موقع كراء الأموال العقارية الوقفية العامة في التشريع المغربي - هاجر سلمي

موقع كراء الأموال العقارية الوقفية العامة في التشريع المغربي

The site of renting real estate funds of the public endowment in Moroccan legislation

 هاجر سلمي / باحثة في القانون الخاص، خريجة ماستر قانون المنازعات بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية.

HAJAR Salmy



مقدمة

يعتبر عقد الكراء من أهم الأساليب الناجعة التي تحقق انتفاعا اقتصاديا لإدارة الأوقاف، هاته الأخيرة التي غالبا ما تلجأ إلى هذا النوع من العقود بغية استغلال عقاراتها الوقفية، والانتفاع بمداخيلها؛ وذلك بعد أن أخذت مسارا نحو الإهمال والاندثار. ومن هنا حظي عقد الكراء الوقفي[1] من قبل المشرع المغربي بعناية خاصة؛ أفرزت عن نظام قانوني خاص ينظم مختلف أحكامه ليشكل بذلك خروجا عن القواعد العامة المنظمة للكراء[2].

فإذا كان عقد الكراء بصفة عامة، يتميز بكونه محدد المدة، ولا يرتب لطرفيه سوى حقوق والتزامات شخصية، فإن المشرع في مدونة الأوقاف، نظم نوعا من عقود الكراء تتسم بخصوصيات ومميزات خاصة، وهي مستمدة من الأعراف الإسلامية، وتمت صياغتها على شكل قواعد بمقتضى فتاوى الفقهاء في المذهب المالكي وأحكام القضاة[3].

  وعليه، ولما كان الكراء الوقفي كما سبقت الإشارة لذلك، ينفرد بجملة من الخصوصيات المميزة له عن باقي العقود الأخرى، فما موقعه من قانون الالتزامات والعقود[4] باعتباره الشريعة العامة[5]، ومن القانون رقم 67.12[6]، وكذا القانون رقم [7]49.16، المنظمين للأكرية العقارية حسب ما هي مخصصة له هل للتجارة أو الصناعة أو للاستغلال الحرفي أم للسكنى أو للاستعمال المهني[8]؟

  وقصد الإجابة عن التساؤل المطروح؛ فإنه سيتم اعتماد التقسيم التالي:

الفقرة الأولى: موقع الكراء الوقفي من قانون الالتزامات والعقود

الفقرة الثانية: موقع الكراء الوقفي من القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني

الفقرة الثالثة: موقع الكراء الوقفي من القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي

الفقرة الأولى: موقع الكراء الوقفي من قانون الالتزامات والعقود

لقد أصدر المشرع المغربي العديد من النصوص القانونية المنظمة لمؤسسة الوقف، والتي وصلت إلى حوالي 15 نصا قانونيا، قبل أن يتم نسخها واستبدالها بمقتضى مدونة الأوقاف[9]، فأصبح بذلك الكراء الوقفي يخضع للقواعد التي جاءت فيها[10] من خلال المواد 60 إلى 62 ومن 80 إلى 102.

وعليه، فإن هذه المدونة هي المُنَظمة للكراء الوقفي[11] باعتبارها القانون الخاص الواجب التطبيق قبل قانون الالتزامات والعقود الذي يعتبر الشريعة العامة[12]؛ فهو بذلك قانون عام[13].

وارتباطا بهذه النقطة، نجد أنه قبل صدور مدونة الأوقاف، فقد قرر المجلس الأعلى ـ محكمة النقض حاليا[14] ـ قاعدة مطلقة قبل أن يتراجع عنها[15]، مفادها عدم إمكانية تطبيق قانون الالتزامات والعقود على عقد الكراء الوقفي؛ إذ جاء في أحد قراراته[16] ما يلي: "إن قانون الالتزامات والعقود لا يطبق على عقود الكراء المبرمة مع إدارة الأحباس ودائما تطبق القوانين الخاصة بها...".

انطلاقا من هذا القرار، يلاحظ أنه أبعد بصفة مطلقة تطبيق قانون الالتزامات والعقود على عقود الكراء المبرمة مع الأوقاف، وخلافا لما جاء فيه؛ فإن المنطق القانوني السليم يقتضي تقييد القاعدة الواردة في قرار المجلس الأعلى الآنف الذكر ببعض الحالات التي سكت عنها القانون الخاص المنظم لكراء الأملاك الوقفية، وبالتالي يجب الرجوع في شأنها إلى قانون الالتزامات والعقود[17].

ومن ضمن الحالات[18] التي يمكن الوقوف عليها في هذا القانون الأخير، ولم يرد النص عليها في النصوص المنظمة للكراء الوقفي، حالة التقادم المنصوص عليها في الفصل 391 من قانون الالتزامات والعقود، الذي ينص على أنه: "الحقوق الدورية والمعاشات وأكرية الأراضي والمباني والفوائد وغيرها من الأداءات المماثلة تتقادم في مواجهة أي شخص كان بخمس سنوات ابتداء من حلول كل قسط"، ذلك أن الفصل 378 من قانون الالتزامات والعقود، وإن استثنى الحبس من التقادم؛ فإنه حصره فيما بينه وبين الوصي أو المقدم أو المدير، مادامت ولايتهم قائمة ولم يقدموا حساباتهم النهائية.

فهاته الحالة، لم يرد لها ذكر في الظهائر المنظمة للكراء الوقفي باعتبارها النص الخاص والتي كانت تطبق قبل صدور مدونة الأوقاف، الأمر الذي لابد معه من الرجوع بشأنها إلى قانون الالتزامات والعقود، ولعل هذا ما تضمنه قرار[19] لمحكمة الاستئناف بالجديدة، جاء فيه:

"...وحيث صح ما عابه الطاعن على الحكم المستأنف من كونه لم يقض له بواجبات الكراء عن الفترة ما بين 1/1/98 لغاية متم دجنبر 2003 معللا ذلك بتقادم واجــــبات الكراء عن الفترة المذكورة، رغــــم أن واجبات كراء الأملاك الحبسية لا تتقادم طبقا لأحكام الفصل 378 من قانون الالتزامات والعقـــــود، لذلك كان الحكم المستأنف على غير صواب حين قضى برفــــض طلب المستأنف الرامي إلى الحكم لفائدته بواجبات الكراء عن الفترة المذكورة وتعين لذلك إلغاؤه فيما قضى به من ذلك والحكم تصديا بأداء المستأنف عليه لفائدة المستأنف واجبات الكراء عن الفترة المذكورة 1/1/98 إلى متم دجنبر 2003...".

إلا أنه بمجيء مدونة الأوقاف، نجد أن إشكال مدى إمكانية خضوع الديون المستحقة لفائدة الأوقاف العامة للتقادم قد حُلَّ بتنصيصها في المادة 55 منها؛ على أنها تعتبر ديونا ممتازة، لا تسقط بالتقادم، ويكون لاستيفائها حق الأولوية بعد أداء الديون الناشئة عن مهر الزوجة ومتعتها ونفقتها ونفقة الأولاد والأبوين وغيرهم ممن تجب عليه نفقته[20] طبقا لأحكام مدونة الأسرة[21].

وهي المادة التي أصبحت تستند عليها محاكم المملكة في العديد من مقرراتها؛ من ذلك قرار[22] محكمة الاستئناف بطنجة؛ إذ جاء فيه: "...وحيث أن المحكمة وبرجوعها لوثائق الملف ثبت لها صحة ما عيب على الحكم المستأنف، ذلك أن الديون المستحقة لفائدة الأوقاف العامة تعتبر ديونا ممتازة لا تسقط بالتقادم عملا بمقتضيات المادة 55 من ظهير 23/2/2010 المتعلق بمدونة الأوقاف.

وحيث أنه تبعا لذلك، فإن الحكم المستأنف لما قضى برفض الطلب المتعلق بأداء الواجبات الكرائية عن المدة من فاتح يونيو 1996 إلى غاية متم يناير 2010 للتقادم، يكون قد جانب الصواب، مما يؤول إلى الإلغاء في هذا الشق، وبعد التصدي الحكم على المستأنف عليه بأدائه للطرف المستأنف واجب الكراء عن المدة المذكورة".

وعليه، يمكن القول على أن مدونة الأوقاف، وإن كانت قد حلت الفراغ الذي كان في الظهائر السابقة التي كانت تنظم الكراء الوقفي، إلا أن ذلك لا يعني عدم إمكانية خضوعه لقانون الالتزامات والعقود؛ ذلك أنه يستشف مما سلف ذكره، على أنه إذا لم يرد نص بها وبأحكام المذهب المالكي فقها واجتهادا التي أحالت عليها المدونة[23] في المادة [24]169 منها، فإنه يرجع إلى قانون الالتزامات والعقود.

الفقرة الثانية: موقع الكراء الوقفي من القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني

بالرجوع إلى القانون رقم 67.12، نجد المادة الأولى منه، حددت نطاق تطبيقه؛ إذ جاء فيها على أنه: "تطبق مقتضيات هذا القانون على أكرية المحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني مؤثثة أو غير المؤثثة، التي تفوق مدة كرائها ثلاثين يوما، وكذا مرافقها من أقبية ومرائب وأسطح وساحات وحدائق والتي لا تخضع لتشريع خاص[25]".

 ومادامت هذه المادة جاءت بعبارة:

"...والتي لا تخضع لتشريع خاص"، يتبين بأن كراء الأموال العقارية الوقفية المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني سواء كانت مؤثثة أو غير مؤثثة، يخضع لمدونة الأوقاف باعتبارها التشريع الخاص، ولا يخضع للقانون المنظم لكراء المحلات السكنية[26].

الفقرة الثالثة: موقع الكراء الوقفي من القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي

باستقراء المادة الأولى من القانون رقم 49.16، نجدها حددت نطاق تطبيقه ولم تدرج الكراء الوقفي، الأمر الذي يتضح معه على أن المشرع استبعده؛ ويتأكد ذلك بشكل جلي بمقتضى المادة الثانية من نفس القانون[27]، والتي جاء فيها: "لا تخضع لمقتضيات هذا القانون:

1ـ...

3ـ عقود كراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي التي تدخل في نطاق الأوقاف...". [28]

  وطبقا للمادة [29]90 من مدونة الأوقاف، لا حق للمكتري في اكتساب الحق في الكراء على المحلات الموقوفة والمخصصة للاستعمال التجاري أو الحرفي، وتكون معه عقود الكراء المتعلقة بالأملاك الوقفية خاضعة لمدونة الأوقاف[30].

  وما يلاحظ على هذه المادة، أنها قد أغفلت النص على النشاط الصناعي؛ باعـــــــتباره يدخل في نطاق الأنشطة التجارية ويعطي الشخـــــــص القائم به بصفة اعتيادية واحتـــــــرافية صفة تاجر[31]،



[1]ـ يمكن تعريف الكراء الوقفي على أنه: "عقد بمقتضاه تمنح إدارة الأوقاف منفعة عقار إلى آخر مزايد خلال مدة معينة مقابل وجيبة كرائية يؤديها مسبقا". ــ زكرياء سويدي، الكراء الحبسي في التشريع المغربي بين امتيازات الأوقاف وحقوق المكتري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2006ـ2007، ص. 2.

وهو نفس التعريف الذي أورده:   ادريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08، (دون ذكر الطبعة)، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2013، ص. 175.                                                                                                                 

[2]ـ حسناء رحبات، كراء ومعاوضة الأملاك الحبسية ـ في ظل أحكام مدونة الأوقاف ـ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2010ـ2011، ص.5.

[3]ـ محمد سالم مساعد، كراء الأملاك الوقفية ـ في ظل أحكام مدونة الأوقاف الجديدة والعمل القضائي ـ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية 2013ـ2014، ص. 11.

[4]ـ ظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 46 بتاريخ 12 شتنبر 1913، ص. 78.

[5]ـ لا يجادل أحد في أن دراسة القانون المدني تعتبر دعامة الدراسات القانونية كلها، فهو صلب القانون الخاص بل صلب القانون عموما، وما كل فروع القانون الأخرى التي استقلت عنه فيما بعد، والتي لحقتها أوصاف خاصة بها، إلا أفرع نبتت من جذره، ثم ترعرعت، ثم انفصلت.

وعلاقة الأبوة هذه بين القانون المدني وغيره من بقية فروع القانون، أضفت عليه خَصِيصَة في منتهى الأهمية، ألا وهي أنه يعتبر الشريعة العامة أو القانون الأصل بالنسبة لعلاقات الناس، بمعنى أنه لو خضعت علاقة معينة لأحكام فرع من فروع القانون الأخرى، وكانت هذه الأحكام ناقصة أو غامضة، فإنه يرجع في هذه الحالة إلى قواعد القانون المدني ليكمل النقص أو لِيُزال الغموض.

ــ محمد المهدي، مركز ق.ل.ع في كل ما لم يرد به نص في غيره من القوانين ذات الصلة مدونة الأسرة ومدونة الأوقاف نموذجان، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد الثالث عشر، شتاء/ربيع 2016، ص. 49.

[6]ـ ظهير شريف رقم 1.13.111 صادر في 19 نوفمبر 2013، بتنفيذ القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6208 بتاريخ 28 نوفمبر 2013، ص. 7328.

[7]ـ ظهير شريف رقم 1.16.99 صادر في 18 يوليو 2016 بتنفيذ القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6490 بتاريخ 11 أغسطس 2016، ص. 5857.

[8]ـ ويبدوا أنه من السهل جدا الوقوف عند أسباب التمييز بين أحكام كراء العقارات المخصصة للتجارة أو للصناعة أو للاستعمال الحرفي من جهة أولى، وأحكام كراء العقارات الأخرى المخصصة للسكنى أو للاستعمال المهني من جهة ثانية.

ذلك أنه باستقراء كل من مقتضيات القانون رقم 49.16، ومقتضيات القانون رقم 67.12، يتضح بما لا يدع مجالا للشك؛ أن المقتضيات الأولى تهدف إلى دعم استقرار تجاري أو صناعي أو حرفي، إذن فهي نصوص يغلب عليها الطابع الاقتصادي، وأن المقتضيات الثانية تهدف إلى دعم استقرار الأسر في مساكنها وأصحاب المهن الحرة في محلاتها، إذن فهي نصوص يغلب عليها الطابع الاجتماعي والإنساني. ــ محمد الكشبور، الكراء المدني والكراء التجاري ـ قراءة في ظهيري 24 ماي 1955 و25 دجنبر 1980 دراسة تشريعية وقضائية وفقهية مقارنة ـ، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2007، ص. 45 وما بعدها. 

[9]ـ كما يتضح من قراءة المادة 166 من هذه المدونة، والتي جاء فيها: "تدخل أحكام هذه المدونة حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ صدور جميع النصوص المتخذة لتطبيقها.

وتنسخ وتعوض ابتداء من نفس التاريخ جميع الأحكام المنافية لها ...".

ــ عبد الرحمان الشرقاوي، قانون العقود الخاصة، الكتاب الثاني، عقد الكراء، الطبعة الخامسة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2018، ص. 250 وما بعدها.

[10]ـ وهو ما أكدته المحكمة الابتدائية بطنجة في أحد أحكامها بقولها: "وحيث أن العين المكتراة عبارة عن ملك حبسي حسبما يستفاد من عقد الكراء المذكور، والذي يخضع في تنظيم قواعده ومنها الكراء المنصب عليه لمدونة الأوقاف الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم 1.09.236 بتاريخ 23 فبراير 2010 الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5847 بتاريخ 14 يونيو 2010".

ــ حكم المحكمة الابتدائية بطنجة عدد 4058، في الملف عدد 514/1303/2015، صادر بتاريخ 04ـ07ـ2016، غير منشور.

[11]ـ وهو ما أكدته المحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء في أحد أحكامها بقولها: "وحيث أن الأمر في النازلة يتعلق بكراء حبسي يخضع لأحكام مدونة الأوقاف".

ــ حكم المحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء عدد 2227، في الملف رقم 1434ـ1301ـ15، صادر بتاريخ 01ـ06ـ2015، غير منشور.

[12]ـ وهو ما يستشف من قرار لمحكمة الاستئناف بطنجة، وإن كان قد صدر في ظل الظهير الشريف المؤرخ في 21 يوليوز 1913 المتعلق بنظام تحسين حالة الأحباس العمومية الذي كان ينظم كراء الأملاك الوقفية قبل نسخه وغيره من الظهائر بمدونة الأوقاف؛ حيث جاء في حيثياته ما يلي: "...وحيث دفعت المدعى عليها بكون العلاقة الكرائية المبرمة مع نظارة الأوقاف بالقصر الكبير تخضع لظهير 21/7/1913 وليس لظهير الالتزامات والعقود.

وحيث أنه لئن كان ما دفعت به المدعى عليها صحيحا من كون كراء الأملاك المحبسة تخضع لظهير 21/7/1913، فإنه بالرجوع إلى مقتضياته يتبين أنه لا ينظم كيفية انتهاء عقدة الكراء والتي يتعين تبعا لذلك أن تبقى خاضعة للقواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود".

ــ قرار محكمة الاستئناف بطنجة عدد 137، في الملف رقم 403/00، المؤرخ في 15/05/2001، منشور بمجلة القضاء المدني، سلسلة الدراسات والأبحاث، العدد 1، النظام القانوني للأملاك الوقفية، الجزء الأول، 2012، ص. 202 وما بعدها. 

[13]ـ وهو ما يستفاد من قرار للمجلس الأعلى ـ محكمة النقض حاليا ـ جاء فيه: "حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك أنه علل قضاءه بأن: "الالتزامات تنتج أثرها لا بين المتعاقدين فحسب ولكن بين ورثتهما وخلفائهما" في حين أن النزاع يتعلق بمحل حبسي تطبق عليه مقتضيات ظهير 2ـ10ـ1984 بخصوص صفة المتعاقد ومقتضيات ظهير 21/7/1913 بخصوص طريقة الكراء، وأن القرار حين طبق مقتضيات قانون الالتزامات والعقود يكون بذلك قد سبق القانون العام على القانون الخاص الذي هو قانون الأحباس، الأمر الذي يكون معه القرار خارقا للفصلين المحتج بخرقهما مما عرضه للنقض والإبطال".

ــ قرار المجلس الأعلى عدد 1771، في الملف المدني عدد 2798/1/6/2004، المؤرخ في 15/6/2005، غير منشور.

[14]ـ حلت عبارة محكمة النقض محل عبارة المجلس الأعلى وذلك بمقتضى المادة الفريدة من القانون 11.58 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.170 بتاريخ 27 من ذي القعدة 1432 (25 أكتوبر 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5989 مكرر بتاريخ 28 ذو القعدة 1432 (26 أكتوبر 2011)، ص. 5228.

[15]ـ بموجب القرار الذي جاء فيه: "...لئن كان عقد الحبس يخضع للفقه الإسلامي في قواعده الموضوعية التي لا تحدد أجلا معينا لتقادم هذا العقد، فإن الدعوى المقررة لحمايته تتقادم وتخضع إجراءاتها للقواعد المنصوص عليها بقانون الالتزامات والعقود التي تنص في الفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود: "كل الدعاوى الناشئة عن الالتزام تتقادم بخمس عشرة سنة"، والمحكمة التي اعتبرت أنه لا محل لأي تقادم في الحبس يكون قرارها خارقا لهذه المقتضيات مما يعرضه للنقض والإبطال".

ــ قرار المجلس الأعلى تحت عدد 543، في الملف المدني رقم 223/2/1/2005، الصادر بتاريخ 25/11/2008، أشار له:

ـ محمد سالم مساعد، مرجع سابق، ص. 12 وما بعدها.

[16]ـ قرار المجلس الأعلى في الملف المدني عدد 336/87، صادر بتاريخ فاتح أكتوبر 1980. أشارت له:

ــ صابرينا البجدايني، القواعد الإجرائية في مدونة الأوقاف، (دون ذكر الطبعة)، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2015، ص. 26.

[17]ـ لعدة اعتبارات؛ تتمثل في:

أنه الشريعة العامة كما سلفت الإشارة لذلك؛

اعتبار الفقه الإسلامي بصفة عامة والفقه المالكي بصفة خاصة من أهم المصادر التي استقى منها قانون الالتزامات والعقود أحكامه؛

ناهيك عن العلاقة الوطيدة التي تربط قانون الالتزامات والعقود بالفقه الإسلامي؛ أي موافقته للشريعة الإسلامية بالمعنى الذي حدده ابن عقيل، بمعنى أنه وإن لم يكن مطابقا للفقه الإسلامي بالمعنى المتعارف عليه، فليس فيه ما يخالف الشريعة.

ـ محمد الطيبي، خصوصيات المنازعات الوقفية في ضوء الاجتهاد القضائي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، السنة الجامعية 2016ـ2017، ص. 97.

[18]ـ ذلك أن هناك حالة الفصل 698 من قانون الالتزامات والعقود، والذي ينص على ما يلي: "لا يفسخ الكراء بموت المكتري ولا بموت المكري إلا أنه:

أولا- الكراء الذي يبرمه المستحق في ملك محبس ينفسخ بموته...".

غير أنه يظهر أن المقصود بالملك المحبس في هذا النص هو الحبس المعقب، الذي يرجع إلى أشخاص معينين، لأن الحبس العام الذي ترجع فوائده إلى المساجد والمدارس العلمية والمستشفيات، لا يتصور الموت في حق المستفيد منه من المؤسسات المذكورة.     

ــ إكرام الهواري، أسس تدبير ممتلكات الوقف العام ـ الكراء والمعاوضات نموذجا ـ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية 2012ـ2013، ص.21.

[19]ـ قرار محكمة الاستئناف بالجديدة عدد 296، في الملف رقم 18ـ35ـ11، صادر بتاريخ 18/05/2011، غير منشور.

[20]ـ عبد الرزاق اصبيحي، قراءة في مدونة الأوقاف، مقال منشور بمجلة القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية، العدد الرابع، يناير 2013، ص. 38.

[21]ـ ظهير شريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004) بتنفيذ القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 14 ذو الحجة 1424 (5 فبراير 2004)، ص. 418.

[22]ـ قرار محكمة الاستئناف بطنجة رقم 430، في الملف المدني رقم 167/16/1303، صادر بتاريخ 27/04/2016، غير منشور.

[23]ـ ذلك أن تشريعات العقارات في أغلب الدول الإسلامية عامة، وفي المغرب على وجه الخصوص، تتميز باعتمادها على مقتضيات فقهية تكمل النصوص القانونية الوضعية، ففي ظل غياب تنظيم مسألة ما في تلك النصوص؛ فإن التشريعات الوضعية توظف ما يسمى "بقاعدة الإحالة"، وذلك بالرجوع إلى مذهب من المذاهب الإسلامية قصد تكملة النقص الذي يعتري النصوص القانونية في موضوع معين من المواضيع التي يعدم فيها القاضي الحل القانوني للنازلة المعروضة عليه.

ــ أحمد أركينين، نطاق تطبيق قواعد الفقه المالكي في المادة العقارية من خلال العمل القضائي، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، الرباط، السنة 2015ـ2017، ص. 21.

[24]ـ التي جاء فيها: "كل ما لم يرد فيه نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى أحكام المذهب المالكي فقها واجتهادا بما يراعي فيه تحقيق مصلحة الوقف".

[25]ـ ومن أمثلة المحلات الخاضعة لتشريع خاص: كراء المحلات الحبسية الخاضعة لمدونة الأوقاف، والمحلات السكنية المعروفة بالسكن الإداري أو الوظيفي حيث تخضع لعدد من المراسيم الوزارية.                                                                       

ــ الخليل المزدوغي، الحماية القانونية والقضائية للمكتري والمكري في ظل القانون 67.12، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، س الجامعية 2018ـ2019، ص. 148.

[26]ـ وهو ما أكده حكم للمحكمة الابتدائية بمراكش جاء فيه: "لكن وحيث أن المحل موضوع الدعوى هو عقار حبسي وقد أبرم عقد كرائه لمدة سنتين في إطار القانون المنظم لكراء الأملاك الحبسية؛ أي بموجب ظهير 16 شعبان 1331 الموافق ل 21 يوليوز 1913، والذي تنص المادة الأولى منه على أن العقارات المبنية ومن بينها المساكن تكرى بالمزايدة العلنية ولمدة سنتين وفق البنود العامة المنصوص عليها في الظهير، هذه البنود التي لا يوجد ضمنها أي بند يخول للأوقاف المطالبة بالزيادة في الوجيبة الكرائية وأن القاعدة المستمدة من الظهير، والتي يجب بمقتضاها أن يقع كراء الأماكن الحبسية بطريق المزاد العلني تمنع من فكرة المضاربة، وتوجب حتما إجراء مزاد علني جديد بعد انتهاء مدة العقد حتى لا يبخس الحبس، وأن الاتفاق على الزيادة بين طرفي العقد لا يجد له أساسا في القانون المنظم لكراء الأملاك الحبسية كما أن قواعد قانون الالتزامات والعقود والقانون المنظم لكراء المحلات السكنية لا يطبقان على عقود الكراء المبرمة مع الأحباس، وإنما تطبق عليها القوانين الخاصة بها وبذلك يكون الطلب غير مرتكز على أساس قانوني وجب التصريح برفضه".

ــ حكم المحكمة الابتدائية بمراكش رقم 371، في الملف رقم 63/3/08، صادر بتاريخ 31/3/08، غير منشور.

[27]ـ وهو ما كرسته محكمة الاستئناف بالرشيدية في قرار لها، مستندة في ذلك على الفصل 4 من ظهير 24 ماي 1955 المنسوخ، المقابل للمادة الثانية من القانون رقم 49.16 الحالي، إذ جاء فيه:

"...وحيث أن دفع المستأنف عليها باختصاص المحكمة التجارية بمكناس للبت في الطلب الحالي، ووجوب سلوك مسطرة ظهير 24 ماي 1955 في مواجهتها غير مؤسس قانونا استنادا لمقتضيات الفصل 4 من نفس الظهير الذي ينص على عدم تطبيق مقتضياته على الأملاك التابعة للأحباس".

ــ قرار محكمة الاستئناف بالرشيدية عدد 81، ملف مدني رقم 26/1303/14، صادر بتاريخ 29 مارس 2016، غير منشور.

[28]ـ نفس الأمر كان ينص عليه ظهير 24 ماي 1955 بشأن عقود كراء الأملاك أو الأماكن المستعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرف ـ قبل نسخه بموجب القانون رقم 49.16 ـ

في الفقرة الأولى من الفصل 4 منه، بقوله:

"لا يطبق هذا الظهير على الأملاك والأماكن التابعة للأحباس والخالية من حقوق المنفعة كما لا يطبق في الحالة التي تكـون فيهـا الأمـلاك والأماكن مشاعة وتكون الأحباس تمتلك فيها فوائد تبلغ على الأكثر ثلاثة أرباع منها".

[29]ـ تنص المادة 90 من مدونة الأوقاف على أنه:

"لا حق للمكتري في:

ــ تخفيض السومة الكرائية المحددة عن طريق السمسرة العمومية أو طلب العروض؛

ــ اكتساب الحق في الكراء على المحلات الموقوفة والمخصصة للاستعمال التجاري أو الحرفي".

[30]ـ مصطفى بونجة، الكراء التجاري بين ظهير 1955 والقانون رقم 49.16، ط الأولى، مطبعة ليتوغراف، طنجة، 2016، ص. 21.

[31]ـ رشيدة الدياري، حماية حق الكراء التجاري من خلال القوانين المنظمة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية 2015ـ2016، ص. 23. 


من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك

من أجل تحميل هذا العدد الحادي عشر - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث