في مجال التوظيف والتكوين والحركية ونظام الأجور وتقييم الأداء والترقية . 

المطلب الأول : الاندماج في قطاع الوظيفة العمومية:

لقد سارعت الدولة المغربية إلى إحداث العديد من المرافق العامة الاقتصادية ودلك بهدف معالجة مشاكل التنمية والتي تزامنت مع النمو الديموغرافي، بحيث لجأت إلى توظيف عدد هام من الموظفين من أجل إشباع حاجيات السكان والعمل على الرفع من مستواهم المعيشي، ومن الطبيعي أن اتساع مجال تدخلات الدولة في المجال الاقتصادي والاجتماعي أدى بها إلى الزيادة في عدد الموظفين وإلى ضخامة حجمهم من غير أن تنظر بعين الاعتبار إلى كفاءتهم ومقدرتهم ومن غير أن تراعي الاحتياجات الضرورية أو يشغل بالها عقلنة المناصب المالية المجودة.

  وفي هدا الصدد فإن المغرب في هده المرحلة نهج سياسة توظيفية موافقة لمقولة المفكر الاقتصادي الانجليزي الأستاذ "Parkinson" الذي جاء فيها "إن الوظيفة العمومية فتحت أبوابها بدون سياسة توظيفية عقلانية بحيث امتلاك الإدارة بعدد كبير الأعوان دون أن تحدد لهم مناصب العمل" الشيء الذي إلى أدى إلى تكاثر الأقسام والمصالح والمكاتب التي لا حاجة للإدارة المغربية بها، مما جعل تدبير الموارد البشرية العاملة في الإدارات من المشاكل الصعبة والمعقدة[36]. سواء من حيث التوظيف أو التكوين المستمر وكذلك حركية الموظفين.



[1] ) حميد أبولاس "تدبير الموارد البشرية: نموذج لإدارة الجماعة " مطيعة دار القلم، الضيعة الأولى 2005، ص 6

[2] ) الموقع الاليكتروني لوزارة تحديت القطاعات العامة:WWW.MMSP.GOV.MA

[3] ) وزارة تحديث القطاعات العمومية قطاع تدبير الموارد البشرية، الموقع الاليكتروني

[4] ) مرابط رشيد- المدير العام للمعهد العالي للتجارة وتدبير المقاولات "الإدارة كنظام للتدبير" مقال عن منشورات مجموعة البحث في المجال الترابي.

[5] )رضوان بوجمعة: "الوظيفة العمومية المغربية على درب التحديث " مطبعة النجاح الجدية الدار البيضاء 2003 ص 79

[6] )الفصل من الظهير الشريف رقم 157.96.1 الصادر 7 أكتوبر 1996 . تنفيذ نص المراجع."راجع بوعلام السنوسي"   تشريعات الوظيفة العمومية ص 260"

[7] ) محمد بنحيى "قانون الوظيفة العمومية 6 "المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية العدد 59، الطبعة الأولى 2002 ص 55

[8] ) رضوان بوجمعة "الوظيفة العمومية على درب التحديث، مرجع سابق ص 20

[9]) رضوان بوجمعة، مرجع سابق ص 80

[10] ) رضوان بوجمعة. مرجع سابق ص 81

[11] ) محمد بنيحى: قانون الوظيفة العمومية، مرجع سابق ص 30

[12] ) بوعلام السنوسي : تشريعات الوظيفة العمومية" مطبعة دار النشر المغربية 2001 ص 9

[13] ) رضوان بوجمعة: مرجع سابق ص 84

[14] ) محمد بنيحيى " قانون الوظيفة العمومية" مرجع سابق ص 31

[15] ) رضوان بوجمعة : مرجع سابق ص 87

[16] ) بوعلام الستوسي: مرجع سايق ص 18

[17] ) وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري "الإدارة المغربية وتحديات 2010 ص 14.

[18]) محمد باهي: "تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية" مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى الدار البيضاء 2002ص 41

[19] ) عبد الفتاح مهتدي "تنمية الإدارة المغربية بين الإكراهات البنيوية ومعطيات المحيط " رسالة دبلوك العليا المعمقة في القانون العام السنة الجامعية 2004/2005 عين الشق الدار البيضاء

[20] ) محمد باهي: مرجع سابق ص 32

[21] ) حميد أبولاس: مرجع سابق ص 152

[22] ) أحمد البخاري "القانون الإداري العملي" مطبعة وليلي: الطبعة الأولى 2001 ص9

[23] ) – محمد باهي: مرجع سابق ص 42

[24] ) محمد باهي: مرجع سابق ص 43

[25]) علي سد جاري: "الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث ،طبعة 1994ص 132

[26]) عبد العزيز الرماني: "الإصلاح الإداري بالمغرب" أربعون سنة من الوعود والمشاريع" المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية 70

[27] ) عبد العزيز الرماني، مرجع سابق ص 71

[28] ) رضوان بوجمعة، مرجع سابق ص 73

[29] ) رضوان بوجمعة ، مرجع سابق ص 78

[30] ) حميد أبولاس ، مرجع سابق ص 120

[31] ) عبد العزيز الرماني، مرجع سابق ص 72

[32] ) احمد البخاري، مرجع سابق ص 8-9-10

[33] ) ميثاق حسن التدبير –ص4

[34])  محمد باهي، مرجع سابق ص 9

[35]) رضوان بوجمعة : مرجع سايق ص 5

[36] ) رضوان بوجمعة: مرجع سايق ص 69


من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك

من أجل تحميل هذا العدد الثاني عشر - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث