آلية المنع البنكي في التشريع المغربي - بنقدور بلال


9anonak
آلية المنع البنكي في التشريع المغربي


آلية المنع البنكي في التشريع المغربي
من إعداد: بنقدور بلال
باحث بمسلك ماستر تجارة والاعمال


مقدمة :
 يلعب الشيك دورا مهما في تشجيع حركية رؤوس الأموال وإخراجها من الجمود ووضعها في التداول عبر فتح أصحاب هذه الأموال لحسابات بنكية لدى مختلف المؤسسات البنكية، والتصرف فيها بواسطة شيكات تضعها هذه الأخيرة رهن إشارتهم، تشكل وسلة أداة ووفاء تساعدهم على تسوية معاملاتهم المدنية والتجارية دون حاجة لاستعمال النقود[1].
 فقد عرف المشرع الفرنسي الشيك بكونه " صك مكتوب في شكل أمر بالدفع يتمكن بمقتضاه الساحب او الغير من قبض النقود المقيدة بذمة الساحب في حسابه لدى المسحوب عليه"[2].
 أما المشرع المغربي لم يعرفه بل عرفه الفقه بأنه " صك محرر من قبل شخص هو الساحب يأمر فيه مصرفا هو المسحوب عليه بان يدفع مبلغا من النقود عند الاطلاع لمصلحة شخص آخر هو ثالث هو المستفيد أو لمصلحة الشخص الذي سوف يعينه المستفيد أو الحامل"[3]
 كما تم تعريفه بكونه " محرر صرفي قابل بطبيعته للتداول، كاف بذاته يتضمن بالضرورة أمرا فوريا غير معلق على شرط، فضلا عن بيانات معينة عددها القانون، يصدره شخص يسمى مصدر الشيك أو الساحب إلى البنك هو المسحوب عليه، بان يدفع لدى الاطلاع عليه للمستفيد المعين فيه أو لإذنه أو لحامله مبلغا نقديا معينا.[4]
 وقد ازدادت أهمية الشيك خصوصا بعدا جعل المشرع المغربي من بين التزامات التاجر فتح حساب بنكي في مؤسسة بنكية أو في مركز الشيكات البريدية والتجارية، وذلك طبقا للمادة 18 من مدونة التجارة[5]، كما اوجب على التجار وفاء جميع المعاملات التي تتم بينهم سواء بواسطة شيك مسطر او بتحويل إذا زاد المبلغ عن 20 ألف درهم وذلك تحت غرامة لا يقل مبلغها عن 6 بالمائة من مبلغ الموفى[6]، لهذا أصبح الشيك يلعب أدوارا طلائعية اقتصاديا واجتماعيا خاصة في مجال تسهيل المعاملات المالية، الذي ظلت منسجمة مع وظيفته الرئيسية وهي الوفاء بمجرد الاطلاع، وكل شرط يخالف ذلك يعتبر باطلا[7]، مما يعزز الثقة الكاملة للحامل في التعامل بالشيك.
 وقد عمل المشرع على توفير الحماية القانونية لحامل الشيك وتأمين حقه في الحصول على مقابل الوفاء وذلك على عدة مستويات، على مستوى الضمانات الصرفية الخاصة التي يوفرها قانون الصرف ولا على مستوى الحماية المدنية إذا أعطى المشرع للحامل الحق بالمطالبة بحقه تجاه الساحب إذا لم يقدم مقابل الوفاء بقيمة الشيك يوم التقديم رغم توفر المؤونة وبدون موجب قانوني، وأيضا على مستوى ثالث، وهي الحماية الجنائية[8]، التي يتميز بها الشيك دون غيره من الأوراق التجارية بالنظر إلا انه أداة وفاء.
 ونظرا لصلة الوثيقة بين الشيم والبنك، الذي دائما هو المسحوب عليه، فقد خول المشرع المغربي سلطة إنزال جزاءات مدنية على الساحب المخل بالوفاء وذلك بتطبيق نظام المنع البنكي، والذي هو عقوبة مؤقتة تزول بممارسة رخصة التسوية. لذلك نتساءل عن الإطار القانوني للمنع البنكي؟ وما هي مسطرة ونطاق تطبيقه؟ وآثاره؟
 لذلك ارتأيت تقسيم الموضوع إلى مطلبين:
  المطلب الأول: ماهية المنع البنكي
  المطلب الثاني: مسطرة تسوية المنع البنكي وخرقه

المطلب الأول: ماهية المنع البنكي
 أفرد المشرع المغربي لنظام المنع البنكي عدة مقتضيات قانونية تؤطره وتنظمه، والتي على أساسها سنناقش مفهومه( أولا)، وشروط ومسطرة تطبيقه ( ثانيا).
 أولا : مفهوم المنع البنكي:
  لم يعرفه المشرع المغربي بل ترك ذلك للفقه، حيث عرفه البعض[9] بأنه إجراء يقتضي من البنك بمجرد ما يلحظ انعدام رصيد شيك قدم له لاستخلاص مبلغه منع الساحب من إصدار والتعامل بالشيكات لمدة عشر سنوات، وعرفه البعض[10]بكونه حرمان صاحب حساب لدى مؤسسة بنكية أو هيئة مماثلة أو بريدية، من حقه في التعامل أو استعمال الشيكات دون قيد أو شرط خلال مدة معينة نتيجة إخلاله بالوفاء لعدم وجود المؤونة أو عدم كفايتها.
 نستنتج أن المنع البنكي[11]هو وسيلة وقائية وزجرية وضعها المشرع في يد البنك لمواجهة تحديات انتشار الشيكات بدون مؤونة، وشروط المنع لا تخرج عن ثلاث شروط وهي:
-         يجب أن يصدر الساحب شيكا دون توفير مؤونة.
-         امتناع البنك عن الوفاء بقيمة الشيك عند تقديمه.
-         يجب أن يكون امتناع البنك عن الوفاء بسبب عدم توفير مؤونة أو عدم كفايتها.
 ومن خلال مدونة التجارة[12]وتعاريف الفقه، نجد أن هناك اختلاف بين المنع البنكي والمنع القضائي، أولها هو أن إجراء المنع البنكي هو إجراء وجوبي بمجرد تحقق شروط المنع يلزم البنك من اتخاذ مسطرة تطبيقه، وذلك بمنع الساحب من إصدار الشيكات، وعلى خلاف المنع القضائي الذي هو إجراء جوازي، حسب المادة 317 التي بدأـ بعبارة " يجوز.."[13]، كما يختلف المنع البنكي في كونه يطال الساحب المخل بالوفاء وكذلك شركائه في الحساب الجماعي، في حين أن المنع القضائي يطال الساحب فقط طبقا لمبدأ شخصية العقوبة، وأيضا هو أوسع نطاق من المنع البنكي حسب المادة 316 بمقتضاها يطبق في مناسبات عديدة، فهو يطال الساحب الذي اغفل أو لم يقم بمؤونة الشيك قصد أداءه عند تقديمه ويطال ساحب الشيك المعترض بصفة غير قانونية لدى المسحوب عليه، وأيضا من زيف أو زور شيكا وكل من قام عن علم بقبول تسلم شيك مزور أو مزيف أو بتظهيره أو قام بضمانه ضمان احتياطيا، وكل شخص قام عن علم أو حاول استعمال شيك مزور أو مزيف، وايضا كل شخص قام عن علم بقبول أو تظهير شيك أن لا يستخلص فورا أو يحتفظ به على سبيل الضمان[14].
 ثانيا: نطاق ومسطرة تطبيق المنع البنكي:
 خول المشرع المغربي لساحب المخل بالوفاء والخاضع لنظام المنع البنكي إمكانية إصدار الشيكات من اجل سحب ما أودعه لدى البنك، وأيضا نص المشرع " على انه يجب على المسحوب عليه أن يؤشر بالاعتماد على الشيك إن كانت له مؤونة وطلب الساحب أو الحامل منه ذلك، وتبقى مؤونة الشيك المعتمد مجمدة لدى المسحوب لدى المسحوب عليه (البنك) وتحت مسؤوليته لفائدة الحامل إلى حين انتهاء اجل تقديم الشيك المعتمد للوفاء"[15]، وهنا يتضح أن المشرع المغربي استثنى بعض أنواع الشيكات من تطبيق المنع البنكي ويتعلق بشيكات المعتمدة وشيكات السحب. والسبب هو انتفاء عنصر الإضرار بالغير، وأيضا أنها لا تخلق أي إشكال مادامت مؤونة الشيك معتمدة ومجمدة لدى البنك وتحت مسؤوليته لفائدة الحامل إلى حين تقديم الشيك للوفاء، من هنا نرى أن البنك المعتمد وسيلة فعالة للحد من ظاهرة إصدار الشيك بدون رصيد[16].
 أما فيما يخص الشيك البريدي[17]، وان كان غير خاضع لمقتضيات مدونة التجارة بخصوص تنظيمه القانوني، إلا انه فيما يتعلق بضمانات الوفاء وحماية المتعاملين سواه المشرع بالشيك البنكي، وتطبق بشأنه المقتضيات المواد من 311 إلى 318 الصادرة وفقا للشروط المنصوص عليها في المواد والتي لا يقع الوفاء بها عند نهاية اليوم الثامن الموالي لتوصل مكتب الشيكات بها.
 وحددت مدة تطبيق المنع البنكي في 10 سنوات، التي تشكل علامات القسوة وشدة، والتي لاقت معارضة من جانب الفقه[18]معللا" لا جدوى لاقتباس مدة 10 سنوات من القانون الفرنسي، لانها لا تستجيب وواقعنا الذي يستلزم  من الليونة دون التضحية بالصرامة عند فشل مسطرة التسوية، أو خرق المنع البنكي، إذ أن المغرب غلى عكس فرنسا يحتاج إلى تشجيع الأداء بالشيكات "، أما جانب من الفقه فيرى أن لها ما يبررها إذ أن المشرع يرغب أن يجعل البنك شرطي خاص بالشيكات حماية لها وللائتمان وجمهور المتعاملين.
 وتجدر الإشارة على أن المشرع وسع نطاق المنع البنكي للحساب البنكي، والذي اصبغ عليه الصبغة الموضوعية كاستثناء، أما المنع القضائي إذا تعلق الأمر بحساب جماعي مشترك، فانه لا يطال إلا المخل بالوفاء وحده دون غيره استنادا لمبدأ شخصية العقوبة.
 ويمر تطبيق نظام المنع البنكي بعدة إجراءات يجب على البنك إتباعها بمجرد ما ترفض أداء شيك بسبب عدم توفر المؤونة أو عدم كفايتها، تكون ملزمة بالتصريح بعارض الأداء هذا لبنك المغرب عن سحب الشيكات وإرجاع صيغ الشيكات التي بحوزته وحوزة وكلاءه إلى جميع البنوك التي يعتبر من زبنائنا ثم التصريح بهذا الأمر إلى بنك المغرب.
1 – التصريح بعارض الأداء لبنك المغرب:
ألزم المشرع كل مؤسسة بنكية ترفض وفاء شيك سحب عليها لعدم وجود المؤونة أو عدم كفايتها بان تصرح بعارض الأداء لبنك المغرب في أجل يحدده هذا الأخير[19]، وقد اصدر بنك المغرب دورية عدد 6/ج/1997 التي تعتبر بمثابة قانون تطبيقي للنصوص القانونية، حيث حدد الأجل لتصريح بعارض الأداء في 5 يوم على الأكثر الموالي لتاريخ رفض الأداء[20].وان الإجراءات تبتدئ فورا بمجرد رفض الأداء أمام سكوت المشرع المغربي، حيث لا يختلف هذا الأجل بين المؤسسات البنكية بالتصريح سواء قدم الشيك أمام البنوك أو بواسطة غرفة المقاصة[21] ، وإذا وقعت في يوم واحد عدة عوارض للأداء على نفس الحساب، وجب على البنك التصريح بكل عارض على حدة[22]، أما إذا نشأت عوارض الأداء نتيجة تقديم نفس الشيك للوفاء عدة مرات فلا يجوز إلا تصريح واحد، وهو التصريح الذي على إثر اول تقديم[23].
2 – مركزة تصريح بعارض الأداء:
 يعمل بنك المغرب خاصة مصلحة المركزية لعوارض الأداء على تلقي التصريحات وتجميعها في أرشيف مركزي خاص بالشيكات غير المدفوعة لعدم وجود مقابل الوفاء، اذ يعتمدها بنك المغرب للرد على الاستفسارات التي تتقدم بها المؤسسة البنكية حول السوابق البنكية لزبون جديد تقوم بطلب فتح حساب بنكي لديها[24].
3 – توجيه الأمر للمخل بالأداء بإرجاع صيغ الشيكات والامتناع عن إصدارها:
 لم يحدد المشرع المغربي اجل لتوجيه للمخل بإرجاع الشيكات والتي بحوزة وكلائه وكذلك الإصدار شيكات غير تلك المعتمدة، أو التي تمكنه من سحب مبالغ مالية، ويرى الفقه أن البنك ملزم بتوجيه الأمر إلى المخل بالوفاء فورا وبدون اجل[25].
 وأيضا فالمشرع الفرنسي لم يحدد كذلك طريقة وإجراءات توجيه الأمر إلى المخل بالوفاء، لكن وبالنظر إلى خطورة الآثار المترتبة عن الأمر بالحظر بالنسبة للساحب والوكلاء وشركائه، فان قواعد المنطق والعدالة تقتضي التشدد إزاء البنك، والتالي ضرورة أن يكون الأمر مكتوبا وواضحا وإلا كان الأمر باطلا[26].
4 – بيانات الواجب إدراجها في الأمر بالامتناع عن إصدار الشيكات:
 لم يحدد المشرع البيانات الواجب أن يتضمنها الأمر الموجه إلى المخل بالوفاء من اجل إرجاع الصيغ التي بحوزته وحوزة وكلائه إلى جميع المؤسسات البنكية، وعدم إصدار شيكات خلال اجل 10 سنوات غير تلك التي تمكنه من سحب مبالغ مالية أو المعتمدة وما لم يمارسا رخصة التسوية. إلا أن قرار وزير الاقتصاد والمالية 1998 المتعلق بتحديد إجراءات أداء الغرامة المنصوص عليها في المادة 314 من م.ت، على ضرورة أن يتضمن الأمر:
-         اسم المعني بالأمر العائلي والشخصي أو اسم الشركة
-         رقم الشيك ومبلغه
-         تاريخ إصدار الشيك وتقديمه للوفاء
-         المؤسسة البنكية المسحوب عليها
-         رتبة الإنذار
-         إطار خاص بالقابض تخصص لبيان المركز المحاسبي ومراجع الأداء، بعد إرسال البنك الأمر الصادر بالمنع البنكي إلى الساحب المخل بالوفاء، تقوم بالتصريح بتوجيه الأمر إلى بنك المغرب حسب المواد 15 إلى 18 من دورية بنك المغرب.
المطلب الثاني: مسطرة تسوية المنع البنكي وخرقه
 لقد خول المشرع للساحب المخل بالوفاء إمكانية استرجاع حقه في إصدار الشيكات وذلك بسلوكه مسطرة التسوية( أولا)، أما في حالة عدم سلوكه هذه المسطرة وعمد إلى إصدار الشيكات بالرغم من الأمر الموجه إليه، فانه يصبح مرتكبا لجريمة الخرق البنكي ( ثانيا ).
أولا: مسطرة التسوية
 تعتبر رخصة التسوية إجراء يمكن الساحب المخل بالوفاء من رفع المنع البنكي، واسترجاع إمكانية إصدار الشيكات ما لم يكن خاضعا في نفس الوقت بالمنع القضائي، لان هذا الأخير لا ينتهي إلا بانتهاء مدته أو بحكم قضائي[27] .
 وقد نص المشرع في المادة 313من م.ت " ..غير أن لصاحب الحساب أن يستعيد إمكانية إصدار الشيكات مع مراعاة تطبيق الفقرة الأولى من المادة 317اذا اثبت انه:
-         أدى مبلغ الشيك غير الموفى أو قام بتوفير مؤونة كافية وموجودة لأدائه من طرف المسحوب عليه
-         أدى الذعيرة المالية المنصوص عليها في المادة 314
ومن هنا فالمسطرة هي تطبيق شرطين أساسيين :
1 – أداء مبلغ الشيك للحامل أو توفير المؤونة:
 يتم تنفيذه إما بتوفير المؤونة وإما عن طريق الوفاء مباشرة للحامل الشيك، وهذه الأخيرة تتطلب الإثبات، حيث يرى البعض إثباته على أصل الشيك مع مطالبة الموفى بمخالصة عن ذلك للإدلاء بها لدى المؤسسة البنكية المسحوب عليها لرفع المنع البنكي[28] ، تفاديا لتواطؤ المظهرين مع الساحب وتسليمه شهادة وفاء السند، والحال أن هذا السند هو بيد حاما آخر ينتظر تسوية الأوضاع[29].
 أما إذا تعذر على الساحب المخل بالوفاء العثور على حامل الشيك غير الموفى أو عثر عليها ولم يعد الشيك في حوزته، أمكن اللجوء إلى توفير المؤونة لدى البنك المسحوب لديه، وهذا الأخير يقوم بتجميد المؤونة لفائدة المستفيد من الشيك موضوع الإخلال بالوفاء لمدة سنة[30]، أما رأي أخر فيرى أن البنك غير ملزم بتجميد المؤونة إلا في حالة وجود وكالة خاصة وصريحة مقدمة من طرف الساحب، لان المستفيد موضوع الإخلال بالوفاء ليس له امتياز على حساب المعني بالأمر[31].
2 – اداء الغرامة المالية:
 نص المشرع المغربي في المادة 314 من م.ت" تحدد الغرامة المالية التي يجب على صاحب الحساب ان يؤديها لاسترجاع امكانية اصدار الشيكات كمايلي:
-         5 في المائة من مبلغ الشيك او الشيكات غير المؤداة موضوع الانذار الاول المنصوص عليه في المادة 313.
-         10 في المائة من مبلغ الشيك او الشيكات موضوع الانذار الثاني.
-         20 في المائة من مبلغ الشيك او الشيكات موضوع الانذار الثالث وكذا الانذارات الاحقة".
ويتم اداء الغرامة المالية مهما كان قدرها، وفق المسطرة المحددة بمقتضى قرار وزير الاقتصاد والمالية[32]، والتي تؤدى من صندوق القابض الذي يختاره بعد الاطلاع على الانذار الذي وجه اليه من لدن البنك المسحوب عليه[33]،ووجب ان يتضمن الانذار ما اوردناه سابقا[34]. وفي حالة الوفاء الجزئي[35]من القيمة الأصلية للشيك هو الذي يتم اعتماده في احتساب مقدار الذعيرة المالية، طالما ام الوفاء الجزئي يؤدي إلى إبراء ذمة الساحب والمظهر بين مقدار القيمة المؤداة من المبلغ الأصلي[36].
 ونشير أن التسوية الودية لا تتجاوز حدود إلغاء المنع البنكي ورفعه عن الساحب المخل بالوفاء، في حين تبقى المتابعات القضائية جارية، فمسطرة المنع القضائي ومسطرته مستقلة تماما عن مسطرة التسوية[37].
ثانيا: خرق المنع البنكي
 جريمة خرق المنع البنكي تجد أساسها القانوني في نص المادة 318 م.ت ، والتي عاقت كل من اصدر شيكات رغم الأمر الموجه إليه عملا بمقتضيات المادة 313 أو خرقا للمنع الصادر ضده بمقتضى المادة 317 وبعقوبة الحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 1000 إلى 10000 درهم، وتطبق هذه العقوبة أيضا على الوكيل الذي أصدره عن علم شيكات منع إصدارها على موكله عملا بمقتضيات المادتين الانفتين الذكر، وأيضا تمدد هذه العقوبة على الشركاء في الحساب الجماعي، إذا قام احدهم بإصدار شيك على الحساب المشترك مع علمه بقرار المنع الذي طال الحساب[38].
 ويتبن أن لجريمة المنع البنكي شروط وهي:
1 . أن يكون الساحب خاضعا لنظام المنع البنكي
2 . أن يقوم الساحب بإصدار شيكات رغم الأمر الموجه له بالمنع
3 . أن يكون الساحب الخاضع للمنع مارس رخصة التسوية داخل اجل 10 سنوات.
 أما بخصوص الوكيل وحتى تقوم مسؤوليته الجنائية، فقد اشترط المشرع أن تكون الأفعال الجرمية عمدية وقائمة على سوء نية، حيث يكفي لتحققها علمه بالأمر الصادر باسترجاع صيغ شيكات سواء كان الأمر صادرا من البنك أو القضاء.
 أما حول اقتران جريمة المنع البنكي بعدم توفير مؤونة أو عدم كفايتها، بحكم كونهما جريمتين مستقلتين، فقد جعل المشرع المغربي استثناء من الأصل، وأعطى أولوية التطبيق للجريمة ذات العقوبة الأخف بمقتضى المادة 318من م.ت، عوض تطبيق المادة 316 م.ت، والموازية للأصل الجنائي طبقا للمادة 120 من قانون الجنائي[39]، والتي تتطرق بوضوح تطبيق العقوبة الأشد في حالة تعدد الجرائم.
  وفي الأخير فرغم مغالاة المشرع في تجريم إصدار الشيك بدون رصيد، فان هذه الجزاءات الزجرية لم تعطي النتائج المتوخى منها، بل استمرت الظاهرة في الاستفحال، رغم جعل المشرع للمؤسسات البنكية سلطات أوسع للتنظيم والتأطير والوقاية، مما يتطلب من المشرع المغربي البحث عن آليات وإجراءات جديدة لتعامل مع هذه الظاهرة، عللا غرار ما فعله المشرع الفرنسي بتخفيف العقوبة وتدعيم آلية المراقبة القبلية والبعدية.



[1] -  Khalid El yazidi ; Les fonction Occultée du cheque bancaire, revue juridique politique et économique du Maroc, revue semestrielle N°17 ( juin 1985) éditée par la faculté de droit, Rabat,  p 53.
 - [2]احمد شكري السباعي: الوسيط في الأوراق التجارية، الجزء الثاني، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، طبعة الثانية، 2004، ص21.
[3] - سلمان علي العبيدي: الأوراق التجارية في التشريع المغربي، طبعة 1970، مكتبة التومي، الرباط، ص 432.
[4] - علي جمال الدين عوض: الشيك في قانون التجارة وتشريعات البلاد العربية، الطبعة الثالثة،2000، دار النهضة العربية، ص07.
 - [5]ظهير شريف رقم 1.96.83 صادر في 15 ربيع الأول 1417 ( 1 غشت 1996) بتنفيذ قانون رقم 95.15 المتعلق بمدونة التجارة، منشور بالجريدة الرسمية ( 3 أكتوبر 1996) عدد 4418، ص2187.
[6] - المادة 306 من مدونة التجارة.
[7] - انظر المادة 306 أعلاه.
[8] - تنص المادة 295 من م.ت على انه "..غير انه في حالة سقوط حق الرجوع أو التقادم يبقى الحق في تقديم دعوى ضد الساحب الذي لم يقدم مقابلا للوفاء أو ضد الملتزمين الآخرين الذين قد يحصل لهم إثراء غير مشروع".
[9] - محمد الحارثي: الأوراق التجارية في القانون المغربي- فقها وقضاءا- الطبعة الأولى، 1996، ص 416.
 - [10]أحمد شكري السباعي: م س ، ص 353.
 - [11]تجدر الإشارة أن المنع القضائي هو حرمان صاحب حساب لدى مؤسسة بنكية من طرف المحكمة من حقه في اصدار الشيكات خلال مدة معينة وفي حالات محددة بنص القانون.
_ سقيان ادريوش: آلية المنع البنكي والقضائي في مدونة التجارة الجديدة، مجلة القصر عدد10، 2005، ص 88.
[12] - المادتين 310 و 317 من م.ت.
[13] - تنص المادة 317 من م.ت " يجوز للمحكمة في الحالات المنصوص عليها في المادة السابقة ان تمنع المحكوم عليه خلال مدة تتراوح يبن سنة وخمس سنوات من إصدار شيكات غير التي تمكنه من سحب مبالغ مالية لدى المسحوب عليه او شيكات معتمدة..."
[14] - المادة 316 من م.ت.
[15]  المادة 313 من م.ت.
[16] - نجاة بضراني: الشيك المعتمد طبيعته وأحكامه، مجلة الميادين، العدد6، 1991، ص101.
[17] - الشيك البريدي هو سند أو صك يحرر كتابة وفقا لبيانات إلزامية حددتها المادة 19 من القرار الوزاري المؤرخ في ( 12 مايو 1926) ومرسوم ( 25 مارس 1975) يتضمن أمرا صادرا من الساحب إلى مكتب البريد المسحوب عليه، بان يدفع مبلغا نقديا بمجرد الاطلاع الى شخص ثالث هو المستفيد أو الحامل.
_ احمد شكري السباعي: م س ، ص 118.
[18] - محمد الحالرثي: م س، ص 417
[19] - المادة 322 من م.ت .
[20] - المادة 11 من دورية بنك المغرب عدد 6/ج/1997 صادر بتلريخ 22 غشت 1997.
[21]- المادة الأولى من دورية  أعلاه.
[22] - المادة 7 من دورية أعلاه.
[23] - المادة 8 من دورية أعلاه.
[24] - رشيدة بنسرغين: عوارض عداء الشيك، أطروحة لنيل ودكتوراه قانون الأعمال، كلية الحقوق، جامعة محمد الخامس، الرباط،2003.2004،ص 311.
[25] - أحمد شكري السباعي: م س ، ص 356.
[26] - أحمد شكري السباعي: م س،ص 357.
[27] - أحمد شكري السباعي: م س،ص 362.
[28] - أحمد شكري السباعي: م س،ص 362.
[29] - نعمان الحمامي: المسؤولية الجنائية للشيك في القانون المغربي والتونسي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، 1997.1998، ص69.
[30] - المشرع لم ينص صراحة على ذلك، لكن تفهم ضمنا من المادة 295 من م.ت، تقادم دعوى حامل الشيك ضد المسحوب عليه.
[31] - EL hadi chaibainou ; La crédibilité de cheque au Maroc. 1er édition 1992 ;p166.
[32] - قرار وزير الاقتصاد والمالية رقم 1667/98 ( السابق الذكر ).
[33] - المادة الأولى من القرار الوزاري السابق
[34] - المادة الثانية من القرار الوزاري السابق
[35] - انظر المادة 273 من م.ت
[36] - محمد خيري: التعامل بالشيك بين الممارسة والقانون، ندوة حول القانون والممارسات البنكية، 13و14 مارس 1987، مجلة المغربية للقانون والاقتصاد والتنمية، عدد 16، 1986، مطبعة النجاح الدار البيضاء، ص 45.
[37] - المادة 318 من م.ت.
[38] - المادة 318 من م.ت .
[39] - تنص المادة 120 من القانون الجنائي " في حالة تعدد جنايات أو الجنح اذا نظرت في وقت واحد أمام محكمة واحدة، تحكم بعقوبة واحدة سالبة للحرية لا تتجاوز مدة الحد الأقصى المقرر قانونا لمعاقبة الجريمة الأشد، أما إذا اصدر بشأنها عدة أحكام سالبة للحرية بسبب تعدد المتابعات فالعقوبة الأشد هي التي تنفذ.."

من أجل تحميل هذا المقال على شكل PDF - إضغط هنا أسفله
9anonak