إشكاليات مقاضاة الجماعات الترابية - محمد حمداوي - عبد الكريم ايناو

إشكاليات مقاضاة الجماعات الترابية

Problems of suing territorial groups

محمد حمداوي 

عبد الكريم ايناو

Mohamed Hamdawi & Abdel Karim EnawAllah

باحثان في القانون العام


 

مقدمة:

الجماعات الترابية وحدات ترابية عامة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري وهي تشكل العمود الفقري للامركزية الإدارية، وهي وفقا لما نص عليه الفصل 135  من دستور 2011 "الجهات والعمالات والأقاليم وكذا الجماعات".

أنيطت بالمجالس الترابية اختصاصات واسعة في مختلف الميادين ذات الارتباط بتدبير الشأن المحلي مما جعلها تدخل في علاقات متعددة ومتشعبة مع الغير، سواء عن طريــــق تدخلها من اجل تنظيم نشاط الأفراد بواسطة قرارات فردية وتنظيميــــة، أو عن طريــــق التعامل مع الأشخاص الاعتباريين أو المعنويين بواسطة الاتفاقيات او العقود من أجل استغلال وتسيير مرافق عموميــــة جماعية أو اداء خدمات أو القيام بأشغال لفائدة هاته الجماعات، الأمر الذي قد يؤدي إلى المس بحقوق  وتضارب مصالح اطراف العلاقة وتشعبها وهو ما نتج عنه كثرة وتنوع المنازعات امام القضاء تكون فيها الجماعات الترابية اما طرفا مدعيا او مدعى عليها. ولحل هذه النزاعات يجب على هذه الاطراف اتباع مسطرة محددة.

إن مسطرة مقاضاة الجماعات الترابية هي مجموع إجراءات الدعوى الإدارية مند فتح الملف الى اخر مرحلة في التنفيذ، وهي الطريقة السليمة التي يتوصل بها إلى تطبيق القواعد الموضوعية للقانون تطبيقا سليما. والتي يتعين على المتقاضين سلوكهما، سواء أكانوا أفرادا، أم موظفين، أم جهات إدارية، للوصول إلى حماية حقوقهم وحرياتهم[1].

عرفت مسطرة مقاضاة الجماعات الترابية مجموعة من التطورات عبر ثلاث محطات أساسية بدء بفترة ما قبل الحماية التي ساد فيها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في مختلف مناحي الحياة، حيث كانت (الإدارة) في تلك المرحلة تقوم بوظائف تشريعية وتنفيذية وقضائية معا، في غياب تام لمبدأ فصل السلط، ولم يكن لأحد أن يطعن في تصرفاتها، فإذا ما أصاب شخص حيف من الإدارة يجوز له أن يتظلم من ذلك إلى وزير الشكايات الذي يتولى بدوره تقديمها إلى السلطان قصد إرجاع الحق إلى صاحبه[2].

أما في عهد الحماية فقد سعى المستعمر الفرنسي إلى إدخال مجموعة الإصلاحات القضائية والقانونية خدمة لمصالحه الاستعمارية.وقد كان ظهير 12 غشت 1913 أحد أهم الركائز لإرساء نظام قضائي بمفهومه الحديث، إذ يعد هذا الأخير النواة الأولى لنشأة القضاء الإداري في المغرب، حيث جاء ظهير 1913 في مادته الثامنة بمجموعة من المبادئ أسست لما يمكن تسميته بالقانون الإداري أو القضاء الإداري[3].

وبعد الاستقلال سعى المغرب إلى تطوير نظامه القضائي ليتماشى والمتغيرات الجديدة التي طبعت هذه المرحلة، حيث تم إنشاء المجلس الأعلى سنة 1957 لتليه عدة  إصلاحات على مستوى التنظيم القضاء أفضت إلى إحداث محاكم إدارية سنة 1993 [4] ومحاكم الاستئناف الإدارية سنة 2006 متخصصة في المنازعات والقضايا الإدارية الصرفة[5]، وكان من المرتقب تتويج هذا المسار بإحداث مجلس الدولة إلا ان هذا المجلس لم ير النور واكتفى المشرع بإحداث غرفة ادارية بمحكمة النقض كأعلى هيئة قضائية[6].

يكتسي الموضوع أهمية كبرى بالنظر إلى الإصلاحات التشريعية التي عرفتها القوانين المنظمة للجماعات الترابية وبعض جوانب مسطرة التقاضي الإدارية بشكل عام ومسطرة مقاضاة الجماعات الترابية بشكل خاص، كما يستمد الموضوع اهميته  أيضا من الدور الهام الذي تلعبه هذه المسطرة في ضمان وحماية حقوق المتقاضين.

فما هي الإشكاليات التي تثيرها مقاضاة الجماعات الترابية؟

للإجابة على هذه الإشكالية سنعتمد المنهج القانوني والمنهج التحليلي، بالتطرق للإشكاليات تعقد وبطء مسطرة مقاضاة الجماعات الترابية (المطلب الأول)، ونتطرق لاستمرار إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية (المطلب الثاني).

من أجل تحميل هذا المقال كاملا إضغط هنا أو أسفله على الصورة


قانونك

من أجل تحميل هذا العدد السابع - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث

[1]-حسن الزتوني، "اشكالية مقاضاة الجماعات الترابية امام القضاء الاداري"، مجلة القضاء الاداري، العدد 2، سنة 2013، ص،43.

[2]-ميشال روسي، المنازعات الادارية بالمغرب، ترجمة محمد هيري والجيلالي أمزيد، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2002، ص،7.

[3]-جاء في المادة 8 من التنظيم القضائي لسنة 1913 ان المحاكم العصرية هي الوحيدة المختصة في جميع الدعاوى التي ترمي الى تقرير مديونية الادارات العمومية...

[4]-قانون 90.41 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 225-91-1 بتاريخ 22 ربيع الأول 1414 الموافق ل 10 شتنبر 1993، جريدة رسمية، عدد 4227، بتاريخ 1993-11-3، ص، 2168.

[5]-قانون03-80 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1-06-07 بتاريخ 15 محرم 1427 الموافق لـ 14 فبراير 2006، جريدة رسمية، عدد 5398، بتاريخ 23-02-2006، ص،490.

[6]-محمد محجوبي، الوجيز في القضاء الإداري المغربي بعد إحداث المحاكم الإدارية، الطبعة الأولى، دجنبر2002، الصفحة، 16 .