الحماية القضائية للملكية العقارية في ضوء قانون 07-14


الحماية القضائية للملكية العقارية في ضوء قانون 07-14

من إعداد: عادل صبير

قانونك
الحماية القضائية للملكية العقارية في ضوء قانون 07-14


يرتبط الإنسان بالعقار ارتباطا وثيقا منذ ولادته وإلى ما بعد موته، مصداقا لقوله تعالى: "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى"[1]
إن الموضوع الذي اخترناه وأفرزنا له العنوان التالي: "الحماية القضائية للملكية العقارية في ضوء قانون 07-14"،  حفزنا إلى الخوض في غماره، الارتباط الوثيق بين الإنسان والعقار الذي فرض على البشرية منذ القدم خلق قواعد وقوانين من شأنها حماية الملكية العقارية، وتحصينها ضد كل اعتداء.
وأهمية الموضوع تكمن في كون  الملكية العقارية تحظى بأهمية كبيرة داخل كل بلد. لأن العقار هو المحرك الرئيسي لمختلف المعاملات، والأرضية لانطلاق المشروعات الاقتصادية المنتجة، كما يعد العقار أداة لتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعيين لما له من دور فعال في الدورة الاقتصادية.
وهكذا، فقد تم إيجاد نظام له دور مهم في إعطاء الملكية العقارية وضعا أكثر استقرارا وثقة في التعامل، ويتعلق الأمر بنظام التحفيظ العقاري، وقد نظم المشرع المغربي هذا النظام بمقتضى ظهير 12 غشت 1913، والتي خضع لمجموعة من التعديلات ولعل أبرزها، التعديل الأخير بمقتضى القانون رقم (07-14)[2].
ويعتبر نظام التحفيظ العقاري أحد الأنظمة القانونية التي تهدف إلى تثبيت الحقوق العقارية، والمحافظة عليها من الضياع والاحتيال. لأنه يقوم على مبادئ التظهير والتصفية والإشهار والقوة الثبوتية لما ضمن بالرسوم العقارية.
وعلى العموم، فإن موضوع دراستنا سينصب بحول الله على كيفية التعامل الجهاز القضائي في إطار سعيه لضمان حماية كافية للملكية العقارية مع نصوص القانون العقاري. وانطلاقا من هذا الاعتبار، وبعد تفحصنا للعمل القضائي يمكننا القول، إن القضاء المغربي يحاول نهج سياسة حمائية للملكية العقارية، ويبذل في ذلك كامل جهده لتطبيق القانون أحسن تطبيق، ويتجلى ذلك بوضوح أكثر في تدخله الذي يختلف باختلاف المرحلة التي يقطعها العقار، وباختلاف الاختصاصات الموكولة للقضاء بصفة عامة.
ففي مسطرة التحفيظ نجد النيابة العامة تلعب دورا محوريا، حيث تتدخل في المرحلة الإدارية من خلال إجراءات التبليغ، وكذا من خلال تقديم التعرضات نيابة على القاصرين والمحجوزين، هذا فضلا على أنها تتدخل خلال المرحلة القضائية، باعتبارها طرفا رئيسيا أو منظما في دعوى التحفيظ. أما دور القضاء الجالس، فلا يقل أهمية إذ يعمل على التصدي لكل الدعاوي الكيدية، ويراقب كافة القرارات التي يتخذها المحافظ أثناء هذه المرحلة.
وبما أن إصدار المحافظ على الأملاك العقارية قراره بتحفيظ العقار، فإنه يترتب على ذلك إقامة رسم للملكية مسجل بكناش عقاري، ومن شأن هذا الرسم، تثبيت وضع العقار ماديا من حيث معالمه وأوصافه ومساحته وحدوده، وقانونا من حيث مالكه، وبالتالي يصبح رسم الملكية هو المنطلق الوحيد لتحديد هوية العقار المحفظ من الناحيتين المادية والقانونية، فهذه الوضعية الجديدة التي يتصف بها العقار بعد تحفيظه، هي التي تبرر تدخل القضاء لحماية الحقوق التي توجد ولم تضمن بهذا الرسم العقاري، وذلك يتجلى بوضوح أكثر من خلال تدخله عن طريق مؤسسة التقييد الاحتياطي، أو في إطار رقابته على القرارات التي يصدرها المحافظ أثناء مسطرة إشهار الحقوق العينية.
يمكن القول، إن موضوع الحماية القضائية للملكية العقارية له أهمية كبرى سواء على المستوى النظري أو العملي، وتكمن أهميته النظرية في الخصوصيات التي تميز قضايا التحفيظ العقاري، بمعناها الواسع عن باقي القضايا المدنية الأخرى، وكذا وجود ندرة في الكتابات التي تعالج العمل القضائي ارتباطا بالواقع العقاري الذي أصبح المحدد لمعالم الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
أما أهمية الموضوع العملية، فتتجلى بالأساس في التضارب الحاصل على مستوى العمل القضائي الذي يعود إلى الفراغ والغموض في بعض المقتضيات المؤطرة للموضوع، مما قد يساهم في تكريس عدم الاستقرار العقاري.
وبالإضافة إلى الأهمية المشار إليها أعلاه، فإن من الدوافع التي جعلتنا نختار موضوع الحماية القضائية للملكية العقارية عنوانا لبحثنا، هو ما تحتله الثروة العقارية من أهمية كبرى في تجسيد الإقلاع الاقتصادي، حيث يعتبر العقار المحرك الأساسي لمعظم المعاملات.
ومما سبق ذكره يمكننا القول، أن موضوع الحماية القضائية للملكية العقارية يطرح إشكالية رئيسية هي:
إلى أي حد استطاع الجهاز القضائي حماية الملكية العقارية؟
وهي الإشكالية التي ارتأينا أن نعالجها في هذا البحث، الذي اقتضى منا أن نقسمه تقسيما ثنائيا على النحو التالي:
الفصل الأول: دور القضاء في حماية الملكية العقارية أثناء مسطرة التحفيظ.
الفصل الثاني: دور القضاء في حماية الملكية العقارية المحفظة.

لتتمة البحث - المرجو تحميله أسفله



[1] - سورة طه، الآية 54.
[2] - ظهير شريف رقم 1.11.177 بتنفيذ القانون رقم 14-07 المؤرخ في 25 ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011) منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نوفمبر 2011 ص، 5575 وما بعدها.

من أجل تحميل هذا البحث -  إضغط هناك - أو أسفله

قانونك