دور الإتفاقيات الدولية في مكافحة الإرهاب - منى كامل تركي

 دور الإتفاقيات الدولية في مكافحة الإرهاب

The role of international conventions in combating terrorism

منى كامل تركي

Mouna KAMEL TURKI

استاذة القانون الدولي العام- الإمارات العربية المتحدة

نائبة مدير مجلة القانون والأعمال الدولية مختبر البحث القانون والأعمال –جامعة الحسن الأول


مقدمة

تشغل قضية الإرهاب  في الوقت الحاضر جميع دول العالم ورغم أن الإرهاب كجريمة ليس بالقضية الجديدة إلا أن الجديد في موضوع الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية أي أنها لا ترتبط بمنطقة أو ثقافة أو مجتمع أو جماعات دينية أو عرقية معينة، فأن ظاهرة الإرهاب ترتبط بعوامل اجتماعية وثقافية وسياسية وتكنولوجية أفرزتها التطورات السريعة والمتلاحقة في العصر الحديث؛ فقد شهدت السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين الميلادية تصاعداً ملحوظاً في العمليات الإرهابية كان أشدها أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م المتمثل بالاعتداءات غير المسبوقة في خطورتها على الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت الأعنف في التاريخ المعاصر؛ حيث بلغ عدد الموتى فيها ما يناهز أربعة آلاف شخص يعودون إلى إحدى وسبعين جنسية. ويرى الكثير من الكتاب والمفكرين والسياسيين أن التاريخ السابق يمثل علامة فارقة في تاريخ الإرهاب والأفكار المتطرفة وتحولاً بارزاً في طبيعة وأنماط التخطيط للأعمال الإرهابية وطرق ارتكابها.

فالحديث عن الإرهاب والمواثيق الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب الدولي بنظرة تحليلية يستدعي بالضرورة بداية التمييز ما بين المقاومة وما بين الإرهاب نظراً للتضارب في تعريف هذين المفهومين بعد الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م  حيث تفجر الإرهاب الدولي الذي لم يقتصر علي استهداف الدول الغربية بل تعدتها لتطال الدول العربية والإسلامية بحيث بات من الممكن القول إن هناك عولمة للإرهاب أسوة بالعولمة الاقتصادية التي ظهرت ملامحها في بداية التسعينات مع سقوط جدار برلين وتفكك جمهوريات الاتحاد السوفياتي وتقهقر الايديولوجية الاشتراكية بالمفهوم الشيوعي .

وللتعرف على  الاختلاف في منظورها للإرهاب بالنسبة للتشريعات الداخلية للدول والتي أتت استجابة  إلى الاتفاقيات الدولية  الداعية إلى إدراج الأعمال الإرهابية  في تشريعاتها الداخلية فعمدت العديد من الدول  إلى سن  تشريعات  خاصة  بمكافحة الإرهاب من ضمنها فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، مصر، الإمارات العربية المتحدة، قطر و اكتفت الدول الأخرى  بتعديل  تشريعاتها  الداخلية لكي تكون  متلائمة  مع السياسة الجنائية الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب كالجزائر الكويت ، حيث  تباينت واختلفت  فكل  يعرف الإرهاب  من زاوية خاصة  ووفقا لمصالحه  وخلفياته التاريخية والإيديولوجية و السياسية ما خلق حالة من الارتباك في تكييف الأعمال الإرهابية وتمييزها عن العديد من المفاهيم الأخرى  إن اختلاف وجهات  النظر و تباين المواقف الدولية حول مفهوم الإرهاب أصبح له انعكاسات خطيرة  بل  يعد عنصرا مساهما  في تفاقم الأزمة.

أهمية الدراسة

تأتي أهمية هذه الدراسة متزامنة مع الاتجاهات والاهتمامات العربية والدولية بدراسة الإرهاب بأبعاده المختلفة على المستوى العالمي والعربي والخليجي ومع الجهود التي تبذلها الشرطة الجنائية والسياسية الاقليمية والدولية بأقسامها وأنواعها المختلفة في مكافحة الإرهاب بالإضافة إلى الأهمية التالية:

1.     إن الإرهاب اليوم أصبح خطرا إستراتيجيا يهدد  دول العالم  دون استثناءات فالجرائم الإرهابية  في ازدياد  مستمر، حيث لم  تعد ظاهرة الإرهاب ذات  صفة محلية  أو  إقليمية  ترتبط بدولة  ما أو بحضارة  أو بإيديولوجية  بعينها.

2.     إن خطر الاعمال الارهابية أصبح له  انعكاسات سلبا  على أمن و استقرار الدول سياسيا ، اجتماعيا، اقتصاديا  وساهم في خلق بيئة من الرعب  والخوف ، وأدى  الى تراجع  التنمية في كافة  المجالات بالدول المستهدفة وهو ما يستوجب  توحيد الجهود الدولية لوضع حد لهاته الأزمة ومجابهة خطرها المتنامي.

3.     يتمثل الإرهاب في أي عمل عدواني يستخدم العنف والقوة ضد المدنيين ويهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للعدو عن طريق إرهاب المدنيين بشتّى الوسائل العنيفة، ويتخذ الإرهاب أماكن متعددة بين العدو إلا ساحة المعركة التي يشرّع بها استخدام العنف، فنجد الإرهاب يستهدف الطائرات المدنية وما تتعرض له من اختطاف، والمدينة المكتظة بالسكان وما ينالها من تفجيرات واغتيالات ويُعرف كل من يضلع في بث الخوف والرهبة في قلوب الامنين بالإرهابي او الإرهابية

مشكلة الدراسة

رغم الدعوات المتكررة التي صدرت من معظم العواصم العالمية ورغم أن الإرهاب بات يهدد كل القوى الكونية دون استثناء فإن أي مؤتمر جدي لمكافحة الإرهاب على المستوى الدولي لم ينجح في الالتئام لأن عواصم صناعة القرار في العالم أغرقت نفسها عن عمد في لعبة المفاهيم بحيث مزجت ما بين المقاومة وما بين الإرهاب رغم أن الفارق بينهما واضح ولا يحتاج لكثير من الدلائل أو من البراهين مما يجعلنا نطرح السؤال الرئيسي التالي:

 ما هو دور الاتفاقيات الدولية في مكافحة الإرهاب؟

 

التساؤلات الفرعية

1.     إلى أي مدى وفق المجتمع الدولي من خلال  ما تم  إبرامه من اتفاقيات دولية أو سنه من تشريعات  في صياغة  تعريف  دقيق للإرهاب  يساهم في فعالية  مكافحة الإرهاب ؟

2.     كيف انعكس  اختلاف وجهات نظر الدول  حول الإرهاب على تعريفه و تعزيز  سبل مكافحته ؟ وما هو دور المواثيق الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب؟

3.     ما هي الاتفاقيات والبروتوكولات الرئيسة التي تتناول الإرهاب وما هو دورها في مكافحة الارهاب؟

4.     ما هو مفهوم الإرهاب في ظل الاتفاقيات الدولية ذات الصبغة الإقليمية؟

5.     ما هو تأثير مفهوم الإرهاب في تشريعات الدول؟

أهداف الدراسة

يكمن الهدف الرئيسي في الدراسة في إبراز دور الاتفاقيات الدولية وإلى أي مدى وفق المجتمع الدولي من خلال  ما تم  إبرامه من اتفاقيات دولية أو سنه من تشريعات   في صياغة  تعريف  دقيق للإرهاب  يساهم في فعالية  مكافحة الظاهرة بالإضافة إلى الأهداف التالية:

1.     رغم المساعي الحثيثة  للمجتمع الدولي لمكافحة ظاهرة الإرهاب إلا أن غياب إستراتيجية موحدة أو  خارطة دولية لمكافحته  زادت  من حدة الأزمة و تفاقمها ، وهذا يعود بالأساس إلى غياب  مفهوم موحد و دقيق  للإرهاب . حيث لم تتمكن الاتفاقيات الدولية سواء  ذات الطابع العالمي كالاتفاقية المبرمة سنة 1963 بطوكيو  المتعلقة  بالجرائم المرتكبة على متن الطائرات والاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل لسنة 1997 أو ذات الطابع الإقليمي  كاتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة الإرهاب 2004، اتفاقية مجلس اوروبا  لمنع الإرهاب 2005 من وضع تعريف دقيق  متفق عليه حول الإرهاب

2.     التعرف على الاختلاف في المنظور إلى الإرهاب بالنسبة للتشريعات الداخلية للدول والتي أتت استجابة  إلى الاتفاقيات الدولية  الداعية إلى إدراج الأعمال الإرهابية  في تشريعاتها الداخلية فإن عدم وجود استراتيجية موحدة أو خريطة دولية موحدة لمواجهة الإرهاب أدى إلى تفاقم الأزمة الإرهابية  حيث لم تتمكن الاتفاقيات الدولية من التعرف على الاختلاف في تصور الإرهاب في التشريعات الداخلية للدول.

3.     التعرف على الأثر السلبي الناتج عن الاختلاف في الرؤى والمصالح السياسية والاقتصادية للدول على فاعلية مكافحة الإرهاب والحد من مخاطره، بما يسمح بالقول إنه لا دور للاتفاقيات الدولية في مكافحة الإرهاب.

منهجية الدراسة

اعتمدت الباحثة على المنهج الوصفي والتحليلي حيث أن الموضوع يتناول الجوانب المتعلقة بمفهوم ومحددات الارهاب كظاهرة دولية والدوافع والعوامل التي تكمن وراء العمل الإرهابي والتي جعلت التعامل مع الإرهاب على درجة كبيرة من الصعوبة بما يسمح بالقول أنه لا يوجد دوراً للاتفاقيات الدولية في مكافحة الإرهاب.

خطة الدراسة

المبحث الأول: غموض مفهوم الإرهاب بالاتفاقيات الدولية يحد من فاعلية مكافحته

المطلب الأول: ماهية الإرهاب تاريخ  وأسبابه

المطلب الثاني: مفهوم الإرهاب في ظل الاتفاقيات الدولية ذات الصبغة العالمية

المبحث الثاني: المواثيق الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب

المطلب الأول: الإرهاب في ظل الاتفاقيات الدولية ذات الصبغة الإقليمية

المطلب الثاني: تأثر مفهوم الإرهاب في تشريعات الدول

من أجل تحميل هذا المقال كاملا -  إضغط هناك - أو أسفله

قانونك

من أجل تحميل هذا العدد الخامس - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث