الخبراء والتراجمة
وحدة التكوين والبحث المهن القضائية والقانونية
![]() |
Translation - expertise |
يعتبر
الخبراء والتراجمة من مساعدي القضاء، والذين يدخلون في عداد تركيبة الهرم المشكل لفضاء
العدالة، فقد يحتاج حل النزاع المعروض على القاضي إلى أخذ أي أهل الفن في بعض الأمور
التقنية التي تخرج عن معارف القاضي، مما يحق للمحكمة في هذه الحالة إجراء تحقيق عن طريق ذوي الإختصاص في الأمر المرغوب
إجراء الخبرة فيه[1].
كذلك قد يتطلب الفصل في الدعوى المعروضة على القاضي
الإستماع لشخص يجهل اللغة العربية أو الوقوف على مضمون وثيقة محررة بلغة أجنبية، فللقاضي
في هذه الحالة أن يستعين في ذلك بترجمان يختاره من بين الأشخاص المسجلين بلائحة
التراجمة الموجودين في دائرة كل محكمة استئناف.
وقد ثار نقاش فقهي حول الطبيعة القانونية للترجمة التي
يقوم به الترجمان، حول من اعتبرها شهادة لكونها لا تستلزم أبحاث علمية أو فنية ولا
تحتاج لأي استنتاج أو تقدير شخصي، في حين اعتبر بعض الفقه الآخر إلى أن الترجمة ما
هي إلا نوع من أنواع الخبرة القضائية على اعتبار أنهما يشتركان في الإجراءات وفي
التنظيم التشريعي[2].
ولابد من الإشارة هنا إلى أن وحدة التنظيم التي كانت
تعرفها مهنتي الخبراء والتراجمة بموجب ظهير 30 مارس 1960[3] لم تعد قائمة، حيث صدر ظهيران منفصلان بنظامين هاتين المهنتين
وهما الظهير رقم 45.00 [4]، المنظم
لمهنة الخبراء القضائيين الصادر بتنفيذه المرسوم 2.01.2824 بتاريخ 17 يوليوز 2002 [5]، وكذلك
صدر الظهير رقم 50.00 المنظم للتراجمة المقبولين لدى المحاكم[6] الصادر
بتنفيذه المرسوم رقم 2.01.2826 بتاريخ 17 يوليوز 2002 [7].
وإذا كان لا يمكن للخبير والترجمان ممارسة مهامه إلا بعد
التقييد في الجدول، فما هي الشروط التي استلزمها المشرع في هؤلاء، حتى يتم قبولهم
كخبراء وترا جمة محلفين لدى المحاكم؟ وما هي الآثار المترتبة على تقييدهم في
الجدول؟
من خلال ما سبق إرتأينا تقسيم موضوع هذا البحث إلى
مبحثين على الشكل التالي:
المبحث الأول : تنظيم ممارسة مهنتي الخبراء والتراجمة
المبحث الثاني: الآثار المترتبة عن التسجيل في الجدول
المبحث الأول: تنظيم مهنتي الخبراء والتراجمة
تصدى المشرع لتنظيم مهنتي الخبراء والتراجمة باعتبارهما
من المهن المساعدة للقضاء، وذلك من خلال وضع مجموعة من الشروط الخاصة
للولوج لممارسة هاتين المهنتين، حتى لا يكفي في التقني أو الترجمان التوفر على
المواصفات العلمية فقط، بل يتعين وجوبا أن تتوفر فيه شروط تجمع بين المواصفات الشخصية
والمقاييس الموضوعية من جهة أولى، وبين المقاييس العلمية والتقنية وعامل التجربة
الميدانية من جهة ثانية .
المطلب الأول: شروط ممارسة مهنة الخبراء القضائيين
لممارسة
مهنة الخبراء القضائيين لا بد من التقييد بالجدول (فقرة ثالثة) وهذا التقييد لا
يتم إلا بعد تقديم الترشيح لذلك (فقرة أولى) وموافقة اللجنة المكلفة بالبث في
طلبات الخبراء (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: تقديم الترشيح للتسجيل بالجدول
حدد القانون 45.00 الخاص بالخبراء القضائيين الشروط
الواجب توفرها في المرشح للتسجيل بجدول الخبراء القضائيين، وقد ميز هذا
القانون ما بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي وحدد شروط لكل واحد منهما:
أولا
: بالنسبة للأشخاص الطبيعيين :
حددت المادة الثالثة من القانون 45.00 المتعلق بالخبراء
القضائيين الشروط الواجب توفرها في الترشح للتسجيل في جدول الخبراء وذلك
كما يلي:
1. أن يكون المترشح مغربيا مع مراعاة قيود الأهلية
المشار إليها في قانون الجنسية أو من رعايا الدولة تربطهما بالمغرب اتفاقية تسمح
لمواطني كل منهما بممارسة الخبرة القضائية في الدولة الأخرى.
2.
ألا يقل عمره عن ثلاثين سنة ميلادية كاملة.
3.
أن يكون في وضعية سليمة إزاء الخدمة العسكرية.
4.
أن يكون متمتعا بحقوقه الوطنية وذا مروءة وسلوك حسن؟
5. أن
لا يكون قد حكم عليه من أجل جناية أو جنحة باستثناء الجرائم الغير العمدية.
6.
ألا تكون قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية من أجل تصرفات مخلة بالشرف أو النزاهة أو
الأخلاق الحميدة.
7.
ألا يكون قد حكم عليه بإحدى العقوبات المالية التي ينص قانون التجارة على إمكانية
الحكم بها في حق مسيري المقاولة أو بسقوط الأهلية التجارية.
8.
أن يكون متوفر على مقاييس التأهيل التي تحدد بنص تنظيمي بالنسبة لكل من أنواع
الخبرة.
9.
أن يكون له موطن بدائرة اختصاص محكمة الاستئناف التي يرغب في ممارسة مهامه
بدائرتها.
ثانيا : بالنسبة للأشخاص
المعنوية
إن تطور الميادين المتخصصة ذات الطابع التقني، وتشعب
المجالات الفنية المرتبطة بها، دفعت إلى التفكير في السير على نهج بعض التشريعات
المقارنة وفتح المجال أمام الأشخاص المعنوية لولوج ميدان الخبرة القضائية، ويتخذ هذا الشخص
المعنوي شكل إطار مؤسساتي تحت وصايته وإشرافه ومسؤوليته أشخاص مؤهلين في
مجال الخبرة التقنية[8].
وقد حدد المشرع المغربي من خلال المادة الرابعة من
القانون 45.00 شروط تقييد الشخص المعنوي بسجلالخبراء القضائيين وهذه الشروط هي :
1.
استيفاء الممثل القانوني للشخص المعنوي جميع الشروط
الخاصة بالنسبة للشخص الطبيعي المنصوص عليها بالمادة الثالثة.
2. توافر ذات الشروط في
الشخص الطبيعي التابع للشخص الذي
أسندت إليه مهمة الإشراف على عملية إنجاز الخبرة
القضائية.
3.
توفر الشخص المعنوي على أشخاص متخصصين ومؤهلين في مجال الخبرة المطلوبة وكدا توافر
على الوسائل التقنية الضرورية.
4. ممارسة الشخص الطبيعي التابع للشخص المعنوي نشاطه وفق
المقاييس المحددة من قبل اللجنة المختصة بحصر لوائح الخبراء في مختلف فروع الخبرة.
5. عدم تنافي نشاط الشخص المعنوي مع مبدأ الإستقلال،
وواجب التجرد اللازمين لممارسة مهام الخبرة القضائية.
6. تواجد المقر الإجتماعي للشخص المعنوي أو
مقر أحد فروعه بدائرة نفوذ محكمة الإستئناف التي يرغب في التسجيل في جداولها.
7. الإدلاء بجميع المستندات القانونية المثبتة لهوية
الأشخاص المالكين لرأسمال الشخص المعنوي ومسيريه.
ومتى استوفى
المترشح للتسجيل بجدول الخبراء القضائيين -شخصا طبيعيا أو معنويا- للشروط المتطلبة
قانونا، لهذا التسجيل فإن المترشح لممارسة الخبرة القضائية يوجه طلبه قبل فاتح ماي
من كل سنة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف التي لهم موطن بدائرة
نفوذها بالنسبة للأشخاص الطبيعيين أو التي
يوجد بها المقر الإجتماعي للشخص المعنوي أو مقر أحد فروعه.
ويكون الطلب بالنسبة للشخص الطبيعي مصحوبا بالوثائق
المشار إليها في المادة الثانية من المرسوم رقم 02.01.2824 التطبيقي للقانون 45.00
المتعلق بالخبراء القضائيين.
ويوجه الوكيل العام للملك الملف بعدما يجري بحثا حول
توفر المرشح على الشروط المنصوص عليها في المادة الثالثة والرابعة من القانون
45.00 إلى وزارة العدل مرفقا برأيه المعلل حسب المادة الرابعة من المرسوم التطبيقي
للقانون 45.00.
وإذا تعلق الأمر بطلب التسجيل بالجدول الوطني، فإن الطلب
يوجه إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف المسجل بها، وبعدها يقوم الرئيس
الأول لمحكمة الإستئناف والوكيل العام للملك بها، بعد التأكد من استيفاء الشرط
المنصوص عليه في المادة السابعة.
الفقرة الثانية: اللجنة المكلفة بالبث في طلب التسجيل
تعتبر لجنة الخبراء المنصوص عليها في المادة الثامنة من
القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين، الإطار المؤسساتي المعهود إليه
مهمة البث في طلبات التسجيل ومراقبة مدى استيفاء المترشح للشروط المتطلبة
قانونا....
فما هي الهيكلة التنظيمية لهذا الإطار، وما هي المهام
الموكولة له؟
حسب الفصل 9 من القانون رقم 45.00 فإن اللجنة المكلفة
بالبث في طلبات التسجيل تتألف كما يلي:
·
ممثل لوزير العدل بصفته رئيسا؛
·
ثلاثة رؤساء أولين لمحاكم الإستئناف.
• خبيران قضائيان من بينهما رئيس الهيئة أو من ينتدب لهذه الغاية إذا كان
الأمر يتعلق بمترشح لفرع من فروع الخبرة ينتمي إلى هيئة تمثل مهنة منظمة أو خبيران
قضائيان من بينهما رئيس جمعية مهنية أو من ينتدب لهذه الغاية إذا كان الأمر
يتعلق بمترشح لفرع من فروع الخبرة ينتمي لمهنة تمثلها جمعية، أو خبيران قضائيان
يمثلان فرع الخبرة الذي ينتمي إليه المترشح إذا لم يكن هذا الفرع يتعلق بمهنة
تمثلها هيئة أو جمعية مهنية، بكيفية وضع الجدول الخاص بالخبراء القضائيين، بل كان
ينص على أنه يوضع بكل محكمة استئنافية
جدول للخبراء وآخر للتراجمة، حيث تقوم سنويا لجنة يرأسها وزير العدل أو
مندوبيه بعد التسجيل واستكماله عند الإقتضاء، ويحدد تأليف هده اللجنة وشروط
تسييرها[9]، وكيفية
وضع الجدول بقرار وزاري صادر عن وزير العدل[10].
وقد أدخل القانون رقم 45.00 تخييرا على تقنية وضع جداول
الخبراء حيث استحداث نوعين من الجداول، يتعلق أولهما بجدول خاص يهم الخبراء
المسجلين لدى محكمة الإستئناف، وثانيهما جدول عام يتعلق بالجدول الوطني.
وهذا القانون خول للخبير المسجل في جدول أحد محاكم
الإستئناف طلب تسجيله بالجدول الوطني بعد فترة تسجيل تصل إلى خسة سنوات متتالية
على الأقل طبقا، للمادة السابعة من القانون 45.00.
هذا ويوضع جدول الخبراء القضائيين لدى محاكم الإستئناف
بكتابة الضبط لديها، بينما يوضع الجدول الوطني بكتابة ضبط المجلس الأعلى وكتابة
ضبط محاكم الإستئناف والمحاكم الأخرى. وينشرا الجدولين معا بالجريدة الرسمية.
أما مفعول التسجيل فلا يمكن أن يتجاوز السنة، ويتعين على
محكمة الموضوع التي تتمتع بصلاحيته انتداب خبير قضائي في مسألة فنية أو تقنية معروضة
عليها، وأن تتقيد بجدول الخبراء الخاص بدائرتها ولا يمكن أن تتحلل من هدا الإلتزام.
إلا في حالتين:
·
حالة عدم وجود خبير مختص في الفرع المراد إجراء تقنية في
نطاقه.
·
حالة ما إدا كان الخبير مسجلا بالجدول الوطني.
المطلب الثاني: شروط الولوج لمهنة التراجمة
نظم القانون
50.00 الصادر في 22 يونيو 2001 المتعلق بالتراجمة
المقبولين لدى المحاكم، كيفية الولوج لمهنة الترجمان المحلف ودلك من خلال مجموعة
من الشروط يجب توفرها في مطالب التسجيل (فقرة أولى)، وبعدما يتم قبول الطالب يجب
عليه اجتياز المباراة بنجاح وقضاء فترة التمرين حتى يتسنى له التقييد في الجدول
(فقرة ثانية)، كما أن القانون يوجب على التراجمة المقبولين ضرورة الانضمام إلى
جمعية مهنية واحدة (فقرة ثالثة).
الفقرة الأولى: تقديم الترشيح لمهنة الترجمان
حددت المادة
الثالثة من القانون رقم 50.00 المتعلق بالتراجمة المقبولين لدى المحاكم الشروط
الواجب توفرها في مهنة ترجمان مقبول كما يلي :
1.
أن يكون مغربيا مع مراعاة قيود الأهلية المنصوص عليها في
قانون الجنسية المغربية أو من رعايا دولة تربطها بالمملكة المغربية اتفاقية
لمواطني كل من الدولتين بممارسة مهنة الترجمة لدى المحاكم في الدول الأخرى.
2. أن يكون حاصلا على
دبلوم الترجمة من مؤسسة جامعية في المغرب أو على شهادة معترف بمعادلتها.
3. أن يكون متمتعا بحقوقه
الوطنية وذا مروءة وسلوك حسن،
4. أن يكون غير محكوم
عليه من أجل جناية أو جنحة باستثناء الجنح غير العمدية إلا إدا رد اعتباره.
5. ألا يكون قد صدرت في
حقه عقوبة تأديبية من أجل تصرفات مخلة بالشرف أو النزاهة أو الأخلاق.
6. أن يكون في وضعية
سليمة إزاء الخدمة العسكرية.
7. أن يكون متمتعا بالقدرة
الفعلية على ممارسة المهنة.
8. أن
يكون بالغا من العمر 25 سنة ميلادية على الأقل.
9. أن يكون قد نجح في مباراة التراجمة
المقبولين لدى المحاكم وفي امتحان نهاية التمرين.
10. أن يكون له موطن بدائرة محكمة الإستئناف التي يرغب
في ممارسة عمله بها.
ومن خلال هذه المقتضيات يلاحظ أن هناك ثلاثة شروط أساسية
هي ما جاء في الفقرة الثانية بخصوص الحصول على دبلوم التراجمة من مؤسسة جامعية في
المغرب أو على شهادة معترف بمعادلتها له. وما جاء في الفقرة التاسعة من ضرورة
النجاح في مباراة التراجمة المقبولين لدى المحاكم وفي امتحان نهاية التمرين، وما
جاء في الفقرة العاشرة أن يكون للترجمان موطن بدائرة محكمة الإستئناف التي يرغب في
ممارسة عمله بها[11].
وحسب المادة الرابعة من القانون 50.00 فإنه تحدث بوزارة
العدل لجنة يعهد إليها بتنظيم المباراة وامتحان نهاية التمرين ودراسة طلبات
التسجيل، كما تقوم كذلك بإعداد جداول التراجمة المقبولين لدى المحاكم ومراجعتها
وممارسة السلطة التأديبية تجاه التراجمة المقبولين لدى المحاكم.
وقد حدد القانون
50.00 طريقة تكوين هذه اللجنة وذلك كما يلي:
·
ممثل عن وزير العدل بصفته رئيسا؛
·
رئيس أول لإحدى محاكم الإستئناف ووكيل عام للملك لدى
محكمة استئناف يعينهما وزير العدل؛
·
رئيس الجمعية المهنية للتراجمة المقبولين لدى المحاكم أو
ممثليه؛
·
ترجمان مقبول لدى المحاكم يعينه وزير العدل بإقتراح من
رئيس الجمعية المهنية للتراجمة المقبولين لدى المحاكم.
و تتخذ قرارات اللجنة بالأغلبية المطلقة لأعضاء المكونين
لها.
الفقرة الثانية : قضاء فترة التمرين
بينت المواد من 10 إلى 23 من القانون 50.00 كيفية اجتياز
الترجمان للتمرين.
ويمكن إجمال ذلك في كون المترشح وبعد نجاحه في المباراة
المشار إليها في البند التاسع من المادة الثالثة، يقضي سنة كاملة من التمرين بمكتب
ترجمان مقبول لدى المحاكم، كما تطرق القانون 5000 في المادة الثانية عشر إلى
إمكانية تمديد فترة التمرين، بقرار لوزير العدل لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد،
وذلك في حالة الرسوب في امتحان نهاية التمرين أو الإنقطاع عن التمرين لمدة تتجاوز
شهرين لأي سبب من الأسباب أو الإخلال بالتزامات التمرين.
ويجوز للترجمان المتمرن تغيير المكتب الذي يجري فيه
التمرين بعد تقديمه طلبا معللا إلى وزير العدل، ويجب أن يرفق هذا الطلب بتعهد
كتابي موقع من الترجمان الذي سيشرف على مواصلة التمرين.
ويمكن أن يضع حدا للتمرين بقرار من اللجنة المنصوص عليها
في المادة الرابعة بعد استطلاع رأي لوكيل العام للملك وذلك في حالة ما إذا وجد سبب
خطير يبرر ذلك أو إذا انقطع عن التمرين لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر دون سبب مقبول
ويكون قرار اللجنة معللا (م18 من القانون 50.00) .
ولا يتم اتخاذ أي إجراء إلا بعد الإستماع إلى المعني
بالأمر الذي يستدعى بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو عن طريق
النيابة العامة داخل أجل لا يقل عن 15 يوما قبل تاريخ اجتماع اللجنة ويستغنى عن حضور
المعني بالأمر إذا توصل بصفة قانونية ولم يحضر وذلك حسب المادة 19 من القانون
50.00
ويسهر الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف المختصة
على تطبيق قرار اللجنة القاضي بوضع حد للتمرين.
وبمجرد نجاح الترجمان المتمرن في امتحان نهاية التمرين، فإنه
يسجل في أحد جداول التراجمة المقبولين لدى محاكم الاستئناف بعد أداء اليمين
المنصوص عليها في المادة 24 من القانون 50.00، وذلك بموجب قرار بوزير العدل يحدد
في اللغات المرخص له بالترجمة فيها (المادة 22 قانون رقم 50.00).
هذا ويعفى من المباراة قدماء الأساتذة الجامعيين
المختصين في الترجمة، بعد تقديمهم للإستقالة أو حصولهم على التقاعد، وكذلك قدماء
التراجمة الذين سحبت أسماؤهم من الجدول لأسباب غير تأديبية أو زجرية، ولا يتم
الإعفاء إلا بالنسبة للغات التي يختص فيها الأشخاص المشار إليهم.
الفقرة الثالثة: الجمعية المهنية للتراجمة
تناولت المواد من 63 إلى 66 من قانون 50.00 المتعلق بالتراجمة المقبولين
لدى المحاكم على إحداث جمعية واحدة تضم جميع التراجمة المقبولين لدى المحاكم.
يعتمد تنظيمها على الظهير رقم 01.58.376 بتاريخ 15 نونبر 1958؛ الذي يضبط حق تأسيس
الجمعيات، ومن بين أهداف الجمعية وفق ما جاء في نظامها الأساسي؛ العمل على إصدار
دوريات ونشرات ومجلات وكتب متخصصة في الترجمة أو العلوم المرتبطة بها.
وهذه الجمعية المهنية بمكتب لها أن تباشر نشاطه التي
منها تقييد أعضائها بالقانون رقم 50.00، إذ هي تسهر على مراقبة هذا التقييد، وكذا
النصوص الصادرة لتطبيقه. ويمكن الإعتداد برأيها بشأن الإخبار المتعلق بالمخالفات
المرتكبة لأحد أعضائها (المادة 65 من القانون رقم 50.00).
وهذه الجمعية المهنية لا يمكن لها أن تباشر نشاطاتها إلا
بعد أن يصادق وزير العدل على نظامها الأساسي وعلى كل تغيير يطرأ عليه ( المادة 64 من
القانون رقم 50.00).
وفعلا فلقد صادق وزير العدل على النظام الأساسي لجمعية
الترجمة المقبولين لدى المحاكم، وهي الجمعية المدعوة باختصار (التاج) وفق ما تقرر
في الجمع التأسيسي لها المنعقد في 26 أكتوبر 2002 بالمركب الثقافي والإجتماعي
لهيئة المحامين بالرباط[12].
وتباشر الجمعية المهنية للتراجمة مجموعة من المهام يمكن
إجمالها في تقييد أعضائها بأحكام القانون المنظم للمهنة والنصوص الصادرة تطبيقا
له، واضطلاع وزير العدل على كل مخالفة في هذا الميدان، وكذا مباشرتها لمهامها
الأخرى بشأن الإستشارات المتعلقة بالمهنة، وبحق التقاضي فيه باسم الجمعية في كل ما
يمس مصالح المهنة أو بمصالح عضو واحد أو أكثر من أعضائها[13].
المبحث الثاني : الآثار القانونية للتسجيل بجدول الخبراء التراجمة
بمجرد قبول الخبير القضائي أو الترجمان في السجل المحدد
لهذا الغرض، فإن هذا التسجيل يرتب مجموعة من الآثار نستحضر منها على سبيل المثال:
• حمل
صفة خبير أو ترجمان قضائي محلف معتمد لدى المحاكم المغربية؛
• إمكانية
الشروع في الممارسة الميدانية بناء على انتداب قضائي؛
• التمتع
بجمع الحقوق والواجبات التي يخولها القانون للخبير أو الترجمان المحلف.
وإذا كان ظهير مارس 1960 قد شابه القصور فيما
يخص تنظيم هاتين المهنتين، وكذا عدم تنظيمه لمسألة الرقابة القضائية، فإنه يطرح
التساؤل بخصوص الجديد الذي أتى به القانون رقم 45.00، المتعلق بالخبراء القضائيين
والقانون رقم 50.00 المتعلق بالتراجمة، وذلك فيما يخص مختلف الإلتزمات والواجبات
الملقاة على عاتق الخبير والترجمان المحلف ، وكذا شأن الحقوق والإمتيازات التي خولها له، وكذا ما يتعلق بمراقبتهم وتأديتهم في حالة
الإخلال بالمهام الموكولة إليهم، وهذا ما سنحاول الوقوف عليه من خلال المطلبين
المواليين.
المطلب الأول : آثار التسجيل بجدول الخبراء
يرتب تسجيل الخبير في جدول الخبراء مجموعة من الحقوق والوجبات، كما أنه يظل
خاضعا للمراقبة وذلك لحسن سير المهنة.
الفقرة
الأولى: حقوق الخبير القاضي
بمجرد تسجيل الخبير في جدول الخبراء، فالقانون يخوله
القيام بالخبرات المأمور بها من لدن المحاكم بالتناوب، وفي الميدان الذي يخصهم،
فلا يكلف بتلك الخبرة غيرهم، إلا بصورة الثنائية عند عدم وجود خبير مسجل بالجدول
لديه المعلومات الفنية المطلوبة، كما له الحق في الحصول على أتعاب مقابل قيامه
بالخبرة وذلك أن المحكمة عندما تأمل بإجراء الخبرة فإنها تحدد في حكمها مبلغا
جزافيا لحساب مصاريف الخبير وأتعابه، وتبين في نفس الحكم الطرف الذي يودع تلك
المبالغ، ولا يشعر الخبير بإنجاز المهمة أو المأمورية المسندة إليه، إلا بعد
أتعابه بصندوق المحكمة الجارية لديها الدعوى[14].
وقد أقر القانون رقم 45.00 من خلال المادة 44 على أن
"كل من استعمل صفة خبير قضائي، دون أن يكون مسجلا بالجدول بإحدى محاكم
الاستئناف أو الجدول الوطني يعتبر منتحلا لصفة نظامها القانون ويعاقب عليها
بالعقوبات المنصوص عليها في الفصل 380 من القانون الجنائي"[15].
ونصت المادة 45 من نفس القانون على أن "كل عرقلة
لمهام الخبير من قبل أحد الأطراف أو الغير حال دون تنفيذ المهمة الموكولة إليه
بمقتضى مقرر قضائي يشعر بها كتابة وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية التي تنجز في
دائرة اختصاصها لتتخذ في هذا الصدد الإجراءات الملائمة "[16].
الفقرة الثانية : التزامات الخبير
بعد قبول التقييد بالجدول يكون الخبير القضائي مقيدا
باحترام مجموعة من الإلتزامات والواجبات وهي على الشكل التالي :
1-أداء اليمين القانونية: ذلك أن الدافع الأخلاقي والديني يعتبر الرقيب الأول
لأعمال وتصرفات الخبير القضائي[17]، لذلك
حرص المشرع المغربي ومنذ أول قانون تنظيمي للخبراء والتراجمة وهو ظهير 30 مارس
1960، المتعلق بوضع جداول الخبراء والتراجمة، على عدم إمكانية مزاولة الخبير
القضائي لمهامه إلا بعد أسبقية أداء اليمين القانونية، وهو ما أكد عليه القانون
رقم 45.00 الجديد المتعلق بالخبراء القضائيين، حيث تقضي المادة 18 منه على أنه يؤدي
الخبير عند تسجيله في الجدول لأول مرة اليمين التالية أمام محكمة الإستئناف الذي
سجل بدائرتها بحسب الصيغة التالية:
"أقسم بالله العظيم أن أؤدي مهام الخبرة
التي سيعهد بها إلي بأمانة ونزاهة وأن أبدي رأيي بكل تجرد واستقلال وأن أحافظ على
السر المهني"
ولا تتجدد اليمين مادام الخبير مسجلا في الجدول، وإذا
تعلق الأمر بشخص معنوي؛ فإن اليمين يؤديها ممثله القانوني، ومتى طرأ تغيير في
وضعية الممثل القانوني للشخص المعنوي، خاصة عند تعيين ممثل جديد وجب على هذا
الأخير أداء اليمين المنصوص عليها في المادة 18 أعلاه.
وعند عدم وجود خبير بالجدول يمكن بصفة استثنائية للقاضي
أن يعين خبيرا لهذا النزاع، وفي هذه الحالة يجب على الخبيران أن يؤدي اليمين أمام
السلطة القضائية التي عينها القاضي، وأن يقوم بأمانة وإخلاص بالمهمة المسندة إليه،
وأن يعطي رأيه بكل تجرد واستقلال ما لم يعفى من تلك اليمين باتفاق الأطراف[18].
2.
المشاركة في دورات التكوين المستمر: ذلك أن تأهيل مهنة الخبرة القضائية
ومواكبتها المستمرة لمختلف التطورات التي يعرفها الميدان التقني والفني. وكذلك
حماية حقوق الأطراف وتكريسه الدور الحقيقي لمهنة الخبرة القضائية كمهنة مساعدة
للقضاء.
حتم المشرع في القانون رقم ص 45.00 إلزام الخبراء بضرورة
الحضور للحلقات الدراسية التي تنظمها وزارة العدل لفائدة الخبراء القضائيين، وذلك
للزيادة في مؤهلات الخبير وتنمية تكوينه بصدد الجوانب القانونية في مجال الخبرة،
وسيري هذا الإلتزام على الشخص الطبيعي والمعنوي على حد سواء، حيث على هذا الأخير
انتذاب ممثلين عنه للمشاركة في هاته الحلقات الدراسية وذلك حسب المادة 20 من قانون
رقم 45.00.
3. ضرورة إنجاز الخبير القضائي المهمة المسندة إليه داخل
الأجل المحدد: ذلك أنه وقبل
صدور القانون ص 45 وأمام غياب نص رادع اتجاه الخبراء فقد سادت ظاهرة تماطل بعض
الخبراء في إنجاز المهمة المسندة إليهم أو رفضها بدون حذر قانوني أو واقعي يرقى
إلى درجة الاعتبار، وهو ما حاولت وزارة العدل تداركه من خلال إصدار عدة مناشير[19]. إلا أن
تلك المناشير لم تكن حائلا دون التماطل في
إنجاز الخبرة، وقد حاول المشرع تداركه من خلال التعديل الذي طرأ على الفصل 61 من
قانون المسطرة المدنية بموجب قانون رقم 85.00 الصادر بتاريخ 26 دجنبر 2000، حيث
نصت فقرته الأخيرة على "... بصرف النظر على الجزاءات التأديبية يمكن الحكم
الخبير الذي لم يقم بالمهمة المسندة إليه أو رفضها دون عذر مقبول بالمصاريف
والتعويضات المترتبة عن تأخير إنجاز الخبرة للطرف لمتضرر، كما يمكن الحكم عليه
بغرامة لفائدة الخزينة...."
ومن جهته
كرس قانون 45.00 هذا الخطأ التأديبي، فأكد من خلال المادة 23 "يعتبر كل تأخير
غير مبرر في إنجاز الخبرة مخالفة مهنية تعرض الخبير للعقوبة التأديبية"، ونصت
المادة 25 من نفس القانون على أنه "أنه يجوز للنظير أن يمتنع عن إنجاز الخبرة
عند تعيينه في إطار المساعدة القضائية أو في الحالة التي تعتبر فيها أن الأتعاب
المحددة له غير كافية، ويمكن له بعد الإيجاز طلب أتعاب إضافية وفق النصوص
القانونية المتعلقة بالمصاريف القضائية..."
4. قيام الخبير شخصيا بأعمال الخبرة وعدم تكليف غيره بالقيام بها.
5. مباشرة المهمة تحت إشراف القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية وإشراف
المؤسسة القضائية على عملية الخبرة، تترجم رغبة المشرع المغربي في خلق إطار رقابي
قادر على ضمان إنجاز الخبرة في أحسن الظروف[20].
6. معاملة المحاكم بكل ما يجب من آداب واحترام وما يترتب على ذلك من احترام
المقررات والأوامر الصادرة عن هذه المحاكم[21].
7. يمنع على الخبير قبض أي مبالغ مالية بصفة مباشرة أو غير مباشرة وفي أي
شكل كان (المادة 42).
8. احترام السر المهني: ذلك أن الخبير إذا كان ملزما بتضمين تقريره المعلومات
التي تساعد على تنوير المحكمة، فإنه في الوقت نفسه ملزم بالتزام مقابل يتمثل في
عدم إفشاء نتائج أعماله للغير[22].
9. ويجب على الخبير أن يوجه إلى وزير العدل في نهاية كل سنة تحت طائلة عدم
تجديد تسجيله في الجدول تقرير يتضمن ما يلي :
- عدد الخبرات المنجزة خلال السنة؛
- المحكمة التي أصدرت الخبرة والهيئة التي عينت الخبير؛
- تاريخ التبليغ بمقرر الخبرة؛
- الأجل المحدد للإنجاز.؛
- تاريخ إيداع التقرير بكتابة الضبط (المادة 27) .
الفقرة الثالثة: مراقبة الخبراء
إذا كان الخبراء من مساعدي القضاء يمارسون مهمهم في إطار المهن
الحرة، فإن النشاط المخول من جانب الخبراء هو نشاط إنساني بالدرجة الأولى ويرد
عليه الخطأ والنسيان وربما التحيز في بعض الأحيان مما يعرضه للمساءلة، لذا كان يجب
تقوية آليات الرقابة عليه باعتبارهما الضابط الرئيسي لحسن سير هذه المهنة.
×آليات مراقبة الخبراء:
عمد المشرع
من خلال قانون رقم 45.00 على إقرار مبدأ الرقابة القضائية على الخبراء، فخولها
للرئيس الأول للمجلس الأعلى والوكيل العام للملك به من تعلق الأمر بخبراء قضائيين
مقيدين بالجدول الوطني، وبالمقابل حول صلاحية هذه
الرقابة لفائدة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف
والوكيل العام للملك لدى نفس المحكمة بالنسبة للخبراء المسجلين لديها.
