الوسائل العلـمية للإثبـات الجنـائي ومشـروعيتها - ياسين عزاوي

9anonak
الوسائل العلـمية للإثبـات الجنـائي ومشـروعيتها


الوسائل العلـمية للإثبـات الجنـائي ومشـروعيتها
من إعداد: د. ياسين عزاوي
أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات الرشيدية
مقدمة :
أصبـح من الطبيـعي الاعتمـاد على الأدلـة العلـمية في مجال الإثبات الجنائي، ومن أجل أن تكون الأدلـة مقبولة يجب أن تمـارس في إطار من المشـروعية وفي الحـدود التي رسمها القانـون، وألا تتضمن اعتداءات على جسم الفرد وحريته إلا بالقـدر الضروري الذي يخدم مصـلحة سير العدالة، إذ يجب التوفيق بين مصـلحة المجتمع وضمـان تطبيق القانـون من ناحية وضمـان الحريات الفردية من ناحية أخـرى، لأن إساءة استخـدام الدليـل العلـمي عن طريق انتهاك حرمة الحياة الخاصة للأفراد قـد يفقـده القيمة القانـونية ويؤدي به إلى الاستبعاد.
سنحـاول في هذه الدراسة الإحاطة بمفهـوم الدليـل العلـمي عن طريق تحديد إطاره المفاهيمي وتحديد مـوقف الفقـه والتشـريع والقضـاء من مشـروعيته  وسنقتصر على جهاز كشف الكذب والتنويم المغناطيسي وفق التقسيم التالي:
الفقرة الأولى: الأدلـة العلـمية للإثبـات الجنـائي: جهاز كشف الكذب والتنويم المغناطيسي نموذجا
الفقرة الثانية: مشـروعية الدليـل العلـمي المستمد من جهاز كشف الكذب والتنويم المغناطيسي

الفقرة الأولى: الدليـل العلـمي المستمـد من جهـاز كشـف الكـذب والتنـويم المغنـاطيـسي

سنتناول في هذه الفقرة مفهـوم وفعالية جهـاز كشـف الكـذب والعوامـل المؤثرة فيه(أولا)، على أن نحدد طبيـعة ومفهـوم التنـويم المغنـاطيـسي وقيمته العلـمية والعملية(ثانيا).

أولا: مفهـوم جهـاز كشـف الكـذب والعوامـل المؤثرة فيه

إن أهم التقنيـات المستعملة في مجال التحقيق الجنائي تصبو إلى معـرفة مدى صدق أو كـذب المتـهم المـاثل أمـام هيئة التحقيق على اعتبـار أن الإنكار هو القاعدة والنسق الذي يعتمده الجاني لإبعاد التهمة عنه، كمـا أن المجـرم المحترف يتحلى بتقنية المراوغة والخداع وتضليل العدالة باستعمـال الكـذب والاحتيال. الشيء الذي أدى إلى التفكير في طريقة يتم على أساسها التغلب على كـذب الشخـص محل الاستنطاق، ومن الأسـاليب التي تم التوصل إليها نجد جهـاز كشـف الكـذب، والذي سنحـاول تحديد مفهـومه(أ) والعوامـل المؤثرة فيه(ب).

أ-مفهـوم جهـاز كشـف الكـذب

جهـاز كشـف الكـذب[1] هو جهاز يسجل ضغط الشرايين وحركة التنفـس وإفرازات العرق لشخص خاضع للاستجواب[2]، ويعتبر جهـاز كشـف الكـذب من أحدث الأجهـزة العلـمية التي يستعان بها في البحـث الجنائي ولاكتشاف الحالات التي يكـذب فيها الشخـص، وقـد أعد الجهـاز لرصد الاضطرابات أو الانفعالات النفـسية التي تعتري الإنسان إذا أثيرت أعصابه أو نبهت حواسه لأي مؤثر قـد يتأثـر به، كالخوف أو الخجل أو الشعـور بالمسؤولية أو الجرم، ويرصد الجهـاز كل التغييرات التي تحدث في التنفـس، وضغط الـدم، ودرجة مقاومة الجلد عند سريان تيار كهربائي خفيف فيه[3]وجهـاز كشـف الكـذب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم التنفـس: ويرصد تردد حالات الشهيق والزفير والتغيرات التي قـد تحدث في هذه الحركة، بسبب الانفعالات النفـسية التي قـد تطرأ على الشخـص المستجوب وتغير حجم الصدر. قسم ضغط الـدم: ويرصد التغيرات التي تحدث في ضغط الـدم بسبب الانفعالات والاضطرابات المختلفة التي تعتريه. قسم درجة مقاومة الجلد: ويرصد التغيرات التي تحدث في مقاومة الجلد لتيار كهربائي خفيف بسبب الانفعالات[4].
فأجهـزة كشـف الكـذب إحدى نتائج التقـدم الكبير الذي تحقق في علـم وظائف أعضاء الجسم، فقـد أثبت هذا العلـم أن الانفعالات الداخلية للإنسان تنعكس على هذه الوظائف في صورة تغيرات في نمط أدائها. ومن ذلك مثلاً التغير في ضربات القلب أو في معدل ضغط الـدم أو في إفراز اللعاب أو في سرعة التنفـس، وبقياس معدلات أداء أجهـزة الجسم لوظائفها في الظروف العادية للشخص ثم قياسها عند استجوابه يتضح مـا إذا كان هناك اختلاف بين الحالتين أم لا، ويعطي هذا الاختلاف إن وجد دلالة على أن هذا الشخـص لا يقول الحقيقـة وذلك على أساس مـا يثبت علـمياً من أن الإنسان في جنوحه إلى الكـذب أو إلى تغيير الحقيقـة يبذل جهداً غير عادي للسيطرة على حواسه، وينتج عن هذا الجهد غير العادي تغيير في معدلات الأداء العادية لأجهـزة الجسم [5].
ويطلق على جهـاز كشـف الكـذب polygraphe وهذه الكلمة تتألف من شقين: الشق الأول poly ومعناه الخطأ أو الكـذب أو الغش، والشق الثاني graphe ومعناه الرسم أو الصورة أو التسجيل[6]ويقصد به ذلك الجهـاز الالكتروني الدقيق الذي يستخدم لقياس النبضات المختلفة في جوارح الإنسان وتسجيل الذبذبات المتباينة في أعصابه وحواسه، وتحديد أوجه الخطأ أو الكـذب أو التضلل في أقواله وأفعاله، وتجرى اختبارات جهاز البوليغراف وفقا لقـواعـد وبرامج عملية مؤكدة ومعقـدة يشرف على إعدادها أساتذة متخصصون في علـم النفـس والاجتمـاع، ويتولى تنفيذها مجموعة من الخبراء المدربين على درجة عالية[7]وقـد عرفه بعض الفقه[8] بأنه عبارة عن آلة تقوم برصد وتسجيل بعض التحولات والتغيرات الفيسيولوجية من قبل الضغط الشرياني ومعدل التنفـس وإفرازات العرق والتي تصاحب انفعالات الشخـص المستجوب عند الإجابة عن أسئلة المحقق وتمكن من خـلال تحليل الرسومـات البيانية المسجلة بالجهـاز الاستدلال على أن الشخـص موضوع الاختبار كاذب أم صادق في أقواله.
وتقوم فكرة هذا الجهـاز على أساس استخـدام المؤشرات والدلائل الناجمة عن الانفعال للتمييز بين مـا هو حقيقي وصادق من أقوال المتـهم ومـا هو غير حقيقي، إذ يعتمد في عمله على قياس ثلاثة عناصر تتولد عن الانفعال، الأول: التنفـس لتسجيل مدى سرعته، والثاني: ضغط الـدم لقياس مدى علوه أو انخفاضه، والثالث: العرق ومدى تصببه.
وهذا الجهـاز هو عبارة عن كرسي بسيط يجلس عليه المستجوب وعلى كل المسندين رقائق من المعدن يضع عليها كفيه لقياس درجة تصبب العرق، إضافة إلى جهاز حول إبطه لقياس ضغط الـدم وأنبوبة تلتف حول صدره لقياس التنفـس، حيث يتم إحضار المستجوب وتوجيه الأسئلة له ومطالبته بالإجابة بنعم أم لا[9]وقـد ظهرت قـديمـا أولى محاولات كشـف الكـذب، حيث كان يطلب من الجاني أو الشاهد أن يلعق بلسانه قضيبا من الحديد المحمى على النار، فإذا احترق لسانه يكون دليلا على كـذبه، إذ أن الجاني الكاذب يخاف من افتضاح كـذبه فيجف ريقه نتيجة هذا الخوف فيحترق لسانه، كمـا أنه في الصين القـديمة كان يطلب من الشاهد أن يمضغ شيئا من الأرز المطحون ثم يبصقه بعد ذلك، فإذا كان مسحوق الأرز جافا فإن ذلك علامة على كـذب الشاهد، أمـا إذا كان لينا فهو دليل على صدقه[10].
وقـد ظهر جهـاز كشـف الكـذب سنة 1921 حيث أعلن جون لارسون عن استكمـال جهاز يسجل جملة متغيرات تظهر على الشخـص أثنـاء استجوابه، ومنها قياس ضغط الـدم والتنفـس إلى جانب قياس درجة المقاومة الكهربائية لجلد البشرة ورصد التغيرات التي تحدث عند مقاومة الجلد لتيار كهرباني خفيف خصوصا ارتعاشات الـدم وحركات الأطراف[11].

ب- العوامـل المؤثرة على صحة نتائج الجهـاز

تختلف العوامـل المؤثرة على صحة نتائج جهـاز كشـف الكـذب فمنها مـا هو مرتبط ببعض الصفات الشخـصية للإنسان، ومنها مـا يعود لبعض المؤثرات النفـسية المصاحبة له أثنـاء الاستجواب، وسنحـاول دراسة كل عامل على حدة.
- المؤثرات المرتبطة بالصفات الشخـصية من أهم الصفات الشخـصية المؤثرة في جهـاز كشـف الكـذب نجد الشخـصية العصابية nerveux، إذ غالبا مـا تصدر عن صاحبها انفعالات وتوتر واستجابات تلقائية في المواقف الصعبة، الشيء الذي يتطلب التمييز الدقيق بين هذه الانفعالات والانفعالات الآخـرى المعبرة عن الكـذب خصوصا تلك الصادرة عن شخص عصابي بريء حيث غالبا مـا تكون انفعالاته ناتجة عن خوفه من الزج به في السجن[12]وهناك النمط الطفلي type enfantin كشكل من أشكال التأثير على جهـاز كشـف الكـذب، حيث يتميز صاحب هذا النمط بالكـذب الاعتيادي وبشكل طبيـعي دون أن يصاحبه اضطرابات أو قلق، الشيء الذي يحول دون تسجيل أية انفعالات غير عادية عند الفحص، ولذلك يكون الجهـاز قاصرا أمـام هذا النمط من الشخـصية[13].
كمـا تجد شخصية أخـرى بالغة التعقيد والصعوبة وهي شخصية المختل عقليا، حيث أن فحصها أو عدم فحصها لا يأتي بأية نتيجة تذكر، إذ إجابات هذا النوع من الأشخاص تكون غير مترابطة وتخلو من دلالات واضحة ودقيقة[14].
- العوامـل النفـسية إلى جانب الصفات الشخـصية نجد بعض العوامـل النفـسية التي يعاني منها الشخـص تحت الاختبار مؤثرا على دقة النتائج التي يتم الحصول عليها من جراء الخضوع للتجربة أو لاختبار كشـف الكـذب، سواء كانت قبل الاستجواب أو بعده، ومن أهم هذه العوامـل نجد الخوف أو القلق والاضطراب والإرهاق إلى جانب الأمراض العقلية[15].
استجواب معتادي الإجرام
مـا يميز هذا النوع من المجـرمين هو عدم تمييزهم لمـا هو مباح ومـا هو مجرم، معتقـدين أن دورهم في الحياة ينحصر في إرضاء نزواتهم بغض النظر عن أية اعتبـارات قانـونية أو أخلاقية وغير مبالين بالقيم السائدة داخل المجتمع، وبالتالي فالكـذب بالنسبة لهؤلاء هو نوع من السلوك الطبيـعي الذي يتفق مع مفاهيمهم وفلسفتهم في الحياة، ولا يصاحبه أي تغير أو اضطراب انفعالي، الشيء الذي يعيق عمل الجهـاز حيالهم، مهمـا كانت براعة المحقق في صياغة الأسئلة[16].
ثانيا: مفهوم التنـويم المغنـاطيـسي
يقصد بالتنـويم المغنـاطيـسي عملية افتعال لحالة نوم غير طبيـعي، وإن كان اسمه يشير إلى وجود حالة نـوم طبيـعية، إذ لا وجود لحالة النـوم هذه، حيث يجبر الخاضع للتنويم على النـوم تحت تأثير الإيحاء، لذلك يوصف بأنه افتعال لحالة نـوم غير طبيـعي يصاحبه تغير في حالة النائم نفـسيا وجسمـانيا على النحو الذي تتغير معه إرادة الفعل الطبيـعي وملكاته العليا[17]، الشيء الذي ينتج عنه تقوية عملية الإيحاء لدى النائم وصيرورته سهلا في الانقياد فيفضي بأمور مـا كان سيفضي بها لو كان في كامل وعيه، إذ يترتب عن هذا التنـويم سيطرة الذات اللاشعـورية وانعدام اتصـال النائم بالعـالم الخارجي، حيث يقتصر اتصـاله على المنـوم ويخضع معه لارتباط إيحائي[18]ويرجع تاريخ نشأة التنـويم المغنـاطيـسي لآلاف السنين، حيث عثر لدى الفراعنة وثيقة عمرها ثلاثة آلاف سنة كتب عليها إجراءات التنـويم المغنـاطيـسي وذلك في معابد النـوم، وهي نفـس الإجـراءات المتبعة اليوم في التنـويم المغنـاطيـسي[19]، كمـا كان بمدينة "أبيدوس" باليونان القـديمة معبد اسكولابيوس Asculapuis إله الطب عند اليونان في تلك الحقبة، وكان الكهنة يستخدمون التنـويم المغنـاطيـسي ويقومون بجلسات تنويمية للمرضى قصد علاجهم من بعض الأمراض التي يشكون منها والتي عادة مـا تنتهي بالشفاء[20].
وقـد استخدم مصطلح التنـويم المغنـاطيـسي أول مرة من قبل الباحث الإنجليزي James Braid سنة 1743، حيث خلص من تجاربه التي أجراها أن للتنويم المغناطيسي طبيـعة فيسيولوجية، فسرها بأنها تثبيت النظر نحو شيء لامع يعمل على إحداث تخشب الجفنين لدى الفرد ممـا يؤدي إلى النـوم[21]، وقـد عمل على وضع مصطلحات جديدة للتنويم المغناطيسي مجردا إياه من الطابع المسمري[22]ويعود الفضل في إرساء قـواعـد التنـويم المغنـاطيـسي وفوائده العلاجية لمجموعة من العلـمـاء والأطباء الذين اعتمدوا على الأسس التي يقوم عليها علاج بعض الأمراض النفـسية، حيث أن الاهتمـام بالتنـويم المغنـاطيـسي على أساس علـمي لم يبدأ إلا مع الطبيبان الفرنسيان شاركوت وبرنهايم سنة 1880، وذلك في علاج المرض النفـسي المعروف بالهستيريا، وقـد أخذ منهمـا فرويد أصول التنـويم المغنـاطيـسي واستخدمه في علاج ذات المرض قبل أن يعلن نظريته المعروفة بنظرية التحليل النفـسي[23].
رغم أهمية التنـويم المغنـاطيـسي في علاج بعض الأمراض واستقصاء الحقائق إلا أن له أثـرا سلبيا على جسد الشخـص ونفـسيته، إذ من شأن استعمـاله إحداث أضرارا بجسم النائم مغناطيسيا، حيث أثبتت بعض الحالات أن هناك آثارا استمرت معه حتى بعد انتهاء عملية التنـويم، من ذلك مثل أن يأمره المنـوم بتنفيذ عمل معين أثنـاء نـومه فيقوم بتنفيذه، حتى بعد انتهاء مفعول التنـويم[24]، كمـا يحدث التنـويم مظاهر نفـسية لدى الشخـص منها فقـدان الذاكرة ونسيان بعض الأحداث إلى جانب فقـدان الإحساس وتصلب العضلات وتغيرات في الجهـاز العصبي وهي نسبية مقارنة بحالة الهيستيريا[25].
وهذه الحالات مؤقتة حسب آليات ودرجة التنـويم المغنـاطيـسي والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاث درجات متفاوتة:
1- درجة يسيرة وتسمى Somnofenz تتسم عمومـا بطابع الاسترخاء وشعـور النائم بالراحة والسلبية مع فقـدان جزئي للشعـور، كمـا يتضاءل فيها إحساسه بالألم بصورة تدريجية.
2- درجة متوسطة catale psie وهي حالة نـوم عميق مقترن بتصلب في الجهـاز العضلي يعمل المنـوم خـلالها على إحداث فراغ في شعـور النائم وملء هذا الفراغ، عن طريق الإيحاء إليه بصورة تؤثر على تصرفات معينة يقـدم النائم على فعلتها، وهي حالة تشبه حالة فقـدان الشعـور التي تنتاب شخصا يتعرض لصدمة عصبية يعبر عنها بحالة فراغ الشعـور.
3- somnambulimus وهي أعمق درجات التنـويم المغنـاطيـسي وهي حالة التجوال التنـويمي، حيث يمكن للنائم فتح عينيه والتجول والسير في ارتباط إيحائي مع المنـوم[26].
وتظهر أهمية التنـويم المغنـاطيـسي في كونه وسيلة من الوسـائـل المستخدمـة في مجال التحقيق الجنائي أثنـاء عمليات الاستجواب، إذ تبين عمليا أثـره الفعال على شخصية المتـهم عن طريق استجمـاع المعلومـات المخزونة في مكنونات نفـسـه وعقله[27]، وسؤاله عن تفاصيل دقيقة عن الجـريمة لا يمكن الوصول إليها بالأسـاليب العادية كمكان إخفاء جثة القتيل أو الأموال المسروقة...الخ

مشـروعية الدليـل العلـمي على ضـوء الفقـه والتشريع والعمل القضائي

أصبـح الاعتمـاد على الوسـائـل الناتجة عن الدليـل العلـمي أمرا أساسيا وضروريا باعتبـارها من أدق الوسـائـل علـميا، إلا أن الأخذ بها رهين بعدم مساسها بحقوق وحريات الأفراد بشكل مباشر أو ضمني، وهو مـا خلق جدلا في أوساط الفقـه حول حـدود مشـروعيتها والاستعانة بها، فمشروعية الأدلـة الجنائية يقتضي عدم قبول أي دليل تم الحصول عليه بطريقة غير مشروعة، حيث أن هذا المبدأ يقتضي مشروعية الإجراء كأساس لمشروعية الدليل في حد ذاته ومطابقة الدليل الناتج عن الإجراءات المطرية لأحكام القانـون، كأن يتيح للأجهزة القضائية وسلطات البحـث إمكانية اعتمـاده أو القيام به دون أن يكون فيه مساس بحرية الأفراد أو انتهاك لخصوصياتهم التي تكفلها الدساتير والقوانين بشأن الحياة الخاصة، وهذا مـا سنحـاول دراسته في هذه الفقرة.

الفقرة الثانية: مشـروعيــة الدليـــل العلـمي: التنويم المغناطيســي و جهاز كشــف الكــذب نموذجا

تباينت مواقف الفقه والتشريع والقضاء بشأن مشروعية كل دليل وذلك بالنظر لخطورة أثره وحـدود إيجابيات العمل به، وسنتناول في هذه الفقرة مختلف المواقف والآراء من مشروعية الدليل العلمي المستمد من التنويم المغناطيسي وجهاز كشف الكذب. كما أن الجدل الفقـهي القائم حول مشـروعية الدليـل العلـمي المستمـد من بعض الأسـاليب العلـمية الحديثة المؤثرة أساسا على حرية المتـهم أو المشتبه فيه من أجل تحديد حالة الإثبات الجنائي، انتقلت وأثـرت على مواقف المحاكم حول حـدود الأخذ بها والاعتمـاد عليها، وسنحـاول الوقوف عند أهم الأنظمة الجنـائية من أجل معـرفة مواقفها تشريعا وقضاء من مسألة مشـروعية الدليـل العلـمي، سواء فيمـا يتعلق بجهـاز كشـف الكـذب والتنـويم المغنـاطيـسي.
أولا: مشروعية التنويم المغناطيسي
أجمع الباحثون على رفض استخـدام التنـويم المغنـاطيـسي في الحصول على اعتراف المتـهم، إلا أنهم انقسموا إلى اتجاهين، الأول يرفض ويعارض استخـدام هذه الوسيلة في التحقيقات الجنـائية بشكل عام، وهو الاتجاه الغالب، واتجاه ثان يجيز استخـدامها في حـدود ضيقة ولكل حـججه وأسانيده.

أ‌-       الاتجاه المعارض

أجمع غالبية فقهاء القانـون على رفض استخـدام وسيلة التنـويم المغنـاطيـسي خلال كافة مراحل الدعوى الجنـائية، حتى ولو تم هذا الإجـراء بموافقة المتـهم أو بناء على طلبه من أجل إظهار براءته، وقـد اعتمد أصحاب هذا الاتجاه على مجموعة من المبررات والحـجج، وتتلخص أهمها في كون التنـويم المغنـاطيـسي وسيلة لقهر الإرادة وتعطيلها ووسيلة للإكراه المـادي، نتيجة الأثـر الذي يحدثه على جسم الخاضع ونفـسيته، كمـا أنه يشل إرادة ووعي الإنسان ويضعف حرية الاختيار لديه ويفقـدها أحيانا، وبالتالي فإن الرضا المسبق باستخـدام التنـويم المغنـاطيـسي يجعل اعتراف المتـهم اعترافا باطـلا لا يجوز الاعتمـاد عليه ولو تم بناء على طلب المتـهم[28].
كمـا عارض الأستاذ جرافن بشدة استخـدام هذه الوسيلة للحصول على الاعترافات من المتـهم، لأن المحقق بهذا يكون قـد قام بالبحـث في مكنونات المتـهم النفيسة ممـا يشكل اعتداء على شعـوره واعتداء على النفـس البشـرية الواجب احترامها[29]، كمـا أن الخاضع لهذا الإجـراء يتأثـر بإيحاءات المنـوم وغالبا مـا تأتي في أقواله صدى لمـا يوحى به إليه أو مـا يتردد على مسامعه وبالتالي تكون أفكار الخاضع للإجراء متفقة مع أفكار المحقق ولا يمكن تحت تأثير سيطرته إلا ترجمة رغباته وكأنه يوجهه في عملية الاستنطاق نحو مـا يرغب فيه[30]إن استخـدام هذا الأسلوب فيه مساس بحرية الإنسان النفـسية والمعنوية وهو محرم شرعاً. ومن الأصول المتفق عليها "أن المتـهم بريء حتى تثبت إدانته"، وفي هذا الأسلوب مـا يوحي بأنه مذنب حيث يستخدم هذا الأسلوب للكشـف عن مكونات أسراره داخل نفـسـه لا شعـورياً تحت تأثير إيحاء من ينـومه، وهذا يتضمن انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة للإنسان وخصوصياته. إن استخـدام هذا الأسلوب يعتبر تعدياً مـادياً يلحق بجسم الإنسان، ويؤثر على سـلامة دمـاغه وجهازه العصبي والحسي، ويلحق الضرر به. من الناحية الفنية فالتنـويم المغنـاطيـسي لم يحز الدرجة الكافية من الثقة العلـمية التي تضمن الحصول على المعلومـات الصحيحة، وبالتالي لا يمكن الاستناد إلى نتائجه في الإثبات أو بقاء حكـم الإدانة عليها وحدها، على اعتبـار أنه يؤدي إلى قطع الروابط المنطقية التي تتجمـع في البؤرة الفكـرية، فـبدلاً من أن نـصـل إلى الحقيقـة تقـابلنا أوهـام وتصـورات الجـزء الأكبـر منهـا نسجه الخيال[31].

ب‌-   الاتجاه المؤيد

يذهب أنـصار هذا الاتجاه إلى القول بإمكانية استخـدام هذه الوسيلة في التحقيق الجنائي لإثبات الفعل الجرمي رغم مـا أثير حوله من اعتراضات وانتقادات، إلا أنه –التنـويم المغنـاطيـسي- يظل وسيلة مشروعة متى أحسن استغلالها وبموافقة المتـهم الخاضع لها، إذ أن موافقة المتـهم على الاستجواب باستخـدام وسيلة التنـويم المغنـاطيـسي يحقق المصـلحة الفردية في تنفيذ رغبة المتـهم والمصـلحة الاجتمـاعية المتمثلة في توجيه التحقيق الوجهة السليمة والوقوف على دوافع الجـريمة[32].
كمـا أن اللجوء لهذه الوسيلة لا يتم إلا في حالة الضرورة وانعدام أي وسيلة إثبات آخـرى، وأن تقتصر فقط على الجـرائـم الخطيرة وبمعـرفة خبير مختص، وألا تعتمد لوحدها في إدانة المتـهم، بل يجب أن تعززها ظروف الدعوى من أجل التأكد من مدى مطابقتها للوقائع[33].
وحسب وجهة نظرنا، فإن الأخذ بهذه الوسيلة حسب هذا الاتجاه تتوقف على أمرين:
-أن يكشـف التنـويم المغنـاطيـسي عن أمور في مصـلحة المتـهم
-أن يكشـف عن أمور في غير مصلحة المتهم تسيء لمركزه القانـوني لا تكون كافية وحدها كدليل على الإدانة.
فإذا كانت النتائج المتوصل إليها بالاعتمـاد على التنـويم المغنـاطيـسي في مصـلحة المتـهم كتغيير الوصف القانـوني للجـريمة أو نفـسـها عنه فإن الأمر يصح وتثبت مشـروعيته، أمـا إذا كان الاعتمـاد عليها في غير مصـلحة المتـهم كأن تتضمن اعترافا للمتهم بارتكاب الجـريمة فإنه لا يعتد بها. إن الشخـص النائم نـومـا طبيـعياً تكون مسؤوليته عن تصرفاته الصادرة عنه أثنـاء نـومه مسؤولية منعدمة لنقص أهليته فهو غير مؤاخذ شرعاً، ولمـا كان الواقع تحت تأثير التنـويم المغنـاطيـسي أسوأ حالاً من النائم نـومـا طبيـعياً فهو غير مؤاخذ من باب أولى.
كمـا أن اعتمـاد إقرار المتـهم واعترافه لا بد أن يكون صادراً عن إرادة حرة وواعية، الشيء الذي لا ينطبق على هذه الحالة، وهذا الأسلوب يقلل من سيطرة الشخـص على إرادته ويعطل ملكة الانتباه عنده، حيث يكون عرضة للإيحاء بشكل مطلق ومن دون قيود، كمـا أن إرادته تتجه دائمـا إلى البوح بمكنوناته دون أي شعـور بالتردد[34].
فهذا الاتجاه وإن أيد الأخذ بهذا الدليل وأقر بمشروعيته في حـدود ضيقة، إلا أنه لم يتوانى عن إيراد بعض السلبيات المصاحبة لهذا الدليل والتي بمقتضاها تكون الاعترافات الصادرة عن المتهم ناقصة باعتبارها مشوبة بعيب الإرادة، الشيء الذي يقلل من قيمتها وحجيتها كوسيلة إثبات علمية، إذ أن هذا الاتجاه يحرص على استعمـال هذه الوسيلة متى كانت في مصلحة المتهم ونفي الجريمة عنه.
من خـلال تفحصنا لأغلب التشـريعات تبين لنا أن هذه الأخيرة لم يكن لها مـوقف صريح ومحدد بشأن هذه المسألة، فقـد أغفلت النـص صراحة على جواز أو منع استخـدام التنـويم المغنـاطيـسي في التحقيق الجنائي، إلا أن بعض التشـريعات نـصت صراحة على تجريم استخـدام هذا الأسلوب في مجال التحقيق الجنائي، ومن هذه التشـريعات نذكر على سبيل المثال التشـريع البرتغالي الذي نـص في المـادة 32 من الدستور على أنه:"اية أدلـة يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو الجبر أو المساس بسلامة الفرد المـادية أو المعنوية عن طريق التدخل التعسفي تكون باطـلة"، والمـادة 26 من نفـس الدستور تنـص على أنه:" لا يجوز بأي حال من الأحوال المساس بسلامة المواطنين المـادية والمعنوية"[35]، ومنع قانـون الإجـراءات الجنـائية البرتغالي في المـادة 1-261 على أي هيئة أو شخص مشترك في الدعوى الجنـائية التعرض بالأذى للمتهم سواء في إرادته او في قراراته عن طريق أعمـال التعذيب أو الإهانات الجسدية أو ممـارسة أي وسيلة كالتنـويم المغنـاطيـسي أو سلب الإرادة، والفقرة الأولى من المـادة 98 من نفـس القانـون نـصت صراحة على منع استخـدام مثل هذه الوسـائـل حتى ولو كان ذلك برضاء المتـهم تحت طائلة بطلان جميع الإجـراءات الناتجة عنه[36].
كمـا أخذ المشـرع الأرجنتيني بنفـس التوجه إذ منع استخـدام التنـويم المغنـاطيـسي في أي غرض من أغراض التحقيق، حيث نـصت المـادة 143 من قانـون الإجـراءات الجنـائية على منع استخـدام التنـويم المغنـاطيـسي كوسيلة علـمية في مراحل الدعوى الجنـائية، إذ يجب أن يتم سؤال المتـهم بطريقة واضحة لا لبس فيها مع عدم جواز توجيه أسئلة إيحائية أو مضللة إليه أو استخـدام طرق سالبة للإرادة كالتنـويم المغنـاطيـسي ومعاقبة كل من يقوم بمثل هذه الإجـراءات حسب المـادة 114 من نفـس القانـون بعقوبة سجنية من ثلاث إلى عشر سنوات على كل موظف عمومي يقوم بمباشرة هذه الأعمـال، وإذا نتج عن هذه التصرفات وفاة المتـهم كانت العقوبة هي الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات[37].
والتشـريع الألمـاني في قانـون الإجـراءات الجنـائية في المـادة 132 حرص على حمـاية المتـهم أثنـاء الاستجواب من جميع الوسـائـل التي يمكن أن تؤثر على إرادته أو حريته أو فيها مساس بكرامته كالتنـويم المغنـاطيـسي أو التحـليل النفـسي في التحقيق[38].
وهو نفس النهج الذي سار عليه المشرع السعودي من خلال تجريم استعمـال الإكراه ضد المتهم مع مراعاة احترام كرامته وآدميته وذلك في مـادته 102 من مشروع اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجنائية والتي سبقت الإشارة إليها.
وبمـا أن التنـويم المغنـاطيـسي في الاستجواب يعتبر من وسائـل الإكراه التي تشل الإرادة، وتفقـد الوعي فإن أي دليل يتم الحصول عليه بواسطة ذلك التنـويم لا يعتد به ولا بمـا يسفر عنه في الإثبات. كمـا أن فكرة الاستجواب تحت تأثير التنـويم المغنـاطيـسي تنطوي على اعتداء على شعـور المتـهم، ومكنون سره الداخلي، وفيها انتهاك لأسرار النفـس البشـرية الواجب احترامها، وخلاصة القول أن التشريعات التي تناولت هذا الإجراء لا تجيز استخـدامه سواء كان ذلك برضا المتـهم أو عدمه، لأنه يحتمل أن يكون رضاؤه ناتجاً عن خوفه من اعتبـار رفضه الخضوع للتنويم قرينة على إدانته، كمـا أن موافقة أو رضا المتـهم ليس له أي قيمة، لأنه لا يستطيع أن يتنازل عن الضمـانات التي كفلها له القانـون والمرتبط بحق الدفاع[39].
إضافة إلى ذلك نجد التشـريعين المصـري والجزائري اللذين أقرا ضمنيا عدم جواز الأخذ بهذا الإجـراء في مراحل التحقيق والبحـث من أجل الحصول على اعترافات المتـهم أو أقوال المشتبه فيهم عن طريق وسائـل تعدم معها إرادة الفرد، وهو نفـس التوجه الذي سار عليه المشـرع المغـربي إذ لم ينـص صراحة على عدم استعمـال هذا الجهـاز، إلا أنه نـص على عدم الأخذ بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو الإكراه حسب مدلول المـادة 293 من قانـون المسطـرة الجنـائية المغـربي[40]إلا أنه حسب وجهة نظرنا وفي ظل غياب نـص صريح يؤكد عدم اللجوء إلى هذا الإجـراء تبقى إمكانية استعمـاله قائمة خصوصا إذا كان يصب في مصـلحة المجتمع ومرتبطا بأفعال تتميز بالخطورة على أمن المجتمع واستقراره، شريطة مطابقة نتائجه بباقي وسائـل الإثبات الأخرى وظروف القضية باعتبـاره قرينة تؤكد مـا أسفرت عنه نتائج الأبحاث والتحقيقات.
كما أن القضاء يرفض استخـدام هذا الإجـراء بوجه عام، وذلك لعدم النـص على جوازه ومنع استعمـاله في بعض التشـريعات ومواجهة الفقـه له بشدة لمـا له من مس بإرادة الفرد وقياس حالته بالجنون والإكراه، وقـد استقر قضاء المحكـمة العليا الاتحادية للولايات المتحدة الأمريكية على وجوب أن يكون الاعتراف إراديا لكي يقبل في الإثبات إذ أن اعتراف شخص باختياره بارتكاب جـريمة ليس أمراً مـالوفاً، كمـا أكدت نفس المحكمة أن مقياس قبول الاعتراف في محاكم الولايات المتحدة الأمريكية ظل كمـا هو مستقر عليه في جميع المحاكم الأنجلوأمريكية منذ مـائتي عام وهو التأكد من صدور الاعتراف عن إرادة ويكون إرادياً عندمـا يكون صادراً عن حرية تامة واختيار مطلق[41]. وقـد استقر القضـاء الانجلوأمريكي على استبعاد الاعتراف الصادر والناتج عن التنـويم المغنـاطيـسي لأنه اعتراف غير إرادي والحصول عليه بهذه الطريقة فيه حرمـان للمتهم من حقوقه الدستورية[42]وقـد اعتبر القضـاء المصـري هذه الوسيلة غير مشروعة في مجال التحقيق الجنائي وأنها تعد من قبيل الإكراه الذي يؤثر على أقوال المتـهم الصادرة بناء عليه[43].
ثانيا: مشروعية  جهـاز كشـف الكـذب
إن جهـاز كشـف الكـذب هو من الوسـائـل العلـمية التي تطرح مشاكل خاصة في ميدان الإثبات الجنائي، خصوصا وأنه يستعمل للرقابة العلـمية على صدق مـا يصرح به الشخـص، وسنتطرق لمـوقف الفقـه من مشـروعية هذه الوسيلة، حيث ذهب فريق إلى تأييد استخـدام هذا الجهـاز، بينمـا رفضه جانب آخـر وأقر بعدم الاعتداد به وهو الفريق الغالب.

أ‌-       الاتجاه المؤيد

لقـد شاع استعمـال جهـاز كشـف الكـذب في الولايات المتحدة الأمريكية من طرف أجهـزة الشرطة وحتى لدى هيئات خاصة، كمـا أنه لم يلق تنديدا من الرأي العام الأمريكي، ومـا جعل هذا الأمر لا يعارض استعمـال هذا الجهـاز، كمـا أن استعمـاله في ميدان البحـث الجنائي حظي بتأييد هيئة المحامين في أمريكا إذ صرحت لجنة القانـون الجنائي لدى منظمة المحامين بشيكاغو ان جهـاز كشـف الكـذب lie detector له مكـانة بارزة في ميدان الإثبات الجنائي، وذلك نظرا للتأثير القضائي الذي يحدثه على الشخـص الذي تسيطر عليه هواجس تأنيب الضمير والشعـور بالذنب من جراء ارتكاب الجـريمة[44]وعليه فإن أنـصار هذا الاتجاه يرون أن جهاز كشـف الكـذب يعد وسيلة علـمية مفيدة يمكن الاعتمـاد عليها في كشـف الجـريمة وتوجيه مسار التحقيق الوجهة السليمة[45]، ناهيك أن المستجوب يظل متحفظا بكامل وعيه ممـا يمكنه من الصمت والامتناع عن الإجابة على الأسئلة المطروحة عليه، وفي حالة موافقة المتـهم على استعمـال جهـاز كشـف الكـذب، فله الحق في الاعتراض على استمرار التجربة معه بتمكينه من كافة الضمـانات التي كفلها له القانـون[46]، وبالتالي حسب مـا ذهب إليه البعض[47] فالجهـاز يصبح جائزا متى كان بموافقة ورضا صاحب الشأن ولا يحلق البطلان الاعتراف الصادر منه، إذ لم يكن وليد إجراءات تجعله كذلك، كتهديد المتـهم أو إكراهه قبل أو أثنـاء مباشرة الاختبار.
وتأييدا لهذا الاتجاه، يرى الفقيه جورف[48] أنه من غير المناسب أن يقف التعلق الأدبي بتقاليد الوظيفة القضائية التي ترسخت قـواعـدها على مر السنين عقبة في طريق التطور العلـمي على وجه يحول دون الاستفادة من كل جديد يمكن أن يعين المحقق في أداء واجبه بصورة أفضل، ولاسيمـا إذا كانت تلك السبل تؤدي إلى التأكد من صحة الأقوال التي يدلي بها المتـهم ولا تؤثر في حرية إرادته.
ويرى الأستاذ Indau أن النتائج العلـمية تشير إلى أن المحققين الذين يستخدمون هذا الأسلوب الفني الحديث في الاستجواب يحققون تفوقا أكبر مقارنة مع غيرهم من المحققين الذين يعتمدون الأسلوب التقليدي في الاستجواب، بالنظر للظروف التي يتم فيها استخـدام الجهـاز، فاستخـدام جهاز البوليجراف ليس بوسيلة ثانوية يلجأ إليها المحقق عند عجزه عن الكشـف عن الحقيقـة بالطرق التقـليدية، وإنمـا يجب استخـدامه دون أن يتعرض الشخـص لأية ضغوط[49].
ويرى Indau أن نتائج هذا الجهـاز تتسم بالصحة والدقة في حالة توافر الأطر البشـرية التي تستطيع استخـدام هذه الأجهـزة استخـدامـا أمثل وتفسير نتائجها والاستفادة منها في كشـف الحقيقـة بشكل صحيح.
وبالنسبة للخبرة في مجال استخـدام جهاز كشـف الكـذب، فإن أنـصار هذا الاتجاه يرون أن هذا الإجـراء لا يعدو عن كونه عملا من أعمـال الخبـرة الجنـائية، شأنه شأن غيره من المسائل الفنية التي يتوقف عليها سير التحقيق أو الفصـل في الدعوى، والتي كثيرا مـا يكون متعذرا على القـاضي أو المحقق أن يقطع فيها برأي من نفـسـه دون الرجوع بشأنها إلى ذوي الخبـرة، كمـا هو الشأن في مضاهاة البصمـات وتحليل عينات الـدم وغيرها... كمـا أن أعمـال الخبـرة على مختلف مستوياتها خاضعة في نهاية المطاف لتقـدير قاضي الموضوع، وفقا لاقتنـاعه الشخـصي، فله وحده كلمة الفصـل تأسيسا على القاعدة التي تقضي بأن القـاضي خبير الخبراء، ومع ذلك فإن هذا المبدأ قـد تعرض للتجريح والنقـد من جانب الفقـه المعاصر بدعوى أن القـاضي من الناحية العلـمية لا يمكنه تجاوز رأي الخبير الذي يظل مهيمنا على وجدان القـاضي والموجه لعقيدته، فهذا الأخير مـا كان يلجأ لأهل الخبـرة لو لم يشعر بقصوره وعدم قـدرته على الخوض في المسائل الفنية[50]ومع هذا، فإن جانب من الفقـه[51] يقبل باستخـدام جهـاز كشـف الكـذب كمبدأ عام بعد إحاطته ببعض الضمـانات والضوابط منها أن يكون الخبير على درجة عالية من الكفاءة على المستويين العلـمي والتحقيقي، والتحلي بالصبر والمروءة والهدوء والاتزان. وبالتالي فنجاح هذا الجهـاز للوصول لنتائج صحيحة يرتكز على الخبير الكفء وأن يكون ملمـا بعلـم النفـس ووظائف الأعضاء وله خبرة طويلة بالتحقيق والاستجواب[52]غير أنه في حالة تعسف الخبير وإساءته استخـدام الجهـاز كاللجوء إلى تهديد الشخـص أو تخويفه فإن الإجـراء يعتريه البطلان[53]، ومع ذلك يجوز قبول مـا يسفر عنه من نتائج بصفة استثنائية، خلافا للقاعدة الإجرائية القائلة مـا بني على باطـل فهو باطـل، وذلك من باب ترجيح المصـلحة العامة، دون الإخـلال بمساءلة الموظف المخالف إداريا وجنائيا إذا اقتضى الأمر[54].
وفي نفـس الصدد يرى الأستاذ ليفاسير levasseur أن الدلائل المستخلصة من استخـدام هذا الجهـاز هي مؤشرات يتعين على القـاضي التعامل معها بمنتهى الحذر والحرص وبالتالي لا ينبغي طرحها آليا بدعوى أن استخـدام الجهـاز فيه اعتداء على حقوق الإنسان وحقه في الدفاع على الكرامة الإنسانية، وفي نفـس الوقت عليه أن يعول على نتائجه كليا[55].

ب‌-   الاتجاه المعارض

رغم المحاولات المبذولة لإبراز أهمية استخـدام جهـاز كشـف الكـذب في مجال الإثبات الجنائي، إلا أنه تعرض لحملات ضاربة تستنكر استخـدامه في أعمـال الإثبات الجنائي وترفض الدليـل المستمد من تجاربه مهمـا بلغ من القوة والوضوح ونادى معارضو استخـدام هذا الجهـاز بوقف الاستعانة به[56]. وبالتالي فإن أغلب الفقـه[57] يرفض استخـدام جهـاز كشـف الكـذب وحجتهم في ذلك أن نتائج استعمـاله غير محققة،...


من أجل اتمام المقال المرجو تحميله أسفله


[1] - أولى المحاولات العلـمية لكشـف الكـذب كانت عام 1875م حيث ابتدأ العـالم موسو يستخدم العلـم لكشـف الكـذب فابتدأ بطريقة التداعي اللفظي واستخدم في ذلك ساعة رصد، وأعد نحو مـائة كلمة معروفة من بينها ثلاثون أو أربعون كلمة تتعلق بموضوع الاختبار، ثم توضع هذه الكلمـات في أسئلة توجه إلى الشخـص المختبر ويرصد زمن كل إجابة ويستنتج الكـذب من التأخير في الرد على الأسئلة المشتملة على الكلمـات المتعلقة بموضوع الاختبار، وظهر بعدئذ جهاز الرصد ضغط الـدم والتغييرات التي تطرأ عليه بسبب الانفعالات النفـسية.
 وأجرى العلـمـاء عدة تجارب آخـرى لمعـرفة العلاقة بين الحالة النفـسية وحركة التنفـس، وظهر جهاز عبارة عن اسطوانة حلزونية من السلك مكسوة بغلاف دقيق من المطاط تربط على الصدر، بحث تحدث أقل حركة في التنفس أثـرا في طول الاسطوانة، فتنكمش أو تنفرد فيؤثر حجم الهواء داخل الأنبوبة في مؤشر يرصد هذا الزفير على شكل خطوط.
وابتدأ لومبروزو في عام 1904م يستخدم جهازاً لقياس ضغط الـدم وتغييره عند الانفعالات النفـسية، وبجانب هذه التجارب تعددت المحاولات لرصد التغييرات التي تحدث من أثر تلك الانفعالات النفسية في حركة العين والصوت ودرجة الحرارة، ودرجة مقاومة الجلد لسريان التيار الكهربائي الخفيف فيه، وتأثر هذه المقاومة بالحالة النفـسية للشخص. حتى جاء ليونارد كلير فكان أو من فكر في تجميع بعض هذه الأجهزة في جهاز واحد، ويرصد حركات التنفس وضغط الدم ومقاومة جلد الإنسان بتيار كهربائي خفيف. واستخدم هذا الجهاز في كشف الكذب، وأنشأ سنة 1926م أول مدرسة لتعليم طريقة العمل به في الولايات المتحدة الأمريكية، ويرتكز نجاح الجهاز قبل كل شيء على الخبير الكفء لإجراء هذه التجارب وتفسير نتائجها، ويقتضي إلماما كافياً بعلم النفس ووظائف الأعضاء وخبرة طويلة بالتحقيق والاستجواب.
انظر الملا صادق سامي، اعتراف المتهم أثنـاء التحقيق، مجلة الأمن العام، يناير 1972، ص: 128.
 [2]- محمد زكي أبو عامر، الإثبات في المواد الجنـائية، طباعة الفنية للنشر، بدون سنة النشر، ص: 122.
[3] - سامي صادق الملا، م س، ص: 128.
[4] - سامي صادق الملا، م س، ص: 129.
[5] - عمر الحسني الفاروق، تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف، دون ذكر مكان النشر، ط 1986، ص: 148.
[6] -Jean Suisini, un chapitre nouveaux de police scientifique, la détection objective du mensonage, revue de science et de droit pénal, 1960, N° 2, p: 326.
[7] - بوادي محمدي حسنين، الوسـائل العلـمية الحديثة في الإثبات الجنائي، كلية الشرطة، منشأة المعارف، الإسكندرية، ط 2، 2005، ص: 12.
[8] - حمود راجح محمد، حقوق المتهم في مرحلـة جمع الاستدلالات بين الشريعة والقوانين الوضعية، رسالة دكتـوراه، كلية الحقوق، القـاهـرة، 1992، ص: 587.
[9] - أحمد محمد خليفة، مصـل الحقيقـة وجهـاز كشـف الكـذب، المجلة الجنـائية القومية، العدد الأول، مصـر، 1967، ص: 98.
[10] - الهيثي مرهج محمد حمـاد، الموسوعة الجنـائية في البحـث والتحقيق الجنائي للأدلـة الجنـائية المـادية، دار الكتب القانـونية، مصـر، ط 1، 2008، ص: 387.
[11] - محمد مصطفي الدغيدي، اعتراف المتهم، دراسة مقارنة، رسالة دكتـوراه، دار النهضة العربية، القـاهـرة، 1969، ص: 254
[12] - زيدان عبد الحميد عدنان، ضمانات المتهم والأساليب الحديثة للكشف عن الجريمة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، القاهرة، 1982، ص: 178.
[13] - جميل عبد الباقي الصغير، أدلـة الإثبات الجنائي والتكنولوجيا الحديثة، (أجهـزة الرادار – الحاسبات الآلية – البصمة الوراثية)،  دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القـاهـرة، 2001، ص: 120.
[14] - جميل عبد الباقي الصغير، م س، ص: 372
[15] - جميل عبد الباقي الصغير، م س، ص: 373.
[16] - النبراوي سامي محمد، استجواب المتهم، رسالة دكتـوراه، جـامعـة عين شمس، كلية الحقوق، دار النهضة العربية، 1991، ص: 93.
[17] - عطوف محمود ياسين، دراسات سيكولوجية، مؤسسة نوفل، بيروت، لبنان، 1981، ص: 106.
[18] - الهيثي مرهج محمد، الموسوعة الجنائية في البحث والتحقيق الجنائي والأدلة المادية الجنائية، دار الكتب القانونية، مصر، ط 2008، ص: 400.
[19] - البرشاوي شهاد، الشهادة والزور من الناحيتين القانـونية والعلـمية، رسالة دكتـوراه، دار الفكر العربي، القـاهـرة، 1982، ص: 324.
[20] - أرحومة مسعود موسى، قبول الدليـل أمـام القـاضي الجنائي، دراسة مقارنة، رسالة دكتـوراه، منشورات جـامعـة قاريونس، بنغازي، ليبيا، ط 1، 1999، ص: 117.
[21] - المحجوب زواوي، التنويم المغناطيسي بين النظرية والتطبيق، بحث في فعاليات وتوظيف الإيحاء التنويمي، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، 1995، ص: 23.
[22] - الطابع المسمري: يرجع إلى الطبيب النمساوي "فرنز مسمر" الذي كان قـد وضع نظرية المغناطيسية الميدانية، للمزيد من المعلومـات يرجع إلى: عبيد رؤوف، ظواهر الخروج من الجسد أدلتها ودلالاتها، ط 1، 1975، دار الفكر العربي، ص 110.
[23] ارحومة مسعود موسى، م س، ص: 119.
[24] - الطوخي سيد عبد الفتاح، النجاح في علوم النفـس والتنويم والأرواح، ج 1، مكتبة العلوم الفلكية، بيروت، لبنان، 1994، ص: 44.
[25] - حمود رابح محمد، حقوق المتهم في مرحلـة جمع الاستدلالات بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، رسالة دكتـوراه، ط 1992، ص: 441.
[26] - احمد فريد القـاضي، الاستجواب اللاشعـوري، بحث مقـدم في اليوم الدراسي الثاني المنعقـد بالمركز القومي للبحوث الاجتمـاعية والجنـائية بشأن كشـف الجـريمة بالوسـائـل العلـمية، الرياض، 1956، ص: 29.
[27] - الغمـاز إبراهيــــم، اكتشاف الكـــذب بواسطة وسائـل البحـــث الحديثة، مجلة الداخلية(الكويــت)، العـدد 256، أكتوبر 1984، ص: 24.
[28] - غانم عادل حافظ، الوسـائـل العلـمية في كشـف الجـريمة، مشـروعيتها حجيتها، مداخلة تحت عنوان: الآفاق الحديثة في تنظيم العدالة الجنائية، يوم دراسي منعقد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القـاهرة، 04-05 ماي 1980، منشورات المركز، ص: 284.
[29] - القـاضي فريد أحمد، الاستجواب اللاشعـوري، مداخلة ألقيت في اليوم الدراسي المنعقـد بالمركز القومي للبحوث الاجتمـاعية والجنـائية تحت عنوان: الكشـف عن الجريمة بالوسائل العلمية، بتاريخ أبريل 1976، منشور بالمجلة العربية لعلوم الشرطة، وزارة الداخلية المصـرية، القـاهـرة، عدد 28، 1977، ص: 28.
[30] - سامي النبراوي محمد، م س، ص: 489.
[31] - عمر الفاروق الحسيني، م س، ص: 148.
- النبراوي، م س، ص: 486.
- سعود بن سعد الدريب، مـوقف الشرع الإسلامي من استخـدام الوسـائـل النفـسية في الكشـف عن الجـريمة، كتاب استخـدام الوسـائـل النفـسية في الكشـف عن الجـريمة، دون طبعة دون مطبعة، ص: 301.
[32] - مصطفي محمد الدغيدي، التحريات والإثبات الجنائي، شركة ناس للطباعة، ط 2000، ص: 284.
[33] - إبراهيم محمود حسين، التحريض الشرطي وآثاره على المسؤولية الجنـائية، دار الجـامعـة الجديدة، 1997، ص: 114.
 [34] - مصطفي محمد الدغيدي، م س، ص: 284.
 [35] - قـدري الشهاوي، م س، ص: 200.
[36] - علي حسن السمني، شرعية الأدلـة المستمدة من الوسـائـل العلـمية، رسالة دكتـوراه، جـامعـة القـاهـرة، مصـر، 1983، ص: 359.
[37] - نجاد محمد راجح، حقوق المتهم في مرحلـة جمع الاستدلالات بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، دار المنار، القـاهـرة، مصر، ط 1، 1994، ص: 516.
[38] - محمد سامي النبراوي، استجواب المتهم، دار النهضة العربية، القـاهـرة، 1968، ص: 488.
 [39]- أحمد عوض غنيم، م س، ص: 185
[40] - تنـص المـادة 293 من ق م ج م على أنه: "يخضع الاعتراف كغيره من وسائل الإثبات للسلطة التقديرية للقضاة.
لا يعتد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو الإكراه.
وعلاوة على ذلك، يتعرض مرتكب العنف أو الإكراه للعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي".
[41] - Bouzat patrick, les procèdes nouveaux d’investigation et la protection des droits de l a défense, rev des sciences criminelles et de droit pénal, comp, 1959 ; p: 15.
 - [42]جمـال الدين العطيفي، الحمـاية الجنـائية للخصومة، رسالة دكتـوراه، جـامعـة القـاهـرة، 1965، ص: 42 – 53.
[43] - ممدوح خليل بحر، حمـاية الحياة الخاصة في القانـون الجنائي، دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1996، عمـان، ص: 522.
[44] - مروان محمد، م س، ص: 451.
[45] - النبراوي محمد سامي، م س، ص: 491.
[46] - غانم حافظ عادل، م س، ص: 245.
[47] - خليفة محمد أحمد، مشـروعية التسجيل الصوتي في التحقيق الجنائي، مجلة الأمن العام، عدد 1، أبريل 1958، ص: 100.
[48] -Gorphe François, pent on réaliser une justice scientifique, rev international de criminel et de pol scientifique, 1950, p: 83.
[49] - Indou (F), lie detection and criminal interrogation, Baltimore, 1953, p: 55.
[50] - أمـال عبد الرحيم عثمـان، الإثبات الجنائي ووسائـل التحقيق العلـمية، م س، ص: 306.
[51] - الملا صادق سامي، اعتراف المتهم أثنـاء التحقيق، مجلة الأمن العام، يناير 1972، ص: 131.
- عزيز محمد، الاستجواب في مرحلـة التحقيق الابتدائي ومدى مشروعية قـواعده العملية ووسائـله العلمية، مطبعة بغداد، 1986، ص: 59.
[52] - الملا صادق سامي، م س، ص: 131.
[53] - سليمـان عبد المنعم، أصول الإجـراءات الجزائية في التشـريع والقضـاء والفقـه، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط 1997، القاهرة، ص: 554.
- عبد الحكيم فودة، الموسوعة المـاسية في المواد المدنية والجنـائية، ج 4، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، ط 1998، ص: 491-495.
[54] - ارحومة مسعود موسى، م س، ص: 172.
[55] - Levasseur, les méthodes scientifiques de la recherche de la vérité colloque sur les méthodes scientifiques de la recherche de vérité, Abidjan 10-16 janvier 1972, rev international, N° 3-4, p: 336 et suiv.
[56] - بوادي محمدي حسنين، م س، ص: 166.
[57] - مصطفي مجدي هرجة، الإثبات في المواد الجنائية في ضوء أحكام محكمة النقض، ديوان المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، ط 1992، ص: 44.
[58] - محمد محي الدين عوض، حقوق الإنسان في الإجـراءات الجنـائية، دون ذكر مكان النشر، ط 1989، ص: 296.
- محمود محمود مصطفي، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، ط 11، 1976، ص: 91 ومـا بعدها.
[59] - عمر الحسني الفاروق، م س، ص: 149.
[60] - عدلي خليل، اعتراف المتهم فقها وقضاء، دار الكتب القانـونية، ط 2004، ص: 93.
[61] - عبد الحميد الشواربي، البطلان الجنائي، منشأة المعارف بالإسـكنـدرية، دون تاريخ، ص: 35.
[62] - الملا صادق سامي، م س، ص: 135.
[63] - حسين محمد حمحوم، موسوعة العدالة الجنائية، ج 4، الاستجواب والاعتراف وشهادة الشهود، المكتب الفني للإصدارات القانـونية، ط 2004، ص: 123.
[64] - مروان محمد، م س، ص: 453.
[65] - حسين محمد إبراهيم، النظرية العامة للإثبات العلـمي، دار النهضة العربية، القـاهـرة، مصـر 1981، ص: 142.
[66] - زيدان عبد الحميد عدنان، م س، ص: 223.
[67] - نفـسـه، ص: 228.
[68] - الحسيني عمر الفاروق، تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف، ط 1988، م س، ص:  54
[69] - زيدان عدنان عبد الحميد، م س، ص: 95.
[70] - Seminal on the protection of humain rights in criminal procedure, Vienne (Austria) 20 June to 4 July, united nation, Newyork, p: 76
[71] - تنـص الفقرة الأولى من المـادة 88 من قانـون المسطـرة الجنـائية المغـربي على مـا يلي:"يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر في أي وقت باتخاذ جميع التدابير المفيدة وأن يقرر إجراء فحص طبي أو يكلف طبيبا بالقيام بفحص طبي نفساني..."
[72]  -  تنـص المـادة 89 من ق م ج م على أنه:"يمكن للنيابة العامة عند وضعها ملتمس فتح التحقيق أن تطلب من قاضي التحقيق القيام بكل إجراء مفيد لإظهار الحقيقـة، وبأي إجراء ضروري للحفاظ على الأمن وخاصة وضع المتهم رهن إشارة العدالة.
يمكنها أن تطلب بملتمسات إضافية للقيام بنفس الإجراءات أثناء مراحل التحقيق إلى غاية إنهائه.
ويمكنها لنفس الغاية أن تطلب تسليمها ملف الإجراءات شريطة إرجاعه إلى قاضي التحقيق في ظرف 24 ساعة.
يتعين على قاضي التحقيق إذا ارتأى ألا موجب للقيام بالإجراءات المطلوبة من طرف النيابة العامة، أن يصدر بذلك أمرا معللا خلال الخمسة أيام الموالية لتقـديم ملتمس النيابة العامة، مع مراعاة الفقرة الأخيرة من المـادة 134 من هذا القانـون".
[73] - حسين المحمدي بوادي، م س، ص: 171.
[74] _ نبيل ناجي الزعبي، بعض الأسـاليب الحديثة في التحقيق الجنائي ومشـروعيتها، محل نقابة المحاميين لسنة 1971، ص 321.
[75] - إبراهيم حسني محمود، م س، ص: 134.
 [76] - نفسه، ص: 135.
[77] - نفـسـه، ص: 136.
[78]- قـدري الشهاوي، م س، ص: 195.
[79] - سامي صادق الملا، م س، ص: 131.
[80] - حسني الجندي، أحكام الدفع ببطلان الاعتراف في ضوء قضاء محكـمة النقـض، دار النهضة العربية، القـاهـرة، 1998، ص: 813.
[81] - النبراوي، م س، ص: 496.

من أجل تحميل هذا المقال على شكل PDF - إضغط هنا أسفله

9anonak