التطليق للضرر بجميع أنواعه، وما هو الأثر الذي رتبه المشرع للزوجة العاجزة عن إثبات ضررها


التطليق للضرر بجميع أنواعه، وما هو الأثر

الذي رتبه المشرع للزوجة العاجزة عن إثبات ضررها

المركز المغربي للدراسات والأبحاث حول المهن القضائية والقانونية

9anonak
Divorce pour faute De toutes sortes, et quel est l'impact du législateur qui a organisé pour la femme incapable de prouver la nocivité


مقدمــة:
لا يجادل أحد في أن الزواج الأبدي المغمور بالرحمة والمودة بين الزوجين من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، باعتباره الأليف لطبيعة الإنسان والمساير لأحوال العائلة في حفظ النوع الإنساني، ولذلك يسمى بالميثاق الغليظ لجسامة مسؤوليته، وخطورة أحكامه وآثاره كما سمي نكاحا[1].
ولإحكام هذه الآصرة الزوجية أحاطها الشارع الحكيم بكثير من الضمانات لدوام تأبيده، فرتب حقوقا وواجبات على الزوجين، فسمت النظرة الإسلامية بحقوق المرأة إلى أسمى مداركها، فمن مساواة في الكرامة الإنسانية لكونهما جديرين بالتكريم، كما يقول تعالى: ] ولقد كرمنا بني آدم [ [2] إلى المساواة في الإنسانية فهما سواء في الأصل الإنساني لقوله تعالى: ] هو الذي خلقكم من نفس واحدة [ [3] وكذلك المساواة في الحقوق في مجال العقود والتصرفات، والمجال الاقتصادي والقانوني ومجال الحقوق الاجتماعية والمدنية، وكذلك مساواتهما أخيرا أمام القانون.
من هنا يتجلى تكريم الإسلام للمرأة ورفعها إلى مستوى الندية بالرجل، الذي لا يفترق عنها إلا في القوامة باعتبارها مسؤولية لا تشريفا.
وإذا كان الزواج مبنيا ابتداء على التأييد، فهذا لا يعني أن الزوجين محكومان شرعا بالالتحاق الأبدي، حسنت العشرة أم ساءت، لأنه إذا لم تتحقق الغاية من الزواج بالمعاشرة والقيام بالحقوق الزوجية، كما يرتضيها الإسلام وكما شرعها في أحكامه، فإن للرجل أن يوقع الطلاق بإرادته المنفردة، كما أن للزوجة أن تطلب التطليق من القاضي إذا ما توافرت موجباته، كما إذا أمعن الزوج في الإساءة إليها والإضرار بها، أو غاب عن بيت الزوجية بدون عذر مقبول، أو امتنع من الإنفاق عليها مما يعرضها للطياع، أو أصيب بأمراض وعلل تتأذى منها الزوجة وتفوت معها أغراض الزواج، إلى غير ذلك من الأسباب التي تفتح لها باب التطليق.
وهكذا تتجلى حكمة مشروعية الطلاق ونظرة الإسلام الواقعية ومراعاته الخطرة، فقد شرع ما يوطد أركان البيت وفي الوقت نفسه شرع ما يعوض عن كون البيت سكنا نفسانيا، فأباح الطلاق تحقيقا للسلام العائلي، وطنا بالحياة الزوجية من أن تتعطل مقاصدها.
إستأثر موضوع التطليق للضرر باعتباره صورة من صور التطليق القضائي باهتمام كبير من طرف الفقهاء المسلمين، الذين استفرغوا الجهد وأجادوا في تخريج الأحكام، وتطبيقها تطبيقا سليما، وأحاطوا بمعظم صور الضرر إحاطة شاملة، مخافين ذخيرة علمية لكل باحث في الميدان من اللجوء إليها للاسترشاد بآرائهم القيمة.
وباعتبار الموضوع يرتبط ارتباط وثيقا بالأسرة ويلامس مباشرة وضعية المرأة ودورها داخل هذه الأسرة؛ فإن الاجتهاد القضائي وهو بصدد معالجته للصور التي أفرزها الواقع العملي، ** عن الشقاق بين الزوجين، اعترضته إشكالات عملية تصدى لها في أحكامه، واغترف من منهل الفقه الإسلامي واستند عليه في تعليله وحتياته، كما خرج باجتهادات مستحدثة تتماشى مع الواقع المعيشي.
سأقتصر في بحثي هذا على معالجة موضوع التطليق للضرر الذي يطرح عدة إشكاليات، منها ما يتعلق بالجانب التوثيقي، ومنها ما يخص قضاء مدونة الأسرة. فيما يخص الجانب التوثيقي أهم ما يلاحظ في هذه الناحية هو عدم تطبيق مسطرة الصلح تطليقا ناجحا، حيث يغفل بعض القضاة تحرير محاضر محاولة الصلح أحيانا وتسجيل مضمون ما جرى في الجلسة وبالنظر إلى ضرورة حضور الزوجين معا وشخصيا أمام القاضي للتوفيق بينهما، فإن هذا يطرح إشكالية عدم الحضور بالنسبة للزوجة مجهولة العنوان والزوجة الموجودة بالخارج، ومدى إمكانية قبول الوكيل في جلسة الصلح. أما بالنسبة للجانب المتعلق بقضاء مدونة الأسرة وهنا نتساءل عن ضوابط قبول دعوى الزوجية وطريقة إثباتها.
كما تثور أكبر إشكالية بخصوص طول مسطرة التطليق، تفاديا لما ينجم عن البطء من ضياع الوقت والمال، أيضا ينبغي التفكير في توحيد العمل القضائي بخصوص مفهوم الضرر ال** للتطليق، ومفهوم النظام العام عند تذييل الحكم الأجنبي القاضي بالتطليق بالصيغة التنفيذية، لاختلاف وجهات نظر المحاكم بهذا الخصوص.
وتبقى مسألة الإثبات من أصعب الإشكاليات لأن الضرر هنا من نوع خاص، ولأن وسائل الإثبات المتعارف عليها فقها وقضاء يصعب، إن لم يكن يستحيل في أغلب الحالات إقامتها كدليل على الضرر بين الزوجين.
مخطط العرض:
إقتضت خطة البحث تقسيمه إلى مبحثين وفقرتين وخاتمة.
وقد خصصت المبحث الأول: لأنواع التطليق للضرر، وفي المبحث الثاني: إثبات الضرر وخاتمة.
........................................................................
خاتمــة :
وخلاصة القول أن التطليق للضرر أصبح مع ظهور التطليق للشقاق لا وجود له، ويعتبر التطليق للشقاق كممحاة لجميع أنواع التطليق فوجود التطليق للضرر أو للغيبة ولعدم الاتفاق وللإبلاء والهجر، هو العدم سواء... 


لتتمة المقال - قم يتحميله أسفله



[1] - النكاح هو الاتفاق والمخالطة على إطلاقها، يقال: نكح المطر الأرض أي خالطها، ونكح المريض الدواء أي سرى، أنظر العقاد عباس محمود، الفلسفة القرآنية، دار النهضة مصر للطبع والنشر، الفجالة القاهرة، أكتوبر 1947، ص 57.
[2] - من الآية 70 من سورة الإسراء.
[3] - من الآية 89 من سورة الأعراف.

 قانونك