وقد أسندت للرؤساء الأولين محاكم الاستئناف والوكلاء
العامون للملك بها مهمة القيام بجميع أبحاث التحري والتقصي بشأن التظلمات المرفوعة
أمامهم ضد الخبراء المخلين بمهامهم، وهم يقومون بذلك إما تلقائيا، وإما بناءا على
شكايات المتقاضين، أو بناء على تعليمات وزير العدل تلقائيا أو اعتبارا لشكاية
مرفوعة لوزارته....
ويمكن للرئيس الأول لمحكمة الإستئناف والوكيل العام
للملك بها تفويض هذا الإختصاص لرؤساء المحاكم الإبتدائية ووكلاء الملك، طبقا
للفقرة الأخيرة من المادة 29 من قانون 45.00.
أما فيما يخص تقنية فرض الرقابة على عمل الخبر القضائي
فتبدو تجلياتها عبر ثلاثة مراحل :
1. تحرير مسطرة البحث
بشأن إخلال مهني صادر عن الخبير القضائي؛
2. ثم مرحلة التأكد من
قيام قرائن جدية معتد بها واقعا وقانونا في الخبير، وتقوم دليلا قاطعا على صحة
الإخلال المهني الموجه ضده؛
3. وأخيرا صدور أمر عن
الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف والوكيل العام للملك بها حسب الأحوال، بالإستماع
إلى الخبير المعني بالأمر في محضر يوجه إلى وزير العدل الذي يعمل بدوره على إحالته
على اللجنة المنصوص عليها في المادة 8 من قانون رقم ص:45.
والغرض من هذه الإحالة على هذه اللجنة يتمثل في تحريك
مسطرة المتابعة واتخاذ العقوبة التأديبية في حق الخبير المخل بالتزاماته[23].
×معاقبة الخبير:
يتعرض الخبير المخل بالتزاماته حسب جسامة ونوع الفعل
الذي اقترفه إما إلى عقوبة تأديبية أو جنائية.
1-العقوبة التأديبية :
تعتبر اللجنة المنصوص عليها في المادة 8 من القانون رقم
45.00 ذات الصلاحية في إجراء المتابعات واتخاذ العقوبات التأديبية ضد كل خبير يثبت
ارتكابه مخالفة صريحة للمقتضيات القانونية المتعلقة بالخبرة أو أخل بواجباته
المهنية أو بخصال المروءة والشرف والنزاهة، وذلك حسب المادة 31 من قانون رقم 45.00.
وتستند اللجنة في إجرائها التأديبي على التقرير المشترك
الذي يبادر إلى إنجازه كل من الرئيس الأول والوكيل العام للملك بالمحكمة
الإستئنافية الذي يعمل الخبير القضائي بدائرة نفوذها ويتضمن هذا التقرير المشترك
على:
• الأفعال
والوقائع المرتكبة من طرف الخبير القضائي والمعتبرة بمثابة إخلال مهني صادر عنه.
• المؤيدات
القانونية والواضعية لثبوت الأفعال المرتكبة من طرف الخبير القضائي من وثائق
ومستندا وتصريحات الشهود إلى غير ذلك.
• التصريحات المدلى
بها من طرف الخبير القضائي أمام الرئيس الأول أو الوكيل العام للملك بشأن
الإخلالات المنسوبة إليه.
• وجهة نظر كل من
الرئيس الأول والوكيل العام للملك لمحكمة الاستئناف فيما يخص المخالفة المرتكبة من
قبل الخبير.
وبمجرد تلقي اللجنة المختصة للتقرير المنجز في حق الخبير
فإنها يمكن أن تكلف عند الإقتضاء الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أو الوكيل العام
للملك لديها بإجراء بحث تكميلي.
وإذا كان التقرير متكاملا وشاملا بادرت اللجنة باتخاذ
الإجراءات النظامية المقررة قانونا قبل اقتراح العفوية المناسبة، حيث يستدعي رئيس
اللجنة الخبير المعني بالأمر، إما بواسطة رسالة مضمونة مشفوعة بما يفيد التوصل،
وإما بواسطة التبليغ بواسطة مصالح النيابة العامة مع إجبارية مراعاة الأجل الفصل
بين تاريخ الجلسة المحددة من قبل اللجنة وتاريخ التوصل بالإستدعاء، والذي لا يمكن
بأي حال من الأحوال أن يقل عن 15 يوما.
وفي ذلك ولا ريب ضمانة لمصالح الخير المتابع وصيانة لحضه
في الدفاع...
وإذا لم يمتثل الخبر القضائي للإستدعاء الموجه له فيصرف
كليا عن حضوره، إدا ما ثبت أنه توصل بصفة قانونية ونظامية، حيث تشرع اللجنة إثر ذلك
في دراسة وقائع الملف التأديبي ومناقشة تفاصيله قبل أن تخلص إلى اقتراح العقوبة
التأديبية المناسبة وهي حسب المادة 34 من قانون رقم 45.00 على أربعة أنواع:
1-الإنذار؛
2-التوبيخ؛
3-المنع المؤقت من مزاولة الخبرة لمدة لا
تزيد عن سنة.؛
4-التشطيب من الجدول .
2-العقوبة الزجرية :
قد يرتكب الخبير القضائي إخلالات خطيرة لا تقومها الإجراءات
التأديبية، مما يتعين تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي والتي تطرق
إليها القانون رقم 45.00 من خلال مادته 42 وكدا 43 ويتعلق الأمر بجريمة الرشوة
وجريمة شهادة الزور.
×جريمة الرشوة:
تنص المادة
42 من القانون رقم ص 45 على أنه "بعد مرتكب لجريمة الرشوة ويعاقب عليها
بالعقوبات المقررة في مجموعة القانون الجنائي كل خبير تسلم بالإضافة إلى الأتعاب
والمصاريف المستحقة مبالغ مالية ومنافع كيفما كان نوعها، بمناسبة قيامه بالمهنة
المنوطة به".
وبذلك يكون المشرع المغربي قد كرس منطوق الفصل 248 من
الفرع الرابع المخصص للرشوة واستغلال النفوذ، إذ ينص على أنه "يعد مرتكبا
لجريمة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من ألف درهم إلى
خمسين ألف درهم ، من طلب أو قبل عرض أو وعدا أو طلب أو تسلم هبة أو أية فائدة أخرى
من أجل:
1-القيام بعمل من أعمال وظيفة بصفته قاضيا أو موظفا
عموميا أو متوليا مركزا نيابيا أو الإمتناع عن العمل، سواء كان عملا مشروعا أو غير
مشروط طالا أنه غير شروط بأجر وكذلك القيام أو الإمتناع عن أي عمل ولو أنه خارج عن
اختصاصاته الشخصية إلا أن وظيفته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله؛
2-إصدار قرار أو إبداء رأي لمصلحة شخص أو ضده، وذلك
بصفته حكما أو خبيرا عينته السلطة الإدارية أو القضائية أو اختاره الأطراف؛
3-الإنحياز لصالح أحد الأطراف أو ضده، وذلك
بصفته أحد رجال القضاء أو المحلفين أو أحد أعضاء هيئة المحكمة؛
4-إعطاء شهادة كاذبة بوجود أو عدم وجود مرضى
أو عاهة أو حالة حمل أو تقديم بيانات كاذبة على أصل مرض أو عاهة أو عن سبب وفاة،
وذلك بصفته طبيبا أو جراحا أو طبيب أسنان أو مولدة.
إذا كان مبلغ الرشوة يفوق مائة ألف درهم تكون العقوبة
السجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات والغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم".
2. جريمة شهادة الزور :
من أخطر الإخلالات المهنية التي يمكن أن تقدم عليها
الخبير في سياق تأديته لواجبه، نجد ارتكابه لجريمة الإدلاء بشهادة كاذبة أو مزورة،
ولا يخفى ما لهذا الجرم العمدي من عواقب وخيمة على المستوى الأدبي والأخلاقي وكذا
على المستوى القضائي.
ولهذا تدخل المشرع فأقر في القانون رقم 45.00 في المادة
43 منه على أن "كل خبير قضائي فتم عمدا رأيا كاذبا أوضمن تقريره وقائع يعلم
أنها مخالفة للحقيقة، أو إخفاءها أو من شأنها أن تظلل العدالة يعتبر مرتكب لجريمة
شهادة الزور ويعاقب عليها بالعقوبة المقررة في مجموعة القانون الجنائي.
ثم الفصل 364 من نفس القانون الذي نص على أن "كل
طبيب أو جراح أو طبيب أسنان أو ملاحظ صحي أو قابلة، إذا صدر منه أثناء مزاولة
مهنته ويقصد محاباة شخص ما، إقرار كاذب أو فيه تستر على وجود مرض أو عجز أو حالة
حمل، أو قدم بيانات كاذبة عن مصدر المرض أو العجز أو سبب الوفاة، ويعاقب بالحبس من
سنة إلى ثلاث سنوات، ما لم يكن فعله جريمة أشد، مما نص عليه في الفصل 248 وما بعده
ويجوز علاوة على ذلك، أن يحكم عليه بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار
إليها في الفصل 40 من خمس سنوات إلى عشر".
المطلب الثاني: أثار تسجيل التراجمة في الجدول
يرتب تقييد الترجان في السجل المعد لهذا الغرض تمتعه
بمجموعة من الحقوق وبالمقابل لمجموعة من الإلتزامات والواجبات، كما أن مباشرة
الترجمان لمهامه قد يبعد عن المسار الذي رسمه المشرع، مما استلزمه تقوية الرقابة
عليه وتعريضه للمساءلة في حالة الإخلال بمهامه.
الفقرة الأولى: حقوق الترجمان
لم يتم في القانون رقم 50.00 التمييز في المواد من 24
إلى 38 بحقوق وواجبات الترجمان المقبول لدى المحاكم، وإنما جاءت مندمجة[24].
ويمكن استنباط هاته الحقوق في اعتبار الترجمان وحده
المؤهل لترجمة التصريحات الشفوية والوثائق والمستندات المراد الإدلاء بها أمام
القضاء، وذلك في اللغة أو اللغات المرخص له بالترجمة فيها.
كما يحق للترجمان أن يعلق خارج النيابة التي يوجد بها
مكتبه أو داخلها لوحة تحمل إسمه الشخصي والعائلي وصفته كترجمان مقبول لدى المحاكم
وشهاداته الجامعية واللغات المرخص له بالترجمة فيها.
كما يمكن للترجمان أن يطلب إذن وزير العدل بالتوقف عن
ممارسة الترجمة لأسباب خاصة خلال مدة سنة قابلة للتجديد مرتين.
وإذا كان يحق للترجمان المقبول لدى المحاكم ممارسة
المهنة على انفراد أو مع واحد أو أكثر من زملائه على وجه المشاركة في مكتب واحد مع
ضرورة الحصول على ترخيص بذلك من وزير العدل، ماعدا إذا كان عقد الشركة يتضمن
مقتضيات مخالفة لقانون رقم 50.00 إذ من المبادئ القانونية المسلم بها عدم جواز
الإتفاق على ما يخالف القانون أو القوانين الجاري بها العمل.
ومعلوم أن التراجمة الشركاء مسئولون بالتضامن تجاه الغير
فيما يخص الأضرار الناتجة عن أعمال التسيير والإدارة والترجمة، كذلك يجب أن تحمل
الأعمال التي ينجزونها التراجمة الشركاء توقيعاتهم جميعا حسب الفقرة الثانية من
المادة 42 من القانون رقم 50.00
الفقرة الثانية: واجبات الترجمان
يمكن إجمال هذه الواجبات في كون الترجمان المتمرن لا
يسجل في جداول التراجمة المقبولين لدى المحاكم إلا بعد أدائه أمام محكمة الإستئناف
اليمين كما هي منصوص عليها في القانون.
وقد استقر الفقه والقضاء على جواز أداء اليمين بأية صيغة
ما دامت تؤدي المعنى المطلوب[25].
ولا يباشر الترجمان المقبول لدى المحاكم ممارسة مهامه
إلا بعد فتح مكتبه في دائرة المحكمة الإستئنافية المسجل بها (المادة 28 من القانون
رقم 50.00).
ويجب على الترجمان أن يحتفظ لمدة خمس سنوات بنظائر أو
بنسخ من الوثائق التي عمد إليه بترجمتها، أو نسخ من ترجمتها (المادة 30 من قانون
رقم 50.00)، كما يجب على الترجمان المقبول لدى المحاكم أن يمسك سجلا خاصا يضمن فيه
لزوما حسب الترتيب الرقمي كل ترجمة أنجزها وهوية الأطراف الواردة أسماؤهم بالوثيقة
المترجمة وموجز على موضوعها (المادة 31 من القانون رقم 50.00).
ويجب على الترجمان كذلك أن يبرم تأمين عن المخاطر التي
قد تتعرض لها المستندات والوثائق المسلمة إليه بمناسبة القيام بمهامه.
ولا يجوز للترجمان القيام بالأعمال التي تستهدف جلب
الزبناء سواء بمقابل أو بدونه بالإضافة إلى ضرورة الإلتزام بالسر المهني.
الفقرة الثالثة: آليات مراقبة التراجمة
عمد المشرع
من خلال القانون رقم 50.00 على تقوية الرقابة القضائية وتقوية آلياتها على أعمال
التراجمة[26].
ويتولى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف مراقبة
أعمال التراجمة المقبولين لدى المحاكم الممارسين في إطار دائرة اختصاصه وهذه
المراقبة تشمل ما يلي :
·
التقيد بالترجمة في اللغة أو اللغات المرخص للترجمان المقبول
لدى المحاكم بالترجمة فيها؛
·
الإحتفاظ بنظائر أو نسخ الوثائق التي عهد إليه بترجماتها؛
·
كيفية مسكه للسجل الخاص بتضمين مواضيع الترجمات التي
أنجزها والبيانات اللازمة؛
·
التأكد من إبرامه لعقد التأمين على المستندات والوثائق؛
·
وإذا كان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف هو
المكلف بمراقبة التراجمة المحلفين التابعين لمحكمته، فإن اللجنة المشار إليها
صلاحية إجراء المتابعات وإصدار العقوبات التأديبية في حق أي ترجمان ارتكب مخالفة
لأحكام النصوص التشريعية، أو التنظيمية المتعلقة بالمهنة، أو واجباته المهنية، أو
ارتكب أفعال منافية للشرف، أو النزاهة والأخلاق، ولو كان ذلك خارج نطاق المهنة ولا
تبث اللجنة المشار إليها في المادة 4 في المتابعات إلا بناء على تقرير مشترك
للرئيس الأول الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف التي يزاول في دائرتها الترجمان.
ويتضمن
التقرير خاصة الأفعال المنسوبة إلى الترجمان وتصريحاته شأنها مع إرفاقه بالوثائق
المقيدة عند الاقتضاء ويرفق التقرير بوثيقة تتضمن وجهة نظر الرئيس الأول والوكيل
العام للملك بمحكمة الاستئناف.
ويمكن للجنة عند اقتضاء الأمر أن تأمر الوكيل
العام للملك بإجراء بحث تكميلي.
والعقوبات
التأديبية المنصوص عليها في القانون رقم 50.00 التي يمكن أن تتخذها اللجنة هي :
• الإنذار؛
• التوبيخ؛
• المنع
من ممارسة المهنة مؤقتا لمدة لا تتجاوز سنة؛
• التشطيب
من الجدول.
وحسب
المادة 53 من القانون رقم 50.00 المتعلق بالتراجمة المقبولين لدى المحاكم، فإنه
يجب على اللجنة استدعاء الترجمان المتابع تأديبيا قصد الإستماع إليه قبل 15 يوما
على الأقل من تاريخ اجتماعهما، وذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتوصل،
أو عن طريق النيابة العامة، وفي هذا المقتضى حماية للحق في الدفاع وتكريس لهذا
المبدأ الأخير، فإن المشرع منح الترجمان الحق في الإستعانة بمحام، وإذا أصدرت
اللجنة عقوبات تأديبية، فإن تلك القرارات يجب أن تكون معللة وتكون تلك المقررات
التأديبية قابلة للطعن فيها أمام المحكمة الإدارية بسبب التجاوز في استعمال السلطة،
طبقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 41.90 بإحداث المحاكم
الإدارية.
ولم يقتصر القانون رقم 50.00 على إيراد العقوبات
التأديبية وإنما نص أيضا على عقوبات زجرية وذلك في المواد 60 و 61 و 62 .
وعاقب في المادة 60 من القانون رقم 50.00 كل من استعمل صفة
ترجمان مقبول لدى المحاكم دون أن يكون مسجلا بجداول التراجمة المقبولين لدى
المحاكم، يعتبر مستعملا ومنتحلا لصفة حددت السلطة العمومية شروط حملها، ويعاقب
بالعقوبات المنصوص عليها في الفصل 381 من القانون الجنائي، وعاقبت في المادة 61 من
القانون رقم 50.00 بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وبغرامة من 5000 درهم إلى 20000
درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص قام بسمسرة الزبناء أو جلبهم وذلك دون
الإخلال بالعقوبات التأديبية في حق الترجمان المقبول لدى المحاكم الذي ثبت عليه
قيامه بنفس الفعل بصفته فاعلا أصليا أو مشاركا.
ونصت المادة 62 أنه " يعاقب بغرامة من 1000 درهم
إلى 5000 درهم كل مخالفة لأحكام المادة 38 أعلاه والمتعلقة بتعليق اللوحة".
خاتمـة :
خلاصة القول أن
مهنتي الخبراء والتراجمة باعتبارهما مهن مساعدة للقضاء، فقد عمد المشرع على
تنظيمهما، من خلال القوانين المنظمة لهما وهما: قانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء
والقانون رقم 50.00 الخاص بالتراجمة، لسد الثغرات القانونية والتنظيمية لهاتين
المهنتين، التي كان يشوبهما قصور في القوانين السابقة المنظمة لهما.
فحاول
المشرع النص على حقوقهم وبالمقابل إلزامهم بالتزامات، وبما أن مهنتي الخبراء
والتراجمة نشاطهم إنساني بالدرجة الأولى، فهو يرد عليه الخطأ والنسيان وبعض
الأحيان التحيز، بذلك المشرع عمل على جعلهما محلا للرقابة والمساءلة الأدبية
والزجرية من خلال مجموعة من النصوص، التي تتضمن عقوبات تأديبية وحتى زجرية، وذلك لردع
الخبير والمترجم -التي تعتبر مصالح الناس وقفا عليها- التي توسوس له نفسه بخرق
القواعد المنظمة القانونية.
[2] -
الكشبور (محمد): "الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية"، سلسلة
الدراسات القانونية المعاصرة، ع 3، ص 49.
[9] -
تنص المادة من قانون 372 – 59 – 01 (30 مارس 1960) المتعلق بوضع جداول الخبراء
والتراجمة العدليين أنه: "يوضع بكل محكمة استئنافية جدول للخبراء وجدول
للتراجمة مقبولين معا لدى تلك المحكمة، وتقوم سنويا لجنة يرأسها وزير العدل أو
ممثليه يخص هذين الجدولين وتتميمها خلال السنة عند الاقتضاء.
[10] -
تنص المادة 5 من قانون 30 مارس أنه: "يحدد بقرار وزير العدل تأليف اللجنة
المشار إليها في الفصل الأول وشروط تسييرها وكذلك كيفية وضع الجدولين المقررين في
نفس الفصل....".
[19] -
أنظر مختلف المناشير الصادرة عن وزارة العدل والتي أوردها الدكتور محمد الكشبور في
مؤلفه: "الخبرة الفضائية في قانون المسطرة المدنية"، دراسة مقارنة، ص
155.
[22] -
مريم الفقيه التطواني: "الخبرة القضائية في ضوء التشريع المغربي والعمل
القضائي"، رسالة لنيل دبلوم الدراسة العليا المعمقة في القانون المدني، ص:
62.