المجتمع المدني الجزائري كفاعل أساسي في رسم السياسية العامة: الآليات والمعوقات - لطفي دهينة

 المجتمع المدني الجزائري كفاعل أساسي في رسم السياسية العامة: الآليات والمعوقات

Algerian civil society as a key actor in shaping public policy: Mechanisms and Obstacles

لطفي دهينة

Lotfi Dhina

أستاذ وباحث في العلوم السياسية، بجامعة قسنطينة 3


مقدمة

إلى جانب قضاء الدولة الذي أناط به الدستور مهمة الفصل في النزاعات التي تثار بين المتقاضين عموما، توجد بالموازاة طرق بديلة لتسوية المنازعات، منها التحكيم، الوساطة الاتفاقية، الصلح، التوفيق.

حظيت السياسة العامة باهتمام متزايد من قبل الباحثين، ذلك أنها تمثل حصيلة النشاطات الحكومية للاستجابة للمطالب المختلفة ورسم معالم المستقبل بطريقة تتوافق وتطلعات المواطنين، كما أنها تعتبر تجسيدا للتفاعل بين مختلف الفواعل التي تساهم بدرجات متفاوتة في شكل السياسة العامة ومضمونها، ومن بينها المجتمع المدني الذي برز دوره بشكل كبير في ضوء المفهوم الجديد للديمقراطية التشاركية الذي يقوم على ضرورة إشراك المواطنين في التسيير وصناعة القرار في مختلف المستويات.

     لقد أصبح للمجتمع المدني دور مهم في متابعة وتنفيذ وتفعيل السياسة العامة، نتيجة تزايد الاهتمام بمنظماته في مختلف دول العالم والتأكيد على قيمتها في عملية البناء الديمقراطي والحكم الراشد، وقد شهدت الجزائر مجموعة من الإصلاحات التي تهدف إلى تطوير أداء المجتمع المدني من جهة وتعزيز مشاركة المواطنين في رسم السياسة العامة من جهة أخرى، ما دفع إلى البحث في طبيعة الآليات التي يمكن أن يشارك من خلالها في هذه العملية ومختلف العوائق التي قد تقف حجر عثرة في طريقه، منطلقين من الإشكالية الآتية:

·       كيف يساهم المجتمع المدني الجزائري في رسم السياسة العامة ؟ وما هي أهم العوائق التي تواجهه؟

ولمعالجة هذه الاشكالية سوف نركز على المحاور الآتية:

·       المحور الأول: السياسة العامة والمجتمع المدني: مقاربة معرفية.

·       المحور الثاني: الإطار الدستوري والقانوني للمجتمع المدني في الجزائر.

·       المحور الثالث: آليات مساهمة المجتمع المدني الجزائري في رسم السياسة العامة.

·       المحور الرابع: معوقات مساهمة المجتمع المدني الجزائري في رسم السياسة العامة.

المحور الأول: السياسة العامة والمجتمع المدني: مقاربة معرفية.

1-      مفهوم السياسة العامة:

  عرف هارولد لاسويل السياسة العامة بانها: "من يحوز على ماذا؟ متى؟ وكيف؟"،[1] وذلك من خلال نشاطات تتعلق بتوزيع الموارد والمكاسب والقيم والمزايا المادية والمعنوية وتقاسم الوظائف والمكانة الاجتماعية بفعل ممارسة القوة أو النفوذ.

كما عرفها دافيد إيستون على أنها: " توزيع القيم بطريقة سلطوية آمرة، من خلال القرارات والأنشطة الإلزامية الموزعة لتلك القيم، في إطار عملية تفاعلية بين المدخلات والمخرجات والتغذية الراجعة"،[1] فالقيم يقصد بها الحاجات المادية والمعنوية، وتمثل المدخلات مطالب الأفراد والدعم الذي يتلقاه النظام السياسي منهم، بينما تمثل المخرجات القرارات والأنظمة والأنشطة الملزمة للأفراد، في حين أن التغذية الراجعة تمثل ردود أفعال الأفراد حيال مخرجات النظام السياسي.

ويعرفها جيمس أندرسون بأنها: "برنامج عمل هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو لمواجهة قضية أو موضوع"[2]، فهي تلك الأنشطة التي تطورها الأجهزة الحكومية من خلال مسؤولياتها بمساهمة بعض الفاعلين الآخرين لمواجهة قضية معينة، ولابد أن يكون عملها مخططا له ومدروسا وليس بطريقة عشوائية فوضوية.


[1] المرجع نفسه، ص 33.

[2] جيمس أندرسون، صنع السياسات العامة، ترجمة عامر الكبيسي، عمان: دار المسيرة، د ت ن، ص 15.


[1] فهمي خليفة الفهداوي، السياسة العامة منظور كلي في البنية والتحليل، عمان: دار المسيرة، 2001، ص 32.


من أجل تحميل هذا المقال كاملا إضغط هنا أو أسفله على الصورة

قانونك

من أجل تحميل هذا العدد السادس - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث