تنفيذ الحكم الأجنبي وفقا لأحكام القانون الجزائري والقانون المقارن - بن عصمان جمال


مجلة قانونك
تنفيذ الحكم الأجنبي وفقا لأحكام القانون الجزائري والقانون المقارن


تنفيذ الحكم الأجنبي وفقا لأحكام القانون الجزائري والقانون المقارن

من إعداد: بن عصمان جمال
أستاذ محاضر " أ "
رئيس قسم القانون العام
كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر


 
الملخص:
إذا كان الأصل أنّ الحكم يتم تنفيذه داخل الدولة التي أصدرت محاكمها هذا الحكم ووفقا للإجراءات المتبعة هناك، فإنه مع ذلك قد يضطر من صدر الحكم لفائدته، ولأسباب معينة، أن يطلب تنفيذ الحكم في دولة أجنبية، وهنا تثور مشكلة مدى إمكانية تنفيذ هذا الحكم في هذه الدولة على اعتبار أنّ من شأن ذلك المساس بالسيادة إذ أنّ تنفيذ حكم أجنبي صادر عن قضاء دولة أجنبية دون قيد يعني الخضوع لهذه الدولة، إذ سيمتثل الأعوان المكلفـــون بالتنفيذ لا لأوامـــر قضائهـــم وإنما لأوامر قضاء أجنبي، هـــذا مـــن جهـــة ومـــن جهـــة أخرى قد يحـــدث أن يصـــدر حكم في الخـــارج ويكـون من شأن تنفـيـــذه أن يخالف المبـــادئ الأساسيــــة في دولة القاضي، وهذا يجعل من إمكانية تنفيذ هذا الحكم دون قيد أو شرط أمرا غير مستساغ.
إنّ هذه النتائج هي التي جعلت الكثير من القوانين تقر بعدم إمكانية تنفيذ حكم أو الاعتراف به مباشرة وإنما تستلزم اللجوء إلى القضاء الوطني من أجل تقديم طلب الاعتراف أو التنفيذ. ولم يخرج المشرع الجزائري عن هذه القاعدة حيث عالج هذا الموضوع من خلال وضع نصوص تبين شروط التنفيذ والإجراءات الخاصة بذلك متداركا النقص الذي كان سائدا في هذا المجال في ظل قانون الإجراءات المدنية القديم.

Résumé :
Si une décision de justice devait à l'origine être exécutée dans l'État ou ses tribunaux ont rendue la sentence, et conformément aux procédures établies dans cet état, il se peut néanmoins que la partie dont la décision a été rendue en sa faveur soit forcée, pour certaines raisons, a procéder a  l’exécution  dans un état étranger.
La question de l’effet des jugements étrangers et d’approche délicate : d’un coté, en effet, l’idée du respect des droits acquis commande que celui qui a obtenu un jugement à son profil puisse le faire reconnaître sans difficulté dans un pays étranger ; de l’autre, cependant, le jugement rendu dans un pays ne peut lier les juges d’un autre état ; tant en raison de l’omniprésence en la matière des considérations de souveraineté, qu’en raison de la divergence qui peut exister entre les politiques et les valeurs des différents pays.
Ces difficultés ont fait, qu’un jugement étranger ne peut produire un effet qu’au moyen d’une procédure d’exequatur, une solution adoptée dans plusieurs pays notamment en Algérie ou on trouve les textes relatifs à exequatur dans le  nouveau code de procédure civile et administrative.

مقدمة
إنّ فكرة السيادة واحترام النظام العام في دولة القاضي تجعل الحكم الأجنبي يعامل معاملة مختلفة عن الحكم الصادر عن القضاء الوطني، إذ ممّالا شك فيه أنّ تنفيذ حكم أجنبي صادر عن قضاء دولة أجنبية دون قيد يعني الخضوع لهذه الدولة، إذ سيمتثل الأعوان المكلفون بالتنفيذ لا لأوامر قضائهم وإنما لأوامر قضاء أجنبي، هذا من جهة ومن جهة أخرى قد يحدث أن يصدر حكم في الخارج ويكون من شأن تنفيذه أن يخالف المبادئ الأساسية في دولة القاضي ، فهل من الصائب تنفيذ الحكم رغم هذا التعارض؟
إنّ هذه النتائج هي التي جعلت الكثير من القوانين تقر بعدم إمكانية تنفيذ حكم أو الاعتراف به[1]مباشرة وإنما تستلزم اللجوء إلى القضاء الوطني من أجل تقديم طلب الاعتراف أو التنفيذ. على أنه إذا كانت غالبية الدول تتفق على وضع قواعد خاصة بتنفيذ الأحكام الأجنبية، فإنها تختلف بالمقابل في مكان إدراج هذه القواعد وهي في ذلك ثلاثة اتجاهات رئيسية:
- اتجاه يضع القواعد الخاصة بتنفيذ الأحكام الأجنبية في قانون خاص يصدر لهذا الغرض، هذا هو الحال مثلا في الأردن حيث هناك قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية رقم 08/1952 الذي يبين الحكم الأجنبي القابل للتنفيذ ويحدد الشروط والإجراءات اللازمة لذلك.
- اتجاه آخر ينظم قواعد تنفيذ الأحكام الأجنبية ضمن قانون خاص يتناول العلاقات ذات العنصر الأجنبي، هذا ما هو عليه الوضع في تونس حيث قواعد التنفيذ منصوص عليها ضمن قانون 98/97 المتضمن القانون الدولي الخاص.
- واتجاه أخير ينظم قواعد تنفيذ الأحكام الأجنبية ضمن قوانين المرافعات، هذا هو المتبع في كثير من الدول العربية كسوريا[2] ومصر[3] واليمن[4] وليبيا[5].
في الجزائر، يبدو أنّ المشرع الجزائري فضّل الاتجاه الثالث حيث نظّم موضوع تنفيذ الأحكام الأجنبية في ظل قانون الإجراءات المدنية القديم[6]، ثم بأكثر تفصيل في ظل القانون الجديد[7]. فما هي شروط تنفيذ الحكم الأجنبي، وما الإجراءات المتبعة في هذا المجال، وما هي آثار الحكم الخاص بدعوى التنفيذ؟
المبحث الأول:  شروط تنفيذ الحكم الأجنبي
لم نكن نجد في المادة 325[8] من قانون الإجراءات المدنية القديم بيانا للشروط التي يجب أن تتوافر في الحكم الأجنبي من أجل تنفيذه، وهي وضعية فتحت المجال للاجتهاد القضائي الذي كثيرا ما استأنس بالاتفاقيات الثنائية التي أبرمتها الجزائر من أجل الوقوف على هذه الشروط، غير أنّ ذلك لم يمنع من وجود اضطراب في الحلول، فالمحكمة العليا لم تهتم بوضع شروط متكاملة وواضحة وإنما كل ما قررته في حكم لها صادر في 02/01/1989 هو اشتراط عدم مخالفة الحكم للنظام العام الجزائري دون ذكر لأية شروط أخرى[9].
أمّا على مستوى محاكم الموضوع، فإنّ بعض الأحكام والقرارات لم تكن تهتم إطلاقا ببيان شروط التنفيذ رغم أنها كانت تقضي في حيثياتها بوجوب تحقق القضاة من  الشروط التي صدر فيها الحكم الأجنبي[10]، في حين محاكم أخرى سردت هذه الشروط وهي إعادة لما قرره حكم MUNZER الصادر عن محكمة النقض الفرنسية[11]، حيث اشترطت لمنح الأمر بالتنفيذ خمسة شروط هي اختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم، سلامة الإجراءات المتبعة أمام القضاء الأجنبي، تطبيق القانون المختص حسب قواعد التنازع الجزائرية، عدم الإخلال بالنظام العام الجزائري أو مبادئ القانون العام الجزائري، انتفاء كل غش نحو القانون[12].
هذا التضارب سيتم من دون شك التقليل من حدّته أو حتى القضاء عليه في ظل أحكام قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد الذي عني هذه المرة بوضع الشروط التي يتوجب على قاضي التنفيذ التأكد من توافرها من أجل الأمر بالتنفيذ، هذه الشروط، والتي ورد ذكرها في المادة 605[13]، منها ما يتعلق بالقواعد الإجرائية المتبعة في إصدار الحكم، ومنها ما يرتبط بمحتوى هذا الحكم، هذا ومادام أنّ الأمر يتعلق هنا بمسألة تنفيذ حكم أجنبي يرتبط بمصالح خاصة للأفراد، فإنّ المنطق يقضي أن يكون لهذا الحكم الصفة الأجنبية، وأن يكون قد فصل في نزاع يحكمه القانون الخاص وهذا شرط آخر يبقى ضروريا لإمكانية الأمر بالتنفيذ حتى وإن لم يكن هناك نص يقضي بذلك، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ المشرع الجزائري وضع شروطا خاصة بتنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية، وأخرى تخص العقود والسندات الرسمية الأجنبية، ولأنّ موضوعنا هنا يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية فسنكتفي ببيان الأولى دون الثانية.
المطلب الأول: الشروط المرتبطة بالقواعد الإجرائية الخاصة بإصدار الحكم
لقد بينت المادة 605 قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد، هذه الشروط في فقرتها الأولى والثانية، ويتعلق الأمر هنا بالتأكد من عدم مخالفة الحكم لقواعد الاختصاص، وأن يكون حائزا لقوة الشيء المقضي به.
الفرع الأول: عدم مخالفة الحكم الأجنبي لقواعد الاختصاص
هذا الشرط هو ما يعرف بشرط الرقابة القضائية والذي عبرت عنه الفقرة الأولى من المادة 605 ق. إ. م. إ. ج. بقولها " ألاّ يتضمن (أي الحكم الأجنبي) ما يخالف قواعد الاختصاص "، وهي عبارة تبقى واسعة جدا تثير مسألتين أساسيتين كثيرا ما كانت محل اختلاف في الحلول، الأولى تخص تحديد القانون الذي يجب الرجوع إليه لتقدير الاختصاص الدولي و هو ما يعرف بالاختصاص العام، والمسألة الثانية ترتبط بحدود الرقابة التي يجريها قاضي التنفيذ، هل تقتصر فقط على الاختصاص العام أم يمكن أن تصل إلى حد مراقبة الاختصاص الداخلي.
   أولا: رقابة الاختصاص العام
إذا كان المشرع الجزائري قد ألزم القاضي بأن يتأكد من أنّ الحكم الأجنبي لا يتضمن ما يخالف قواعد الاختصاص مما يعني وجوب صدور الحكم من محاكم مختصة، إلا أنه لم يحدد بالمقابل القانون الذي يتوجب الرجوع إليه من أجل التأكد من ذلك، هل هو القانون الجزائري بوصفه قانون بلد التنفيذ، أم قانون الدولة التي أصدر قضاؤها الحكم؟
    هذه المسألة كانت محل اهتمام لدى كل من الفقه والقضاء في فرنسا، إذ لفترة من الزمن كان المبدأ عند القضاء الفرنسي هو التأكد من اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم على ضوء قواعد الاختصاص المقررة في القانون الفرنسي، وهو موقف كان يعتبره الفقه صارما إذ كان يجب، من أجل إمكانية الأمر بالتنفيذ، أن تتطابق قواعد الاختصاص الفرنسية مع القواعد المقررة في الدولة الأجنبية التي أصدرت الحكم، وهذا أمر يلعب فيه الحظ دورا كبيرا[14].
للتخفيف من صرامة هذه النتيجة اتجهت محكمة النقض الفرنسية ابتداء من سنة 1962 إلى إجراء تفرقة بين اختصاص حصري أو مانع، (exclusive Competence) واختصاص ليس كذلك، حيث قررت رفض آثار حكم أجنبي كونه " صدر من جهة قضائية أجنبية غير مختصة في نظر القانون الدولي الخاص الفرنسي بسبب الاختصاص الحصري للمحاكم الفرنسية الوحيدة المختصة في قضية الحال"[15].
    المشكل الذي يطرح في هذه الحالة هو معيار التفرقة بين الاختصاص الحصري أو المانع والاختصاص العادي، وهي حالة حاول الفقه والقضاء إيجاد بعض الحلول لها فكان أول هذه المعايير إرادة الأطراف وذلك متى اتفق هؤلاء على أن تكون المحاكم الفرنسية مختصة، كما تم استخلاص معيار الاختصاص المانع من طبيعة النزاع كأن يتعلق الأمر بمجال عقود العمل أو التأمين حيث هناك قواعد اختصاص خاصة، وكان المعيار الثالث هو فكرة التلازم بين الاختصاص التشريعي والاختصاص القضائي حيث يكون الاختصاص حصريا ومانعا في كل مرة يكون فيها ضروريا وجود تلازم بين الاختصاص التشريعي والقضائي، كاختصاص المحاكم الفرنسية بنظر دعوى ميراث تتعلق بعقارات موجودة بفرنسا[16]. ولفترة طويلة كان امتياز الاختصاص المقرر في المادتين 14 و15 من القانون المدني الفرنسي يعتبر كمعيار للاختصاص المانع قبل أن تقرر محكمة النقض الفرنسية في حكم Prieur التخلي عن ذلك.[17]
    وإذا كان مصير حكم أجنبي هو رفض التنفيذ إذا كان يدخل ضمن الاختصاص الحصري للمحاكم الفرنسية، فإنّ التساؤل يبقى مطروحا بالنسبة للحالات التي تكون فيه هذه المحاكم غير مختصة، أو أنّ اختصاصها غير مانع، هل يتم التأكد من اختصاص الجهة التي أصدت الحكم هنا أيضا على ضوء القانون الفرنسي أم على ضوء قانون بلد الإصدار؟
لقد انتهى القضاء الفرنسي إلى تقرير الرجوع في مثل هذه الحالة إلى  قواعد الاختصاص المقررة في قانون الدولة التي أصدرت الحكم لكن مع وضع بعض الشروط، ففي حكم شهير صادر في 06/02/1985 يعرف بحكم Simitch قررت  محكمة النقض الفرنسية أنه " يجب، في كل مرة لا تعطي فيها القواعد الفرنسية الخاصة بتنازع الاختصاص القضائي الاختصاص الحصري للمحاكم الفرنسية، الاعتراف باختصاص المحكمة الأجنبية متى كان النزاع يرتبط بشكل محدد بالبلد الذي رفعت أمام قضائه الدعوى، وما لم يتم اختيار هذا القضاء عن طريق التحايل "[18].
هذا ما هو عليه الوضع عند القضاء الفرنسي، فكيف يجب أن يكون الأمر في ظل القانون الجزائري؟[19]
    نعتقد أنّ الإجابة ستكون من خلال التفرقة هنا أيضا بين اختصاص حصري للمحاكم الجزائرية واختصاص عادي، فتكون الرقابة في الحالة الأولى على ضوء أحكام القانون الجزائري، في حين يتم الرجوع في الحالة الثانية إلى قانون الدولة التي أصدر قضاؤها الحكم، وإن كان ذلك سيصطدم بمشكلة أساسية هي تحديد ما يدخل ضمن الاختصاص المانع، وهو أمر يتحقق في رأينا عند وجود قواعد اختصاص خاصة ومرتبطة بطبيعة النزاع، كما يتحقق أيضا عندما يرتبط الأمر باحترام إرادة الأطراف وذلك متى اتفق الأطراف على عرض نزاعهم أمام المحاكم الجزائرية ومنه، فلو حدث أن اتفق الخصوم على عرض نزاعهم أمام القضاء الجزائري ثم خالف أحدهم ذلك ورفع دعواه أمام قضاء دولة أجنبية كان على القضاء الجزائري الامتناع عن الأمر بتنفيذ الحكم لصدور هذا الأخير عن محكمة غير مختصة.
ثانيا: رقابة الاختصاص الداخلي
استعمال المشرع الجزائري لعبارة قواعد الاختصاص بصفة عامة ودون تحديد يجعلنا نتساءل بحق عن حدود الرقابة التي يجريها القاضي الجزائري، هل تقتصر فقط على مراقبة الاختصاص الدولي، أم تتجاوز ذلك لتصل إلى درجة رقابة الاختصاص الداخلي، أي التأكد من أنّ المحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم كانت مختصة محليا ونوعيا بإصداره؟
 بعض أحكام القضاء الفرنسي القديمة كانت تفرض مثل هذا النوع من الرقابة وتجريه على ضوء قانون الدولة التي أصدر قضاؤها الحكم[20]، لكن غالبية الفقه الفرنسي شككت في جدوى هذا النوع من الرقابة على اعتبار أنّ المقرر هو أنّ الحكم لا ينفذ إلا إذا كان نهائيا وفق قانون الدولة التي صدر بها وهو ما يفترض صدوره من محكمة مختصة داخليا[21].
ويبدو أنّ محكمة النقض الفرنسية بدأت تتراجع عن فرض مثل هذا النوع من الرقابة، ذلك ما استخلصه الفقه بعد صدور حكم Bachir[22] الذي قلّص من شروط التنفيذ ملغيا تلك المتعلقة بصحة الإجراءات المتبعة، ومدرجا إياها ضمن مفهوم أعم وأشمل هو مفهوم النظام العام.
ونعتقد من جهتنا أنه ليس للقاضي الجزائري مراقبة الاختصاص الداخلي، فهذا الأخير لا يمكن أن يمارس دور الرقيب على القاضي الأجنبي في تطبيقه لقواعد وإجراءات داخلية، فهي قواعد لا علاقة لها بالنظام القانوني الجزائري ولا يمكن بالتالي تصور أن يكون القاضي الجزائري أكثر حرصا من القاضي الأجنبي في تطبيق قواعد وإجراءات سليمة، كما أنّ هذا يتماشى مع ما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 605  ق. إ. م. إ. ج. التي تشترط وجوب أن يكون الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي فيه طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه وهو أمر لا يتحقق إلا إذا كان الحكم قد صدر مبدئيا من محكمة مختصة.
الفرع الثاني: وجوب أن يكون الحكم الأجنبي حائزا لقوة الشيء المقضي به
مفاد هذا الشرط هو استلزام أن يكون الحكم الأجنبي المراد تنفيذه نهائيا غير قابل للطعن فيه بالطرق العادية، وهو ما يعني وجوب أن يكون الحكم قابلا للتنفيذ ويستنتج هذا من عبارة " الشيء المقضي فيه "المستعملة في الفقرة الثانية من المادة 605 ق. إ. م. إ. ج. التي تقتضي إصدار أمر إلى عمال السلطة العامة بتنفيذ الحكم جبرا عند الاقتضاء، وهذا بخلاف عبارة " حجية الشيء المقضي فيه " حيث أنّ الحجية تثبت للحكم بمجرد صدوره سواء كان قابلا للطعن فيه أم لا، ومهما كان طريق الطعن، وهي تقتضي منع عمال القضاء النظر من جديد في النزاع الذي تم الفصل فيه بموجب الحكم القضائي[23].
وترجع علة اشتراط قوة الشيء المقضي فيه في الحكم الأجنبي إلى فكرة توفير الاستقرار، إذ لو تم الاكتفاء بوجود الحكم فقط دون اشتراط أن يكون نهائيا، فإنه ليس هناك ما يمنع من إمكانية إصدار أمر بالتنفيذ بخصوص حكم أجنبي تم بعد ذلك إلغاؤه في الدولة التي صدر فيها.
وبخلاف الشرط الأول الخاص برقابة الاختصاص القضائي، نجد أنّ المشرع الجزائري قد حدد هذه المرة القانون الذي يُرجع إليه من أجل الوقوف على مدى توفر الحكم الأجنبي لقوة الشيء المقضي فيه، حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 605 ق. إ. م. إ. ج. صراحة على الرجوع إلى قانون البلد الذي أصدر قضاؤه الحكم.
ويترتب على اشتراط أن يكون الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي فيه من أجل إمكانية الأمر بتنفيذه الكثير من النتائج أهمها عدم إمكانية تنفيذ الأحكام غير القطعية وهي تلك الصادرة قبل الفصل في الموضوع، وأيضا الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل إذ هي أحكام تحتمل الإلغاء والتعديل، ولا تنفذ كذلك الأحكام الوقتية على اعتبار أنّ لها حجية مؤقتة الغرض منها اتخاذ إجراءات تحفظية أو وقتية من أجل حماية مصالح الخصوم إلى حين الفصل في نزاعهم[24].
المطلب الثاني:  شروط الأمر بالتنفيذ المرتبطة بمحتوى الحكم
بعد التأكد من أنّ الحكم صدر من جهة قضائية مختصة وأنه حائز لقوة الشيء المقضي فيه، على القاضي الجزائري أن يبحث في محتوى هذا الحكم أو مضمونه لا ليقوم بمراجعته، وإنّما للتأكد من عدم تعارضه مع حكم آخر صدر عن القضاء الجزائري، ومن أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة في الجزائر.
الفرع الأول:  عدم تعارض الحكم الأجنبي مع حكم صادر عن الجهات القضائية الوطنية
عبرت عن هذا الشرط الفقرة الثالثة من المادة 605 ق. إ. م. إ. ج. وذلك بنصها ألا يتعارض الحكم الأجنبي مع " أمر أو حكم أو قرار سبق صدوره من جهات قضائية جزائرية، وأثير من المدعى عليه ".[25]
ويرى الكثير من الشراح في مصر أنّ هذا الشرط وإن تم وضعه في نص تشريعي هو المادة 298/4 من قانون المرافعات المصري فإنه يعتبر في حقيقة الأمر بمثابة تطبيق لفكرة النظام العام، وهذا هو المستقر عليه عند الفقه الفرنسي، إذ المؤكد أنّ السماح بتنفيذ حكم يتعارض محتواه مع حكم سابق صادر عن القضاء الوطني هو أمر يتعارض مع النظام العام في الدولة المطلـــوب منها التنفيذ[26].
ولقد تساؤل الفقه عن الحالة التي لا يكون فيها هناك حكم صادر عن القضاء الوطني، وإنما فقط دعوى مقامة أمام هذا القضاء، هل هذا كافي للقول بوجود تعارض وبالتالي رفض التنفيذ؟ دون الدخول في الجدالات الفقهية[27] نعتقد أنّ مجرد وجود دعوى قضائية مرفوعة أمام القضاء الجزائري في نفس الموضوع لا تحول دون إمكانية الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي، لأنّ القول بعكس ذلك سيفتح يقينا باب التحايل ليعمد الخصم الذي صدر الحكم ضده إلى رفع دعواه عن سوء نية أمام القضاء الجزائري لعرقلة سير دعوى التنفيذ في الجزائر هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يمكن تفهم وجود هذا الجدل في فرنسا لعدم وجود نص صريح، أمّا في الجزائر فيبدو، ولوضوح النص، أنّ الأمور لا تستدعي الجدل والاختلاف، فالفقرة الثالثة من المادة 605 ق. إ. م. إ. ج. تستعمل عبارة " الأمر أو الحكم أو القرار " ولن يعترض أحد إذا قلنا أنه وفقا لما هو مقرر في قواعد الإجراءات المدنية وجود دعوى مرفوعة وإجراءات متبعة لم يتم الفصل فيها، لا هي بأمر ولا حكم ولا هي بقرار، فكيف يمكن القول بعد هذا أنه يمكن أن تشكل دعوى مرفوعة في نفس الموضوع لم يتم الفصل فيها، سببا لرفض التنفيذ.؟
ولوضوح النص أيضا لن نتساءل هنا عما إذا كان يشترط أن يكون الحكم الصادر من قبل القضاء الجزائري سابقا للحكم المراد تنفيذه أم لا، ولن نقول برأي بعض الشراح الفرنسيين الذين قرروا بأنّ وجود حكم صادر عن القضاء الوطني ومتعارض مع الحكم الأجنبي كافي لرفض التنفيذ بغض النظر عن تاريخ صدور الحكمين[28]، بل بالعكس من ذلك يجب وفقا لنصوص القانون الجزائري أن يكون الحكم الصادر عن القضاء الجزائري سابقا عن الحكم المطلوب تنفيذه حتى يمكن التكلم عن وجود تعارض بين الحكمين.
    وجود تعارض بين الحكم الأجنبي والحكم الوطني يعتبر إذن سببا آخر لإمكانية رفض التنفيذ، لكن من يثير هنا مسألة التعارض؟
مبدئيا يجب أن يكون القاضي إذ هو من يتولى مهمة التأكد من توفر الحكم الأجنبي للشروط الضرورية، وهو يفعل ذلك من تلقاء نفسه ولا ينتظر أن يثير ذلك أحد الخصوم، ولكن يبدو أنّ الأمور لا تتم بهذه الطريقة، إذ أنّ المشرع الجزائري يضيف في الفقرة الثالثة من المادة 605 ق. إ. م. إ. ج. عبارة تفيد وجوب أن يثير المدعى عليه مسألة وجود التعارض وهي عبارة لا وجود لها في بقية الشروط الأخرى مما يجعلنا نستخلص أنّه ليس للقاضي الجزائري أن يتأكد من تلقاء نفسه أنّ الحكم الأجنبي هو متعارض أم لا مع حكم وطني، وليس له أن يقضي بالرفض حتى ولو كان عالما بوجود هذا التعارض، وإنما عليه أن ينتظر أن يثير المدعى عليه مثل هذا الدفع، وهذه نتيجة نرفضها دون تردد إذ قد تؤدي إلى إمكانية تنفيذ حكم أجنبي يتعارض تماما مع حكم وطني فقط لأنّ المدعى عليه لم يثر ذلك، ولا ندري سبب وضع المشرع الجزائري لمثل هذا القيد الذي لا وجود له في قوانين دول أخرى كالقانون المصري حيث لا تجيز المادة 298/4 من قانون المرافعات الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أنّ " الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محاكم الجمهورية " دون اشتراط أن يثير المدعى عليه هذا التعارض.
وعلى كل فإنّ النتيجة التي توصلنا إليها الفقرة الثالثة من المادة 605 يمكن تجنبها عن طريق إعمال الشرط الرابع وهو عدم تضمن الحكم الأجنبي ما يخالف النظام العام والآداب العامة في الجزائر إذ لا مجال للشك في أنّ رفض تنفيذ حكم أجنبي لتناقضه مع حكم  آخر وطني ما هو في الحقيقة سوى تطبيق لفكرة النظام العام التي ترفض الاعتراف بما يتعارض مع قرينة الصحة والحقيقة التي يتضمنها الحكم الوطني، كما أنّ السيادة التي باسمها صدر هذا الحكم تفترض التضحية بالحكم الأجنبي وتغليب الحكم الوطني.
الفرع الثاني: عدم تضمن الحكم الأجنبي ما يخالف النظام العام أوالآداب العامة في الجزائر
يصف فقه القانون الدولي الخاص النظام العام كصمام أمان ضروري لحماية المبادئ والأسس التي يقوم عليها كل مجتمع، فدور النظام العام في مجال تنازع القوانين هو استبعاد تطبيق القوانين الأجنبية، وهو رفض تنفيذ الحكم في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية وبذلك قضت الفقرة الرابعة من المادة 605 ق. إ. م. إ. ج.
ويقسم الفقه والقضاء في فرنسا النظام العام إلى نوعين، نظام عام من حيث الموضوع، ونظام عام من حيث الإجراءات وعلى الحكم الأجنبي أن يحترم النوعين معا حتى يمكن الأمر بتنفيذه، هذا التقسيم أشارت إليه محكمة النقض الفرنسية في حكم Bachir حيث بعد أن كانت شروط التنفيذ بعدد خمسة تم إلغاء شرط التأكد من سلامة الإجراءات المتبعة في الخارج، حيث قررت هذه المحكمة أنه " إذا كان من واجب قاضي التنفيذ أن يتأكد من أنّ الدعوى المقامة أمام الجهة القضائية الأجنبية تمت بشكل سليم، فإنّ شرط السلامة هذا يجب أن يقّدر بالنظر إلى النظام العام الفرنسي فقط، واحترام حقوق الدفاع "[29].
مثل هذا التقسيم نرى وجوب الأخذ به في ظل القانون الجزائري خاصة وأنّ المادة 605 ق. إ. م. إ. ج. لم تتكلم عن وجوب أن يتأكد القاضي من سلامة الإجراءات المتبعة وصحتها كشرط للأمر بالتنفيذ بخلاف بعض القوانين كالقانون المصري الذي قضى بوجوب التحقق من أنّ " الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلّفوا بالحضور ومثلوا تمثيلا صحيحا " ( المادة 298/2 قانون المرافعات )، وكذلك فعل المشرع الأردني حيث أجاز البند ( ج ) من المادة 07 قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية للمحكمة المطلوب إليها إصدار الأمر بالتنفيذ رفض الطلب " إذا كان المحكوم عليه لم يبلغ بمذكرة الحضور من المحكمة التي أصدرت الحكم ولم يحضر أمامها رغما عن كونه كان يقطن داخل قضائها، وتشمله صلاحية المحكمة أو كان يتعاطى أعماله فيها "، وينهج القانون التونسي نفس النهج وإن كان يستعمل عبارات أعم وأشمل حيث تقضي المادة 11/3 قانون دولي خاص برفض التنفيذ إذا ظهر أنّ الحكم الأجنبي صدر وفق إجراءات لم تحترم حقوق الدفاع.
    على قاضي التنفيذ الجزائري إذن أن يتأكد من أنّ الحكم الأجنبي لا يخالف النظام العام في الجزائر من حيث الموضوع ومن حيث الإجراءات مهتديا في ذلك بالأسس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة في دولته ويمتنع عن تنفيذ كل حكم من شأنه المساس بهذه الأسس، كما عليه أن يمتنع أيضا عن تنفيذ كل حكم تجاهل الضمانات الأساسية لحقوق الدفاع كالتمثيل الصحيح وإعطاء مهلة كافية وضرورية لتحضير الدفاع.
    التعارض مع النظام العام أو الآداب العامة أثره هو رفض تنفيذ الحكم كليا، على أنه إذا كان هذا هو الأصل فإنه ليس هناك ما يمنع من إمكانية الأمر بالتنفيذ الجزئي، بحيث يتم الأمر بتنفيذ فقط الجزئية التي لا تتعارض مع النظام العام  ورفض المسائل الأخرى التي تتضمن تعارضا مع هذا الأخير، على أنّ الفقه وإن كان يسلم بهذا الحل فهو بالمقابل حل يجب أن يستوفي شرطا أساسيا وهو وجوب أن تكون المسائل التي فصل فيها الحكم قابلة للتجزئة بحيث يمكن الفصل بينها، فإذا لم يتحقق ذلك توجب رفض الحكم كلية[30].
هذه هي مجمل الشروط التي ورد ذكرها في التشريع الجزائري من أجل إمكانية الأمر بتنفيذ حكم أجنبي في الجزائر، فما هي الآن الإجراءات المتبعة من أجل طلب التنفيذ، وما الآثار التي يرتبها الحكم الذي فصل في مثل هذا الطلب؟
المبحث الثاني: إجراءات تنفيذ الحكم الأجنبي وآثار الحكم الخاص بدعوى التنفيذ
طبقا لمقتضيات قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري الجديد طلب التنفيذ يكون عن طريق رفع دعوى أمام الجهة القضائية المختصة التي تقتصر مهمتها في هذا النوع من الدعاوى على مراقبة مدى توافر الشروط السابق بيانها، ولهذه الأخيرة قبول الطلب كما لها أن ترفضه وهذا كله يستوجب بطبيعة الحال إتباع إجراءات معينة تؤدي في النهاية إلى صدور حكم يرتب بعض الآثار.
المطلب الأول: إجراءات تنفيذ الحكم الأجنبي
طلب التنفيذ يكون عن طريق رفع دعوى أمام الجهة القضائية المختصة وهذا يفترض تكوين طالب التنفيذ لملف يشتمل على جميع الوثائق التي من شأنها أن تؤدي إلى قبول طلبه، وهو شيء إذا تم رتب بعض الآثار.
الفرع الأول: الوثائق الخاصة بطلب التنفيذ
لا نجد في قانون الإجراءات المدنية الجزائري بيانا للوثائق التي يلتزم طالب التنفيذ بتقديمها أمام الجهة القضائية المختصة، على أنه بالرجوع إلى طبيعة الدعوى المرفوعة التي تفترض وجود حكم أجنبي، وبالنظر للشروط التي تطلبها القانون الجزائري من أجل الأمر بالتنفيذ، وبالاستئناس بالاتفاقيات السارية المفعول في الجزائر، بالرجوع لكل هذا يمكن التكلم عن حد أدنى من الوثائق لا بد أن يحتويها الملف المقدم من طرف طالب التنفيذ.       
أول هذه الوثائق هي تلك التي تهدف إلى إثبات وجود الحكم الأجنبي المطلوب تنفيذه وهو ما يعني وجوب تقديم صورة رسمية للحكم طبق الأصل.
كما يجب أيضا تقديم وثائق يكون الهدف منها التأكد من توافر شروط التنفيذ، ويترتب عن هذا أنّ طالب التنفيذ ملزم بتقديم نسخة تنفيذية للحكم لإثبات أنّ هذا الأخير هو قابل للتنفيذ، ويلتزم أيضا بإثبات أنّ الإجراءات كانت سليمة وتم فيها احترام حقوق الدفاع، وهو ما يتم عن طريق تقديم محضر تبليغ الحكم المطلوب تنفيذه أو أي وثيقة يمكن أن تحل محلها والتي من شأنها أن تثبت أنّ المحكوم ضده قد تم تبليغه بالحكم، وأنّ إجراءات التبليغ تم احترامها، كما أنه يبدو ضروريا تقديم صورة طبق الأصل لورقة التكليف بالحضور وذلك متى كان الحكم غيابيا.
وكما أشرنا من قبل، هذه الوثائق تشكل الحد الأدنى لما يجب تقديمه أمام القضاء الجزائري في دعوى الأمر بالتنفيذ مما لا يمنع هذا الأخير من اشتراط أي وثيقة أخرى يعتبرها ضرورية، كما نشير أيضا إلى ضرورة تقديم نسخ مترجمة للوثائق المبينة أعلاه في كل مرة يكون فيها الحكم صادرا عن قضاء دولة الأحكام فيها غير محررة باللغة الرسمية التي تصدر بها الأحكام بالجزائر.
الفرع الثاني: الجهة المختصة بدعوى طلب التنفيذ والإجراءات المتبعة
طلب التنفيذ، أو ما يسميه المشرع الجزائري بطلب منح الصيغة التنفيذية، يتم عن طريق رفع دعوى قضائية كأي دعوى متعلقة بالمسائل المدنية، أي عن طريق تكليف بالحضور ومواجهة الأطراف ويكون الحكم الصادر قابلا للطعن بكافة الطرق المقررة في القانون الجزائري[31].
الاختصاص المحلي في دعوى منح الصيغة التنفيذية يؤول طبقا للمادة 607 ق. إ. م. إ. ج.[32] إلى محكمة موطن المنفذ عليه، وما ذلك في الحقيقة سوى تكريس للقاعدة العامة في هذا المجال، فالمنفذ عليه هنا سيكون بدون شك في مركز المدعى عليه. على أنّ ذات المادة أضافت معيار اختصاص آخر هو موطن محل التنفيذ، وهو ما يتطابق مع مكان تواجد الأموال، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ المعيارين المقررين هنا هما اختياريان، فلا يعتبر موطن المنفذ عليه هو الأصل ومحل التنفيذ هو الاحتياط بحيث لا يلجأ إلى المعيار الثاني إلا إذا لم يكن للمنفذ عليه موطن بالجزائر، بل كلا المعيارين هما أصليان ولطالب التنفيذ الاختيار بينهما لكن مع مراعاة ما قررته المادة 607 دائما، التي إضافة إلى الاختصاص المحلي وضعت أيضا اختصاصا مانعا، إذ أن طلب التنفيذ لا يكون أمام كل محكمة يتحقق فيها المعياران المذكوران أعلاه وإنّما يجب أن يكون ذلك أمام المحكمة المنعقدة في مقر المجلس[33] الذي يوجد في دائرة اختصاصها موطن المنفذ عليه أو محل التنفيذ.
ونشير في النهاية أنّ نصوص القانون الجزائري لم تحدد القسم المختص داخل المحكمة بالنظر في طلب التنفيذ على أنّ منطق الأمور يفترض في هذه الحالة أن يرجع الاختصاص إلى القسم المماثل الذي أصدر الحكم الأجنبي، فإذا لم يتحقق ذلك كان الاختصاص للقسم المدني[34].
المطلب الثاني: آثار الحكم الخاص بدعوى التنفيذ
    الآثار المترتبة عن حكم فصل في دعوى التنفيذ تختلف بحسب ما إذا تم منح الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي أو تم رفض ذلك.
في الحالة الأولى، منح الصيغة التنفيذية يعني تقرير جميع الآثار التي يرتبها الحكم الأجنبي بمقتضى منطوقه دون أي تعديل بحيث يصير قابلا للتنفيذ في كل الإقليم الجزائري، ويتم من أجل ذلك إتباع طرق التنفيذ المقررة في القانون الجزائري حتى وإن لم تكن معروفة في القانون الأجنبي، كما أنّ لقاضي التنفيذ الحرية في اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة كإعطاء مهلة للمدين من أجل الوفاء أو الأمر بالتنفيذ الوقتي للحكم الأجنبي[35].
أماّ في الحالة الثانية حيث يتم رفض طلب التنفيذ، فإنه يكون للحكم القاضي بذلك حجية الشيء المقضي فيه بالنسبة للأطراف وهو ما يمنع رفع دعوى تنفيذ من جديد، غير أنّ ذلك لا يمنع من إعادة رفع دعوى جديدة أمام القضاء الجزائري بخصوص نفس الموضوع الذي فصل فيه القضاء الأجنبي[36].
    رفض تنفيذ الحكم الأجنبي لا يعني تجريد هذا الأخير من كل حجية في الإثبات، إذ تذهب غالبية الفقه إلى الاعتراف بقوة هذا الحكم الأجنبي كدليل إثبات واعتباره محررا رسميا ودليلا على ما ورد فيه من وسائل الإثبات كالإقرار والبينة والمعاينة وأداء الخبرة وإن كان للقاضي الوطني هنا حرية تقدير تلك الأدلة الثابتة في الحكم الأجنبي.
ويذهب الكثير من الفقه إلى القول باعتبار الحكم الأجنبي الذي تم تنفيذه بالخارج واقعة قانونية يتوجب الاعتراف بها دونما حاجة إلى تدخل القضاء الوطني[37].     

خاتمة
إذا كان الأصل أنّ الحكم يتم تنفيذه داخل الدولة التي أصدرت محاكمها هذا الحكم ووفقا للإجراءات المتبعة هناك، فإنّه مع ذلك قد يضطر من صدر الحكم لفائدته، ولأسباب معينة أن يطلب تنفيذه في دولة أجنبية، وهنا تثور مشكلة مدى إمكانية التنفيذ في هذه الدولة، وهو الموضوع الذي خصّص له المشرع الجزائري مواد تعالجه في ظل قانون الإجراءات المدنية القديم الصادر سنة 1966، ثم في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد. ولعلّ أهم ما يمكن ملاحظته واستنتاجه هو أنّ المشرع الجزائري وإن لم يهمل مسألة تنفيذ الأحكام الأجنبية في ظل القانون القديم إلاّ أنّ ذلك كان يعتريه الكثير من النقائص كثيرا ما كانت سببا في اضطراب الحلول أمام المحاكم، هذه النقائص يبدو أنه تم استدراك بعضها في القانون الجديد. مثل هذه النتيجة يمكن الوقوف عليها واستخلاصها من خلال إجراء مقارنة، تتم من خلال إبداء ملاحظات، بين ما ورد في القانون القديم والقانون الجديد.
 فبالنسبة للقانون القديم يمكن الوقوف على الأمور التالية:  
§      أولا: المبدأ طبقا للمادة 325 ق إ م ق هو قبول تنفيذ الأحكام الأجنبية غير أنّ ذلك يبقى مشروطا بصدور حكم من القضاء الجزائري يقضي بذلك.
§      ثانيا: طلب التنفيذ لا يقتصر فقط على الأحكام القضائية الأجنبية، بل يمكن أن يشمل أيضا العقود الرسمية التي تحرر من قبل موظفين عموميين أو قضائيين أجانب.
§      ثالثا: المادة 325 تتكلم عن وجوب صدور أمر بالتنفيذ من قبل القضاء الجزائري وهو ما يفترض مراقبة هذا الأخير للحكم الأجنبي عن طريق التأكد من توافر بعض الشروط، غير أننا بالمقابل لا نجد ذكرا لهذه الشروط.
§      وأخيرا تقرر المادة 325 صراحة تغليب المعاهدات السارية المفعول في الجزائر بخصوص تنفيذ الأحكام الأجنبية على التشريع الداخلي.
    وإذا كان هذا هو الوضع في ظل القانون القديم، فإنّ الأمور اختلفت في ظل القانون الجديد، إذ تم تناول موضوع التنفيذ بشيء من التفصيل، وفي أكثر من مادة هي المواد من 605 إلى 608 ق. إ. م. إ. ج. وتتميز هذه المواد بالأمور التالية:
§      أولا: تم هذه المرة النص على الشروط التي يجب أن تتوفر في الحكم الأجنبي حتى يمكن الأمر بتنفيذه، وهو أمر لم يكن موجودا في القانون القديم.
§      ثانيا: في ظل القانون القديم المادة 325 كانت تستعمل مصطلح الحكم فقط، بينما كان المشرع أكثر دقة في القانون الجديد حيث يستعمل عبارات الأوامر، الأحكام والقرارات، وهذا يعني أنّ طلب التنفيذ يمكن أن يتعلق بحكم ابتدائي صادر عن محكمة أول درجة شريطة أن يكون نهائيا حائزا لقوة الشيء المقضي فيه وذلك إما لكونه صدر في حدود الاختصاص النهائي للمحكمة، وإما لأنه استنفد مواعيد الاستئناف، فمثل هذه الأحكام هي التي يعبر عنها في ظل قانون الإجراءات المدنية الجزائري بعبارة " الحكم "، في حين ما يصدر من أحكام عن المجالس، وهي محاكم الدرجة الثانية في ظل النظام القضائي الجزائري، فيعبر عنها بالقرارات، وهذه بطبيعة الحال قابلة هي أيضا للتنفيذ. أمّا عبارة الأوامر فيقصد بها الأعمال الولائية وهي تلك التي تنعدم فيها الوجاهية، ولقد قضى المشرع الجزائري بإمكانية تنفيذ هذه الأوامر دون إعطاء تفاصيل أكثر، إذ المقرر أنّ هذه الأخيرة هي نوعان، نوع يكون أثره التنفيذ الجبري، ونوع آخر لا يتضمن أي تنفيذ على الأموال أو الأشخاص ومنها الأحكام الخاصة بالحالة والأهلية كتعيين وصي أو تصحيح شهادة ميلاد أو الاعتراف بالولد الطبيعي، ويكاد يتفق الفقه في فرنسا أنّ النوع الأول هو الذي يجب أن يكون موضوع طلب تنفيذ، أمّا النوع الثاني فيرتب أثره دون حاجة لأمر بالتنفيذ.[38]
§      ثالثا: إضافة إلى الأحكام والقرارات والأوامر، المشرع يتكلم أيضا عن تنفيذ العقود والسندات الرسمية المحررة في بلد أجنبي وهو أمر كان موجودا في ظل القانون القديم، لكن الشيء الجديد الذي أضافه المشرع هو تخصيص مادة تتعلق بتنفيذ هذه العقود والسندات، حيث لم يشأ توحيد الشروط وإنما نص على شروط خاصة بتنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر الأجنبية وشروط أخرى تتعلق بتنفيذ العقود والسندات الرسمية المحررة في بلد أجنبي.
§      رابعا: رغم أنّ كل من القانون القديم والقانون الجديد اهتما معا ببيان الجهة المختصة بالنظر في طلب التنفيذ إلا أنه في ظل القانون القديم النصوص الخاصة بتحديد هذه الجهة كانت منفصلة تماما عن تلك التي تنظم موضوع تنفيذ الأحكام الأجنبية، إذ كان موضعها ضمن المواد الخاصة بالاختصاص النوعي، وبالضبط المادة 1/3 ق. إ. م. ج. ق.، وهذا بخلاف القانون الجديد حيث تحديد الجهة القضائية المختصة في طلب التنفيذ جاءت ضمن المواد الخاصة بهذا الموضوع وهي هنا المادة 607 ق. إ. م. إ. ج.
§      وأخيرا وفي نقطة التقاء بين القانون القديم والجديد، يبقى للمعاهدات الدولية والاتفاقيات القضائية المبرمة بين الجزائر ودول أخرى الغلبة والأولوية على التشريع الداخلي المتعلق بتنفيذ الأحكام الأجنبية.
ويبقى أن نشير في النهاية إلى أنّ المشرع الجزائري، وإن كان وضع الكثير من الأحكام التي لم تكن موجودة في القانون القديم في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية، فإنه أغفل مع ذلك بعض المسائل رغم أهميتها، من ذلك مسألة تحديـــد القانون الذي يتوجب الرجوع إليه عند مراقبة الاختصاص القضائي وهذه وضعية قد تفتــح مجددا السبيــل نحو تضارب الحلول أمام المحاكم الجــزائرية في هذا المجال.  




[1] الغالب أن يكون الطلب المقدم هو تنفيذ الحكم غير أنّ ذلك لا يمنع من أن يكون الطلب هو مجرد الاعتراف، والفرق بينهما هو أنّ هذا الأخير عبارة عن إجراء يرمي إلى التسليم بالحكم دون تنفيذه، أمّا التنفيذ فهو أبعد من مجرد التسليم إذ يتم فيه مباشرة عمل من أعمال التنفيذ، وبمعنى آخر في الاعتراف المستفيد من الحكم لا يطلب تنفيذه بل فقط الإقرار من قبل القضاء بوجود الحكم وبذلك يدخل الحكم المعترف به ضمن النظام القانوني الوطني، وعادة ما يكون الاعتراف في حالة دفع وذلك بهدف الاعتراض على طلبات يناقضها الحكم الأجنبي. أنظر: مصطفى تراري الثاني، التحكيم التجاري الدولي في الجزائر، مجلة دراسات قانونية، عدد1، جوان 2002، ص: 51 .
B. MOREAU, Arbitrage internationale, Rép. Com. Dalloz, avril, 2004,  n° 136, p: 20.      

[2]  المواد من 306 إلى 311 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.
[3]  المواد من 296 إلى 301 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
[4]  الفصل التاسع قانون المرافعات المدنية والتجارية لسنة 1992.
[5]  المواد من 405 إلى 411 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
[6]  الأمر رقم 66/154 المؤرخ في 08/06/1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية المعدل والمتمم.
[7]  قانون رقم 08/09 المؤرخ في 25/02/2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، ج. ر. 2008، عدد 21. ولقد نص هذا القانون صراحة في المادة 1062 على سريان مفعوله بعد سنة من تاريخ نشره، كما نص صراحة في المادة 1064 على إلغاء العمل بنصوص القانون القديم
[8]  تنص المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية القديم لسنة 1966 على ما يلي: " الأحكام الصادرة من جهات قضائية أجنبية والعقود الرسمية المحررة بمعرفة موظفين عموميين أو موظفين قضائيين أجانب، لا تكون قابلة للتنفيذ في جميع الأراضي الجزائرية إلا وفقا لما يقضى بتنفيذه من إحدى جهات القضاء الجزائرية، دون إخلال بما قد تنص عليه الاتفاقيات السياسية من أحكام مخالفة ".
[9]  قرار 52207 منشور في م. ق. 1990، ع. 4، مشار إليه في مؤلف ولد الشيخ الشريفة، تنفيذ الأحكام الأجنبية، دار هومة، 2004، ص: 176. 
[10]  محكمة الجزائر العاصمة ( القسم التجاري )، 13/06/1972، غير منشور، مشار إليه في مؤلف ولد الشيخ الشريفة، المرجع السابق، ص: 179.
[11] Cass.civ. 1er, 07/01/1964, J. C. P., 1964, II, 13590, note ANCEL ; R. C. D. I. P., 1964, p: 344, note BATIFFOL ; J. D. I., 1964, 302, note GOLDMANE.
ولقد وضع هذا الحكم خمسة شروط من أجل إمكانية الأمر بالتنفيذ هي:
- صدور الحكم من محكمة مختصة.
- تطبيق القاضي الأجنبي للقانون المختص.
- إتباع الإجراءات الصحيحة في إصدار الحكم.
- عدم مخالفة الحكم الأجنبي للنظام العام في فرنسا.
- غياب غش نحو القانون.
[12]  محكمة سيدي محمد، 08/05/1975، غير منشور، مشار إليه في مؤلف ولد الشيخ الشريفة، المرجع السابق، ص: 180.
[13]  تنص المادة 605 من ق. إ. م. إ. ج. أنه : " لا يجوز تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات الصادرة من جهات قضائية أجنبية، في الإقليم الجزائري، إلا بعد منحها الصيغة التنفيذية من إحدى الجهات القضائية الجزائرية متى استوفت الشروط الاتية:
1-     ألاّ تتضمن ما يخالف قواعد الاختصاص،
2-     حائزة لقوة الشيء المقضي به طبقا لقانون البلد الذي صدرت فيه،
3-     ألاّ تتعارض مع أمر أو حكم أو قرار سبق صدوره من جهات قضائية جزائرية، وأثير من المدعى عليه،
4-     ألاّ تتضمن ما يخالف النظام العام والآداب العامة في الجزائر.
[14] Cf. Y. LOUSSOUARN,  P. BOUREL, Droit International Privé, 6ème Edition, Dalloz, 1999n°503, p: 592.
[15] Civ. 05/05/1962, D. 1962, 718, note HOLLEAUX. 
[16]Cf. B. AUDIT, Droit international prive, 4e édition, economica, 2007, n°465, p. 377 ; H. BATIFFOL, P. LAGARDE, Droit international prive, T. II, 5e édition, LGDJ, 1971, n°718, p. 424 ; M. L. NIBOYET, G. G. DE LAPRADELLE,  Droit international prive, LGDJ, 2007, n° 465, p: 377.
[17] « L’article 15 du code civil ne consacre qu’une compétence facultative de la juridiction française, impropre a exclure la compétence indirecte d’un tribunal étranger dès lors que le litige se rattache de manière caractérisée  à l’état dont la juridiction est saisie et que le choix de la juridiction n’est pas frauduleux ». Civ. 23/05/2006, J. D. I. 2006, p 1377, note  CHALAS.
[18]« Toutes les fois que la règle française de solution des conflits de juridictions n’attribue pas compétence exclusive aux tribunaux français, le tribunal étranger doit être reconnu compétent si le litige se rattache de manière caractérisée au pays dans le juge a été saisi et si le choix de la juridiction n’a pas été frauduleux ». J. D. I., 1985, 450,  note HUET.
[19]  على الرغم من وجود بعض الأحكام والقرارات الصادرة عن القضاء الجزائري في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية، فإننا لا نجد مع ذلك أحكام وقرارات منشورة تعرضت لمسألة تحديد القانون الذي يرجع إليه للتأكد من أنّ الحكم الأجنبي لا يتضمن ما يخالف قواعد الاختصاص.
[20]  راجع بخصوص هذه الأحكام:
Y. LOUSSOUARN et P. BOUREL, op. cit. n°504, p: 596
[21] Cf. H. BATIFFOL, P. LAGARDE, op. cit. n°720, p: 430 .
[22] Civ. 04/10/1967, D., 1968, 95, note MEZGER. 
[23]  عكاشة محمد عبد العال، القانون الدولي الخاص دار الجامعة الجديدة للنشر 1996، رقم 214، ص: 620؛ ولد الشيخ الشريفة، المرجع السابق، ص: 193.
[24]  هشام علي صادق، دروس في تنازع القوانين، دار المطبوعات الجامعية، 2003، رقم 382، ص: 281.
[25]  من حيث المصطلحات المستعملة، في النظام القضائي الجزائري الحكم هو ما يصدر عن قضاة محكمة الدرجة الأولى، في حين عبارة القرار تخص محاكم الاستئناف أو المجالس بتعبير المشرع الجزائري، وكذا المحكمة العليا.
[26]  عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، رقم 216، ص. 623؛ هشام علي صادق، المرجع السابق، رقم 383، ص: 282؛
Y. LOUSSOUARN et P. BOUREL, op. cit. n°506, p: 599.  

[27] انظر في هذا الجدل:  عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، رقم 216، ص: 264 وما يلي؛
M. L. NIBOYET, G. G. DE LAPRADELLE, op. cit. n°674, p: 493.
[28] Cf . M. L. NIBOYET, G. G. DE LAPRADELLE, op. cit. n°671, p: 489.
[29] « Si le juge de l’exequatur doit vérifier si le déroulement du procès devant la juridiction étrangère a été régulier, cette condition de régularité doit s’apprécier uniquement par rapport a l’ordre publique français et au respect des droits de la défense ». précité.          
[30] Cf. M. ISSAD, Droit international prive, T. II, O. P. U., 1986, p: 70.
[31] Cf. M. ISSAD, op. cit., p: 79.
[32]  المادة 607: " يقدم طلب منح الصيغة التنفيذية للأوامر والأحكام والقرارات والعقود والسندات التنفيذية الأجنبية، أما م محكمة مقر المجلس التي يوجد في دائرة اختصاصها موطن المنفذ عليه أو محل التنفيذ ".
[33]  في النظام القضائي الجزائري مصطلح المجالس القضائية يطلق على محاكم الاستئناف.
[34]  ولد الشيخ الشريفة، المرجع السابق، ص: 175؛
M. ISSAD, op. cit., p: 78     
[35] Cf. B. AUDIT, op. cit., n°491, p: 394 ;
                                                           هشام علي صادق، المرجع السابق، رقم 404، ص: 301.                            
[36] Cf. B. AUDIT, op. cit., n°492, p: 395.
[37] Cf. H. BATIFFOL, P. LAGARDE, op. cit., n°740, p. 456, D. BURET, op. cit., n°319, p: 262.

[38]Cf. P. MAYER, V. HEUZE, Droit international prive, 8e édition, Montchrestien, 2004,  n° 359, p: 259 ; J. P. NIBOYET, Droit international prive, t. VI., recueil Sirey, 1949, n° 1712, p: 4 ; D. BURET, Droit international prive, 3e édition, Dalloz, 2002, n°318, p: 261.

من أجل تحميل هذا المقال -  إضغط هناك - أو أسفله

قانونك

من أجل تحميل هذا العدد الثالث - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث